في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة321)



تحج؟ قال: لا اطاعة له عليها في حجة الاسلام.(1)
و منها: صحيحة معاوية بن وهب قال: قلت لابى عبد اللّه (عليه السلام) امرأة لها زوج فابى ان يأذن لها في الحج، و لم تحج حجة الاسلام، فغاب عنها زوجها و قد نهاها ان تحج فقال: لا طاعة له عليها في حجة الاسلام و لا كرامة، لتحج ان شاءت.(2) و هذه الرواية دليل على ان التعليق على المشية لا ينافى الوجوب كما قد مر.
و منها: صحيحة زرارة عن ابى جعفر (عليه السلام) قال سئلته عن امرأة لها زوج و هى صرورة و لا يأذن لها في الحج قال: تحج و ان لم يأذن لها.(3)
و منها غير ذلك من الروايات الدالة عليه.
ثم ان القدر المتيقن من مورد الروايات هو ما إذا كان الحج مستقرا عليها و اما إذا لم يكن كذلك كما إذا كانت في عام الاستطاعة فمقتضى القاعدة بناء على ما اخترنا من عدم اعتبار الاستطاعة الشرعية في وجوب الحج و ان المعتبر فيه هى الاستطاعة الجامعة للاستطاعات الاربعة فقط عدم اشتراط الاذن في وجوب الحج عليها لفرض تحقق الاستطاعة المعتبرة، و اما بناء على اعتبار الاستطاعة الشرعية التى لازمها عدم استلزام الاتيان بالحج لترك واجب او فعل محرم فاللازم بمقتضى القاعدة عدم الوجوب عليها مع عدم الاذن و المنع لاستلزام الحج الخروج من البيت غير الجائز بدون اذنه كما قد وقع التصريح به في جملة من الروايات هذا مع قطع النظر عن روايات المقام.
و اما مع ملاحظتها فالظاهر ان مقتضاها عدم الاشتراط في الحج غير المستقر ايضا لان قوله (عليه السلام) في كثير منها: لا اطاعة له عليها في حجة الاسلام شامل له ايضا

1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 1
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 3
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع الخمسون ح ـ 4

(الصفحة322)



و لا اختصاص له بالحج المستقر مضافا الى اطلاق السؤال فيها و ترك الاستفصال في الجواب فلا تنبغى المناقشة في هذه الصورة ايضا.
الثانية انه لا يجوز للزوج منع الزوجة عن حجة الاسلام لا بالمنع القولى و لا بالمنع العملى اما الاول فلكونه امرا بالمنكر و اما الثانى فلكونه سببا لتحققه مضافا الى انه خلاف السلطنة على النفس و الى ان الجواز فرع ثبوت الحق له و المستفاد من الروايات المتقدمة عدم ثبوت الحق له في هذه الجهة و يدل عليه مرسلة المقنعة المعتبرة قال: سئل (عليه السلام) عن المرأة تجب عليها حجة الاسلام يمنعها زوجها من ذلك، اعليها الامتناع؟ فقال (عليه السلام) ليس للزوج منعها من حجة الاسلام، و ان خالفته و خرجت لم يكن عليها حرج.(1)
الثالثة ظاهر المتن و غيره الحاق الحج الواجب بالنذر و نحوه إذا كان مضيقا بحجة الاسلام في عدم اشتراط الاذن من الزوج في وجوب الوفاء به و الدليل على الالحاق ـ كما فى المستمسك ـ مع ان الروايات المتقدمة موردها خصوص حج الاسلام اما الغاء خصوصية المورد من تلك الروايات و اما الاجماع و اما ما في المعتبرة و غيره من قوله (عليه السلام)لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.(2)
اقول ما حديث الغاء الخصوصية فلا موقع له لانه بعد ما كانت حجة الاسلام لها خصوصية من جهة الاهمية التى يكشف عنها التعبير بالكفر في مورد تركه في الاية الشريفة و كون تاركه يموت يهوديا او نصرانيا لا مجال لالغاء الخصوصية عنها لاحتمال كون الاهتمام بها موجبا لالغاء اشتراط اذن الزوج و من الواضح عدم ثبوته في مثل حج النذر كما لا يخفى.
و اما الاجماع فالظاهر انه لا اصالة له في مثل المقام مما يوجد فيه ما يمكن ان

1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 6
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 7

(الصفحة323)



يستدل به من الروايات كالغاء الخصوصية على ما عرفت و كالرواية الآتية فلا يكون الاجماع على فرض تحققه دليلا مستقلا.
و اما مرسلة المعتبر فهى و ان كانت معتبرة من حيث السند لانها من جملة المرسلات التى اسند المرسل الرواية الى الامام (عليه السلام) بمثل «قال» و هذا يكفى في اعتبار الرواية لان ذلك بمنزلة توثيق جميع الوسائط الا انه نوقش في دلالتها من وجهين:
احدهما ما يظهر من بعض الاعلام في بيان مقتضى القاعدة في حج النذر من ان النذر واجب فيما إذا كان الرجحان في متعلقه في ظرف العمل بمعنى ان النذر انما ينعقد و يجب الوفاء به إذا كان المنذور راجحا في ظرف العمل به و اما إذا كان مرجوحا و محرما في نفسه فلا ينعقد من الاول و ينحل و لا يجب الوفاء به و يقدم الواجب الاخر عليه فان العمل لا بد ان يكون في نفسه راجحا مع قطع النظر عن تعلق النذر به و عليه إذا فرض ان خروج الزوجة من البيت من دون اذن الزوج محرم كما في النصوص المعتبرة فلا ينعقد نذرها للحج المستلزم للخروج من البيت.
و محصل هذه المناقشة عدم انعقاد النذر فلا يكون هناك معصية الخالق حتى لا تكون اطاعة للمخلوق بالاضافة اليها كما لا يخفى.
و يدفع هذه المناقشة بعد تسليم اعتبار الرجحان في المتعلق في ظرف العمل و تحقق الفعل ان المنذور و هو الحج لا يكون فاقدا للرجحان في ظرف الاتيان به و استلزامه للخروج من البيت بغير اذن الزوج لا يستلزم فقدان الحج للرجحان لانه لا موجب لذلك اصلا غاية الامر ان الاستلزام المذكور موجب لتحقق المزاحمة بين دليل وجوب الوفاء بالنذر و دليل حرمة الخروج من البيت بغير اذن الزوج فاذا فرض ان المرسلة اقتضت عدم ثبوت الطاعة للمخلوق في معصية الخالق فلازمه تقديم وجوب الوفاء بالنذر و ان كان مستلزما للخروج المذكور و الانصاف ان هذا الكلام من بعض الاعلام في غاية الغرابة و نهاية الاستبعاد.

