في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة441)

وكّله في قضاء دينه فأدّاه بلا إشهاد وأنكر الدائن1.

مسألة 38 : لو وكّله في بيع سلعة أو شراء متاع ، فإن صرّح بكون البيع أو الشراء من غيره ، أو بما يعمّ نفسه فلا إشكال ، وإن أطلق وقال : «أنت وكيلي في أن تبيع هذه السلعة» أو «تشتري لي المتاع الفلاني» فهل يعمّ نفس الوكيل ، فيجوز أن يبيع السلعة من نفسه ، أو يشتري له المتاع من نفسه ، أم لا؟ وجهان بل قولان ، أقواهما الأوّل ، وأحوطهما الثاني2.

مسألة 39 : لو اختلفا في التوكيل فالقول قول منكره ، ولو اختلفا في التلف أو في تفريط الوكيل فالقول قول الوكيل ، ولو اختلفا في دفع المال إلى الموكّل


1 ـ لو وكّله في إيداع ماله ، فإن قيّده بالإيداع مع الإشهاد فأودعه بلا إشهاد فجحد الودعي يكون ضامناً ، وإن لم يقيّده بالإيداع مع الإشهاد لا يكون جحود الودعي موجباً لضمانه; لعدم تحقّق التعدّي والتفريط . وهكذا الحال في الصورتين فيما لو وكّله في قضاء دينه فأدّاه فأنكر الدائن الأداء .

2 ـ لو وكّله في بيع سلعة أو شراء متاع ، فهل يشمل البيع من الوكيل ، أو شراء متاعه ؟ ففي المتن أنّه إن وقع التصريح بأحد الأمرين من الغير أو التعميم فهو ، وإن أطلق ، فهل يجوز للوكيل ذلك البيع من نفسه ، أو شرائه من ماله ؟ فيه وجهان ، بل قولان ، قد قوّى في المتن الجواز ، واحتاط استحباباً بالمنع ، والدليل على الجواز أنّه مقتضى الإطلاق المفروض ، فإنّ ظاهره تحقّق البيع أو الشراء من دون خصوصيّة ، وإلاّ فلو أرادها كان عليه التصريح بها ، والوجه للاحتياط الاستحبابي احتمال الانصراف عن الوكيل ، وتعيين البيع من الغير أو الشراء منه .


(الصفحة442)

فالظاهر أنّ القول قول الموكّل ، خصوصاً إذا كانت الوكالة بجُعل . وكذا الحال فيما إذا اختلف الوصيّ والموصى له في دفع المال الموصى به إليه ، والأولياء ـ حتّى الأب والجدّ ـ إذا اختلفوا مع المولّى عليه ـ بعد زوال الولاية عليه ـ في دفع ماله إليه ، فإنّ القول قول المنكر في جميع ذلك . نعم ، لو اختلف الأولياء مع المولّى عليهم في الإنفاق عليهم ، أو على ما يتعلّق بهم في زمان ولايتهم ، فالظاهر أنّ القول قول الأولياء بيمينهم1.


1 ـ هذه المسألة متعرِّضة لصور الاختلاف :
إحداها : ما إذا وقع الاختلاف بينهما في أصل التوكيل ولم يكن هناك بيِّنة ، فالقول قول منكره لأصالة عدم التوكيل ، أو لصدق عنوان المنكر عليه عند العرف والعقلاء; للاختلاف في معنى المدّعي والمنكر ، وقد تقدّم في كتاب القضاء (1) .
ثانيتها : ما إذا وقع الاختلاف بين الموكّل والوكيل في عروض التلف للمال الذي وكّله في بيعه مثلاً ، أو في تحقّق تفريط الوكيل وعدمه ، فالقول قول الوكيل; لما ذكر في الصورة الاُولى .
ثالثتها : ما إذا اختلفا في دفع المال إلى الموكّل ، واستظهر في المتن أنّ القول قول الموكّل ، خصوصاً إذا كانت الوكالة بجُعل ، فإنّ الأصل عدم الدفع وعدم استحقاق الجعل; لما عرفت من أنّ استحقاقه يتوقّف على تحقّق العمل الموكّل فيه من الوكيل ، فمع الشكّ في الاستحقاق تجري أصالة العدم . وقد ذكر لهذه الصورة الأخيرة بعض النظائر ، مثل ما إذا اختلف الوصيّ والموصى له في دفع المال الموصى به إليه وعدمه ، فإنّ مقتضى الأصل عدم تحقّق الدفع الذي هو مقتضى الوصيّة .


(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 75 ـ 77 .

