في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة161)



الموصي في كون الوصية بنحو تعدّد المطلوب يقتضي تعين الصرف في وجوه البرّ.
و لكن يرد عليه، ما اورده على السّيد (قدس سره) في الفرع الاوّل، من: عدم ثبوته في جميع الموارد، و لا يصح الاستدلال به على المدّعى.
و الذي يمكن ان يقال: انّ المستفاد من الروايتين الواردتين في الفرع الاوّل، بعد كون القدر المتيقن من موردهما صورة الشك في الوحدة و التعدّد: ان حكم الشارع في صورة الشك هو البناء على التعدّد و اجراء حكمه عليه، و مورد الروايتين و ان كان صورة النقيصة، الاّ ان الظاهر انه لا خصوصية لها، بل العمدة في محط السّؤال هو الشك المزبور لا مع انضمام النقص. و عليه، فحكم هذا الفرع ايضا يستفاد من الرّوايتين، و لعلّه لذلك جعل في المتن: الصرف في وجوه البرّ هوالاوجه، فتدبر.
الفرع الثالث: لو كان الموصى به الحج من البلد، امّا للتصريح بذلك، و امّا لظهور كلامه فيه ظهور معتبرا عند العرف و العقلاء، و دار الامر بين جعل اجرة سنتين ـ مثلا ـ لسنة و الحج من البلد، و بين الاستيجار بذلك المقدار من الميقات و رعاية العدد المعين، لعدم امكان صرف المقدار في الحج البلدي مع مراعاة العدد. و بعبارة اخرى: لم يمكن الجمع بين الخصوصيتين، البلد و التعدد، و دار الامر بين الغاء الاولى او الغاء الثانية، فقد قال في العروة: «في تعيين الاوّل او الثاني وجهان، و لا يبعد التخيير، بل اولوية الثاني، الاّ ان مقتضى اطلاق الخبرين الاوّل».
و الكلام فيه، تارة: من جهة مقتضى القاعدة، و اخرى: من جهة مفادالخبرين. امّا من الجهة الاولى: فظاهر كشف اللثام باعتبار اختياره الثاني: انه هو مقتضى القاعدة، بل تصدّى بعد ذكر ان الجز الاخير، يوهم الخلاف، لتنزيله

(الصفحة162)



عدم امكانه من الميقات، و لعلّ الوجه فيه: ان الطريق باعتبار كونه مقدمة خارجة عن حقيقة العبادة و اعمال الحج و مناسكه، لا ينهض في مقابل نفس العبادة، التي شروعها من الميقات.
و يدفعه: انّ الوصي انّما يكون مسؤولا في مقابل الوصية، و اللازم عليه العمل بها، و بالنظر الى الوصية لا تكون احدى الخصوصيتين اولى من الاخرى، و لذا ذكر صاحب الجواهر في مقام الاعتراض على كشف اللثام: ان المحافظة على كونه في كلّ سنة، و ان خالف في انّها من البلد ليس باولى من المحافظة على الاخير، و ان خالف الوصية في الاوّل. و بالجملة: فالظاهر ان الحكم بمقتضى القاعدة هو التخيير.
و امّا من الجهة الثانية: فمن الواضح: دلالة الخبر الثاني، باعتبار فرض كون تضاعف المؤمن ناشيا عن انقطاع طريق البصرة، و امره (عليه السلام) بجعل حجتين مكان ثلاث حجج، على لزوم رعاية خصوصية البلد و الغاء التعدد في كلّ سنة. و امّا الخبر الاوّل فمقتضى اطلاقه هو اتيان الحج البلدي مرة واحدة، سواء لم يتمكن من حجتين ميقاتيتين او تمكن منهما، و عليه، فمفاد الروايتين تقديم خصوصية البلد.
و لكن في مقابله امران:
احدهما: ما ذكره كاشف اللثام، من: امكان حملهما على صورة عدم التمكن من الحج الميقاتي.
و لكنه اجاب عنه صاحب الجواهر: بانه لا داعي الى هذا الاجتهاد في مقابل النص المعمول به بين الاصحاب و مرجعه الى ان الحمل لا بد و ان يكون لعلّة موجبة له و لا موجب في المقام، خصوصا بعد ما عرفت، من: كون مقتضى القاعدة ليس هو الثاني.

(الصفحة163)



ثانيهما: الروايات الدالة على ان من اوصى بحجة الاسلام يجب ان يقضى عنه من بلده، فان لم تسع التركة للحج من البلد فمن حيث بلغت، و لو من الميقات.
و تدفع المقابلة اختلاف مورد الطائفتين، فان مورد تلك الروايات: ان الانتقال الى الميقات انّما هو مع عدم التمكن من البلد و ما دون الميقات، و مورد الخبرين في المقام ليست صورة عدم التمكن، ضرورة انه يمكن الحج من البلد، غاية الامر، لزوم الاخلال بالعدد المذكور في الوصية، فموردهما دوران الامر بين الغاء خصوصية البلد و الغاء خصوصية العدد، فلا ارتباط لاحدهما بالاخر، فاللازم تقديم الحج البلدي، كما اختاره الماتن ـ قدس سرّه الشريف ـ.
بقي الكلام: فيما وقع التعرض له في ذيل المسألة بقوله: هذا كلّه إذا لم يعلم من الموصي...
و يظهر منه ان لكل من الفروع الثلاثة صورا متعددة: صورة العلم بتعدد المطلوب، و صورة العلم بوحدة المطلوب، و صورة الشك في الواحدة و التعدد.
امّا صورة العلم بالتعدد: فالحكم فيها ما تقدم في الفروع، و امّا صورة العلم بالوحدة: فالظاهر خروجها من الخبرين، لانصرافهما عنها، و حكمها بطلان الوصية، لعدم امكان العمل بها، و لا يجوز التفكيك بين الخصوصيتين بعد تقيد احديهما بالاخرى بنحو وحدة المطلوب. نعم، مع عدم كون الوصية مقيدة بسنين معينة كالسنين المتصلة بالموت، و رجاء امكان ذلك بالتأخير، لا تبطل الوصية، بل يؤخر لاحتمال امكان العمل، و كيف كان، فمع عدم الامكان تبطل.
و امّا صورة الشك في الوحدة و التعدد، فلا اشكال في شمول الخبرين لها، لانّها القدر المتيقن من موردهما، بل يمكن ان يقال باختصاص المورد بها لعدم

