في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة101)

المقصود إعمال نظره وتصويبه لم يجز له التصرّف إلاّ بإذنه وتصويبه ، ولو لم يحرز مراده فاللازم مراعاة الأمرين1 .

مسألة : لو لم يعيّن الواقف متولّياً أصلاً ، ففي الأوقاف العامّة يكون الحاكم أو المنصوب من قبله متولّياً على الأقوى . وكذا في الخاصّة فيما يرجع إلى مصلحة الوقف ومراعاة البطون ; من تعميره ، وحفظ الاُصول ، وإجارته للبطون اللاحقة . وأمّا بالنسبة إلى تنميته وإصلاحاته الجزئيّة المتوقّف عليها حصول النماء الفعلي ـ كتنقية أنهاره وكريه وحرثه وجمع حاصله وتقسيمه وأمثال ذلك ـ فأمرها راجع إلى الموقوف عليهم الموجودين2 .


1 ـ يجوز للواقف أن يجعل ناظراً على المتولّي ، والناظر على نوعين :
الأوّل : الناظر الذي يعبّر عنه بالناظر الاستطلاعي ; وهو ما كان المقصود مجرّد اطّلاعه على أعمال المتولّي لأجل الاستيثاق ، وفي هذا النوع يكون المتولّي مستقلاًّ في تصرّفاته ، ولا يعتبر إذن الناظر في صحّتها ونفوذها ، بل اللازم على المتولّي اطّلاعه وإعلامه بتصرّفه .
الثاني : الناظر الذي يعبّر عنه بالناظر الاستصوابي ، وهو ما كان المقصود إعمال نظره وتصويبه لعمل المتولّي ، وفي هذا النوع لا يجوز له التصرّف مستقلاًّ حتّى مع اطّلاعه ، بل لابدّ من إذنه وتصويبه .
ولو لم يحرز مراد الواقف من جهة جعل الناظر ، وأنّه هل على النحو الأوّل أو الثاني ؟ فاللازم مراعاة الأمرين من الاطّلاع والإذن .

2 ـ إذا لم يعيّن الواقف متولّياً في صيغة الوقف ، فهل التولية لنفسه(1) ، أو

(1) تذكرة الفقهاء : 2 / 441 .

(الصفحة102)



للموقوف عليهم(1) ، أو للحاكم(2) ، أو يفصّل بين الوقف الخاصّ ، فللموقوف عليهم ، وبين الوقف العامّ فللحاكم؟(3) أقوال . وربما تبنى المسألة كما في الملحقات على أنّ العين الموقوفة تبقى على ملك الواقف ، أو تنتقل إلى الموقوف عليهم ، أو إلى الله مطلقاً ، أو يفصل بين الخاصّ فتنتقل إليهم ، والعامّ فإليه تعالى(4) ، فعلى القول بالبقاء تكون التولية للواقف ، وعلى القول بالانتقال إلى الموقوف عليهم مطلقاً أو في الخاصّ فلهم(5) ، وعلى القول بكونه لله فللحاكم(6) ،(7) .
والأقوى كما في المتن أنّ التولّي في الأوقاف العامّة الكذائيّة للحاكم ، لا للواقف ولا للموقوف عليه ، أمّا الواقف ، فلخروج الأمر من يده وصيرورته كالأجنبيّ ، ولذا قلنا بعدم جواز جعل التولية بعد تماميّة الوقف ، وأمّا الموقوف عليه ، فلأنّ الظاهر تعلّق حقّ البطون اللاحقة به أيضاً ، فليس للموجودين امتياز ، فلا محيص إلاّ عن ثبوت التولية للحاكم الذي يراعي مصلحة جميع البطون ، أو المنصوب من قبله، ولأجل ماذكرنا لابدّ من الالتزام بثبوت التولية للحاكم ، أو المنصوب من قبله في الأوقاف الخاصّة; كالوقف على الذرّية بالنسبة إلى ما يرجع إلى مصلحة الوقف ومراعاة البطون مطلقاً ; من التعمير وحفظ الاُصول وإجارته للبطون اللاحقة .

(1) الكافي في الفقه : 324 ، مختصر النافع : 256 ، إرشاد الأذهان : 1 / 452 ، تبصرة المتعلّمين : 126 ، كنز الفوائد : 2 / 131 .
(2) تذكرة الفقهاء : 2 / 441 ، كنز الفوائد في حلّ مشكلات القواعد : 2 / 137 .
(3، 4) اللمعة الدمشقيّة : 57 ، الروضة البهيّة : 3 / 177 .
(5) شرائع الإسلام : 2 / 214 ، قواعد الأحكام : 2 / 390 .
(6) المبسوط : 3 / 301 ، تحرير الأحكام : 3 / 314 ، حاشية شرائع الإسلام : 521 ، مسالك الافهام : 5 /324 ، جامع المقاصد : 9 / 34 ـ 35 و64 ، الشرح الصغير : 2 / 241 .
(7) ملحقات العروة الوثقى : 2 / 227 مسألة 2 .

(الصفحة103)

مسألة : في الأوقاف التي توليتها للحاكم ومنصوبه مع فقدهما وعدم الوصول إليهما توليتها لعدول المؤمنين1 .

