في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة341)



ولكنك عرفت انّ النهي الوارد في مثل المقام ليس نهياً تكليفيّاً حتى يكون مشروطاً بالقدرة كسائر الشرائط العامة بل نهي وضعي مفاده الارشاد الى الشرطية او المانعيّة وظاهر اطلاق دليله الشرطية المطلقة او المانعية كذلك ولازمهُ عدم التمكن من اصل الطواف لعدم التمكن من شرطه.
الثاني ما احتمله في محكى كشف اللثام من انه يكون كالمبطون في وجوب الاستنابة.
ويرد عليه انّه ان اراد استفادة حكم المقام ممّا ورد في المبطون فالظاهر عدم تماميتها لانه يمكن ان يكون للمبطون من جهة استلزام دائه لامرين وهما نقض وضوئه ودخول النجاسة في المسجد الحرام ولو لم تكن متعدية ولا هاتكة خصوصية مانعة عن استفادة حكم المقام الذي يكون فاقداً للختان فقط نعم تمكن الاستفادة منه ومن اشباهه ونظائره على ما يأتي تفصيله.
الثالث ما احتمل اتجاهه صاحب الجواهر من سقوط الحج عنه في عام الاستطاعه ولزوم الاتيان به مع الختان في العام القابل نظراً الى فوات المشروط بفوات شرطه قال: «بل لعلّ خبر ابراهيم بن ميمون لا يخلو عن اشعار بذلك وان كان هو غير نص في انه غير متمكن من الختان لضيق الوقت وان عليه تأخير الحج عن عامه لذلك فانّ الوقت انّما يضيق غالباً عن الاختتان مع الاندمال فاوجب  (عليه السلام) ان يختتن ثم يحج وان لم يندمل».
وصريح بعض الاعلام  (قدس سره) اختيار هذا الوجه نظراً الى انه لا يتمكن من الحج في هذه السنة لعدم تمكنه من الطواف مع الختان ولا دليل على الاستنابة في خصوص هذا الفرض لانّها انما تجب في فرض الاستطاعة والمفروض ان هذا الشخص غير مستطيع

(الصفحة342)



وقد استفاد من روايتي حنان بن سدير وابراهيم بن ميمون المتقدمتين ذلك وان المتفاهم منهما دوران الامر في عام الاستطاعة بين الحج والخروج مع الرفقة وبين ان يختتن ولكن لو اختتن لا يتمكن من الحج في هذه السنة وقد وقع فيهما الحكم بتأخير الحج ولزوم البدئة بالختان.
اقول امّا الروايتان اللتان تكون احديهما معتبرة فلا ظهور في شيء منهما على دوران الامر بين الحج وبين الختان بحيث كان محطّ السوال ومورد نظر السائل عدم امكان الجمع بينهما بعد الاسلام وحضور الحج حتى يكون مقتضي انطباق الجواب على مورد السوال لزوم تأخير الحج الى العام القابل بل ليس في شيء من السؤال والجواب اشارة الى العام الفعلي والعام القابل وعليه فلوم لم تكن الروايتان ظاهرتين في خصوص عام واحد نظراً الى ان محطّ السوال انه بعد صيرورة الرجل مسلماً والمفروض كونه مستطيعاً هل يجب عليه الجمع بين الختان والحج او يجوز له تأخير الختان عن الحج لا تكونان ظاهرتين فيما افاده كما اعترف به صاحب الجواهر وان نفي خلو الرواية عن الاشعار بذلك لكن الظاهر عدم تحقق الاشعار فيها ايضاً مع ان الاشعار لا حجيّة فيه اصلاً.
والتحقيق ان يقال انّ تعذر الختان لضيق الوقت او غيره لا يوجب فقدان الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج حتى لا يجب عليه الحج في هذا العام بل في العام القابل مع تحصيل الشرط وذلك يظهر بملاحظة الموارد المشابهة التي حكموا فيها بالاستنابة فانه لو علمت المرئة المستطيعة في انّ ايام عادتها تصادف مع ايّام الطواف بحيث لا تقدر على الطواف في غيرها فهل يمكن الحكم بعدم وجوب الحج عليها في هذا العام بمجرد العلم المذكور او انّ اللازم عليها الحج والاستنابة في الطواف كما فيما

(الصفحة343)



لو عرض لها الحيض بالكيفية المذكورة من دون سبق علمها به وكذلك المبطون الذي ذكره كاشف اللثام فانّه يجب عليه الحج والاستنابة في الطواف ولو علم او احتمل علاج مرضه في لعام القابل وغير ذلك من الموارد.
وعليه فلا يجوز بمقتضي القاعدة تأخير الحج عن عام الاستطاعة مع لزوم رعاية الفورية فيه وعدم تأخيره عنه بل يستنيب في الطواف فقط ويجزي عن حجة الاسلام.
الفرع الثاني ما اذا لم يكن متمكناً من الختان اصلاً للحرج أو غيره وقد ظهر مما ذكرناه ... في الفرع الاوّل عدم سقوط الحج عنه بالمرة كما حكى عن البعض بل يجب عليه الحج غاية الامر الاستنابة للطواف لعدم كونه متمكناً من الاتيان به مع شرطه وهو الختان لكن بعض الاعلام  (قدس سره) مع تصريحه في الفرع الاوّل بعدم كونه مستطيعاً فلا يجب عليه الحج في عام الاستطاعة بل يؤخّره الى العام القابل صرّح هنا بوجوب الحج عليه لان الاستطاعة الماليّة كافية في وجوب الاستنابة نظير المريض الذي لا يرجو زوال مرضه فلا وجه لسقوط الحج عنه بل يحج ويستنيب للطواف لعدم امكان طوافه بنفسه ولا الاطافة به.
ويرد عليه انه لم يعلم وجه الفرق بين الفرعين بالحكم بعدم الاستطاعة هناك والحكم بثبوتها هنا والتنظير بالمريض المذكور في غير محلّه فانه قد تقدم في مباحث الاستطاعة ان المريض الذي تجب عليه الاستنابة هو من استقر عليه الحجّ قبل مرضه وامّا المريض الذي حصل له الاستطاعة في حال المرض المزبور فلا يكون مستطيعاً حتى يجب عليه الاستنابة وكيف كان فالحكم في هذا الفرع ما ذكرنا من الاستطاعة ووجوب الحج غاية الامر الاستنابة للطواف كما يدلّ عليه الموارد التي اشرنا اليها.


