في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة381)

ثالثها: صدور حركة منها بعد تمامية الذبح; كي تدلّ على وقوعه على الحيّ ولو كانت يسيرة ، مثل أن تطرف عينها أو تحرّك اُذنها أو ذنبها ، أو تركض برجلها ونحوها ، ولا يحتاج مع ذلك إلى خروج الدم المعتدل ، فلو تحرّك ولم يخرج الدم ، أو خرج متثاقلاً ومتقاطراً لا سائلاً معتدلاً كفى في التذكية . وفي الاكتفاء به أيضاً ـ حتّى يكون المعتبر أحد الأمرين : من الحركة ، أو خروج الدم المعتدل ـ قول مشهور بين المتأخِّرين ، ولا يخلو من وجه ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط . هذا إذا لم يعلم حياته ، وأمّا إذا علم حياته بخروج هذا الدم فيكتفى به بلا إشكال1 .


1 ـ الأمر الثالث : من الاُمور المعتبرة في التذكية الذبحيّة صدور حركة من الحيوان بعد تماميّة الذبح; كي تدلّ على وقوعه على الحيّ .
قال المحقّق في الشرائع : الرابع ـ يعني من الاُمور المعتبرة في التذكية ـ الحركة بعد الذبح كافية في الذكاة ، وقال بعض الأصحاب : لابدّ مع ذلك من خروج الدم(1) ، وقيل : يجزئ أحدهما (2) ،(3) وأضاف إليه في الجواهر قوله : وربّما حكي قول رابع ، وهو اعتبار خروج الدم المعتدل خاصّة ، ونسب إلى الشهيد في الدروس(4) ، وهو

(1) كالمفيد في المقنعة : 580 والإسكافي ، حكي عنه في المختلف : 8 / 325 ، والقاضي في المهذّب : 2/428 ، والديلمي في المراسم : 211ـ 212 والحلبي في الكافي في الفقه : 277 ، وابن زهرة في غنية النزوع : 397 .
(2) كالشيخ في النهاية : 584 وابن إدريس في السرائر : 3 / 110 والعلاّمة في التحرير : 4/624 ، والفاضل الآبي في كشف الرموز : 2 / 352 ـ 353 ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : 388 ، بل أكثر المتأخّرين كما في المسالك : 11 / 485 .
(3) شرائع الإسلام : 3 / 206 .
(4) الناسب هو الشهيد الثاني في المسالك : 11 / 485 ـ 486 .

(الصفحة382)



وهم قطعاً (1) . والروايات في هذا المجال كثيرة مختلفة :
منها : صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كُل كلّ شيء من الحيوان غير الخنزير والنطيحة والمتردّية وما أكل السبع ، وهو قول الله عزّوجلّ : {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ}(2) فإن أدركت شيئاً منها وعين تطرف ، أو قائمة تركض ، أو ذنب يمصع ، فقد أدركت ذكاته ، فكُله . الحديث(3) ، والقائمة : الرِّجل .
ومنها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن الذبيحة؟ فقال : إذا تحرّك الذنب ، أو الطرف ، أو الاُذن فهو ذكيّ(4) .
ومنها : رواية رفاعة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، أنّه قال في الشاة : إذا طرفت عينها ، أو حركت ذنبها فهي ذكيّة(5) .
ومنها : رواية أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا شككت في حياة شاة فرأيتها تطرف عينها ، أو تحرِّك اُذنيها ، أو تمصع بذنبها فاذبحها ، فإنّها لك حلال(6) .
ومنها : رواية أبي بصير ـ يعني المرادي ـ قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الشاة

(1) جواهر الكلام : 36 / 125ـ 126 .
(2) سورة المائدة : 5 /3 .
(3) تهذيب الأحكام : 9 / 58 ح241 ، تفسير العياشي : 1 / 291 ح16 ، وعنهما الوسائل : 24/22 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب11 ح1 .
(4) الكافي : 6 / 233 ح5 ، تهذيب الأحكام : 9 / 56 ح235 ، وعنهما الوسائل : 24 / 23 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب11 ح3 .
(5) الكافي : 6 / 233 ح6 ، تهذيب الأحكام : 9 / 56 ح234 ، وعنهما الوسائل : 24 / 23 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب11 ح4 .
(6) الكافي : 6 / 232 ح4 ، تهذيب الأحكام : 9 / 57 ح238 ، وعنهما الوسائل : 24 / 23 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب11 ح5 .

(الصفحة383)



تذبح فلا تتحرّك ، ويهراق منها دمٌ كثير عبيط؟ فقال : لا تأكل ، إنّ عليّاً (عليه السلام) كان يقول : إذا ركضت الرجل ، أو طرفت العين فكُل(1) .
ومنها : رواية الحسين بن مسلم قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) إذ جاءه محمّد بن عبد السلام ، فقال له : جعلت فداك يقول لك جدّي : إنّ رجلاً ضرب بقرة بفأس فسقطت ثمّ ذبحها ، فلم يرسل معه بالجواب ، ودعا سعيدة مولاة اُمّ فروة ، فقال لها : إنّ محمّداً جاءني برسالة منك فكرهت أن أُرسل إليك بالجواب معه ، فإن كان الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح خرج الدم معتدلاً فكلوا واطعموا ، وإن كان خرج خروجاً متثاقلاً فلا تقربوه(2) .
ومنها : رواية زيد الشحّام المتقدّمة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل لم يكن بحضرته سكّين ، أيذبح بقصبة؟ فقال : اذبح بالحجر وبالعظم وبالقصبة والعود إذا لم تصب الحديدة ، إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس به(3) ، بناءً على أنّ المراد بالذيل بيان كيفيّة الذبح ولو كان بالحديد ، لا بيان خصوصيّة الذبح بغير الحديد مع عدم إصابته ، كما لايخفى .
ومنها : بعض الروايات الاُخر .
قلت : إن قلنا بإمكان الجمع الدلالي بينها ، نظراً إلى صراحة مثل رواية أبي بصير ليث المرادي في الدلالة على اعتبار كون الحركة بعد الذبح ،

