جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج7 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>


مجمع البيان ج : 7 ص : 214
لا يجوز أن تطلعوا عليه « حتى يؤذن لكم » أي حتى يأذن لكم أرباب البيوت في ذلك بين الله سبحانه بهذا أنه لا يجوز دخول دار الغير بغير إذنه و إن لم يكن صاحبها فيها و لا يجوز أن يتطلع إلى المنزل ليرى من فيه فيستأذنه إذا كان الباب مغلقا لقوله (عليه السلام) إنما جعل الاستيذان لأجل النظر و إلا أن يكون الباب مفتوحا لأن صاحبه بالفتح أباح النظر « و إن قيل لكم ارجعوا فارجعوا » أي فانصرفوا و لا تلجوا عليهم و ذلك بأن يأمروكم بالانصراف صريحا أو يوجد منهم ما يدل عليه « هو أزكى لكم » معناه أن الانصراف أنفع لكم في دينكم و دنياكم و أطهر لقلوبكم و أقرب إلى أن تصيروا أزكياء « و الله بما تعملون عليم » أي عالم بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها ثم قال سبحانه « ليس عليكم جناح » أي حرج و إثم « أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة » يعني بغير استئذان « فيها متاع لكم » قيل في معنى هذه البيوت أقوال ( أحدها ) أنها الحانات و الحمامات و الأرحية عن الصادق (عليه السلام) و عن محمد بن الحنفية و قتادة و يكون معنى متاع لكم أي استمتاع لكم ( الثاني ) إنها الخرابات المعطلة و يدخلها الإنسان لقضاء الحاجة عن عطا ( و الثالث ) أنها الحوانيت و بيوت التجار التي فيها أمتعة الناس عن ابن زيد قال الشعبي و إذنهم أنهم جاءوا ببيوعهم فجعلوها فيها و قالوا للناس علموا ( و الرابع ) أنها مناخات الناس في أسفارهم يرتفقون بها عن مجاهد و الأولى حمله على الجميع « و الله يعلم ما تبدون و ما تكتمون » لا يخفى عليه شيء من ذلك .

النظم

وجه اتصال الآية بما قبلها أنه سبحانه لما عظم شأن الزنا و القذف أكد ذلك بالنهي عن دخول بيوت الناس إلا بعد الاستئذان و الاستئناس ليكونوا أبعد من التهمة و أقرب إلى العصمة من السيئة .

مجمع البيان ج : 7 ص : 215
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضوا مِنْ أَبْصرِهِمْ وَ يحْفَظوا فُرُوجَهُمْ ذَلِك أَزْكى لهَُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرُ بِمَا يَصنَعُونَ(30) وَ قُل لِّلْمُؤْمِنَتِ يَغْضضنَ مِنْ أَبْصرِهِنَّ وَ يحْفَظنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظهَرَ مِنْهَا وَ لْيَضرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبهِنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَائهِنَّ أَوْ ءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَنِهِنَّ أَوْ بَنى إِخْوَنِهِنَّ أَوْ بَنى أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسائهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَت أَيْمَنُهُنَّ أَوِ التَّبِعِينَ غَيرِ أُولى الارْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظهَرُوا عَلى عَوْرَتِ النِّساءِ وَ لا يَضرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَ تُوبُوا إِلى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكمْ تُفْلِحُونَ(31)

القراءة

قرأ أبو جعفر و ابن عامر و أبو بكر غير أولي الأربة بالنصب و الباقون بالجر و قرأ ابن عامر أيه المؤمنين و يا أيه الساحر و أيه الثقلان بضم الهاء و الباقون بفتحها .

الحجة

قال أبو علي غير فيمن جر صفة للتابعين و المعنى لا يبدين زينتهن إلا للتابعين الذين لا إربة لهم في النساء و الإربة الحاجة لأنهم في أنهم لا إربة لهم كالأطفال الذين لم يظهروا على عورات النساء أي لم يقووا عليها و منه قوله « فأصبحوا ظاهرين » و جاز وصف التابعين بغير لأنهم غير مقصودين بأعيانهم فأجري لذلك مجرى النكرة و قد قيل إن التابعين جاز أن يوصفوا بغير في هذا لقصر الوصف على شيء بعينه فإذا قصر على شيء بعينه زال الشياع عنه فاختص فالتابعون ضربان ذو إربة و غير ذي إربة و ليس ثالث و إذا كان كذلك جاز لاختصاصه أن يجري وصفا على المعرفة و على هذا الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و كذلك لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر لأن المسلمين و غيرهم لا يخلو من أن يكونوا أصحاء أو زمنى فإذا وصفوا بأحد الشيئين زال الشياع فساغ الوصف به لذلك و من نصب غير احتمل ضربين أحدهما ) أن يكون استثناء و التقدير لا يبدين زينتهن إلا للتابعين إلا ذا الإربة منهم فإنهم لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا إربة ( و الآخر ) أن يكون حالا و المعنى أو الذين يتبعونهن عاجزين عنهن و ذو الحال ما في التابعين من الذكر و قال الوقف على يا أيها و أيها بالألف لأنهما إنما أسقطت لسكونها و سكون لام المعرفة فإذا وقف عليها زال التقاء الساكنين و ظهرت الألف فأما ضم الهاء في قراءة ابن عامر فلا يتجه لأن آخر الاسم هو الياء الثانية من أي فينبغي أن يكون المضموم آخر الاسم و لو جاز
مجمع البيان ج : 7 ص : 216
أن يضم هذا من حيث كان مضموما إلى الكلمة لجاز أن يضم الميم من اللهم لأنه آخر الكلمة و وجه الإشكال و الشبهة في ذلك أنه وجد هذا الحرف قد صار في بعض المواضع التي يدخل فيها بمنزلة ما هو من نفس الكلمة نحو مررت بهذا الرجل و غلام هذه المرأة فلما وجدها في أوائل المبهمة كذلك جعلها في الآخر أيضا بمنزلة شيء من نفس الكلمة و استجاز حذف الألف اللاحق للحرف لما رآه قد حذف في قولهم هلم فأجري عليه الإعراب لما كان كالشيء الذي من نفس الكلمة فإن قلت فإنه قد حرك الياء التي قبلها بالضم في يا أيها الرجل فإنه يجوز أن نقول حركة أي في هذه المواضع كحركات الاتباع في نحو امرىء و امرؤ فهذا وجه شبهته .

اللغة

أصل الغض النقصان يقال غض من صوته و من بصره أي نقص و منه حديث عمرو بن العاص لما مات عبد الرحمن بن عوف هنيئا لك خرجت من الدنيا ببطنتك لم تتغضغض منها بشيء يقال غضغضت الشيء فتغضغض إذا نقص و الإربة فعلة من الإرب كالمشية و الجلسة و في الحديث إن رجلا اعترض النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليسأله فصاحوا به فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) دعوا الرجل أرب ماله قال ابن الأعرابي أي احتاج فسأل ما له و قيل معناه حاجة جاءت به فدعوه و ما مزيدة عن الأزهري .

الإعراب

« يغضوا من أبصارهم » مجزوم لأنه جواب شرط مقدر و التقدير قل للمؤمنين غضوا من أبصاركم فإنك إن تقل لهم يغضوا و يجوز أن يكون مجزوما على تقدير ليغضوا من أبصارهم و مثل ذلك قوله « يغضضن » و إن لم يظهر فيه الإعراب لكونه مبنيا و ما ظهر في موضع نصب على البدل من « زينتهن » و قوله « منها » من هنا للتبيين و الجار و المجرور مع المحذوف في موضع نصب على الحال .