(الصفحة344)

الخامس ستر العورة فلو طاف بلا ستر بطل طوافه، وتعتبر في الساتر الاباحة فلا يصحّ مع الغصب، بل لا يصحّ على الاحوط مع غصبية غيره من سائر لباسه 1 .


(1) الكلام في هذا الامر يقع من جهات:
الجهة الاولى في اصل اعتباره وانه هل يكون من شرائط صحة الطواف ام لا فنقول لم يقع التعرض لاعتباره في مثل كتاب الشرايع ولكن المحكي عن العلامة في القواعد وجملة من كتبه وجوب ستر العورة في الطواف كما انه قد حكي عن الخلاف والغنية والاصباح لكن يظهر من محكىّ المختلف المناقشة بل الميل الى المنع.
والاستدلال على الاعتبار بالنبوي المعروف: الطواف بالبيت صلوة قد عرفت المناقشة فيه لضعف الرواية سنداً ودلالة مضافاً الى ان الظاهر ان المراد من الستر هنا اعمّ مما هو المعتبر في باب الصلوة لانّ المعتبر في الستر الصلوتي ان يكون الساتر ثوباً ولباساً ولا يجتزي بالستر بمثل اليد والحشيش والطين وغيرها والظاهر انه لا خصوصية لذلك في باب الطواف.
نعم هنا روايات كثيرة من طريقنا وطريق العامّة قريبة من التواتر كما في محكي كشف اللثام تدلّ على نهي النبي  (صلى الله عليه وآله) عن ان يحج بعد العام مشرك او يطوف عريان وقد نقل اكثرها صاحب الجواهر عن بعض التفاسير كتفسير على بن ابراهيم القمي وتفسير فرات الكوفي وعن الوسائل التي جمعها في الباب الثالث والخمسين من ابواب الطّواف وعن بحار الانوار للعلاّمة المجلسى  (قدس سره) وكثرتها مانعة عن جريان المناقشة في السّند مع ان تفسير القمي يكون مثل كتاب كامل الزيادات من جهة الاشتمال على التوثيق العام.
وامّا من جهة الدلالة فربما يناقش فيها بان المنهي عنه فيها هو الطواف في حال العراء والنسبة بينها وبين ستر العورة عموم من وجه لان المراد بالعريان من لم يكن

(الصفحة345)



لابساً للثوب ويمكن ان يكون الشخص غير عار ولابساً للثوب مع كون عورته مكشوفة كما اذا كان في ثوبه ثقب تظهر عورته منه كما انه يمكن ان يكون الشخص مستور العورة وهو عار كما اذا ستر عورته بمثل اليد او الحشيش او الطين وقد اعتبروا في الطواف ستر العورة لا اللّباس فهذه الروايات لا تنطبق على المدّعى والجواب عن هذه الشبهة انّ مناسبة الحكم والموضوع اوّلاً وثبوت الاجماع على الاكتفاء بمجرد ستر العورة في لطواف ثانياً دليل على كون المراد من العاري من لا يكون ساتراً لعورته فهو ينطبق على المدعي ولا مجال للمناقشة فيه من هذه الجهة.
نعم يمكن ان يناقش في الاستدلال بهذه الروايات بانّ وحدة السياق فيها تقتضي كون النهي عن طواف العاري نهياً تكليفيّاً مولويا لا ارشاديّاً بحيث يكون مرجعه الى افادة الشرطية او المانعية لوقوعه في سياق النّهي عن دخول المشركين وقربهم المسجد الحرام ومن الواضح انّ هذا النهي تكليفي وعليه فالظاهر كون النهي في فقرة الطواف ايضاً كذلك.
ولكن حيث ان متعلق النّهي هو الطواف الذي يكون عبادة فظهوره في الارشاد كما في سائر النواهي المتعلقة بالعبادات مع بعض الخصوصيات بمرتبة من القوة بحيث لا يقاومها وحدة السياق وعليه فالنهي عن طواف العاري مثل النهي عن طواف الاغلف من دون فرق بينهما فاصل الحكم في المقام وهي شرطية ستر العورة في الطواف لا اشكال فيه لكن عرفت انّ الستر هنا اعم من الستر في باب الصلوة وان كان يشعر كلام صاحب الجواهر  (قدس سره) بالاتحاد.
الجهة الثانية في شرطية الاباحة وحلية التصرف فيما يستر العورة والكلام فيها عين الكلام في شرطية الاباحة فيما يستر العورة في الصلوة من دون فرق بين المقامين من

(الصفحة346)