(1) تهذيب الأحكام : 9 / 57 ح240 ، الفقيه : 3 / 209 ح962 ، وعنهما الوسائل : 24 / 24 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب12 ح1 .
(2) الكافي : 6 / 232 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 56 ح236 ، قرب الإسناد : 44 ح143 وعنها الوسائل : 24 / 25 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب12 ح2 .
(3) تقدّمت في ص366 .

(الصفحة384)



وأنّه مع عدمها لايحلّ وإن كان يهراق منه دماً عبيطاً ، وهي بمنزلة القرينة للتصرّف في ظهور الروايات الاُخر ، أو أظهريّة دلالة رواية أبي بصير ، مثل قوله : رأيت أسداً يرمي ، فإنّ دلالة يرمي على كون الرامي رجلاً شجاعاً أظهر من دلالة لفظ الأسد على معناه الحقيقي ، وهو الحيوان المفترس . وإلاّ فإن قلنا بتعارض الطائفتين ، فاللازم الأخذ بما دلّ على اعتبار الحركة; لموافقتها للشهرة الفتوائية المحقّقة(1) ، بل المحكيّ عن الغنية إجماع الإماميّة عليه(2) ، وفي المتن : أنّ الاكتفاء بأحد الأمرين من الحركة أو خروج الدم المعتدل قول مشهور بين المتأخّرين ، ونفى خلوّه عن الوجه ، لكن قال : لا ينبغي ترك الاحتياط ، وقد ثبت في محلّه أنّ الشهرة بين المتأخّرين لا تكون مرجّحة ولا قادحة ، بل الملاك هي الشهرة بين القدماء .
ثمّ إنّ التعبير في هذا الأمر الثالث بصدور حركة من الذبيحة لتدلّ على وقوعها على الحيّ ولو كانت يسيرة يغاير التعبير في الأمرين الأوّلين ، فإنّهما ظاهران في الاعتبار في مقام الثبوت ، والتعبير في هذا الأمر ظاهر في الاعتبار في مقام الإثبات ، ولعلّه لذا ذكر في الذيل أنّه إذا علم حياته بخروج هذا الدمّ فيكتفى به بلا إشكال ، مع أنّ ظاهر جملة من الروايات المتقدّمة اعتبار هذا الأمر أيضاً في مقام الثبوت; بأن كانت الحركة المذكورة بعد تماميّة الذبح بجميع خصوصيّاته ، وقد عرفت في مسألة الصيد(3) أنّ الواجب هو التذكية مع ثبوت هذه الأوصاف الظاهرة في الثبوت قبل الذبح ، ولأجله يحتمل الخلط في كلماتهم .

(1) رياض المسائل : 12 / 107 .
(2) غنية النزوع : 397 .
(3) في ص320 ـ 325 .

(الصفحة385)

مسألة : لا يعتبر كيفيّة خاصّة في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح ، فلا فرق بين أن يضعها على الجانب الأيمن ، كهيئة الميّت حال الدفن ، وأن يضعها على الأيسر1 .

مسألة : لا يعتبر في التسمية كيفيّة خاصّة ، وأن تكون في ضمن البسملة ، بل المدار صدق ذكر اسم الله عليها ، فيكفي أن يقول «بسم الله» ، أو «الله أكبر» أو «الحمد لله» أو «لا إله إلاّ الله» ونحوها . وفي الاكتفاء بلفظ «الله» ـ من دون أن يقرن بما يصير به كلاماً تامّاً دالاًّ على صفة كمال أو ثناء أو تمجيد ـ إشكال . نعم ، التعدّي من لفظ «الله» إلى سائر أسمائه الحسنى كالرحمان والبارئ والخالق وغيرها من أسمائه الخاصّة غير بعيد ، لكن لا يترك الاحتياط فيه ، كما أنّ التعدّي إلى ما يرادف لفظ الجلالة في لغة اُخرى كلفظة «يزدان» في الفارسية وغيرها في غيرها لا يخلو من وجه وقوّة ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بمراعاة العربيّة2 .


1 ـ أمّا عدم اعتبار كيفيّة خاصّة في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح ، فلأنّ مقتضى الدليل هو لزوم الاستقبال بالذبيحة إلى القبلة ، ولا فرق في ذلك بين الوضع على الجانب الأيمن ، كهيئة الميّت حال الدفن ، وبين الوضع على الجانب الأيسر ; لتحقّق الأمر المذكور في كلتا الحالتين .

2 ـ هل يعتبر في التسمية كيفيّة خاصّة ، وأن تكون في ضمن البسملة ، أم لا يعتبر ذلك ؟ بل المدار صدق ذكر اسم الله عليها . كما عرفت قوله تعالى : {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}(1)فيكفي الأمثلة المذكورة في المتن .

(1) سورة الأنعام : 6 / 121 .