المعنى

ثم بين سبحانه ما يحل من النظر و ما لا يحل منه فقال « قل » يا محمد « للمؤمنين يغضوا من أبصارهم » عما لا يحل لهم النظر إليه « و يحفظوا فروجهم » عمن لا يحل لهم و عن الفواحش و قيل إن من مزيدة و تقديره يغضوا أبصارهم عن عورات النساء و قيل إنها للتبعيض لأن غض البصر إنما يجب في بعض المواضع عن أبي مسلم و المعنى ينقصوا من نظرهم فلا ينظروا إلى ما حرم و قيل إنها لابتداء الغاية و قال ابن زيد كل موضع في القرآن ذكر فيه حفظ الفروج فهو عن الزنا إلا في هذا الموضع فإن المراد به الستر حتى لا
مجمع البيان ج : 7 ص : 217
ينظر إليها أحد و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال فلا يحل للرجل أن ينظر إلى فرج أخيه و لا يحل للمرأة أن تنظر إلى فرج أختها « ذلك أزكى لهم » أي أنفع لدينهم و دنياهم و أطهر لهم و أنفى للتهمة و أقرب إلى التقوى « إن الله خبير » أي عليم « بما يصنعون » أي بما يعملونه أي على أي وجه يعملونه « و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن » أمر النساء بمثل ما أمر به الرجال من غض البصر و حفظ الفرج « و لا يبدين زينتهن » أي لا يظهرن مواضع الزينة لغير محرم و من هو في حكمه و لم يرد نفس الزينة لأن ذلك يحل النظر إليه بل المراد مواضع الزينة و قيل الزينة زينتان ظاهرة و باطنة فالظاهرة لا يجب سترها و لا يحرم النظر إليها لقوله « إلا ما ظهر منها » و فيها ثلاثة أقاويل ( أحدها ) إن الظاهرة الثياب و الباطنة الخلخالان و القرطان و السواران عن ابن مسعود ( و ثانيها ) إن الظاهرة الكحل و الخاتم و الخدان و الخضاب في الكف عن ابن عباس و الكحل و السوار و الخاتم عن قتادة ( و ثالثها ) إنها الوجه و الكفان عن الضحاك و عطا و الوجه و البنان عن الحسن و في تفسير علي بن إبراهيم الكفان و الأصابع « و ليضربن بخمرهن على جيوبهن » و الخمر المقانع جمع خمار و هو غطاء رأس المرأة المنسدل على جيبها أمرن بإلقاء المقانع على صدورهن تغطية لنحورهن فقد قيل إنهن كن يلقين مقانعهن على ظهورهن فتبدو صدورهن و كنى عن الصدور بالجيوب لأنها ملبوسة عليها و قيل إنهن أمرن بذلك ليسترن شعورهن و قرطهن و أعناقهن قال ابن عباس تغطي شعرها و صدرها و ترائبها و سوالفها « و لا يبدين زينتهن » يعني الزينة الباطنة التي لا يجوز كشفها في الصلاة و قيل معناه لا يضعن الجلباب و الخمار عن ابن عباس « إلا لبعولتهن » أي لأزواجهن يبدين مواضع زينتهن لهم استدعاء لميلهم و تحريكا لشهوتهم فقد روي أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) لعن السلتاء من النساء و المرهاء فالسلتاء التي لا تخضب و المرهاء التي لا تكتحل و لعن المسوفة و المفسلة فالمسوفة التي إذا دعاها زوجها إلى المباشرة قالت سوف أفعل و المفسلة هي التي إذا دعاها قالت أنا حائض و هي غير حائض « أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن » و هؤلاء الذين يحرم عليهم نكاحهن فهم ذوو محارم لهن بالأسباب و الأنساب و يدخل أجداد البعولة فيه و إن علوا و أحفادهم و إن سفلوا يجوز إبداء الزينة لهم من غير استدعاء لشهوتهم و يجوز لهم تعمد النظر من غير تلذذ « أو نسائهن » يعني النساء المؤمنات و لا يحل لهن أن يتجردن ليهودية أو نصرانية أو مجوسية إلا إذا كانت أمة و هو معنى قوله « أو ما ملكت أيمانهن » أي من الإماء عن ابن جريج و مجاهد و الحسن و سعيد بن المسيب قالوا و لا يحل للعبد أن ينظر إلى شعر مولاته و قيل معناه العبيد و الإماء و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) و قال الجبائي أراد مملوكا له لم يبلغ مبلغ الرجال « أو
مجمع البيان ج : 7 ص : 218
التابعين غير أولي الإربة من الرجال » اختلف في معناه فقيل التابع الذي يتبعك لينال من طعامك و لا حاجة له في النساء و هو الأبله المولى عليه عن ابن عباس و قتادة و سعيد بن جبير و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) و قيل هو العنين الذي لا إرب له في النساء لعجزه عن عكرمة و الشعبي و قيل إنه الخصي المجبوب الذي لا رغبة له في النساء عن الشافعي و لم يسبق إلى هذا القول و قيل إنه الشيخ الهم لذهاب إربه عن يزيد بن أبي حبيب و قيل هو العبد الصغير عن أبي حنيفة و أصحابه « أو الطفل » أي الجماعة من الأطفال « الذين لم يظهروا على عورات النساء » يريد به الصبيان الذين لم يعرفوا عورات النساء و لم يقووا عليها لعدم شهوتهم و قيل لم يطيقوا مجامعة النساء فإذا بلغوا مبلغ الشهوة فحكمهم حكم الرجال « و لا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن » قال قتادة كانت المرأة تضرب برجلها لتسمع قعقعة الخلخال فيها فنهاهن عن ذلك و قيل معناه لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت ليتبين خلخالها أو يسمع صوته عن ابن عباس « و توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون » أي تفوزون بثواب الجنة و في الحديث أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال أيها الناس توبوا إلى ربكم فإني أتوب إلى الله في كل يوم مائة مرة أورده مسلم في الصحيح و المراد بالتوبة الانقطاع إلى الله تعالى .

مجمع البيان ج : 7 ص : 219
وَ أَنكِحُوا الأَيَمَى مِنكمْ وَ الصلِحِينَ مِنْ عِبَادِكمْ وَ إِمَائكمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ وَ اللَّهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ(32) وَ لْيَستَعْفِفِ الَّذِينَ لا يجِدُونَ نِكاحاً حَتى يُغْنِيهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ وَ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَب مِمَّا مَلَكَت أَيْمَنُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيراً وَ ءَاتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِى ءَاتَاكُمْ وَ لا تُكْرِهُوا فَتَيَتِكُمْ عَلى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تحَصناً لِّتَبْتَغُوا عَرَض الحَْيَوةِ الدُّنْيَا وَ مَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(33) وَ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكمْ ءَايَت مُّبَيِّنَت وَ مَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكمْ وَ مَوْعِظةً لِّلْمُتَّقِينَ(34)

القراءة

في الشواذ قراءة ابن عباس و سعيد بن جبير من بعد إكراههن لهن غفور رحيم و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) .

الحجة

اللام في هن متعلقة بغفور أي غفور لهن .

اللغة

الأيامى جمع أيم و هي المرأة التي لا زوج لها سواء كانت بكرا أو ثيبا و يقال للرجل الذي لا زوجة له أيم أيضا قال جميل :
أحب الأيامى إذ بثينة أيم
و أحببت لما أن غنيت الغوانيا و قال الشاعر :
فإن تنكحي أنكح و إن تتأيمي
يدا الدهر ما لم تنكحي أتايم و الفعل منه آمت المرأة تئيم أيمة و أيوما و الإنكاح التزويج يقال نكح إذا تزوج و أنكح غيره إذا زوجه و الاستعفاف و التعفف سواء و هو طلب العفة و استعمالها و يقال رجل عف و امرأة عفة و الكتاب و المكاتبة أن يكاتب الرجل مملوكه على مال يؤديه إليه فإذا أداه عتق و أصله من الجمع و كل شيء جمعته إلى شيء فقد كتبته و منه الكتاب لتداني بعض حروفه إلى بعض و هنا قد جمع العبد نجوم المال و قيل جمع ماله إلى مال السيد .

الإعراب

أحد مفعولي « أنكحوا » محذوف تقديره و أنكحوا رجالكم الأيامى من نسائكم أو نساءكم الأيامى من رجالكم و أنكحوا الصالحين من عبادكم إماءكم الصالحات أو الصالحات من إمائكم عبادكم الصالحين لأن الأيامى يشتمل على الرجال و النساء و الصالحين يشتمل عليهما أيضا و قوله « منكم » و « من عبادكم و إمائكم » الجار و المجرور في موضع نصب على الحال و من للتبيين و كل موضع يكون من مع معمولة و العامل فيه في محل النصب على الحال لا يكون إلا كذلك .