هذه الجهة وقد فصلّنا الكلام في باب الصلوة في هذا المجال بما لا مزيد عليه واخترنا هناك انه لم ينهض دليل على اعتبار اباحة التصرف في الثوب في صحة الصلوة وانّ العمدة من الوجوه السبعة التي استند اليها للقول بالبطلان ما كان مبتنياً على مسئلة اجتماع الامر والنهي ومقتضي التحقيق عندنا هو القول بالجواز وصحة المجمع اذا كانت عبادة كالصلوة في الدار المغصوبة والستر بالمغصوب لا يجري فيه هذه الجهة ايضاً لان التستر وعدم انكشاف العورة يكون اعتباره في الصلوة بنحو الشرطية لا الجزئية ولذا تصح الصلوة مع الغفلة عن تحققه والشرائط في الصلوة كلها امور غير عبادية سوى الطهارات الثلاث التي يعتبر فيها قصد القربة على ما قرر في محلّه وعليه فالمجمع لا يكون امراً عباديّاً حتى تجري فيه المناقشة في الصحة في هذه الصّورة وعليه فمقتضي القاعده عدم اعتبار الحلية والاباحة فيما يستر العورة في كلا المقامين.
نعم استدل على البطلان بعض الاعلام  (قدس سره) بانّ السّتر المأمور به لا يمكن ان يكون بالمحرّم والحرام لا يكون مصداقاً للواجب فاذا كان الساتر محرّماً ومغصوباً يخرج عن كونه مأموراً به.
وظاهره في نفسه وبقرينة الحكم بانه اذا كان غير الساتر مغصوباً يبتني الحكم ببطلان الطواف وصحته على مسئلة اجتماع الامر والنهي انّ الحكم بالبطلان في الساتر المغصوب لا يرتبط بتلك المسئلة بوجه بل منشأه ما ذكره ان الحرام لا يكون مصداقاً للواجب.
ويرد عليه مضافاً الى النقض بالستر الذي يكون واجباً نفسيّاً في حال الصلوة وغيرها فانه لا شبهة في وجوبه اوّلاً وفي تحقق المأمور به بالمحرّم ثانياً ضرورة انّ الغاصب الذي قد ستر عورته بالساتر المغصوب لا يكون مستحقاً للعقوبة من جهة

(الصفحة347)



مخالفة التكليف الوجوبي المتعلق بالسّتر بعنوان الواجب النفسي وان كان مستحقاً لها من جهة الغصب يعني التصرف في مال الغير بغير اذنه فكيف اجتمع بين الامرين تحقق المأمور به وكون المحقق له هو الامر المحرّم.
انّ الحلّ ما ذكرنا من كون المسئلة مبتنية على مسئلة اجتماع الامر والنهي وان مقتضي التحقيق جوازه والمجمع يكون موافقة للمأمور به ومخالفة للمنهي عنه ولا مانع من اجتماع الامرين في وجود واحد وكيف كان فالحكم في هذه الجهة هو عدم اعتبار الاباحة فيما يستر العورة ولا يمنع حرمة التصرف فيه عن صحة الطواف بوجه.
الجهة الثالثة في شرطية الاباحة في سائر ثيابه غير ما يتحقق به ستر العورة وقد احتاط في لمتن وجوباً لزوم رعايتها وبطلان الطواف بدونها.
وحيث انّا قد اخترنا في الجهة الثانية الصحة فثبوتها في هذه الصورة بطريق اولى لكن على تقدير القول بالبطلان هناك لا يكون لازمه القول بالبطلان هنا لعدم اتحادّ الطواف مع لبس اللباس غير الساتر للعورة بوجه وموضوع مسئلة اجتماع الامر والنهي كون العنوانين متحدين في مادة الاجتماع ضرورة ان مثل النظر الى الاجنبية في حال الصلوة خارج عن المسئلة المذكورة والمقام من هذا القبيل من دون فرق لعدم اتحاد اللبس المزبور مع الطواف بوجه غاية الامر وقوع الاقتران وثبوت المعيّة وهو لا يجري فيه توهم الامتناع فضلاً عن القول به فعلى هذا القول ايضاً لا وجه للحكم بالبطلان ولو بنحو الاحتياط الوجوبى.
نعم ربما يقال بحرمة الطواف لانه مقدمة للتصرف في الثوب المغصوب لانه يتحرّك بتحرك الشخص وبطوافه حول البيت.
وقد اجيب عن ذلك بانّ العليّة وان كانت متحققة الاّ انّ العلة في باب الحرام

(الصفحة348)

السادس: الموالاة بين الاشواط عرفاً على الاحوط بمعني ان لا يفصل بين الاشواط بما خرج عن صورة طواف واحد 1 .


لا تصير محرمة بسبب حرمة المعلول لانّ الثابت في بحث المقدمة المذكور في الاصول هو وجوبها بسبب وجوب ذيها مع اختلاف فيه وقد اخترنا عدم الوجوب وعدم ثبوت الملازمة العقلية بوجه وامّا حرمة المقدمة بسبب حرمة ذيها فلم تثبت في ذلك البحث بل لا وجه لها اصلاً وعليه فحرمة التصرف في المغصوب بتحرّكه لا توجب حرمة الطواف الذي هي مقدمة لتحقق الحركة المذكورة.
هذا ولكن التحقيق في الجواب ما حكيناه في كتاب الصلوة عن المحقق الحائرى  (قدس سره) في تابه في الصّلوة الذي هو كتاب قليل اللفظ والعبارة وكثير المعني والمفاد على ما افاده سيدنا العلامة الاستاذ البروجردى  (قدس سره) في مجلس بحثه.
وخلاصته انّ المحرّم انّما هو التصرف في اللباس من جهة لبسه وامّا تغيير هيئته بتبع حركات اللابس بمشيه او قيامه او قعودة وامثال ذلك مما لا يكون انتفاعاً اخر به سوى اللّبس ولا يكون موجباً لتلفه واندراسه فلا يكون مبغوضاً اخر للمالك حتى يتعلق به النهي ضرورة انّ المبغوض للمالك في جميع الحالات شيء واحد وهو كونه لابساً لثوبه ولا يكون مبغوضه في حال الحركة ـ مثلاً ـ امرين احدهما كونه لابساً وثانيهما حدوث الحركة فيه تبعاً لحركة اللابس وهكذا، وعليه فلا يكون المحرّم في جميع الحالات هو التصرف اللبسي وامّا الهيئات من الركوع والسجود والقيام فهي اشياء اخر مقارنة له لا انّها محرمة.
ومحصّله ان المعلول لا يكون محرّماً حتى تتوهم حرمة علّته وهذا الذي افاده في غاية الْجَوْرة والمتانة.
(1) قد استظهر صاحب الجواهر من النصوص والفتاوى وجوب الموالاة في

