في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة141)

أيضاً مسح بذراعه ، ومع عدم رطوبته يأخذ من سائر المواضع ، وإن كان عدم
التمكّن من المسح بالباطن من جهة عدم الرطوبة وعدم إمكان الأخذ من سائر المواضع أعاد الوضوء ، وكذا بالنسبة إلى ظاهر الكفّ، فإنّه إذا كان عدم التمكّن من المسح به من جهة عدم الرطوبة وعدم إمكان أخذها من سائر المواضع لا ينتقل إلى الذراع ، بل عليه أن يعيد .
[519] مسألة 29 : إذا كانت رطوبة على الماسح زائدة بحيث توجب جريان الماء على الممسوح لا يجب تقليلها ، بل يقصد المسح بإمرار اليد وإن حصل به الغسل ، والأولى(1) تقليلها .
[520] مسألة 30 : يشترط في المسح إمرار الماسح على الممسوح، فلو عكس بطل . نعم، الحركة اليسيرة في الممسوح لا تضرّ بصدق المسح .
[521] مسألة 31 : لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح من جهة الحرّ في الهواء أو حرارة البدن أو نحو ذلك، ولو باستعمال ماء كثير بحيث كلّما أعاد الوضوء لم ينفع، فالأقوى جواز المسح بالماء الجديد ، والأحوط المسح باليد اليابسة، ثمّ بالماء الجديد، ثمّ التيمّم أيضاً .
[522] مسألة 32 : لا يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح إلى الكعبين بالتدريج ، فيجوز(2) أن يضع تمام كفّه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل ويجرّها قليلا بمقدار صدق المسح .
[523] مسألة 33 : يجوز المسح على الحائل كالقناع والخُفّ والجُورب ونحوها في حال الضرورة من تقيّة أو برد يخاف منه على رجله، أو لا يمكن معه نزع


(1) بل الأحوط.
(2) لكنّه محلّ تأمّل وإشكال ، والأحوط الاقتصار على الأوّل.

(الصفحة142)

الخفّ مثلا ، وكذا لو خاف من سبع أو عدوّ أو نحو ذلك ممّا يصدق عليه الاضطرار ،
من غير فرق بين مسح الرأس والرجلين ، ولو كان الحائل متعدّداً لا يجب نزع ما يمكن، وإن كان أحوط ، وفي المسح على الحائل أيضاً لابدّ من الرطوبة المؤثِّرة في الماسح ، وكذا سائر ما يعتبر في مسح البشرة .
[524] مسألة 34 : ضيق الوقت عن رفع الحائل أيضاً مسوّغ للمسح عليه ، لكن لا يترك الاحتياط بضمّ التيمّم أيضاً(1) .
[525] مسألة 35 : إنّما يجوز المسح على الحائل في الضرورات ما عدا التقيّة إذا لم يمكن رفعها ولم يكن بُدّ من المسح على الحائل ولو بالتأخير إلى آخر الوقت ، وأمّا في التقيّة فالأمر أوسع ، فلا يجب الذهاب إلى مكان لا تقيّة فيه وإن أمكن بلا مشقّة . نعم، لو أمكنه ـ وهو في ذلك المكان ـ ترك التقيّة وإراءتهم المسح على الخفّ(2) مثلا فالأحوط بل الأقوى ذلك ، ولا يجب بذل المال لرفع التقيّة بخلاف سائر الضرورات ، والأحوط في التقيّة أيضاً الحيلة في رفعها مطلقاً .
[526] مسألة 36 : لو ترك التقيّة في مقام وجوبها ومسح على البشرة ففي صحّة الوضوء إشكال(3) .
[527] مسألة 37 : إذا علم بعد دخول الوقت أنّه لو أخّر الوضوء والصلاة يضطرّ إلى المسح على الحائل فالظاهر وجوب المبادرة إليه في غير ضرورة التقيّة ، وإن كان متوضّئاً وعلم أنّه لو أبطله يضطرّ إلى المسح على الحائل لا يجوز له
الإبطال ، وإن كان ذلك قبل دخول الوقت فوجوب المبادرة أو حرمة الإبطال غير


(1) إذا لم يستلزم وقوع بعض أجزاء الصلاة في خارج الوقت ، وإلاّ فلا يجوز.
(2) مع اقتضاء التقيّة له ، وإلاّ فالمسح على الخفّ لا يكون واجباً متعيّناً عندهم.
(3) وإن كانت الصحّة لا تخلو عن قوّة.

(الصفحة143)

معلوم(1) . وأمّا إذا كان الاضطرار بسبب التقيّة فالظاهر عدم وجوب المبادرة ، وكذا يجوز الإبطال وإن كان بعد دخول الوقت، لما مرّ من الوسعة في أمر التقيّة ، لكنّ الأولى والأحوط فيها أيضاً المبادرة أو عدم الإبطال .
[528] مسألة 38 : لا فرق في جواز المسح على الحائل في حال الضرورة بين الوضوء الواجب والمندوب .
[529] مسألة 39 : إذا اعتقد التقيّة أو تحقّق إحدى الضرورات الاُخر فمسح على الحائل، ثمّ بان أنّه لم يكن موضع تقيّة أو ضرورة ففي صحّة وضوئه إشكال .
[530] مسألة 40 : إذا أمكنت التقيّة بغسل الرجل فالأحوط تعيّنه(2) ، وإن كان الأقوى جواز المسح على الحائل أيضاً .
[531] مسألة 41 : إذا زال السبب المسوّغ للمسح على الحائل من تقيّة أو ضرورة، فإن كان بعد الوضوء فالأقوى عدم وجوب إعادته وإن كان قبل الصلاة(3) ، إلاّ إذا كانت بلّة اليد باقية فيجب إعادة المسح ، وإن كان في أثناء الوضوء فالأقوى الإعادة إذا لم تبق البلّة .
[532] مسألة 42 : إذا عمل في مقام التقيّة بخلاف مذهب من يتّقيه ففي صحّة وضوئه إشكال(4)، وإن كانت التقيّة ترتفع به، كما إذا كان مذهبه وجوب المسح على الحائل دون غسل الرجلين فغسلهما، أو بالعكس ، كما أنّه لو ترك المسح والغسل بالمرّة يبطل وضوؤه وإن ارتفعت التقيّة به أيضاً .


