في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة341)

آخر بقصد التملّك ملكه1 .


1 ـ الغرض من هذه المسألة بيان الطرق التي تتحقّق ملكيّة الحيوان الوحشي الممتنع بسبب إحداها وإن لم يعرض لها الموت ، وبعبارة اُخرى : كان الغرض من المسائل السابقة بيان الطريق إلى حلّية أكل لحم الصيد ، أو عروض الطهارة وجواز الانتفاع به ، والغرض بيان طرق الملكيّة وإن لم يزهق روحه أصلاً ، فقال : الطريق أحد اُمور ثلاثة :
أحدها : أخذه حقيقة ، كما في الأمثلة المذكورة في المتن ، بشرط أن يكون بقصد الاصطياد والتملّك ، كما في حيازة سائر المباحات التي تتحقّق ملكيّتها بسبب الحيازة . ومع عدم هذا القصد ، فإن كان قاصداً للخلاف فلا إشكال في عدم حصول الملكيّة ، وإن لم يكن قاصداً للخلاف أيضاً فقد استشكل فيه في المتن ، نظراً إلى ما ذكرنا من اعتبار قصد التملّك في حيازة المباحات ، ولا أقلّ من احتمال اعتباره المقتضي لعدم حصول الملكيّة مع عدمه .
ثانيها : وقوع الحيوان الوحشي الممتنع في آلة معتادة للاصطياد بها ، كالشبكة ونحوها إذا كان الغرض من نصبها ذلك ، كالحيتان الواقعة فيها .
ثالثها : أن يصيّره غير ممتنع بآلة ، كالمثالين المذكورين في المتن ، من دون فرق بين أن تكون الآلة من الآلات المحلّلة ، كالكلب والسهم ، أو من غير الآلات المحلّلة ، كالحجارة والخشب ومثلهما ; لأنّ الغرض ليس بيان ما به يتحقّق حلّية الأكل في صورة زهاق الروح ، بل بيان طريق حصول الملك ، وهذا لا فرق فيه بين الآلتين . نعم ، يعتبر في هذا أيضاً أن يكون الغرض من الآلة حصول الملكية ، فلو رماه عبثاً أو هدفاً أو لغرض آخر لا تتحقّق الملكيّة وإن صار الحيوان غير ممتنع ، فيمكن أن يأخذه آخر ويقصد تملّكه ، فيصير مالكاً وإن حصلت مقدّمته بسبب فعل هذا

(الصفحة342)

مسألة : الظاهر أنّه يلحق بآلة الاصطياد كلّ ما جعل وسيلة لإثبات الحيوان وزوال امتناعه ولو بحفر حفيرة في طريقه ليقع فيها فوقع ، أو باتّخاذ أرض وإجراء الماء عليها لتصير موحلة فيتوحّل فيها فتوحل ، أو فتح باب شيء ضيّق وإلقاء الحبوب فيه ليدخل فيه العصافير فأغلق عليها وزال امتناعها . وأمّا لو فتح باب البيت لذلك فدخلت فيه مع بقائها على امتناعها في البيت ، فالظاهر عدم تملّكه به مع إغلاق الباب ، كما أنّه لو عشّش الطير في داره لم يملكه بمجرّده ، وكذا لو توحّل حيوان في أرضه الموحلة ما لم يجعلها كذلك لأجل الاصطياد ، فلو أخذه شخص بعد ذلك ملكه وإن عصى لو دخل داره أو أرضه بغير إذنه1 .


الشخص ، كما إذا سقط الحيوان من شاهق فانكسر بعض أعضائه فصار غير ممتنع ، فأخذه إنسان بقصد التملّك .

1 ـ الظاهر أنّه يلحق بآلة الاصطياد في حصول الملكيّة مع قصد التملّك كلّ ما جعل وسيلة لإثبات الحيوان وزوال وصف الامتناع عنه بالفعل ، كالأمثلة المذكورة في المتن ، التي منها فتح باب شيء ضيّق ، وإلقاء الحبوب فيه ليدخل فيه العصافير فأغلق عليها وزال امتناعها .
وأمّا لو فتح باب البيت لذلك فدخلت فيه مع بقائها على صفة الامتناع والفرار ، فاستظهر في المتن عدم حصول الملكيّة له بمجرّد ذلك ولو أغلق الباب ; لأنّ إغلاق الباب يوجب أن تكون دائرة امتناعه أضيق ، وأمّا أصل الوصف فهو بعد باق بحاله . نعم ، إذا أخذ واحداً أو أزيد يصير مالكاً بالأخذ لا بسبب إغلاق الباب ، كما أنّه لو جعل داره عشّاً للطير كالعصفور ونحوه لا يتحقّق بمجرّد ذلك الملكيّة ما لم

(الصفحة343)

مسألة : لو سعى خلف حيوان حتّى أعياه ووقف عن العدو لم يملكه ما لم يأخذه ، فلو أخذه غيره قبل أن يأخذه ملكه1 .