(الصفحة164)



حاجة صورة العلم بالتعدد الى السؤال، لوضوح حكمها، و كيف كان، فالكلام في صورة الشك، تارة من جهة مقتضى القاعدة، مع قطع النظر عن الخبرين، و اخرى مع ملاحظتهما.
امّا من الجهة الاولى: فالمستفاد من «المستمسك» ان حكمها البطلان و عدم لزوم العمل بالوصية اصلا، حيث قال: «ان المرجع في صورة الشك اصالة عدم الوصية».
و الظاهر ان مراده: انّه مع احتمال الوحدة لا يبقى للوصية مجال، فالشك فيها شك في الوصية و عدمها، و مقتضى الاستصحاب العدم.
و يدفعه: أنّه لا شبهة في تعلق الوصية بكلا الامرين: المقدار المعين و العدد كذلك، انما الشك في الارتباط و التقييد، و مقتضى الاستصحاب العدم، فاللازم العمل بما تمكن منهما، و لا يكون هذا الاصل مثبتا بوجه، لان مجرد عدم التقييدالثابت بالاستصحاب يكفي في اللزوم المذكور، فانقدح: انه لو لا الخبرين لكان مقتضى القاعدة اللزوم، كما هو مفادهما.
و امّا من الجهة الثانية: فالظاهر ان مفاد الخبرين حكم ظاهري مجعول في صورة الشك، و هو لزوم البناء على التعدد في مورد الشك فيه، كالحكم بلزوم البناء على الاكثر في الشّك في ركعات الصلاة، و لا مجال لملاحظة منشأ الحكم حتى يقتصر على خصوص مورده. و عليه، فما في «المستمسك» من انهما في مقام الحكم الظاهري، اعتمادا على القرائن العامّة، و انه لو اتّفق حصول بعض ما يمنع من القرائن العامة يشكل جواز الاخذ بهما، بل الا وجه العدم لا مجال له، لانّ اللازم ملاحظة مفاد نفس الخبرين، و مقتضاهما لزوم البناء على التعدد مع الشك فيه، سواء كانت تلك القرائن موجودة ام لا، فالانصاف انه مع ملاحظة الخبرين يكون الحكم هو البناء على التعدد مطلقا. فتدبّر.

(الصفحة165)

مسألة 7 ـ لو اوصى و عيّن الاجرة في مقدار، فان كان واجبا و لم يزد على اجرة المثل، او زاد و كفى ثلثة بالزيادة، او اجاز الورثة تعيّن و الاّ بطلت، و يرجع الى اجرة المثل، و ان كان مندوبا فكذلك مع وفاء الثلث به، و الاّ فبقدر وفائه إذا كان التعيين لا على وجه التقييد، و ان لم يف به حتى من الميقات، و لم يأذن الورثة او كان على وجه التقييد بطلت1 .


يقع الكلام في هذه المسألة، تارة: في الحج الواجب على الموصي، كحجة الاسلام، و اخرى: في الحج
1 - المندوب.
امّا الاوّل: فلا اشكال في صحة الوصية و لزوم العمل بها، بصرف الاجرة المعينة، إذا لم تكن زائدة على اجرة المثل، و كذا لو كانت زائدة و لكنه كفى ثلثه بالزيادة، لخروج اجرة المثل عن اصل التركة في الحج الواجب او لم يكف، و لكنه اجاز الورثة الزائد على الثلث.
و امّا في صورة عدم كفاية الثلث بالزيادة و عدم اجازة الورثة للزائد على الثلث: ففي المتن تبعا للعروة: بطلان الوصية و الرجوع الى اجرة المثل، مع ان الظاهر عدم بطلانها بالاضافة الى مقدار الثلث غير البالغ الاجرة المعينة الموصى بها، فاذا فرض ان المقدار المعين خمسون الف توناما و كانت اجرة المثل ثلاثين الف تومان، و فرض بلوغ الثلث عشرة الاف تومان فالظاهر لزوم ضم هذه العشرة الى اجرة المثل، و عدم بطلان الوصية بالاضافة اليها، كما لا يخفى.
و امّا الثاني: فالحكم فيه كالاوّل، الاّ ان الفرق بينهما من جهتين:
الاولى: انّ الاجرة المعينة لا بد و ان تلاحظ بالاضافة الى جميع مصارف الحج، لعدم خروج اجرة المثل من الاصل هنا، كما في الحج الواجب، فاللازم ملاحظة الثلث مع جميع اجرة الحج لا الزائد على اجرة المثل.
الثانية: جريان فرض التقييد في التعيين هنا دون الحج الواجب، لانه لا مجال للتقييد هناك بعد لزوم الاستنابة مطلقا، سواء كانت الاجرة مساوية لاجرة المثل أو مختلفة معها، و امّا في الحج المندوب فيمكن ان يكون التقييد بنحو التعيين، كما هو ظاهر.

(الصفحة166)

مسألة 8 ـ لو عين للحجّ اجرة لا يرغب فيها احد و لو للميقاتي و كان الحجّ مستحبّا، بطلت الوصية ان لم يرج وجود راغب فيها، و تصرف في وجوه البرّ، الاّ إذا علم كونه علىوجه التقييد، فترجع الى الوارث، من غير فرق في الصورتين بين التعذر الطّارىء و غيره، و من غير فرق بين ما لو اوصى بالثلث و عين له مصارف و غيره1 .