(1) ولكنّه لا يترك الاحتياط بالمبادرة وعدم الإبطال ، وكذا فيما إذا كان الاضطرار بسبب التقيّة.
(2) بل لا يخلو عن قوّة.
(3) عدم الوجوب في هذه الصورة محلّ إشكال.
(4) وإن كان الظاهر هي الصحّة مع ارتفاع التقيّة به.

(الصفحة144)

[533] مسألة 43 : يجوز في كلّ من الغسلات أن يصبّ على العضو عشر
غرفات بقصد غسلة واحدة ، فالمناط في تعدّد الغسل ، المستحبّ ثانيه، الحرام ثالثه ليس تعدّد الصبّ، بل تعدّد الغسل مع القصد(1) .
[534] مسألة 44 : يجب الابتداء في الغسل بالأعلى ، لكن لا يجب الصبّ على الأعلى، فلو صبّ على الأسفل وغسل من الأعلى بإعانة اليد صحّ .
[535] مسألة 45 : الإسراف في ماء الوضوء مكروه ، لكنّ الإسباغ مستحبّ، وقد مرّ أنّه يستحبّ أن يكون ماء الوضوء بمقدار مدّ ، والظاهر أنّ ذلك لتمام ما يصرف فيه من أفعاله ومقدّماته; من المضمضة والاستنشاق وغسل اليدين .
[536] مسألة 46 : يجوز الوضوء برمس الأعضاء كما مرّ ، ويجوز برمس أحدها وإتيان البقيّة على المتعارف ، بل يجوز التبعيض في غسل عضو واحد مع مراعاة الشروط المتقدّمة; من البدأة بالأعلى وعدم كون المسح بماء جديد وغيرهما .
[537] مسألة 47 : يشكل صحّة وضوء الوسواسي إذا زاد في غسل اليسرى من اليدين في الماء من جهة لزوم المسح بالماء الجديد في بعض الأوقات ، بل إن قلنا بلزوم كون المسح ببلّة الكفّ دون رطوبة سائر الأعضاء يجيء الإشكال في مبالغته في إمرار اليد ، لأنّه يوجب مزج رطوبة الكفّ برطوبة الذراع .
[538] مسألة 48 : في غير الوسواسي إذا بالغ في إمرار يده على اليد اليسرى لزيادة اليقين لا بأس به مادام يصدق عليه أنّه غسل واحد . نعم، بعد اليقين إذا صبّ عليها ماءً خارجيّاً يشكل، وإن كان الغرض منه زيادة اليقين ، لعدّه في العرف غسلة اُخرى ، وإذا كان غسله لليسرى بإجراء الماء من الإبريق مثلا وزاد على مقدار


(1) في مدخلية القصد في تعدّد الغسل ووحدته تأمّل وإشكال ، بل منع.

(الصفحة145)

الحاجة مع الاتّصال لا يضرّ ما دام يعدّ غسلة واحدة .
[539] مسألة 49 : يكفي في مسح الرجلين المسح بواحدة من الأصابع الخمس إلى الكعبين أيّها كانت حتّى الخِنصِر منها .

فصل

في شرائط الوضوء

الأوّل : إطلاق الماء ، فلا يصحّ بالمضاف، ولو حصلت الإضافة بعد الصبّ على المحلّ من جهة كثرة الغبار أو الوسخ عليه ، فاللازم كونه(1) باقياً على الإطلاق إلى تمام الغسل .
الثاني : طهارته ، وكذا طهارة مواضع الوضوء ، ويكفي طهارة كلّ عضو قبل غسله ، ولا يلزم أن يكون قبل الشروع تمام مَحالّه طاهراً ، فلو كانت نجسة ويغسل كلّ عضو بعد تطهيره كفى ، ولا يكفي غسل واحد بقصد الإِزالة والوضوء، وإن كان برمسه في الكرّ أو الجاري . نعم، لو قصد الإِزالة(2) بالغمس والوضوء باخراجه كفى ، ولا يضرّ تنجّس عضو بعد غسله وإن لم يتمّ الوضوء .
[540] مسألة 1 : لا بأس بالتوضّؤ بماء القليان ما لم يصر مضافاً .
[541] مسألة 2 : لا يضرّ في صحّة الوضوء نجاسة سائر مواضع البدن بعد كون مَحالّه طاهرة . نعم، الأحوط(3) عدم ترك الاستنجاء قبله .


(1) هذا يصحّ إذا كان المراد بالتمام هو تحقّق مسمّى الغسل، وأمّا إن كان المراد به هو انتهائه فلا يلزم ذلك. نعم، لا يصحّ المسح حينئذ به; لعدم كونه جزءاً من غسل الوضوء.
(2) الإزالة لا تحتاج إلى القصد، فالمراد عدم قصد الوضوء بالغمس.
(3) والأولى.