(الصفحة386)

مسألة : الأقوى عدم اعتبار استقرار الحياة في حلّية الذبيحة بالمعنى الذي فسّروه ، وهو أن لا تكون مشرفة على الموت; بحيث لا يمكن أن يعيش مثلها اليوم أو نصف اليوم ، كالمشقوق بطنه ، والمخرج حشوته ، والمذبوح من قفاه الباقية أوداجه ، والساقط من شاهق ونحوها ، بل المعتبر أصل الحياة ولو كانت عند إشراف الخروج ، فإن علم ذلك فهو ، وإلاّ يكون الكاشف عنها الحركة بعد الذبح ولو كانت يسيرة كما تقدّم1 .


وفي صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألته عن رجل ذبح فسبّح أو كبّر أو هلّل أو حمد الله؟ قال : هذا كلّه من أسماء الله لا بأس به(1) .
وقد استشكل في المتن في الاكتفاء بلفظ «الله» من دون أن يقرن بما يصير به كلاماً تامّاً دالاًّ على صفة كمال أو ثناء أو تمجيد ، وإن حكي عن البعض الاجتزاء به(2) ، لكنّ العرف يخالفه ; لأنّه يجتمع مع إثبات نقص له تعالى ، مثل عدم كونه واجب الوجود ، وهذا بخلاف الاُمور المذكورة في الرواية ، كما أنّها تدلّ في مقام التعليل على كفاية مطلق أسمائه تعالى المختصّة به ، كالرحمان والبارئ ، لكن مقتضى الاحتياط الاستحبابي العدم ، كما أنّ التعدّي إلى ما يرادف لفظ الجلالة من سائر اللغات كالفارسية وغيرها نفى خلوّه عن الوجه ، واحتاط استحباباً بالترك ، والوجه في ذلك اختلاف اللغات في الأسماء المختصّة به تعالى ، ولا دليل على كون التسمية في الذبح كالصلاة ونحوها من حيث اعتبار العربيّة وعدم الاجتزاء بغيرها.

1 ـ قد مرّ كلام المحقّق في الشرائع في اعتبار الحياة المستقرّة ، وفي تفسيرها

(1) الكافي : 6 / 234 ح5 ، الفقيه : 3 / 211 ح978 ، تهذيب الأحكام : 9 / 59 ح249 ، وعنها الوسائل : 24 / 31 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب1 ح1 .
(2) مسالك الأفهام : 11 / 476 ، مجمع الفائدة والبرهان : 11 / 119 .

(الصفحة387)

مسألة : لا يشترط في حلّية الذبيحة بعد وقوع الذبح عليها حيّاً أن يكون خروج روحها بذلك الذبح ، فلو وقع عليها الذبح الشرعي ثمّ وقعت في نار


بالتعيّش يوماً أو يومين ، وفي بعض الكلمات بل ولعلّه المشهور : ولو نصف يوم ، وتفسير الحركة غير المستقرّة بأن تكون الحركة كحركة المذبوح(1) ، وقد عرفت أنّ الكلام قد يكون في مقام الثبوت ، وقد يكون في مقام الإثبات(2) . أمّا بحسب مقام الثبوت ، فلا دليل على اعتبار استقرار الحياة بوجه ولو نصف يوم ، فيقع الذبح على الموارد المذكورة في المتن مع بقاء الحياة ولو كانت عند إشراف الخروج .
نعم ، في صورة الشكّ يكون الكاشف عن تلك الحياة المعتبرة الحركة بعد الذبح ولو كانت يسيرة ، ويدلّ على أصل الحكم ما مرّ في باب الصيد من أنّه إذا أدركه وكانت الأوصاف الثلاثة المتقدّمة موجودة فيه يجب ذبحه لحلّية أكل لحمه(3) ، وقد عرفت منّا وقوع الخلط ظاهراً في كلمات الأصحاب بين مقام الثبوت ومقام الإثبات ، كما أنّه يرد على المتن أنّه لا وجه لتكرار المسألة مرّتين أو ثلاث مرّات ، خصوصاً مع اختلاف النظر فيها ولو على نحو الإشكال لا الفتوى .
فالإنصاف أنّ المعتبر في مقام الثبوت هو أصل الحياة ولو كانت عند إشراف الخروج ، والكاشف عنها هو الأوصاف الثلاثة المتقدّمة(4) ، فمع تطرّف العين وتركّض الرجل وتحرّك الذنب يعلم بعدم زهوق الروح ، ومع العلم بعدمه يصحّ ذبحه ويحلّ أكله ، فتأمّل جيّداً .

(1) في ص373 ـ 375.
(2) في ص384.
(3، 4) في ص324 ـ 325.

(الصفحة388)

أو ماء أو سقطت من جبل ونحو ذلك فماتت بذلك حلّت على الأقوى1 .

مسألة : يختصّ الإبل من بين البهائم بكون تذكيتها بالنحر ، كما أنّ غيرها يختصّ بالذبح ، فلو ذبحت الإبل أو نحر غيرها كان ميتة . نعم ، لو بقيت له الحياة بعد ذلك أمكن التدارك ; بأن يذبح ما يجب ذبحه بعدما نحر ، أو ينحر ما يجب نحره بعدما ذبح ووقعت عليه التذكية2 .


