جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج6 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>



مجمع البيان ج : 6 ص : 604
و قيل معناه إنما فرض تعظيم السبت على الذين اختلفوا في أمر الجمعة و هم اليهود و كانوا قد أمروا بتعظيم الجمعة فعدلوا عما أمروا به عن مجاهد و ابن زيد و قيل إن الذين اختلفوا فيه هم اليهود و النصارى قال بعضهم السبت أعظم الأيام لأن الله سبحانه فرغ فيه من خلق الأشياء و قال الآخرون بل الأحد أعظم لأنه ابتدأ بخلق الأشياء فيه فهذا اختلافهم « و إن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون » من أمور دينهم و يفصل بين المحق و المبطل منهم .

النظم

وجه اتصال الآية الأخيرة بما قبلها أنه لما أمر سبحانه باتباع الحق حذر من الاختلاف فيه بما ذكر من أحوال المختلفين في السبت كيف شدد عليهم فرضه و ضيق عليهم أمره و قيل إنه سبحانه رد على اليهود و النصارى دعوتهم أن إبراهيم كان منهم ثم رد عليهم في هذه الآية ما أوجبوه من تعظيم أمر السبت و أنه لا يجوز نسخه كما رد عليهم ذلك عن أبي مسلم .
ادْعُ إِلى سبِيلِ رَبِّك بِالحِْكْمَةِ وَ الْمَوْعِظةِ الحَْسنَةِ وَ جَدِلْهُم بِالَّتى هِىَ أَحْسنُ إِنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضلَّ عَن سبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125) وَ إِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَ لَئن صبرْتمْ لَهُوَ خَيرٌ لِّلصبرِينَ(126) وَ اصبرْ وَ مَا صبرُك إِلا بِاللَّهِ وَ لا تحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَك فى ضيْق مِّمَّا يَمْكرُونَ(127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّ الَّذِينَ هُم محْسِنُونَ(128)

القراءة

قرأ ابن كثير وحده في ضيق بكسر الضاد و كذلك في النمل و الباقون بفتح الضاد .

الحجة

قال الزجاج من فتح أراد ضيق فخفف مثل سيد و هين و لين و يجوز أن يكون
مجمع البيان ج : 6 ص : 605
بمعنى الضيق فيكون مصدرا قال أبو الحسن الضيق و الضيق لغتان في المصدر قال أبو علي ينبغي أن يحمل على أنه مصدر لأنك إذا حملته على أنه مخفف من ضيق فقد أقمت الصفة مقام الموصوف من غير ضرورة و المعنى لا تكن في ضيق أي لا يضيق صدرك من مكرهم كما قال و ضائق به صدرك و ليس المراد لا تكن في أمر ضيق قال أبو عبيدة : الضيق بالكسر في المعاش و المسكن و الضيق بالفتح في القلب و قال علي بن عيسى يقال في صدري ضيق من هذا الأمر بالفتح و هو أكثر من الكسر .

المعنى

ثم أمر سبحانه نبيه بالدعاء إلى الحق فقال « ادع إلى سبيل ربك » أي ادع إلى دينه لأنه الطريق إلى مرضاته « بالحكمة » أي بالقرآن و سمي القرآن حكمة لأنه يتضمن الأمر بالحسن و النهي عن القبيح و أصل الحكمة المنع و منه حكمة اللجام و إنما قيل لها حكمة لأنها بمنزلة المانع من الفساد و ما لا ينبغي أن يختار و قيل أن الحكمة هي المعرفة بمراتب الأفعال في الحسن و القبح و الصلاح و الفساد لأن بمعرفة ذلك يقع المنع من الفساد و الاستعمال للصدق و الصواب في الأفعال و الأقوال « و الموعظة الحسنة » معناه الوعظ الحسن و هو الصرف عن القبيح على وجه الترغيب في تركه و التزهيد في فعله و في ذلك تليين القلوب بما يوجب الخشوع و قيل أن الحكمة هي النبوة و الموعظة الحسنة مواعظ القرآن عن ابن عباس « و جادلهم بالتي هي أحسن » أي ناظرهم بالقرآن و بأحسن ما عندك من الحجج و تقديره بالكلمة التي هي أحسن و المعنى اقتل المشركين و اصرفهم عما هم عليه من الشرك بالرفق و السكينة و لين الجانب في النصيحة ليكونوا أقرب إلى الإجابة فإن الجدل هو قتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج و قيل هو أن يجادلهم على قدر ما يحتملونه كما جاء في الحديث أمرنا معاشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم « إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله » أي عن دينه « و هو أعلم بالمهتدين » أي القابلين للهدى و هو يأمرك في الفريقين بما فيه الصلاح « و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به » معناه و إن أردتم معاقبة غيركم على وجه المجازاة و المكافاة فعاقبوا بقدر ما عوقبتم به و لا تزيدوا عليه و قالوا إن المشركين لما مثلوا بقتلى أحد و بحمزة بن عبد المطلب فشقوا بطنه و أخذت هند بنت عتبة كبده فجعلت تلوكه و جدعوا أنفه و أذنه و قطعوا مذاكيره قال المسلمون لئن أمكنا الله منهم لنمثلن بالأحياء فضلا عن الأموات فنزلت الآية عن الشعبي و قتادة و عطا بن يسار و قيل إن الآية عامة في كل ظلم كغضب أو نحوه فإنما يجازى بمثل ما عمل عن مجاهد و ابن سيرين و إبراهيم و قال الحسن نزلت الآية قبل أن يؤمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بقتال المشركين على العموم و أمر بقتال من قاتله و نظيره قوله « فإن قاتلوكم فاقتلوهم » « و لئن صبرتم » أي تركتم المكافاة و القصاص و جرعتم
مجمع البيان ج : 6 ص : 606

مرارته « لهو خير للصابرين » معناه الصبر خير و أنفع للصابرين لما فيه من جزيل الثواب « و اصبر » يا محمد فيما تبلغه من الرسالة و فيما تلقاه من الأذى و قيل معناه اصبر على ما يجب الصبر عليه و عما يجب الصبر عنه « و ما صبرك إلا بالله » أي و ليس صبرك إلا بتوفيق الله و إقداره و تيسيره و ترغيبه فيه « و لا تحزن عليهم » أي و لا تحزن على المشركين في إعراضهم عنك فإنه يكون الظفر و النصرة لك عليهم و لا عتب عليك في إعراضهم فقد بلغت ما أمرت به و قضيت ما عليك و قيل معناه و لا تحزن على قتلي أحد فإن الله تعالى قد نقلهم إلى ثوابه و كرامته « و لا تك في ضيق مما يمكرون » أي و لا يكن صدرك في ضيق من مكرهم بك و بأصحابك فإن الله سبحانه يرد كيدهم في نحورهم و يحفظكم من شرورهم « إن الله مع الذين اتقوا » الشرك و الفواحش و الكبائر بالنصرة و الحفظ و الكلاءة « و » مع « الذين هم محسنون » قال الحسن اتقوا ما حرم عليهم و أحسنوا فيما فرض عليهم .

مجمع البيان ج : 6 ص : 607
( 17 ) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة ( 111 )
هي مكية كلها و قيل مكية إلا خمس آيات « و لا تقتلوا النفس » الآية « و لا تقربوا الزنى » الآية « أولئك الذين يدعون » الآية « أقم الصلاة » الآية « و آت ذا القربى حقه » الآية عن الحسن و قيل مكية إلا ثماني آيات « و إن كادوا ليفتنونك » إلى قوله « و قل رب أدخلني مدخل صدق » الآية عن قتادة و المعدل عن ابن عباس .

عدد آيها

مائة و إحدى عشرة آية كوفي و عشر آيات في الباقين .

اختلافها

آية « للأذقان سجدا » كوفي .

فضلها

أبي بن كعب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال من قرأ سورة بني إسرائيل فرق قلبه عند ذكر الوالدين أعطي في الجنة قنطارين من الأجر و القنطار ألف أوقية و مائتا أوقية و الأوقية منها خير من الدنيا و ما فيها و روى الحسن بن أبي العلاء عن الصادق (عليه السلام) أنه قال من قرأ سورة بني إسرائيل في كل ليلة جمعة لم يمت حتى يدرك القائم و يكون من أصحابه .

تفسيرها

ختم الله تعالى سورة النحل بذكر النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و افتتح سورة بني إسرائيل أيضا بذكره و بيان إسرائه إلى المسجد الأقصى فقال :
مجمع البيان ج : 6 ص : 608
سورة الإسراء
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سبْحَنَ الَّذِى أَسرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسجِدِ الْحَرَامِ إِلى الْمَسجِدِ الأَقْصا الَّذِى بَرَكْنَا حَوْلَهُ لِنرِيَهُ مِنْ ءَايَتِنَا إِنَّهُ هُوَ السمِيعُ الْبَصِيرُ(1) وَ ءَاتَيْنَا مُوسى الْكِتَب وَ جَعَلْنَهُ هُدًى لِّبَنى إِسرءِيلَ أَلا تَتَّخِذُوا مِن دُونى وَكيلاً(2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح إِنَّهُ كانَ عَبْداً شكُوراً(3)

القراءة

قرأ أبو عمرو وحده ألا يتخذوا بالياء و الباقون بالتاء .