(الصفحة146)

[542] مسألة 3 : إذا كان في بعض مواضع وضوئه جُرح لا يضرّه الماء ولا ينقطع دمه، فليغمسه بالماء وليعصره قليلا حتّى ينقطع الدم آناً ما، ثمّ ليحرّكه بقصد الوضوء مع ملاحظة الشرائط الأُخر، والمحافظة على عدم لزوم المسح بالماء الجديد إذا كان في اليد اليسرى، بأن يقصد الوضوء بالإخراج من الماء .
الثالث : أن لا يكون على المحلّ حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة ، ولو شك في وجوده يجب الفحص(1) حتّى يحصل اليقين أو الظنّ بعدمه ، ومع العلم بوجوده يجب تحصيل اليقين(2) بزواله .
الرابع : أن يكون الماء وظرفه، ومكان الوضوء، ومصَبّ مائه مباحاً ، فلا يصحّ لو كان واحد منها غصباً، من غير فرق بين صورة الانحصار وعدمه(3) ، إذ مع فرض عدم الانحصار وإن لم يكن مأموراً بالتيمّم إلاّ أنّ وضوءه حرام من جهة كونه تصرّفاً، أو مستلزماً للتصرّف في مال الغير فيكون باطلا . نعم، لو صبّ الماء المباح من الظرف الغصبي في الظرف المباح ثمّ توضّأ لا مانع منه، وإن كان تصرّفه السابق على الوضوء حراماً ، ولا فرق في هذه الصورة بين صورة الانحصار


(1) مع وجود منشأ عقلائي له كما مرّ ، ومعه لا يكفي حصول الظنّ بالعدم إلاّ إذا بلغ مرتبة الاطمئنان.
(2) أو الاطمئنان.
(3) الظاهر أنّه لا يبطل الوضوء مع كون المكان مغصوباً ، سواء اُريد به الفضاء الذي يقع فيه الغسل والمسح ، أو اُريد به المكان الذي يقرّ فيه المتوضّئ، كما أنّ الظاهر عدم مدخليّة إباحة المصبّ في الصحّة ، وإن عدّ الصبّ تصرّفاً فيه عرفاً أو كان جزءاً أخيراً للعلّة التامّة، وأمّا اعتبار إباحة الآنية التي يتوضّأ منها ففي صورة انحصار الماء بما في الآنية المغصوبة يكون الوضوء منها باطلاً ، سواء كان بالارتماس والغمس أو بالاغتراف، وفي صورة عدم الانحصار يكون الحكم فيها أيضاً البطلان إذا كان بالغمس والارتماس، وأمّا إذا كان بالاغتراف فالظاهر فيه هي الصحّة.

(الصفحة147)

وعدمه ، إذ مع الانحصار وإن كان قبل التفريغ في الظرف المباح مأموراً بالتيمّم إلاّ أنّه بعد هذا يصير واجداً للماء في الظرف المباح . وقد لا يكون التفريغ أيضاً حراماً، كما لو كان الماء مملوكاً له، وكان إبقاؤه في ظرف الغير تصرّفاً فيه فيجب تفريغه حينئذ ، فيكون من الأوّل مأموراً بالوضوء ولو مع الانحصار .
[543] مسألة 4 : لا فرق في عدم صحّة الوضوء بالماء المضاف أو النجس أو مع الحائل بين صورة العلم والعمد والجهل أو النسيان . وأمّا في الغصب فالبطلان مختصّ بصورة العلم والعمد، سواء كان في الماء أو المكان أو المصبّ ، فمع الجهل بكونها مغصوبة أو النسيان لا بطلان ، بل وكذا مع الجهل بالحكم أيضاً إذا كان قاصراً، بل ومقصّراً أيضاً إذا حصل منه قصد القربة ، وإن كان الأحوط(1) مع الجهل بالحكم خصوصاً في المقصِّر الإعادة .
[544] مسألة 5 : إذا التفت إلى الغصبية في أثناء الوضوء صح ما مضى من أجزائه ويجب تحصيل المباح للباقي ، وإذا التفت بعد الغسلات قبل المسح هل يجوز المسح بما بقي من الرطوبة في يده ويصحّ الوضوء أو لا؟ قولان، أقواهما الأوّل ; لأنّ هذه النداوة(2) لا تعدّ مالا وليس ممّا يمكن ردّه إلى مالكه ، ولكن الأحوط الثاني . وكذا إذا توضّأ بالماء المغصوب عمداً ثمّ أراد الإعادة، هل يجب عليه تجفيف ما على مَحالّ الوضوء من رطوبة الماء المغصوب أو الصبر حتّى تجفّ أو لا؟ قولان: أقواهما الثاني وأحوطهما الأوّل ، وإذا قال المالك : أنا لا أرضى أن تمسح بهذه الرطوبة أو تتصرّف فيها لا يسمع منه، بناءً على ما ذكرنا. نعم، لو فرض إمكان انتفاعه بها فله


(1) بل الأقوى في المقصّر على تقدير اعتبار عدم الغصبية.
(2) التعليل عليل; لأنّ الحرمة لا تدور مدار المالية، بل الملكية وهي متحقّقة، ولا يبعد التفصيل بين كون ما في اليد أجزاء مائية تعدّ ماءاً عرفاً ، وبين كونه محض الرطوبة التي كأنّها من الكيفيّات عرفاً ، فيصحّ في الثاني دون الأوّل ، وكذا في الفرض الآتي.

(الصفحة148)

ذلك ، ولا يجوز المسح بها حينئذ .
[545] مسألة 6 : مع الشك(1) في رضا المالك لا يجوز التصرّف ، ويجري عليه حكم الغصب ، فلابدّ فيما إذا كان ملكاً للغير من الإذن في التصرّف فيه صريحاً أو فحوى أو شاهد حال قطعيّ .
[546] مسألة 7 : يجوز الوضوء والشرب من الأنهار الكبار، سواء كانت قنوات أو منشقّة من شطّ، وإن لم يعلم رضا المالكين، بل وإن كان فيهم الصغار والمجانين . نعم، مع نهيهم يشكل الجواز ، وإذا غصبها غاصب أيضاً يبقى جواز التصرّف لغيره ما دامت جارية في مجراها الأوّل ، بل يمكن بقاؤه(2) مطلقاً ، وأمّا للغاصب فلا يجوز ، وكذا لأتباعه; من زوجته وأولاده وضيوفه وكلّ من يتصرّف فيها بتبعيّته ، وكذلك الأراضي الوسيعة يجوز الوضوء فيها كغيره من بعض التصرّفات، كالجلوس والنوم ونحوهما ما لم ينه المالك ولم يعلم كراهته ، بل مع الظنّ أيضاً الأحوط الترك ، ولكن في بعض أقسامها يمكن أن يقال: ليس للمالك النهي أيضاً .
[547] مسألة 8 : الحياض الواقعة في المساجد والمدارس إذا لم يعلم كيفيّة وقفها ـ من اختصاصها بمن يصلّي فيها، أو الطلاّب الساكنين فيها، أو عدم اختصاصها ـ لايجوز لغيرهم الوضوء منها إلاّ مع جريان العادة(3) بوضوء كلّ من يريد مع عدم منع من أحد ، فإنّ ذلك يكشف عن عموم الإذن ، وكذا الحال في غير المساجد والمدارس، كالخانات ونحوها .
[548] مسألة 9 : إذا شقّ نهر أو قناة من غير إذن مالكه لا يجوز الوضوء بالماء