مسألة : لو وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد ولم تمسكه الشبكة لضعفها وقوّته فانفلت منها لم يملكه ناصبها ، وكذا إن أخذ الشبكة وانفلت بها من دون أن يزول عنه الامتناع ، فإن صاده غيره ملكه وردّ الشبكة إلى صاحبها . نعم ، لو أمسكته الشبكة وأثبتته ثمّ انفلت منها بسبب من الأسباب الخارجيّة لم


يتحقّق الأخذ الموجب له ، كما عرفت .
كما أنّه لو وحّل أرضه لا لأجل الاصطياد ، بل لغرض آخر مترتّب عليه ، كالتهيّؤ للزراعة ونحوه لا يصير مالكاً للحيوان المتوحّل فيها ، بل يتوقّف تملّكه له على الأخذ بهذا القصد ، ومع عدمه يجوز لشخص آخر الأخذ والتملّك وإن كان عاصياً بدخول أرضه أو داره بغير الإذن ; لأنّه لا ملازمة بين الحرمة وعدم الملكيّة بوجه كما هو غير خفيّ .
ودعوى أنّ النهي يقتضي الفساد مدفوعة ، مضافاً إلى منع الكبرى بمنع الصغرى ; لأنّ متعلّق النهي هو التصرّف في ملك الغير ، والملكيّة متوقّفة على تحقّق الأخذ بهذا القصد ، فلا ارتباط لأحد الأمرين بالآخر ، فتدبّر .

1 ـ إذا سعى خلف حيوان ممتنع بمقدار صار موجباً لوقفه عن العدو وزال امتناعه لا يصير بمجرّد ذلك مالكاً له ما لم يتحقّق الأخذ الذي هو أحد الاُمور الثلاثة المملّكة المتقدّمة ، وفي هذه الصورة التي زال عنه الامتناع ولم يأخذه الساعي خلفه إذا أخذه غيره يكون أخذه موجباً لحصول الملكيّة له ، فيصير هو المالك دون الساعي .


(الصفحة344)

يخرج بذلك عن ملكه ، كما لو أمسكه بيده ثمّ انفلت منها ، وكذا لو مشى بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع ، فإنّه لناصبها ، فلو أخذه غيره يجب أن يردّه إليه1 .

مسألة : لو رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع ، فدخل داراً فأخذه صاحبها ملكه بأخذه لا بدخول الدار ، كما أنّه لو رماه ولم يثبته فرماه شخص


1 ـ إذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد ، ولكن الشبكة لم تقدر على إمساكه لضعفها وقوّة الحيوان ، ولأجله انفلت منها ، لا يكون مجرّد الوقوع بهذه الكيفيّة موجباً لصيرورته ملكاً لناصبها ; لأنّ المفروض عدم قدرة الشبكة على الإمساك والانفلات منها ، فصار الحيوان كالأوّل ، وكذا إن أخذ الحيوان الشبكة وانفلت معها من دون أن يزول عنه الامتناع ، وفي هذه الصورة إن صاده غيره يكون الصائد مالكاً له ، غاية الأمر أنّه يجب عليه ردّ الشبكة إلى صاحبها الأوّل ، وقد استدرك في المتن صوراً ثلاثاً :
الأُولى : ما لو أمسكته الشبكة وأثبتته ثمّ انفلت منها بسبب من الأسباب الخارجيّة ، كما إذا غيّر إنسان وضع الشبكة بحيث صار موجباً لإمكان الانفلات .
الثانية : ما لو تحقّق الأخذ باليد الذي هو أحد الاُمور الثلاثة المتقدّمة ، ثمّ عرض له الانفلات بعدما صار ملكاً للآخذ الممسك .
الثالثة : ما لو ذهب بالشبكة ، ولكن على وجه لا يعود امتناعه السابق ، بل لا يكون له قدرة عليه ، فإنّه حينئذ يكون ملكاً للناصب للشبكة ، ولو أخذه غيره يجب أن يردّ الحيوان مع الشبكة إلى صاحبها الذي صار مالكاً له ، كما هو غير خفيّ .


(الصفحة345)

آخر فأثبته فهو للثاني1 .

مسألة : لو أطلق الصائد صيده ، فإن لم يقصد الإعراض عنه لم يخرج عن ملكه ولا يملكه غيره باصطياده ، وإن قصد الإعراض وزوال ملكه عنه فالظاهر أنّه يصير كالمباح ، جاز اصطياده لغيره ويملكه ، وليس للأوّل الرجوع إليه بعد تملّكه على الأقوى2 .


1 ـ لو رماه فأثّر في جرحه لكن لا بحيث يزول معه الامتناع ، بل كان باقياً مع عروض الجرح أيضاً ، فدخل مع هذا الوصف داراً لا يملكه صاحب الدار بمجرّد الدخول فيها ، بل تحتاج الملكيّة إلى الأخذ الذي هو من الأسباب المملّكة كما عرفت (1) ، فإن أخذه ملكه ، وإلاّ فلا ، وكذلك لو رماه فأثّر في جرحه لكن لم يؤثّر في إثباته ، لكن رماه شخص آخر فأزال عنه الامتناع فهو للثاني دون الأوّل ، والوجه فيه واضح بعد ملاحظة ما عرفت .

2 ـ لو أطلق الصائد صيده بعد صيرورته ملكاً له ففيه صورتان :
الاُولى : ما لم يقصد الإعراض عنه وإن كان أطلقه ، وفي هذه الصورة لا يخرج الصيد عن ملكه لصيرورته ملكاً للصائد ولم يتحقّق الإعراض الموجب لزوال الملكيّة ، وعليه لو اصطاده غيره بالإطلاق كذلك لا يملكه ; لأنّ الشيء الواحد لا يكون قابلاً لأن يكون له مالكان بتمامه .
الثانية : ما إذا قصد الإعراض وزوال ملكه عنه فالظاهر أنّه يصير كالمباح ، فيجوز للغير اصطياده وتملّكه ، كما أنّ الأمر كذلك في حيازة المباحات الموجبة

(1) في ص341 .

