جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج10 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>



مجمع البيان ج : 10 ص : 805

أرى الموت يعتام الكرام و يصطفي
عقيلة مال الفاحش المتشدد و قيل معناه و إنه لشديد الحب للخير أي المال عن الفراء و قال ابن زيد : سمى الله سبحانه المال خيرا و عسى أن يكون خبيثا و حراما و لكن لأن الناس يعدونه خيرا فكذلك سمي الجهاد سوءا فقال لم يمسسهم سوء أي قتال و ليس هو عند الله بسوء لأن الناس يسمونه سوءا و قال سبحانه على وجه التذكير و الوعيد « أ فلا يعلم » هذا الإنسان الذي وصفناه « إذا بعثر ما في القبور » أي بعث الموتى و نشروا و أخرجوا و مثله بحثر « و حصل ما في الصدور » أي ميزوا بين ما فيها من الخير و الشر و قيل معناه و أظهر ما أخفته الصدور ليجازي على السر كما يجازي على العلانية « إن ربهم بهم يومئذ لخبير » قال الزجاج : الله سبحانه خبير بهم في ذلك اليوم و في غيره و لكن المعنى أن الله يجازيهم على كفرهم في ذلك اليوم و ليس يجازيهم إلا بعلمه بأحوالهم و أعمالهم و مثله قوله أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم و معناه أولئك الذين لا يترك الله مجازاتهم و في هذا إشارة إلى الزجر و الوعيد فإن الإنسان متى علم أن خالقه يرى جميع أعماله و يعلم سائر أفعاله و يحقق ذلك لا بد أن ينزجر عن المعاصي .

مجمع البيان ج : 10 ص : 806
( 101 ) سورة القارعة مكية و آياتها إحدى عشرة ( 11 )

عدد آيها

إحدى عشرة آية كوفي حجازي ثمان بصري شامي .

اختلافها

ثلاث آيات القارعة الأولى كوفي ثقلت موازينه و خفت موازينه كلتاهما حجازي كوفي .

فضلها

في حديث أبي من قرأها ثقل الله بها ميزانه يوم القيامة .
عمرو بن ثابت عن أبي جعفر (عليه السلام) قال من قرأ القارعة آمنه الله من فتنة الدجال أن يؤمن به و من قيح جهنم يوم القيامة .

تفسيرها

اتصلت هذه السورة بما قبلها اتصال النظير بالنظير فإن كلتيهما في ذكر القيامة فقال سبحانه :
مجمع البيان ج : 10 ص : 807

سورة القارعة
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقَارِعَةُ(1) مَا الْقَارِعَةُ(2) وَ مَا أَدْرَاك مَا الْقَارِعَةُ(3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاس كالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ(4) وَ تَكُونُ الْجِبَالُ كالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ(5) فَأَمَّا مَن ثَقُلَت مَوَزِينُهُ(6) فَهُوَ فى عِيشة رَّاضِيَة(7) وَ أَمَّا مَنْ خَفَّت مَوَزِينُهُ(8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ(9) وَ مَا أَدْرَاك مَا هِيَهْ(10) نَارٌ حَامِيَةُ(11)

القراءة

روي عن أبي عمرو أنه أمال « القارعة » و قرأ حمزة و يعقوب ما هي في الوصل و الباقون « ما هيه » بإثبات الهاء و لم يختلفوا في الوقف أنها بالهاء .

الحجة

قال أبو علي : إمالة القارعة و إن كان المستعلي فيه مفتوحا جائزة و ذلك أن كسرة الراء غلبت عليها فإمالتها و قد أمالت ما تباعد عنها نحو قادر و زعم سيبويه أن ذلك لغة قوم ترضى عربيتهم و كذلك طارد و غارم و طاهر و كل ذلك تجوز إمالته إذا كانت الراء مكسورة و قال سيبويه : و ينشد أصحاب هذه اللغة :
عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر
بمنهمر جون الرباب سكوب و أما قوله « ما هيه » فيوقف عندها لأنها فاصلة و الفواصل مواضع وقوف كما أن أواخر الأبيات كذلك و هذا مما يقوي حذف الياء من يسر و ما أشبهه أ لا ترى أنهم حذفوا الياء من نحو قوله :
و لأنت تفري ما خلقت و بعض
القوم يخلق ثم لا يفري .

اللغة

القارعة البلية التي تقرع القلب بشدة المخافة و القرع الضرب بشدة الاعتماد قرع يقرع قرعا و منه المقرعة و تقارع القوم في القتال إذا تضاربوا بالسيوف و القرعة كالضرب بالفال و قوارع الدهر دواهيه و الفراش الجراد الذي ينفرش و يركب بعضه بعضا و هو غوغاء الجراد عن الفراء و المبثوث المتفرق في الجهات كأنه محمول على الذهاب فيها و البث التفريق و أبثثته الحديث إذا ألقيته إليه كأنك فرقته بأن جعلته عند اثنين و العهن الصوف ذو الألوان يقال عهن و عهنة و عيشة راضية مرضية بمعنى المفعول و قيل معناه ذات رضى كقولهم فلان نابل أي ذو نبل قال :
و غررتني و زعمت أنك
لابن بالصيف تأمر أي ذو لبن و تمر و قال النابغة :
مجمع البيان ج : 10 ص : 808


كليني لهم يا أميمة ناصب
و ليل أقاسيه بطيء الكواكب أي ذي نصب و الهاوية من أسماء جهنم و هي المهواة التي لا يدرك قعرها .