مسألة : لا فرق فيما كان أمره راجعاً إلى الحاكم بين ما إذا لم يعيّن الواقف متولّياً ، وبين ما إذا عيّن ولم يكن أهلاً لها ، أو خرج عن الأهليّة ، فإذا جعل للعادل من أولاده ولم يكن بينهم عادل ، أو كان ففسق ، كان كأن لم ينصب متولّياً2 .


وأمّا بالإضافة إلى تنميته والإصلاحات الجزئية التي يتوقّف عليها حصول النماء الفعلي الذي ينتفع به البطن الموجود فالأمر راجع إلى الموجودين من الموقوف عليهم ، من غير فرق بين القول بالملكية وعدمها بعد ثبوت الملكيّة للمنفعة ، أو الانتفاع كما عرفت .

1 ـ لا شبهة في أنّ الأوقاف التي يكون المتولّي لها هو الحاكم ، أو المنصوب من قبله تصل النوبة مع فقدهما وعدم إمكان الوصول إليهما عرفاً إلى عدول المؤمنين ، كما في سائر الموارد .

2 ـ لا فرق فيما كان أمره راجعاً إلى الحاكم بين ما إذا لم يعيّن الواقف متولّياً أصلاً ، كما في الأوقاف العامّة ، أو الخاصّة بلحاظ بعض اُمورها ، وبين ما إذا عيّن ولم يكن أهلاً لها ، أو خرج عن الأهليّة ، كما إذا جعل للعادل من أولاده ولم يكن بينهم عادل ، أو كان ففسق ، فالحكم مثل ما إذا لم يعيّن متولّياً أصلاً ، وهل اللازم على الحاكم في هذه الصورة إذا أراد أن ينصب متولّياً هو نصب عادل لذلك ; لاعتبار الواقف العدالة وإن لم تكن معتبرة في نفسها في المتولّي كما عرفت(1) ، أو يجوز له

(1) في ص95 ـ  96 .

(الصفحة104)

مسألة : لو جعل التولية لعدلين من أولاده مثلاً ولم يكن فيهم إلاّ عدل واحد ضمّ الحاكم إليه عدلاً آخر ، وأمّا لو لم يكن فيهم عدل أصلاً فهل اللازم عليه نصب عدلين ، أو يكفي نصب واحد أمين؟ أحوطهما الأوّل ، وأقواهما الثاني1 .

مسألة : لو احتاج الوقف إلى التعمير ولم يكن ما يصرف فيه ، يجوز


نصب غير العادل إن كان أميناً موثوقاً به؟ يظهر من المسألة التالية أنّ الأحوط عند الماتن الأوّل وإن كان الأقوى الثاني ، نظراً إلى عدم اعتبار العدالة وكفاية الأمانة والوثاقة .

1 ـ قد وقع التعرّض في هذه المسألة لفرعين :
الأوّل : ما لو جعل الواقف التولية لعدلين من أولاده مثلاً ولم يوجد فيهم إلاّ عدل واحد ضمّ الحاكم إليه واحداً آخر عادلاً ، وظاهر المتن اعتبار العدالة في هذه الصورة ; لأنّ غرض الواقف تعلّق بتولية عدلين ، فلابدّ من أن يكون الآخر الذي ضمّه الحاكم متّصفاً بذلك .
الثاني : الفرع السابق مع عدم وجود عدل في الأولاد أصلاً ، وعليه فهل اللازم على الحاكم نصب عدلين ; لتعلّق غرض الواقف بذلك ، أو يكفي نصب واحد أمين كما في صورة عدم التعيين؟ قد جعل الأحوط الثاني والأقوى الأوّل ، ويمكن أن يورد عليه بأنّه ما الفرق بين الفرعين من حيث الحكم ; بأنّ الذي يضمّ الحاكم إلى المتولّي في الفرع الأوّل لابدّ أن يكون عادلاً ، وقد قوّى في هذا الفرع الاكتفاء بواحد أمين مع تعيين الواقف شخصين عادلين ، كما هو المفروض ، فلا ينبغي ترك الاحتياط بوجه .


(الصفحة105)

للمتولّي أن يقترض له قاصداً أداء ما في ذمّته بعد ذلك ممّا يرجع إليه ، كمنافعه ، أو منافع موقوفاته ، فيقترض متولّي البستان مثلاً لتعميره بقصد أن يؤدّي دينه من عائداته ، ومتولّي المسجد أو المشهد أو المقبرة ونحوها بقصد أن يؤدّيه من عائدات موقوفاتها ، بل يجوز أن يصرف في ذلك من ماله بقصد الاستيفاء ممّا ذكر . ولو اقترض له وصرفه لا بقصد الأداء منه ، أو صرف ماله لا بقصد الاستيفاء منه لم يكن له ذلك بعده1 .