(الصفحة324)



ثانيهما ما يظهر من صاحب «جامع المدارك» من ان المرسلة ناظرة الى ما لم تكن اطاعة المخلوق اطاعة للّه تعالى ايضا و في مثل المقام من الزوج و المولى تكون اطاعة الزوجة و العبد اطاعة له تعالى لانها واجبة من قبل الشرع فهو خارج عن المرسلة.
و يدفعه ـ مضافا الى استناد الفقهاء اليها في موارد وجوب الاطاعة مثل ما إذا اذن المولى لعبده في الحج ثم رجع في اثناء الحج عن اذنه و في غيره ـ انه لا معنى لحمل المرسلة على موارد الاطاعة غير الواجبة فانه لا معنى لان تكون الاطاعة الكذائية مقدمة على اطاعة الخالق و ارتكاب معصية بل الظاهر هى الاطاعة الواجبة مع قطع النظر عن معصية الخالق فالمراد انه لاطاعة لمخلوق فيما تجب اطاعته في نفسه إذا كانت مستلزمة لمعصية الخالق فالانصاف تمامية الاستدلال بالمرسلة لعدم اشتراط مثل حج النذر و الحج الاستيجارى باذن الزوج فتدبر.
الرابعة يشترط اذن الزوج في الحج المندوب و في الجواهر: اجماعا محكيا عن التذكرة بل في المدارك نسبته الى علمائنا اجمع بل فيها عن المنتهى لا نعلم فيه خلافا بين اهل العلم و هو الحجة.
و استدل عليه ـ مضافا الى الاجماع ـ بان حق الزوج واجب فلا يجوز تفويته بما ليس بواجب و بموثقة اسحق بن عمار عن ابى ابراهيم (ع) قال: سئلته عن المرأة الموسرة قد حجت حجة الاسلام تقول لزوجها احجّنى مرة اخرى، اله ان يمنعها؟ قال: نعم، يقول لها: حقى عليك اعظم من حقك علىّ في هذا.(1) لكن في محكى المدارك: «و قد يقال ان الدليل الاول انما يقتضى المنع من الحج إذا استلزم تفويت حق الزوج و المدعى اعم من ذلك، و الرواية انما تدل على ان للزوج المنع و لا يلزم منه التوقف على الاذن...» و اجاب عن الاشكال على الاول في «المستمسك» بما حاصله ان الروايات الدالة

1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 2

(الصفحة325)



على عدم جواز خروج المرئة من بيتها الا باذنه بل على سقوط نفقة الزوجة بالخروج من بيتها بغير اذنه يدل على ان من حقوقه الاستيذان منه في السفر فلا يجوز لها تفويته و السفر بدون اذنه و عليه فالحج بدون اذنه مستلزم لتفويت حقه دائما ثم قال: نعم دلالة الموثق على وجوب الاستيذان غير ظاهرة على ان سوق السؤال فيه و في غيره من النصوص المتقدمة في حجة الاسلام يقتضى ان وظيفة الزوجة الاستيذان لا عدم المنع فلا حظ.
اقول: لا مجال للتمسك بالاجماع على اشتراط الاذن في الحج المندوب بعد عدم اتصافه بالاصالة و كون المدرك له ـ قطعا او احتمالا ـ الوجوه الاخر و اما استلزام تفويت حق الزوج بالمعنى الذى افاده في «المستمسك» لا بالمعنى المذكور في الاشكال فهو امر مسلم لا ارتياب فيه و مرجعه الى ثبوت تكليفين هنا احدهما الاستحباب المتعلق بعنوان الحج لفقد شرائط وجوبه اما لعدم تحقق الاستطاعة بعد و اما للاتيان بحجة الاسلام قبلا و ثانيهما الحرمة المتعلقة بخروجها من البيت بغير اذنه و حيث ان الحج بدون الاذن ملازم لتحقق العنوان المحرم فلا محالة يقع التزاحم بين التكليفين و من المعلوم انه في مورد التزاحم بين تكليف لزومى و بين غيره يكون الترجيح مع التكليف اللزومى لانه لا يزاحمه ما لا يكون في رتبته من جهة اللزوم و عليه فاللازم رعاية التكليف المتعلق بالخروج من البيت بغير الاذن.
و هذا الدليل يكفى في مقام الاستدلال الاّ ان الذى يرد عليه انه لو خالفت الزوجة التكليف الالزامى التحريمى و حجت بغير اذنه لا يكون مقتضى الدليل بطلان حجها لما حقق في مسئلة الصلوة و الازالة من ان الصلوة مكان الازالة صحيحة غير باطلة لاحدى الوجوه المذكورة هناك مع ان المدعى في المقام اشتراط الاذن بحيث يكون الحج مع عدمه باطلا.
فاللازم الاستناد في ذلك الى الموثقة و الظاهر تمامية دلالتها على اعتبار الاذن