(الصفحة346)

مسألة : إنّما يملك غير الطير بالاصطياد إذا لم يعلم كونه ملكاً للغير ولو من جهة آثار اليد التي هي أمارة على الملك فيه ، كما إذا كان طوق في عنقه ، أو قرط في اُذنه ، أو شدّ حبل في أحد قوائمه ، ولو علم ذلك لم يملكه الصائد ، بل يردّ إلى صاحبه إن عرفه ، وإن لم يعرفه يكون بحكم اللقطة . وأمّا الطير ، فإن كان مقصوص الجناحين كان بحكم ما علم أنّ له مالكاً ، فيردّ إلى صاحبه إن عرف ، وإن لم يعرف كان لقطة . وأمّا إن ملك جناحيه يتملّك بالاصطياد ، إلاّ إذا كان له مالك معلوم ، فيجب ردّه إليه ، والأحوط فيما إذا علم أنّ له مالكاً ـ ولو من جهة وجود آثار اليد فيه ـ ولم يعرفه أن يعامل معه معاملة اللقطة كغير الطير1 .


لصيرورتها ملكاً له بالحيازة ، لكنّه إذا أعرض عنه وقصد زوال ملكه يصير كالأوّل ، فيجوز للغير الحيازة .
وليعلم أنّه بعد اصطياد الغير له في المقام ، وحيازة الغير في سائر المباحات الموجبين لصيرورته ملكاً للصائد الثاني أو المحيز كذلك لا يجوز للأوّل الرجوع ، خصوصاً بعد كون مقتضى الاستصحاب بقاء زوال الملكيّة وعدم تأثير الرجوع في عودها ، كما هو ظاهر .

1 ـ قد تعرّض في المسألة لحكم موردين :
الأوّل : الحيوان الذي يملك بالاصطياد غير الطير ، وقد حكم في المتن بأنّ ملكيّته بالاصطياد إنّما هي فيما لم يعلم كونه ملكاً للغير; إمّا بالعلم الوجداني الذي يلحق به الاطمئنان العقلائي ، وإمّا من جهة آثار اليد التي هي أمارة شرعاً وعرفاً على ثبوت الملك فيه لأحد قبله ، كما في الأمثلة المذكورة فيه . وأمّا في هذه الصورة

(الصفحة347)



كالعلم أو ما بحكمه فلا يملكه الصائد بوجه ، بل يجب عليه ردّه إلى صاحبه فيما لو كان معلوماً ، وفي صورة الجهل يترتّب عليه حكم اللقطة المذكور في محلّه .
الثاني : ما كان الحيوان الذي يريد تملّكه بالاصطياد طيراً ، وقد فصّل فيه بين ما إذا كان مقصوص الجناحين ، فيكون بحكم ما علم أنّ له مالكاً ، فيردّ إلى صاحبه إن عرف ، وإن لم يعرف كان لقطة ، وبين ما إذا كان الطير مالكاً لجناحيه فيتملّك بالاصطياد ، إلاّ إذا كان له مالك معلوم ، فيجب ردّه إليه ، وقد ورد في هذا المجال روايات متعدّدة :
منها : رواية زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا ملك الطائر جناحه فهو لمن أخذه(1) .
ومنها : موثّقة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ الطائر إذا ملك جناحيه فهو صيد ، وهو حلال لمن أخذه(2) .
ومنها : موثّقة إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : الطير يقع في الدار فنصيده وحولنا حمام لبعضهم ، فقال : إذا ملك جناحه فهو لمن أخذه ، قال : قلت : يقع علينا فنأخذه وقد نعلم لمن هو ، قال : إذا عرفته فردّه على صاحبه(3) .
ومنها : غير ذلك من الروايات .

(1) الكافي : 6 / 222 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 61 ح259 ، وعنهما الوسائل : 23 / 389 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب37 ح1 .
(2) الكافي : 6 / 223 ح5 ، تهذيب الأحكام : 9 / 61 ح256 ، وعنهما الوسائل : 23 / 390 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب37 ح3 .
(3) مستطرفات السرائر : 57 ح16 ، وعنه الوسائل : 23 / 390 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب37 ح6 والبحار : 65 / 292 ح56 وج104 / 251 ح13 .

(الصفحة348)

مسألة : لو صنع برجاً لتعشيش الحمام فعشّش فيه لم يملكه ، خصوصاً لو كان الغرض حيازة زرقه مثلاً ، فيجوز لغيره صيده ويملك ما صاده ، بل لو أخذ حمامة من البرج ملكها وإن أثم من جهة الدخول فيه بغير إذن صاحبه ، وكذلك لو عشّش في بئر مملوكة ونحوها ، فإنّه لا يملكه مالكها1 .

مسألة : الظاهر أنّه يكفي في تملّك النحل غير المملوكة أخذ أميرها ، فمن أخذه من الجبال مثلاً واستولى عليه يملكه ويملك كلّ ما تتبعه من النحل ممّا تسير بسيره وتقف بوقوفه ، وتدخل الكنّ وتخرج منه بدخوله وخروجه2 .


ثمّ إنّه احتاط وجوباً في الذيل أن يعامل مع الطير أيضاً معاملة اللقطة إذا كان مالكه مجهولاً ولكن علم بوجوده ولو من جهة آثار اليد ، ولعلّ الوجه فيه أنّه لا خصوصيّة للّقطة في ذلك ، بل هي بمعناها الأعمّ شامل للطير أيضاً ، فتدبّر .