1 ـ لو احتاج الوقف إلى التعمير ولم يكن ما يصرف فيه ، يجوز للمتولّي أن يقترض له قاصداً أداء القرض بعد ذلك ممّا يكون راجعاً إلى الوقف أو منافع موقوفاته ، كالأمثلة المذكورة في المتن ; بل يجوز له الصرف من ماله بقصد الاستيفاء ممّا ذكر ، ولو اقترض وصرفه لا بقصد الاستيفاء منه ، أو صرف من ماله لا بالقصد المذكور لم يكن له بعد ذلك ; لأنّ المقترض والمديون هو المتولّي ، والمفروض الصرف لا بالقصد المذكور ، فمن أين يجوز له الاستيفاء . وكذا لو صرف من ماله هكذا .
ثمّ إنّه يبقى الكلام في وقف الانتفاع واحتياج العين الموقوفة إلى التعمير وعدم ثبوت الموقوفة لها حتّى يقترض ، أو يؤدّي بعد ذلك من منافع تلك الموقوفات ، كما إذا وقف الدار لسكنى الذريّة واحتاجت إلى التعمير ، ولم يكن لها موقوفة فضلاً عن الموقوفات ، وقد ذكر في الملحقات أنّه لو توقّف بقاء العين الموقوفة على بيع بعضها جاز(1) ، والسرّ فيه أنّ الأمر دائر بين خروج جميع الأبعاض من الانتفاع لأجل الخراب ، وخروج البعض عن كونها كذلك ، والترجيح مع الثاني .

(1) ملحقات العروة الوثقى : 2/236 مسألة 6 .

(الصفحة106)

مسألة : تثبت الوقفية بالشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان ، وبإقرار ذي اليد أو ورثته بعد موته ، وبكونه في تصرّف الوقف; بأن يعامل المتصرّفون فيه معاملة الوقف بلا معارض ، وبالبيّنة الشرعيّة1 .

مسألة : لو أقرّ بالوقف ثمّ ادّعى أنّ إقراره كان لمصلحة ، يسمع منه ، لكن يحتاج إلى الإثبات لو نازعه منازع صالح ، بخلاف ما إذا أوقع العقد وحصل القبض ثمّ ادّعى أنّه لم يكن قاصداً ، فإنّه لا يسمع منه أصلاً ، كما هو الحال في جميع العقود والإيقاعات2 .


1 ـ تثبت الوقفية باُمور :
أحدها : الشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان ; لأنّ الأوّل حجّة عقليّة ، والثاني حجّة عقلائية ، كما مرّ مراراً .
ثانيها : إقرار ذي اليد أو ورثته بعد موته ، نظراً إلى قاعدة نفوذ الإقرار المنصوص بها(1) .
ثالثها : أن يعامل المتصرّفون فيه معاملة الوقف ، من دون أن يكون لهم معارض في ذلك .
رابعها : البيّنة الشرعيّة المثبّتة للموضوعات في جلّ الموارد ، بل كلّها بعنوان الضابطة الأوّلية .

2 ـ لو أقرّ ذو اليد بأنّه وقف ما في يده ، ثمّ ادّعى أنّ إقراره كان لمصلحة فيه من

(1) عوالي اللئالي : 1 / 223 ح104 وج2 / 257 ح5 وج3 / 442 ح5 ، إيضاح الفوائد : 2 /428 ، وفي مستدرك الوسائل : 16 / 31 ، كتاب الإقرار ب2 ح1 عن عوالي اللئالي .

(الصفحة107)

مسألة : كما أنّ عمل المتصرّفين معاملة الوقفيّة دليل على أصل الوقفيّة ما لم يثبت خلافها ، كذلك كيفيّة عملهم ـ من الترتيب والتشريك والمصرف وغير ذلك ـ دليل على كيفيّته ، فيتّبع ما لم يعلم خلافها1 .


دون أن يكون قد أوقفه ، يسمع منه في الجملة ; لأنّ المفروض أنّ الوقفيّة ثبتت أوّلاً بإقراره ، لا بالاُمور الاُخرى المذكورة في المسألة ، ولم يكن مكرهاً في هذا الإقرار ، فادّعاء أنّ إقراره لم يكن لأجل الوقفيّة ، بل لمصلحة اقتضت ذلك ـ فبعد ذلك إذا لم يكن له منازع صالح ، كما إذا ادّعى ذرّيته أنّه وقفه على الذريّة ـ يسمع منه الدعوى بعد الإقرار ; لأنّه ذو اليد ، ولا منازع له في الادّعاء عقيبه ، وأمّا إذا كان له منازع صالح، كالمثال المذكور، فاللازم إثبات الدعوى المغايرة لمصالح المنازع على القاعدة.
وهذا بخلاف ما إذا أوقع العقد يقينيّاً من الوقف أو غيره ، وحصل منه القبض كذلك ، سواء كان العقد ممّا يعتبر في صحّته وتماميّته القبض ، أم لم يكن كذلك ، ثمّ ادّعى صدور القبض من غير إرادة وقصد ، فإنّه لا يسمع منه أصلاً ; لأنّ الأصل الأوّلي في الأفعال الصادرة صدورها عن قصد واختيار ، وإلاّ يجري هذا الاحتمال في جميع الاُمور التي يعتبر في موضوعها القصد والاختيار ، كقتل العمد الموجب للقصاص ، فإنّ إيجابه له إنّما هو في صورة العمد الذي يرجع إلى كونه مقصوداً له ومراداً ، وهكذا الحال في جميع العقود والإيقاعات ، كما أفاده في المتن .