(الصفحة349)



الطواف الواجب في غير المواضع التي دل الدليل على عدم لزومها قال: «ولذا جعلها في لدّروس الحادي عشر من واجباته نعم هي غير واجبة في طواف النافلة نصّاً وفتوى بلا خلاف اجده فيه واضاف اليه قوله: لكن في الحدائق المناقشة في وجوبها في طواف الفريضة ايضاً لنصوص المزبورة التي هي اخصّ من دعواه بل بعضها صريح في بطلان الطواف بعدمها في الانقص من النصف».
وقد احتاط في المتن وجوباً في رعايتها بالمعني المذكور فيه وهو ان لا يفصل بين الاشواط بما خرج عن صورة طواف واحد وما يمكن ان يستدل به لاعتبارها امور:
الاوّل الرواية النبوية المعروفة: الطواف بالبيت صلوة بضميمة اعتبار الموالاة في باب الصلوة وقد مرّ الجواب عن الاستدلال بها سنداً ودلالة.
الثاني ما في كلام بعض الاعلام  (قدس سره) من انّ الطواف عمل واحد يعتبر فيه الموالاة بين اجزائه والاّ فلا يلحق الجزء اللاّحق بالجزء السابق.
ويرد عليه مضافاً الى ان مقتضاه اعتباره في طواف النافلة لانّه ايضاً كصلوة النافلة ايضاً عمل واحد ولا يكون اعمالاً متعددة انّ كون العمل واحداً لا يستلزم اعتبار الموالاة فيه لعدم الملازمة بين الطرفين ولذا ترى انّ الغسل مع كونه امراً عباديّاً يحتاج الى نيّته وقصد القربة ايضاً لا تكون الموالاة معتبرة فيه اصلاً ولا يكون هذا كاشفاً عن عدم وحدته وثبوت تعدّده فمجرد كون الطواف عملاً واحداً لا يقتضي اعتبار الموالاة فيه بوجه.
الثالث طائفة من الروايات مثل صحيحة ابان بن تغلب عن ابي عبدالله  (عليه السلام) في رجل طاف شوطاً او شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة (وفي الوسائل المطبوعة اخيراً حكى عن المصدر مكان في حاجة: في حاجته وهو الظاهر).

(الصفحة350)



قال: ان كان طواف نافلة بني عليه، وان كان طواف فريضة لم يبن(1) . وموردها وان كان شوطاً او شوطين الاّ انّ الظاهر انه لا خصوصية فيهما بل يشمل الشوط الثالث وكذا الرّابع فما زاد واحتمال الاختصاص بما اذا لم تتحقق تمامية الشوط الرابع لا مجال له اصلاً ومجرد وقوع التفصيل في روايات الحدث العارض في اثناء الطواف بين تمامية الشوط الرابع بالحكم بالبناء على طوافه بعد الوضوء او الغسل وعدم تماميتها فيعيد الطواف من رأس لا دلالة له على كون مورد هذه الرواية هو قبل تمامية الشوط المذكور لعدم الارتباط بين المسئلتين بوجه وعليه فالظاهر انّ المراد من مورد الرواية كون الرجل في اثناء الطواف ولمّا يتم طوافه بعد كما انّ المراد من الخروج مع الرجل في حاجته هو مجرد الخروج عن الطواف ودائرة المطاف ومقتضي اطلاقه الشمول لما اذا كان الفصل الذي يستلزمه الخروج المذكور قصيراً غير قادح في الموالاة وعليه فمقتضي الرواية ان الخروج المذكور موجب للبطلان في طواف الفريضة دون النافلة وبهذه الصحيحة يقيّد اطلاق صحيحة صفوان الجمال قال: قلت لابي عبدالله  (عليه السلام)الرجل يأتي اخاه وهو في الطواف فقال يخرج معه في حاجته ثم يرجع ويبني على طوافه(2). بالحمل على طواف النافلة فيصير المتحصل من الجمع بطلان طواف الفريضة بمجرد الخروج ورفع اليد عن الطواف لكن هذا لا ينطبق على مسئلة الموالاة لان النسبة بين عدم الموالاة وبين الخروج عموم من وجه لانه قد يتحقق الاخلال بالموالاة من دون خروج كما اذا جلس في اثناء الطواف ساعات متعددة في نفس دائرة المطاف وقد يتحقق الخروج من دون ان يخلّ بالموالاة كما اذا خرج ورجع بعد زمان يسير لا يوجب

(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والاربعون ح ـ 5 .
(2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والاربعون ح ـ 1 .