(الصفحة326)



منه في صحة حجها المندوب و ذلك لان مقتضى الجمود على ظاهر السؤال فيها و ان كان هو السؤال عن ثبوت حق المنع للزوج و ثبوته لا يلازم التوقف على الاذن الاّ ان المراد منه انه هل الحج المندوب الذى تأتى به مرة اخرى مثل حجة الاسلام التى اتت بها او لا فكما انه لا يشترط الاذن في صحتها كذلك لا يشترط في صحة الحج المندوب ام لا فالسؤال انما يرجع الى كونه مثل حجة الاسلام في الجهة الممتازة و هو عدم التوقف على الاذن.
و يؤيده بل يدل عليه التعليل الذى علمه الزوج في مقابل المرئة إذا اعترضت عليه و هو قوله حقى عليك اعظم من حقك علىّ في هذا فهل مقتضى الاعظمية مجرد ثبوت حق المنع للزوج ام مقتضاها اشتراط اذنه في صحة عملها؟و الظاهر هو الثانى و عليه فمقتضى الموثقة منطبق على ما افتى به الاصحاب من الاشتراط و التوقف
الخامسة: ظاهر المتن اشتراط اذن الزوج في الحج الواجب الموسع قبل التضيق لكن التعبير بالاقوى فيه دون الحج المندوب يشعر بوجود المخالف فيه و هو كذلك فان صاحب المدارك بعد قوله: و ربما قيل بان للزوج المنع في الموسع الى محل التضييق...قال: و هو ضعيف لاصالة عدم سلطنته عليها في ذلك...» و يرد عليه انه لا مجال للاصل المذكور بعد ثبوت الاطلاق لادلة حرمة الخروج من البيت بغير اذنه فانّ مقتضاه عدم الجواز في مثل المقام نعم لو كان التزاحم بين الحرمة المذكورة و بين اصل الوجوب كما في حجة الاسلام و مثل حج النذر لما كان للحرمة موقعية لكن التزاحم في المقام بين الحرمة و بين الاتيان بالواجب الموسع في اول وقته او وسطه قبل عروض التضيق و من المعلوم تقدم الحرمة كتقدمها على الاستحباب في الحج المندوب و لكن لازم ما ذكرنا تحقق مخالفة الحكم التكليفى إذا حجت بدون اذن الزوج لا ثبوت البطلان لاجل فقدان شرط الصحة كما هو مقتضى العطف و التشريك في الحكم في المتن.

(الصفحة327)



و بالجملة المدعى هو الاشتراط و التوقف الذى لازمه البطلان مع الفقدان و الدليل لا يقتضيه بل غاية ما يدل عليه تقدم الحرمة مع التزاحم كما عرفت و لو لا دلالة الموثقة على الاشتراط في الحج المندوب لما كان مقتضى القاعدة فيه الاشتراط ايضا
السادسة: ظاهر المتن ان للزوج المنع من الخروج مع اول الرفقة في حجة الاسلام ايضا مع وجود اخرى قبل تضيق الوقت و الدليل عليه ما ذكرنا في الحج الواجب الموسع و يجرى فيه ايضا المناقشة المذكورة هناك من ان غاية مفاد الدليل تقدم الحرمة مع التزاحم لعدم كون طرفها اصل الواجب بل تقديمه مع اول الرفقة.
و يمكن دفع المناقشة هنا بالخصوص بان مقتضى ظاهر المتن هنا مجرد جواز منع الزوج لا التوقف على اذنه و الاشتراط و من المعلوم ثبوته و ان له المنع و ان لم يكن مؤثرا فى البطلان بوجه كما لا يخفى.
السابعة: ان المطلقة الرجعية بحكم الزوجة ما دامت في العدة فلا يشترط اذن الزوج فى حجها الواجب و البحث فيها تارة مع قطع النظر عن الروايات الخاصة الواردة في المطلقة و اخرى مع ملاحظتها.
اما من الحيثية الاولى فالظاهر انصراف الروايات المتقدمة الواردة في حجة الاسلام الدالة على عدم اشتراط اذن الزوج فيها عن المطلقة الرجعية لانها و ان كانت زوجة و يترتب عليها حكمها الاّ ان المنسبق الى الذهن منها غير المطلقة نعم مقتضى الدليل العام الشامل لكل حج واجب و هو قوله لاطاعة المخلوق في معصية الخالق ـ بناء على تمامية الاستدلال به كما اخترناه ـ عدم اشتراط الاذن في المطلقة الرجعية ايضا.
و اما من الحيثية الثانية فالروايات الواردة فيها على اربعة اقسام:
الاول: ما تدل على ان المطلقة لا تحج في عدتها و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين حجة الاسلام و بين غيرها و كذلك عدم الفرق بين اذن الزوج و عدمه كما ان مقتضى اطلاقها انه لا فرق بين المطلقة الرجعية و بين المطلقة البائنة و هى صحيحة معاوية بن

(الصفحة328)