1 - لا اشكال في بطلان الوصية، بمعنى عدم لزوم الاستيجار للحج عن الموصي، و لو من الميقات، في مفروض المسألة مع عدم رجاء وجود راغب فيها، و لو في المستقبل، و الوجه فيه: عدم امكان العمل بالوصية، فلا يبقى مجال لصحّته.
و امّا الاجرة الموصى بها، فان كانت الوصية بها للحج بنحو وحدة المطلوب و التقييد، و علم بذلك، فلا شبهة في رجوع الاجرة الى الوارث، و عدم جواز صرفها في وجوه البرّ بنفع الموصي، كما انه لو علم تعدّد المطلوب و عدم التقييد، لا ريب في عدم رجوع الاجرة الى الوارث، و لزوم صرفها في مصلحة الموصي و ما ينتفع به.
انّما الكلام في صورة الشك في الوحدة و التعدد، و المسألة مختلف فيها، و فيهااقوال ثلاثة:
احدها: الصرف في جوه البرّ، و قد نسبه في المدارك الى المشهور، و اختاره الفاضلان في الشرايع و المنتهى، و السيّد في العروة، و الماتن ـ قدّس الله اسرارهم ـ.
ثانيها: الرجوع الى الوارث، و اختاره الشيخ في اجوبة المسائل الحائريّات، و ابن ادريس، و تبعهما صاحب المدارك.
ثالثها: ما اختاره المحقق الكركي و الشهيد الثاني في المسالك، من التفصيل بين ما إذا كان التعذر طاريا فتصرف في وجوه البرّ، و بين ما إذا كان من الاوّل و حين الوصيّة، فترجع الى الوارث.
و قد استدل في العروة لما هو المشهور بعد نفي كون قاعدة الميسور، دليلا لما مرّمنه سابقا، و مضى البحث عنه في المسألة السّادسة المتقدمة، بامرين:

(الصفحة167)



احدهما: ان الظاهر من حال الموصي ـ في امثال المقام ـ ارادة عمل ينفعه، و انما عين عملا خاصّا لكونه انفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحج على وجه تعدد المطلوب، و ان لم يكن متذكرا لذلك حين الوصية.
و يرد عليه: انه لم يثبت كون الظهور في جميع الموارد. نعم، الظاهر ثبوته في اكثرها، فلا مجال للاستدلال به، لعموم المدّعى.
ثانيهما: رواية علي بن سويد ـ التي رواها المشايخ الثلاثة ـ قال: اوصى اليّ رجل بتركته، و امرني ان احجّ بها عنه، فنظرت في ذلك، فاذا شيء يسير لا يكفي للحج فسألت ابا حنيفة و فقهاء الكوفة، فقالوا: تصدق بها عنه. فلما حججت لقيت عبد الله بن الحسن في الطواف فسألته، و قلت له: ان رجلا من مواليكم من اهل الكوفة مات فاوصى بتركته اليّ، و امرني ان احجّ بها عنه، فنظرت في ذلك فلم تكلف في الحج، فسألت من قبلنا من الفقهاء، فقالوا: تصدق بها، فتصدقت بها، فما تقول؟ فقال لي: هذا جعفر بن محمد فاته و اسأله، قال: فدخلت الحجر فاذاابو عبد الله (عليه السلام) تحت الميزاب مقبل بوجهه على البيت يدعو، ثم التفت فرآني، فقال: ما حاجتك؟ فقلت: جعلت فداك!اني رجل من اهل الكوفة من مواليكم، فقال: دع هذا عنك، حاجتك، قلت: رجل مات فاوصى بتركته ان احجّ بهاعنه، فنظرت في ذلك فلم يكف للحج فسألت من عندنا من الفقهاء، فقالوا: تصدق بها، فقال: ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها، فقال: ضمنت، الاّ ان لا يبلغ ان يحج به من مكّة، فان كان لا يبلغ ان يحج به من مكة فليس عليك ضمان، و ان كان يبلغ ان يحج به من مكّة فانت ضامن.(1) و دلالتها على لزوم مثل التصدق مع عدم بلوغها، ان يحج بها من مكة، ظاهرة،

1 ـ وسائل كتاب الوصايا الباب السابع و الثلاثون ح ـ 2.

(الصفحة168)



كما ان الظاهر ان موردها صورة الشك في الوحدة و التعدّد، لكن الكلام في سند الرواية، فان الظاهر ان الراوي ـ كما في المصادر الاصلية للرواية ـ علي بن فرقد او علي بن مزيد، و كلاهما مجهولان.
و لكن مقتضى ما ذكرنا في المسألة السادسة، من: ان القاعدة تقتضي البناءعلى التعدد في صورة الشك، عدم الحاجة الى الرواية في اثبات الحكم المذكور.
و عليه، فتكون الرواية مؤيدة للقاعدة، كما انه يؤيدها روايتا ابراهيم بن مهزيار المتقدمتان في تلك المسألة بناء على استفادة الضابطة الكلية منهما، و هو لزوم البناء على التعدد في موارد الشك. و هنا روايات اخرى تؤيّد ما ذكر، مثل ما ورد في الوصي الذي نسي الوصيّة الاّ بابا واحدا، مما يدل على ان الابواب الباقية تجعل في وجوه البرّ، و ما ورد فيمن اوصى ان تشترى رقبة بثمن معين و تعتق، فوجدت باقل من ذلك الثمن، مما يدل على انه تشترى بالاقل و تعتق، و يدفع اليها الباقي، و غيرهما من الرّوايات.
هذا، و لكن يرد على الاستدلال بالرواية ما عرفت من ضعف سندها، و مضمونها، و ان كان موافقا لنظر المشهور، الا انه لم يحرز استناد المشهور الى الرواية حتى يكون جابرا لضعفها، لانه من المحتمل ان يكون مستندهم غيرها، فترى ان العلامة، في المنتهى يستدل بان هذا القدر من المال قد خرج عن ملك الورثة بالوصية النافذة، و لا يمكن صرفها في الطاعة التي عيّنها الموصي فتصرف الى غيرها من الطّاعات، لدخولها في الوصية ضمنا. و مرجع دليله الى الدليل الاوّل المذكور في العروة، و ليس في كلامه اشعار بالاستدلال بالرواية. و عليه، فلا جابرلضعفها، و استفادة الضابطة الكلية من روايتى ابراهيم بن مهزيار المتقدمتين لا شاهد لها، و المؤيّدات المذكورة لا تنهض للدلالة و لا تتصف بالحجية. و عليه، فيشكل الامر بعد كون مقتضى القاعدة الخلاف، كما هو المفروض.