الحجة

من قرأ بالياء فلأن ما تقدمه على لفظ الغيبة و المعنى هديناهم لأن لا يتخذوا و من قرأ بالتاء فللانصراف من الغيبة إلى الخطاب كما في قوله « الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين » ثم قال « إياك نعبد » و الضمير في « ألا تتخذوا » و إن كان على لفظ الخطاب فإنما يعني به الغيب في المعنى .

الإعراب

سبحان منصوب على المصدر على معنى أسبح لله تسبيحا قال أبو علي من زعم أن ألا تتخذوا على إضمار القول فكأنه يراد قال أن لا تتخذوا لم يكن قوله هذا مستقيما و ذلك لأن القول لا يخلو من أن يكون بعده جملة تحكى أو معنى جملة يعمل فيه لفظ القول فالأول كقوله قال زيد عمرو منطلق فموضع الجملة نصب بالقول و الآخر نحو أن يقول القائل لا إله إلا الله فتقول قلت حقا أن يقول الثلج حار فتقول قلت باطلا فهذا معنى ما قاله و ليس نفس المقول و قوله « ألا تتخذوا » خارج من هذين الوجهين أ لا ترى أن لا تتخذوا ليس هو القول كما أن قولك حقا إذا سمعت كلمة الإخلاص بمعنى القول و ليس قوله « ألا تتخذوا » الجملة فيكون كقولك قال زيد عمرو منطلق و يجوز أن تكون أن بمعنى أي التي للتفسير و انصرف الكلام في الغيبة إلى الخطاب كما انصرف منها إلى الخطاب في قوله « و انطلق الملأ منهم أن امشوا » في الأمر فكذلك انصرف في الغيبة إلى الخطاب في النهي في أن لا تتخذوا و كذلك قوله « أن اعبدوا الله ربي و ربكم » في وقوع الأمر بعد الخطاب و يجوز أن يضمر القول و يحمل يتخذوا على القول المضمر إذا جعلت أن زائدة فيكون التقدير و جعلناه هدى لبني إسرائيل و قلنا لا تتخذوا فيجوز إذا في قوله « ألا تتخذوا » ثلاثة أوجه ( أحدها ) أن تكون أن الناصبة للفعل فيكون المعنى و جعلناه هدى كراهة أن يتخذوا من دوني وكيلا أو لأن لا يتخذوا ( و الآخر ) أن يكون بمعنى أي لأنه بعد كلام تام فيكون التقدير أي لا تتخذوا ( و الثالث ) أن تكون أن زائدة و يضمر القول فأما قوله « ذرية من حملنا » فإنه يجوز أن يكون مفعول الاتخاذ لأنه فعل يتعدى إلى مفعولين و أفرد الوكيل و هو في معنى
مجمع البيان ج : 6 ص : 609
الجمع لأن فعيلا يكون مفردا للفظ و المعنى على الجمع نحو قوله « و حسن أولئك رفيقا » فإذا حمل على هذا كان مفعولا ثانيا في قراءة من قرأ بالتاء و الياء و يجوز أن يكون نداء و ذلك على قراءة من قرأ بالتاء لأن النداء للخطاب و لو رفع ذرية على البدل من الضمير المرفوع في أن لا تتخذوا كان جائزا و يكون التقدير ألا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح من دوني وكيلا و لو جعلته مجردا بدلا من قولك بني إسرائيل جاز و كان التقدير و جعلناه هدى لذرية من حملنا مع نوح .

النزول

قيل نزلت الآية في إسرائه و كان ذلك بمكة صلى المغرب في المسجد الحرام ثم أسري به في ليلته ثم رجع فصلى الصبح في المسجد الحرام فأما الموضع الذي أسري إليه أين كان فإن الإسراء إلى بيت المقدس و قد نطق به القرآن و لا يدفعه مسلم و ما قاله بعضهم إن ذلك كان في النوم فظاهر البطلان إذ لا معجز يكون فيه و لا برهان و قد وردت روايات كثيرة في قصة المعراج في عروج نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى السماء و رواه كثير من الصحابة مثل ابن عباس و ابن مسعود و أنس و جابر بن عبد الله و حذيفة و عائشة و أم هاني و غيرهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و زاد بعضهم و نقص بعض و تنقسم جملتها إلى أربعة أوجه ( أحدها ) ما يقطع على صحته لتواتر الأخبار به و إحاطة العلم بصحته ( و ثانيها ) ما ورد في ذلك مما تجوزه العقول و لا تأباه الأصول فنحن نجوزه ثم نقطع على أن ذلك كان في يقظته دون منامه ( و ثالثها ) ما يكون ظاهره مخالفا لبعض الأصول إلا أنه يمكن تأويلها على وجه يوافق المعقول فالأولى أن ناوله على ما يطابق الحق و الدليل ( و رابعها ) ما لا يصح ظاهره و لا يمكن تأويله إلا على التعسف البعيد فالأولى أن لا نقبله فأما الأول المقطوع به فهو أنه أسري به على الجملة و أما الثاني فمنه ما روي أنه طاف في السماوات و رأى قوما في الجنة يتنعمون فيها و قوما في النار يعذبون فيها فيحمل على أنه رأى صفتهم أو أسماءهم ( و أما ) الرابع فنحو ما روي أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) كلم الله سبحانه جهرة و رآه و قعد معه على سريره و نحو ذلك مما يوجب ظاهره التشبيه و الله سبحانه يتقدس عن ذلك و كذلك ما روي أنه شق بطنه و غسله لأنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان طاهرا مطهرا من كل سوء و عيب و كيف يطهر القلب و ما فيه من الاعتقاد بالماء فمن جملة الأخبار الواردة في قصة المعراج ما روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال أتاني جبرائيل (عليه السلام) و أنا بمكة فقال قم يا محمد فقمت معه و خرجت إلى الباب فإذا جبرائيل و معه ميكائيل و إسرافيل فأتى جبرائيل (عليهماالسلام) بالبراق و كان فوق الحمار و دون البغل خده كخد الإنسان و ذنبه كذنب البقر و عرفه كعرف الفرس
مجمع البيان ج : 6 ص : 610
و قوائمه كقوائم الإبل عليه رحل من الجنة و له جناحان من فخذيه خطوة منتهى طرفه فقال اركب فركبت و مضيت حتى انتهيت إلى بيت المقدس ثم ساق الحديث إلى أن قال فلما انتهيت إلى بيت المقدس إذا ملائكة نزلت من السماء بالبشارة و الكرامة من عند رب العزة و صليت في بيت المقدس و في بعضها بشر لي إبراهيم في رهط من الأنبياء ثم وصف موسى و عيسى ثم أخذ جبرائيل (عليه السلام) بيدي إلى الصخرة فأقعدني عليها فإذا معراج إلى السماء لم أر مثلها حسنا و جمالا فصعدت إلى السماء الدنيا و رأيت عجائبها و ملكوتها و ملائكتها يسلمون علي ثم صعد بي جبرائيل إلى السماء الثانية فرأيت فيها عيسى بن مريم و يحيى بن زكريا ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فرأيت فيها يوسف ثم صعد بي إلى السماء الرابعة فرأيت فيها إدريس ثم صعد به إلى السماء الخامسة فرأيت فيها هارون ثم صعد بي إلى السماء السادسة فإذا فيها خلق كثير يموج بعضهم في بعض و فيها الكروبيون ثم صعد بي إلى السابعة فأبصرت فيها خلقا و ملائكة و في حديث أبي هريرة رأيت في السماء السادسة موسى و رأيت في السماء السابعة إبراهيم (عليه السلام) قال ثم جاوزناها متصاعدين إلى أعلى عليين و وصف ذلك إلى أن قال ثم كلمني ربي و كلمته و رأيت الجنة و النار و رأيت العرش و سدرة المنتهى ثم رجعت إلى مكة فلما أصبحت حدثت به بالناس فكذبني أبو جهل و المشركون و قال مطعم بن عدي أ تزعم أنك سرت مسيرة شهرين في ساعة أشهد أنك كاذب قالوا ثم قالت قريش أخبرنا عما رأيت فقال مررت بعير بني فلان و قد أضلوا بعيرا لهم و هم في طلبه و في رحلهم قعب مملوء من ماء فشربت الماء ثم غطيته كما كان فسألوهم هل وجدوا الماء في القدح قالوا هذه آية واحدة قال و مررت بعير بني فلان فنفرت بكرة فلان فانكسرت يدها فسألوهم عن ذلك فقالوا هذه آية أخرى قالوا فأخبرنا عن عيرنا قال مررت بها بالتنعيم و بين لهم إجمالها و هيئاتها و قال تقدمها جمل أورق عليه قرارتان محيطتان و يطلع عليكم عند طلوع الشمس قالوا هذه آية أخرى ثم خرجوا يشتدون نحو التيه و هم يقولون لقد قضى محمد بيننا و بينه قضاء بينا و جلسوا ينتظرون متى تطلع الشمس فيكذبوه فقال قائل و الله إن الشمس قد طلعت و قال آخر و الله هذه الإبل قد طلعت يقدمها بعير أورق فبهتوا و لم يؤمنوا و في تفسير العياشي بالإسناد عن أبي بكر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى السماء الدنيا لم يمر بأحد من الملائكة إلا استبشر قال ثم مر بملك حزين كئيب فلم يستبشر به فقال يا جبرائيل ما مررت بأحد من الملائكة إلا استبشر بي إلا هذا الملك فمن هذا فقال هذا مالك خازن جهنم
مجمع البيان ج : 6 ص : 611
و هكذا جعله الله قال فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يا جبرائيل اسأله أن يرينيها قال فقال جبرائيل (عليه السلام) يا مالك هذا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و قد شكا إلي فقال ما مررت بأحد من الملائكة إلا استبشر بي إلا هذا فأخبرته أن هكذا جعله الله و قد سألني أن أسألك أن تريه جهنم قال فكشف له عن طبق من أطباقها قال فما رئي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ضاحكا حتى قبض و عن أبي بصير قال سمعته يقول إن جبرائيل احتمل رسول الله حتى انتهى به إلى مكان من السماء ثم تركه و قال له ما وطأ نبي قط مكانك .