1 ـ المعتبر في حلّية الذبيحة وقوع الذبح عليها المؤثّر في زهاق الروح ولو بالقوّة ، فلو سبقه إلى ذلك أمر آخر بعد وقوع الذبح الشرعي بحيث كان المؤثّر بالفعل في زهاق الروح سابقاً على المؤثّر بالقوّة الذي يكون هو الذبح ، فلا يستفاد من الأدلّة اعتبار عدمه ، فإذا ذبح فوق جبل وسقطت منه ونحو ذلك فماتت بالسقوط ونحوه فلا دليل على اعتبار عدمه بعد وقوع الذبح المؤثّر في ذلك بالقوّة عليه ، ولا ينطبق عليه عنوان المتردّية بعد كون المراد بها هو الساقط من غير ذبح أصلاً ، بحيث كان الموت مستنداً إلى السقوط مطلقاً ، واحتمال لزوم كون الذبح مؤثّراً قوّة وفعلاً يدفعه عدم الدليل ، بل ظهور الدليل في الخلاف .
وفي صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال : وإن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت في النار ، أو في الماء ، أو من فوق بيتك ، إذا كنت قد أجدت الذبح فكُل(1) .

2 ـ يختصّ الإبل من بين البهائم باختصاص تذكيتها بالنحر ، كما أنّ سائر البهائم

(1) تهذيب الأحكام : 9 / 58 ح16 ، تفسير العياشي : 1 / 291 ح16 ، وعنهما الوسائل : 24 / 26 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب13 ح1 .

(الصفحة389)

مسألة : كيفيّة النحر ومحلّه أن يدخل سكّيناً أو رمحاً ونحوهما من الآلات الحادّة الحديديّة في لبّته ، وهي المحلّ المنخفض الواقع بين أصل العنق


وغيرها من الحيوانات القابلة للذبح يختصّ باختصاص تذكيتها المؤثّرة في الحلّية والطهارة أو الطهارة بالذبح ، فلو انعكس الأمر لا تصحّ ، ويدلّ عليه من الروايات صحيحة صفوان قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن ذبح البقر من المنحر؟ فقال : للبقر الذبح ، وما نحر فليس بذكي(1) .
ومرسلة الصدوق المعتبرة ، قال : قال الصادق (عليه السلام) : كلّ منحور مذبوح حرام ، وكلّ مذبوح منحور حرام(2) .
ورواية يونس بن يعقوب ، قال : قلت لأبي الحسن الأوّل (عليه السلام) : إنّ أهل مكّة لا يذبحون البقر ، إنّما ينحرون في لبّة البقر ، فما ترى في أكل لحمها؟ قال : فقال : {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} ، لا تأكل إلاّ ما ذبح(3) .
ثمّ إنّه لو انعكس الأمر; بأن ذبح ما كان اللازم نحره ، أو نحر ما كان اللازم ذبحه لا تحلّ بذلك ، بل هي ميتة إلاّ إذا عمل على طبق الوظيفة الأوّلية في حال بقاء الحياة المعتبر في التذكية المتقدّم سابقاً ، وقد تردّد في الحلّية المحقّق في الشرائع ، معلّلاً بأنّه لا استقرار للحياة بعد الذبح أو النحر(4) ، ولكن عرفت منع اعتبار الأمر المذكور(5) .

(1) الكافي : 6 / 228 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 53 ح218 ، وعنهما الوسائل : 24 / 14 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب5 ح1 .
(2) الفقيه : 3 / 210 ح968 ، وعنه الوسائل : 24 / 14 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب5 ح3 .
(3) الكافي : 6 / 229 ح3 ، تهذيب الأحكام : 9 / 53 ح219 ، وعنهما الوسائل : 24 / 14 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب5 ح2 ، والآية في سورة البقرة: 2 / 71.
(4) شرائع الإسلام : 3 / 205 .
(5) في ص375 .

(الصفحة390)

والصدر ، ويشترط فيه كلّ ما اشترط في التذكية الذبحيّة ، فيشترط في الناحر ما اشترط في الذابح ، وفي آلة النحر ما اشترط في آلة الذبح ، وتجب التسمية عنده ، كما تجب عند الذبح ، ويجب الاستقبال بالمنحور ، وفي اعتبار الحياة واستقرارها هنا ما مرّ في الذبيحة1 .

مسألة : يجوز نحر الإبل قائمة وباركة مقبلة إلى القبلة ، بل يجوز نحرها ساقطة على جنبها مع توجيه منحرها ومقاديم بدنها إلى القبلة وإن كان


1 ـ في صحيحة معاوية بن عمّار قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : النحر في اللبّة والذبح في الحلق(1) . وفي رواية حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) المشتملة على نحر الإبل أيضاً قوله (عليه السلام) : وأمّا البعير فشدّ أخفافه إلى إباطه واطلق رجليه(2) .
ثمّ إنّ الدليل على أنّه يشترط فيه كلّ ما اشترط في التذكية الذبحيّة ـ مضافاً إلى عموم الدليل في بعض الشرائط ، كقوله تعالى : {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}(3) وإلى أنّ الظاهر أنّ المراد من قوله (عليه السلام) : فاستقبل بذبيحتك القبلة ، كما في الروايات المتقدّمة(4) أعمّ من النحر ـ أنّه لم يقل أحد بالفرق بين الذبح والنحر من هذه الجهة أصلاً .

(1) الكافي : 6 / 228 ح1 ، تهذيب الأحكام : 9 / 53 ح217 ، وعنهما الوسائل : 24 / 10 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب3 ح1 .
(2) الكافي : 6 / 229 ح4 ، تهذيب الأحكام : 9 / 55 ح227 ، وعنهما الوسائل : 24 / 10 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب3 قطعة من ح2 .
(3) سورة الأنعام : 6 / 121 .
(4) في ص378 .

(الصفحة391)

الأفضل كونها قائمة1 .