1 ـ لو صنع برجاً لتعشيش الحمام كما هو المتداول المتعارف فعشّش فيه لم يكن مجرّد ذلك موجباً لملكيّة الحمام الذي يعيش فيه ; لأنّ نفس صنع ذلك لا يكون من الأسباب المملّكة ، خصوصاً لو لم يكن الغرض حيازة نفسه ، بل حيازة زرقه وقصد تملكّه ، وعليه فيجوز لغيره صيده ويملك ما صاده ، بل لو أخذ حمامة من البرج ملكها الآخذ وإن أثم من جهة الدخول فيه بغير إذن صاحبه ، وعليه فلو أخذه بأحد الوسائل الجديدة غير المستلزمة للدخول في البرج لم يكن هناك إثم أيضاً ، وكذلك لو عشّش في بئر مملوكة ونحوها ، فإنّ الجميع مشترك في عدم حصول الملكيّة لموجده بمجرّد إيجاده وتعيّش الطير فيه .

2 ـ الظاهر أنّه يكفي في تملّك النحل غير المملوكة أخذ أميرها ، فمن أخذه من الجبال مثلاً يملكه وكلّ ما هو أمير له ويسير بسيره ويقف بوقوفه ويدخل الكنّ

(الصفحة349)

[القول في ذكاة السمك]

مسألة : ذكاة السمك إمّا بإخراجه من الماء حيّاً ، أو بأخذه بعد خروجه منه قبل موته; سواءكان ذلك باليد أو بآلة كالشبكة ونحوها، فلو وثب على الجدّ، أو نبذه البحر إلى الساحل ، أو نضب الماء الذي كان فيه ، حلّ لو أخذه شخص قبل أن يموت، وحرم لو مات قبل أخذه وإن أدركه حيّاً ناظراً إليه على الأقوى1 .


المعبّر عنه في الفارسيّة (بكندو) ويخرج منه بدخوله وخروجه ، ولعلّ الوجه في الكفاية التبعيّة الموجودة فيهم في جميع الحالات ، بخلاف فرخ الطائر الذي يستقلّ إذا قدر على الطيران ، وهذا يكشف عن عدم التبعيّة .

1 ـ ذكاة السمك الموجبة لحلّية أكل لحمه ـ وإن لم تكن الطهارة متوقّفة عليها لعدم ثبوت نفس سائلة له حتّى تكون ميتتها نجسة ـ بأحد أمرين :
الأوّل : إخراجه من الماء حيّاً والموت خارج الماء .
الثاني : أخذه بعد خروجه منه قبل موته ; سواء كان ذلك باليد أو بالآلة ، ولا فرق في الخروج بين الأمثلة المذكورة في المتن . ويدلّ عليه رواية زيد الشحّام ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه سُئل عن صيد الحيتان وإن لم يسمّ عليه؟ قال : لا بأس به إن كان حيّاً أن تأخذه(1) . والسؤال وإن كان ناظراً إلى اعتبار التسمية في صيد الحيتان وعدمه ، إلاّ أنّ الجواب دالّ على أنّ الملاك في الحلّية أخذه حيّاً ، ومفاده عدم اعتبار التسمية بوجه ، كما سيأتي في المسألة الآتية إن شاء الله تعالى ، إلاّ أنّ الأخذ حيّاً معتبر فيه ، ومقتضى إطلاقه إمّا الإخراج من الماء حيّاً ، أو أخذه بعد خروجه منه

(1) الكافي : 6 / 216 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 9 ح29 ، الاستبصار : 4 / 63 ح221 ، وعنها الوسائل : 23 / 385 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب33 ح2 وج24 / 73 ، أبواب الذبائح ب31 ح3 .

(الصفحة350)

مسألة : لا يشترط في تذكية السمك عند إخراجه من الماء أو أخذه بعد خروجه التسمية ، كما أنّه لا يعتبر في صائده الإسلام ، فلو أخرجه كافر أو أخذه فمات بعد أخذه حلّ ; سواء كان كتابيّاً أو غيره . نعم ، لو وجده في يده ميّتاً لم يحلّ أكله ما لم يعلم أنّه قد مات خارج الماء بعد إخراجه ، أو أخذه بعد خروجه وقبل موته ، ولا يحرز ذلك بكونه في يده ، ولا بقوله لو أخبر به ، بخلاف ما إذا كان في يد المسلم ، فإنّه يحكم بتذكيته حتّى يعلم خلافها1 .


كذلك ، وعليه فلا دليل لأن يكون إدراكه حيّاً ـ ولو كان ناظراً إليه ـ موجباً للحلّية وتحقّق الذكاة ، ويدلّ على هذا المضمون روايات متعدّدة اُخرى ، مثل :
صحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) مثل ذلك ; يعني أنّه سُئل عن صيد الحيتان وإن لم يسمّ عليه؟ قال : لا بأس به إن كان حيّاً أن تأخذه . قال : وسألته عن صيد السمك ولا يسمّي؟ قال : لا بأس(1) .
ورواية الطبرسي في الاحتجاج عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث إنّ زنديقاً قال له : السمك ميتة ، قال : إنّ السمك ذكاته إخراجه حيّاً من الماء ، ثمّ يترك حتّى يموت من ذات نفسه ، وذلك أنّه ليس له دم ، وكذلك الجراد(2) . وروايات متعدّدة اُخرى .