عمار عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) في حديث قال: لا تحج المطلقة في عدتها.(1)
الثانى: ما تدل على ان المطلقة تحج في عدتها و هى ايضا مطلقة شاملة لجميع الحالات و الخصوصيات المذكورة و هى صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام قال: المطلقة تحج في عدتها.(2)
الثالث: ما يدل على التفصيل بين حجة الاسلام و بين غيرها و هى مرسلة منصور بن حازم قال سئلت ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن المطلقة تحج في عدتها قال ان كانت صرورة حجت فى عدتها، و ان كانت حجت فلا تحج حتى تقضى عدتها.(3) و توصيف الرواية بالصحة مع كونها مرسلة كما في جمع من الكتب الفقهية كالجواهر و غيرها لا وجه له اصلا فان ابا عبد اللّه البرقى رواها عمن ذكره عن منصور فالرواية غير معتبرة و لكن ذكر بعض الاعلام ان خبر منصور و ان كان ضعيفا سندا للارسال و لكن التفصيل المذكور فيه يستفاد من ادلة اخرى التى دلت على ان حج الاسلام لا يعتبر فيه اذن الزوج و لا طاعة له عليها فيه و اما الخروج من البيت لغير حج الاسلام فيعتبر فيه الاذن.
اقول قد عرفت ان الروايات الواردة في حجة الاسلام منصرفة عن المطلقة الرجعية فلا دلالة لها على الجزء الاول من التفصيل المذكور في خبر منصور و دعوى ثبوت حكمها فى الرجعية بطريق اولى لانه إذا لم يكن اذن الزوج شرطا في صحة حج الزوجة حجة الاسلام فعدم شرطيته في صحة حج المطلقة بطريق اولى مدفوعة بمنع الاولوية لانه يمكن ان يكون نظر الشارع الى عدم خروج المطلقة من البيت مطلقا و كونها حاضرة عنده ليتحقق الرجوع و تعود الزوجية و هذا بخلاف الزوجة

1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الستون ح ـ 3
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الستون ح ـ 1
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الستون ح ـ 2

(الصفحة329)



كما لا يخفى.
و اما روايات حرمة الخروج من البيت فمفادها مجرد الحرمة و لا دلالة لها على اعتبار الاذن بنحو الاشتراط و هذا بخلاف الجزء الثانى من الخبر المزبور فان مفاده البطلان سواء كان النهى فيه ارشادا الى الفساد و البطلان او مولويا متعلقا بعنوان العبادة كما لا يخفى فخبر منصور خصوصا بالنسبة الى الجزء الثانى لا يدل عليه شىء آخر
الرابع: ما تدل على انّ المطلقة تحج في عدتها إذا طابت نفس زوجها و هى صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد اللّه (عليه السلام): المطلقة تحج في عدتها ان طابت نفس زوجها.(1) و مقتضى اطلاقها انه لا فرق بين حجة الاسلام و غيرها.
و الجمع بينها و بين الطائفتين الاولتين يقتضى حمل الاولى على صورة عدم اذن الزوج و حمل الثانية على صورة الاذن و اللازم ـ ح ـ القول باشتراط الاذن في مثل حجة الاسلام ايضا.
و لكن الظاهر وقوع التعارض بين هذه الصحيحة و بين المرسلة المعتبرة المتقدمة: لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق بالعموم و الخصوص من وجه لعدم اختصاص الصحيحة بالحج الواجب بل القدر المتيقن منها هو الحج المندوب و اختصاص المرسلة بالحج الواجب لعدم تحقق المعصية في غيره هذا من ناحية و اما من الناحية الاخرى فالصحيحة تختص بالحج مع اذن الزوج و تقتضى عدم صحته بدونه و المرسلة تعم كل طاعة و كل معصية و مادة الاجتماع التى هى محل التعارض الحج الواجب سواء كان حجة الاسلام او غيرها من دون اذن حيث ان مقتضى الصحيحة عدم صحته و مقتضى المرسلة الصحة كما لا يخفى.
هذا و الظاهر تقدم المرسلة على الصحيحة لكون سياق المرسلة آبيا عن التخصيص و عليه فيصير المحصل عدم اشتراط اذن الزوج في حج المطلقة إذا كانت

1 ـ ابواب العدد الباب الثانى و العشرون ح ـ 2

(الصفحة330)



حجة الاسلام او مثلها من الحج الواجب المضيق.
الثامنة: ان المطلقة البائنة لا يشترط ان زوجها في صحة حجها مطلقا و لو كان مندوبا او واجبا موسعا و عللوا ذلك بانقطاع عصمتها منه ـ كما في العروة ـ و عدم كونها زوجة فلا مجال لاشتراط اذن زوجها السابق.
التاسعة: ان المعتدة للوفاة كالمطلقة البائنة بل عدم اشتراط اذن الزوج فيها اظهر لعدم وجود زوج لها على ما هو المفروض و احتمال عدم صحة حجها حتى تنقضى عدة الوفاة يدفعها روايات متعددة جمعها في الوسائل في باب مستقل منها موثقة زرارة عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) قال سئلته عن التى يتوفى عنها زوجها اتحج في عدتها؟ قال: نعم.(1) و مقتضى اطلاق السؤال و ترك الاستفصال في الجواب الشمول لمثل الحج المندوب.
العاشرة: قد استظهر في المتن ان المنقطعة كالدائمة في الاحكام المذكورة و الوجه فيه انها زوجة حقيقة و ان انقسام النكاح الى قسمين انقسام حقيقى و مجرد عدم ترتب بعض الاحكام مثل النفقة و التوارث على بعض الاقوال و حق القسم لا يوجب عدم كونها زوجة بل هى كذلك حقيقة فيكون مثل حجها المندوب مشروطأ باذن الزوج.
تتمة: لا فرق فيما ذكر من موارد اشتراط الاذن بين ما إذا لم يكن ممنوعا من الاستمتاع لمرض و نحوه و بين ما إذا كان كذلك لان الملاك على ما يستفاد من الروايات هو عنوان الزوجية و هو متحقق في الفرضين و لم يقم دليل على ان الملاك امكان الاستمتاع حتى ينتفى في صورة العدم فلا فرق بينهما من جهة الاشتراط.