(الصفحة443)



ومثل ما إذا اختلف الأولياء حتّى الأب والجدّ له الواقعين في رأس الأولياء مع المولّى عليهم بعد خروجهم عن دائرة الوكالة; لأجل زوال الصغر وحصول الرشد في دفع أمواله إليه وعدمه ، فإنّ القول قول منكر الدفع لأصالة عدمه . نعم ، لو كان اختلافهم مع المولّى عليهم في حصول الإنفاق عليهم ، أو على من يتعلّق بهم فالقول قول الأولياء مع اليمين ; لأنّ مقتضى الأصل وإن كان هو عدم الإنفاق إلاّ أنّ الظاهر تحقّقه; لاستدامة حياتهم وصحّة أبدانهم مثلاً .


(الصفحة444)






(الصفحة445)




كتاب الإقرار



(الصفحة446)






(الصفحة447)





[الإقرار]

الذي هو الإخبار الجازم بحقّ لازم على المخبر ، أو بما يستتبع حقّاً أو حكماً عليه ، أو بنفي حقّ له أو ما يستتبعه; كقوله : له أو لك عليَّ كذا ، أو عندي أو في ذمّتي كذا ، أو هذا الذي في يدي لفلان ، أو إنّي جنيت على فلان بكذا ، أو سرقت أو زنيت ، ونحو ذلك ممّا يستتبع القصاص أو الحدّ الشرعي ، أو ليس لي على فلان حقّ ، أو أنّ ما أتلفه فلان ليس منّي ، وما أشبه ذلك بأيّ لغة كان ، بل يصحّ إقرار العربي بالعجمي وبالعكس ، والهندي بالتركي وبالعكس إذا كان عالماً بمعنى ما تلفّظ به في تلك اللغة ، والمعتبر فيه الجزم; بمعنى عدم إظهار الترديد وعدم الجزم به ،فلو قال :أظنّ أو أحتمل أنّ لك عليَّ كذا ، ليس إقراراً1.


1 ـ مفاد ما أفاده في المتن في تعريف الإقرار اُمور :
الأوّل : أنّ الإقرار ليس من مقولة الإنشاء والعقود والإيقاعات ، بل من مقولة الإخبار والحكاية إثباتاً ونفياً .
الثاني : أنّه لابدّ أن يكون الإخبار المزبور على سبيل الجزم وعدم الترديد ، فلو قال : أظنّ أو أحتمل أنّ لفلان عليَّ حقّاً ، ليس إقراراً .
الثالث : أنّه لا يعتبر في الإقرار صيغة مخصوصة ولا لغة خاصّة ، فلو أقرّ العربي بالعجمي أو بالعكس يصحّ الإقرار بشرط كونه عارفاً بمعنى ما تلفّظ به وإن لم يكن

(الصفحة448)

مسألة 1 : يعتبر في صحّة الإقرار ـ بل في حقيقته وأخذ المقرّ بإقراره ـ كونه دالاًّ على الإخبار المزبورة بالصراحة أو الظهور ، فإن احتمل إرادة غيره احتمالاً يخلّ بظهوره عند أهل المحاورة لم يصحّ . وتشخيص ذلك راجع إلى العرف وأهل اللسان كسائر التكلّمات العادية ، فكلّ كلام ولو لخصوصيّة مقام يفهم منه أهل اللسان أنّه قد أخبر بثبوت حقّ عليه ، أو سلب حقّ عن نفسه من غير ترديد ، كان إقراراً ، وإن لم يفهم منه ذلك ـ من جهة تطرّق الاحتمال الموجب للترديد والإجمال ـ لم يكن إقراراً1.


من أهل تلك اللغة ; لعدم الفرق في تحقّق الإقرار بين الصورتين ، بل الملاك هو العلم بالمعنى ولو كان على سبيل الإجمال .
الرابع : أنّه قد يكون الإخبار المزبور مفيداً لثبوت حقّ عليه ، أو ما يستتبع حقّاً أو حكماً عليه ، كما إذا اعترف بأنّه قد اشترى هذا المال من زيد ، فإنّه مستتبع لثبوت الثمن لزيد عليه ، وقد يكون الإخبار المزبور راجعاً إلى نفي حقّ له على الغير أو ما يستتبعه ، والأمثلة المذكورة في المتن للصورتين كثيرة . نعم ، ينبغي أن يعلم أنّ الإقرار الواحد قد لا يكون مثبتاً لبعض الحدود عليه كما في باب الزنا ، فإنّ الإقرار الواحد لا يثبت الزنا الذي يكون فيه الحدّ ، كما هو المذكور في كتاب الحدود (1) ، كما أنّ البيِّنة بمعنى الشهادة من اثنين فقط لا يكفي لذلك ، فتدبّر .

1 ـ قد عرفت أنّ الإقرار من مقولة الإخبار ، فاعلم أنّ نفوذه وصحّة الأخذ به إنّما هو فيما إذا كان الكلام صريحاً في ذلك ، أو ظاهراً معتبراً عند العقلاء ولو بمعونة

(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحدود: 83 ـ 94 .