الإعراب


« القارعة » مبتدأ و ما مبتدأ ثان و ما بعده خبره و كان حقه القارعة ما هي لكنه سبحانه كرر تفخيما لشأنها و مثله قوله لا أقسم بهذا البلد و أنت حل بهذا البلد و الجملة خبر المبتدأ الأول و يجوز أن يكون قوله « القارعة » مبتدأ و يكون الناس خبره بمعنى أن القارعة تحدث في هذا اليوم فيكون قوله « ما القارعة و ما أدراك ما القارعة » اعتراضا و يجوز أن يكون التقدير هذا الأمر يقع يوم يكون الناس كالفراش المبثوث .

المعنى

« القارعة » اسم من أسماء يوم القيامة لأنها تقرع القلوب بالفزع و تقرع أعداء الله بالعذاب « ما القارعة » هذا تعظيم لشأنها و تهويل لأمرها و معناه و أي شيء القارعة ثم عجب نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال « و ما أدراك ما القارعة » يقول إنك يا محمد لا تعلم حقيقة أمرها و كنه وصفها على التفصيل و إنما تعلمها على سبيل الإجمال ثم بين سبحانه أنها متى تكون فقال « يوم يكون الناس كالفراش المبثوث » شبه الناس عند البعث بما يتهافت في النار و قال قتادة : هذا هو الطائر الذي يتساقط في النار و السراج و قال أبو عبيدة : هو طير ينفرش ليس بذباب و لا بعوض لأنهم إذا بعثوا ماج بعضهم إلى بعض فالفراش إذا ثار لم يتجه إلى جهة واحدة فدل ذلك على أنهم يفزعون عند البعث فيختلفون في المقاصد على جهات مختلفة و هذا مثل قوله كأنهم جراد منتشر « و تكون الجبال كالعهن المنفوش » و هو الصوف المصبوغ المندوف و المعنى أن الجبال تزول عن أماكنها و تصير خفيفة السير ثم ذكر سبحانه أحوال الناس فقال « فأما من ثقلت موازينه » أي رجحت حسناته و كثرت خيراته « فهو في عيشة راضية » أي معيشة ذات رضى يرضاها صاحبها « و أما من خفت موازينه » أي خفت حسناته و قلت طاعاته و القول في حقيقة الوزن و الميزان و الاختلاف في ذلك قد مضى ذكره فيما سبق من الكتاب و قد ذكر سبحانه الحسنات في الموضعين و لم يذكر وزن السيئات لأن الوزن عبارة عن القدر و الخطر و السيئة لا خطر لها و لا قدر و إنما الخطر و القدر للحسنات فكان المعنى فأما من عظم قدره عند الله لكثرة حسناته و من خف قدره عند الله لخفة حسناته « فأمه هاوية » أي فمأواه جهنم و مسكنه النار و إنما سماها أمه لأنه يأوي إليها كما يأوي الولد إلى أمه و لأن الأصل السكون إلى الأمهات قال قتادة : هي كلمة عربية كان الرجل إذا وقع
مجمع البيان ج : 10 ص : 809
في أمر شديد قيل هوت أمه و قيل إنما قال « فأمه هاوية » لأن العاصي يهوي إلى أم رأسه في النار عن أبي صالح و قيل أنه يهوي فيها و هي المهواة لا يدرك قعرها ثم قال سبحانه « و ما أدراك ما هيه » هذا تعظيم و تفخيم لأمرها يريد أنك لا تعلم تفصيلها و أنواع ما فيها من العقاب و إن كنت تعلمها على طريق الجملة و الهاء في هيه للوقف ثم فسرها فقال « نار حامية » أي نار حارة شديدة الحرارة .

مجمع البيان ج : 10 ص : 810
( 102 ) سورة التكاثر مكية و آياتها ثمان ( 8 )
مدنية و قيل مكية ثمان آيات بالإجماع .


فضلها

في حديث أبي و من قرأها لم يحاسبه الله بالنعيم الذي أنعم عليه في دار الدنيا و أعطي من الأجر كأنما قرأ ألف آية .
شعيب العقرقوفي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من قرأ سورة ألهاكم التكاثر في فريضة كتب له ثواب و أجر مائة شهيد و من قرأها في نافلة كان له ثواب خمسين شهيدا و صلى معه في فريضته أربعون صفا من الملائكة .
و عن درست عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من قرأ ألهاكم التكاثر عن النوم وقى فتنة القبر .