المعنى

« سبحان الذي أسرى بعبده » سبحان كلمة تنزيه و إبراء لله عز اسمه عما لا يليق به من الصفات و قد يراد به التعجيب يعني سبحان الذي سير عبده محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) و هو عجيب من قدرة الله تعالى و تعجيب ممن لم يقدر الله حق قدره و أشرك به غيره و سرى بالليل و أسرى بمعنى و قد عدي هنا بالباء و الوجه في التأويل أنه إذا كان مشاهدة العجب سببا للتسبيح صار التسبيح تعجبا فقيل سبح أي عجب « ليلا » قالوا كان ذلك الليل قبل الهجرة بسنة « من المسجد الحرام » و قال أكثر المفسرين أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من دار أم هاني أخت علي بن أبي طالب و زوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي و كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) نائما تلك الليلة في بيتها و إن المراد بالمسجد الحرام هنا مكة و مكة و الحرم كلها مسجد و قال الحسن و قتادة كان الإسراء من نفس المسجد الحرام « إلى المسجد الأقصى » يعني بيت المقدس و إنما قال الأقصى لبعد المسافة بينه و بين المسجد الحرام « الذي باركنا حوله » أي جعلنا البركة فيما حوله من الأشجار و الأثمار و النبات و الأمن و الخصب حتى لا يحتاجوا إلى أن يجلب إليهم من موضع آخر و قيل باركنا حوله أي البركة فيما حوله بأن جعلناه مقر الأنبياء و مهبط الملائكة عن مجاهد و بذلك صار مقدسا عن الشرك لأنه لما صار متعبدا للأنبياء و دار مقام لهم تفرق المشركون عنهم فصار مطهرا من الشرك و التقديس التطهير فقد اجتمع فيه بركات الدين و الدنيا « لنريه من آياتنا » أي من عجائب حججنا و منها إسراؤه في ليلة واحدة من مكة إلى هناك و منها أن أراه الأنبياء واحدا بعد واحد و أن عرج به إلى السماء و غير ذلك من العجائب التي أخبر بها الناس « إنه هو السميع » لأقوال من صدق بذلك أو كذب « البصير » بما فعل من الإسراء و المعراج « و آتينا موسى الكتاب » يعني التوراة « و جعلناه هدى لبني إسرائيل » أي و جعلنا التوراة حجة و دلالة و بيانا و إرشادا لبني إسرائيل يهتدون به « ألا تتخذوا من دوني وكيلا » أي أمرهم أن لا يتخذوا من دوني معتمدا يرجعون إليه في النوائب و قيل ربا يتوكلون عليه « ذرية من حملنا مع نوح »
مجمع البيان ج : 6 ص : 612
أي أولاد من حملنا مع نوح في السفينة فأنجيناه من الطوفان و قد ذكرنا وجوه ذلك في الإعراب و على هذا يدور المعنى « إنه كان عبدا شكورا » معناه أن نوحا كان عبدا لله كثير الشكر و كان إذا لبس ثوبا أو أكل طعاما أو شرب ماء حمد الله و شكر له و قال الحمد لله و قيل إنه كان يقول في ابتداء الأكل و الشرب بسم الله و في انتهائه الحمد لله و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) و أبي جعفر (عليه السلام) أن نوحا كان إذا أصبح و أمسى قال اللهم إني أشهدك أن ما أصبح أو أمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك لك الحمد و لك الشكر بها علي حتى ترضى و بعد الرضى و هذا كان شكره .

النظم

وجه اتصال قوله « و آتينا موسى الكتاب » بما قبله أن المعنى فيه سبحان الذي أسرى بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أراه الآيات كلها كما أرى موسى الآيات و المعجزات الباهرات و قيل إن معناه إن كونك نبيا ليس ببدع فقد آتيناك الكتاب و الحجج كما آتينا موسى التوراة فلم أقروا به و أنكروا أمرك و الطريق فيهما واحد و قيل إن معناه أنهم كفروا بموسى كما كفروا بما أخبرتهم به من إسرائك .

مجمع البيان ج : 6 ص : 613

وَ قَضيْنَا إِلى بَنى إِسرءِيلَ فى الْكِتَبِ لَتُفْسِدُنَّ فى الأَرْضِ مَرَّتَينِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كبِيراً(4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكمْ عِبَاداً لَّنَا أُولى بَأْس شدِيد فَجَاسوا خِلَلَ الدِّيَارِ وَ كانَ وَعْداً مَّفْعُولاً(5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكرَّةَ عَلَيهِمْ وَ أَمْدَدْنَكُم بِأَمْوَل وَ بَنِينَ وَ جَعَلْنَكُمْ أَكْثرَ نَفِيراً(6) إِنْ أَحْسنتُمْ أَحْسنتُمْ لأَنفُسِكمْ وَ إِنْ أَسأْتمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ لِيَسئِئُوا وُجُوهَكمْ وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسجِدَ كمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّة وَ لِيُتَبرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً(7) عَسى رَبُّكمْ أَن يَرْحَمَكمْ وَ إِنْ عُدتمْ عُدْنَا وَ جَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَفِرِينَ حَصِيراً(8)

القراءة

ليسوء بفتح الهمزة شامي كوفي غير حفص إلا أن الكسائي يقرأ بالنون و الباقون « ليسوءوا » بالياء و ضم الهمزة على وزن ليسوعوا و في الشواذ قراءة ابن عباس لتفسدن بضم التاء و فتح السين و عيسى الثقفي لتفسدن بفتح التاء و ضم السين و قراءة علي (عليه السلام) عبيدا لنا و قراءة أبي السماك فحاسوا بالحاء و قراءة أبي بن كعب ليسوءا بالتنوين .

الحجة

من قرأ ليسوء بالياء ففاعل ليسوء يجوز أن يكون أحد شيئين إما اسم الله تعالى لأن الذي تقدم بعثنا و رددنا لكم و أمددناكم بأموال و بنين و إما البعث و دل عليه بعثنا المتقدم كقوله « لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم » أي البخل خيرا لهم و من قرأ لنسوء بالنون كان في المعنى كقول من قدر أن الفاعل ما تقدم من اسم الله تعالى و جاز أن ينسب المساءة إلى الله تعالى و إن كانت من الذين جاسوا خلال الديار في الحقيقة لأنهم فعلوا المساءة بقوة الله تعالى فجاز أن ينسب إليه و أما قوله « ليسوئوا » فمعناه إذا جاء وعد الآخرة أي وعد المرة الأخرى ليسؤا وجوهكم فحذف بعثناهم لأن ذكره قد تقدم و الحجة في ليسوئوا أنه أشبه بما قبله و ما بعده أ لا ترى أن قبله ثم بعثناهم و بعده ليدخلوا المسجد الحرام و المبعوثون في الحقيقة هم الذين يسوءونهم بقتلهم إياهم و أسرهم لهم فهو وفق المعنى و قال « وجوهكم » على أن الوجوه مفعول به ليسوء و عدي إلى الوجوه لأن الوجوه قد يراد به ذو الوجوه كقوله « كل شيء هالك إلا وجهه » و قوله « وجوه يومئذ ناضرة » و « وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة » و قال النابغة :
أقارع عوف لا أحاول غيرها
وجوه قرود تبتغي من تجادع و أما قراءة أبي ليسوءا فالوجه فيه على قول ابن جني أن يكون على حذف الفاء كما يقال إذا سألتني فلأعطك كأنك تأمر نفسك و معناه فلأعطينك و اللامان بعده للأمر أيضا و هما « و ليدخلوا المسجد » « و ليتبروا » و يقوي ذلك أنه لم يأت لإذا جواب فيما بعد و أما من قرأ لتفسدن و لتفسدن فإحدى القراءتين شاهدة للأخرى لأن من أفسد فقد فسد و أما حاسوا فمعناه معنى جلسوا بعينه .