1 ـ قد عرفت في بعض المسائل السابقة أنّ من الاُمور المثبتة لأصل الوقفيّة عمل المتصرّفين في العين الموقوفة معاملة الوقفيّة ، فاعلم أنّ هذا الأمر دليل على الكيفيّة أيضاً من الترتيب والتشريك والمصرف وغير ذلك ، فإذا رأينا منهم أنّهم يقسّمون منافع العين الموقوفة في الأولاد من دون فرق بين الذكر والاُنثى مثلاً نعلم

(الصفحة108)

مسألة : لو كان ملك بيد شخص يتصرّف فيه بعنوان الملكيّة ، لكن علم أنّه قد كان في السابق وقفاً ، لم ينتزع من يده بمجرّد ذلك ما لم يثبت وقفيّته فعلاً ، وكذا لو ادّعى أحد أنّه قد وقف على آبائه نسلاً بعد نسل ، وأثبت ذلك من دون أن يثبت كونه وقفاً فعلاً . نعم ، لو أقرّ ذو اليد في مقابل دعوى خصمه بأنّه كان وقفاً إلاّ أنّه قد حصل مسوّغ البيع وقد اشتراه ، سقط حكم يده وينتزع منه ، ويلزم بإثبات وجود المسوّغ ووقوع الشراء1 .


أنّ الوقف إنّما يكون بهذه الكيفيّة ، كما إذا رأينا أنّه يصرف منافعها في شؤون عزاء سيِّد الشهداء (عليه السلام) ، يدلّ ذلك على كيفيّة الوقف وأنّه كان المصرف فيه التعزية عليه (عليه السلام) وهكذا ; لعدم الفرق .

1 ـ في هذه المسألة فروع :
الأوّل : لو كان ملك بيد شخص بالفعل ، وكان ذو اليد يتصرّف فيه بعنوان الملكيّة ، لكن علم من الخارج أنّ هذا الشيء في السابق كان وقفاً ، لا يجوز الانتزاع من يده بمجرّد العلم المذكور ما لم تثبت وقفيّته فعلاً ; لأنّ ما هو الموجود بالفعل هي اليد التي هي أمارة على ملكيّة ذي اليد ، كما في سائر الموارد ، والعلم بكونه وقفاً في السابق لا ينافي ذلك بعد ثبوت الجواز لبيع العين الموقوفة في موارد قد تقدّمت(1) ، ومن المحتمل كون هذا المورد من جملة تلك الموارد .
الثاني : الفرض المزبور مع ادّعاء أحد أنّه قد وقف على آبائه نسلاً بعد نسل ، وأثبت هذا المقدار ، فإنّ الإثبات المزبور بمنزلة العلم لا يلازم الوقفيّة الفعليّة بعد احتمال أنّه على تقدير كونه وقفاً قد عرض له المسوّغ للبيع ، واليد أمارة على ملكيّة

(1) في ص82 ـ 87 .

(الصفحة109)

مسألة : لو كان كتاب أو مصحف أو غيرهما بيد شخص  وهو يدّعي ملكيّته ، وكان مكتوباً عليه أنّه وقف ، لم يحكم بوقفيّته بمجرّده ، فيجوز الشراء منه . نعم ، الظاهر أنّ وجود مثل ذلك عيب ونقص في العين ، فلو خفي على المشتري حال البيع كان له الخيار1 .


ذي اليد كما عرفت ما لم يعلم خلافها بحسب الحال الفعلي ، ضرورة أنّه في جميع موارد ثبوت اليد يكون العلم أو ما هو بمنزلته بعدم كونه ملكاً لذي اليد في سابق الزمان ، فتدبّر جيّداً .
الثالث : إقرار ذي اليد في مقابل دعوى الخصم بأنّه كان وقفاً في السابق ، إلاّ أنّه قد حصل مسوّغ البيع وقد اشتراه ، فإنّه كإقرار ذي اليد بأنّ ما في يده من الملك كان ملكاً في السابق لزيد قد انتقل منه إليه، فإنّه لابدّ له من إثبات ذلك كما تقرّر في كتاب القضاء(1) ، فإنّه قد ثبت هناك أنّ المدّعي لو أنكر أصل الدين وثبوت العهدة فعلاً لا تجب عليه إقامة البيّنة، ولوادّعى الأداء بعدالإقرار بأصل الدين كان عليه الإثبات.

1 ـ لو كان كتاب أو مصحف أو بعض الظروف أو غيرها في يد شخص وهو يدّعي الملكيّة ، لكن كان المكتوب عليها أو المنقوش بها أنّها وقف ، لم يحكم بمجرّد ذلك بثبوت الوقفيّة في مقابل اليد التي هي أمارة على الملكيّة . نعم ، استظهر في المتن أنّ وجود هذه الكتابة على العين المبيعة أو النقش عليها عيب يثبت للمشتري خيار العيب في صورة الجهل وعدم الاطّلاع ، والتخيير فيه بين الردّ والأرش ، على خلاف سائر الخيارات حتّى خيار الغبن ، كما قرّر في محلّه ، حيث إنّ طرفي التخيير فيها الفسخ أو الإمضاء ، من دون ثبوت الأرش .

(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء : 247 ـ 269 .

(الصفحة110)

مسألة : لو ظهر في تركة الميّت ورقة بخطّه أنّ ملكه الفلاني وقف ، وأنّه وقع القبض والإقباض ، لم يحكم بوقفيّته بمجرّده ما لم يحصل العلم أو الاطمئنان به ; لاحتمال أنّه كتب ليجعله وقفاً ، كما يتّفق ذلك كثيراً1 .