تفسيرها

أخبر الله سبحانه في تلك السورة عن صفة القيامة و ذكر في هذه السورة من ألهاه عنها التكاثر فقال : .
سورة التكاثر
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلْهَاكُمُ التَّكاثُرُ(1) حَتى زُرْتمُ الْمَقَابِرَ(2) َكلا سوْف تَعْلَمُونَ(3) ثُمَّ َكلا سوْف تَعْلَمُونَ(4) َكلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5) لَترَوُنَّ الجَْحِيمَ(6) ثُمَّ لَترَوُنهَا عَينَ الْيَقِينِ(7) ثُمَّ لَتُسئَلُنَّ يَوْمَئذ عَنِ النَّعِيمِ(8)

القراءة

قرأ ابن عامر و الكسائي لترون بضم التاء و روي ذلك عن علي (عليه السلام) و الباقون « لترون » بالفتح .

مجمع البيان ج : 10 ص : 811

الحجة

قال أبو علي : من قال لترون بضم التاء فإن رأى فعل يتعدى إلى مفعول واحد تقول رأيت الهلال كما تقول لبست ثوبك فإذا نقلت الفعل بالهمزة زاد مفعول آخر تقول أريت زيدا الهلال فإذا بنيت هذا الفعل للمفعول قلت أري زيد الهلال و كذلك « لترون الجحيم » .

اللغة

الإلهاء الصرف إلى اللهو و اللهو الانصراف إلى ما يدعو إليه الهوى يقال لها يلهو لهوا و لهي عن الشيء يلهى و منه قولهم فإذا استأثر الله بشيء فاله عنه و التكاثر التفاخر بكثرة المناقب يقال تكاثر القوم إذا تعادوا ما لهم من المناقب و الزيارة إتيان الموضع كإتيان المألوف على غير إقامة زاره يزوره زيارة و منه زور تزويرا إذا شبه الخط بما يوهم أنه خط فلان و ليس به و المزورة من ذلك اشتقت و الفرق بين النعيم و النعمة أن النعمة كالإنعام في التضمين لمعنى منعم أنعم إنعاما و نعمة و كلاهما موجب للشكر و النعيم ليس كذلك لأنه من نعم نعيما فلو عمل ذلك بنفسه لكان نعيما لا يوجب شكرا و أما النعمة بفتح النون فمن نعم بضم العين إذا لان .

الإعراب


كلا حرف و ليس باسم و تضمنه معنى ارتدع لا يدل على أنه كصه بمعنى اسكت و مه بمعنى اكفف أ لا ترى أن أما تتضمن معنى مهما يكن من شيء و هو حرف فكذا كلا ينبغي أن يكون حرفا « كلا لو تعلمون » جواب لو محذوف و تقديره لما ألهاكم التكاثر .
و « علم اليقين » مصدر و قيل هو قسم و التقدير و علم اليقين لترون الجحيم أي عذاب الجحيم فحذف لأن رؤيتها ليس بوعيد و إن الوعيد برؤية عذابها و تقديره في الإعراب علم الخبر اليقين فحذف المضاف و مثله حب الحصيد و لا يجوز الهمز في واو « لترون » و « لترونها » على قياس أثؤب في أثوب و أعد في وعد لأن الضمة هنا عارضة لالتقاء الساكنين و ليست بلازمة و أما « عين اليقين » فانتصابه انتصاب المصدر أيضا كما تقول رأيته حقا و تبينته يقينا و الرؤية هنا بمعنى المشاهدة كما قال سبحانه و إن منكم إلا واردها .

النزول

قيل نزلت السورة في اليهود قالوا نحن أكثر من بني فلان و بنو فلان أكثر من بني فلان ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا عن قتادة و قيل نزلت في فخذ من الأنصار تفاخروا عن أبي بريدة و قيل نزلت في حيين من قريش بني عبد مناف بن قصي و بني سهم بن عمرو تكاثروا و عدوا أشرافهم فكثرهم بنو عبد مناف ثم قالوا نعد موتانا حتى زاروا القبور فعدوهم و قالوا هذا قبر فلان و هذا قبر فلان فكثرهم بنو سهم لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية عن مقاتل و الكلبي .