1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الواحد و الستون ح ـ 2

(الصفحة331)

مسئلة 53 ـ لا يشترط وجود المحرم في حج المرأة ان كانت مأمونة على نفسها و بضعها، كانت ذات بعل اولا، و مع عدم الامن يجب عليها استصحاب محرم او من تثق به و لو بالاجرة، و مع العدم لا تكون مستطيعة، و لو وجد و لم تتمكن من اجرته لم تكن مستطيعة، و لو كان لها زوج و ادعى كونها في معرض الخطر و ادعت هى الامن فالظاهر هو التداعى، و للمسئلة صور و للزوج في الصورة المذكورة منعها بل يجب عليه ذلك، و لو انفصلت المخاصمة بحلفها او اقامت البينة و حكم لها القاضى فالظاهر سقوط حقه، و ان حجت بلا محرم مع عدم الا من صح حجها سيما مع حصول الا من قبل الشروع فى الاحرام.1.


1 ـ يقع الكلام في هذه المسئلة في مقامات:
الاول: ان المرأة ان كانت مأمؤنة على نفسها و بضعها لا يشترط في حجّها وجود المحرم من دون فرق بين ما إذا كانت ذات بعل اولا بخلاف ما إذا لم تكن مأمونة فانه يجب عليها استصحاب محرم او من تثق به و لو بالاجرة و مع العدم لا تكون مستطيعة كما إذا وجد و لم تتمكن من اجرته.
و يدل على ذلك روايات مستفيضة: منها صحيحة سليمان بن خالد عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) في المرئة تريد الحج ليس معها محرم هل يصلح لها الحج؟فقال نعم إذا كانت مأمونة.(1) و منها صحيحة معاوية بن عمار قال: سئلت ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن المرئة تحج (تخرج ـ خ ل) الى مكة بغير ولى؟ فقال لا بأس تخرج مع قوم ثقات(2) و منها صحيحة ابى بصير عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) قال سئلته عن المرئة تحج

1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن و الخمسون ح ـ 2
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن و الخمسون ح ـ 3

(الصفحة332)



بغير وليها فقال ان كانت مأمونة تحج مع اخيها المسلم.(1)
و يدل على عدم الفرق بين ذات البعل و غيرها صحيحة معاوية بن عمار قال سئلت ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن المرئة تحج بغير ولى؟قال: لا باس و ان كان لها زوج او اخ او ابن اخ فابوا ان يحجوا بها و ليس لهم سعة فلا ينبغى لها ان تقعد و لا ينبغى لهم ان يمنعوها. (الحديث) .(2) ثم انه احتمل السيد (قدس سره) فى العروة وجهين في وجوب التزويج عليها تحصيلا للمحرم مع ان الظاهر انه لا تنبغى المناقشة في الوجوب لانه بعد تحقق الاستطاعة التى هى شرط للوجوب يكون ذلك من المقدمات الوجودية التى يجب تحصيلها و لذا حكم بوجوب استصحابه و لو بالاجرة فاللازم التحصيل و لو بتزويج نفسها او تزويج بنتها حتى تسافر مع صهرها و لو كان تزويجها بنحو الانقطاع لاجل تحقق المحرمية كما إذا كان وقته ساعة او ساعتين او كانت البنت صغيرة بناء على جواز تزويجها كذلك كما إذا كان مشتملا على المصلحة و كيف كان فاللازم تحصيل المحرم باىّ نحو امكن فيما إذا لم يكن مستلزما للمهانة و الحرج كما لا يخفى.
المقام الثانى في التنازع فيما إذا كان للمرثة زوج قال في المستمسك: «اول من صور هذا النزاع فيما وقفت عليه الشهيد في الدروس قال: و لو ادعى الزوج الخوف و انكرت عمل بشاهد الحال او بالبينة فان انتفيا قدم قولها و الاقرب انه لا يمين عليها» و نحوه في المدارك و الجواهر و الحدائق.
اقول ان كان مراد الشهيد من النزاع المذكور هو كون الزوج مدعيا لخوف نفسه على الزوجة ـ نفسا او بعضا ـ و الزوجة مدعية للمأمونية على الامرين من ناحية نفسها فيرد عليه:

1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن و الخمسون ح ـ 5
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن و الخمسون ح ـ 4

(الصفحة333)



اولا: انه لا بد ان يكون مرجع الادعاء و الانكار الى النفى و الاثبات بالاضافة الى شىء واحد و اما إذا كان المدعى يثبت امرا و المنكر لا ينكره بل يثبت امرا آخر ـ كما في المقام ـ حيث ان الزوج مدع لخوف نفسه عليها و الزوجة مدعية للمأمونية من ناحية نفسها فلا يتحقق المدعى و المنكر و بالجملة محلهما ما إذا لم يمكن الجمع بينهما بحسب الواقع و اما إذا امكن الجمع كذلك كما في المقام حيث انه لا منافاة بين خوفه و عدم خوفها فلا يتحقق العنوانان.
و ثانيا: انه على تقدير صدق العنوانين لكن ليس كل دعوى قابلة للسماع و الطرح عند الحاكم و المقام كذلك فان دعوى الزوج خوف نفسه لا يترتب عليها اثر فان ما رتب عليه الاثر في النصوص و الفتاوى هى مأمونية الزوجة و عدمها و لا دخل لخوف الزوج و عدمه في ذلك نظير موارد الحرج في مثل غسل الزوجة و وضوئها فان الرافع للوجوب عنها هو اشتمالهما على الحرج باعتقادها و لا مدخل لاعتقاد الزوج في ذلك اصلا و المقام من هذا القبيل كما لا يخفى.
و ثالثا: انه على تقدير تسليم كلا الامرين ظاهر العبارة ثبوت الدعوى و المدعى و المنكر و يرد عليه انه مع انتقاء البينة كيف جعل الاقرب عدم ثبوت اليمين عليها مع ان مقتضى قاعدة «البينة على المدعى و اليمين على من انكر» ثبوت الحلف عليها فتدبر.
و ان كان مراد الشهيد (قدس سره) من النزاع المذكور ما إذا كان الزوج مدعيا لخوفها على نفسها او بعضها و انها كاذبة في دعوى المأمونية على الامرين و الزوجة مدعية للمأمونية فالنزاع بهذه الصورة في الجملة خال عن الاشكالين الاولين في الصورة السابقة لورود النفى و الاثبات على شىء واحد و هى مأمونية الزوجة و عدمها و يكون الزوج بادعائه نافيا لوجوب الحج عليها بدون المحرم او من تثق به و نقول انه على هذا التقدير يتصور صور: الاولى: ان يكون الغرض من النزاع مجرد وجوب الحج على الزوجة و عدمه