اللغة

القضاء فصل الأمر على إحكام و منه سمي القاضي ثم يستعمل بمعنى الخلق و الإحداث كما قال فقضاهن سبع سماوات و بمعنى الإيجاب كما قال و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بمعنى الإعلام و الإخبار بما يكون من الأمر و هو المعني هاهنا و أصله الإحكام و العلو
مجمع البيان ج : 6 ص : 614
الارتفاع و علا فلان الشيء إذا أطاقه و يقال علا في المكارم يعلى علا فهو علي و علا في المكان يعلو علوا فهو عال و الجوس التخلل في الديار يقال تركت فلانا يجوس بني فلان و يجوسهم و يدوسهم أي يطأهم قال أبو عبيد : كل موضع خالطته و وطئته فقد حسته و جسته قال حسان :
و منا الذي لاقى بسيف محمد
فجاس به الأعداء عرض العساكر و قيل الجوس طلب الشيء باستقصاء و الكرة معناه الرجعة و الدولة و النفير العدد من الرجال قال الزجاج : و يجوز أن يكون جمع نفر كما قيل العبيد و الضئين و المعيز و الكليب و نفر الإنسان و نفره و نفيره و نافرته رهطه الذين ينصرونه و ينفرون معه و التتبير الإهلاك و التبار و الهلاك و الدمار واحد و كل ما يكسر من الحديد و الذهب تبر و الحصير الحبس و يقال للملك حصير لأنه محجوب قال لبيد :
و قماقم غلب الرقاب كأنهم
جن لدى باب الحصير قيام و الحصير البساط المرمول لحصر بعضه على بعض بذلك الضرب من النسج .

المعنى

لما تقدم أمره سبحانه لبني إسرائيل عقب ذلك بذكر ما كان منهم و ما جرى عليهم فقال « و قضينا إلى بني إسرائيل » أي أخبرناهم و أعلمناهم « في الكتاب » أي في التوراة « لتفسدن في الأرض مرتين » أي حقا لا شك فيه أن خلافكم سيفسدون في البلاد التي تسكنونها كرتين و هي بيت المقدس و أراد بالفساد الظلم و أخذ المال و قتل الأنبياء و سفك الدماء و قيل كان فسادهم الأول قتل زكريا و الثاني قتل يحيى بن زكريا عن ابن عباس و ابن مسعود و ابن زيد قالوا ثم سلط الله عليهم سابور ذا الأكتاف ملكا من ملوك فارس في قتل زكريا و سلط عليهم في قتل يحيى بخت نصر و هو رجل خرج من بابل و قيل الفساد الأول قتل شعيا و الثاني قتل يحيى و إن زكريا مات حتف أنفه عن محمد بن إسحاق قال و أتاهم في الأول بخت نصر و في الثاني ملك من ملوك بابل و قيل كان الأول جالوت فقتله داود (عليه السلام) و الثاني بخت نصر عن قتادة و قيل أنه سبحانه ذكر فسادهم في الأرض و لم يبين ما هو فلا يقطع على شيء مما ذكر عن أبي علي الجبائي « و لتعلن علوا كبيرا » أي و لتستكبرن و لتظلمن الناس
مجمع البيان ج : 6 ص : 615
ظلما عظيما و العلو نظير العتو هنا و هو الجرأة على الله تعالى و التعرض لسخطه « فإذا جاء وعد أولاهما » معناه فإذا جاء وقت أولى المرتين اللتين تفسدون فيهما و الوعد هنا بمعنى الموعود و وضع المصدر موضع المفعول به أي إذا جاء وقت الموعود لإفسادكم في المرة الأولى « بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد » أي سلطنا عليكم عبادا لنا أولي شوكة و قوة و نجدة و خلينا بينكم و بينهم خاذلين لكم جزاء على كفركم و عتوكم و هو مثل قوله « أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا » عن الحسن و قيل معناه أمرنا قوما مؤمنين بقتالكم و جهادكم لأن ظاهر قوله تعالى « عبادا لنا » و قوله « بعثنا » يقتضي ذلك عن الجبائي و قيل يجوز أن يكونوا مؤمنين أمرهم الله بجهاد هؤلاء و يجوز أن يكونوا كافرين فتألفهم نبي من الأنبياء لحرب هؤلاء و سلطهم على نظرائهم من الكفار و الفساق عن أبي مسلم « فجاسوا خلال الديار » أي فطافوا وسط الديار يترددون و ينظرون هل بقي منهم أحد لم يقتلوه عن الزجاج « و كان وعدا مفعولا » أي موعودا كائنا لا خلف فيه « ثم رددنا لكم الكرة عليهم » أي رددنا لكم يا بني إسرائيل الدولة و أظهرناكم عليهم و عاد ملككم على ما كان عليه « و أمددناكم بأموال و بنين » أي و أكثرنا لكم أموالكم و أولادكم و رددنا لكم العدة و القوة « و جعلناكم أكثر نفيرا » أي أكثر عددا و أنصارا من أعدائكم « إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم » معناه إن أحسنتم في أقوالكم و أفعالكم فنفع إحسانكم عائد عليكم و ثوابه واصل إليكم تنصرون على أعدائكم في الدنيا و تثابون في العقبي « و إن أسأتم فلها » معناه و إن أسأتم فقد أسأتم إلى أنفسكم أيضا لأن مضرة الإساءة عائدة إليها و إنما قال فلها على وجه التقابل لأنه في مقابلة قوله « إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم » كما يقال أحسن إلى نفسه ليقابل أساء إلى نفسه و لأن معنى قولك أنت منتهى الإساءة و أنت المختص بالإساءة متقارب فلذلك وضع اللام موضع إلى و قيل إن قوله « فلها » بمعنى فعليها كقوله تعالى لهم اللعنة أي عليهم اللعنة و قيل معناه فلها الجزاء و العقاب و إذا أمكن حمل الكلام على الظاهر فالأولى أن لا يعدل عنه و هذا الخطاب لبني إسرائيل ليكون الكلام جاريا على النسق و النظام و يجوز أن يكون خطابا لأمة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيكون اعتراضا بين القصة كما يفعل الخطيب و الواعظ يحكي شيئا ثم يعظ ثم يعود إلى الحكاية فكأنه لما بين أن بني إسرائيل لما علوا و بغوا في الأرض سلط عليهم قوما ثم لما تابوا قبل توبتهم و أظفرهم على عدوهم خاطب أمتنا بأن من أحسن عاد نفع إحسانه إليه و من أساء عاد ضرره إليه ترغيبا و ترهيبا « فإذا جاء وعد الآخرة » أي وعد المرة الأخرى من قوله « لتفسدن في الأرض مرتين » و المراد به جاء وعد الجزاء على الفساد في الأرض في
مجمع البيان ج : 6 ص : 616
المرة الأخيرة أو جاء وعد فسادكم في الأرض في المرة الأخيرة أي الوقت الذي يكون فيه ما أخبر الله عنكم من الفساد و العدوان على العباد « ليسوئوا وجوهكم » أي غزاكم أعداؤكم و غلبوكم و دخلوا دياركم ليسؤكم بالقتل و الأسر يقال سئته أسوءة مساءة و مسائية و سوائية إذا أحزنته و قيل معناه ليسؤا كبراءكم و رؤساءكم و في مساءة الأكابر و إهانتهم مساءة الأصاغر « و ليدخلوا المسجد » أي بيت المقدس و نواحيه فكني بالمسجد و هو المسجد الأقصى عن البلد كما كنى بالمسجد الحرام عن الحرم و معناه و ليستولوا على البلد لأنه لا يمكنهم دخول المسجد إلا بعد الاستيلاء « كما دخلوه أول مرة » دل بهذا على أن في المرة الأولى قد دخلوا المسجد أيضا و إن لم يذكر ذلك و معناه و ليدخل هؤلاء المسجد كما دخله أولئك أول مرة « و ليتبروا ما علوا تتبيرا » أي و ليدمروا و يهلكوا ما غلبوا عليه من بلادكم تدميرا و يجوز أن يكون ما مع الفعل بتأويل المصدر و المضاف محذوف أي ليتبروا مدة علوهم « عسى ربكم » يا بني إسرائيل « أن يرحمكم » بعد انتقامه منكم إن تبتم و رجعتم إلى طاعته « و إن عدتم عدنا » معناه و إن عدتم إلى الفساد عدنا بكم إلى العقاب لكم و التسليط عليكم كما فعلناه فيما مضى عن ابن عباس قال إنهم عادوا بعد الأولى و الثانية فسلط الله عليهم المؤمنين يقتلونهم و يأخذون منهم الجزية إلى يوم القيامة « و جعلنا جهنم للكافرين حصيرا » أي سجنا و محبسا عن ابن عباس .