مجمع البيان ج : 10 ص : 812

المعنى

« ألهاكم التكاثر » أي شغلكم عن طاعة الله و عن ذكر الآخرة التكاثر بالأموال و الأولاد و التفاخر بكثرتهما « حتى زرتم المقابر » أي حتى أدرككم الموت على تلك الحال عن الحسن و قتادة و قال الجبائي : حتى متم على ذلك و لم تتوبوا و قيل ألهاكم التباهي بكثرة المال و العدد عن تدبر أمر الله حتى عددتم الأموات في القبور و روى قتادة عن مطرف بن عبد الله الشخير عن أبيه قال انتهيت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و هو يقول « ألهاكم التكاثر » السورة قال يقول ابن آدم مالي مالي و ما لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت أورده مسلم في الصحيح ثم رد الله تعالى عليهم هذا فقال « كلا » أي ليس الأمر الذي ينبغي أن تكونوا عليه التكاثر ثم أوعدهم فقال « سوف تعلمون » ثم أكد ذلك و كرره فقال « ثم كلا سوف تعلمون » قال الحسن و مقاتل : هو وعيد بعد وعيد و المعنى سوف تعلمون عاقبة تباهيكم و تكاثركم إذا نزل بكم الموت و قيل معناه سوف تعلمون في القبر ثم سوف تعلمون في الحشر رواه زر بن حبيش عن علي (عليه السلام) قال ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت « ألهاكم التكاثر » إلى قوله « كلا سوف تعلمون » يريد في القبر « ثم كلا سوف تعلمون » بعد البعث و قيل إن المعنى « كلا سوف تعلمون » إذا رأيتم دار الأبرار « ثم كلا سوف تعلمون » إذا رأيتم دار الفجار و العرب تؤكد بكلا و حقا « كلا لو تعلمون علم اليقين » هذا كلام آخر يقول لو تعلمون الأمر علما يقينا لشغلكم ما تعلمون عن التفاخر و التباهي بالعز و الكثرة و علم اليقين هو العلم الذي يثلج به الصدر بعد اضطراب الشك فيه و لهذا لا يوصف الله بأنه متيقن ثم استأنف سبحانه وعيدا آخر فقال « لترون الجحيم » على نية القسم عن مقاتل يعني حين تبرز الجحيم في القيامة قبل دخولهم إليها « ثم لترونها » يعني بعد الدخول إليها « عين اليقين » كما يقال حق اليقين و محض اليقين و معناه ثم لترونها بالمشاهدة إذا دخلتموها و عذبتم بها « ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم » قال مقاتل : يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير و النعمة فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه إذ لم يشكروا رب النعيم حيث عبدوا غيره و أشركوا به ثم يعذبون على ترك الشكر و هذا قول الحسن قال لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار و قال الأكثرون : أن المعنى ثم لتسئلن يا معاشر المكلفين عن النعيم قال قتادة : إن الله سائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه و قيل عن النعيم في المأكل و المشرب و غيرهما من الملاذ عن سعيد بن جبير و قيل النعيم الصحة و الفراغ عن عكرمة و يعضده ما رواه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة و الفراغ و قيل هو الأمن و الصحة عن عبد الله بن مسعود و مجاهد و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) و قيل يسأل عن كل نعيم إلا ما خصه الحديث و هو قوله ثلاث لا يسأل
مجمع البيان ج : 10 ص : 813
عنها العبد خرقة يواري بها عورته أو كسرة يسد بها جوعته أو بيت يكنه من الحر و البرد و روي أن بعض الصحابة أضاف النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) مع جماعة من أصحابه فوجدوا عنده تمرا و ماء باردا فأكلوا فلما خرجوا قال هذا من النعيم الذي تسألون عنه و روى العياشي بإسناده في حديث طويل قال سأل أبو حنيفة أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية فقال له ما النعيم عندك يا نعمان قال القوت من الطعام و الماء البارد فقال لئن أوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها و شربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه قال فما النعيم جعلت فداك قال نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد و بنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين و بنا ألف الله بين قلوبهم و جعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء و بنا هداهم الله للإسلام و هي النعمة التي لا تنقطع و الله سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم الله به عليهم و هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و عترته .

مجمع البيان ج : 10 ص : 814
( 103 ) سورة العصر مكية و آياتها ثلاث ( 3 )
مكية ثلاث آيات بالإجماع .

اختلافها

آيتان و العصر غير المكي و المدني الأخير بالحق مكي و المدني الأخير .

فضلها

في حديث أبي و من قرأها ختم الله له بالصبر و كان مع أصحاب الحق يوم القيامة .
الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من قرأ و العصر في نوافله بعثه الله يوم القيامة مشرقا وجهه ضاحكا سنة قريرة عينه حتى يدخل الجنة .

تفسيرها


ختم الله سبحانه تلك السورة بوعيد من ألهاه التكاثر و افتتح هذه السورة بمثل ذلك و هو أن الإنسان لفي خسر إلا المؤمن الصالح فقال سبحانه : .
سورة العصر
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ الْعَصرِ(1) إِنَّ الانسنَ لَفِى خُسر(2) إِلا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ وَ تَوَاصوْا بِالْحَقِّ وَ تَوَاصوْا بِالصبرِ(3)

اللغة

أصل العصر عصر الثوب و نحوه و هو فتله لإخراج مائه و منه عصر الدهر فإنه الوقت الذي يمكن فيه فتل الأمور كما يفتل الثوب و العصر العشي قال :
يروح بنا عمرو و قد قصر العصر
و في الروحة الأولى الغنيمة و الأجر و العصران الغداة و العشي و العصران الليل و النهار قال :
مجمع البيان ج : 10 ص : 815


و لن يلبث العصران يوم و ليلة
إذا طلبا أن يدركا ما تيمما .