(الصفحة449)

مسألة 2 : لا يعتبر في الإقرار صدوره من المقرّ ابتداءً ، أو كونه مقصوداً بالإفادة ، بل يكفي كونه مستفاداً من تصديقه لكلام آخر ، واستفادته من كلامه بنوع من الاستفادة ، كقوله : «نعم» في جواب من قال : «لي عليك كذا» أو «أنت جنيت على فلان » ، وكقوله ـ في جواب من قال : «استقرضت منّي ألفاً» أو «لي عليك ألف» ـ : «رددته» أو «أدّيته» ، فإنّه إقرار بأصل ثبوت الحقّ عليه ودعوى منه بسقوطه ، ومثل ذلك ما إذا قال ـ في جواب من قال : «هذه الدار التي تسكنها لي» ـ : «اشتريتها منك» ، فإنّ الإخبار بالاشتراء اعتراف منه بثبوت الملك له ودعوى منه بانتقاله إليه .
نعم ، قد توجد قرائن على أنّ تصديقه لكلام الآخر ليس حقيقيّاً ، فلم يتحقّق الإقرار ، بل دخل في عنوان الإنكار ، كما إذا قال ـ في جواب من قال : «لي عليك ألف دينار » ـ : «نعم» ، أو «صدقت» ، مع صدور حركات منه دلّت على أنّه في مقام الاستهزاء والتهكّم وشدّة التعجّب والإنكار1.


القرائن المقاليّة أو الحاليّة; لما مرّ(1) من أنّ أصالة الظهور أعمّ من أصالة الحقيقة ، والملاك هو الأوّل ، وعليه فلو كان كلامه فاقداً لهذه الصراحة والظهور المزبور وجارياً فيه احتمال الخلاف لا يكون إقراراً .

1 ـ لا يعتبر في الإقرار صدوره من المقرّ ابتداءً; بأن لم يكن جواباً لكلام آخر ، أو كونه مقصوداً بالإفادة من الإخبار والحكاية ، بل يكفي كونه مستفاداً من تصديقه لكلام آخر ، واستفادته من كلامه بنوع من الاستفادة ، أو بنحو يكون معتبراً عند العرف والعقلاء ، كالأمثلة المختلفة المذكورة في المتن ، فتدبّر .


(1) في ص426 .

(الصفحة450)

مسألة 3 : يشترط في المقرّ به أن يكون أمراً لو كان المقرّ صادقاً في إخباره كان للمقرّ له حقّ الإلزام عليه ومطالبته به; بأن يكون مالاً في ذمّته; عيناً أو منفعةً أو عملاً ، أو ملكاً تحت يده ، أو حقّاً يجوز مطالبته ، كحقّ الشفعة والخيار والقصاص ، وحقّ الاستطراق في درب مثلاً ، وإجراء الماء في نهر ، ونصب الميزاب في ملك ، ووضع الجذوع على حائط ، أو يكون نسباً أوجب نقصاً في الميراث ، أو حرماناً في حقّ المقرّ وغير ذلك ، أو كان للمقرّ به حكم وأثر; كالإقرار بما يوجب الحدّ1.

مسألة 4 : إنّما ينفذ الإقرار بالنسبة إلى المقرّ ويمضي عليه فيما يكون ضرراً عليه ، لا بالنسبة إلى غيره ، ولا فيما يكون فيه نفع له ، فإن أقرّ باُبوّة شخص له ولم يصدّقه ولم ينكره ، يمضي إقراره في وجوب النفقة عليه ، لا في نفقته على


1 ـ يشترط في الأمر الذي أقرّ به وفي نفوذه أن يكون أمراً لو كان المقرّ صادقاً في إخباره وحكايته كان للمقرّ له حقّ الإلزام عليه ومطالبته به; بأن يكون مالاً في ذمّته أعمّ من أن تكون عيناً ، كما إذا أقرّ بسرقة مال زيد مثلاً ، أو منفعة أو عملاً ، ككونه أجيراً له وقد بذل الاُجرة ، أو استؤجر لخياطة ثوبه كذلك ، أو ملكاً تحت يده ; كالإقرار بأنّ الدار التي هي فيه لزيد ، أو يكون حقّاً يجوز للمقرّ له مطالبته ; كحقّ الشفعة وحقّ الخيار وحقّ القصاص ، حتّى حقّ الاستطراق في درب مثلاً ، والأمثلة الاُخرى المذكورة في المتن ، أو يكون نسباً موجباً للنقص في الميراث ، كما إذا كان ابناً واحداً ظاهراً وأقرّ بابن آخر له ، والثاني كما إذا أقرّ بالاُخوّة مع كونه ابناً للميّت ظاهراً ، أو يكون للمقرّ به أثر شرعي كالإقرار بما يوجب الحدّ .


(الصفحة451)

المقرّ أو في توريثه1.