[ القصة ]

اختلف المفسرون في القصة عن هاتين الكرتين اختلافا شديدا فالأولى أن نورد من جملتها ما هو الأهم على سبيل الإيجاز قالوا لما عتا بنو إسرائيل في المرة الأولى سلط الله عليهم ملك فارس و قيل بخت نصر و قيل ملكا من ملوك بابل فخرج إليهم و حاصرهم و فتح بيت المقدس و قيل إن بخت نصر ملك بابل بعد سنحاريب و كان من جيش نمرود و كان لزانية لا أب له فظهر على بيت المقدس و خرب المسجد و أحرق التوراة و ألقى الجيف في المسجد و قتل على دم يحيى سبعين ألفا و سبى ذراريهم و أغار عليهم و أخرج أموالهم و سبى سبعين ألفا و ذهب بهم إلى بابل فبقوا في يده مائة سنة يستعبدهم المجوس و أولادهم ثم تفضل الله عليهم بالرحمة فأمر ملكا من ملوك فارس عارفا بالله سبحانه و تعالى فردهم إلى بيت المقدس فأقاموا به مائة سنة على الطريق المستقيم و الطاعة و العبادة ثم عادوا إلى الفساد و المعاصي فجاءهم ملك من ملوك الروم اسمه انطياخوس فخرب بيت المقدس و سبى أهله و قيل غزاهم ملك الرومية و سباهم عن حذيفة و قال محمد بن إسحاق كان بنو إسرائيل يعصون الله تعالى و فيهم الأحداث و الله يتجاوز عنهم و كان أول ما نزل بهم بسبب ذنوبهم أن الله تعالى بعث إليهم شعيا قبل مبعث زكريا و شعيا هو الذي بشر بعيسى (عليه السلام) و بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) و كان
مجمع البيان ج : 6 ص : 617
لبني إسرائيل ملك كان شعيا يرشده و يسدده فمرض الملك و جاء سنحاريب إلى باب بيت المقدس بستمائة ألف راية فدعا الله سبحانه شعيا فبرأ الملك و مات جمع سنحاريب و لم ينج منهم إلا خمسة نفر منهم سنحاريب فهرب و أرسلوا خلفه من أخذه ثم أمر سبحانه بإطلاقه ليخبر قومه بما نزل بهم فأطلقوه و هلك سنحاريب بعد ذلك بسبع سنين و استخلف بخت نصر ابن ابنه فلبث سبع عشرة سنة و هلك ملك بني إسرائيل و مرج أمرهم و تنافسوا في الملك فقتل بعضهم بعضا فقام شعيا فيهم خطيبا و وعظهم بعظات بليغة و أمرهم و نهاهم فهموا بقتله فهرب و دخل شجرة فقطعوا الشجرة بالمنشار فبعث الله إليهم أرميا من سبط هارون ثم خرج من بينهم لما رأى من أمرهم و دخل بخت نصر و جنوده بيت المقدس و فعل ما فعل ثم رجع إلى بابل بسبايا بني إسرائيل و كانت هذه الدفعة الأولى و قيل أيضا أن سبب ذلك كان قتل يحيى بن زكريا و ذلك أن ملك بني إسرائيل أراد أن يتزوج بنت امرأته فنهاه يحيى و بلغ أمها فحقدت عليه و بعثته على قتله فقتله و قيل إنه لم يزل دم يحيى بن زكريا يغلي حتى قتل بخت نصر منهم سبعين ألفا أو اثنين و سبعين ألفا ثم سكن الدم و ذكر الجميع أن يحيى بن زكريا هو المقتول في الفساد الثاني قال مقاتل كان بين فساد الأول و الثاني مائتا سنة و عشر سنين و قيل إنما غزا بني إسرائيل في المرة الأولى بخت نصر و في المرة الثانية ملوك فارس و الروم و ذلك حين قتلوا يحيى فقتلوا منهم مائة ألف و ثمانين ألفا و خرب بيت المقدس فلم يزل بعد ذلك خرابا حتى بناه عمر بن الخطاب فلم يدخله بعد ذلك رومي إلا خائفا و قيل إنما غزاهم في المرة الأولى جالوت و في الثانية بخت نصر و الله أعلم
مجمع البيان ج : 6 ص : 618
إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يهْدِى لِلَّتى هِىَ أَقْوَمُ وَ يُبَشرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصلِحَتِ أَنَّ لهَُمْ أَجْراً كَبِيراً(9) وَ أَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لهَُمْ عَذَاباً أَلِيماً(10) وَ يَدْعُ الانسنُ بِالشرِّ دُعَاءَهُ بِالخَْيرِ وَ كانَ الانسنُ عجُولاً(11) وَ جَعَلْنَا الَّيْلَ وَ النهَارَ ءَايَتَينِ فَمَحَوْنَا ءَايَةَ الَّيْلِ وَ جَعَلْنَا ءَايَةَ النهَارِ مُبْصرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضلاً مِّن رَّبِّكمْ وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السنِينَ وَ الحِْساب وَ كلَّ شىْء فَصلْنَهُ تَفْصِيلاً(12)

اللغة

مبصرة أي مضيئة منيرة نيرة قال أبو عمرو : أراد تبصر بها كما يقال ليل نائم و سر كاتم و قال الكسائي : العرب تقول أبصر النهار إذا أضاء و قيل المبصرة التي أهلها بصراء فيها كما يقال رجل مخبث أي أهله خبثاء و مضعف أي أهله ضعفاء و لا يكتب الواو في يدع في المصحف و هي ثابتة في المعنى .

الإعراب

« أن لهم أجرا كبيرا » فتح أن على تقدير حذف الباء أي يبشرهم بأن لهم الجنة و أن الثانية معطوفة عليها و لو كسرت على الاستئناف لجاز و إن لم يقرأ به أحد و أعتدنا أصله أعددنا فقلبت إحدى الدالين تاء فرارا من التضعيف إلى حرف من مخرج الدال « و كل شيء » منصوب بفعل مضمر يفسره ما بعده و هو قوله « فصلناه » و التقدير و فصلنا كل شيء .