المعنى

ثم أمر سبحانه عباده بالنكاح و أغناهم عن السفاح فقال « و أنكحوا الأيامى منكم » و معناه زوجوا أيها المؤمنون من لا زوج له من أحرار رجالكم و نسائكم و هذا أمر ندب
مجمع البيان ج : 7 ص : 220
و استحباب و قد صح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال من أحب فطرتي فليستن بسنتي و من سنتي النكاح و قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) يا معشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء و روى عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير قال لقيني ابن عباس في حجة حجها فقال هل تزوجت قلت لا قال فتزوج قال و لقيني في العام المقبل فقال هل تزوجت قلت لا فقال اذهب فتزوج فإن خير هذه الأمة كان أكثرها نساء يعني النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و عن أبي هريرة قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد للقيت الله بزوجة سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول شراركم عزابكم و قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) من أدرك له ولد و عنده ما يزوجه فلم يزوجه فأحدث فالإثم بينهما و عن أبي أمامة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال أربع لعنهم الله من فوق عرشه و أمنت عليه ملائكته الذي يحصر نفسه فلا يتزوج و لا يتسرى لئلا يولد له و الرجل يتشبه بالنساء و قد خلقه الله ذكرا و المرأة تتشبه بالرجال و قد خلقها الله أنثى و مضلل الناس يريد الذي يهزأ بهم يقول للمسكين هلم أعطك فإذا جاء يقول ليس معي شيء و يقول للمكفوف اتق الدابة و ليس بين يديه شيء و الرجل يسأل عن دار القوم فيضلله « و الصالحين من عبادكم و إمائكم » أي و زوجوا المستورين من عبيدكم و ولائدكم و قيل إن معنى الصلاح هاهنا الإيمان عن مقاتل ثم رجع إلى الأحرار فقال « إن يكونوا فقراء » لا سعة لهم للتزويج « يغنهم الله من فضله » وعدهم سبحانه أن يوسع عليهم عند التزويج « و الله واسع » المقدور كثير الفضل « عليم » بأحوالهم و ما يصلحهم فيعطيهم على قدر ذلك و قال أبو عبد الله (عليه السلام) من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بربه لقوله سبحانه « إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله » « و ليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله » هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد السبيل إلى أن يتزوج بأن لا يجد المهر و النفقة أن يتعفف و لا يدخل في الفاحشة و يصبر حتى يوسع الله عليه من رزقه ثم بين سبحانه ما يسهل سبيل النكاح فقال « و الذين يبتغون الكتاب » أي يطلبون المكاتبة « مما ملكت أيمانكم » من العبيد و الإماء « فكاتبوهم » و المكاتبة أن يكاتب الإنسان عبده على مال ينجمه عليه ليؤديه إليه في هذه النجوم المعلومة و هذا أمر ندب و استحباب و ترغيب عند جميع الفقهاء و قيل أنه أمر حتم و إيجاب إذا طلبه العبد و علم فيه الخير عن عطا و عمر بن دينار و الطبري « إن علمتم فيهم خيرا » أي صلاحا و رشدا عن ابن عباس و روي عنه أيضا
مجمع البيان ج : 7 ص : 221
إن علمتم فيهم قدرة على الاكتساب لأداء مال الكتابة و رغبة فيه و أمانة و هو قول ابن عمر و ابن زيد و الثوري و الزجاج قال الحسن إن كان عنده مال فكاتبه و إلا فلا تعلق عليه صحيفة يغدو بها على الناس و يروح بها فيسألهم و روي أن عبدا لسلمان قال له كاتبني قال أ لك مال قال لا قال تطعمني أوساخ الناس فأبى عليه و قال قتادة يكره أن يكاتب العبد و يقول لا يكاتبه إلا يسأل الناس « و آتوهم من مال الله الذي آتاكم » أي حطوا عنهم من نجوم الكتابة شيئا عن ابن عباس و قتادة و عطا و قيل معناه ردوا عليهم يا معشر السادة من المال الذي أخذتم منهم شيئا و هو استحباب و قيل هو إيجاب و قال قوم من المفسرين أنه خطاب للمؤمنين بمعونتهم على تخليص رقابهم من الرق و من قال أنه خطاب للسادة اختلفوا في قدر ما يجب فقيل يتقدر بربع المال عن الثوري و روي ذلك عن علي (عليه السلام) و قيل ليس فيه تقدير بل يحط عنه شيء منه و هو الصحيح و قيل أنه يعطى سهمه من الصدقات في قوله و في الرقاب قال الحسن لو لا الكتابة لما جاز له أخذ الصدقة و قال أصحابنا أن المكاتبة ضربان مطلق و مشروط فالمشروط أن يقول لعبده في حال الكتابة متى عجزت عن أداء ثمنك كنت مردودا في الرق فإذا كان كذلك جاز له رده في الرق عند العجز و المطلق ينعتق منه عند العجز بحساب ما أدى من المال و يبقى مملوكا بحساب ما بقي عليه و يرث و يورث بحساب ما عتق « و لا تكرهوا فتياتكم » أي إمائكم و ولايدكم « على البغاء » أي على الزنا « إن أردن تحصنا » أي تعففا و تزويجا عن ابن عباس و إنما شرط إرادة التحصن لأن الإكراه لا يتصور إلا عند إرادة التحصن فإن لم ترد المرأة التحصن بغت بالطبع فهذه فائدة الشرط « لتبتغوا عرض الحياة الدنيا » أي من كسبهن و بيع أولادهن قيل أن عبد الله بن أبي كان له ست جوار يكرههن على الكسب بالزنا فلما نزل تحريم الزنا أتين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فشكون إليه فنزلت الآية « و من يكرههن » أي و من يجبرهن على الزنا من سادتهن « فإن الله من بعد إكراههن غفور » للمكرهات لا للمكره لأن الوزر عليه « رحيم » بهن « و لقد أنزلنا إليكم آيات مبينات » أي واضحات ظاهرات و من قرأ بفتح الباء فمعناه مفصلات بينهن الله و فصلهن « و مثلا من الذين خلوا من قبلكم » و أخبارا من الذين مضوا من قبلكم و قصصا لهم و شبها من حالهم بحالكم لتعتبروا بها « و موعظة للمتقين » أي و زجرا للمتقين عن المعاصي و خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بها .

مجمع البيان ج : 7 ص : 222
* اللَّهُ نُورُ السمَوَتِ وَ الأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشكَوة فِيهَا مِصبَاحٌ الْمِصبَاحُ فى زُجَاجَة الزُّجَاجَةُ كَأَنهَا كَوْكَبٌ دُرِّىُّ يُوقَدُ مِن شجَرَة مُّبَرَكة زَيْتُونَة لا شرْقِيَّة وَ لا غَرْبِيَّة يَكادُ زَيْتهَا يُضىءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسسهُ نَارٌ نُّورٌ عَلى نُور يهْدِى اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشاءُ وَ يَضرِب اللَّهُ الأَمْثَلَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكلِّ شىْء عَلِيمٌ(35) فى بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَ يُذْكرَ فِيهَا اسمُهُ يُسبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَ الاَصالِ(36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تجَرَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقَامِ الصلَوةِ وَ إِيتَاءِ الزَّكَوةِ يخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّب فِيهِ الْقُلُوب وَ الأَبْصرُ(37) لِيَجْزِيهُمُ اللَّهُ أَحْسنَ مَا عَمِلُوا وَ يَزِيدَهُم مِّن فَضلِهِ وَ اللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيرِ حِساب(38)

القراءة

قرأ أبو جعفر و ابن كثير و يعقوب كوكب دري مضمومة الدال مشددة الباء توقد بفتح التاء و الدال و تشديد القاف و قرأ أبو عمر و دريء مكسورة الدال ممدودة مهموزة توقد كما تقدم و قرأ الكسائي دريء مكسورة الدال ممدودة مهموزة توقد بضم التاء و التخفيف و الرفع و قرأ نافع و ابن عامر و حفص « دري » غير مهموزة « يوقد » بضم الياء و الرفع و قرأ أبو بكر و حمزة دريء مضمومة الدال مهموزة ممدودة توقد بضم التاء و تخفيف القاف و قرأ خلف « دري » مضمومة الدال غير مهموزة توقد بضم التاء و التخفيف و قرأ ابن عامر و أبو بكر يسبح له فيها بفتح الباء و الباقون بكسرها .