مسألة 5 : يصحّ الإقرار بالمجهول والمبهم ، ويقبل من المقرّ ويلزم ويطالب بالتفسير والبيان ورفع الإبهام ، ويقبل منه ما فسّره به ، ويلزم به لو طابق تفسيره مع المبهم بحسب العرف واللغة ، وأمكن بحسبهما أن يكون مراداً منه ، فلو قال : «لك عندي شيء» اُلزم بالتفسير ، فإن فسّره بأيّ شيء صحّ كونه عنده ، يقبل منه وإن لم يكن متموّلاً ، كهرّة مثلاً ، أو نعل خَلِق لا يتموّل . وأمّا لو قال : «لك عندي مال» لم يقبل منه إلاّ إذا كان ما فسّره من الأموال عرفاً وإن كانت ماليّته قليلة جدّاً2.


1 ـ مقتضى كلمة «على» الواقعة في دليل نفوذ الإقرار وأخذ المقرّ على طبق إقراره أن يكون الإقرار النافذ والممضى إنّما هو بالإضافة إلى ما كان ضرراً عليه ، فإنّه حينئذ يكون نافذاً ويؤخذ المقرّ بسبب إقراره ، وإلاّ فلا شبهة في عدم نفوذه فيما إذا كان بنفع له ، كالإقرار بثبوت مال أو حقّ له على الغير ، وفيما إذا اجتمع حكمان ضرريّ ونفعيّ بالإضافة إلى المقرّ ينفذ الإقرار بالنسبة إلى الحكم الضرري ، ولا ينفذ بالنسبة إلى الحكم النفعي ، كما في المثال المذكور في المتن; وهو أنّه لو أقرّ باُبوّة شخص مجهول الحال ولم يصدّقه ذلك الشخص ولم ينكره ، فإنّ هذا الإقرار يوجب ثبوت نفقة ذلك الشخص عليه لفرض الإقرار بالاُبوّة ، ولا يوجب ثبوت نفقته على ذلك الشخص ولا كونه وارثاً له . وكذا لا يؤخذ بإقراره فيما لا يكون فيه ضرر عليه ولا نفع له ، كما لا يخفى .

2 ـ يصحّ الإقرار بالمجهول والمبهم إذا كان على المقرّ ويعدّ ضرراً له ، لإطلاق الدليل والقاعدة غاية الأمر أنّه يلزم بالتفسير والبيان بما يطابق المبهم عرفاً

(الصفحة452)

مسألة 6 : لو قال : «لك أحد هذين» ممّا كان تحت يده ، أو «لك عليَّ إمّا وزنة من حنطة أو شعير» اُلزم بالتفسير وكشف الإبهام ، فإن عيّن اُلزم به لا بغيره ، فإن لم يصدّقه المقرّ له وقال : «ليس لي ما عيّنت» ، فإن كان المقرّ به في الذمّة سقط حقّه بحسب الظاهر إذا كان في مقام الإخبار عن الواقع ، لا إنشاء الإسقاط لو جوّزناه بمثله ، وإن كان عيناً كان بينهما مسلوباً ـ بحسب الظاهر ـ عن كلّ منهما ، فيبقى إلى أن يتّضح الحال ، ولو برجوع المقرّ عن إقراره أو المنكر عن إنكاره . ولو ادّعى عدم المعرفة حتّى يفسّره ، فإن صدّقه المقرّ له وقال : أنا أيضاً لا أدري ، فالأقوى القرعة وإن كان الأحوط التصالح . وإن ادّعى المعرفة وعيّن أحدهما ، فإن صدّقه المقرّ فذاك ، وإلاّ فله أن يطالبه بالبيِّنة ، ومع عدمها فله أن يحلّفه ، وإن نكل أو لم يمكن إحلافه يكون الحال كما لو جهلا معاً ، فلا محيص عن التخلّص بما ذكر فيه1.


ولغةً ، وأمكن بحسبهما أن يكون مراداً له ، فإن أقرّ بمطلق الشيء يصحّ تفسيره بمطلق ما يصدق عليه الشيء وإن لم يكن متموّلاً ، وإن أقرّ بمطلق المال يصحّ تفسيره بكلّ ما يصدق عليه المال  ولو كان في غاية القلّة ، كلّ ذلك مع رعاية الإمكان بحسب العرف واللغة ، فإذا قال شخص عظيم الشأن والمنزلة : «لك عندي مال» مثلاً ، لا يصحّ تفسيره بدرهم مثلاً; لعدم المناسبة لشأنه .