مسألة : كلّ ما يتعذّر ذبحه ونحره ـ إمّا لاستعصائه ، أو لوقوعه في موضع لا يتمكّن الإنسان من الوصول إلى موضع ذكاته ليذبحه أو ينحره ، كما لو تردّى في البئر ، أو وقع في مكان ضيّق وخيف موته ـ جاز أن يعقره بسيف ، أو سكّين ، أو رمح أو غيرها ممّا يجرحه ويقتله ، ويحلّ أكله وان لم يصادف العقر موضع التذكية ، وسقطت شرطية الذبح والنحر ، وكذلك الاستقبال . نعم ، سائر الشرائط من التسمية وشرائط الذابح والناحر تجب مراعاتها ، وأمّا الآلة فيعتبر فيها ما مرّ في آلة الصيد الجماديّة ، وفي الاجتزاء هنا بعقر الكلب وجهان ، أقواهما ذلك في المستعصي ، ومنه الصائل المستعصي دون غيره كالمتردّي2 .


1 ـ كما عرفت أنّه يجوز في مثل الشاة في حال الذبح وضعها على الجانب الأيمن ، وكذا وضعها على الجانب الأيسر ، فاعلم أنّه يجوز نحر الإبل قائمة مقبلة إلى القبلة ، ويجوز نحرها ساقطة على جنبها مع توجيه منحرها ومقاديم بدنها إلى القبلة ، وإن كان الأفضل كما في المتن كونها قائمة .

2 ـ قال المحقّق في الشرائع : كلّ ما يتعذّر ذبحه أو نحره من الحيوان ، إمّا لاستعصائه ، أو لحصوله في موضع لا يتمكّن المذكّي من الوصول إلى موضع الذكاة منه وخيف فوته ، جاز أن يعقر بالسيوف أو غيرها ممّا يجرح ، ويحلّ وإن لم يصادف العقر موضع التذكية(1) . وأضاف إليه في الجواهر : ولم يحصل الاستقبال(2) .

(1) شرائع الإسلام : 3 / 207 .
(2) جواهر الكلام : 36 / 140 .

(الصفحة392)



أقول : يدلّ على ذلك روايات متعدّدة ، كصحيحة محمّد الحلبي قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) في ثور تعاصى فابتدره قوم بأسيافهم وسمّوا ، فأتوا عليّاً (عليه السلام)، فقال : هذه ذكاة وحيّة ولحمه حلال .
ومثلها رواية عيص بن القاسم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) (1).
ورواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) : إنّ قوماً أتوا النبيّ (صلى الله عليه وآله)فقالوا : إنّ بقرة لنا غلبتنا واستصعبت (واستعصت خ ل) علينا ، فضربناها بالسيف ، فأمرهم بأكلها(2) .
ورواية إسماعيل الجعفي قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : بعير تردّى في بئر كيف ينحر؟ قال : يدخل الحربة فيطعنه بها ويسمّي ويأكل(3) .
وغير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال .
ثمّ إنّه ذكر في الذيل أنّ الاجتزاء هنا بعقر الكلب فيه وجهان ، وقد قوّى الاجتزاء بالإضافة إلى المستعصي دون المتردّي ، ولعلّ الوجه أنّ المستعصي يكون كالممتنع بالذات ; لعدم الفرق بين الامتناع بالذات ، وبين الامتناع بالعرض لأجل الاستعصاء ، وأمّا المتردّي فقد عرفت في بعض الروايات المتقدّمة لزوم طعنه بالحربة التي هي آلة جماديّة ، وذكر صاحب الجواهر (قدس سره) أنّه ربما ظهر من بعض هنا

(1) الكافي : 6 / 231 ح3 و2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 54 ح225 و224 ، الفقيه : 3 / 208 ح957 ، وعنها الوسائل : 24 / 19 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب10 ح1 و2 .
(2) الكافي : 6 / 231 ح4 ، الفقيه : 3 / 208 ح956 ، تهذيب الأحكام : 9 / 54 ح226 ، وعنها الوسائل : 24 / 20 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب10 ح3 .
(3) الكافي : 6 / 231 ح5 ، تهذيب الأحكام : 9 / 54 ح322 ، وعنهما الوسائل : 24 / 20 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب10 ح4 .

(الصفحة393)

مسألة : للذباحة والنحر آداب ووظائف مستحبّة ومكروهة .

فمنها : على ما حكي الفتوى به عن جماعة أن يربط يدي الغنم مع إحدى رجليه ويطلق الاُخرى ، ويمسك صوفه وشعره بيده حتّى تبرد ، وفي البقر أن يعقل قوائمه الأربع ويطلق ذنبه ، وفي الإبل أن تكون قائمة ويربط يديها ما بين الخفّين إلى الركبتين أو الإبطين ، ويطلق رجليها ، وفي الطير أن يرسله بعد الذبح حتّى يرفرف .
ومنها : أن يكون الذابح والناحر مستقبل القبلة .
ومنها : أن يعرض عليه الماء قبل الذبح والنحر .
ومنها : أن يعامل مع الحيوان في الذبح والنحر ومقدّماتهما ما هو الأسهل والأروح وأبعد من التعذيب والإيذاء له ; بأن يساق إلى الذبح والنحر برفق ويضجعه برفق ، وأن يحدّد الشفرة ، وتُوارى وتُستر عنه حتّى لا يراها ، وأن يسرع في العمل ويمرّ السكّين في المذبح بقوّة1
.