مسألة : إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكويّة ـ كالأنعام الثلاثة ـ لم يجب على الموقوف عليهم زكاتها وإن بلغت حصّة كلّ منهم النصاب . وأمّا لو كانت نماؤها منها ـ كالعنب والتمر ـ ففي الوقف الخاصّ وجبت الزكاة على كلّ من بلغت حصّته النصاب من الموقوف عليهم ; لأنّها ملك طلق لهم ، بخلاف الوقف العامّ ، حتّى مثل الوقف على الفقراء ; لعدم كونه ملكاً لواحد منهم إلاّ بعد قبضه . نعم ، لو اُعطي الفقير مثلاً حصّة من الحاصل على الشجر قبل وقت تعلّق الزكاة بتفصيل مرّ في كتاب الزكاة وجبت عليه لو بلغت النصاب2 .


1 ـ لو ظهر في تركة الميّت ورقة بخطّه أنّ ملكه الفلاني وقف ، وأنّه وقع القبض والإقباض ولم يعلم أو يطمئنّ بكونه حكاية عن إنشاء الوقف ووقوع القبض قبل الكتابة ، لا يكون هذا من الاُمور المثبتة لذلك ; للاحتمال المذكور في المتن ، وأنّه كان بصدد الوقف بعد ذلك ، وكذلك يجري احتمال الكذب باعتبار كون الخطّ المكتوب شبيهاً بخطّ الواقف ، وبالجملة : مجرّد الكتابة لا يوجب ثبوت الوقف إلاّ في صورة العلم أو الاطمئنان بالحكاية عن الوقف والقبض .

2 ـ إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكويّة  ـ كالأنعام الثلاثة ـ لا يجب على الموقوف عليهم زكاتها وإن بلغت حصّة كلّ منهم النصاب ; لعدم كونهم مالكين للأعيان وإن كانوا موقوفاً عليهم ، ضرورة أنّ من تجب عليه الزكاة هو

(الصفحة111)

مسألة : الوقف المتداول بين بعض الطوائف ـ يعمدون إلى نعجة أو بقرة، ويتكلّمون بألفاظ متعارفة بينهم، ويكون المقصود أن تبقى وتذبح أولادها الذكور وتبقى الإناث وهكذا ـ الظاهر بطلانه ; لعدم تحقّق شرائط صحّته1 .


المالك للأعيان المتعلّقة ، والوقف يوجب ثبوت الملكيّة بالإضافة إلى المنفعة أو الانتفاع ، كما عرفت(1) .
وأمّا لو كانت نماء الأعيان من الاُمور المتعلّقة للزكاة ـ كالعنب والتمر ـ فقد فصّل في المتن بين الوقف الخاصّ ، وأنّه تجب الزكاة على كلّ من بلغت حصّته النصاب من الموقوف عليهم ، مستدلاًّ له في المتن بأنّ النماء ملك طلق لهم ، بخلاف الوقف العامّ حتّى مثل الوقف على الفقراء ، مستدلاًّ له فيه أيضاً بعدم كونه ملكاً لواحد منهم إلاّ بعد قبضه ، ومن الظاهر أنّه بعد القبض لا يتعلّق به الزكاة ، كما لو فرض اشتراء غير الفقير العنب أو التمر وإن كانا أزيد من النصاب بمراتب .
نعم ، استثنى صورة ما لو أعطى الفقير حصّته من الحاصل على الشجر قبل تعلّق الزكاة وفرض بلوغها حدّ النصاب ، وقد مرّ التفصيل في كتاب الزكاة وإن لم يساعدني التوفيق لشرحه إلى الآن ، ومن الله المسألة لذلك .

1 ـ من الوقف الباطل ما هو المتداول بين بعض الطوائف ـ يعمدون إلى نعجة أو بقرة ثمّ يتكلّمون بألفاظ متعارفة بينهم ، ويكون المقصود بقاءها وحصول النتاج لها ، وتذبح الذكور من أولادها وتبقى الإناث وهكذا ، وجه البطلان الخلوّ من صيغة الوقف وإنشائه المعتبرة عند الشارع ، والفرق بين أولاد الذكور والإناث وبقاء الإناث بهذه الكيفيّة وبعض الاُمور الاُخر غير الخفيّ .

(1) في ص70 و 88 ـ 89 .

(الصفحة112)






(الصفحة113)

خاتمة : تشتمل على أمرين :
أحدهما : في الحبس وما يلحق به . ثانيهما : في الصدقة



القول في الحبس وأخواته

مسألة : يجوز للشخص أن يحبس ملكه على كلّ ما يصحّ الوقف عليه; بأن تصرف منافعه فيما عيّنه على ما عيّنه ، فلو حبسه على سبيل من سُبل الخير ومحالّ العبادات ; مثل الكعبة المعظّمة والمساجد والمشاهد المشرّفة ، فإن كان مطلقاً أو صرّح بالدوام فلا رجوع بعد قبضه ، ولا يعود إلى ملك المالك ولا يورّث ، وإن كان إلى مدّة لا رجوع إلى انقضائها ، وبعده يرجع إلى المالك أو وارثه . ولو حبسه على شخص ، فإن عيّن مدّة ، أو مدّة حياته لزم الحبس في تلك المدّة ، ولو مات الحابس قبل انقضائها يبقى على حاله إلى أن تنقضي ، وإن أطلق ولم يعيّن وقتاً لزم ما دام حياة الحابس ، فإن مات كان ميراثاً . وهكذا الحال لو حبس على عنوان عامّ كالفقراء ، فإن حدّده بوقت لزم إلى انقضائه ، وإن لم يوقّت لزم ما دام حياة الحابس1 .