1 ـ لو قال : «لك أحد هذين» من الموجودين الخارجيين اللذين تحت يده وباختياره ، أو «لك عليَّ إمّا وزنة من حنطة أو شعير» أي على الذمّة والعهدة اُلزم بالتفسير وكشف الإبهام على ما مرّ في المسألة المتقدِّمة ، فإن عيّن اُلزم به لا بغيره ، فإن صدّقه المقرّ له في التعيين فهو ، وإن لم يصدّقه المقرّ له وقال : «ليس لي ما

(الصفحة453)

مسألة 7 : كما لا يضرّ الإبهام والجهالة في المقرّ به ، لا يضرّان في المقرّ له ، فلو قال : «هذه الدار التي بيدي لأحد هذين» يقبل ويلزم بالتعيين ، فمن عيّنه يُقبل ويكون هو المقرّ له ، فإن صدّقه الآخر فهو ، وإلاّ تقع المخاصمة بينه وبين من عيّنه المقرّ . ولو ادّعى عدم المعرفة وصدّقاه فيه سقط عنه الإلزام بالتعيين ،


عيّنت» ، ففي المتن التفصيل بين ما إذا كان المقرّ به في الذمّة ـ كالمثال الثاني المتقدِّم ـ وفرض أنّه قد فسّره بوزنة شعير ، ولم يصدّقه المقرّ له في ذلك «ليس لي عليك وزنة شعير» ، فإن كان في مقام إسقاط حقّه وجوّزنا تحقّق الإسقاط بإنشائه بمثل ذلك ممّا يرجع إلى إنكار تفسير المقرّ ، وما عيّنه في مقام رفع الإبهام ، فالظاهر سقوط حقّه الثابت بالإقرار بإنشاء الإسقاط .
وإذا لم يكن بصدد إنشاء الإسقاط ، أو قلنا بعدم جواز الإسقاط بمثل ذلك ، ففي الحقيقة يسقط حقّه بحسب الظاهر ; لأنّ ما عيّنه قد نفاه ، ولا مجال للإلزام بالتفسير بما يصدّقه المقرّ له ، فلم يتحقّق الإقرار بما يلزم عليه .
وإن كان المقرّ به عيناً خارجيّة كانت بينهما مسلوبة بحسب الظاهر عن كلّ منهما; لنفي كلّ عن نفسه ، فيبقى إلى أن يتّضح الحال ولو برجوع المقرّ عن إقراره أو المنكر عن إنكاره .
ولو ادّعى من فرض كونه مقرّاً عدم المعرفة ليلزم بالتفسير ورفع الإبهام ، فإن كان المقرّ له مثله; بأن قال : أنا أيضاً لا أدري ، فهو مورد القرعة وإن كان مقتضى الاحتياط الاستحبابي ، التصالح . وإن ادّعى المعرفة وعيّن أحدهما ، وصدّقه المقرّ له في ذلك فذاك ، وإن لم يصدّقه فله أن يطالبه بالبيِّنة ، ومع عدمها التحليف ، ومع النكول أو عدم إمكان الإحلاف يكون الحال كما لو جهلا معاً ، فلا محيص عن التخلّص بما ذكر من القرعة والتصالح .


(الصفحة454)

ولو ادّعيا أو أحدهما عليه العلم كان القول قوله بيمينه1.

مسألة 8 : يعتبر في المقرّ البلوغ والعقل والقصد والاختيار ، فلا اعتبار بإقرار الصبيّ والمجنون والسكران ، وكذا الهازل والساهي والغافل والمكره . نعم ، لا يبعد صحّة إقرار الصبي إن تعلّق بما له أن يفعله ، كالوصيّة بالمعروف ممّن له عشر سنين2.


1 ـ لا يعتبر في المقرّ له كالمقرّ به التعيين ، فلو قال : هذه الدار التي بيدي ـ وتكون ملكاً لي بحسب الظاهر بمقتضى قاعدة اليد التي هي أمارة على الملكيّةـ لأحد هذين الشخصين; من زيد وعمرو ، فاللازم عليه التعيين ورفع الإبهام كما في المقرّ به ، فإن عيّن أحدهما يكون هو المالك والدار له فيما إذا كان الآخر مصدّقاً إيّاه في هذا التعيين ، وإن لم يكن كذلك تقع المخاصمة بينه وبين من عيّنه المقرّ ; لأنّه بعد عدم أماريّة اليد بالإضافة إلى الملكيّة لصاحبها ، وبالنتيجة عدم ارتباطها بصاحب اليد يدور الأمر بينهما ، وظنّي أنّ هذا الفرع مذكور في كتاب القضاء(1) . ولو ادّعى ذو اليد المقرّ عدم المعرفة ، وصدّقه الشخصان في هذا الإدّعاء سقط عنه الإلزام بالتعيين; لاتّفاق الجميع على عدم معرفته .
نعم ، لو ادّعى كلاهما أو أحدهما عليه العلم والمعرفة ، كان القول قول المنكر بيمينه; لأصالة عدم العلم كما هو ظاهر .

2 ـ لا شبهة في اعتبار الاُمور الأربعة; من البلوغ والعقل والقصد والاختيار في نفوذ الإقرار ولزوم ترتيب الأثر عليه ، فلا اعتبار بإقرار الصبي في الجملة، والمجنون

(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 282 ـ 285 .