(1) وعدم سبق الرضا.
(2) وهو الظاهر.
(3) وكشفها عن عموم الإذن.

(الصفحة149)

الذي في الشقّ، وإن كان المكان مباحاً أو مملوكاً له ، بل يشكل إذا أخذ الماء من
ذلك الشقّ وتوضّأ في مكان آخر ، وإن كان له أن يأخذ من أصل النهر أو القناة .
[549] مسألة 10 : إذا غيّر مجرى نهر من غير إذن مالكه وإن لم يغصب الماء، ففي بقاء حقّ الاستعمال ـ الذي كان سابقاً; من الوضوء والشرب من ذلك الماء ـ لغير الغاصب إشكال ، وإن كان لا يبعد بقاؤه ، هذا بالنسبة إلى مكان التغيير ، وأمّا ما قبله وما بعده فلا إشكال .
[550] مسألة 11 : إذا علم أنّ حوض المسجد وقف على المصلّين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر ، ولو توضّأ بقصد الصلاة فيه ثمّ بدا له أن يصلّي في مكان آخر أو لم يتمكّن من ذلك فالظاهر عدم بطلان وضوئه ، بل هو معلوم في الصورة الثانية ، كما أنّه يصحّ لو توضّأ غفلة أو باعتقاد عدم الاشتراط ، ولا يجب عليه أن يصلّي فيه وإن كان أحوط ، بل لا يترك في صورة التوضّؤ بقصد الصلاة فيه والتمكّن منها .
[551] مسألة 12 : إذا كان الماء في الحوض وأرضه وأطرافه مباحاً لكن في بعض أطرافه نصب آجر أو حجر غصبيّ يشكل التوضّؤ منه(1) ، مثل الآنية إذا كان طرف منها غصباً .
[552] مسألة 13 : الوضوء في المكان المباح مع كون فضائه غصبيّاً مشكل ، بل لا يصحّ(2) ، لأنّ حركات يده تصرّف في مال الغير .
[553] مسألة 14 : إذا كان الوضوء مستلزماً لتحريك شيء مغصوب فهو باطل(3) .


(1) ولكنّ الوضوء صحيح كما مرّ.
(2) قد مرّت الصحّة وإن كان التصرّف محرّماً.
(3) بل صحيح على ما مرّ.

(الصفحة150)

[554] مسألة 15 : الوضوء تحت الخيمة المغصوبة إن عدّ تصرّفاً فيها ـ كما في
حال الحرّ والبرد المحتاج إليها ـ باطل(1) .
[555] مسألة 16 : إذا تعدّى الماء المباح عن المكان المغصوب إلى المكان المباح لا إشكال في جواز الوضوء منه .
[556] مسألة 17 : إذا اجتمع ماء مباح كالجاري من المطر في ملك الغير إن قصد المالك تملّكه كان له ، وإلاّ كان باقياً على إباحته، فلو أخذه غيره وتملّكه ملك ، إلاّ أنّه عصى من حيث التصرّف في ملك الغير ، وكذا الحال في غير الماء من المباحات، مثل الصيد وما أطارته الريح من النباتات .
[557] مسألة 18 : إذا دخل المكان الغصبي غفلة وفي حال الخروج توضّأ بحيث لا ينافي فوريّته فالظاهر صحّته; لعدم حرمته حينئذ ، وكذا إذا دخل عصياناً ثمّ تاب وخرج بقصد التخلّص من الغصب ، وإن لم يتب ولم يكن بقصد التخلّص ففي صحة وضوئه حال الخروج إشكال(2) .
[558] مسألة 19 : إذا وقع قليل من الماء المغصوب في حوض مباح، فإن أمكن ردّه إلى مالكه وكان قابلا لذلك لن يجز التصرّف في ذلك الحوض ، وإن لم يمكن ردّه يمكن أن يقال بجواز التصرّف فيه; لأنّ المغصوب محسوب تالفاً ، لكنّه مشكل من دون رضا مالكه .
الشرط الخامس : أن لا يكون ظرف ماء الوضوء من أواني الذهب أو الفضة
وإلاّ بطل(3) ، سواء اغترف منه أو أداره على اعضائه ، وسواء انحصر فيه أم لا ، ومع الانحصار يجب أن يفرّغ ماءه في ظرف آخر ويتوضّأ به ، وإن لم يمكن التفريغ إلاّ


(1) بل صحيح ، والوضوء لا يعدّ تصرّفاً فيها ولو في الحالين.
(2) والأقوى الصحّة.
(3) على الأحوط بالتفصيل المتقدّم في الآنية المغصوبة.