(الصفحة169)

مسألة 9 ـ لو اوصى بان يحجّ عنه ماشيا او حافيا او مع مركوب خاص صحّ، و اعتبر خروجه من الثلث ان كان ندبيّا و خروج الزائد عن اجرة الحج الميقاتي، و كذا التفاوت بين المذكورات و الحج المتعارف ان كان واجبا. و لو كان عليه حج نذري ماشيا و نحوه، خرج من اصل التركة، اوصى به ام لا، و لو كان نذره مقيدا بالمباشرة، فالظاهر عدم وجوب الاستيجار الاّ إذا احرز تعدّد المطلوب1 .


ثم على تقدير اعتبار الرواية، لا شبهة في ان موردها، او القدر المتيقن منه صورة الشك، في وحدة المطلوب و تعدده. و الظاهر خروج صورة العلم بالوحدة عن الاطلاق، للانصراف الظّاهر.
كما انه في صورة الشك، يلزم الاخذ بمفادها مطلقا، من دون فرق بين ما إذالم يكن في مقابل القرائن العامة بعض القرائن الخاصة على الخلاف، و ما إذا كان و دعوى انّ منصرفها ان ذلك عمل بالوصية، فلا تشمل الصورة الثانية. مدفوعة بعدم الشاهد عليها، بل ظاهرها الاطلاق، كما في البناء على الاكثر في الشك في عدد ركعات الصلاة على ما عرفت، و لا مجال لادعاء الفرق بين الصلاة و بين الوصية، لكون الاولى حق الله المحض و الثانية مرتبطة بالموصي، و ذلك لان البحث في الحكم الشرعي، و هو لزوم العلم بالوصية الثابت في الشرع. و ظاهر الرواية ثبوته بنحو الاطلاق، من دون فرق بين الصورتين.
كما انه على تقدير الاخذ بالرواية، لا يبقى مجال للتفصيل، الذي هو القول الثالث، بل ظاهر الرواية كون المورد صورة التعذر من الاصل، ففي صورة التعذر الطارىء يجري الحكم بطريق اولى، و على هذا التقدير ـ ايضا ـ لا فرق بين ما إذاكانت الوصية بصورة اخراج الثلث اوّلا ثم تعيين مصارف له، او كانت الوصية بصورة الوحدة، و ان كان الحكم في الصورة الأولى اوضح، و التعليل المذكور في كلام السّيد للصورة الاولى مخدوش. و الاولى التعليل بوضوح تعدد المطلوب فيهادون الصورة الثانية، فتدبر.
1 - في هذه المسألة فرعان:

(الصفحة170)



الفرع الاوّل: ما لو اوصى بان يحج عنه ماشيا او حافيا او مع مركوب خاص، و في هذه الصورة الحكم كما في المتن، من: انه تصحّ الوصية بلا اشكال، لعدم اعتبار الرجحان في الموصى به بخلاف النذّر، غاية الامر، انه ان كان الحج ندبيّا يعتبرخروج اصل الحج و خصوصياته باجمعها من الثلث، و ان كان الحج واجبا يخرج اجرة الحج الميقاتي بالكيفية المتعارفة من اصل التركة و البقية من الاصل، فيخرج التفاوت بين البلدي و الميقاتي، و كذا التفاوت بين الميقاتي بالكيفية المتعارفة، كالسير مع السيارة، و بينه بالكيفية الموصى بها من الثلث، كما هو ظاهر.
الفرع الثاني: ما لو كان عليه حجّ نذري ماشيا و نحوه، و قد عرفت في فصل نذر الحج صحة نذرماشيا و نحوه، كما انّك عرفت لزوم القضاء عن النار إذا لم يأت به في حال الحياة مع التمكن منه، و كونه خارجا من اصل التركة، كحجة الاسلام، مع استقرارها على الميت، انّما الكلام فيما لو كان عليه حج نذري ماشيا و نحوه، فهل يجب ان يقضى عنه بعد الموت كذلك، او انّ اللازم قضاء اصل الحج؟ و الظاهر انّ هذا البحث لا يرتبط بالبحث في الاخراج من الاصل او الثلث، فانهما بحثان مستقلان. نعم، يظهر من مثل المتن مفروغية قضاء الحج بالكيفية المنذورة. و قدناقش فيه بعض الاعلام، و ان وقع في كلامه الخلط بين البحثين.
و محصل كلامه يرجع الى ان النص قام على لزوم قضاء حجة الاسلام، و امّا الحج النذري فقد ادعى الاجماع على الالحاق، و حيث ان الاجماع دليل لبّي يقتصر فيه على القدر المتيقن، و هو قضاء اصل الحج لا الخصوصيات، نظير الصوم

(الصفحة171)