(الصفحة334)



فالزوجة تدعى المأمونية و لازمها عدم الافتقار الى محرم و ان الحج واجب عليها و الزوج يدعى خوفها و لازمه عدم وجوب الحج عليها لانتفاء المحرم على ما هو المفروض فمحط النزاع نفس الوجوب و عدمه.
و لا يخفى ان النزاع بهذه الصورة لا يكون قابلا للطرح عند الحاكم و لا تكون دعوى الزوج واجدة لشروط سماع الدعوى المذكورة في كتاب القضاء لانه يعتبر في سماعها ان تكون الدعوى على تقدير ثبوتها حقا عائدا الى المدعى و عدم وجوب الحج على الزوجة بمجرده لا يكون كذلك كما هو ظاهر.
الثانية: ان يكون الغرض من النزاع المذكور التوقف على اذن الزوج و عدمه بمعنى ان الزوجة المدعية للمأمونية تريد بذلك اثبات وجوب حجها و انه حجة الاسلام ـ مثلا ـ و إذا كان كذلك لا يشترط فيه الاذن لما تقدم من عدم اعتبار اذن الزوج في الحج الواجب على الزوجة إذا كان مضيقا و الزوج المدعى للخوف يكون غرضه نفى وجوب الحج و إذا كان كذلك يكون حجها مشروطا باذن زوجها كما تقدم ايضا فالغرض من النزاع يرجع الى التوقف على الاذن و عدمه.
و لا يخفى ان النزاع بهذه الصورة انما يكون قابلا للطرح إذا كان اذن الزوج في غير الحج الواجب حقا من حقوق الزوج كساير الحقوق الثابتة له عليها فانه ـ حينئذ ـ يرجع النزاع الى ثبوت هذا الحق و عدمه فالزوج مدع للثبوت و الزوجة منكرة باعتبار ادعائها وجوب الحج و هو لا يفتقر الى الاذن و اما إذا كان حكما من الاحكام الشرعية و منشأه الادلة الدالة على حرمة الخروج من البيت للزوجة بغير اذن زوجها الظاهرة في مجرد الحكم التكليفى من دون ان يكون هناك حق للزوج فترجع هذه الصورة الى الصورة الاولى التى لا تكون الدعوى مسموعة قابلة للطرح عند الحاكم لان مرجع النزاع ـ حينئذ ـ الى ثبوت هذا الحكم التكليفى و عدمه كما إذا تنازع رجلان في خمرية مايع معين فانه لا مجال لطرحه عند الحاكم كما لا يخفى.

(الصفحة335)



ثم انه في هذه الصورة ـ على تقدير كون الاذن حقا ـ لا وجه لتوهم كونه من موارد التداعى بل هو من موارد المدعى و المنكر كما انه لا شبهة في كون المدعى هو الزوج و المنكر هى الزوجة خصوصا بناء على ما هو الحق من كون المرجع في تشخيص المدعى و المنكر بعد عدم ورود تفسير لهما في الادلة اصلا هو العرف كساير العناوين المأخوذة فى لسان الروايات.
الثالثة: ان يكون الغرض من النزاع في ناحية الزوج هو ثبوت حق الاستمتاع له عليها فيما إذا كانت الاهلية للاستمتاع موجودة في الطرفين و في ناحية الزوجة ثبوت النفقة لها عليه فالزوج يدعى عدم المأمونية و انها خائفة فالحج لا يكون واجبا عليها و الحج الاستحبابى يوجب الاخلال بالحق الثابت له عليها و هو حق الاستمتاع و الزوجة تدعى المأمونية و ان الحج واجب عليها و النفقة لا تسقط مع وجوب الحج فهو مدع لحق الاستمتاع عليها و هى مدعية للنفقة عليه.
و في هذه الصورة تجرى احكام التداعى على تقدير عدم كون المعيار هو محط الدعوى و مصبه بل كان المعيار هو الهدف و الغرض للمتداعيين و اما على تقدير كون المعيار مصب الدعوى فلا تكون موردا للتداعى ايضا لان مصب الدعوى هى المأمونية و عدمها و هى من موارد المدعى و المنكر كما هو ظاهر.
ثم انه ذكر في المتن انه في الصورة التى استظهر فيها التداعى يكون للزوج منعها بل يجب عليه ذلك الا مع انفصال المخاصمة بحلفها او اقامتها البينة و حكم القاضى بنفعها فانه يسقط حقه فهنا امران:
احدهما: جواز منع الزوج لها بل وجوبه قبل انفصال المخاصمة بالنحو المذكور و الحكم بذلك يدل على ان المفروض في المتن هو ادعاء الزوج كونها في معرض الخطر باعتقاده فانه على تقدير ذلك يجوز له منعه باعتبار حفظها عن الخطر الذى يهدّدها سيما بالاضافة الى بعضها مع انك عرفت ان الادعاء بهذا النحو لا يكون مسموعا

(الصفحة336)