(الصفحة151)

بالتوضّؤ يجوز ذلك، حيث إنّ التفريغ واجب ، ولو توضّأ منه جهلا أو نسياناً أو
غفلة صحّ، كما في الآنية الغصبية ، والمشكوك كونه منهما يجوز الوضوء منه كما يجوز سائر استعمالاته .
[559] مسألة 20 : إذا توضّأ من آنية باعتقاد غصبيتها أو كونها من الذهب أو الفضة، ثمّ تبيّن عدم كونها كذلك، ففي صحّة الوضوء إشكال ، ولا يبعد الصحّة إذا حصل منه قصد القربة .
الشرط السادس : أن لا يكون ماء الوضوء مستعملا في رفع الخبث ولو كان طاهراً ، مثل ماء الاستنجاء مع الشرائط المتقدّمة ، ولافرق بين الوضوء الواجب والمستحب على الأقوى، حتّى مثل وضوء الحائض ، وأمّا المستعمل في رفع الحدث الأصغر فلا إشكال في جواز التوضّؤ منه ، والأقوى جوازه من المستعمل في رفع الحدث الأكبر، وإن كان الأحوط تركه مع وجود ماء آخر .
وأمّا المستعمل في الأغسال المندوبة فلا إشكال فيه أيضاً ، والمراد من المستعمل في رفع الأكبر هو الماء الجاري على البدن للاغتسال إذا اجتمع في مكان ، وأمّا ما ينصبّ من اليد أو الظرف حين الاغتراف أو حين إرادة الإجراء على البدن من دون أن يصل إلى البدن فليس من المستعمل ، وكذا ما يبقى في الإناء ، وكذا القطرات الواقعة في الإناء ولو من البدن ، ولو توضّأ من المستعمل في الخبث جهلا أو نسياناً بطل ، ولو توضّأ من المستعمل في رفع الأكبر احتاط بالإعادة .
السابع : أن لا يكون مانع من استعمال الماء من مرض، أو خوف عطش أو نحو ذلك ، وإلاّ فهو مأمور بالتيمّم ، ولو توضّأ والحال هذه بطل(1) ، ولو كان جاهلا بالضرر صحّ وإن كان متحقّقاً في الواقع ، والأحوط الإِعادة أو التيمّم .


(1) على الأحوط.

(الصفحة152)

الثامن : أن يكون الوقت واسعاً للوضوء والصلاة، بحيث لم يلزم من التوضّؤ وقوع صلاته ولو ركعة منها خارج الوقت ، وإلاّ وجب التيمّم ، إلاّ أن يكون التيمّم أيضاً كذلك، بأن يكون زمانه بقدر زمان الوضوء أو أكثر ، إذ حينئذ يتعيّن الوضوء ، ولو توضّأ في الصورة الأُولى بطل(1) إن كان قصده امتثال الأمر المتعلّق به من حيث هذه الصلاة على نحو التقييد . نعم، لو توضّأ لغاية اُخرى أو بقصد القربة صحّ ، وكذا لو قصد ذلك الأمر بنحو الداعي لا التقييد .
[560] مسألة 21 : في صورة كون استعمال الماء مضرّاً لو صبّ الماء على ذلك المحلّ الذي يتضرّر به ووقع في الضرر، ثمّ توضّأ صحّ إذا لم يكن الوضوء موجباً لزيادته ، لكنّه عصى بفعله الأوّل .
التاسع : المباشرة في أفعال الوضوء في حال الاختيار ، فلو باشرها الغير أو أعانه في الغسل أو المسح بطل ، وأمّا المقدّمات للأفعال فهي أقسام :
أحدها : المقدّمات البعيدة ، كإتيان الماء أو تسخينه أو نحو ذلك ، وهذه لا مانع من تصدّي الغير لها .
الثاني : المقدّمات القريبة ، مثل صبّ الماء في كفّه ، وفي هذه يكره مباشرة الغير .
الثالث : مثل صبّ الماء على أعضائه مع كونه هو المباشر لإجرائه وغسل أعضائه ، وفي هذه الصورة وإن كان لا يخلو تصدّي الغير عن إشكال، إلاّ أنّ الظاهر صحّته ، فينحصر البطلان فيما لو باشر الغير غسله أو أعانه على المباشرة، بأن


(1) بل يصحّ مطلقاً، وقد مرّ أنّ الوضوء لا يكون مأموراً به من قبل الصلاة أصلاً، وعلى تقديره لا يكون ذلك الأمر ملاكاً لعباديّته ; لكونه أمراً مقدّمياً توصّلياً، بل ملاك عباديّته رجحانه ومحبوبيّته ، أو تعلّق أمر استحبابي به ، وهو مع هذه الجهة تكون مقدّمة لمثل الصلاة لا نفس الغسلات والمسحات.

(الصفحة153)

يكون الإجراء والغسل منهما معا .
[561] مسألة 22 : إذا كان الماء جارياً من ميزاب أو نحوه فجعل وجهه أو يده تحته بحيث جرى الماء عليه بقصد الوضوء صحّ ، ولا ينافي وجوب المباشرة ، بل يمكن أن يقال: إذا كان شخص يصبّ الماء من مكان عال لا بقصد أن يتوضّأ به أحد، وجعل هو يده أو وجهه تحته صحّ أيضاً ، ولا يعدّ هذا من إعانة الغير أيضاً .
وإن توقّف على الأُجرة ، فيغسل الغير أعضاءه وينوي هو الوضوء ، ولو أمكن إجراء الغير الماء بيد المنوب عنه; بأن يأخذ يده ويصبّ الماء فيها ويجريه بها هل يجب أم لا؟ الأحوط ذلك ، وإن كان الأقوى عدم وجوبه ; لأنّ مناط المباشرة في الإجراء، واليد آلة، والمفروض أنّ فعل الإجراء من النائب . نعم، في المسح لابدّ من كونه بيد المنوب عنه لا النائب ، فيأخذ يده ويمسح بها رأسه ورجليه ، وإن لم يمكن ذلك أخذ الرطوبة التي في يده ويمسح بها(2) ، ولو كان يقدر على المباشرة في بعض دون بعض بعَّض .
العاشر الترتيب، بتقديم الوجه، ثمّ اليد اليمنى، ثمّ اليد اليسرى، ثمّ مسح الرأس، ثمّ الرجلين(3) ، ولا يجب الترتيب بين أجزاء كلّ عضو . نعم، يجب مراعاة الأعلى فالأعلى كما مرّ ، ولو أخلّ بالترتيب ولو جهلا أو نسياناً بطل إذا تذكّر بعد الفراغ
وفوات الموالاة . وكذا إن تذكّر في الأثناء، لكن كانت نيّته فاسدة، حيث نوى


(1) التعبير المناسب هو الاستعانة دون الاستنابة ، والفرق بينهما ظاهر من جهة النيّة ، ولكنّه حيث يكون التعبير في معقد الإجماع هي الاستنابة فمقتضى الاحتياط اللاّزم تصدّي كلّ منهما للنيّة.
(2) والأحوط ضمّ التيمّم إليه.
(3) والأحوط فيه تقديم اليمنى على اليسرى أيضاً.