1 ـ أمّا عدم اعتبار الإسلام في صائد السمك فلدلالة جملة من الروايات المتقدّمة عليه ، وهناك روايات اُخرى ، مثل :
صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : سألته عن صيد الحيتان وإن لم يسمّ

(1) تهذيب الأحكام : 9 / 9 ح30 ، وعنه الوسائل : 24 / 73 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب31 ح2 .
(2) الاحتجاج : 2 / 238 ، قطعة من رقم 223 في سؤال الزنديق عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وعنه الوسائل : 24 / 75 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب31 ح8 والبحار : 10 / 181 قطعة من ح2 وج65 / 162 ذح1 .

(الصفحة351)

مسألة : لو وثب من الماء سمكة إلى السفينة لم يحلّ ما لم يؤخذ باليد ولم يملكه السفّان ولا صاحب السفينة ، بل كلّ من أخذه بقصد التملّك ملكه . نعم ، لو قصد صاحب السفينة الصيد بها; بأن يجعل فيها ضوء بالليل ، ودقّ بشيء كالجرس ليثب فيها السموك فوثبت فيها ، فالوجه أنّه يملكها ، ويكون وثوبها فيها بسبب ذلك بمنزلة إخراجها حيّاً ، فيكون به تذكيتها1 .


عليه؟ قال : لا بأس به(1) .
وأمّا اعتبار العلم بموته خارج الماء في صيرورته حلالاً فيما لو وجده في يد الكافر ميّتاً ، وبعبارة اُخرى : لزوم إحراز كون الإخراج حيّاً فيما كان في يد الكافر ، فلدلالة رواية عيسى بن عبدالله قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن صيد المجوس؟ فقال: لا بأس إذا أعطوكه حيّاً ، والسمك أيضاً ، وإلاّ فلا تجوز شهادتهم عليه إلاّ أن تشهده أنت(2) .
والظاهر أنّه ليس المراد هو الموت في يد المسلم ، بل الموت خارج الماء وإن لم يكن في يد المسلم ، غاية الأمر أنّه لا تكفي شهادة المجوس عليه ، بل اللازم مشاهدة نفسه إيّاها أو ما بحكم المشاهدة ، بخلاف ما لو كان في يد المسلم ، فإنّها أمارة على التذكية كسوق المسلمين الذي يتداول اشتراء الحيتان منه وإن لم تكن حيّة ، كما هو غير خفيّ .

1 ـ لو وثب من الماء سمكة إلى السفينة لم يحلّ بمجرّد ذلك ، لا للسفّان فيها

(1) الكافي : 6 / 216 ح1 ، تهذيب الأحكام : 9 / 8 ح28 ، الفقيه : 3 / 207 ح951 ، وعنها الوسائل : 23 / 385 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب33 ح1 وج24 / 73 ، أبواب الذبائح ب31 ح4 .
(2) الكافي : 6 / 217 ح8 ، تهذيب الأحكام : 9 / 10 ح33 ، الاستبصار : 4 / 64 ح229 ، وعنها الوسائل : 23 / 386 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب34 ح1 وج24 / 76 ، أبواب الذبائح ب32 ح3 .

(الصفحة352)

مسألة : لو نصب شبكة أو صنع حظيرة في الماء لاصطياد السمك فكلّ ما وقع واحتبس فيهما ملكه ، فإن اُخرج ما فيهما من الماء حيّاً حلّ بلا إشكال ، وكذا لو نضب الماء وغار ـ ولو بسبب جزره ـ فمات فيهما بعد نضوبه . وأمّا لو مات في الماء فهل هو حلال أم لا؟ قولان : أشرهما وأحوطهما الثاني ، بل لا يخلو من قوّة ، ولو أخرج الشبكة من الماء فوجد بعض ما فيها أو كلّه ميّتاً ، ولم يدر أنّه قد مات في الماء أو بعد خروجه ، فالأحوط الاجتناب عنه1 .


ولا لصاحب السفينة ; لأنّها حينئذ بمنزلة الساحل الذي وثب سمكة عليه ، وقد عرفت أنّ تملّكه يحتاج إلى الأخذ بقصد التملّك ، والسفينة لا تكون آلة لاصطياد السمك نوعاً ، بل لحمل الأشخاص أو الأشياء من طريق البحر أو ما هو بمنزلته .
نعم ، لو فرض في بعض الموارد جعل السفينة أو قسمة منها آلة لاصطياد السمك كما في المثال المفروض في المتن فوثب السمك فيها ، فاستوجه في المتن حصول الملكيّة بمجرّد الوثوب وإن لم يتحقّق الأخذ ; لأنّ ذلك بمنزلة إخراجه حيّاً الموجب لحصول التذكية .
أقول : بل هو بمنزلة الآلة التي يتعارف بها اصطياد السمك ، كالشبكة الموجبة لتحقّق حلّية ما وقع فيها .

1 ـ في المسألة صور :
الاُولى : ما لو نصب شبكة كما هو المتعارف في هذه الأزمنة ، أو صنع حظيرة في الماء لمنع السمك عن الخروج بعد الدخول فيها ، فإن كان الغرض منهما الاصطياد للسمك ، فكلّ ما وقع واحتبس فيهما ملكه مطلقاً وإن كان ميّتاً . نعم ، في صورة الإخراج من الماء حيّاً يكون حلالاً بلا إشكال ، وكذا لو نضب الماء وغار ولو

(الصفحة353)

مسألة : لو أخرج السمك من الماء حيّاً ، ثمّ أعاده إليه مربوطاً أو غير مربوط فمات فيه حرم1 .