(الصفحة455)

مسألة 9 : إن أقرّ السفيه المحجور عليه بمال في ذمّته أو تحت يده لم يقبل ، ويقبل فيما عدا المال; كالطلاق والخلع بالنسبة إلى الفراق لا الفداء ، وكذا في كلّ ما أقرّ به وهو يشتمل على مال وغيره لم يقبل بالنسبة إلى المال ، كالسرقة فيحدّ إن أقرّ بها ، ولا يلزم بأداء المال1.


والسكران والهازل مع إحرازه ، والساهي والغافل كذلك والمكره ، وذلك لخروج بعضهم من عنوان العقلاء المأخوذ في دليل قاعدة الإقرار ونفوذه ، وفقد القصد إلى مفاده في البعض الثاني ، ورفع ما استكرهوا عليه الشامل للإقرار في البعض الثالث .
نعم ، في خصوص الصبي لو قلنا بصحّة وصيّته إذا بلغ عشر سنين ، قد نفى البُعد عن الصحّة في المتن في نفوذ إقراره بما يصحّ منه ، فيجوز له الإقرار إذا بلغ السنين المذكورة بأنّه أوصى ماله في الصرف في أمر معروف فلانيّ مثلاً; لأنّه بعد صحّة أصل العمل منه يكون لازمها العرفي صحّة الإقرار به ، وهذا بخلاف العناوين الاُخر التي لا تجتمع مع الصحّة بوجه ، فتدبّر .

1 ـ إن أقرّ السفيه الذي حكم بحجره بمال على ذمّته أو تحت يده لم يقبل إقراره ; لأنّه تصرّف ماليّ في هذا الفرض ، وهو محجور عليه بالإضافة إليه . نعم ، لو أقرّ بالأمر غير المالي المحض ـ كالطلاق ـ لا مانع من قبول إقراره ، ولو اشتمل المقرّ به على الأمرين لا يقبل بالإضافة إلى الأمر المالي ، ويقبل بالنسبة إلى غيره كالخلع ، فيقبل من جهة الفراق لا الفداء . وكذا في السرقة الموجبة للقطع ، ولزوم دفع المال المسروق إلى المسروق منه ، فيقبل بالإضافة إلى حدّ القطع ، ولا يقبل من جهة دفع المال الذي أقرّ بسرقته .


(الصفحة456)

مسألة 10 : يقبل إقرار المفلّس بالدَّين سابقاً ولاحقاً ، لكن لم يشارك المقرّ له مع الغرماء بتفصيل مرّ في كتاب الحجر ، كما مرّ الكلام في إقرار المريض بمرض الموت ، وأنّه نافذ إلاّ مع التهمة فينفذ بمقدار الثلث1.

مسألة 11 : لو ادّعى الصبيّ البلوغ ، فإن ادّعاه بالإنبات اختبر ولا يثبت بمجرّد دعواه ، وكذا إن ادّعاه بالسنّ ، فإنّه يطالب بالبيِّنة ، وأمّا لو ادّعاه بالاحتلام في الحدّ الذي يمكن وقوعه ، فثبوته بقوله بلا يمين ، بل معها محلّ تأمّل وإشكال2.


1 ـ قد مرّ أمران في كتاب الحجر (1):
أحدهما : أنّه يقبل إقرار المفلّس بالدَّين سابقاً على الحكم بحجره أو لاحقاً له ، لكن لم يشارك المقرّ له مع الغرماء; لأنّه تصرّف ماليّ وهو محجور بالإضافة إليه .
ثانيهما : إقرار المريض بمرض الموت وأنّه نافذ إلاّ مع التهمة ، فينفذ بمقدار الثلث ، والتفصيل هناك فراجع .

2 ـ لو ادّعى الصبيّ البلوغ ، فتارةً يدّعي البلوغ بالإنبات ، واُخرى بالسنّ ، وثالثة بالاحتلام ، فعلى الأوّل : يختبر ولا يحرم وإن كان ملازماً للنظر إلى العورة ، فإنّ حرمته ممنوعة على كلا التقديرين: البلوغ وعدمه ، أمّا على التقدير الثاني : فواضح ، وأمّا على التقدير الأوّل : فلأنّه مثل النظر إلى الدخول في باب الزنا ، حيث إنّه إذا كان مقدّمة للشهادة فلا مانع منه ، كما قرّر ذلك في كتاب الحدود (2) . وعلى

(1) في ص 352 و 375 ـ 378 .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحدود: 121 ـ 125 ، وأوضح من ذلك في كتاب النكاح: 46 ـ 47 .

(الصفحة457)

مسألة 12:يعتبر في المقرّ له أن يكون له أهليّة الاستحقاق ، فلو أقرّ لدابّة بالدَّين لغا ، وكذا لو أقرّ لها بملك ، وأمّا لو أقرَّ لها باختصاصها بجلّ ونحوه;كأن يقول:«هذا الجلّ مختصّ بهذا الفرس»أو لهذا مريداً به ذلك ، فالظاهر أنّه يقبل ويحكم بمالكيّة مالكها ، كما أنّه يقبل لو أقرّ لمسجد أو مشهد أو مقبرة أو رباط أو مدرسة ونحوها بمال خارجي أو دين ، حيث إنّ المقصود منه في التعارف اشتغال ذمّته ببعض ما يتعلّق بها; من غلّة موقوفاتها أو المنذور أو الموصى به لمصالحها ونحوها1.