المعنى

« إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم » معناه إن هذا القرآن يهدي إلى الديانة و الملة و الطريقة التي هي أشد استقامة يقال هذه الطريق و للطريق و إلى الطريق و قيل معناه يرشد إلى الكلمة التي هي أعدل الكلمات و أصوبها و هي كلمة التوحيد و قيل يهدي إلى الحال التي هي أعدل الحالات و هي توحيد الله و الإيمان به و برسله و العمل بطاعته عن الزجاج « و يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم » أي بأن لهم « أجرا كبيرا » أي ثوابا عظيما على طاعاتهم « و » يبشرهم أيضا ب « أن الذين لا يؤمنون بالآخرة » أي بالنشأة الآخرة « أعتدنا لهم » أي هيأنا لهم « عذابا أليما » و هو عذاب النار و إنما سمي العذاب أجرا لأنه يستحق في مقابلة عمل كالأجرة التي تجب في مقابلة عمل يعود نفعه إلى المستأجر و الثواب يستحق على الله تعالى و إن كان نفعه يعود إلى العامل لأنه سبحانه أوجب ذلك على نفسه في مقابلة عمل العبد فضلا منه و كرما « و يدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير » قيل في معناه أقوال ( أحدها ) أن الإنسان ربما يدعو في حال الزجر و الغضب على نفسه و أهله و ماله بما لا يجب أن يستجاب له فيه كما يدعو لنفسه بالخير فلو أجاب الله دعاءه لأهلكه لكنه لا يجيب بفضله و رحمته عن ابن عباس و الحسن و قتادة ( و الآخر ) أن معناه إن الإنسان قد يطلب الشر لاستعجاله المنفعة ( و ثالثها ) أن معناه و يدعو في طلب المحظور كدعائه في طلب المباح « و كان الإنسان عجولا » يعجل بالدعاء في الشر عجلته بالدعاء في الخير عن مجاهد و قيل يريد ضجرا لا صبرا له على ضراء و لا على سراء عن ابن عباس و روي عنه أيضا إنه أراد به آدم (عليه السلام) لما انتهت النفخة إلى سرته أراد أن ينهض فلم يقدر فشبه الله سبحانه ابن آدم بأبيه في الاستعجال و طلب الشيء قبل وقته « و جعلنا الليل و النهار آيتين » أي دلالتين يدلان على
مجمع البيان ج : 6 ص : 619
وحدانية خالقهما لما في كل واحد منهما من الفوائد من الكسب بالنهار و الاستراحة بالليل و الزيادة في أجزاء أحدهما بالنقصان من أجزاء الآخر و لأن كل واحد منهما ينقضي لمجيء الآخر و ذلك يدل على حدوثهما إذ القديم لا يجوز عليه الانقضاء و على أن لهما محدثا قادرا عالما و قد علمنا ضرورة أن أحدا من البشر لم يحدثهما لعجز البشر عن ذلك فدل على أنه من صنع القديم القادر لذاته العالم لذاته الذي ليس كمثله شيء و لا يتعذر عليه شيء و قيل إن الآيتين هنا الشمس و القمر « فمحونا آية الليل » و هي القمر أي طمسنا نورها بما جعلنا فيها من السواد عن ابن عباس « و جعلنا آية النهار » يعني الشمس « مبصرة » أي نيرة مضيئة للأبصار يبصر أهل النهار النهار بها و قيل إن معناه جعلنا آية الليل ممحوة و المراد جعلنا الليل مظلما لا يبصر فيه كما لا يبصر ما يمحى من الكتاب و جعلنا آية النهار مبصرة أي جعلنا النهار مضيئا يبصر فيه و تدرك الأشياء فيه و على هذا فتكون آية الليل هي الليل نفسه و آية النهار هي النهار نفسه كما يقال نفس الشيء و عين الشيء و هذا من عجيب البلاغة و قيل إن آية الليل ظلمته و آية النهار ضوءه فالمراد محونا ظلمة الليل بضوء النهار و محونا ضوء النهار بظلمة الليل إلا أنه ذكر أحدهما و حذف الآخر لدلالة المذكور على المحذوف ثم بين سبحانه الغرض في ذلك و قال « لتبتغوا فضلا من ربكم » أي لتسكنوا بالليل و تطلبوا الرزق بأنواع التصرف في النهار إلا أنه حذف لتسكنوا بالليل لما ذكره في مواضع أخر « و لتعلموا عدد السنين و الحساب » أي لتعلموا بالليل و النهار عدد السنين و الشهور و آجال الديون و غير ذلك من المواقيت و لتعلموا حسنات أعماركم و آجالكم و لو لا الليل و النهار لما علم شيء من ذلك « و كل شيء فصلناه تفصيلا » أي ميزناه تمييزا ظاهرا بينا لا يلتبس و بيناه تبيانا شافيا لا يخفى .

النظم

اتصلت الآية الأولى بقوله « عسى ربكم أن يرحمكم » و الوجه فيه أنه لما أمر بني إسرائيل بالرجوع إلى الطريق المستقيم من التوبة و قبول الإسلام بين أن ذلك الطريق هذا الكتاب الذي يدل على ما هو أحسن الأديان و قيل يتصل بقوله « و آتينا موسى الكتاب » أي كما آتيناه التوراة آتينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) القرآن الذي يهدي إلى الأحسن الأقوم و قيل اتصل بقوله « سبحان الذي أسرى » كأنه قال أسرى بعبده و آتاه الكتاب الذي هذه صفته و إنما اتصل قوله « يدع الإنسان بالشر » الآية مما تقدم من بشارة الكفار بالعذاب فبين عقيبه أنهم يستعجلون العذاب جهلا و عنادا ثم بين أنه يستجيب لهم ما فيه صلاحهم ثم بين بالآية الأخرى أنه أنعم عليهم بوجوه النعم كالليل و النهار و نحو ذلك و إن لم يشكروه .

مجمع البيان ج : 6 ص : 620
وَ كلَّ إِنسن أَلْزَمْنَهُ طئرَهُ فى عُنُقِهِ وَ نخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَمَةِ كتَباً يَلْقَاهُ مَنشوراً(13) اقْرَأْ كِتَبَك كَفَى بِنَفْسِك الْيَوْمَ عَلَيْك حَسِيباً(14) مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يهْتَدِى لِنَفْسِهِ وَ مَن ضلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيهَا وَ لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَ مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتى نَبْعَث رَسولاً(15)

القراءة

قرأ أبو جعفر و يخرج له بضم الياء و فتح الراء و قرأ يعقوب و يخرج له بفتح الياء و ضم الراء و الباقون « و نخرج » بالنون و قرأ أبو جعفر و ابن عامر تلقيه بضم التاء و فتح اللام و تشديد القاف و الباقون « يلقاه » بفتح الياء و سكون اللام .

الحجة

من قرأ و يخرج له فمعناه أنه يخرج له عمله أو يخرج له طائره يوم القيامة كتابا و يكون كتابا منصوبا على الحال و من قرأ و يخرج فتقديره فيخرج له عمله أو طائره و يكون كتابا حالا أيضا من الضمير في يخرج كما في الأول و من قرأ « و نخرج » بالنون فيكون كتابا مفعولا لنخرج و يجوز أن يكون منصوبا على التمييز على معنى و نخرج طائره له كتابا و يجوز أن يكون نصبا على الحال فيكون بمعنى ذا كتاب أي مثبتا في الكتاب الذي قال فيه لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها و قوله « منشورا » يكون منصوبا على الحال من الهاء في يلقاه على القراءات جميعا و من قرأ « يلقاه منشورا » فإنه يدل عليه قوله و إذا الصحف نشرت و من قرأ يلقاه فيدل عليه قوله و يلقون فيها تحية و سلاما .

اللغة

الإنسان يقع على المذكر و المؤنث فإذا أردت الفصل قلت رجل و امرأة مثل ذلك فرس يقع على المذكر و المؤنث فإذا أردت الفصل قلت حصان و حجر و في الهماليج برذون و رمكة و كل بعير يقع على المذكر و المؤنث فإذا فصلت قلت جمل و ناقة و اشتقاق الإنسان من الإنس أو الأنس و هو فعلان عند البصريين و قال الكوفيون هو من النسيان و أصله إنسيان حذفت الياء منه استخفافا و احتجوا على ذلك بقول العرب في تصغيره إنيسيان و هذه الياء عند البصريين زائدة و هو من التصغير الشاذ عندهم مثل عشيشة و مغيربان الشمس و لييلية و أشباه ذلك و الطائر هاهنا عمل الإنسان شبه بالطائر الذي يسنح و يتبرك به و الطائر الذي يبرح
مجمع البيان ج : 6 ص : 621
فيتشاءم به و السانح الذي يجعل ميامنه إلى مياسرك و البارح الذي يجعل مياسره إلى ميامنك و الأصل في هذا أنه إذا كان سانحا أمكن الرامي و إذا كان بارحا لم يمكنه قال أبو زيد : كل ما يجري من طائر أو ظبي أو غيره فهو عندهم طائر و أنشد لكثير :
فلست بناسيها و لست بتارك
إذا أعرض الأدم الجواري سؤالها
أ أدرك من أم الحكيم غبيطة
بها خبرتني الطير أم قد أتى لها يخبر في البيت الأخير أن الذي زجره طائر و أنشد لزهير في ذلك :
فلما أن تفرق آل ليلى
جرت بيني و بينهم ظبا
جرت سنحا فقلت لها مروعا
نوى مشمولة فمتى اللقاء و قال و قولهم سألت الطير و قلت للطير إنما هو زجرتها من خير أو شر و يقوي ما ذكره قول الكميت :
و لا أنا ممن يزجر الطير ، همه :
أصاح غراب أم تعرض ثعلب و أنشد لحسان بن ثابت :
ذريني و علمي بالأمور و شيمتي
فما طائري فيها عليك بأخيلا أي ليس رأيي بمشئوم و أنشد لكثير :
أقول إذا ما الطير مرت مخيلة
لعلك يوما فانتظر أن تنالها و إنما قال « طائره في عنقه » و لم يقل في يده لينبه على لزوم ذلك له و تعلقه به كما يقال طوقتك كذا أي قلدتك كذا و ألزمته إياك و منه قلده السلطان كذا أي صارت الولاية في لزومها له في موضع القلادة و مكان الطوق قال الأعشى :
مجمع البيان ج : 6 ص : 622

قلدتك الشعر يا سلامة ذا الإفضال
و الشعر حيث ما جعلا و قال الآخر :
إن لي حاجة إليك فقالت
بين أذني و عاتقي ما تريد و العرب تقيم هذا العضو مقام الذات فتقول أعتقت رقبة و طوقت عنقي أمانة و لذلك قال أبو حنيفة : إذا قال الإنسان عنقك أو رقبتك حر عتق لأنه يعبر بذلك عن جميع البدن و لو قال يدك أو شعرك حر لا يعتق لأنه لا يعبر بذلك عن جميع البدن و قال الشافعي : هما سواء يعتق في الحالين .