مسألة : لو طفا السمك على الماء وزال امتناعه بسبب ، مثل أن ضرب بمضراب ، أو بلع ما يسمّى بـ «الزهر» في لسان بعض الناس ، أو غير ذلك ، فإن أدركه شخص وأخذه وأخرجه من الماء قبل أن يموت حلّ ، وإن مات على الماء حرم . وإن ألقى «الزهر» أحدٌ فبلعه السمك وصار على وجه الماء وزال


بسبب الجزر فمات في الشبكة أو الحظيرة يكون الحكم كذلك .
الثانية : صورة العلم بالموت في الماء في الشبكة أو الحظيرة ، وفيه قولان : الأشهر(1) والأحوط عدم الحلّية ، بل نفى في المتن خلوّه عن القوّة ، لكنّ الظاهر هو الأوّل ; لأنّ الموت في الشبكة أو الحظيرة بمنزلة الموت في اليد ، إذ لا يكون المراد باليد الجارحة المخصوصة ، بل ما يوجب السلطة على الحيوان وحبسه عن الامتناع والفرار ، والمفروض تحقّق ذلك بالإضافة إليهما ، كما لا يخفى .
الثالثة : ما لو أخرج الشبكة من الماء فوجد بعض ما فيها أو كلّه ميّتاً ولم يدر أنّه قد مات في الماء أو بعد خروجه ، فاحتاط في المتن وجوباً الاجتناب عن الجميع ، لكن مقتضى ما ذكرنا في الصورة الثانية التفصيل بين صورة العلم بوقوع الموت في الآلة فهو حلال ، وغيره فهو حرام .

1 ـ لو أخرج السمك من الماء حيّاً ثمّ أعاده إليه ، فمات فيه فهو حرام ; من دون فرق بين أن يكون الماء مرتبطاً به أم لا ، لعدم الفرق .

(1) رياض المسائل : 12 / 125 ـ 126 .

(الصفحة354)

امتناعه ، فإن لم يكن بقصد الاصطياد لم يملكه ، فلو أخذه غيره ملكه ; من غير فرق بين ما إذا قصد سمكاً معيّناً أو لا ، وإن كان بقصد الاصطياد والتملّك ، فلا يبعد أن تكون إزالة امتناعه مملّكاً له ، فلا يملكه غيره بالأخذ . وكذا الحال إذا كان إزالة امتناعه بشيء آخر كاستعمال آلة ، كما إذا رماه بالرصاص فطفا على الماء . وبالجملة : لا يبعد أن تكون إزالة امتناعه بقصد الاصطياد والتملّك مطلقاً موجبة للملكيّة كالحيازة1 .


1 ـ لو طفا السمك على الماء ووقع فوقه وزال وصف امتناعه وفراره بسبب ، مثل المثالين المذكورين في المتن ، فإن أدركه شخص وأخذه وأخرجه من الماء قبل أن يموت حلّ ، وإن مات على الماء فهو حرام .
وإن ألقى «الزهر» أحدٌ فابتلعه السمك ووقع على وجه الماء وزال امتناعه وفراره ، فإن لم يكن عمله ذلك بقصد الاصطياد لم يملكه ، فلو أخذه غيره ملكه ; من دون فرق بين ما إذا قصد سمكاً معيّناً أو لا . وإن كان بقصد الاصطياد والتملّك ، فنفى البُعد في المتن عن أن تكون إزالة امتناعه مملّكاً له بحيث لم يكن يحتج إلى الأخذ ، فلا يملكه غيره بالأخذ ، لسبق ملكيّته . وكذا إذا كان إزالة امتناعه بشيء آخر ، كاستعمال آلة; كالرمي بالرصاص فوقع على وجه الماء .
وبالجملة : فنفى البُعد عن أن تكون إزالة وصف الامتناع عنه مقروناً بقصد الاصطياد والتملّك مطلقاً موجبة للملكيّة كالحيازة .
ولكن ينبغي أن يعلم أنّ الملكيّة أمر ، وحلّية اللحم أمر آخر ، فإذا اشترى إنسان سمكة من مالكها يملكها بالشراء ، لكن لو فرض موته في داخل ماء حوضه مثلاً لا يكون أكله حلالاً ; لعدم أخذه من الماء حيّاً ، كما عرفت أنّه الملاك في حلّية أكل اللحم .


(الصفحة355)

مسألة : لا يعتبر في حلّية السمك ـ بعدما اُخرج من الماء حيّاً أو اُخذ حيّاً بعد خروجه ـ أن يموت خارج الماء بنفسه ، فلو قطعه قبل أن يموت ومات بالتقطيع أو غيره حلّ أكله ، بل لا يعتبر في حلّه الموت رأساً ، فيحلّ بلعه حيّاً ، بل لو قطع منه قطعة واُعيد الباقي إلى الماء حلّ ما قطعه ; سواء مات الباقي في الماء أم لا . نعم ، لو قطع منه قطعة وهو في الماء حيّ أو ميّت لم يحلّ ما قطعه1 .


كما أنّه ينبغي أن يعلم أنّ الملاك هي الحلّية بالأصالة لا مطلقاً ، فإذا غصب إنسان حيواناً وذبحه على الطريق الشرعي يكون أكل لحمه حلالاً من حيث وقوع التذكية عليه ، وإن كان حراماً من جهة الغصبية والتصرّف في مال الغير بدون إذنه ، وعليه فحصول الملكيّة كالحيازة لا يستلزم الحلّية ، بل الملاك في كلّ واحد منهما أمر مستقلّ عن الآخر ، ولا ملازمة بينهما أصلاً ، كما لا يخفى .