الحجة

قال أبو علي من قرأ « دري » يحتمل قوله أمرين ( أحدهما ) أن يكون نسبة إلى الدر لفرط صفائه و نوره و يجوز أن يكون فعيلا من الدريء فخففت الهمزة فانقلبت ياء كما تنقلب من النسيء و النبيء و من قال دريء كان فعيلا من الدرء مثل السكير و الفسيق و المعنى إن الخفاء اندفع عنه لتلألؤه في ظهوره فلم يخف كما يخفى السهى و نحوه و من قرأ دريء كان فعيلا من الدرء الذي هو الدفع و قد حكى سيبويه عن أبي الخطاب « كوكب دريء » من
مجمع البيان ج : 7 ص : 223
الصفات و من الأسماء المريق للعصفر و مما يمكن أن يكون على هذا البناء العلية أ لا تراه أنه من علا و منه السرية .
الأولى أن تكون فعلية و من قرأ توقد كان فاعله « المصباح » لأن المصباح هو الذي توقد قال امرؤ القيس :
سموت إليها و النجوم كأنها
مصابيح رهبان تشب لقفال و من قرأ « يوقد » كان فاعله « المصباح » أيضا و من قرأ توقد كان فاعله « الزجاجة » و المعنى على مصباح الزجاجة فحذف المضاف و أقام المضاف إليه مقامه فقال توقد فحمل الكلام على لفظ الزجاجة أو يريد بالزجاجة القنديل فقال توقد على لفظ الزجاجة و إن كان يريد القنديل و معنى توقد من شجرة أي من زيت شجرة فحذف المضاف يدلك على ذلك قوله « يكاد زيتها يضيء » و من قرأ يسبح له بفتح الباء أقام الجار و المجرور مقام الفاعل ثم فسر من يسبح فقال « رجال » أي يسبح له رجال فرفع رجالا بهذا المضمر الذي دل عليه قوله « يسبح » لأنه إذا قال يسبح دل على فاعل التسبيح و مثله قول الشاعر :
ليبك يزيد ضارع لخصومة
و مختبط مما تطيح الطوائح .

اللغة

المشكاة قيل أنها رومية معربة و قال الزجاج يجوز أن تكون عربية لأن في الكلام مثل لفظها شكوة و هي قربة صغيرة فعلى هذا تكون مفعلة منها و أصلها مشكوة فقلبت الواو ألفا لتحركها و انفتاح ما قبلها و المصباح السراج و أصله من البياض و الأصبح الأبيض .

الإعراب

قيل في تقدير قوله « نور السماوات » وجهان ( أحدهما ) أن يكون على حذف المضاف و تقديره ذو نور السماوات و الأرض على حد قوله أنه عمل غير صالح ( و الثاني ) أن يكون مصدرا وضع موضع اسم الفاعل كقوله « إن أصبح ماؤكم غورا » أي غائرا و كما قالت الخنساء :
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت
فإنما هي إقبال و إدبار و على هذا تكون الإضافة غير حقيقية و « السماوات » في تقدير النصب « فيها مصباح » جملة في موضع الجر لأنها صفة مشكاة « المصباح في زجاجة » جملة في موضع رفع بأنها صفة
مجمع البيان ج : 7 ص : 224
مصباح و العائد منها إليه لام العهد تقديره فيها مصباح ذلك المصباح في زجاجة أو هو في زجاجة « الزجاجة كأنها كوكب دري » الجملة في موضع جر بأنها صفة زجاجة و قوله « زيتونة » بدل من « شجرة » و الباقي صفة « نور » خبر مبتدإ محذوف أي هو نور على نور متعلق بمحذوف في موضع رفع بكونه صفة نور « في بيوت » يتعلق بمحذوف و في موضع جر بكونه صفة لمشكاة فانتقل الضمير من المحذوف إليه حيث سد مسده « بغير حساب » في موضع نصب بكونه صفة لمفعول محذوف و تقديره يرزق من يشاء رزقا بغير حساب أي غير محسوب .