(الصفحة351)



الاخلال بالموالاة وقد عرفت انّ مقتضي اطلاق صحيحة ابان الشمول لهذه الصورة ايضاً وعليه فلا يمكن الاستدلال بها لاعتبار الموالات التي هي محلّ البحث في المقام.
ثم انّ الروايات الواردة في عروض الحدث في الاثناء الدالة على التفصيل بين تمامية الشوط الرابع وعدمها لا يمكن ان يستفاد منها حكم المقام لانّها مضافاً الى دلالتها على الصحة بعد تمامية الشوط المذكور واعتبار الموالاة على تقديره لا يختص بما قبلها لانّ القائل به يقول باعتبارها مطلقا كما في جميع اجزاء الصلوة وركعاتها يكون موردها عروض الحدث غير الاختياري ولا تشمل الفصل الاختياري المانع عن تحقق الموالاة واشتمال بعض الروايات الواردة في عروض الحيض على التعليل بقوله  (عليه السلام): لانّها زادت على النصف لا دلالة له على كون الزيادة على النصف انّما هي الملاك والمعيار في جميع الموارد بل يختص بموردها وما يشابهه مثل حدث الجنابة وبطريق اولى يشمل الحدث الاصغر ايضاً وامّا استفادة حكم المقام منها فلا مجال لها اصلاً.
لكن يظهر من المتن في مسئلة عشرين الآتية من مسائل الطواف ما لعلّه يغاير المقام حيث قال فيها: «لو قطع طوافه ولم يأت بالمنافي حتى مثل الفصل الطويل اتمّه وصحّ طوافه، ولو اتى بالمنافي فان قطعه بعد تمام الشوط الرابع فالاحوط اتمامه واعادته» فان قوله: ولو اتى بالمنافي يراد به بقرينة الصدر ما يشمل الفصل الطويل وظاهره اختصاص مورد الاحتياط الوجوبي بالاتمام والاعادة بما اذا كان القطع بعد تمام الشوط الرابع وعليه فاذا كان القطع قبل تمامه فالظاهر منه هو الحكم بالبطلان مع ان المذكور هنا في المتن ان اعتبار الموالات يكون بنحو الاحتياط الوجوبي مطلقا من دون فرق بين تمام الشوط الرابع وعدمه.

(الصفحة352)

القسم الثاني ما عدّ جزء لحقيقته ولكن بعضها من قبيل الشرط والامر سهل وهي امور:
الاوّل الابتداء بحجر (بالحجر ظ) الاسود وهو يحصل بالشروع من حجر (الحجر ظ) الاسود من اوّله او وسطه او اخره 1 .


وكيف كان فلم ينهض دليل على اعتبار الموالاة بالمعني المذكور في المتن في جميع اشواط الطواف والانصاف انه لم يقع التنقيح للمسئلة لا في كلام صاحب الجواهر  (قدس سره)ولا في كلام غيره بل وقع الخلط بينها وبين مسئلة الخروج وكذا القطع وكذا عروض الحدث في الاثناء على ما اشرنا اليه فان ثبت هنا شهرة كما يظهر من الجواهر فاللازم الحكم بالاحتياط الوجوبي دون الفتوى بالاعتبار فتدبّر جيّداً.
(1) في هذا الامر جهات من الكلام:
الجهة الاولى في اصل اعتبار الابتداء في الطواف بالحجر الاسود والظاهر انه بعد استقرار السيرة العملية من جميع فرق المسلمين على الشروع في طوافهم من الحجر الاسود ووضوح اتصال هذه السيرة بزمان الرسول والائمة  (عليه السلام) من دون ريب لاحاجة الى اقامة دليل اخر عليه لظهور عدم استقرار السيرة على مجرّد العمل بل المرتكز في ذهانهم انه لا يجوز الشروع في الطواف من غير الحجر الاسود ولعلّه لذلك لم يقع التعرض لاصل اعتباره في النصوص بل ظاهر بعض ما وقع فيه التعرض المفروعية من هذه الجهة وان المقصود بالافادة امر اخر مثل صحيحة معاوية بن عمّار عن ابي عبدالله  (عليه السلام) قال من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الاسود الى الحجر الاسود(1) . فان المقصود بالافادة هو بطلان الطواف ولزوم اعادته اذا اختار الاختصار وطاف من داخل حجر اسمعيل وذكر كون الطواف من الحجر الى الحجر انّما

(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثلاثون ح ـ 3 .

(الصفحة353)



هو لاجل تسلّمه ووضوحه وان كان في البين مناقشة وهو انّ هذه الجهة لا ترتبط بالاختصار والطواف من داخل الحجر ولكن اصل المطلب من الوضوح بمكان لا ينثلم بمثل هذه المناقشات.
نعم يوجد في بعض الروايات ما لعلّ ظاهره في بادي النظر ينافي ما ذكرنا مثل صحيحة اخرى لمعاوية بن عمّار قال: قال ابو عبدالله  (عليه السلام) كنّا نقول لابد ان نستفتح بالحجر ونختم به فامّا اليوم فقد كثر الناس (عليه)(1) .
ولكن الظاهر ان المراد منها هو الاستفتاح بالحجر والختم به استلاماً لا شروعاً في لطواف وختماً به ويدل عليه التعبير بقوله بالحجر ولو كان المراد هو الشروع لكان اللازم التعبير بـ «من الحجر» مضافاً الى ان كثرة الناس وازدحامهم تمنع عن الاستلام لاعن اصل الشروع في الطواف من الحجر ويؤيده كلمة «عليه» في بعض النسخ الدالة الى الازدحام على الحجر والتعبير باللاّبدية لشدة استحبابه لا لوجوبه حتى تكشف عن كون المراد الابتداء والختم بالحجر الاسود.
الجهة الثانية في انه هل اللازم الابتداء باوّل الحجر بحيث يمرّ كلّه او يكفي الابتداء به سواء كان من اوله او وسطه او اخره؟ المحكي عن العلاّمة بل غيره ممّن تأخر عنه هو الاوّل قال في المسالك: «والبدئة بالحجر بان يكون اوّل جزء منه محاذياً لاوّل جزء من مقاديم بدنه بحيث يمرّ عليه علماً او ظنّاً» قال في الجواهر: «ولم نعرف شيئاً من ذلك لمن سبق العلاّمة وعللّه في كشف اللثام بانه لازم من وجوب الابتداء بالحجر والبطلان بالزيادة على سبعة اشواط والنقصان عنها ولو خطوة او اقلّ فانه ان ابتداء بجزء من وسطه لم يأمن من الزيادة او النقصان».