المنذور في يوم معيّن، كاوّل جمعة من شهر رجب هذه السنّةّ، فاذا لم يتمكن من الصّوم فيه لمرض و نحوه، فالقاعدة، و ان كانت تقتضي بطلان نذره لعدم التمكن من متعلقه، لكن النص دل على وجوب القضاء، و مقتضاه وجوب قضاء اصل الصوم لا مع الخصوصية المنذورة.
و يرد عليه: مضافا الى ان الاجماع انّما يكون معقده لزوم القضاء، و من الواضح: ان لا مغايرة بين الاداء و القضاء من جهة الخصوصيات، فاذا كان الواجب على الناذر هو الحج ماشيا، فالقضاء الواجب لا بد و ان يكون مع الخصوصية المذكورة، وضوح الفرق بين المقام و بين مثال الصوم، فان القضاء مع الخصوصية ممتنع في الصوم، لعدم تعدد ذلك اليوم، بخلاف المقام الذي لامتناع فيه بوجوه، كما هو المفروض. فالظاهر بمقتضى ما ذكرنا، لزوم القضاء مع الخصوصية، و قد تقدم في فضل نذر الحج لزوم الاخراج من الاصل، كما انه لا فرق بين صورتي الوصيةو عدمها، كما لا يخفى.
بقي الكلامفي ما استدركه بقوله: و لو كان نذره مقيّدا بالمباشرة... و مراده: انه لو كان قيد المباشرة مأخوذا في متعلق النذر بنحو وحدة المطلوب، بحيث كان الغرض متعلّقا بصدور الحج ماشيا من نفسه، لا صدوره بنحو الاعم من المباشرةو التسبيب و بعبارة اخرى: كانت المباشرة قيدا في المأمور به دون المورد، كما ذكره السيد (قدس سره) في العروة. فالظاهر عدم وجوب الاستنابة عنه، لعدم صدق القضاء على ما اتى به الاجير من الحج ماشيا بعد تعلق الغرض بالمباشرة، و صدور الحج كذلك من شخصه لا الاعم منه و من غيره، بالاستنابة، و على تقدير صدق القضاء. فدليل لزومه قاصر عن الشمول لهذه الصورة، خصوصا لو كان الدليل هو الاجماع، الذي يقتصر فيه على القدر المتيقن.
و العجب من بعض الاعلام، حيث اعترض على الفرق بان نذره إذا تعلق

(الصفحة172)

مسألة 10 ـ لو اوصى بحجتين او ازيد، و قال: انها واجبة عليه، صدّق و تخرج من اصل التركة، الاّ ان يكون اقراره في مرض الموت، و كان متّهما فيه، فتخرج من الثلث1 .


بالحج ماشيا، فلا محالة كان الواجب عليه هو المشى ببدنه، لاستحالة المشي ببدن غيره، فالتقييد و عدمه سيّان من هذه الجهة، فاذا وجب القضاء مع عدم التقييد وجب مع التقييد ايضا.
و ذلك لوضوح الفرق بين كون المباشرة مأخوذة قيدا في متعلق النذر، و بين كونها معتبرة في مقام الوفاء بالنذر الذي يكون واجبا، و من الواضح: ان لزوم الوفاء، بالنذر تابع لكيفية النذر و ملاحظة غرض الناذر، و ليس ذلك مثل حجة الاسلام، فالانصاف: وضوح الفرق و ثبوت التفصيل في وجوب القضاء.
و يبقى الكلام بعد ذلك في الاستثناء المذكور في المتن، بقوله: الاّ إذا احرزتعدد المطلوب، فان صورة التعدد مغايرة للتقييد المساوق لوحدة المطلوب. و عليه، فيكون الاستثناء منقطعا، و هو خلاف الظاهر في المتون الفقهية، مع ان حكم هذه الصورة كان مذكورا بنحو العموم قبل استدراك صورة التقييد، و هو وجوب القضاء و الاخراج من اصل التركة، مع ان التقييد بالاحراز يدل على ان حكم صورة الشك في الواحدة و التعدد حكم صورة احراز الوحدة، مع انه قد عرفت في المسائل السابقة جريان حكم صورة احراز التعدد في صورة الشك. و من الظاهرانه لا خصوصية للمقام تقتضي العكس، و لعلّه لذا لم يتحقق هذا الاستثناء، و لم يتعرض له في العروة.
1 - الاصل في هذه المسألة هي النصوص و الرّوايات الواردة في الوصية بالدين و الاقرار به، المشتملة على التفصيل بين ما إذا لم يكن في مرض الموت او كان فيه، و لكنه لم يكن متّهما، و بين صورة الاتهام في مرض الموت، و انه يخرج من الاصل في الاوّل، و من الثلث في الثاني، بضميمة ان الحج الواجب، سواء كان حجة الاسلام او حج النذر، او الحج الاستيجاري، دين او بمنزلة الدين،

(الصفحة173)

11 ـ لو اوصى بما عنده من المال للحجّ ندبا، و لم يعلم انه يخرج من الثلث ام لا، لم يجز صرف جميعه، و لو ادّعى ان عند الورثة ضعف هذا، او انه اوصى بذلك و اجازوا (اجازظ) الورثة، يسمع دعواه بالمعنى المعهود في باب الدّعاوى، لا بمعنى انفاذ قوله مطلقا1 .


فيجري عليه حكمه.
و العجب كل العجب من بعض الاعلام، حيث جعل البحث في صحة الاقرار و نفوذه، و سعى في اثبات ذلك بعد وجود المناقشة السندية، في مثل اقرار العقلاء على انفسهم جائز، مع ان البحث ليس في الاقرار الذي يؤخذ به المقر، بل في الايصاء، الذي يترتب عليه التصرف في التركة، و الخروج من الاصل على تقدير ثبوته، و هذا لا يرتبط بمسألة اقرار العقلاء، و اعجب من ذلك انه جعل الدين اجرة حجة الاسلام و اجرة الحج الاستيجاري، مع ان البحث في نفس الحج، الذي هو الموصى به، فان الواجب في الحج الاستيجاري هو نفس الحج، الذي استؤجر عليه، و الاجرة لا ربط لها بذلك، كما لا يخفى.
1 - فرض المسألة ما لو اوصى بما عنده من المال لا بعنوان جميع ماله، للحج ندبا، و لم يعلم ان ذلك المقدار ثلث ماله، حتى تكون الوصية نافذة بالاضافة الى جميعه، او زائدا على الثلث، بان كان نصف المال ـ مثلا ـ او مجموع المال، حتى لا تكون الوصية نافذة الاّ بالاضافة الى الثلث. ففي المتن ـ تبعا للعروة ـ: انه لا يجوزصرف جميعه، بل بمقدار ثلثة، إذا احتمل ان يكون جميع المال، و ثلثه، إذا احتمل يكون نصف المال، و هكذا.
لكن في المستمسك: حمل التصرف على الصحة يقتضي انه تصرف في الثلث. و اورد على التمسك باصالة الصحة بعض الاعلام، بما ملخصّه: ان اصالة الصحة بمعنى ترتيب الاثر على العقد او الايقاع (لا بمعنى عدم ارتكاب الحرام)، مستندها السيرة، القطعية، و موردها ما إذا احرزنا ولاية العامل على الفعل، و شك