المعنى

« الله نور السماوات و الأرض » اختلف في معناه على وجوه ( أحدها ) الله هادي أهل السماوات و الأرض إلى ما فيه من مصالحهم عن ابن عباس ( و الثاني ) الله منور السماوات و الأرض بالشمس و القمر و النجوم عن الحسن و أبي عالية و الضحاك ( و الثالث ) مزين السماوات بالملائكة مزين الأرض بالأنبياء و العلماء عن أبي بن كعب و إنما ورد النور في صفة الله تعالى لأن كل نفع و إحسان و إنعام منه و هذا كما يقال فلان رحمة و فلان عذاب إذا كثر فعل ذلك منه و على هذا قول الشاعر :
أ لم تر أنا نور قوم و إنما
يبين في الظلماء للناس نورها و إنما المعنى إنا نسعى فيما ينفعهم و منا خيرهم و كذا قول أبي طالب في مدح النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) :
و أبيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم
فهم عنده في نعمة و فواضل لم يعن بقوله أبيض بياض لونه و إنما أراد كثرة إفضاله و إحسانه و نفعه و الاهتداء به و لهذا المعنى سماه الله تعالى سراجا منيرا « مثل نوره » فيه وجوه ( أحدها ) أن المعنى مثل نور الله الذي هدى به المؤمنين و هو الإيمان في قلوبهم عن أبي بن كعب و الضحاك و كان أبي يقرأ مثل نور من آمن به ( و الثاني ) مثل نوره الذي هو القرآن في القلب عن ابن عباس و الحسن و زيد بن أسلم ( و الثالث ) أنه عنى بالنور محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أضافه إلى نفسه تشريفا له عن كعب و سعيد بن جبير فالمعنى مثل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ( الرابع ) أن نوره سبحانه الأدلة الدالة على توحيده و عدله التي هي في الظهور و الوضوح مثل النور عن أبي مسلم ( الخامس ) أن النور هنا الطاعة أي مثل طاعة الله في قلب المؤمن عن ابن عباس في رواية أخرى « كمشكاة فيها مصباح » المشكاة هي الكوة في الحائط يوضع عليها زجاجة ثم يكون
مجمع البيان ج : 7 ص : 225
المصباح خلف تلك الزجاجة و يكون للكوة باب آخر يوضع المصباح فيه و قيل المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة و هو مثل الكوة و المصباح السراج و قيل المشكاة القنديل و المصباح الفتيلة عن مجاهد « المصباح في زجاجة » أي ذلك السراج في زجاجة و فائدة اختصاص الزجاجة بالذكر أنه أصفى الجواهر فالمصباح فيه أضوأ « الزجاجة كأنها كوكب دري » أي تلك الزجاجة مثل الكوكب العظيم المضيء الذي يشبه الدر في صفائه و نوره و نقائه و إذا جعلته من الدرء و هو الدفع فمعناه المندفع السريع الوقع في الانقضاض و يكون ذلك أقوى لضوئه « يوقد من شجرة مباركة » أي يشتعل ذلك السراج من دهن شجرة مباركة « زيتونة » أراد بالشجرة المباركة شجرة الزيتون لأن فيها أنواع المنافع فإن الزيت يسرج به و هو إدام و دهان و دباغ و يوقد بحطبه و ثفله و يغسل برماده الإبريسم و لا يحتاج في استخراج دهنه إلى إعصار و قيل إنه خص الزيتونة لأن دهنها أصفى و أضوأ و قيل لأنها أول شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان و منبتها منزل الأنبياء و قيل لأنه بارك فيها سبعون نبيا منهم إبراهيم فلذلك سميت مباركة « لا شرقية و لا غربية » أي لا يفيء عليها ظل شرق و لا غرب فهي ضاحية للشمس لا يظلها جبل و لا شجر و لا كهف فزيتها يكون أصفر عن ابن عباس و الكلبي و عكرمة و قتادة فعلى هذا يكون المعنى أنها ليست بشرقية لا تصيبها الشمس إذا هي غربت و لا هي غربية لا تصيبها الشمس إذا طلعت بل هي شرقية غربية أخذت بحظها من الأمرين و قيل معناه إنها ليست من شجر الدنيا فتكون شرقية أو غربية عن الحسن و قيل معناه إنها ليست في مقنوة لا تصيبها الشمس و لا هي بارزة للشمس لا يصيبها الظل بل يصيبها الشمس و الظل عن السدي و قيل ليست من شجر الشرق و لا من شجر الغرب لأن ما اختص بإحدى الجهتين كان أقل زيتا و أضعف ضوءا لكنها من شجر الشام و هي ما بين الشرق و الغرب عن ابن زيد « يكاد زيتها يضيء » من صفائه و فرط ضيائه « و لو لم تمسسه نار » أي قبل أن تصيبه النار و تشتعل فيه و اختلف في هذا المشبه و المشبه به على أقوال ( أحدها ) أنه مثل ضربه الله لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فالمشكاة صدره و الزجاجة قلبه و المصباح فيه النبوة لا شرقية و لا غربية أي لا يهودية و لا نصرانية توقد من شجرة مباركة يعني شجرة النبوة و هي إبراهيم (عليه السلام) يكاد نور محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) يبين للناس و لو لم يتكلم به كما أن ذلك الزيت يكاد يضيء و لو لم تمسسه نار أي تصبه النار عن كعب و جماعة من المفسرين و قد قيل أيضا أن المشكاة إبراهيم و الزجاجة إسماعيل و المصباح محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) كما سمي سراجا في موضع آخر من شجرة مباركة يعني إبراهيم لأن أكثر الأنبياء من صلبه لا شرقية و لا غربية لا نصرانية و لا يهودية لأن النصارى تصلي إلى المشرق و اليهود تصلي إلى المغرب يكاد زيتها يضيء أي يكاد محاسن محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) تظهر قبل أن يوحى إليه
مجمع البيان ج : 7 ص : 226
« نور على نور » أي نبي من نسل نبي عن محمد بن كعب و قيل إن المشكاة عبد المطلب و الزجاجة عبد الله و المصباح هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا شرقية و لا غربية بل مكية لأن مكة وسط الدنيا عن الضحاك و روي عن الرضا (عليه السلام) أنه قال نحن المشكاة فيها و المصباح محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يهدي الله لولايتنا من أحب و في كتاب التوحيد لأبي جعفر بن بابويه رحمه الله بالإسناد عن عيسى بن راشد عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله « كمشكاة فيها مصباح » قال نور العلم في صدر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) « المصباح في زجاجة » الزجاجة صدر علي (عليه السلام) صار علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى صدر علي علم النبي عليا « يوقد من شجرة مباركة » نور العلم « لا شرقية و لا غربية » لا يهودية و لا نصرانية « يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار » قال يكاد العالم من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) يتكلم بالعلم قبل أن يسأل « نور على نور » أي إمام مؤيد بنور العلم و الحكمة في إثر إمام من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) و ذلك من لدن آدم (عليه السلام) إلى أن تقوم الساعة فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم الله خلفاء في أرضه و حججه على خلقه لا تخلو الأرض في كل عصر من واحد منهم يدل عليه قول أبي طالب في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)
أنت الأمين محمد
قرم أغر مسود
لمسودين أطاهر
كرموا و طاب المولد
أنت السعيد من السعود
تكنفتك الأسعد
من لدن آدم لم يزل
فينا وصي مرشد
و لقد عرفتك صادقا
و القول لا يتفند
ما زلت تنطق بالصواب
و أنت طفل أمرد .
تحقيق هذه الجملة يقتضي أن الشجرة المباركة المذكورة في الآية هي دوحة التقى و الرضوان و عترة الهدى و الإيمان شجرة أصلها النبوة و فرعها الإمامة و أغصانها التنزيل و أوراقها التأويل و خدمها جبرائيل و ميكائيل ( و ثانيها ) أنه مثل ضربه الله للمؤمن و المشكاة نفسه و الزجاجة صدره و المصباح الإيمان و القرآن في قلبه يوقد من شجرة مباركة هي الإخلاص لله وحده لا شريك له فهي خضراء ناعمة كشجرة التف بها الشجر فلا يصيبها الشمس على أي حال كانت لا إذا طلعت و لا إذا غربت و كذلك المؤمن قد احترز من أن يصيبه شيء من الفتر فهو بين أربع خلال إن أعطي شكر و إن ابتلي صبر و إن حكم عدل و إن قال صدق فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشي بين القبور نور على نور و كلامه نور و علمه نور و مدخله نور و مخرجه نور و مصيره إلى الجنة نور يوم القيامة عن أبي بن كعب ( و ثالثها ) أنه مثل القرآن في
مجمع البيان ج : 7 ص : 227
قلب المؤمن فكما أن هذا المصباح يستضاء به و هو كما هو لا ينقص فكذلك القرآن يهتدى به و يعمل به فالمصباح هو القرآن و الزجاجة قلب المؤمن و المشكاة لسانه و فمه و الشجرة المباركة شجرة الوحي « يكاد زيتها يضيء » يكاد حجج القرآن تتضح و إن لم تقرأ و قيل يكاد حجج الله على خلقه تضيء لمن تفكر فيها و تدبرها و لو لم ينزل القرآن « نور على نور » يعني أن القرآن نور مع سائر الأدلة قبله فازدادوا به نورا على نور عن الحسن و ابن زيد و على هذا فيجوز أن يكون المراد ترتب الأدلة فإن الدلائل يترتب بعضها على بعض و لا يكاد العاقل يستفيد منها إلا بمراعاة الترتيب فمن ذهب عن الترتيب فقد ذهب عن طريق الاستفادة و قال مجاهد ضوء نور السراج على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة « يهدي الله لنوره من يشاء » أي يهدي الله لدينه و إيمانه من يشاء بأن يفعل له لطفا يختار عنده الإيمان إذا علم أن له لطفا و قيل معناه يهدي الله لنبوته و ولايته من يشاء ممن يعلم أنه يصلح لذلك و يضرب الله الأمثال للناس تقريبا إلى الأفهام و تسهيلا لدرك المرام « و الله بكل شيء عليم » فيضع الأشياء و مواضعها « في بيوت أذن الله أن ترفع » معناه هذه المشكاة في بيوت هذه صفتها و هي المساجد في قول ابن عباس و الحسن و مجاهد و الجبائي و يعضده قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) المساجد بيوت الله في الأرض و هي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض ثم قيل إنها أربع مساجد لم يبنها إلا نبي الكعبة بناها إبراهيم و إسماعيل و مسجد بيت المقدس بناه سليمان و مسجد المدينة و مسجد قبا بناهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و قيل هي بيوت الأنبياء و روي ذلك مرفوعا أنه سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لما قرأ الآية أي بيوت هذه فقال بيوت الأنبياء فقام أبو بكر فقال يا رسول الله هذا البيت منها يعني بيت علي و فاطمة قال نعم من أفاضلها و يعضد هذا القول قوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا و قوله و رحمة الله و بركاته عليكم أهل البيت فالإذن برفع بيوت الأنبياء و الأوصياء مطلق و المراد بالرفع التعظيم و رفع القدر من الأرجاس و التطهير من المعاصي و الأدناس و قيل المراد برفعها رفع الحوائج فيها إلى الله تعالى « و يذكر فيها اسمه » أي يتلى فيها كتابه عن ابن عباس و قيل تذكر فيها أسماؤه الحسنى « يسبح له فيها بالغدو و الآصال » أي يصلي له فيها بالبكور و العشايا عن ابن عباس و الحسن و الضحاك و قال ابن عباس كل تسبيح في القرآن صلاة و قيل المراد بالتسبيح تنزيه الله تعالى عما لا يجوز عليه و وصفه بالصفات التي يستحقها لذاته و أفعاله التي كلها حكمة و صواب ثم بين سبحانه المسبح فقال « رجال لا تلهيهم » أي لا تشغلهم و لا تصرفهم « تجارة و لا بيع عن ذكر الله و أقام الصلاة » أي إقامة الصلاة حذف الهاء لأنها عوض عن الواو في أقوام فلما أضافه صار المضاف إليه عوضا عن الهاء و روي عن أبي جعفر (عليه السلام) و أبي عبد الله (عليه السلام) أنهم قوم إذا
مجمع البيان ج : 7 ص : 228
حضرت الصلاة تركوا التجارة و انطلقوا إلى الصلاة و هم أعظم أجرا ممن يتجر .
« و إيتاء الزكاة » أي إخلاص الطاعة لله تعالى عن ابن عباس و قيل يريد الزكاة المفروضة عن الحسن « يخافون يوما تتقلب فيه القلوب و الأبصار » أراد يوم القيامة تتقلب فيه أحوال القلوب و الأبصار و تنتقل من حال إلى حال فتلفحها النار ثم تنضجها ثم تحرقها عن الجبائي و قيل تتقلب فيه القلوب بين الطمع في النجاة و الخوف من الهلاك و تتقلب الأبصار يمنة و يسرة من أين تؤتى كتبهم و أين يؤخذ بهم أم من قبل اليمين أم من قبل الشمال و قيل تتقلب القلوب ببلوغها الحناجر و الأبصار بالعمى بعد البصر و قيل معناه تنتقل القلوب عن الشك إلى اليقين و الإيمان و الأبصار عما كانت تراه غيا فتراه رشدا فمن كان شاكا في دنياه أبصر في آخرته و من كان عالما ازداد بصيرة و علما فهو مثل قوله تعالى فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد عن البلخي « ليجزيهم الله أحسن ما عملوا و يزيدهم من فضله » أي يفعلون ذلك طلبا لمجازاة الله إياهم بأحسن ما عملوا و لتفضله عليهم بالزيادة على ما استحقوه بأعمالهم من فضله و كرمه « و الله يرزق » أي يعطي « من يشاء بغير حساب » أي بغير مجازاة على عمل بل تفضلا منه سبحانه و الثواب لا يكون إلا بحساب و التفضل يكون بغير حساب .