1 ـ المستفاد من الروايات الواردة في حلّية السمك هو أنّ الاعتبار بالإخراج من الماء حيّاً أو أخذه حيّاً بعد خروجه ، في مقابل الموت في الماء ، وأمّا أنّ موته خارج الماء لابدّ وأن يكون مسبّباً عن نفس الكون خارج الماء ، نظراً إلى أنّ السمك لا يعيش كذلك فلا ، فلو قطعه قبل أن يموت ومات بالتقطيع حلّ أكله ; لأنّ المفروض إخراجه من الماء حيّاً ووقوع الموت خارج الماء ، بل لا يعتبر في الحلّية الموت خارج الماء أصلاً ، بل يجوز ابتلاعه حيّاً ، كما هو المعروف في معالجة بعض الأمراض بابتلاع صغار الحيتان في حال الحياة ، بل لو قطع منه قطعة خارج الماء واُعيد الباقي إلى الماء حلّ ما قطعه ، سواء مات الباقي في الماء أم لا . نعم ، لو قطع منه قطعة وهو في الماء ـ سواء كان حيّاً أم ميّتاًـ لم يحلّ ما قطعه ; لأنّ ظاهر الروايات أخذ الحوت من الماء حيّاً ، لا قطعة منه ولو كانت كبيرة .


(الصفحة356)

مسألة : ذكاة الجراد أخذه حيّاً ; سواء كان باليد أو بالآلة ، فلو مات قبل أخذه حرم ، ولا يعتبر فيه التسمية ، ولا الإسلام ، كما مرّ في السمك . نعم ، لو وجده ميّتاً في يد الكافر لم يحلّ ما لم يعلم بأخذه حيّاً ، ولا تجدي يده ولا إخباره في إحرازه1 .


ويدلّ على بعض المطلوب رواية أبي أيّوب أنّه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل اصطاد سمكة فربطها بخيط وأرسلها في الماء فماتت ، أتؤكل؟ فقال : لا(1) .
ورواية عبد الرحمن بن سيابة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن السمك يصاد ، ثمّ يُجعل في شيء ، ثمّ يُعاد في الماء فيموت فيه؟ فقال : لا تأكله; لأنّه مات في الذي فيه حياته(2) ، وغير ذلك من الروايات .

1 ـ الروايات الواردة في هذا المجال كثيرة :
منها : صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام) قال : سألته عن الجراد نصيبه ميّتاً في الماء أو في الصحراء ، أيؤكل؟ قال : لا تأكله . قال : وسألته عن الدّبا من الجراد أيؤكل؟ قال : لا ، حتّى يستقلّ بالطيران . وفي كتاب عليّ بن جعفر عن الدبا ، هل يحلّ أكله؟ قال : لا يحلّ أكله حتّى يطير(3) .

(1) الكافي : 6 / 217 ح4 ، الفقيه : 3 / 206 ح944 ، تهذيب الأحكام : 9 / 11 ح41 ، وعنها الوسائل : 24 / 79 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب33 ح1 .
(2) الكافي : 6 / 216 ح3 ، الفقيه : 3 / 206 ح945 ، تهذيب الأحكام : 9 / 11 ح40 ، وعنها الوسائل : 24 / 79 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب33 ح2 .
(3) الكافي : 6 / 222 ح3 ، قرب الإسناد : 277 ح1099 و1101 ، تهذيب الأحكام : 9 / 62 ح264 ، مسائل علي بن جعفر : 192 ح396 ، وص109 ح18 ، وعنها الوسائل : 24 / 87 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب37 ح1 ، وفي البحار : 65 / 194 ح13 عن القرب والمسائل .

(الصفحة357)

مسألة  : لو وقعت نار في أجمة ونحوها فأحرقت ما فيها من الجراد لم يحلّ وإن قصده المحرق . نعم ، لو مات بعد أخذه بأيّ نحو كان حلّ ، كما أنّه لو فرض كون النار آلة صيد الجراد; بأنّه لو أجّجها اجتمعت من الأطراف وألقت أنفسها فيها ، فاُجّجت لذلك فاجتمعت واحترقت بها لا يبعد حلّيتها1 .


ومنها : موثّقة مسعدة بن صدقة قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن أكل الجراد؟ فقال : لا بأس بأكله ، ثمّ قال (عليه السلام) : إنّه نثرة(1) من حوت في البحر ، ثمّ قال : إنّ عليّاً (عليه السلام)قال : إنّ الجراد والسمك إذا خرج من الماء فهو ذكيّ ، والأرض للجراد مصيدة ، وللسمك قد تكون أيضاً(2) .
ومنها : رواية عمرو بن هارون الثقفي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : الجراد ذكّي فكُله ، وأمّا ما مات في البحر فلا تأكله(3) .
ثمّ إنّك عرفت(4) أنّه لو وجد السمك ميّتاً في يد الكافر لم يحلّ ما لم يعلم بأخذه حيّاً ، ولا يجدي يده ولا إخباره في إحرازه ، كذلك الجراد مثله .

1 ـ لو وقعت نار في أجمة ونحوها فأحرقت ما فيها من الجراد ، لا يحلّ بذلك وإن كان قصد المحرق هذه الجهة ، بل يحتاج إلى الأخذ باليد وموته بعده بأيّ نحو كان .