الإعراب

أراد بالإنسان الجمع دون المفرد بدلالة أنه استثنى منه الذين آمنوا و روى بعضهم عن أبي عمرو « و تواصوا بالصبر » على لغة من قال مررت ببكر .

المعنى

« و العصر » أقسم سبحانه بالدهر لأن فيه عبرة لذوي الأبصار من جهة مرور الليل و النهار على تقدير الأدوار و هو قول ابن عباس و الكلبي و الجبائي و قيل هو وقت العشي عن الحسن و قتادة فعلى هذا أقسم سبحانه بالطرف الأخير من النهار لما في ذلك من الدلالة على وحدانية الله تعالى بإدبار النهار و إقبال الليل و ذهاب سلطان الشمس كما أقسم بالضحى و هو الطرف الأول من النهار لما فيه من حدوث سلطان الشمس و إقبال النهار و أهل الملتين يعظمون هذين الوقتين و قيل أقسم بصلاة العصر و هي الصلاة الوسطى عن مقاتل و قيل هو الليل و النهار و يقال لهما العصران عن ابن كيسان « إن الإنسان لفي خسر » هذا جواب القسم و الإنسان اسم الجنس و المعنى أنه لفي نقصان لأنه ينقص عمره كل يوم و هو رأس ماله فإذا ذهب رأس ماله و لم يكتسب به الطاعة يكون على نقصان طول دهره و خسران إذ لا خسران أعظم من استحقاق العقاب الدائم و قيل لفي خسر أي في هلكة عن الأخفش « إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات » استثنى من جملة الناس المؤمنين المصدقين بتوحيد الله العاملين بطاعة الله « و تواصوا بالحق » أي وصى بعضهم بعضا باتباع الحق و اجتناب الباطل و قيل الحق القرآن عن الحسن و قتادة و قيل هو الإيمان و التوحيد عن مقاتل و قيل هو أن يقولوا عند الموت لمخلفيهم لا تموتن إلا و أنتم مسلمون « و تواصوا بالصبر » أي وصى بعضهم بعضا بالصبر على تحمل المشاق في طاعة الله عن الحسن و قتادة و بالصبر عن معاصي الله أي فإن هؤلاء ليسوا في خسر بل هم في أعظم ربح و زيادة يربحون الثواب باكتساب الطاعات و إنفاق العمر فيها فكان رأس مالهم باق كما أن التاجر إذا خرج رأس المال من يده و ربح عليه لم يعد ذلك ذهابا و قيل « لفي خسر » معناه لفي عقوبة و غبن من فوت أمهله و منزله في الجنة و قيل المراد بالإنسان الكافر خاصة و هو أبو جهل و الوليد بن المغيرة و في هذه السورة أعظم دلالة على إعجاز القرآن أ لا ترى أنها مع قلة حروفها تدل على جميع ما يحتاج الناس إليه في الدين علما و عملا و في وجوب التواصي بالحق و الصبر إشارة إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الدعاء إلى التوحيد و العدل و أداء الواجبات و الاجتناب عن المقبحات و قيل أن في قراءة ابن مسعود و العصر إن الإنسان لفي خسر و أنه فيه إلى آخر الدهر و روي ذلك عن علي (عليه السلام) .

مجمع البيان ج : 10 ص : 816
( 104 ) سورة الهمزة مكية و آياتها تسع ( 9 )
مكية و هي تسع آيات بالإجماع .

فضلها


و في حديث أبي من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و أصحابه .
أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من قرأ ويل لكل همزة في فريضة من فرائضه نفت عنه الفقر و جلبت عليه الرزق و تدفع عنه ميتة السوء .

تفسيرها

أجمل سبحانه في تلك السورة أن الإنسان لفي خسر و فصل في هذه السورة تلك الجملة فقال : .
سورة الهمزة
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِّكلِّ هُمَزَة لُّمَزَة(1) الَّذِى جَمَعَ مَالاً وَ عَدَّدَهُ(2) يحْسب أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ(3) َكلا لَيُنبَذَنَّ فى الحُْطمَةِ(4) وَ مَا أَدْرَاك مَا الحُْطمَةُ(5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ(6) الَّتى تَطلِعُ عَلى الأَفْئِدَةِ(7) إِنهَا عَلَيهِم مُّؤْصدَةٌ(8) فى عَمَد مُّمَدَّدَةِ(9)

القراءة

قرأ أهل البصرة و ابن كثير و نافع و عاصم « جمع » بالتخفيف و الباقون جمع بالتشديد « مؤصدة » و ذكرناه في سورة البلد و قرأ أهل الكوفة غير حفص في عمد بضمتين و الباقون « في عمد » بفتح العين و الميم .