النظم

اتصلت الآية الأولى بما قبلها اتصال المثل بالمثل لأنه تعالى لما بين وجوه المنافع و المصالح و علم الشرائع فيما سبق بين بعده أن منافع أهل السماوات و الأرض منه لأن اسم النور يطلق على ذلك كما تقدم بيانه و قيل إنها اتصلت بما قبلها اتصال العلة بالمعلول فكأنه قال أنزلنا آيات بينات و مواعظ بالغات فهديناكم بها لأنا نهدي أهل السماوات و الأرض و اتصل قوله في بيوت بقوله كمشكاة فيها مصباح على ما تقدم بيانه و قيل يتصل بيسبح و يكون فيها تكريرا على التوكيد و المعنى يسبح الله رجال في بيوت أذن الله أن ترفع فيكون كقولك في الدار قام زيد فيها .

مجمع البيان ج : 7 ص : 229
وَ الَّذِينَ كفَرُوا أَعْمَلُهُمْ كَسرَابِ بِقِيعَة يحْسبُهُ الظمْئَانُ مَاءً حَتى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يجِدْهُ شيْئاً وَ وَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَ اللَّهُ سرِيعُ الحِْسابِ(39) أَوْ كَظلُمَت فى بحْر لُّجِّىّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سحَابٌ ظلُمَت بَعْضهَا فَوْقَ بَعْض إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَ مَن لَّمْ يجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّور(40)

القراءة

قرأ ابن كثير في رواية البزي سحاب بغير تنوين ظلمات بالجر و في رواية القواس و ابن فليح « سحاب » بالتنوين ظلمات بالجر و الباقون كلاهما بالرفع و التنوين .

الحجة

قال أبو علي قوله « أو كظلمات » معناه أو كذي ظلمات و يدل على حذف المضاف قوله « إذا أخرج يده لم يكد يراها » فالضمير الذي أضيف إليه يده يعود إلى المضاف المحذوف و معنى ذي ظلمات أنه في ظلمات و معنى « ظلمات بعضها فوق بعض » ظلمة البحر و ظلمة الموج و ظلمة الموج الذي في الموج و قوله خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث فإنه يجوز أن يكون ظلمة الرحم و ظلمة البطن و ظلمة المشيمة و قوله « فنادى في الظلمات » ظلمة البحر و ظلمة بطن الحوت و ظلمة الليل و يجوز أن يكون الالتقام كان بالليل فهذه ظلمات و من قرأ « سحاب ظلمات » فرفع ظلمات كان خبر مبتدإ محذوف تقديره هذه ظلمات بعضها فوق بعض و من قرأ سحاب ظلمات جاز أن يكون تكريرا و بدلا من ظلمات الأولى و من قرأ سحاب ظلمات بإضافة سحاب إلى الظلمات فالظلمات هي الظلمات التي تقدم ذكرها فأضاف السحاب إلى الظلمات لاستقلال السحاب و ارتفاعه في وقت كون هذه الظلمات كما تقول سحاب رحمة و سحاب مطر إذا ارتفع في الوقت الذي يكون فيه الرحمة و المطر .

اللغة

السراب شعاع يتخيل كالماء يجري على الأرض نصف النهار حين يشتد الحر و الآل شعاع يرتفع بين السماء و الأرض كالماء ضحوة النهار و الآل يرفع الشخص الذي فيه و إنما قيل سراب لأنه ينسرب أي يجري كالماء و قيعة جمع قاع و هو الواسع من الأرض المنبسطة و فيه يكون السراب و لجة البحر معظمه الذي يتراكب أمواجه فلا يرى ساحله و التج البحر التجاجا .

المعنى

ثم ذكر سبحانه مثل الكفار فقال « و الذين كفروا أعمالهم » التي يعملونها و يعتقدون أنها طاعات « كسراب بقيعة » أي كشعاع بأرض مستوية « يحسبه الظم آن ماء » أي يظنه العطشان ماء « حتى إذا جاءه لم يجده شيئا » أي حتى إذا انتهى إليه رأى أرضا لا ماء فيها و هو قوله « لم يجده شيئا » أي شيئا مما حسب و قدر فكذلك الكافر يحسب ما قدم من عمله نافعا و أن له عليه ثوابا و ليس له ثواب « و وجد الله عنده فوفاه حسابه » قيل معناه و وجد
مجمع البيان ج : 7 ص : 230
الله عند عمله فجازاه على كفره و هذا في الظاهر خبر عن الظم آن و المراد به الخبر عن الكفار و لكن لما ضرب الظم آن مثلا للكفار جعل الخبر عنه كالخبر عنهم و المعنى وجد أمر الله و وجد جزاء الله و قيل معناه وجد الله عنده بالمرصاد فأتم له جزاه « و الله سريع الحساب » لا يشغله حساب عن حساب فيحاسب الجميع على أفعالهم في حالة واحدة و سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) كيف يحاسبهم في حالة واحدة فقال كما يرزقهم في حالة واحدة و قيل إن المراد به عتبة بن ربيعة كان يلتمس الدين في الجاهلية ثم كفر في الإسلام عن مقاتل ثم ذكر مثلا آخر لأعمالهم فقال « أو كظلمات » أي أو أفعالهم مثل ظلمات « في بحر لجي » أي عظيم اللجة لا يرى ساحله و قيل هو العميق الذي يبعد عمقه عن ابن عباس « يغشاه موج » أي يعلو ذلك البحر اللجي موج « من فوقه موج » أي فوق ذلك الموج موج « من فوقه سحاب » أي من فوق الموج سحاب « ظلمات بعضها فوق بعض » يعني ظلمة البحر و ظلمة الموج و ظلمة السحاب و المعنى أن الكافر يعمل في حيرة و لا يهتدي لرشده فهو من جهله و حيرته كمن هو في هذه الظلمات لأنه من عمله و كلامه و اعتقاده متقلب في ظلمات و روي عن أبي أنه قال إن الكافر يتقلب في خمس ظلمات كلامه ظلمة و عمله ظلمة و مدخله ظلمة و مخرجه ظلمة و مصيره يوم القيامة إلى ظلمة و هي النار « إذا أخرج يده لم يكد يراها » اختلف في معناه فقيل لا يراها و لا يقارب رؤيتها فهو نفي للرؤية و عن مقاربة الرؤية لأن دون هذه الظلمة لا يرى فيها عن الحسن و أكثر المفسرين و يدل عليه قول ذي الرمة
إذا غير الناي المحبين لم يكد
على كل حال حب مية يبرح و يروى
رسيس الهوى من حب مية يبرح و قال آخر
ما كدت أعرف إلا بعد إنكاري و قال الفراء كاد صلة و المعنى أنه لم يرها و قيل لا يراها إلا بعد جهد و مشقة رؤية تخيل لصورتها لأن حكم كاد إذا لم يدخل عليها حرف نفي أن تكون نافية و إذا دخلها دلت على أن يكون الأمر وقع بعد بطء عن المبرد « و من لم يجعل الله له نورا فما له من نور » أي من يجعل الله له نجاة و فرجا فما له من نجاة و قيل و من لم يجعل الله له نورا في القيامة فما له من نور .

مجمع البيان ج : 7 ص : 231
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسبِّحُ لَهُ مَن فى السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ الطيرُ صفَّت كلُّ قَدْ عَلِمَ صلاتَهُ وَ تَسبِيحَهُ وَ اللَّهُ عَلِيمُ بِمَا يَفْعَلُونَ(41) وَ للَّهِ مُلْك السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ إِلى اللَّهِ الْمَصِيرُ(42) أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِى سحَاباً ثمَّ يُؤَلِّف بَيْنَهُ ثمَّ يجْعَلُهُ رُكاماً فَترَى الْوَدْقَ يخْرُجُ مِنْ خِلَلِهِ وَ يُنزِّلُ مِنَ السمَاءِ مِن جِبَال فِيهَا مِن بَرَد فَيُصِيب بِهِ مَن يَشاءُ وَ يَصرِفُهُ عَن مَّن يَشاءُ يَكادُ سنَا بَرْقِهِ يَذْهَب بِالأَبْصرِ(43) يُقَلِّب اللَّهُ الَّيْلَ وَ النَّهَارَ إِنَّ فى ذَلِك لَعِبرَةً لأُولى الأَبْصرِ(44) وَ اللَّهُ خَلَقَ كلَّ دَابَّة مِّن مَّاء فَمِنهُم مَّن يَمْشى عَلى بَطنِهِ وَ مِنهُم مَّن يَمْشى عَلى رِجْلَينِ وَ مِنهُم مَّن يَمْشى عَلى أَرْبَع يخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كلِّ شىْء قَدِيرٌ(45) لَّقَدْ أَنزَلْنَا ءَايَت مُّبَيِّنَت وَ اللَّهُ يهْدِى مَن يَشاءُ إِلى صِرَط مُّستَقِيم(46)

القراءة

قرأ أبو جعفر يذهب بالأبصار بضم الياء و كسر الهاء و الباقون « يذهب » .