(الصفحة154)

الوضوء على هذا الوجه ، وإن لم تكن نيّته فاسدة فيعود على ما يحصل به
الترتيب (1)، ولا فرق في وجوب الترتيب بين الوضوء الترتيبي والارتماسي .
الحادي عشر : الموالاة ، بمعنى عدم جفاف الأعضاء السابقة قبل الشروع في اللاحقة ، فلو جفّ تمام ما سبق بطل ، بل لو جفّ العضو السابق على العضو الذي يريد أن يشرع فيه الأحوط(2) الاستئناف، وإن بقيت الرطوبة في العضو السابق على السابق ، واعتبار عدم الجفاف إنّما هو إذا كان الجفاف من جهة الفصل بين الأعضاء أو طول الزمان ، وأمّا إذا تابع في الأفعال وحصل الجفاف من جهة حرارة بدنه أو حرارة الهواء أو غير ذلك فلا بطلان ، فالشرط في الحقيقة أحد الأمرين من التتابع العرفي وعدم الجفاف ، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الموالاة بمعنى التتابع ، وإن كان لا يبطل الوضوء بتركه إذا حصلت الموالاة بمعنى عدم الجفاف ، ثمّ إنّه لا يلزم بقاء الرطوبة في تمام العضو السابق، بل يكفي بقاؤها في الجملة ولو في بعض أجزاء ذلك العضو .
[563] مسألة 24 : إذا توضّأ وشرع في الصلاة ثمّ تذكّر أنّه ترك بعض المسحات أو تمامها بطلت صلاته ووضوؤه أيضاً إذا لم تبق الرطوبة في أعضائه ، وإلاّ أخذها ومسح بها واستأنف الصلاة .
[564] مسألة 25 :إذا مشى بعد الغسلات خطوات ثمّ أتى بالمسحات لا بأس، وكذا قبل تمام الغسلات إذا أتى بما بقي ، ويجوز التوضّؤ ماشياً .
[565] مسألة 26 : إذا ترك الموالاة نسياناً بطل وضوؤه مع فرض عدم التتابع العرفي أيضاً ، وكذا لو اعتقد عدم الجفاف ثمّ تبيّن الخلاف .


(1) ولم يفت به الموالاة.
(2) والأولى.

(الصفحة155)

[566] مسألة 27 : إذا جفّ الوجه حين الشروع في اليد لكن بقيت
الرطوبة في مسترسل اللحية، أو الأطراف الخارجة عن الحدّ ففي كفايتها
إشكال(1) .
الثاني عشر : النيّة ، وهي القصد إلى الفعل مع كون الداعي أمر الله تعالى ، إمّا لأنّه تعالى أهل للطاعة وهو أعلى الوجوه ، أو لدخول الجنّة والفرار من النار وهو أدناها ، وما بينهما متوسّطات ، ولا يلزم التلفّظ بالنيّة، بل ولا إخطارها بالبال ، بل يكفي وجود الداعي في القلب بحيث لو سئل عن شغله يقول أتوضّأ مثلاً ، وأمّا لو كان غافلا بحيث لو سئل بقي متحيّراً فلا يكفي، وإن كان مسبوقاً بالعزم والقصد حين المقدّمات .
الوجوب(3) والندب لا وصفاً ولا غايةً، ولا نيّة وجه الوجوب والندب; بأن يقول: أتوضّأ الوضوء الواجب أو المندوب، أو لوجوبه أو ندبه، أو أتوضّأ لما فيه من المصلحة ، بل يكفي قصد القربة وإتيانه لداعي الله ، بل لو نوى أحدهما في موضع الآخر كفى إن لم يكن على وجه التشريع أو التقييد ، فلو اعتقد دخول الوقت، فنوى الوجوب وصفاً أو غايةً ثمّ تبيّن عدم دخوله صحّ إذا لم يكن على وجه التقييد ، وإلاّ بطل(4)، كأن يقول : أتوضّأ لوجوبه وإلاّ فلا أتوضّأ .
[567] مسألة 28 :لا يجب في الوضوء قصد رفع الحدث أو الاستباحة على


(1) والأحوط عدم الكفاية.
(2) ويعيد ما أتى به بهذا النحو.
(3) بل قد عرفت أنّه لا معنى لنيّة الوجوب; لعدم كون الوضوء واجباً أصلاً.
(4) قد مرّ خلافه.