(1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس عشر ح ـ 1 .

(الصفحة354)



والجواب عن الدليل الذي ذكره كاشف اللثام انه ما الفرق بين اوّل الحجر واخره حيث انه يمكن ان يبدء من الاوّل بحيث يأمن من الزيادة والنقصان ولا يمكن ان يبدء بالاخر كذلك مع انّ الوسط وان كان اوسع من الاوّل والاخر الاّ انه حيث يمكن جعل العلامة للنقطة التي شرع منها الطواف يتحقق الاطمينان بعدم الزيادة والنقصان هذا وقد وقع الخلاف بين اصحاب هذا القول في تعيين اوّل جزء من البدن وانه هل هو الانف او البطن او ابهام الرجلين وربما اختلف الاشخاص بالنسبة الى ذلك.
وكيف كان فالظاهر انه لم ينهض دليل على لزوم كون البدئة باوّل الحجر بل ظاهر بعض الروايات خلافه مثل ما رواه الصدوق باسناده عن محمد بن مسلم قال سمعت ابا جعفر  (عليه السلام) يقول حدثني ابي انّ رسول الله  (صلى الله عليه وآله) طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجنه وسعي عليها بين الصفا والمروة(1) . والمراد بالمحجن هو العصا الذي له اعوجاج فان الطواف على الراحلة لا يتحقق مع مخاداة اوّل الحجر نوعاً.
ثمّ انه هل يجب قصد البدئة بالحجر بمعنى ان نفس الابتداء لابد وان يتعلق القصد به اَوْلا يجب القصد الاّ ان اللازم وقوع الطواف متصفاً بها مع عدم لزوم تعلق القصد بها ذكر في الجواهر بعد نفي الريب عن كونه احوط انّ الاقوى عدم اعتباره وذكر في لمدارك تفريعاً على اعتبار اصل البدئة قوله: فلو ابتدء الطائف من غيره لم يعتد بما فعله حتى ينتهي الى الحجر الاسود فيكون منه ابتداء طوافه ان جدّد النية عنده او استصحبها فعلاً. هذا ويمكن ان يقال بالفرق بين كون الابتداء معتبراً بنحو الجزئية وبين كونه معتبراً بنحو الشرطية فان كان على النحو الاوّل فاللازم تعلق القصد به كسائر اجزاء العبادات مثل الركوع والسجود وغيرهما من اجزاء الصلوة فانه لابد من تعلق القصد

(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثمانون ح ـ 2 .

(الصفحة355)



بكل واحد من عناوين الاجزاء والاّ لا يتصف بالجزئية وان كان على النحو الثاني فلا يلزم تعلق القصد به مثل استقبال القبلة والستر في باب الصلوة وما ذكره في المتن من سهولة الامر في مسئلة الجزئية والشرطية ليس كما ينبغي بعد ما عرفت من ظهور الثمرة بين الامرين.
هذا ولكن الظاهر عدم لزوم تعلق القصد به لعدم نهوض دليل عليه اصلاً لما عرفت من ان الدليل على اعتبار الابتداء هي السيرة العملية من جميع فرق المسلمين المتصلة بزمن الرسول  (صلى الله عليه وآله) وحيث ان السيرة من الادلة اللبية التي يجب الاقتصار فيها على القدر المتيقن فالقدر الثابت بها في المقام هو لزوم تحقق الابتداء خارجاً والشروع من الحجر عملاً وامّا لزوم اعتبار القصد في الشروع ايضاً فلا دلالة للدليل المذكور عليه فكما انه لا يعتبر في باب الصلوة التي يكون افتتاحها التكبير ان يقصد شروع الصلوة بالكبيرة بل اللازم تعلق القصد بها بعنوان انّها من الصلوة فكذلك في المقام.
هذا والظاهر ان الثمرة بين القولين لا تظهر في خصوص ما اذا ابتدء بالطواف من غير الحجر نسياناً كما وقع في كلام صاحب المدارك المتقدم بل تظهر فيما اذا شرع من نفس الحجر فانّ الشروع منها وان كان متّصفاً بالبدئة الاّ انه لا يلزم تعلق القصد بهذا العنوان بل ينوي الطواف حينما اذا كان محاذياً للحجر ويدور حول البيت سبعة اشواط.
وكيف كان فالظاهر عدم لزوم تعلق القصد بعنوان الابتداء كما انه لا يلزم تعلقه بعنوان الختم بالحجر بل اللازم في تحقق كلا الامرين من وجودهما في الخارج فقط وينبغي ان يكون هذا البحث هي الجهة الثالثة من الجهات الموجودة في اعتبار هذا الامر التي اشرنا اليها في اوّل البحث.

(الصفحة356)

الثاني الختم به، ويجب الختم في كل شوط بما ابتدء منه ويتم الشوط به. وهذان الشرطان يحصلان بالشروع من جزء منه والدور سبعة اشواط والختم بما بدء منه، ولا يجب بل لا يجوز ما فعله بعض اهل الوسوسة وبعض الجهال مما يوجب الوهن على المذهب الحقّ بل لو فعله ففي صحة طوافه اشكال 1 .