1 ـ قد مرّ في عبارة المحقّق الخراساني (قدس سره) في تعريفه للوقف(1) ما يرجع إلى أنّ الوقف هو حبس خاصّ ، وهو المطلق منه ، المقابل للحبس الخاصّ لا مطلقه

(1) في ص 10.

(الصفحة114)



الشامل لهما ، والتفاوت إنّما يكون بالمرتبة ، كالتفاوت بين الإيجاب والاستحباب ، وكيف كان ، فلا فرق بينهما فيما إذا كان الحبس مطلقاً أو صرّح فيه بالدوام ، خصوصاً مع أنّ تحبيس الأصل مأخوذ في تعريف الوقف كما تقدّم (1) ، والتأبيد غير معتبر في الوقف كما مرّ (2); لأنّ مرجعه إلى إيقاف الملك لا الإخراج عن الملك .
نعم ، لازم التأبيد في موارده الخروج عن الملك ، كما أنّه قد وقع هنا في المتن التصريح بأنّه في صورة الإطلاق ، أو بيان الدوام لا يعود إلى ملك المالك ولا يورّث ، وإن نظرت إلى ما ذكرنا في الوقف المنقطع الآخر(3) من الرجوع إلى المالك، أو ورثته في بعض الفروض، يشكل الأمر من هذه الحيثيّة أيضاً ، خصوصاً مع عدم اعتبار قصد القربة في الوقف كالحبس على ما مرّ (4) .
فالظاهر حينئذ أن يقال : إنّ الوقف نوع من الحبس لا أنّه أمر آخر ، والنوع المشهور منه ما إذا كان إلى مدّة معيّنة ولا رجوع إلى انقضائها ، وبعده يرجع إلى المالك أو ورثته ولو مات الحابس قبل انقضائها إلى أن تنقضي .
نعم ، يمكن الفرق بينهما في صورة الإطلاق وعدم تعيين الوقت ، فإنّه لا يبعد أن يقال بانصراف الوقف إلى المؤبّد ، وأمّا الحبس فهو لازم ما دام حياة الحابس ، فإن مات كان ميراثاً ، من دون فرق بين الحبس على شخص خاصّ أو عنوان عامّ كالفقراء مثلاً ، فإنّه في كلا الفرضين إن حدّده بوقت لزم إلى انقضائه ، وإن لم يوقّت لزم ما دام حياة الحابس ، فافهم وتأمّل جيّداً .

(1) في ص 10.
(2، 3) في ص 27 ـ 29.
(4) في ص 16 .

(الصفحة115)

مسألة : لو جعل لأحد سكنى داره مثلاً; بأن سلّطه على إسكانها مع بقائها على ملكه ، يقال له : السكنى ، سواء أطلق ولم يعيّن مدّة ; كأن يقول : «أسكنتك داري» ، أو «لك سكناها» أو قدّره بعمر أحدهما ، كما إذا قال : «لك سكنى داري مدّة حياتك ، أو مدّة حياتي» ، أو قدّره بالزمان ، كسنة وسنتين مثلاً . نعم ، لكلّ من الأخيرين اسم يختصّ به ، وهو «العمرى» في أوّلهما و«الرقبى» في الثاني1 .

مسألة : يحتاج كلّ من الثلاثة إلى عقد مشتمل على إيجاب من المالك ، وقبول من الساكن ، فالإيجاب : كلّ ما أفاد التسليط المزبور عرفاً ; كأن يقول في السكنى : «أسكنتك هذه الدار » ، أو «لك سكناها » ، وما أفاد معناهما بأيّ لغة كان ، وفي العمرى بإضافة مدّة حياتي أو حياتك ، وفي الرقبى بإضافة سنة أو سنتين مثلاً ، وللعمرى والرقبى لفظان آخران ، فللأولى : «أعمرتك هذه الدار عمرك أو عمري ، أو ما بقيتَ أو بقيتُ ، أو ما عشتَ أو عشتُ» ونحوها ، وللثانية : «أرقبتك مدّة كذا» ، والقبول : كلّ ما دلّ على


1 ـ السكنى بالمعنى المطلق عبارة عن أن يسلّط أحداً على سكنى داره مع بقاء عين الدار على ملكه ، سواء أطلق ولم يعيّن مدّة ، أو قدّره بعمر أحدهما ، أو قدّره بالزمان المعيّن ، ويقال للأخيرين : العمرى في الاُوّلى ، والرقبى في الثانية ، والجميع يشبه وقف الانتفاع المتقدّم(1) ، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى . غاية الأمر غلبة الأوّل في الوقف على الذريّة مثلاً سكنى الدار غير المختصّ بالذرّية الموجودة ، والثاني في الشخص الخاصّ .

(1) في ص 70 .

(الصفحة116)

الرضا بالإيجاب1 .

مسألة : يشترط في كلّ من الثلاثة قبض الساكن ، وهل هو شرط الصحّة أو اللزوم؟ وجهان ، لا يبعد أوّلهما ، فلو لم يقبض حتّى مات المالك بطلت كالوقف على الأظهر2 .