مجمع البيان ج : 10 ص : 817

الحجة

قال أبو الحسن : المثقلة أكثر تقول فلان يجمع المال من هنا و من هنا قال أبو عمرو : و جمع خفيفة إذا أكثر و إذا ثقل فإنما هو شيء بعد شيء قال أبو علي : و قد يجوز أن يكون جمع لما يجمع فيما قرب من الوقت و لم يجمع شيئا بعد شيء قال سبحانه و نفخ في الصور فجمعناهم جمعا و قال الأعشى :
و لمثل الذي جمعت لريب الدهر
لا مسند و لا زمال و الأشبه أن تكون أداة الحرب لا تجمع في وقت واحد و إنما هو شيء بعد شيء فيجوز على هذا أن يكون شيئا بعد شيء في قول من خفف كما تقول ذلك في قول من ثقل و من قرأ عمد جعله جمعا لعمود مثل قدوم و قدم و زبور و زبر و من قال « عمد » فإنه جمع عمود أيضا كما قالوا أفق و أدم و أهب في جمع أفيق و أديم و إهاب و هذا اسم من أسماء الجمع غير مستمر و قد قالوا حارس و حرس و غائب و غيب و خادم و خدم و رائح و روح و هو في أنه غير مطرد مثل عمد .

اللغة

الهمزة الكثير الطعن على غيره بغير حق العائب له بما ليس بعيب و أصل الهمز الكسر فكان العائب بعيبه إياه و طعنه فيه يكسره و يهمزه و قيل لأعرابي أ تهمز الفأرة قال السنور تهمزها و كان الهمز في الكلام نبرة كالطعنة بقوة اعتمادها و اللمز العيب أيضا و الهمزة و اللمزة بمعنى و قد قيل بينهما فرق فإن الهمزة الذي يعيبك بظهر الغيب و اللمزة الذي يعيبك في وجهك عن الليث و قيل الهمزة الذي يؤذي جليسه بسوء لفظه و اللمزة الذي يكسر عينه على جليسه و يشير برأسه و يومىء بعينه و يقال لمزة يلمزه و يلمزه بكسر الميم و ضمها و رجل لماز و لمزة و هماز و همزة قال زياد الأعجم :
تدلي بودي إذا لاقيتني كذبا
و إن تغيبت كنت الهامز اللمزة و الحطمة الكثير الحطم أي الأكل و رجل حطمة أكول و حطم الشيء إذا كسره و أذهبه قال :
قد لفها الليل بسواق حطم
ليس براعي إبل و لا غنم و فعلة بناء المبالغة في صفة من يكثر منه الفعل و يصير عادة له تقول رجل نكحة كثير النكاح و ضحكة كثير الضحك و كذا همزة و لمزة و فعلة ساكنة العين يكون للمفعول به .

مجمع البيان ج : 10 ص : 818

الإعراب


« الذي جمع » في موضع جر على البدل من همزة و لا يجوز أن يكون صفة لأنه معرفة و يجوز أن يكون في موضع نصب على إضمار أعني و في موضع رفع على إضمار هو و في حرف عبد الله ويل للهمزة اللمزة فعلى هذا الوجه يكون صفة .
« لينبذن » يعني الجامع للمال و روي في الشواذ عن الحسن لينبذان يعني الجامع و المال .
و « نار الله » تقديره هي نار الله .