(1) الدليل على اعتبار الختم بالحجر الاسود ما مرّ من الدليل على اعتبار البدئة به من السيرة المذكورة وصحيحة معاوية بن عمار المتقدمة ولا اشكال في هذه الجهة.
انّما الاشكال في جهة اخرى وهي انه لو قلنا في الامر الاوّل بلزوم الابتداء من اوّل الحجر كما عليه والعلاّمة وغيره ممّن تأخر عنه فلا اشكال في ناحية الختم من جهة انه لابد وان يكون الى اوّل الجزء من الحجر لتمامية السبعة به وتحقق الطواف الكامل من دون زيادة ولا نقيصة.
وان قلنا بما عليه المتن تبعاً لصاحب الجواهر  (قدس سره) من كفاية كون الشروع من اىّ جزء من اجزاء الحجر سواء كان اوّله او وسطه اواخره فان كان الشروع الخارجي من الجزء الاوّل فلا اشكال ايضاً في ان الختم يتحقق بمحاذاة الجزء المذكور، وان كان الشروع في لخارج من الوسط او الاخر يقع! الكلام ـ ح ـ في انه هل يكفي في الختم الوصول الى الجزء الذي يكون قبل هذا الجزء الذي تحقق الشروع فيه كما انه قد وقع فيه الخلاف فالمحكي عن ظاهر المدارك والرياض وغيرهما عدم اعتبار محلّ الابتداء وانه لو ابتدء مثلاً باخر الحجر كان له الختم باوّله ولكن صرّح جماعة باعتبار محاذاة الحجر في الشوط الاخر لما ابتدء به اوّلاً وينبغي ان يعلم محل الابتداء لئلاّ ينقص عنه ولا يزيد عليه وهذا هو الذي يظهر من المتن في قوله: والختم بما بدء منه، نظراً الى انه ليس المراد من الموصول الحجر الاسود باجمعه بل المراد به هو الجزء الذي بدء منه من اوّله او وسطه او اخره وقال في الجواهر: ولا ريب في انه احوط ان لم يكن اقوى.

(الصفحة357)



ولعلّ وجهه انه لا يصدق الختم حتى يصل الى محلّ الابتداء الذي هو الوسط والاخر ولكن الظاهر عدم لزومه فانّ المعيار هو كون الابتداء من الحجر والختم به فكما انه مخير في الابتداء بين الاجزاء المختلفة من الحجر الاول والوسط والاخر وبكل واحد يتحقق عنوان الابتداء كذلك في الشوط الاخير يتحقق عنوان الختم بمجرد الوصول الى الحجر من دون فرق بين موارد الابتداء اصلاً بل يمكن ان يقال بالتخيير بين الاجزاء في لختم ايضاً وصدق الزيادة والنقيصة غير قادح بعد وضوح كون المراد من الادلة على ما هو ظاهرها الزيادة على الحجر والنقيصة عنه ولا تتحققان في الفرض المزبور وبالجملة الملاك في الابتداء والانتهاء ما هو معنا هما العرفي الذي لا يفترق فيه اجزاء الحجر.
ثم انّ المذكور في ذيل المتن امران:
احدهما عدم الوجوب بل عدم جواز ما يفعله بعض اهل الوسوسة وبعض الجهّال مما يوجب الوهن على المذهب الحقّ والظاهر بملاحظة الحكم في المتن بانه من ان يكون الختم بما ابتدء به من اجزاء الحجر انّ المنشأ للوسوسة المذكورة وما يفعله بعض الجهال هو ما عرفت من فتوى العلامة ومن تأخر عنه بلزوم كون الابتداء بالجزء الاوّل من الحجر على النحو الذي عرفت فان رعاية الابتداء بهذه الكيفية مثار للوسواس كما في الجواهر وقد شبهه فيها بما يصنعه بعض الناس عند ارادة النية للصلوة بناء على انه الاخطار من الاحوال التي تشبه احوال المجانين.
مع ان ما افاده في المتن من لزوم كون الختم بما بدء منه من اجزاء الحجر مثار ايضاً للوسوسة وان كان لا تبلغ من حيث الشدة للوسوسة المذكورة في المتن الناشية من رعاية فتوى العلاّمة والانصاف انه لا مجال لا ثبات هذه التضييقات بوجه.
ثانيهما الاستشكال في صحة الطواف بالكيفية الصادرة من بعض الجهال الموجبة

(الصفحة358)

مسألة 7 ـ لا يجب الوقوف في كلّ شوط، ولا يجوز ما فعله الجهّال من الوقوف


للوهن على المذهب الحقّ والظاهر انّ منشأ الاشكال امّا دعوى كون المقام من صغريات مسئلة الاجتماع المعروفة في الاصول وحيث ان الحكم بالصحة في مورد الاجتماع اذا كان عبادة كالصلوة في الدار المغصوبة محلّ اشكال فالمقام ايضاً كذلك وامّا دعوى ان محلّ البحث في تلك المسئلة صورة اتّحاد العنوانين وتصادق المفهومين على وجود واحد خارجي والمقام لا يكون من هذا القبيل لعدم تحقق الاتحاد بين المأمور به الذي هو الطواف وبين الوهن المذكور المحرم بل الطواف بالكيفية المذكورة مستلزم للوهن المحرم وحيث ان اللازم وهو وهن اصل المذهب الحق بمكان من المبغوضيته لا يساويه كثير من المحرمات وعليه فما يوجبه يحتمل ان لا يكون صالحاً للمقربية بوجه وعليه فالحكم بالبطلان في تلك المسئلة لا يوجب الحكم به في المقام بل غايته الاستشكال في الصحّة ويظهر من مجموع ما افاده في هذا الامر انّ تمامية الشوط في كل من الاشواط السبعة تتحقق بالختم بما ابتدء من اجزاء الحجر الاسود الاوّل والوسط والاخر ولابد من ملاحظة ان الاثر المترتب على تمامية الشوط مع ان الواجب في الطواف هي سبعة اشواط انّما يظهر في الاحكام المترتبة على الاشواط الخاصة كالشوط الرابع على ما عرفت من ان عروض الحدث الاصغر او الاكبر بعد تماميته لا يقدح في صحة ما اتى به من الاشواط بخلاف ما اذا ان قبل تمامية الشوط الرّابع.
كما انه يظهر ان الابتداء بالحجر والختم به انما يكون اعتبارهما بعنوان الشرطية وان كانا معدودين من اجزاء الحقيقة لكن صرّح في المتن بان الامر سهل وقد مرّ ترتب الثمرة على عنواني الجزئية والشرطية.