الإعراب

موضع بنفسك رفع لأنه فاعل كفى و حسيبا نصب على التمييز له و قال أبو بكر السراج : المعنى كفى الاكتفاء بنفسك فالفاعل على هذا محذوف و الجار و المجرور في موضع النصب على أصله و حسيبا نصب على الحال من كفى .

المعنى

لما قدم سبحانه ذكر الوعيد أتبع ذلك بذكر كيفيته فقال « و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه » معناه و ألزمنا كل إنسان عمله من خير أو شر في عنقه عن ابن عباس و مجاهد و قتادة يريد جعلناه كالطوق في عنقه فلا يفارقه و إنما قيل للعمل طائرا على عادة العرب في قولهم جرى طائره بكذا و مثله قوله سبحانه « قالوا طائركم معكم » و قوله « إنما طائرهم عند الله » و قيل طائره يمنه و شؤمه عن الحسن و هو ما يتطير منه و قيل طائره حظه من الخير و الشر عن أبي عبدة و القتيبي و خص العنق لأنه محل الطوق الذي يزين المحسن و الغسل الذي يشين المسيء و قيل طائره كتابه و قيل معناه جعلنا لكل إنسان دليلا من نفسه لأن الطائر عندهم يستدل به على الأمور الكائنة فيكون معناه كل إنسان دليل نفسه و شاهد عليها إن كان محسنا فطائره ميمون و إن ساء فطائره مشئوم « و نخرج له يوم القيامة كتابا » و هو ما كتبه الحفظة عليهم من أعمالهم « يلقاه » أي يرى ذلك الكتاب « منشورا » أي مفتوحا معروضا عليه ليقرأه و يعلم ما فيه و الهاء في له يجوز أن تكون عائدة إلى الإنسان و يجوز أن تكون عائدة إلى العمل « اقرأ كتابك » فهاهنا حذف أي و يقال له اقرأ كتابك قال قتادة يقرأ يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا و روى جابر بن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال يذكر العبد جميع أعماله و ما كتب عليه حتى كأنه فعله تلك الساعة فلذلك قالوا يا ويلتنا ما ل هذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها « كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا » أي محاسبا و إنما جعله محاسبا لنفسه لأنه إذا رأى أعماله يوم القيامة كلها مكتوبة و رأى جزاء
مجمع البيان ج : 6 ص : 623
أعماله مكتوبا بالعدل لم ينقص عن ثوابه شيء و لم يزد على عقابه شيء أذعن عند ذلك و خضع و تضرع و اعترف و لم يتهيأ له حجة و لا إنكار و ظهر لأهل المحشر أنه لا يظلم قال الحسن : يا ابن آدم لقد أنصفك من جعلك حسيب نفسك « من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه » أي من اهتدى في الدنيا إلى دين الله و طاعته فمنفعة اهتدائه راجعة إليه « و من ضل فإنما يضل عليها » أي و من ضل عن الدين فضرر ضلاله راجع إلى نفسه و عقوبة ضلاله على نفسه « و لا تزر وازرة وزر أخرى » أي لا تحمل حاملة حمل أخرى أي ثقل ذنوب غيرها و لا يعاقب أحد بذنوب غيره و روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال لا تحن يمينك على شمالك و هذا مثل ضربه (عليه السلام) و في هذا دلالة واضحة على بطلان قول من يقول أن أطفال الكفار يعذبون مع آبائهم في النار « و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا » معناه و ما كنا معذبين قوما بعذاب الاستئصال إلا بعد الأعذار إليهم و الإنذار لهم بأبلغ الوجوه و هو إرسال الرسل إليهم مظاهرة في العدل و إن كان يجوز مؤاخذتهم على ما يتعلق بالعقل معجلا فعلى هذا التأويل تكون الآية عامة في العقليات و الشرعيات و قال الأكثرون من المفسرين و هو الأصح أن المراد بالآية أنه لا يعذب سبحانه في الدنيا و لا في الآخرة إلا بعد البعثة فتكون الآية خاصة فيما يتعلق بالسمع من الشرعيات فأما ما كانت الحجة فيه من جهة العقل و هو الإيمان بالله تعالى فإنه يجوز العقاب بتركه و إن لم يبعث الرسول عند من قال إن التكليف العقلي ينفك من التكليف السمعي على أن المحققين منهم يقولون أنه و إن جاز التعذيب عليه قبل بعثة الرسول فإنه سبحانه لا يفعل ذلك مبالغة في الكرم و الفضل و الإحسان و الطول فقد حصل من هذا أنه سبحانه لا يعاقب أحدا حتى ينفذ إليهم الرسل المنبهين إلى الحق الهادين إلى الرشد استظهارا في الحجة لأنه إذا اجتمع داعي العقل و داعي السمع تأكد الأمر و زال الريب فيما يلزم العبد و قد أخبر سبحانه في هذه الآية عن ذلك و هذا لا يدل على أنه لو لم يبعث رسولا لم يحسن منه أن يعاقب إذا ارتكب القبائح العقلية إلا أن يفرض في بعثة الرسول لطفا فإن عند ذلك لا يحسن منه سبحانه أن يعاقب أحدا إلا بعد أن يوجه إليه مما هو لطف له فيزاح بذلك علته .

مجمع البيان ج : 6 ص : 624
وَ إِذَا أَرَدْنَا أَن نهْلِك قَرْيَةً أَمَرْنَا مُترَفِيهَا فَفَسقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَهَا تَدْمِيراً(16) وَ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوح وَ كَفَى بِرَبِّك بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَا بَصِيراً(17) مَّن كانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصلَاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً(18) وَ مَنْ أَرَادَ الاَخِرَةَ وَ سعَى لهََا سعْيَهَا وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئك كانَ سعْيُهُم مَّشكُوراً(19) ُكلاً نُّمِدُّ هَؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّك وَ مَا كانَ عَطاءُ رَبِّك محْظوراً(20) انظرْ كَيْف فَضلْنَا بَعْضهُمْ عَلى بَعْض وَ لَلاَخِرَةُ أَكْبرُ دَرَجَت وَ أَكْبرُ تَفْضِيلاً(21) لا تجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً ءَاخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مخْذُولاً(22)

القراءة

القراءة العامة « أمرنا » بالتخفيف غير ممدود و قرأ يعقوب آمرنا بالمد و هو قراءة علي بن أبي طالب (عليه السلام) و الحسن و أبي العالية و قتادة و جماعة و قرأ أمرنا بالتشديد للميم ابن عباس و أبو عثمان النهدي و أبو جعفر محمد بن علي بخلاف و قرأ أمرنا بكسر الميم بوزن عمرنا الحسن و يحيى بن يعمر .

الحجة

قال أبو عبيدة : أمرنا أكثرنا من قولهم أمر بنو فلان أي كثروا و أنشد للبيد :
إن يغبطوا يهبطوا و إن أمروا
يوما يصيروا للهلك و النفد قال أبو علي لا يخلو قوله « أمرنا » مخففة الهمزة من أن يكون فعلنا من الأمر أو من أمر القوم و أمرتهم مثل شترت عينه و شترتها و رجع و رجعته و سار و سرته فمن لم ير أن يكون أمرنا من أمر القوم إذا كثروا كما حكى ذلك يونس عن أبي عمرو فإنه ينبغي أن يكون من الأمر الذي هو خلاف النهي و يكون المعنى أمرناهم بالطاعة فعصوا و فسقوا و من قرأ آمرنا فإنه يكون أفعلنا من أمر القوم إذا كثروا و أمرهم الله و كذلك إن ضاعف العين فقال أمرنا و يقوي حمل أمرنا على النقل من أمر و أن لا يجعل من الأمر الذي هو خلاف النهي أن الأمر بالطاعة على هذا يكون مقصورا على المترفين فقد أمر الله بطاعته جميع خلقه من مترف و غيره و يحمل
مجمع البيان ج : 6 ص : 625
أمرنا على أنه مثل أمرنا و نظير هذا كثر و أكثره الله و كثره و لا يحمل أمرنا على أن المعنى جعلناهم أمراء لأنه لا يكاد يكون في قرية واحدة جماعة أمراء فإن قلت يكون منهم الواحد بعد الواحد فإنهم إذا كانوا كذلك لا يكثرون في حال و إنما يهلك بكثرة المعاصي في الأرض و على هذا جاء الأمر في التنزيل يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون فأمرنا بالخروج من الأرض التي تكثر فيها المعاصي إلى ما كان بخلاف هذه الصفة و مما جاء فيه أمر بمعنى الكثرة قول زهير :
و الإثم من شر ما يصال به
و البر كالغيث نبته أمر و أما أمرنا فقد روى ابن جني بإسناده عن أبي حاتم قال : قال أبو زيد : يقال أمر الله ماله و آمره و من قال إن أمرنا لا يكون بمعنى أكثرنا قال في قوله ( خير المال سكة مأبورة و مهرة مأمورة ) إن معنى مأمورة مؤمرة فإنما قال هذه لمكان الإزدواج كما قالوا الغدايا و العشايا و الغداة لا تجمع على الغدايا لكن قيل ذلك ليزدوج الكلام .