المعنى


« ويل لكل همزة لمزة » هذا وعيد من الله سبحانه لكل مغتاب غياب مشاء بالنميمة مفرق بين الأحبة عن ابن عباس و عنه أيضا قال : الهمزة الطعان و اللمزة المغتاب و قيل الهمزة المغتاب و اللمزة الطعان عن سعيد بن جبير و قتادة و قيل الهمزة الذي يطعن في الوجه بالعيب و اللمزة الذي يغتاب عند الغيبة عن الحسن و أبي العالية و عطاء بن أبي رباح و قيل الهمزة الذي يهمز الناس بيده و يضربهم و اللمزة الذي يلمزهم بلسانه و بعينه عن ابن زيد « الذي جمع مالا و عدده » أي أحصاه عن الفراء و قيل عدده للدهور فيكون من العدة عن الزجاج يقال أعددت الشيء و عددته إذا أمسكته و قيل جمع مالا من غير حله و منعه من حقه و أعده ذخرا لنوائب دهره عن الجبائي و قيل أن الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة و كان يغتاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من ورائه و يطعن عليه في وجهه عن مقاتل و قيل نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي و كان يلمز الناس و يغتابهم عن الكلبي ثم ذكر سبحانه طول أمله فقال « يحسب أن ماله أخلده » أي يظن أن ماله الذي جمعه يخلده في الدنيا و يمنعه من الموت فأخلده في معنى يخلده لأن قوله « يحسب » يدل عليه و إنما قال ذلك و إن كان الموت معلوما عند جميع الناس لأنه يعمل عمل من يتمنى ذلك و قيل « أخلده » بمعنى أوجب إخلاده و هذا كما يقال هلك فلان إذا حدث به سبب الهلاك و إن لم يقع هلاكه بعد ثم قال سبحانه « كلا » أي لا يخلده ماله و لا يبقى له و قيل معناه ليس الأمر كما حسب و قيل معناه حقا « لينبذن في الحطمة » أي ليقذفن و يطرحن من وصفناه في الحطمة و هي اسم من أسماء جهنم قال مقاتل : و هي تحطم العظام و تأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب ثم قال سبحانه « و ما أدراك ما الحطمة » تفخيما لأمرها ثم فسرها بقوله « نار الله الموقدة » أي المؤججة أضافها سبحانه إلى نفسه ليعلم أنها ليست كسائر النيران ثم وصفها بالإيقاد على الدوام « التي تطلع على الأفئدة » أي تشرف على القلوب فيبلغها ألمها و حريقها و قيل معناه أن هذه النار تخرج من الباطن إلى الظاهر بخلاف نيران الدنيا « إنها عليهم مؤصدة » يعني أنها على أهلها مطبقة يطبق أبوابها عليهم تأكيدا للإياس عن الخروج « في عمد ممددة » و هي جمع عمود و قال أبو عبيدة : كلاهما جمع عماد قال و هي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار و قال مقاتل : أطبقت
مجمع البيان ج : 10 ص : 819
الأبواب عليهم ثم شدت بأوتاد من حديد من نار حتى يرجع إليهم غمها و حرها فلا يفتح عليهم باب و لا يدخل عليهم روح و قال الحسن : يعني عمد السرادق في قوله و أحاط بهم سرادقها فإذا مدت تلك العمد أطبقت جهنم على أهلها نعوذ بالله منها و قال الكلبي : في عمد مثل السواري ممددة مطولة تمد عليهم و قال ابن عباس : هم في عمد أي في أغلال في أعناقهم يعذبون بها و روى العياشي بإسناده عن محمد بن النعمان الأحول عن حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) قال أن الكفار و المشركين يعيرون أهل التوحيد في النار و يقولون ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا و ما نحن و أنتم إلا سواء قال فيأنف لهم الرب تعالى فيقول للملائكة اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله ثم يقول للنبيين اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله ثم يقول للمؤمنين اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله و يقول الله أنا أرحم الراحمين أخرجوا برحمتي كما يخرج الفراش قال ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) ثم مدت العمد و أوصدت عليهم و كان و الله الخلود .

مجمع البيان ج : 10 ص : 820
( 105 ) سورة الفيل مكية و آياتها خمس ( 5 )
مكية خمس آيات بالإجماع .

فضلها

في حديث أبي من قرأها عافاه الله أيام حياته في الدنيا من المسخ و القذف .
أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من قرأ في الفريضة أ لم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل شهد له يوم القيامة كل سهل و جبل و مدر بأنه كان من المصلين و ينادي يوم القيامة مناد صدقتم على عبدي قبلت شهادتكم له أو عليه أدخلوا عبدي الجنة و لا تحاسبوه فإنه ممن أحبه و أحب عمله و من أكثر قراءة لإيلاف قريش بعثه الله يوم القيامة على مركب من مراكب الجنة حتى يقعد على موائد النور يوم القيامة .

تفسيرها

ذكر الله سبحانه في تلك السورة ما أعده من العذاب لمن عاب الناس و اغتابهم و ركن إلى الدنيا و بين في هذه السورة ما فعله بأصحاب الفيل قال : .
سورة الفيل
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَ لَمْ تَرَ كَيْف فَعَلَ رَبُّك بِأَصحَبِ الْفِيلِ(1) أَ لَمْ يجْعَلْ كَيْدَهُمْ فى تَضلِيل(2) وَ أَرْسلَ عَلَيهِمْ طيراً أَبَابِيلَ(3) تَرْمِيهِم بحِجَارَة مِّن سِجِّيل(4) فجَعَلَهُمْ كَعَصف مَّأْكولِ(5)

القراءة

في الشواذ قراءة أبي عبد الرحمن أ لم تر بسكون الراء .

الحجة

قال ابن جني : أن هذا السكون بابه الشعر دون القرآن لما فيه من استهلاك
مجمع البيان ج : 10 ص : 821
الحرف و الحركة قبله يعني الألف و الفتحة من ترى أنشد أبو زيد :
قالت سليمى اشتر لنا سويقا يريد اشتر و أنشد :
قد حج في ذا العام من كان رجا
فاكتر لنا كري صدق فالنجا
و احذر فلا تكتر كريا أعرجا
علجا إذا سار بنا عفنججا فحذف كسرة اكتر في الموضعين .

اللغة

أبابيل جماعات في تفرقة زمرة زمرة و لا واحد لها في قول أبي عبيدة و الفراء كعباديد و قال الكسائي : واحدها إبول مثل عجول و زعم أبو جعفر الرواسي أنه سمع في واحدها إبالة .