الثاني : لابدّ له من إقامة البيِّنة بعد كون مقتضى الأصل عدم تحقّق السنّ المذكور .
وعلى الثالث : ففي الحدّ الذي لا يمكن وقوع الاحتلام من مثله فلا يقبل قوله ; لأنّ الأصل يقتضي عدم تحقّقه ، وإقامة البيِّنة ممتنعة عادةً ، وفي الحدّ الذي يمكن وقوعه منه ، فهل يقبل قوله بلا يمين; لأنّه لا يعرف إلاّ من قبله ، أو مع اليمين; لأنّها تقوم مقام البيِّنة مع عدم إمكانها ، أو لا يقبل قوله أصلاً إلاّ في صورة اليقين ، وجوه واحتمالات ، وقد استشكل في المتن في الأوّلين ، ولكن الظاهر هو الثاني ; لأنّ أصل القبول مستند إلى ما ذكر من أنّه لا يعرف إلاّ من قبله ، وأمّا اليمين فلأنّها توجب كون الدعوى أبعد من الكذب بالإضافة إلى صورة عدم اليمين ، كما لا يخفى .

1 ـ يعتبر في المقرّ له أن يكون أهلاً لاستحقاق المقرّ به وصالحاً له ، فلو أقرّ بدين أو ملك لدابّة لغا الإقرار; لعدم أهلية الدابّة لثبوت الملك أو الدَّين له ، أمّا لو أقرّ بأنّ هذا الجلّ الذي في يدي يختصّ بهذه الدابّة مثلاً ، وأراد مجرّد الاختصاص ، فالظاهر أنّه إقرار في الحقيقة لملك مالك الدابّة له ، ويمكن الإشكال في ذلك فيما إذا كانت الدابّة باختياره وبيده ، كما إذا استأجرها مدّة معيّنة ، فإنّ الإقرار باختصاص

(الصفحة458)

مسألة 13 : لو كذّب المقرّ له المقرّ في إقراره ، فإن كان المقرّ به ديناً أو حقّاً لم يطالب به المقرّ ، وفرغت ذمّته في الظاهر ، وإن كان عيناً كانت مجهولة المالك بحسب الظاهر ، فتبقى في يد المقرّ أو الحاكم إلى أن يتبيّن مالكها . هذا بحسب الظاهر . وأمّا بحسب الواقع فعلى المقرّ بينه وبين الله تعالى تفريغ ذمّته من الدَّين ، وتخليص نفسه من العين بالإيصال إلى المالك وإن كان بدسّه في أمواله ، ولو رجع المقرّ له عن إنكاره يلزم المقرّ بالدفع مع بقائه على إقراره ، وإلاّ ففيه تأمّل1.


الجلّ بها لا يستلزم الإقرار بملكيّة المالك لها الجلّ .
ولو أقرّ لمسجد أو مثله من الاُمور المذكورة في المتن بعين خارجيّة ، أو دين على العهدة ، فالظاهر قبول إقراره ، مستدلاًّ له في المتن بأنّ المقصود منه في التعارف اشتغال ذمّته ببعض ما يتعلّق بها; من غلّة موقوفاتها أو المنذور أو الموصى به لمصالحها ، وأظهر من ذلك أن يكون المراد الوقفيّة لها أو سائر الأمثلة ، فلا ينحصر بالدَّين على العهدة ، فتدبّر .

1 ـ لو وقع تكذيب المقرّ له المقرّ في إقراره ، ففي المتن أنّه لو كان المقرّ به ديناً أو حقّاً لم يطالب به المقرّ ، وفرغت ذمّته في الظاهر; لأنّه بالإقرار يثبت الدَّين أو الحقّ ظاهراً ، وبالتكذيب بعد الثبوت يسقط كذلك ، فإذا قال المقرّ: لزيد عليَّ ألف درهم وكذّب زيد ذلك تفرغ ذمّة المقرّ بحسب الظاهر ; لأنّ الدَّين والحقّ يسقطان بالإبراء أو ما يساوقه من التكذيب ، وإن كان عيناً في يد المقرّ فإقراره بأنّها لزيد يثبت ذلك ظاهراً ، وبالتكذيب ينتفي كذلك فتصير مجهولة المالك بحسب الظاهر ، فتبقى في يد المقرّ أو الحاكم إلى أن يتبيّن مالكها .