مسألة : هذه العقود الثلاثة لازمة يجب العمل بمقتضاها ، وليس للمالك الرجوع وإخراج الساكن ، ففي السكنى المطلقة حيث إنّ الساكن استحقّ مسمّى الإسكان ولو يوماً لزم العقد في هذا المقدار ، وليس للمالك منعه عنه ،


1 ـ يحتاج كلّ واحد من العقود الثلاثة «السكنى ، والعمرى ، والرقبى» إلى تحقّق الإنشاء العقدي من المالك والساكن ، بل الظاهر عدم الاحتياج إلى العقد اللفظي  وكفاية المعاطاة مع قصد الإنشاء بها ، ويكفي في اللفظ الإيجابي ما يفيد ويظهر في أحدها ظهوراً عقلائياً ، كالألفاظ المذكورة في المتن ، وفي القبول كلّ ما يدلّ على الرضا بمفاد الإيجاب ، وليس لها صيغة خاصّة ولفظ مخصوص .

2 ـ لا إشكال في اعتبار القبض في هذه العقود الثلاثة (1) ، وهل هو شرط الصحّة أو اللزوم؟ فيه وجهان ، نفى في المتن البُعد عن الأوّل ، ولعلّ الوجه فيه ـ مضافاً إلى إمكان دعوى شمول الروايات المتقدّمة الدالّة على اعتبار القبض في صحّة الوقف لهذه الموارد الثلاثة أيضاً ـ الاستصحاب الذي يقتضي عدم ترتّب الأثر قبله ، وعليه فلو مات المالك قبل الإقباض بطلت ، وهو الظاهر .

(1) مسالك الأفهام 5 : 401 ـ 419 ، الحدائق الناضرة : 22 / 281 ، رياض المسائل : 9 / 355 ، جواهر الكلام : 28 / 134 ، شرائع الإسلام : 2 / 225 ، المختصر النافع : 258 ، إرشاد الأذهان : 1 / 456 ، تبصرة المتعلّمين : 127 ، تذكرة الفقهاء : 2 / 448 ، الدروس الشرعيّة : 2 / 281 .

(الصفحة117)

وله الرجوع في الزائد متى شاء ، وفي العمرى والرقبى لزم بمقدار التقدير ، وليس له إخراجه قبل انقضائه1 .

مسألة : لو جعل داره سكنى أو عمرى أو رقبى لشخص لم تخرج عن ملكه ، وجاز بيعها ولم تبطل العقود الثلاثة ، بل يستحقّ الساكن السكنى على النحو الذي جعلت له ، وكذا ليس للمشتري إبطالها ، ولو كان جاهلاً فله الخيار بين فسخ البيع وإمضائه بجميع الثمن . نعم ، في السكنى المطلقة بعد مقدار المسمّى يبطل العقد وينفسخ إذا اُريد بالبيع فسخه وتسليط المشتري على المنافع ، فحينئذ ليس للمشتري الخيار2 .


1 ـ هذه العقود الثلاثة لازمة بعد وقوعها صحيحة ، كما هو الأصل في جميع العقود التي شكّ في لزومها وجوازها ، وعليه فليس للمالك الرجوع وإخراج الساكن عن الدار ، غاية الأمر أنّه في السكنى المطلقة التي لم تكن مطلقة ولا مصرّحاً فيها بالدوام ، ولم يقع فيها التقييد بزمان الحياة ولا بمدّة معيّنة ولو كانت شهراً مثلاً ، يجوز للمالك الرجوع بعد تحقّق مسمّى الإسكان ولو يوماً واحداً ، ويكون أثر اللزوم بالنسبة إلى هذا المقدار ، وفي العمرى والرقبى لزم بمقدار التقدير ، ولا يجوز للمالك الإخراج قبل انقضاء المدّة وتماميّتها .

2 ـ لا تخرج الدار عن ملكيّة صاحبها لأجل شيء من هذه العقود الثلاثة ، بل تصير كبيعها بعد إيجارها الموجب لملكيّة المستأجر منفعتها ، وأمّا ملكيّة أصل العين فهي باقية بالإضافة إلى المؤجر ، والإجارة اللازمة باقية بحالها ، وعليه ففي المقام يستحقّ الساكن السكنى على النحو الذي جعلت له ، وليس للمشتري أيضاً إبطال شيء من العقود الثلاثة وإن كان جاهلاً بالحال ، غاية الأمر أنّه في صورة الجهل

(الصفحة118)

مسألة : لو جعلت المدّة في العمرى طول حياة المالك ومات الساكن قبله كان لورثته السكنى إلى أن يموت المالك ، ولو جعلت طول حياة الساكن ومات المالك قبله ليس لورثته إخراج الساكن طول حياته ، ولو مات الساكن ليس لورثته السكنى إلاّ إذا جعل له السكنى مدّة حياته ولعقبه بعد وفاته ، فلهم ذلك، فإذا انقرضوا رجعت إلى المالك أو ورثته1 .


يكون له الخيار بين الفسخ والإمضاء بجميع الثمن ، وليس له حقّ الأرش الثابت في خيار العيب; لعدم تحقّقه في المقام مثل الإجارة ، إذا جهل المشتري بكون المبيع في إجارة الغير .
نعم ، استثنى في المتن السكنى المطلقة بعد مقدار المسمّى الذي قد عرفت أنّه الإسكان ولو يوماً واحداً ، وأنّه يبطل عقدها وينفسخ إذا اُريد بالبيع فسخه وتسليط المشتري على المنافع بأجمعها ، وعليه فلا يكون للمشتري الخيار المذكور بوجه كما لا يخفى ، وإذا لم يرد بالبيع الفسخ يجري الحكم المتقدّم .