الحجة

من قرأ يذهب فالباء زائدة و تقديره يذهب الأبصار و مثله قوله و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة و قول الهذلي
شربن بماء البحر ثم ترفعت
متى لجج خضر لهن نئيج أي شربن ماء البحر قال ابن جني إنما يزاد
مجمع البيان ج : 7 ص : 232
اللام لتوكيد معنى الإضافة في قوله
يا بوس للحرب ضرارا لأقوام و إن شئت حملته على المعنى فكأنه قال يكاد سنا برقه يلوي بالأبصار أي يستأثر بالأبصار و قد ذكرنا اختلافهم في قوله « خلق كل دابة » و الوجه في سورة إبراهيم .

اللغة

الإزجاء و التزجية الدفع و السوق و زجا الخراج يزجو زجاء إذا انساق إلى أهله و تيسر جبايته و الركام المتراكم بعضه على بعض و الركمة الطين المجموع و الودق المطر ودقت السماء تدق ودقا إذا أمطرت قال الشاعر
فلا مزنة ودقت ودقها
و لا أرض أبقل أبقالها و الخلال جمع الخلل و هو الفرجة بين الشيئين و البرد أصله من البرد خلاف الحر و سحاب برد أتى بالبرد و يقال سمي البرد لأنه يبرد وجه الأرض أي يقشره من بردت الشيء بالمبرد و السنا مقصورا الضوء و هو بالمد الرفعة .

الإعراب

« صافات » حال من « الطير » و « ينزل من السماء » من لابتداء الغاية لأن السماء مبدأ لإنزال المطر « من جبال » من للتبعيض لأن البرد بعض الجبال التي في السماء « من برد » من لتبيين الجنس لأن جنس الجبال جنس أبرد عن علي بن عيسى و التحقيق أن قوله « من جبال » بدل من قوله « من السماء » و قوله « فيها » في يتعلق بمحذوف و تقديره من جبال كائنة في السماء فالجار و المجرور في موضع الصفة لجبال تقديره من جبال سماوية و قوله « من برد » يتعلق بمحذوف آخر في محل جر لأنه صفة بعد صفة تقديره من جبال سماوية بردية و مفعول « ينزل » محذوف أي ينزل من جبال في السماء من برد بردا كما يقال أخذت من المال شيئا و قوله « على بطنه » في موضع نصب على الحال و كذلك قوله « على رجلين » و « على أربع » و من الأولى و الثالثة بمعنى ما .

المعنى

ثم ذكر سبحانه الآيات التي جعلها نورا للعقلاء العارفين بالله و صفاته فقال « أ لم تر » أي أ لم تعلم يا محمد لأن ما ذكر في الآية لا يرى بالأبصار و إنما يعلم بالأدلة و الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و المراد به جميع المكلفين « إن الله يسبح له من في السماوات و الأرض » و التسبيح التنزيه لله تعالى عما لا يجوز عليه و لا يليق به أي ينزهه أهل السماوات و أهل الأرض بألسنتهم و قيل عنى به العقلاء و غيرهم و كنى عن الجميع بلفظة من تغليبا للعقلاء على غيرهم « و الطير » أي و يسبح له الطير « صافات » أي واقفات في الجو
مجمع البيان ج : 7 ص : 233
مصطفات الأجنحة في الهواء و تسبيحها ما يرى عليها من آثار الحدوث « كل قد علم صلاته و تسبيحه » معناه أن جميع ذلك قد علم الله تعالى دعاءه إلى توحيده و تسبيحه و تنزيهه و قيل إن الصلاة للإنسان و التسبيح لكل شيء عن مجاهد و جماعة و قيل معناه كل واحد منهم قد علم صلاته و تسبيحه أي صلاة نفسه و تسبيح نفسه فيؤديه في وقته فيكون الضمير في علم الكل و في الأول يعود الضمير إلى اسم الله تعالى و هو أجود لأن الأشياء كلها لا يعلم كيفية دلالتها على الله و إنما يعلم الله تعالى ذلك « و الله عليم بما يفعلون » أي عالم بأفعالهم فيجازيهم بحسبها « و لله ملك السماوات و الأرض » و الملك المقدور الواسع لمن يملك السياسة و التدبير فملك السماوات و الأرض لا يصح إلا لله وحده لأنه القادر على الأجسام لا يقدر على خلقها غيره فالملك التام لا يصح إلا له سبحانه « و إلى الله المصير » أي المرجع يوم القيامة ثم قال « أ لم تر » أي أ لم تعلم « أن الله يزجي سحابا » أي يسوقه سوقا رفيقا إلى حيث يريد « ثم يؤلف بينه » أي يضم بعضه إلى بعض فيجعل القطع المتفرقة منه قطعة واحدة « ثم يجعله ركاما » أي متراكما متراكبا بعضه فوق بعض « فترى الودق يخرج من خلاله » أي ترى المطر و القطر يخرج من خلال السحاب أي مخارج القطر منه « و ينزل من السماء من جبال فيها من برد » أي و ينزل من جبال في السماء تلك الجبال من برد بردا و السماء السحاب لأن كل ما علا مطبقا فهو سماء و يجوز أن يكون البرد يجتمع في السحاب كالجبال ثم ينزل منها عن البلخي و غيره و قيل معناه و ينزل من السماء مقدار جبال من برد كما يقول عندي بيتان من تبن أي قدر بيتين عن الفراء و قيل أراد السماء المعروفة فيها جبال من برد مخلوقة عن الحسن و الجبائي « فيصيب به » أي بالبرد أي بضرره « من يشاء » فيهلك زرعه و ماله « و يصرفه عمن يشاء » أي و يصرف ضرره عمن يشاء فيكون أصابته نقمة و صرفه نعمة « يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار » أي يقرب ضوء برق السحاب من أن يذهب بالبصر و يخطفه لشدة لمعانه كما قال يكاد البرق يخطف أبصارهم « يقلب الله الليل و النهار » أي يصرفهما في اختلافهما و تعاقبهما و إدخال أحدهما في الآخر « إن في ذلك » التقليب « لعبرة » أي دلالة « لأولي الأبصار » أي لذوي العقول و البصائر « و الله خلق كل دابة » أي كل حيوان يدب على وجه الأرض و لا يدخل فيه الجن و الملائكة « من ماء » أي من نطفة و قيل عنى به الماء لأن أصل الخلق من الماء لأن الله خلق الماء و جعل بعضه نارا فخلق الجن منها و بعضه ريحا فخلق منه الملائكة و بعضه طينا فخلق منه آدم (عليه السلام) فأصل الحيوان كله الماء و يدل عليه قوله و جعلنا من الماء كل شيء حي « فمنهم من يمشي على بطنه » كالحية و الحوت و الدود « و منهم من يمشي على رجلين » كالإنس و الطير « و منهم من يمشي
مجمع البيان ج : 7 ص : 234
على أربع » كالأنعام و الوحوش و السباع و لم يذكر ما يمشي على أكثر من أربع لأنه كالذي يمشي على أربع في رأي العين فترك ذكره لأن العبرة تكفي بذكر الأربع قال البلخي إن الفلاسفة تقول كل ما له قوائم كثيرة فإن اعتماده إذا سعى على أربعة قوائم فقط و قال أبو جعفر (عليه السلام) و منهم من يمشي على أكثر من ذلك « يخلق الله ما يشاء » أي يخترع ما يشاء و ينشئه من الحيوان و غيره و قال المبرد قوله « كل دابة » للناس و غيرهم و إذا اختلط النوعان حمل الكلام على الأغلب فلذلك قال من لغير ما يعقل « إن الله على كل شيء قدير » يخلق هذه الأشياء لقدرته عليها فاختلاف هذه الحيوانات مع اتفاق أصلها يدل على أن لها قادرا خالقا عالما حكيما « لقد أنزلنا آيات مبينات » أي دلالات واضحات بينات « و الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم » أي من جملة تلك الدواب و عنى به المكلفين دون من ليس بمكلف و الصراط المستقيم الإيمان لأنه يؤدي إلى الجنة و قيل إن المراد يهدي في الآخرة إلى طريق الجنة .
وَ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسولِ وَ أَطعْنَا ثُمَّ يَتَوَلى فَرِيقٌ مِّنهُم مِّن بَعْدِ ذَلِك وَ مَا أُولَئك بِالْمُؤْمِنِينَ(47) وَ إِذَا دُعُوا إِلى اللَّهِ وَ رَسولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنهُم مُّعْرِضونَ(48) وَ إِن يَكُن لهَُّمُ الحَْقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ(49) أَ فى قُلُوبهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يخَافُونَ أَن يحِيف اللَّهُ عَلَيهِمْ وَ رَسولُهُ بَلْ أُولَئك هُمُ الظلِمُونَ(50) إِنَّمَا كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلى اللَّهِ وَ رَسولِهِ لِيَحْكمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سمِعْنَا وَ أَطعْنَا وَ أُولَئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ(51) وَ مَن يُطِع اللَّهَ وَ رَسولَهُ وَ يخْش اللَّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولَئك هُمُ الْفَائزُونَ(52)