(1) قال في مجمع البحرين : والنثرة للدوابّ : شبه العطسة ، ومنه الحديث : الجراد هو نثرة من حوت البحر ، أي عطسته .
(2) الكافي : 6 / 221 ح1 ، قرب الإسناد : 50 ح162 ، تهذيب الأحكام : 9 / 62 ح262 ، وعنها الوسائل : 24 / 87 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب37 ح3 وفي البحار : 65 / 201 ح24 عن القرب .
(3) الكافي : 6 / 222 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 62 ح263 ، وعنهما الوسائل : 24 / 88 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب37 ح4 .
(4) في ص351 .

(الصفحة358)

مسألة : لا يحلّ من الجراد ما لم يستقلّ بالطيران ; وهو المسمّى بـ «الدبى» على وزن «عصا»; وهو الجراد إذا تحرّك ولم تنبت بعد أجنحته1 .


نعم ، لو فرض كون النار آلة لصيد الجراد ، نظراً إلى أنّه لو أجّجها اجتمعت من الأطراف وألقت نفسها فيه ، فأجّجت لهذا الغرض فاجتمعت واُحرقت بها ، فقد نفى البُعد عن حلّيتها .
ويؤيّده رواية عمّار بن موسى ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه سُئل عن السمك يشوى وهو حيّ؟ قال : نعم ، لا بأس به . وسُئل عن الجراد إذا كان في قراح ، فيحرق ذلك القراح ، فيحرق ذلك الجراد وينضج بتلك النار هل يؤكل؟ قال : لا(1) . والظاهر أنّ المراد بالقراح هي الآلة المعدّة لنضج المشويّات ، ولعلّه الذي يعبّر عنه بالفارسية بـ «ساج» .

1 ـ وقع التصريح بذلك في صحيحة عليّ بن جعفر المتقدّمة في المسألة السابقة الدالّة على حرمة الجراد الذي لا يستقلّ بالطيران لصغره وأنّه هو المسمّى بـ «الدّبى» .

(1) تهذيب الأحكام: 9/62 ح265، وعنه الوسائل: 24 / 88 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب37 ح5.

(الصفحة359)





القول في الذباحة

والكلام في الذابح ، وآلة الذبح وكيفيّته ، وبعض الأحكام المتعلّقة به في طيّ مسائل :

مسألة : يشترط في الذابح أن يكون مسلماً أو بحكمه كالمتولّد منه ، فلاتحلّ ذبيحة الكافر مشركاً كان أو غيره حتّى الكتابي على الأقوى ، ولا يشترط فيه الإيمان ، فتحلّ ذبيحة جميع فرق الإسلام عدا الناصب وإن أظهر الإسلام1 .


1 ـ أمّا اشتراط أن يكون الذابح مسلماً أو ما بحكمه ، كالمتولّد منه المحكوم بالإسلام ، فيدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّه المتسالم عليه ظاهراً ، بحيث يعدّ كأنّه من الضروريات عند المسلمين ـ الروايات الكثيرة الدالّة عليه ، وفي جملة منها : أنّها هو الاسم ، ولا يؤمن عليه إلاّ مسلم(1) ، نظراً إلى قوله تعالى : {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}(2) ، وفي بعضها التصريح بأنّ المسيحي يقول باسم المسيح(3) ، وفي

(1) وسائل الشيعة : 24 / 48 ـ 59 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ، ب26 ح1 ، 6 ، 7 ، 10 وب27 ح2 ، 4 ، 8 ، و24 .
(2) سورة الأنعام : 6 / 121 .
(3) وسائل الشيعة : 24 / 49 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب26 ح3 وص53 ب27 ح3 .

(الصفحة360)



بعضها النهي عن ذبيحة اليهود والنصارى ، وفي بعضها تعابير اُخرى(1) ، والمستفاد من جميعها اعتبار الإسلام في الذابح .
فلا تحلّ ذبيحة الكافر مشركاً كان أو غيره ، كتابيّاً أو غيره ، ونحن وإن اخترنا في بحث أعيان النجاسات طهارة الكتابي بالأصالة(2) ، إلاّ أنّ مسألة الطهارة أمر ، وحلّية الذبيحة أمر آخر لا ارتباط بينهما .
وأمّا الإيمان ، فلا دليل على اشتراطه واعتباره ، خصوصاً مع ابتلاء الشيعة بأكل ذبيحة غيرهم في السفر إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأئمّة البقيع (عليهم السلام) ، فالظاهر حلّية ذبيحة جميع فرق الإسلام عدا من يكون محكوماً بالكفر وإن كان منتحلاً للإسلام ، كالناصب ونحوه ، ولا يختصّ عدم الحلّية بالناصب ، كما يشعر به عبارة المتن .
وفي رواية أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : ذبيحة الناصب لا تحلّ(3) .
وفي رواية اُخرى لأبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، أنّه قال : لا تحلّ ذبائح الحرورية(4) .
واستثناء صورة الضرورة ـ كما في رواية زكريّا بن آدم قال : قال أبو الحسن (عليه السلام) : إنّي أنهاك عن ذبيحة كلّ من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك ، إلاّ في

(1) وسائل الشيعة : 24 / 48 ـ 66 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب26 و 27 .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الطهارة ، النجاسات وأحكامها : 207 ـ 233 .
(3) تهذيب الأحكام : 9 / 71 ح301 ، الاستبصار : 4 / 87 ح332 ، وعنهما الوسائل : 24 / 67 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب28 ح2 .
(4) تهذيب الأحكام : 9 / 71 ح302 ، الاستبصار : 4 / 87 ح333 ، وعنهما الوسائل : 24 / 67 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب28 ح3 .

<<التالي الفهرس السابق>>