المفروغيّة من جواز عقره بالكلب; لصيرورته بذلك حينئذ كالصيد ، وذكر أنّه قد تقدّم الإشكال منّا في ذلك بالنسبة إلى خصوص المتردّي(1) ، ولعلّ وجه الإشكال ما ذكرناه من الرواية ، فتدبّر .

1 ـ للذباحة والنحر آداب ووظائف مستحبّة ومكروهة :
أمّا المستحبّة وإن لم يقع التصريح بها في كلامه ، فهي اُمور مذكورة جملة منها في بعض الروايات ، ولو فرض عدم اعتبارها ، لكنّه لا يقدح في ذلك بناءً على قاعدة التسامح في أدلّة السنن ، ولو قلنا بشمولها للفتوى

(1) جواهر الكلام : 36 / 140 .

(الصفحة394)

وأمّا المكروهة ، فمنها : أن يسلخ جلده قبل خروج الروح ، وقيل بالحرمة وإن لم تحرم به الذبيحة ، وهو أحوط .
ومنها : أن يقلب السكّين ويدخلها تحت الحلقوم ويقطع إلى فوق .
ومنها : أن يذبح حيوان وحيوان آخر مجانس له ينظر إليه ، وأمّا غيره ففيها تأمّل ، وإن لا تخلو من وجه .
ومنها : أن يذبح ليلاً ، وبالنهار قبل الزوال يوم الجمعة إلاّ مع الضرورة .
ومنها : أن يذبح بيده ما ربّاه من النعم . وأمّا إبانة الرأس قبل خروج الروح منه فالأحوط تركها ، بل الحرمة لا تخلو من وجه . نعم ، لا تحرم الذبيحة بفعلها على الأقوى . هذا مع التعمّد . وأمّا مع الغفلة أو سبق السكِّين فلا حرمة ولا كراهة ـ لا في الأكل ولا في الإبانة ـ بلا إشكال ، والأحوط ترك أن تنخع الذبيحة بمعنى إصابة السكِّين إلى نخاعها وهو الخيط الأبيض وسط القفار الممتدّ من



التي لا يعلم مستندها تكون الدائرة أوسع ، ففي رواية حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قوله : وإن كان شيء من الغنم فأمسك صوفه أو شعره ، ولا تمسكنّ يداً ولا رجلاً ، فأمّا البقرة فاعقلها وأطلق الذنب ، وأمّا البعير فشدّ أخفافه إلى إباطه وأطلق رجليه ، وإن أفلتك شيء من الطير وأنت تريد ذبحه أو ندّ عليك فارمه بسهمك ، فإذا هو سقط فذكّه بمنزلة الصيد(1) ، والأخبار في هذا الباب عمدتها مذكورة في باب الذبح الذي هو من أحكام منى يوم النحر ، فراجع .

(1) الكافي : 6 / 229 ح4 ، تهذيب الأحكام : 9 / 55 ح227 ، وعنهما الوسائل : 24 / 11 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب3 ذح2 .

(الصفحة395)

الرقبة إلى عجز الذنب1 .


1 ـ البحث في أصل المكروهات لا يكون حائزاً للأهمّية بعد إلغاء الخصوصية من قاعدة التسامح في أدلّة السنن ، أو لرجوع المكروهات إلى المستحبّات ، على خلاف ما هو التحقيق من وجوب ترك كلّ حرام ، وحرمة ترك كلّ واجب ، ومثلهما بالإضافة إلى المستحبّات والمكروهات ، لما ذكرنا في محلّه من عدم ثبوت حكمين في مورد حكم واحد ، أعمّ من الأمر أو النهي ، لكن في المسألة اُمور ينبغي التعرّض لها :
منها : أن يذبح حيوان وحيوان آخر مجانس له ينظر إليه ، ففي رواية غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) : إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : لا تذبح الشاة عند الشاة ولا الجزور عند الجزور وهو ينظر إليه(1) . والمورد وإن كان المماثل ، إلاّ أنّ التعبير بأنّه ينظر إليه لعلّه أعمّ .
ومنها : إبانة الرأس قبل خروج الروح منه ، فقد احتاط تركها ، بل قد قوّى الحرمة التكليفيّة في صورة التعمّد وإن نفى الحرمة الوضعيّة ، فقد وردت فيها صحيحة الفضيل بن يسار قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل ذبح فتسبقه السكّين فتقطع الرأس؟ فقال : ذكاة وحيّة لا بأس بأكله(2) . فإنّه يظهر منها ثبوت الحرمة التكليفيّة مع عدم سبق السكّين ، ولا محالة مع عدم الغفلة أيضاً .
ومنها : نخع الذبيحة ، فقد وردت فيه صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام)

(1) الكافي : 6 / 229 ح7 ، تهذيب الأحكام : 9 / 56 ح232 وص80 ح341 ، وعنهما الوسائل : 24 / 16 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب16 ح1 .
(2) الكافي : 6 / 230 ح1 ، الفقيه : 3 / 208 ح959 ، تهذيب الأحكام : 9 / 55 ح229 ، وعنها الوسائل : 24 / 17 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب9 ح1 .

(الصفحة396)

مسألة : لو خرج جنين أو أُخرج من بطن اُمّه ، فمع حياة الاُمّ أو موتها بدون التذكية لم يحلّ أكله ، إلاّ إذا كان حيّاً ووقعت عليه التذكية ، وكذا إن خرج أو اُخرج حيّاً من بطن اُمّه المذكّاة ، فإنّه لا يحلّ إلاّ بالتذكية ، فلو لم يذكّ لم يحلّ وإن كان عدمها من جهة عدم اتّساع الزمان لها على الأقوى ، وأمّا لو خرج أو اُخرج ميّتاً من بطن اُمّه المذكّاة حلّ أكله ، وكانت تذكيته بتذكية اُمّه ، لكن بشرط كونه تامّ الخلقة ، وقد أشعر أو أوبر وإلاّ فميتة ، ولا فرق في حلّيته مع الشرط المزبور بين ما لم تلجه الروح ، وبين ما ولجته ومات في بطن اُمّه على الأقوى1 .