مجمع البيان ج : 7 ص : 235

القراءة

قرأ أبو جعفر و قالون عن نافع و يعقوب و يتقه بكسر القاف و الهاء مكسورة مختلسة غير مشبعة و قرأ أبو عمرو و حمزة في رواية العجلي و خلاد و أبو بكر في رواية حماد و يحيى و يتقه بكسر القاف و سكون الهاء و قرأ حفص « و يتقه » بسكون القاف و كسر الهاء غير مشبعة و الباقون يتقه بكسر القاف و الهاء مشبعة و روي عن علي (عليه السلام) أنه قرأ قول المؤمنين بالرفع و هو قراءة الحسن بخلاف ابن أبي إسحاق و هو مثل قراءة من قرأ فما كان جواب قومه بالرفع و قد ذكرنا الوجه فيه و قرأ أبو جعفر وحده ليحكم بينهم بضم الياء و فتح الكاف في الموضعين و في البقرة و آل عمران مثل ذلك و قد ذكرناه هناك .

الحجة

قال أبو علي الوجه و يتقه موصولة بياء لأن ما قبل الهاء متحرك و من قرأ و يتقه لا يبلغ بها الياء فالوجه فيه أن الحركة غير لازمة قبل الهاء أ لا ترى أن الفعل إذا رفع دخلته الياء و من قرأ و يتقه بسكون الهاء فلأن ما يتبع هذه الهاء من الياء و الواو زيادة فرد إلى الأصل و حذف ما يلحقه من الزيادة و يقوي ذلك ما حكي عن سيبويه أنه سمع من يقول هذه أمة الله في الوصل و الوقف و زعم أبو الحسن أن قوله
له أرقان و نحوه لغة يجرونها في الموصل مجراها في الوقف فيحذفون منها كما حذفوا في الوقف و حملها سيبويه على الضرورة و أما قراءة حفص « و يتقه » فوجهه أن تقه من يتقه مثل كتف فكما يسكن نحو كتف كذلك تسكن القاف من تقه و على هذا قول الشاعر
عجبت لمولود و ليس له أب
و ذي ولد لم يلده أبوان و مثله
فبات منتصبا و ما تكردسا فلما أسكن ما قبل الهاء لهذا التشبيه حرك الهاء بالكسر كما حرك الدال بالفتح في لم يلده .

اللغة

قال الزجاج الإذعان الإسراع مع الطاعة يقال أذعن لي بحقي أي طاوعني لما كنت ألتمسه منه و صار يسرع إليه و ناقة مذعان منقادة و الحيف الجور ينقص الحق و الفوز أخذ
مجمع البيان ج : 7 ص : 236
لحظ الجزيل من الخير .

النزول

قيل نزلت الآيات في رجل من المنافقين كان بينه و بين رجل من اليهود حكومة فدعاه اليهودي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و دعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف و حكى البلخي أنه كانت بين علي و عثمان منازعة في أرض اشتراها من علي (عليه السلام) فخرجت فيها أحجار و أراد ردها بالعيب فلم يأخذها فقال بيني و بينك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال الحكم بن أبي العاص إن حاكمته إلى ابن عمه يحكم له فلا تحاكمه إليه فنزلت الآيات و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) أو قريب منه .

المعنى

« و يقولون آمنا بالله » أي صدقنا بتوحيد الله « و بالرسول و أطعنا » هما فيما حكما « ثم يتولى فريق منهم » أي يعرض عن طاعتهما طائفة منهم « من بعد ذلك » أي من بعد قولهم آمنا « و ما أولئك » الذين يدعون الإيمان ثم يعرضون عن حكم الله و رسوله « بالمؤمنين » و في هذه الآية دلالة على أن القول المجرد لا يكون إيمانا إذ لو كان ذلك كذلك لما صح النفي بعد الإثبات « و إذا دعوا إلى الله » أي إلى كتاب الله و حكمه و شريعته « و رسوله » أي و إلى حكم رسوله « ليحكم بينهم » الرسول و إنما أفرد بعد قوله « إلى الله و رسوله » لأن حكم الرسول يكون بأمر الله تعالى فحكم الله و رسوله واحد « إذا فريق منهم معرضون » عما يدعون إليه « و إن يكن لهم الحق » أي و إن علموا أن الحق يقع لهم « يأتوا إليه » أي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) « مذعنين » مسرعين طائعين منقادين ثم قال سبحانه منكرا عليهم « أ في قلوبهم مرض » أي شك في نبوتك و نفاق و هو استفهام يراد به التقرير لأنه أشد في الذم و التوبيخ أي هذا أمر قد ظهر حتى لا يحتاج فيه إلى البينة كما جاء في نقيضه من المدح على طريق الاستفهام نحو قول جرير :
أ لستم خير من ركب المطايا
و أندى العالمين بطون راح « أم ارتابوا » في عدلك أي رأوا منك ما رابهم لأجله أمرك « أم يخافون أن يحيف الله عليهم » أي يجور الله عليهم « و رسوله » أي و يميل رسوله في الحكم و يظلمهم لأنه لا وجه في الامتناع عن المجيء إلا أحد هذه الأوجه الثلاثة ثم أخبر سبحانه أنه ليس شيء من ذلك فقال « بل أولئك هم الظالمون » نفوسهم و غيرهم و في هذه الآية دلالة على أن خوف الحيف من الله تعالى خلاف الدين و إذا كان كذلك فالقطع عليه أولى أن يكون خلافا للدين ثم
مجمع البيان ج : 7 ص : 237
وصف سبحانه الصادقين في إيمانهم فقال « إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله و رسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا » أي سمعنا قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أطعنا أمره و إن كان ذلك فيما يكرهونه و يضرهم عن ابن عباس و مقاتل و قيل معناه قبلنا هذا القول و أنفذنا له و أجبنا إلى حكم الله و رسوله « و أولئك هم المفلحون » أي الفائزون بالثواب الظافرون بالمراد و روي عن أبي جعفر (عليه السلام) أن المعنى بالآية أمير المؤمنين عليه أفضل الصلوات « و من يطع الله و رسوله » فيما امرأة و نهيا عنه « و يخش الله » أي و يخش عقاب الله في ترك أوامره و ارتكاب نواهيه « و يتقه » أي و يتق عقابه بامتثال أوامره و اجتناب نواهيه « فأولئك هم الفائزون » و قيل معناه و يخش الله في ذنوبه التي عملها و يتقه فيما بعد .

النظم

قيل اتصلت الآية الأولى بقوله و يضرب الله الأمثال للناس و يعود الضمير في قوله و يقولون إليهم و إن كان يقع على بعضهم فكأنه قال و يقول جماعة من هؤلاء الناس آمنا عن أبي مسلم و قيل إنه لما تقدم ذكر المؤمن و الكافر عقبه سبحانه بذكر المنافق .
* وَ أَقْسمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَنهِمْ لَئنْ أَمَرْتهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ(53) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَ عَلَيْكم مَّا حُمِّلْتُمْ وَ إِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَ مَا عَلى الرَّسولِ إِلا الْبَلَغُ الْمُبِينُ(54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكمْ وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ لَيَستَخْلِفَنَّهُمْ فى الأَرْضِ كمَا استَخْلَف الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لهَُمْ دِينهُمُ الَّذِى ارْتَضى لهَُمْ وَ لَيُبَدِّلَنهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنى لا يُشرِكُونَ بى شيْئاً وَ مَن كفَرَ بَعْدَ ذَلِك فَأُولَئك هُمُ الْفَسِقُونَ(55)
 

Back Index Next