(الصفحة174)



في وقوعه منه صحيحا ام باطلا، و امّا إذا شك في اصل الولاية، فلا يمكن اثبات الصحة بالاصل، و قد مثل له مثالين، و لكن الأولى ان يجعل مثاله ما إذا باع زيد دار عمرو من بكر، و شك في انه هل كان وكيلا من ناحية عمرو، حتى يكون له الولاية على بيع داره، او كان فضوليّا، لا تكون له الولاية؟ فانه لا يجري اصالة الصحّة فيه، و المقام من هذا القبيل، فان التصرف في جميع ما عنده بالوصيّة، مع احتمال كونه زائدا على الثلث، و معه لا ولاية له على الوصيّة، بالاضافة الى الزائد، لا يحرز ثبوت الولاية له، بالاضافة اليه، فلا مجال لجريان اصالة الصحة.
و عليه، فالحكم كما في المتن.
ثمّ انه لو ادعي في هذا الفرض: انه عند الورثة ضعف هذا، و مرجعه الى ادّعاء كون ما عنده ـ الذي تعلق به الوصية ـ ثلث المال، فلا تكون زائدة عليه، او ادعى: ان ما عنده زائد على الثلث، و لكن الورثة اجازوا الزائد، فالوصية نافذة بالنسبة الى الجميع، ففي العروة: ان في سماع دعواه و عدمه وجهين. و الوجه في عدم السّماع: ان دعواه انما تكون على الغير، و لا بد له من اثباتها، فانّ ادعاءه كون ثلثي ماله عند الورثة، او انهم اجازوا الزائد على الثلث، يكون ادّعاء على الورثة و محتاجا الى الاثبات، و لا يكفي فيه مجرد الدعّوى.
و الوجه في السّماع، كما في المستمسك: انه اخبار عما في يده و تحت اختياره، لانه اخبر بكون ما عنده ثلثا من ماله، كما انه اخبر بكون الوصية المتعلقة به مجازة باجازة الورثة و تنفيذهم.
و لكنه اورد عليه: بانه لم تثبت حجية اخبار ذي اليد بجميع ما يرجع الى تحت يده. نعم، لو رجع اخباره عنه الى الاقرار على نفسه يسمع، كما إذا اخبر: بان ما في يده مغصوب، و امّا الاخبار ببقية الجهات فلا دليل على السّماع منه، و لذا لو اخبر بكرية الماء، الذي في يده، لا يسمع منه.

(الصفحة175)

مسألة 12 ـ لو مات الوصيّ بعد قبض اجرة الاستيجار من التركة، و شك في استيجاره له قبل موته فان كان الحجّ موسّعا يجب الاستيجار من بقية التركة، ان كانواجبا و كذا ان لم تمض مدة يمكن الاستيجار فيها، بل الظاهر وجوبه، لو كان الوجوب فوريّا و مضت مدة يمكن الاستيجار فيها، و من بقية ثلثها، ان كان مندوبا، و الاقوى عدم ضمانه لما قبض. و لو كان المال المقبوض موجودا عنده اخذ منه، نعم، لو عامل معه معاملة الملكية في حال حياته، او عامل ورثته كذلك، لا يبعد عدم جواز اخذه على اشكال، خصوصيا في الاوّل1 .


ثم انّ ظاهر عبارة العروة: ان المراد من سماع دعوى الموصي، قبول دعواه بمجردها من دون حاجة الى بيّنة و نحوها، كما ان المراد من عدم السّماع عدم القبول بمجردها، بل يحتاج الى الاثبات و اقامة الدليل، و لكن فسر في المتن السّماع بما يرجع الى ما ذكر في كتاب القضاء في بحث شروط سماع الدعوى، و معناه ان المراد بالسماع هي قابليّة العرض على الحاكم، و لزوم نظر الحاكم فيه، و فصل الخصومة فيه، فانه ليس كل دعوى قابلة للطرح و العرض، فالمقصود بالسماع صلاحية دعوى الموصى للطرح عند الحاكم، و امّا قبولها من دون حاجة الى الاثبات فلا، بل تقبل على تقدير اقامة البينة و الدليل، هذا، و لكن الظاهر ان هذا التفسير مضافا الى انه خلاف الظاهر، فان المراد منه: ما يستفاد من العروةو شروحها، يكون غير منطبق على الواقع، فانه على هذا التقدير لا مجال لاحتمال عدم السّماع بوجه، فانه لا نقص في دعواه من جهة الشروط المعتبرة في السّماع اصلا، كما لا يخفى.
1 - يقع الكلام في هذه المسألة في فرضين:
الفرض الاوّل: ما إذا لم يكن المال المقبوض موجودا عنده ـ اي عند ورثته ـ في حال الشك في الاستيجار للموصي، و قد حكم في المتن بوجوب الاستيجار على الورثة من بقية

(الصفحة176)