اللغة

الترفه النعمة قال ابن عرفة : المترف المتروك يصنع ما يشاء و لا يمنع منه و التدمير و الإهلاك و الدمار الهلاك و يقال ذممته و ذاميته و ذمته فهو مذموم و مذءوم و مذيم بمعنى و يكون ذامته بمعنى طردته و يقال اصنع ذاك و خلاك ذم أي و لا ذم عليك و الدحر الإبعاد و المدحور المبعد و المطرود يقال اللهم ادحر عنا الشيطان أي أبعده .

الإعراب

« كم أهلكنا » موضع كم نصب بأهلكنا و دخلت الباء في قولك بربك للمدح كما تقول ناهيك به رجلا و جاد بثوبك ثوبا و طاب بطعامك طعاما و أكرم به رجلا و يكون في كل ذلك في موضع رفع كما قال الشاعر :
و يخبرني عن غائب المرء هديه
كفى الهدي عما غيب المرء مخبر فرفع لما أسقط الباء و يصليها في موضع نصب على الحال لمن نريد بدل من قوله « عجلنا له فيها ما نشاء » و أعاد اللام لما كان البدل في تقدير جملة أخرى كقوله « لمن آمن منهم » و مذموما حال من الضمير المستكن في يصليها « كلا نمد » نصب كلا بنمد و هؤلاء
مجمع البيان ج : 6 ص : 626
بدل من قوله « كلا » أي نمد كل واحد من هؤلاء و هؤلاء .

المعنى

« و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها » لما لم يجز في العقول تقديم إرادة العذاب على المعصية لأنه عقوبة عليها و يستحقه لأجلها فمتى لم توجد المعصية لم يحسن فعل العقاب و إذا لم يحسن فعله لم تحسن إرادته اختلفوا في تأويل الآية و تقديرها على وجوه ( أحدها ) إن معناه و إذا أردنا أن نهلك أهل قرية بعد قيام الحجة عليهم و إرسال الرسل إليهم أمرنا مترفيها أي رؤساءها و ساداتها بالطاعة و اتباع الرسل أمرا بعد أمر نكرره عليهم و بينة بعد بينة نأتيهم بها إعذارا للعصاة و إنذارا لهم و توكيدا للحجة ففسقوا فيها بالمعاصي و أبوا إلا تماديا في العصيان و الكفران « فحق عليها القول » أي فوجب حينئذ عليها الوعيد « فدمرناها تدميرا » أي أهلكناها إهلاكا و إنما خص المترفين و هم المنعمون و الرؤساء بالذكر لأن غيرهم تبع لهم فيكون الأمر لهم أمرا لأتباعهم و على هذا فيكون قوله « أمرنا مترفيها » جوابا لإذا و إليه يؤول ما روي عن ابن عباس و سعيد بن جبير أن معناه أمرناهم بالطاعة فعصوا و فسقوا و مثله أمرتك فعصيتني و يشهد بصحة هذا التأويل الآية المتقدمة و هي قوله « من اهتدى » فإنما يهتدي لنفسه إلى قوله « و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا » ( و ثانيها ) إن قوله « أمرنا مترفيها » من صفة القرية و تقديره و إذا أردنا أن نهلك قرية صفتها أنا كنا قد أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فلا يكون لإذا جواب ظاهر في اللفظ للاستغناء عنه بما في الكلام من الدلالة عليه و نظيره قوله سبحانه « حتى إذا جاءوها و فتحت أبوابها » إلى قوله « فنعم أجر العاملين » فلم يأت لإذا جواب في طول الكلام للاستغناء عنه بما في الكلام من الدلالة و مما يشهد بصحة ذلك قول الهذلي :
حتى إذا سلكوهم في قتائدة
شلا كما تطرد الجمالة الشردا فحذف جواب إذا لأن هذا البيت آخر القصيدة ( و ثالثها ) إن الآية محمولة على التقديم و التأخير و تقديرها إذا أمرنا مترفي قرية بالطاعة فعصوا أردنا إهلاكهم و مما يمكن أن يكون شاهدا لهذا الوجه قوله « و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك » و قيام الطائفة معه يكون قبل إقامة الصلاة لأن إقامتها هي الإتيان بجميعها على الكمال و كذلك قوله « إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم » و الطهارة إنما تجب قبل
مجمع البيان ج : 6 ص : 627
القيام إلى الصلاة ( و رابعها ) أنه سبحانه ذكر الإرادة على وجه المجاز و الاتساع و إنما عنى بها قرب الهلاك و العلم بكونه لا محالة كما يقال إذا أراد العليل أن يموت خلط في مأكله و يسرع إلى ما تتوق نفسه إليه و إذا أراد التاجر أن يفتقر أتاه الخسران من كل وجه و معلوم أن العليل و التاجر لم يريدا في الحقيقة شيئا لكن لما كان من المعلوم من حال هذا الهلاك و من حال ذلك الخسران حسن هذا الكلام و استعمل ذكر الإرادة لهذا الوجه و لكلام العرب إشارات و استعارات و مجازات لأجلها كان كلامهم في الغاية القصوى من الفصاحة و الوجه الأول عندي أصح الوجوه و أقربها إلى الصواب إذا تأولت الآية على الأمر الذي هو ضد النهي إذا تأولت الآية على معنى القراءتين الأخيرتين من آمرنا بالمد و أمرنا بالتشديد فلن يخرج على هذا الوجه و تكون محمولة على أحد الأوجه الثلاثة الأخر ثم بين سبحانه ما فعله من ذلك بالقرون الخالية فقال « و كم أهلكنا من القرون » أي من الأمم الكثيرة المكذبة « من بعد نوح » أي من بعد زمان نوح إلى زمانك هذا لأن كم تفيد التكثير كما أن رب تفيد التقليل و القرن مائة و عشرون سنة عن عبد الله بن أبي أوفى و قيل مائة سنة عن محمد بن القسم المازني و روي ذلك مرفوعا و قيل ثمانون سنة عن الكلبي و قيل أربعون سنة و رواه ابن سيرين مرفوعا « و كفى بربك بذنوب عباده خبيرا » أي كفى ربك عالما بذنوب خلقه « بصيرا » بها يجازيهم عليها و لا يفوته شيء منها ثم بين سبحانه أنه يدبر عباده بحسب ما يراه من المصلحة فقال « من كان يريد العاجلة » أي النعم العاجلة و هي الدنيا فعبر عنها بصفتها « عجلنا له فيها ما نشاء » من البسط و التقتير و علق ذلك بمشيئته لا بمشيئة العبد فقد يشاء العبد ما لا يشاؤه الله فلا يعطيه لكونه مفسدة « لمن نريد » أي لمن نريد إعطاءه بين بذلك أنه ربما يكون حريصا يريد الدنيا فلا يعطي و إن أعطي أعطي قليلا « ثم جعلنا له جهنم يصليها » أي يصير بصلاها و يحترق بنارها « مذموما » ملوما « مدحورا » مبعدا من رحمة الله و روي عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال معنى الآية من كان يريد ثواب الدنيا بعمله الذي افترضه الله عليه لا يريد به وجه الله و الدار الآخرة عجل له فيها ما يشاء الله من عرض الدنيا و ليس له ثواب في الآخرة و ذلك أن الله سبحانه و تعالى يؤتيه ذلك ليستعين به على الطاعة فيستعمله في معصية الله فيعاقبه الله عليه « و من أراد الآخرة » أي و من أراد خير الآخرة و نعيم الجنة « و سعى لها سعيها و هو مؤمن » أي فعل الطاعات و تجنب المعاصي و هو مع ذلك مصدق بتوحيد الله مقر بأنبيائه « فأولئك كان سعيهم مشكورا » أي تكون طاعتهم مقبولة و قيل شكره أنه سبحانه يضاعف حسناتهم و يتجاوز عن سيئاتهم عن قتادة و المعنى أنا أحللنا سعيهم محل ما يشكر عليه في حسن الجزاء و روي عن الحسن أنه
 

Back Index Next