لعدم منافاته مع ادعاء الزوجة بوجه فانه يمكن الجمع بين خوفه و بين مأمونيتها، و اما لو كان المفروض في المتن ادعاء الزوج كونها في معرض الخطر باعتقادها و انها كاذبة فى دعوى المأمونية فلا مجال ـ ح ـ للحكم بوجوب المنع خصوصا مع كون اعتقاده هى المأمونية لانه يمكن الجمع بين اعتقاده المأمونية و بين دعواه كذب المرأة في الاعتقاد بذلك كما لا يخفى.
ثانيهما: عدم الجواز بعد انفصال المخاصمة بالنحو المذكور و الوجه فيه ما هو المذكور في كتاب القضاء من انه بعد انفصال المخاصمة و حكم القاضى بنفع احد المتخاصمين يجب على المحكوم عليه ترتيب آثار الحكم في الجملة فلا يجوز له تجديد الدعوى و لا المقاصة و ان كان محقا و في مثل المقام يسقط حقه و ان كان يرى نفسه كذلك.
المقام الثالث فيما لو حجت المرئة بلا محرم مع عدم الامن و حكمه على ما في التمن الصحة سيما مع حصول الامن قبل الشروع في الاحرام و ينبغى قبل بيان وجه الحكم بالصحة من تقديم امور:
الاول: انه ليس المراد بالصحة في المتن و شبهه هى الصحة غير المنافية لعدم الاجزاء عن حجة الاسلام كما في صحة الحج المندوب فانه مع كونه صحيحا لكنه لا يكون مجزيا عن حجة الاسلام كما مر الكلام فيه ـ بل المراد بالصحة ظاهرا هى الصحة مع الاجزاء و وقوع حجها بعنوان حجة الاسلام ـ مثلا ـ.
الثانى: ان اشتراط المأمونية بالذات او باستصحاب مثل المحرم في وجوب الحج على المرئة على ما يستفاد من الروايات المتقدمة الواردة في هذا الباب هل مرجعه الى اشتراط امر زائد على الاستطاعات الاربعة المعتبرة في وجوب الحج فيكون مدخليتها في الوجوب كمدخلية شىء من الاستطاعات المذكورة فيه و على هذا التقدير لا يبقى مجال للزوم تحصيله كما لا يجب تحصيل الاستطاعة ـ على ما مرّ مرارا ـ.

(الصفحة337)



او ان مرجع الاشتراط ـ على ما يستفاد من ملاحظة هذه الروايات مع ملاحظة الروايات المفسرة للاستطاعة بخصوص الامور الاربعة المذكورة الظاهرة في عدم اعتبار شىء آخر في وجوب الحج و فعليته ـ الى انه مع عدم المأمونية يقع التزاحم بين دليل وجوب الحج الذى صار منجزا لحصول شرطه و هى الاستطاعة و دليل حرمة السفر مع الخوف على النفس او العرض و الروايات الواردة في المقام ظاهرة في تقدم الحرمة على الوجوب و انه لا يجب عليها الحج مع عدم المأمونية لان الحرمة المذكورة اهم من وجوب الحج.
الثالث: ان المفروض في هذا المقام ظاهرا ما لو حجت المرئة بلا استصحاب محرم مع وجوده و امكان حصول الامن بسببه مع عدم كونها مأمونة بذاتها ففى هذه الصورة تجرى احكام التزاحم لانه كان يجب عليها اوّلا استصحابه المحقق لعنوان المأمونية لئلا يتحقق السفر مع الخوف الذى يكون محرما فاذا خالفته و عصت الحرمة التى هى اهم ـ على ما هو المفروض المستفاد من الروايات ـ و اشتغلت بالمهم الذى هو عبادة تقع صحيحة لاجل الترتب او غيره مما هو مفيد فائدته.
و قد انقدح مما ذكرنا وجه الحكم بالصحة المقرونة بالاجزاء ـ كما في المتن ـ و ان المقام من قبيل الصلوة بدل الازالة في المثال المعروف في باب التزاحم و لكن بعض الاعلام حيث زعم ان المفروض في هذا المقام صورة عدم وجود المحرم اصلا و لا محالة لا تكون مستطيعة بنظره اورد على الحكم بالصحة فيما إذا كان الخوف حاصلا عند الميقات و ما بعده من الافعال نظرا الى عدم التزاحم هنا بعد ما لم يكن في البين الا حرمة السفر و الخروج من البيت المتحقق مع جميع الاعمال لعدم تحقق الوجوب مع عدم تحقق الاستطاعة فاللازم الحكم بالبطلان الا في بعض الفروض و قد عرفت ان المفروض فى هذا المقام الصورة التى ذكرناها لا ما زعمه.

(الصفحة338)

مسئلة 54 ـ لو استقر عليه الحج بان استكملت الشرائط و اهمل حتى زالت او زال بعضها وجب الاتيان به باى نحو تمكن، و ان مات يجب ان يقضى عنه ان كانت له تركة و يصح التبرع عنه، و يتحقق الاستقرار على الاقوى ببقائها الى زمان يمكن فيه العود الى وطنه بالنسبة الى الاستطاعة المالية و البدنية و السربية، و اما بالنسبة الى مثل العقل فيكفى بقائه الى آخر الاعمال.و لو استقر عليه العمرة فقط او الحج فقط كما فيمن وظيفته حج الافراد او القران ثم زالت استطاعته فكما مر يجب عليه باى وجه تمكن و ان مات يقضى عنه1.