الإعراب


« كيف فعل ربك » منصوب بفعل على المصدر أو على الحال من الرب و التقدير أ لم تر أي فعل فعل ربك أو أ منتقما فعل ربك بهم أم مجازيا و نحو ذلك و الجملة التي هي كيف فعل ربك سدت مسد مفعولي ترى .


قصة أصحاب الفيل

أجمعت الرواة على أن ملك اليمن الذي قصد هدم الكعبة هو أبرهة بن الصباح الأشرم و قيل أن كنيته أبو يكسوم قال الواقدي : هو صاحب النجاشي جد النجاشي الذي كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و قال محمد بن يسار أقبل تبع حتى نزل على المدينة فنزل بوادي قبا فحفر بها بئرا يدعى اليوم بئر الملك قال و بالمدينة إذ ذاك يهود و الأوس و الخزرج فقاتلوه و جعلوا يقاتلونه بالنهار فإذا أمسى أرسلوا إليه بالضيافة فاستحيا و أراد صلحهم فخرج إليه رجل من الأوس يقال له أحيحة بن جلاح و خرج إليه من اليهود بنيامين القرظي فقال أحيحة : أيها الملك نحن قومك و قال بنيامين : هذه بلدة لا تقدر على أن تدخلها و لو جهدت قال و لم قال لأنها منزل نبي من الأنبياء يبعثه الله من قريش قال ثم خرج يسير حتى إذا كان من مكة على ليلتين بعث الله عليه ريحا فقصفت يديه و رجليه و شنجت جسده فأرسل إلى من معه من اليهود فقال ويحكم ما الذي أصابني قالوا حدثت نفسك بشيء قال نعم و ذكر ما أجمع عليه من هدم البيت و إصابة ما فيه قالوا ذلك بيت الله الحرام و من أراده هلك قال ويحكم و ما
مجمع البيان ج : 10 ص : 822
المخرج مما دخلت فيه قالوا تحدث نفسك بأن تطوف به و تكسوه و تهدي له فحدث نفسه بذلك فأطلقه الله ثم سار حتى دخل مكة فطاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و كسا البيت و ذكر الحديث في نحره بمكة و إطعامه الناس ثم رجوعه إلى اليمن و قتله و خروج ابنه إلى قيصر و استغاثته به فيما فعل قومه بأبيه و أن قيصر كتب له إلى النجاشي ملك الحبشة و أن النجاشي بعث له ستين ألفا و استعمل عليهم روزبه حتى قاتلوا حمير أبيه و دخلوا صنعاء فملكوها و ملكوا اليمن و كان في أصحاب روزبه رجل يقال له أبرهة و هو أبو يكسوم فقال لروزبه : إني أولى بهذا الأمر منك و قتله مكرا و أرضى النجاشي ثم أنه بني كعبة باليمن و جعل فيها قبابا من ذهب فأمر أهل مملكته بالحج إليها يضاهي بذلك البيت الحرام و إن رجلا من بني كنانة خرج حتى قدم اليمن فنظر إليها ثم قعد فيها يعني لحاجة الإنسان فدخلها أبرهة فوجد تلك العذرة فيها فقال من اجترأ علي بهذا و نصرانيتي لأهدمن ذلك البيت حتى لا يحجه حاج أبدا و دعا بالفيل و أذن قومه بالخروج و من اتبعه من أهل اليمن و كان أكثر من اتبعه منهم عك و الأشعرون و خثعم قال ثم خرج يسير حتى إذا كان ببعض طريقه بعث رجلا من بني سليم ليدعو الناس إلى حج بيته الذي يناه فتلقاه أيضا رجل من الحمس من بني كنانة فقتله فازداد بذلك حنقا و حث السير و الانطلاق و طلب من أهل الطائف دليلا فبعثوا معه رجلا من هذيل يقال له نفيل فخرج بهم يهديهم حتى إذا كانوا بالمغمس نزلوه و هو من مكة على ستة أميال فبعثوا مقدماتهم إلى مكة فخرجت قريش عباديد في رءوس الجبال و قالوا لا طاقة لنا بقتال هؤلاء و لم يبق بمكة غير عبد المطلب بن هاشم أقام على سقايته و غير شيبة بن عثمان بن عبد الدار أقام على حجابة البيت فجعل عبد المطلب يأخذ بعضادتي الباب ثم يقول :
لا هم إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك
لا يغلبوا بصليبهم و محالهم عدوا محالك
لا يدخلوا البلد الحرام إذا فأمر ما بدا لك ثم إن مقدمات أبرهة أصابت نعما لقريش فأصابت فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم فلما بلغه ذلك خرج حتى أتى القوم و كان حاجب أبرهة رجلا من الأشعرين و كانت له بعبد المطلب معرفة فاستأذن له على الملك و قال له أيها الملك جاءك سيد قريش الذي يطعم إنسها في الحي و وحشها في الجبل فقال له ائذن له و كان عبد المطلب رجلا جسيما جميلا فلما رآه أبو يكسوم أعظمه أن يجلسه تحته و كره أن يجلسه معه على سريره فنزل من سريره
 

Back Index Next