قال : سألته عن الذبيحة؟ فقال : استقبل بذبيحتك القبلة ، ولا تنخعها حتّى تموت ، ولا تأكل من ذبيحة لم تذبح من مذبحها(1) ، ومثلها رواية الحلبي(2) .

1 ـ في هذه المسألة صور :
الاُولى : ما لو خرج جنين أو اُخرج من بطن اُمّه ، فمع اتّصاف الاُمّ بالحياة أو موتها بدون التذكية لم يحلّ أكل الجنين ، إلاّ إذا كان حيّاً ووقعت عليه التذكية ، ويشمله إطلاق مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال : ولا تأكل ذبيحة لم تذبح من مذبحها(3) .
الثانية : المفروض مع صيرورة اُمّه مذكّاة ، فإنّ تذكية الاُمّ لا تؤثّر في صيرورة

(1) الكافي : 6 / 229 ح5 ، تهذيب الأحكام : 9 / 53 ح220 ، وعنهما الوسائل : 24 / 15 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب6 ح1 .
(2) الكافي : 6 / 229 ح6 ، تهذيب الأحكام : 9 / 55 ح228 ، وعنهما الوسائل : 24 / 16 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب6 ح2 .
(3) الكافي : 6 / 229 ح5 ، تهذيب الأحكام : 9 / 53 ح220 ، وعنهما الوسائل : 24 / 12 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب4 ح1 .

(الصفحة397)



الجنين حلالاً مع فرض حياته بعد الخروج أو الإخراج ، لدلالة مثل الصحيحة المتقدّمة عليه ، ولا فرق مع وصف الحياة في حال الخروج أو الإخراج في أنّ الحرمة مع عدم التذكية لأجل اتّساع الزمان لها والمساهلة في ذلك ، أو لأجل عدم الاتّساع ، وقياسه ببعض مصاديق الصيد المتقدّمة غير صحيح .
الثالثة : ما لو خرج أو اُخرج ميّتاً من بطن اُمّه التي وقعت التذكية عليه ، وفي هذه الصورة يحلّ أكل الجنين ، وكانت تذكيته بتذكية اُمّه ، لكن بشرط كونه تامّ الخلقة ، وقد أشعر أو أوبر ، وإلاّ فميتة ، ويدلّ على ذلك روايات متعدّدة :
منها : رواية سماعة قال : سألته عن الشاة يذبحها وفي بطنها ولد وقد أشعر؟ قال : ذكاته ذكاة اُمّه(1) .
ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أحدهما (عليهما السلام) عن قول الله عزّوجلّ : {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الاَْنْعَامِ}(2)؟ قال : الجنين في بطن اُمّه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة اُمّه ، فذلك الذي عنى الله عزّوجلّ(3) .
ومنها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا ذبحت الذبيحة فوجدت في بطنها ولداً تامّاً فكُلْ ، وإن لم يكن تامّاً فلا تأكل(4) .
ومنها : رواية مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال في الجنين : إذا أشعر

(1) الكافي : 6 / 235 ح4 ، وعنه الوسائل : 24 / 33 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب18 ح2 .
(2) سورة المائدة : 5 /1 .
(3) الكافي : 6 / 234 ح1 ، الفقيه : 3 / 209 ح966 ، تهذيب الأحكام : 9 / 58 ح244 ، وعنها الوسائل : 24 / 33 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب18 ح3 .
(4) الكافي : 6 / 234 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 58 ح242 ، وعنهما الوسائل : 24 / 34 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب18 ح4 .

(الصفحة398)

مسألة : لو كان الجنين حيّاً حال إيقاع الذبح أو النحر على اُمّه ، ومات بعده قبل أن يشقّ بطنها ويستخرج منها حلّ على الأقوى لو بادر على شقّ بطنها ولم يدرك حياته ، بل ولو لم يبادر ولم يؤخّر زائداً على القدر المتعارف في شقّ بطون الذبائح بعد الذبح ، وإن كان الأحوط المبادرة وعدم التأخير حتّى بالقدر المتعارف ، ولو أخّر زائداً على المتعارف ومات قبل أن يشقّ البطن فالأحوط الاجتناب عنه1 .


فكُلْ ، وإلاّ فلا تأكل ; يعني إذا لم يشعر(1) .
ومنها : غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال ، ومقتضى الجمع بينها أنّ الملاك في حصول الذكاة للجنين في هذا الفرض هي التماميّة المتحقّقة بأن يشعر أو يوبر ، ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بين ولوج الروح وعدمه ، كما قوّاه في المتن .

1 ـ هذه هي الصورة الرابعة بعد الصور الثلاثة المتقدّمة في المسألة السابقة ; وهي عبارة عن أن يكون الجنين حيّاً حال إيقاع الذبح أو النحر على اُمّه ومات بعده قبل أن يشقّ بطنها ويستخرج منها .
وقد فصّل فيها في المتن بين ما إذا بادر على شقّ بطنها ولم يدرك حياته بالحكم بالحلّية فيها ، بل مع عدم المبادرة ، غاية الأمر عدم التأخير في شقّ البطن زائداً على القدر المتعارف في شقوق البطون بعد الذبح أو النحر وإن احتاط استحباباً بالاختصاص بالفرض الأوّل ، وبين ما إذا أخّر الشقّ زائداً على القدر المتعارف ، فتحقّق الموت قبل أن يشقّ البطن ، فاحتاط وجوباً بالاجتناب عنه .