1 ـ للعمرى المقيّدة بطول الحياة ثلاثة أقسام :
الأوّل : أن تكون المدّة طول حياة المالك ، وحينئذ لو فرض موت الساكن قبله كان لورثته السكنى إلى أن يموت المالك ، تنقضي المدّة لأجله .
الثاني : عكس ذلك; بأن كانت المدّة المجعولة طول حياة الساكن ومات المالك قبله ، فإنّه ليس لورثة المالك إخراج الساكن طول حياته; لعدم انقضاء المدّة قبله .
الثالث : أن تجعل المدّة طول حياة الساكن وعقبه بعد وفاته ، فلورثة الساكن السكونة فيها ما دام لم ينقرضوا ، فإذا انقرضوا رجعت إلى المالك أو ورثته ، والوجه في الجميع ظاهر .


(الصفحة119)

مسألة : هل مقتضى العقود الثلاثة تمليك سكنى الدار ، فيرجع إلى تمليك المنفعة الخاصّة ، فله استيفاؤها مع الإطلاق بأيّ نحو شاء من نفسه وغيره مطلقاً ولو أجنبيّاً ، وله إجارتها وإعارتها ، وتورث لو كانت المدّة عمر المالك ومات الساكن دون المالك ، أو مقتضاها الالتزام بسكونة الساكن على أن يكون له الانتفاع والسكنى من غير أن تنتقل إليه المنافع ، ولازمه عند الإطلاق جواز إسكان من جرت العادة بالسكنى معه ، كأهله وأولاده وخادمه وخادمته ومرضعة ولده وضيوفه ، بل وكذا دوابّه إن كان الموضع معدّاً لمثلها ، ولا يجوز أن يسكن غيرهم إلاّ أن يشترط ذلك أو رضي المالك ، ولا يجوز أن يؤجر المسكن ويعيره ، ويورث هذا الحقّ بموت الساكن ، أو مقتضاها نحو إباحة لازمة ، ولازمه كالاحتمال الثاني إلاّ في التوريث ، فإنّ لازمه عدمه؟ ولعلّ الأوّل أقرب ، خصوصاً في مثل «لك سكنى الدار». وكذا في العمرى والرقبى ، ومع ذلك لا تخلو المسألة من إشكال1 .


1 ـ في أنّ مقتضى العقود الثلاثة : «السكنى ، والعمرى ، والرقبى» ماذا؟ احتمالات :
أحدها : تمليك سكنى الدار الراجع إلى تمليك المنفعة الخاصّة في مقابل تمليك مطلق المنافع ، كما في غالب الإجارات المنصرفة إلى ما عدا بعض المنافع ، فإنّ من استأجر داراً لا يجوز له أن يجعلها محلاًّ للحمير ونحوها ، كمجمع الدوابّ ومحلّ احتفاظ بعض الاُمور التي لا تجري العادة باحتفاظها في الدار .
وعلى هذا الاحتمال له استيفاء المنفعة مع الإطلاق بأيّ نحو شاء من نفسه وغيره مطلقاً ولو كان أجنبيّاً ، وله الإجارة والإعارة المستلزمتان لكون المؤجر والمعير مالكين للمنفعة ، كما أنّه على هذا الاحتمال تورث المنفعة لو كانت المدّة عمر المالك

(الصفحة120)

مسألة : كلّ ما صحّ وقفه صحّ إعماره من العقار والحيوان والأثاث وغيرها . والظاهر أنّ الرقبى بحكم العمرى ، فتصحّ فيما يصحّ الوقف . وأمّا


ومات الساكن دون المالك .
ثانيها : تمليك الانتفاع من غير انتقال المنفعة ، وقد عرفت أنّ الفرق بينهما هو الفرق بين الإجارة والعارية بالنسبة إلى المستأجر والمستعير (1) .
ولازم هذا الاحتمال عند الإطلاق جواز سكونة الساكن ومن جرت العادة بالسكنى معه ، كالموارد المذكورة في المتن ، ولا يجوز أن يسكن غيرهم إلاّ مع الشرط ورضا المالك ، ولا يجوز على هذا الاحتمال الإيجار ونقل المنفعة غير المملوكة، إلى الغير ، ويورث هذا الحقّ بموت الساكن إذا لم تكن المدّة حياته ، بل حياة المالك .
ثالثها : الإباحة اللازمة ، كالمعاطاة على القول بإفادتها مجرّد الإباحة ، غاية الأمر أنّ الإباحة فيها مطلقة ، وهنا تختصّ بمنفعة خاصّة .
ولازمه كالاحتمال الثاني إلاّ في التوريث ، فإنّه لا يرث ورثة الساكن على هذا الاحتمال شيئاً ، وفي المتن ـ بعد الحكم بأنّ الاحتمال الأوّل أقرب خصوصاً في مثل «لك سكنى الدار» ، وكذا في العمرى والرقبى ـ قال : ومع ذلك لا تخلو المسألة عن إشكال .
قلت : لا يبعد أن يقال : إنّ الأنسب بجعل هذه العقود تأسيساً أو إمضاءً هو الاحتمال الثاني الذي مرجعه إلى تمليك الانتفاع .

(1) في ص 70.

<<التالي الفهرس السابق>>