(الصفحة156)

الأقوى ، ولا قصد الغاية(1) التي اُمر لأجلها بالوضوء ، وكذا لا يجب قصد الموجبمن بول أو نوم كما مرّ . نعم، قصد الغاية معتبر في تحقّق الامتثال; بمعنى أنّه لو قصدها يكون ممتثلا للأمر الآتي من جهتها ، وإن لم يقصدها يكون أداءً للمأمور به لا امتثالا ، فالمقصود من عدم اعتبار قصد الغاية عدم اعتباره في الصحّة، وإن كان معتبراً في تحقّق الامتثال .
نعم، قد يكون الأداء موقوفاً على الامتثال ، فحينئذ لا يحصل الأداء أيضاً ، كما لو نذر أن يتوضّأ لغاية معيّنة فتوضّأ ولم يقصدها ،فإنّه لا يكون ممتثلا للأمرالنذري ولا يكون أداءً للمأمور به بالأمر النذري أيضاً، وإن كان وضوؤه صحيحاً ; لأنّ أداءه فرع قصده . نعم، هو أداء للمأمور به بالأمر الوضوئي .
الثالث عشر : الخلوص ، فلو ضمّ إليه الرياء بطل ، سواء كانت القربة مستقلّة والرياء تبعاً أو بالعكس، أو كان كلاهما مستقلاًّ ، وسواء كان الرياء في أصل العمل، أو في كيفيّاته، أو في أجزائه ، بل ولو كان جزءاً مستحباً(3) على الأقوى ، وسواء نوى الرياء من أوّل العمل أو نوى في الأثناء ، وسواء تاب منه أم لا ، فالرياء في
العمل بأيّ وجه كان مبطل له; لقوله تعالى على ما في الأخبار : «أنا خير شريك ، من عمل لي ولغيري تركته لغيري».


(1) إن كان المراد بالغاية هي مثل الصلاة والطواف، فقد عرفت أنّه لا يتوجّه من قبلها الأمر إلى الوضوء أصلاً ، لعدم وجوب المقدّمة، وإن كان المراد بها هي الكون على الطهارة فالظاهر لزوم قصدها أو قصد القربة المستلزم له، وقد مرّ أنّ استحباب الوضوء خالياً عن كلّ غاية حتّى الكون على الطهارة محلّ إشكال، بل منع.
(2) هذا التعبير يشعر بكون المراد بالامتثال امتثال أمر آخر غير الأمر المتعلّق بالوضوء من جهة الغاية على مبناه، مع أنّ المراد هذا الامتثال ، مضافاً إلى أنّ الأمر النذري أمر توصّلي لا تعبّدي.
(3) إذا رجع الرياء فيه إلى الرياء في العمل المشتمل عليه.

(الصفحة157)

هذا، ولكن إبطاله إنّما هو إذا كان جزءاً من الداعي على العمل ولو على وجه التبعيّة، وأمّا إذا لم يكن كذلك، بل كان مجرّد خطور في القلب من دون أن يكون جزءاً من الداعي فلايكون مبطلا، وإذا شك حين العمل في أنّ داعيه محض القربة أو مركّب منها ومن الرياء فالعمل باطل ; لعدم إحراز الخلوص الذي هو الشرط في الصحّة .
وأمّا العجب: فالمتأخّر منه لا يبطل العمل ، وكذا المقارن، وإن كان الأحوط فيه الإعادة .
وأمّا السمعة(1): فإن كانت داعية على العمل أو كانت جزءاً من الداعي بطل ، وإلاّ فلا، كما في الرياء ، فإذا كان الداعي له على العمل هو القربة، إلاّ أنّه يفرح إذا اطّلع عليه الناس من غير أن يكون داخلا في قصده لا يكون باطلا ، لكن ينبغي للإِنسان أن يكون ملتفتاً، فإنّ الشيطان غرور وعدوّ مبين .
مباحة فالأقوى أنّها أيضاً كذلك، كضمّ التبرّد إلى القربة ، لكنّ الأحوط في صورة استقلالهما أيضاً الإعادة. وإن كانت محرّمة غير الرياء والسمعة فهي في الإبطال مثل
الرياء(4) ، لأنّ الفعل يصير محرّماً ، فيكون باطلا . نعم، الفرق بينها وبين الرياء أنّه لو


(1) معناها أن يقصد بالعمل سماع الناس به ، فيعظم مرتبته عندهم بسببه ، وهي من أفراد الرياء.
(2) في كون هذا مثالاً للضميمة الراجحة إشكال، بل منع.
(3) الأقوى البطلان في صورة استقلالهما.
(4) إذا كان ما انضمّ قصده من الشيء المحرّم متّحداً وجوداً مع الفعل العبادي، وأمّا إذا كان مترتّباً عليه في الخارج وملازماً له في التحقّق فحكمه حكم الضميمة المباحة في الأقسام الأربعة.

(الصفحة158)

لم يكن داعيه في ابتداء العمل إلاّ القربة، لكن حصل له في الأثناء في جزء من الأجزاء يختصّ البطلان بذلك الجزء ، فلو عدل عن قصده وأعاده من دون فوات الموالاة صحّ ، وكذا لو كان ذلك الجزء مستحبّاً وإن لم يتداركه ، بخلاف الرياء على ما عرفت ، فإنّ حاله حال الحدث في الإبطال .
[568] مسألة 29 : الرياء بعد العمل ليس بمبطل .
[569] مسألة 30 : إذا توضّأت المرأة في مكان يراها الأجنبيّ لا يبطل وضوؤها، وإن كان من قصدها ذلك .
[570] مسألة 31 : لا إشكال في إمكان اجتماع الغايات المتعدّدة للوضوء ، كما إذاكان بعدالوقت وعليه القضاءأيضاً، وكان ناذراً لمسّ المصحف وأرادقراءة القرآن وزيارة المشاهد ، كما لا إشكال في أنّه إذا نوى الجميع وتوضّأ وضوءاً واحداً لها كفى، وحصل امتثال الأمر بالنسبة إلى الجميع ، وأنّه إذا نوى واحداً منها أيضاً كفى عن الجميع وكان أداءً بالنسبة إليها، وإن لم يكن امتثالا إلاّ بالنسبة إلى ما نواه ، ولا ينبغي الإشكال في أنّ الأمر متعدّد حينئذ(1)، وإن قيل: إنّه لا يتعدّد وإنّما المتعدّد جهاته ، وإنّما الإشكال في أنّه هل يكون المأمور به متعدّداً أيضاً، وأنّ كفاية الوضوء الواحد من باب التداخل، أو لا بل يتعدّد ؟ ذهب بعض العلماء إلى الأوّل وقال : إنّه حينئذ يجب عليه أن يعيّن أحدها، وإلاّ بطل; لأنّ التعيين شرط عند تعدّد المأمور به.