التركة، ان كان الحج الموصى به واجبا موسّعا، من دون فرق بين ماذا مضت مدة يمكن الاستيجار فيها و بين غيره، و كذا في الحج الواجب الفوري، مع عدم مضي تلك المدة، و امّا مع مضيّها فقد استظهر وجوب الاستيجار المذكور، مشعرا بثبوت احتمال الخلاف، و هكذا في الحج الندبي. غاية الامر، بالاضافة الى بقية الثلث.
و منشأ ذلك جريان استصحاب. عدم تحقق الاستيجار من الوصيّ، مع الشك فيه، و استصحاب بقاء اشتغال ذمة الميت في الحج الواجب، بعد ملاحظة عدم جريان اصالة الصّحة، لانه على تقدير جريانها لا يبقى مجال لجريان الاستصحاب، و لكن استظهر السيّد (قدس سره)في العروة: عدم وجوب الاستيجار في الواجب الفورى مع مضي المدة المذكورة، نظرا الى انه يحمل امره على الصّحة، و استشكل في الواجب الموسع كذلك.
و ربما يقال في توضيح كلام السيد: انه إذا كان الواجب فوريا لا يجوز تأخيره، كحجة الاسلام ـ مثلا ـ، يكون مقتضى اصالة الصحة صدور الاستيجار منه و المبادرة اليه، لان تركه لا يكاد يجتمع مع ايمانه، خصوصا إذا كان متورّعا ايضا، و امّا في الواجب الموّسع، فلا يكون ترك الاستيجار فيه منافيا للايمان و التورّع.
و اورد على هذا التوضيح: بان غاية ما تقتضيه اصالة الصحة بهذا المعنى عدم ارتكاب المؤمن المعصية، و امّا وقوع الاستيجار منه فلا يثبت باصالة الصحة، نظير ما إذا كان المؤمن مديونا و مطالبا و قادرا على الاداء، فانه لا يمكن الحكم بالاداء، بالحمل على الصحة بالمعنى المذكور، و يؤيده استشكاله في الواجب الموسع، فانه لو كان مراد السيد (قدس سره) من اصالة الصحة ما ذكر، لم يكن وجه للاستشكال المذكور بعد عدم الحرمة في التاخير في الواجب الموسع، و عدم وجوب المبادرة اليه اصلا.
و استظهر المورد ان كلامه ناظر الى صورة صرف المال و تصرف الوصي فيه، و عدم كونه موجودا عنده، بقرينة التصريح في اخر كلامه بقوله: «نعم، لو كان

(الصفحة177)



المال المقبوض موجودا اخذ» و كذا استشكاله في اجراء اصالة الصحة في الواجب الموسع، قرينة اخرى على ان كلامه ناظر الى عدم وجود المال و تصرف الوصي فيه، و شك في انه هل صرفه في الاستيجار للحج ام لا؟ فان كان الواجب فوريا يحمل فعله على الصحة، و يحكم بانه صرف المال في الاستيجار، و ان كان الواجب موسّعا يجوز له صرفه في الاستيجار، كما يجوز له صرفه في غيره، مما يرى فيه المصلحة، ففي جريان اصالة الصحة اشكال.
و انت خبير: بان قرينة المقابلة مع الذيل لا تقتضي الاّ عدم كون المال موجودا عند الوصي لا تصرّفه فيه، و تردد امر تصرّفه بين الصحة و غيرها، و من المعلوم ان عدم المال يجتمع مع تلفه عند الوصي، امّا حقيقة او حكما، كما في الغصب و السّرّقة، فلم يعلم حينئذ بوجود التصرف حتى يحمل على الصّحة، فانه يحتمل تعلق السرقة به، كما يحتمل وقوع التصرف فيه: و العجب ان السيد (قدس سره) يصرّح قبل قوله المتقدم في الذيل: بان الوجه في عدم ضمان الوصي لما قبضه، احتمال تلفه عنده بلا ضمان. و عليه، فكيف يجعل ذلك قرينة على وقوع التّصرف، فلم يحرز هنا اصله حتى يحمل على الصحة؟ ضرورة ان مورد اصالة الصحة صورة احراز الموصوف، و الشك في وصف الصحة، و امّا مع عدم احرازه فلا مجال لها، و لذا تقدم في فصل النيابة: انه يعتبر في النائب الوثوق و الاطمينان باصل صدور العمل المنوب فيه عنه، و بعده تجري اصالة الصحة لاثباتها عند الشك فيها، كما لا يخفى.
و كيف كان، فقد ظهر مما ذكرنا الوجه في حكم المتن: بلزوم الاستيجار في جميع صور هذا الفرض، لعدم جريان اصالة الصّحة، لعدم احراز موضوع التصرف بوجه، فالمورد مجرى استصحاب العدم.
كما انّ الوجه في عدم ضمان الوصيّ لما قبضه، كون يده على المال و استيلاؤه

(الصفحة178)



عليه يدا امانيّة لا ضمان فيها، و احتمال التعدي و التفريط الموجبين للضمّان في اليد الامانيّة لا يقتضي الضمان، لعدم ثبوتهما، و عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصّص، و ان كان يوجب عدم جواز الاستناد، لعدم الضمان، بالادلة الواردة في الامين، الاّ انه لا حاجة اليه بعد اقتضاء اصالة البراءة، لعدم الضّمان، و منه يظهر بطلان الحكم بالضمان، و ان احتمله السيد (قدس سره) في العروة.
الفرض الثاني: ما إذا كان المال المقبوض موجودا، و قد حكم في المتن بجواز اخذه منه ـ اي من الورثة ـ لانه و ان كان يحتمل ان يكون الوصيّ استأجر من مال نفسه، إذا كان مما يحتاج الى بيعه و صرفه، و تملك ذلك المال بدلا عما جعله اجرة في الاستيجار، الاّ ان هذا الاحتمال لا يمنع عن جريان استصحاب بقاء هذا المال على ملك الميت الموصي و عدم خروجه عنه، فيجوز لورثته اخذه. و ظاهره انه لا فرق في الحكم بين الصّور الموجودة في هذا الفرض ايضا، فلا فرق بين كون الواجب موسّعا او فوريّا، و كذا الصّور الاخرى.
و استدرك في المتن ما إذا كان الوصيّ يعامل معه معاملة الملكية في حال حياته او عامل ورثته كذلك، و قال: لا يبعد عدم جوازه على اشكال، و الظاهر ان الوجه في عدم الجواز: ان الوصي و كذا الورثة، انما يكون ذا اليد بالاضافة الى المال، فاذا عامل معه معاملة الملكية يصير كسائر موارد ثبوت اليد، و معاملة الملكية مع ما في اليد من الحكم بالملكية، و كون اليد امارة عليها، فانّها بمجردها، و ان لم تكن امارة، الاّ انها مع تلك المعاملة تكون امارة معتبرة عليها، و كون حدوثها بنحو اليد الامانية لا يمنع عن ثبوت الملكية و تحقق الامارة عليها، فان اكثرموارد اليد مسبوق بالعلم بعدم ملكية ذي اليد.