1 - يقع الكلام في هذه المسئلة في مقامين:
المقام الاول في حكم من استقر عليه الحج و الاستقرار في الجملة عبارة عن استكمال الشرائط ثم الاهمال و المسامحة و عدم الاتيان حتى زالت ـ كلاّ او بعضا ـ و يتصور فيه صور:
الاولى: ما إذا لم يكن قادرا على الاتيان بالحج بعد عام الاستطاعة و زوالها بوجه بحيث كان فاقدا للقدرة العقلية بعده و من المعلوم انه لا مجال لوجوب الحج في هذه الصورة بعد فرض انتفاء القدرة العقلية فقد تحقق منه عصيان التكليف من دون ان يكون له طريق الى جبرانه من غير سبيل التوبة نعم لو مات يقضى عنه من تركته مع وجودها ـ على ما سيأتى ـ.
الثانية: ما إذا كان قادرا على الاتيان بالحج بعد عام الاستطاعة و زوالها من دون ان يكون مستلزما للحرج غاية الامر مع التسكع الذى هو عبارة عن السير و الحركة مع التعسف و التكلف و هذه هى الصورة التى حكم فيها بوجوب الحج متسكعا و الدليل عليه ليس هى الاية و الادلة الدالة على وجوب الحج على المستطيع لان ظاهرها مدخلية الاستطاعة في الوجوب ـ حدوثا و بقاء ـ كسائر العناوين الظاهرة في ذلك مثل عنوانى «المسافر و الحاضر» بل الدليل هى النصوص الواردة في التسويف و التأخير الى

(الصفحة339)



آخر العمر الظاهرة في الحرمة و انه موجب لترك شريعة من شرايع الاسلام او ان تاركه يموت يهوديا او نصرانيا او انه يحشر يوم القيامة اعمى فان مفادها لزوم الاتيان به ما دام لم يمت و ان زالت الاستطاعة فلا اشكال في هذه الصورة بل لا خلاف من حيث الفتوى ايضا.
الثالثة: الصورة الثانية مع استلزامها للحرج، مقتضى القاعدة مع ملاحظة دليل نفى الحرج عدم الوجوب في هذه الصورة لكن ربما يقال بوجوبه و يمكن ان يستدل عليه بوجوه:
الاول: الاجماع لان الظاهر من كلمات الاصحاب هو التسالم على وجوب الحج متسكعا على من استقر عليه الحج الا إذا انتفى اصل القدرة.
و الجواب عنه ـ مضافا الى المناقشة في الصغرى نظرا الى انه لو كان نظرهم الى وجوب الحج حتى مع الحرج لكان اللازم التصريح به خصوصا مع ما هو المغروس في الاذهان مع ملاحظة قاعدة نفى الحرج التى هى حاكمة على الادلة الاولية ـ منع الكبرى بعد احتمال استناد المجمعين الى بعض الوجوه الآتية كما مرّ مرارا.
الثانى: انه اوقع نفسه بسوء اختياره في هذا المحذور.
و الجواب عنه عدم كونه بمجرده دليلا على الوجوب في صورة الحرج فانه لو كان هناك دليل على الوجوب لكان الوجه المذكور صالحا لتوجيهه و قابلا لتقريبه و اما مع عدم الدليل المذكور فلا يكون هذا الوجه بمجرده دليلا عليه كما لا يخفى خصوصا مع ملاحظة عدم اختصاص قاعدة الحرج بما إذا لم يكن الحرج ناشيا من المكلف و بسوء اختياره
الثالث: الروايات المتقدمة الواردة في الاستطاعة البذلية الدالة على انه ليس له ان يستحيى بل يجب عليه الخروج الى الحج و لو على حمار اجدع ابتر مع دعوى كون الاستطاعة المالية كالبذلية.

(الصفحة340)



و الجواب عنه انه قد تقدم انه يجرى في الروايات احتمالان: احدهما ان يكون المراد وجوب الحج في عام الاستطاعة البذلية و لو كان المبذول له حمارا اجدع ابتر ففى الحقيقة تدل على سعة دائرة البذل في الاستطاعة البذلية ثانيهما ان يكون المراد وجوب الحج بعد زوال الاستطاعة البذلية و ان كان على حمار كذلك ففى الحقيقة تكون ناظرة الى من استقر عليه الحج بالاستطاعة البذلية و الظاهر ان كلا من الاحتمالين يؤيده بعض الروايات الاخر فراجع.
فان كان المراد الاحتمال الاول فلا ارتباط لهذه الروايات بالمقام اصلا و ان كان المراد هو الاحتمال الثانى فالجواب ان الحج على حمار كذلك لا يكون مستلزما للحرج دائما او نوعا بل قد يكون مستلزما و قد لا يكون كذلك و في هذه الصورة يكون اطلاقها محكوما بقاعدة نفى الحرج فلا مجال للاستدلال بهذه الروايات.
الرابع: رواية ابى بصير قال قلت لابى عبد اللّه (عليه السلام) قول اللّه ـ عز و جل ـ و للّه على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا قال يخرج و يمشى ان لم يكن عنده قلت لا يقدر على المشى؟قال يمشى و يركب، قلت لا يقدر على ذلك اعنى المشى؟قال يخدم القوم و يخرج معهم.(1) و الاستدلال بهذه الرواية مع الاغماض عن سندها ـ لضعفه بعلى بن ابى حمزة البطائنى الراوى عن ابى بصير ـ مبنى على دعوى كون الرواية واردة في مورد الاستقرار و على دعوى كون خدمة القوم مستلزمة للحرج و كلتا الدعويين ممنوعة:
اما الاولى فلاجل كونها واردة في مقام الجواب عن سؤال تفسير الاية الدالة على وجوب اصل الحج مع الاستطاعة و قد عرفت ان الآية لا دلالة لها على وجوب الحج في صورة الاستقرار لظهورها في كون عنوان «المستطيع» دخيلا ـ حدوثا و بقاء ـ فلا مجال لحمل الرواية على بيان حكم الاستقرار اصلا نعم تكون الرواية معرضا عنها كما مر

1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الحاديعشر ح ـ 2