(1) قد عرفت أنّ الوضوء لا يكون مأموراً به حتّى فيما لو تعلّق النذر بعنوانه ، فإنّ الأمر حينئذ يتعلّق بعنوان الوفاء بالنذر لا بالوضوء، كما أنّ الوضوء لا يكون متعدّداً، بل هو أمر واحد متعلّق للأمر الاستحبابي لغاية الكون على الطهارة ، وهذه الغاية لا تكون في عرض سائر الغايات، بل تلك الغايات مترتّبة عليها شرطاً أو كمالاً أو شبههما ، ولا يجب عليه حينئذ تعيين شيء منها، وفي النذر أيضاً لا يجب التعدّد إلاّ فيما إذا كان المنذور فردين من الوضوء ، فإنّه حينئذ لا يغني أحدهما عن الآخر ، ولعلّه المراد من الفرض الأوّل.

(الصفحة159)

وذهب بعضهم إلى الثاني، وأنّ التعدّد إنّما هو في الأمر أو في جهاته ، وبعضهم إلى أنّه يتعدّد بالنذر ولا يتعدّد بغيره ، وفي النذر أيضاً لا مطلقاً بل في بعض الصور، مثلاً إذا نذر أن يتوضّأ لقراءة القرآن، ونذر أيضاً أن يتوضّأ لدخول المسجد، فحينئذ يتعدّد، ولا يغني أحدهما عن الآخر ، فإذا لم ينو شيئاً منهما لم يقع امتثال أحدهما، ولا أداؤه ، وإن نوى أحدهما المعيّن حصل امتثاله وأداؤه، ولا يكفي عن الآخر ، وعلى أيّ حال وضوؤه صحيح; بمعنى أنّه موجب لرفع الحدث ، وإذا نذر أن يقرأ القرآن متوضّئاً، ونذر أيضاً أن يدخل المسجد متوضّئاً فلا يتعدّد حينئذ، ويجزىء وضوء واحد عنهما، وإن لم ينو شيئاً منهما ولم يمتثل أحدهما ، ولو نوى الوضوء لأحدهما كان امتثالا بالنسبة إليه وأداءً بالنسبة إلى الآخر، وهذا القول قريب .
[571] مسألة 32 : إذا شرع في الوضوء قبل دخول الوقت وفي أثنائه دخل لا إشكال في صحّته ، وأنّه متّصف بالوجوب(1) باعتبار ما كان بعد الوقت من أجزائه، وبالاستحباب بالنسبة إلى ما كان قبل الوقت ، فلو أراد نيّة الوجوب والندب نوى الأوّل بعد الوقت والثاني قبله .
[572] مسألة 33 : إذا كان عليه صلاة واجبة أداءً أو قضاءً ، ولم يكن عازماً على إتيانها فعلا، فتوضّأ لقراءة القرآن ، فهذا الوضوء متّصف بالوجوب(2)، وإن لم يكن الداعي عليه الأمر الوجوبي ، فلو أراد قصد الوجوب والندب لابدّ أن يقصد الوجوب الوصفيّ والندب الغائيّ; بأن يقول : أتوضّأ الوضوء الواجب امتثالا للأمر به لقراءة القرآن .


(1) قد مرّ ما هو التحقيق.
(2) تقدّم خلافه ، ولا يعقل الاتّصاف بالحكمين بنحو ما في المتن.

(الصفحة160)

هذا ، ولكن الأقوى أنّ هذا الوضوء متّصف بالوجوب والاستحباب معاً، ولا  مانع من اجتماعهما .
[573] مسألة 34 : إذا كان استعمال الماء بأقلّ ما يجزىء من الغسل غير مضرّ واستعمال الأزيد مضرّاً يجب عليه الوضوء كذلك ، ولو زاد عليه بطل، إلاّ أن يكون استعمال الزيادة بعد تحقّق الغسل بأقلّ المجزئ ، وإذا زاد عليه جهلا أو نسياناً لم يبطل ، بخلاف ما لو كان أصل الاستعمال مضرّاً وتوضّأ جهلا أو نسياناً، فإنّه يمكن الحكم ببطلانه(1) ; لأنّه مأمور واقعاً بالتيمّم هناك بخلاف ما نحن فيه .
[574] مسألة 35 : إذا توضّأ ثمّ ارتدّ لا يبطل وضوؤه، فإذا عاد إلى الإسلام لا يجب عليه الإعادة ، وإن ارتدّ في أثنائه ثمّ تاب قبل فوات الموالاة لا يجب عليه الاستئناف . نعم، الأحوط أن يغسل بدنه من جهة الرطوبة التي كانت عليه حين الكفر . وعلى هذا، إذا كان ارتداده بعد غسل اليسرى وقبل المسح ثمّ تاب يشكل المسح; لنجاسة الرطوبة التي على يديه .
[575] مسألة 36 :إذا نهى المولى عبده عن الوضوء في سعة الوقت إذا كان مفوّتاً لحقّه فتوضّأ يشكل الحكم بصحّته ، وكذا الزوجة(2) إذا كان وضوؤها مفوّتاً لحقّ الزوج ، والأجير مع منع المستأجر وأمثال ذلك .
[576] مسألة 37 : إذا شك في الحدث بعد الوضوء بنى على بقاء الوضوء ، إلاّ إذا كان سبب شكّه خروج رطوبة مشتبهة بالبول ولم يكن مستبرئاً ، فإنّه حينئذ يبني على أنّها بول وأنّه محدث ، وإذا شك في الوضوء بعد الحدث يبني على بقاء
الحدث ، والظنّ الغير المعتبر كالشك في المقامين ، وإن علم الأمرين وشك في المتأخّر


(1) محلّ تأمّل ، خصوصاً في صورة الجهل بالضرر.
(2) والظاهر الصحّة فيها وفي الأجير.
<<التالي الفهرس السابق>>