(الصفحة179)

مسألة 13 ـ لو قبض الوصي الاجرة و تلفت في يده بلا تقصير، لم يكن ضامنا، و وجب الاستيجار من بقية التركة او بقية الثلث، و ان اقتسمت استرجعت، و لو شك في ان تلفها كان عن تقصير اولا لم يضمن. و لو مات الاجير قبل العمل و لم يكن له تركة او لم يكن اخذها من ورثته يستأجر من البقية او بقية الثلث1 .


و امّا الوجه في الاستشكال، فهو: ان اليد و ان كانت امارة على الملكية، مع الشرط المذكور، الاّ انها حيث تكون امارة معتبرة عند العقلاء، و قد قامت السيرة المستمرة العقلائية على المعاملة مع ما في اليد معاملة الملكية، و الشارع قد امضى هذه الطريقة، فلا بد من ملاحظة ان العقلاء هل يعتبرونها امارة، فيما إذا كان حدوثها بنحو غير الملكية و احرز ذلك، ام لا؟ فاذا احرز كون حدوثها بنحو الغصب و الاستيلاء العدواني، ثم احتمل تبدلها بالملكية بقاء، و عامل الغاصب معه معاملة الملكية، فهل يحكم باماريتها في هذه الصورة؟ الظاهر انه لم يحرز ثبوت بناء العقلاء فيها، و المقام من هذا القبيل، لاشتراك اليد الامانية مع يد الغاصب في كون كل منهما يدا غير ملكية، و ان اختلفا في الضمان و عدمه.
و امّا الخصوصية للصورة الاولى ـ اي صورة معاملة نفس الوصيّ ـ بناء على كونها راجعة الى الاستشكال لا الى نفي البعد عن عدم الجواز، كما ربما يحتمل.
فالوجه فيه ما ذكرنا، من: كون حدوث يد الوصي بنحو غير الملكية ـ لانه المفروض في محل البحث ـ فبالنسبة الى الوصي تكون هذه الجهة محرزة، و امّا يد الورثة فلم يحرز كون حدوثها كذلك، لاحتمال كونهم قد تلقوّه عن الوصي تلقيّ الملك و الارث، لاحتمال كون الوصي قد تملكه في حال حياته، و اعطى ثمنه اجرة للاجير في الحج، فالحدوث في الورثة يغاير الحدوث في المورث.
1 - امّا عدم الضمان مع تلف الاجرة في يد الوصي بلا تقصير، فلانه لا يكون الامين ضامنا على ما هو مقتضى النصوص و الروايات الكثيرة، و عليه، فاللازم الاستيجار من بقية التركة في الحج الواجب، و من بقية الثلث في الحج

(الصفحة180)

مسألة 14 ـ تجوز النيابة عن الميت في الطواف الاستحبابي. و كذا عن الحيّ إذا كان غائبا عن مكة او حاضرا و معذورا عنه، و امّا مع حضوره و عدم عذره فلا تجوز، و امّاسائر الافعال فاستحبابها مستقلا و جواز النيّابة فيها غير معلوم حتى السّعي، و ان يظهر من بعض الروايات استحبابه1 .


المندوب، و لو فرض اقتسام البقية بين ورثة الموصي، فاللازم الاسترجاع بالمقدار اللازم في الحج بالنحو المذكور.
و امّا عدم الضمان في صورة الشك في كون تلفها عن تقصير ام لا، فلجريان اصالة البراءة عن الضمان، لعدم الفرق في جريانها بين الحكم التكليفي و الحكم الوضعي، بعد عدم جواز الاستناد لا الى الادلة الدالة على الضمان مع التعدىو التفريط، لكونه شبهة مصداقية لها، و لا الى الادلة الدالة على عدم ضمان الامين، لكونه شبهة مصداقية لمخصصّها، هذا بالاضافة الى الوصي، و امّا الاجير الذي يكون المتعارف في باب الحج ـ خصوصا في هذه الازمنة ـ اخذه الاجرة قبل العمل، و الاتيان بالحج بعده، لو مات قبله و لم يكن له تركة او لم يمكن اخذها من ورثته، يجب الاستيجار من بقية التركة او بقية الثلث، كما في المتن.
و لكن لا بد بمقتضى ما تقدم في فصل النيابة و ما هو المذكور في كتاب الاجارة، من التفصيل بين ما إذا كان الاجير قد استؤجر بقيد المباشرة، و بين ما إذا تقبل الحج في الذمة و تعهد ايجاده، في الخارج مباشرة او تسبيبا: في الصورة الاولى تبطل الاجارة بموت الاجير، و يجب على ورثة الموصي الاستيجار المذكور، و في الصورة الثانية يجب على ورثة الاجير الاتيان بالحج او الاستيجار من تركته.
نعم، لو لم يقع منهم ذلك يجب على ورثة الموصي، كما هو ظاهر، فالفرق انه في الصورة الاولى يكون الاجير ضامنا للاجرة، و في الصورة الثانية تكون ذمته مشغولة بالاتيان بالحج بنفسه او بغيره.
1 - كان المناسب التعرض لهذه المسألة في فصل النيابة في الحج، الذي تقدم

<<التالي الفهرس السابق>>