(الصفحة459)

مسألة 14 : لو أقرّ بشيء ثمّ عقّبه بما يضادّه وينافيه ، يؤخذ بإقراره ويلُغى ما ينافيه ، فلو قال : «له عليَّ عشرة ، لا بل تسعة» يلزم بالعشرة . ولو قال : «له عليَّ كذا ، وهو من ثمن الخمر أو بسبب القمار» يلزم بالمال ولا يسمع منه ما عقّبه . وكذا لو قال : «عندي وديعة وقد هلكت» فإنّ إخباره بتلفها ينافي قوله : «عندي» الظاهر في وجودها عنده . نعم ، لو قال : «كانت له عندي وديعة وقد هلكت» فلا تنافي بينهما ، وهو دعوى لابدّ من فصلها على الموازين الشرعيّة1.


هذا . وأمّا بحسب الواقع ، فلو كان المقرّ معتقداً باشتغال ذمّته للمقرّ له ، أو أنّ العين التي في يده تكون ملكاً للمقرّ له يجب عليه فيما بينه وبين الله تفريغ ذمّته من الدَّين ، وتخليص نفسه من العين بالإيصال إلى المالك بأيّ نحو كان ، ولو بالدسّ في أمواله أو الإلقاء في منزله بحيث يتخيّل المقرّ له أنّه ماله . ولو رجع المقرّ له عن إنكاره وتكذيبه ، فإن كان المقرّ باقياً على إقراره يلزم بالدفع إلى المقرّ له ; لأنّ تكذيبه وإن صار سبباً للانتفاء عن المقرّ ، إلاّ أنّ بقاءه على الإقرار بمنزلة إقرار جديد غير متعقّب للإنكار . وإن لم يكن المقرّ باقياً على إقراره ، فقد تأمّل فيه في المتن ، والسرّ فيه أنّ الإقرار السابق صار بمنزلة العدم بسبب التكذيب ، والمفروض عدم بقائه على الإقرار بعد التكذيب ، فالأحوط التصالح .

1 ـ لو أقرّ بشيء بحيث كان للفظه ظهور عقلائيّ في ذلك ، ثمّ عقّبه بما ينافيه ويضادّه ، يؤخذ بما تلفّظ به أوّلاً من الإقرار ويلغى المنافي والمضادّ ، فلو قال : «له عليَّ عشرة لا بل تسعة» يلزم بالعشرة ، إلاّ أن يكون هناك قرينة مقالية أو حالية على سبق اللسان أو الاشتباه في الحساب مثلاً ، فينتفي الظهور العقلائي حينئذ . ولو قال : «له عليَّ كذا ، وهو من ثمن الخمر أو بسبب القمار أو من باب الربا وأمثال

(الصفحة460)

مسألة 15 : ليس الاستثناء من التعقيب بالمنافي ، بل يكون المقرّ به ما بقي بعد الاستثناء إن كان من المثبت ، ونفس المستثنى إن كان من المنفي ، فلو قال : «هذه الدار التي بيدي لزيد إلاّ القبّة الفلانية» كان إقراراً بما عداها ، ولو قال : «ليس له من هذه الدار إلاّ القبّة الفلانية» كان إقراراً بها . هذا إذا كان الإخبار متعلِّقاً بحقّ الغير عليه . وأمّا لو كان متعلّقاً بحقّه على الغير كان الأمر بالعكس ، فلو قال : «لي هذه الدار إلاّ القبّة الفلانية» كان إقراراً بالنسبة إلى نفي حقّه عن القبّة ، فلو ادّعى بعده استحقاق تمام الدار لم يسمع منه ، ولو قال : «ليس لي من هذه الدار إلاّ القبّة الفلانية» كان إقراراً بعدم استحقاق ما عدا القبّة1.


ذلك» يلزم بالمال ولا يسمع منه ما عقّبه .
وكذا لو قال : «عندي وديعة لزيد وقد هلكت بدون التعدّي والتفريط» يلزم بثبوت الوديعة; لظهور قوله : «عندي» في عدم التلف ، فالتعقيب بقوله : «قد هلكت» ينافي ذلك ، فلا يسمع بعد الإقرار . وهذا بخلاف قوله : «كانت عندي وديعة لزيد وقد هلكت كذلك» إذ لا منافاة بين الصدر والذيل ، غاية الأمر أنّ دعوى الهلاك كذا دعوى لابدّ من فصلها على الموازين الشرعيّة ، فإن أقام بيِّنة على ذلك فهو ، وإلاّ فمع إنكار زيد يكون القول قوله مع يمينه; لموافقته لاستصحاب عدم الهلاك ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ وقع التعرّض في هذه المسألة لصورتين :
إحداهما : ما إذا كان الإقرار الذي هو نوع من الإخبار متعلِّقاً بحقّ الغير عليه ، وفي هذه الصورة يكون الإقرار إقراراً عليه ونافذاً مشتملاً على الاستثناء ، فليس ذلك من التعقيب بالمنافي ، والمضادّ المذكور في المسألة السابقة والمحكوم بالإلغاء ،
<<التالي الفهرس السابق>>