(1) الكافي : 6 / 235 ح5 ، قرب الإسناد : 76 ح247 ، وعنهما الوسائل : 24 / 34 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب18 ح5 .

(الصفحة399)

مسألة : لا إشكال في وقوع التذكية على كلّ حيوان حلّ أكله ذاتاً ـ وإن حرم بالعارض ، كالجلاّل والموطوء ـ بحريّاً كان أو بريّاً ، وحشيّاً كان أو إنسيّاً ، طيراً كان أو غيره وإن اختلف في كيفيّة التذكية على ما مرّ . وأثر التذكية فيها طهارة لحمها وجلدها وحلّية لحمها لو لم يحرم بالعارض . وأمّا غير المأكول من الحيوان ، فما ليس له نفس سائلة لا أثر للتذكية فيه ، لا من حيث الطهارة ولا من حيث الحلّية ; لأنّه طاهر ومحرّم أكله على كلّ حال . وما كان له نفس سائلة ، فإن كان نجس العين كالكلب والخنزير ، فليس قابلاً للتذكية . وكذا المسوخ غير السباع ، كالفيل والدبّ والقرد ونحوها . وكذا الحشرات وهي الدوابّ الصغار التي تسكن باطن الأرض ، كالفأرة ، وابن عرس ، والضبّ ونحوها على الأحوط الذي لا يترك فيهما وإن كانت الطهارة لا تخلو من وجه .
وأمّا السباع; وهي ما تفترس الحيوان وتأكل اللحم; سواءكانت من الوحوش كالأسد، والنمر، والفهد، والثعلب ، وابن آوى ، وغيرها ، أو من الطيور كالصقر ، والبازي، والباشق، وغيرها، فالأقوى قبولها للتذكية، وبهاتطهرلحومها وجلودها، فيحلّ الانتفاع بها; بأن تلبس في غير الصلاة ويفترش بها ، بل بأن تجعل وعاء للمعائعات ، كأن تجعل قربة ماء ، أو عكّة سمن ، أو دبّة دهن ونحوها ، وإن لم تدبغ على الأقوى ، وإن كان الأحوط أن لا تستعمل ما لم تكن مدبوغة1 .


والوجه في الأوّل واضح ; لأنّه مع فرض المبادرة أو عدم التأخير الزائد يصدق موت الجنين في بطن اُمّه ، وكذا سائر التعابير الواقعة في الروايات ، وفي الثاني لا يكون الموت مستنداً إلى التذكية ، بل إلى تأخير الشقّ .

1 ـ الحيوانات على قسمين :


(الصفحة400)



القسم الأوّل : الحيوانات التي يحلّ أكلها ذاتاً وإن كان قد يعرض لها الحرمة بالعرض بسبب ، مثل الجلل القابل للاستبراء ، والوطء ، ولا إشكال في وقوع التذكية على مثل هذه الحيوانات وتأثيرها في الطهارة أو مع حلّية اللحم ، وهذا لا فرق فيه بين أن يكون بحريّاً أو برّيّاً ، وحشياً كان أو إنسيّاً ، طيراً كان أو غيره ، وإن وقع الاختلاف في كيفيّة تذكيته على ما تقدّم من أنّه قد يكون بالذبح ، وقد يكون بالنحر ، وأنّ الآلة المستفادة من ذلك قد تكون آلة جماديّة ، وقد تكون حيوانيّة ، كالكلب المعلّم على ما تقدّم ، ولا ينافي الحرمة بالعرض لوقوع التذكية في هذا القسم ; لأنّ أثر التذكية في مواردها لا يكون منحصراً بحلّية أكل اللحم غير المتحقّقة في هذا المورد المفروض ، بل أثرها في مثله طهارة اللحم والجلد وغيرهما من سائر الأعضاء ، والضابطة أنّ الحيوانات المحلّلة الأكل بالذات قابلة بأجمعها لوقوع التذكية عليها وإن عرض لها الحرمة، كما عرفت .
القسم الثاني : الحيوانات التي لا يحلّ أكلها ذاتاً ، ولنقدِّم في هذا القسم مقدّمة ; وهو أنّه ربما يقال : إنّ مقتضى أصالة عدم التذكية في الحيوانات ـ التي يشكّ في وقوع التذكية عليها وعدمه ـ عدم التذكية ، وهي لا أصل لها ، كما قرّرناه في تنبيهات مسائل البراءة من علم الاُصول(1) ، وذلك لعدم ثبوت الحالة السابقة المتيقّنة ; لأنّ الصلاحيّة وعدمها من عوارض الوجود ، وهي لا تكون لها حالة سالبة متيقّنة إلاّ بنحو السالبة بانتفاء الموضوع ، وفي مثله تختلف القضيّتان المتيقّنة والمشكوكة ; لأنّ السالبة في الاُولى بانتفاء الموضوع ، وفي الثانية بانتفاء المحمول ، ومع هذا الاختلاف لا اتّحاد بين القضيّتين ، كالاستصحاب في المرأة التي يشكّ في

(1) معتمد الاُصول : 2 / 8 ـ 19 .

<<التالي الفهرس السابق>>