(الصفحة359)

والتقدم والتأخر بما يوجب الوهن على المذهب 1 .

الثالث: الطواف على اليسار بان تكون الكعبة المعظّمة حال الطواف على يساره، ولا يجب ان يكون البيت في تمام الالات محاذياً حقيقة على الكتف، فلو انحرف قليلاً حين الوصول الى حجر اسماعيل صحّ وان تمايل البيت الى خلفه ولكن كان الدور على المتعارف، وكذا لو كان ذلك عند العبور عن زوايا البيت فانه لا اشكال فيه بعد كون الدور على النحو المتعارف مما فعله سائر المسلمين 1 .

مسألة 8 ـ الاحتياط بكون البيت في جميع الحالات على الكتف الايسر وان كان ضعيفاً حدّاً ويجب على الجهّال والعوام الاحتراز عنه لو كان موجباً للشهرة ووهن المذهب لكن لا مانع منه لو فعله عالم عاقل بنحو لا يكون مخالفاً للتقيّة او موجباً للشهرة 2 .


(1) قد ظهر البحث في هذه المسئلة مما تقدم ولا حاجة الى الاعادة لكن الذي ينبغي التنبيه عليه هو انّ رعاية الاحتياط بحيث لا يوجب الوهن المزبور ولا يحلّ بشىء من الاقوال المتقدمة تقتضي ان ينوي قبل الوصول الى الحجر بقليل شروع الطواف من المحادي والذي يجب الشروع منه وفي الشوط السابع يمرّ على الحجر ويمضي عنه بقليل مع كون المنوي هو تحقق الختم بما يجب ان يتحقق الختم به من الحجر الاسود فاذا راعي الاحتياط بهذه الكيفية فقد راعي جميع الاقوال ولم يصدر منه ما يوجب وهن المذهب بوجه وقد وفقني الله تعالى لرعاية هذا الاحتياط في جميع اسفار الحج والعمرة مع تعددها وكثرتها الاّ السفر الاوّل الذي لم اكن متوجها اليه وملتفتاً الى الخصوصيات لاجل كونه السّفر الاول واللازم على جميع الروحانيين المتصدين لامور الحجاج والمعتمرين التوجه الى هذا الاحتياط الجامع ين رعاية جميع الاقوال وعدم تحقق المشقة بوجه ثم تعليم الزائرين وارشادهم الى ذلك.
(1) و (2) البحث في هذا الامر وكذا في المسئلة الثامنة يقع في امرين:

(الصفحة360)



الامر الاوّل اصل اعتبار كون الطواف على اليسار بان يكون البيت في حاله على يساره والظاهر انه لا حاجة الى اقامة الدليل على اعتباره بعد وضوح كون طواف الرسول والائمة ـ عليه وعليهم الصلوة والسلام ـ بهذه الكيفية ولم ينقل الخلاف ولو في مورد وقد استمرت سيرة المسلمين بجيمع فرقهم واختلاف مذاهبهم على الطواف على اليسار وهو المرتكز في اذهانهم بحيث لو فرض طواف واحد منهم بغير هذه الكيفية لرأوه غير مشروع ومخالفاً لما والثابت في الاسلام وعليه فليس في هذا الامر مجرد نفي وجدان الخلاف فيه بل ثبوت الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر بل امر فوق ذلك وهو ثبوت الارتكاز عند كل مسلم على ذلك نعم حكى عن ابي حنيفة انه ان جعله على يمينه اعاده ان اقام بمكّة والاّ جبره بدم وظاهره انّ اللازم هو الجعل على اليسار وثبوت الاعادة او الكفارة مع المخالفة والجعل على اليمين وحكى عن اصحاب الشافعي انه لم يرد عنه نصّ في استدباره والذي يجىء على مذهبه الاجزاء بل عنهم ايضاً في وجه الاجزاء ان استقبله او مرّ القهقري نحو الباب.
هذا ولكن اصل المطلب من الوضوح بمكان ولاجله لم يقع التعرض لاعتباره في شيء من الروايات بالمطابقة بل يستفاد منها بالاستلزام مثل صحيحة عبدالله بن سنان قال: قال ابو عبدالله  (عليه السلام) اذا كنت في الطواف السّابع فايت المتعوذ وهو اذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل: اللّهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك من النّار اللّهم من قبلك الرّوح والفرج ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر فاختم به(1) . فان الدّعاء عند المستجار اوّلاً ثم استلام الركن اليماني ثم اتيان الحجر والختم به لا ينطبق الاّ على كون البيت واقعاً في اليسار في حال الطواف ومثلها صحيحة معاوية بن

(1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والعشرون ح ـ 1 .

<<التالي الفهرس السابق>>