في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة141)


فصل
في وقت وجوب إخراج الزكاة

قد عرفت سابقاً أنّ وقت تعلّق الوجوب فيما يعتبر فيه الحول حولانه بدخول الشهر الثاني عشر ، وأنّه يستقرّ الوجوب بذلك، وإن احتسب الثاني عشر من الحول الأوّل لا الثاني ، وفي الغلاّت التسمية ، وأنّ وقت وجوب الإخراج في الأوّل هو وقت التعلّق ، وفي الثاني هو الخرص(1) والصرم في النخل والكرم ، والتصفية في الحنطة والشعير ، وهل الوجوب بعد تحقّقه فوريّ أو لا ؟ أقوال ، ثالثها : أنّ وجوب الإخراج ولو بالعزل فوريّ ، وأمّا الدفع والتسليم فيجوز فيه التأخير ، والأحوط عدم تأخير الدفع مع وجود المستحقّ وإمكان الإخراج إلاّ لغرض ، كانتظار مستحقّ معيّن أو الأفضل ، فيجوز حينئذ ولو مع عدم العزل الشهرين والثلاثة بل الأزيد، وإن كان الأحوط(2) حينئذ العزل ثمّ الانتظار المذكور ، ولكن لو تلفت بالتأخير مع إمكان الدفع يضمن .
[2774] مسألة 1 : الظاهر أنّ المناط في الضمان مع وجود المستحقّ هو التأخير عن الفور العرفيّ ، فلو أخّر ساعة أو ساعتين بل أزيد فتلفت من غير تفريط فلا ضمان، وإن أمكنه الإيصال إلى المستحقّ من حينه مع عدم كونه حاضراً عنده ، وأمّا مع حضوره فمشكل ، خصوصاً إذا كان مطالباً .
[2775] مسألة 2 : يشترط في الضمان مع التأخير العلم بوجود المستحقّ ، فلو كان

(1) قد مرّ أنّ وقته إنّما هو عند صيرورة الرطب تمراً والعنب زبيباً فيما لو تعلّق غرض المالك بذلك.
(2) لا يترك.

(الصفحة142)

موجوداً لكن المالك لم يعلم به فلا ضمان ; لأنّه معذور(1)  حينئذ في التأخير .
[2776] مسألة 3 : لو أتلف الزكاة المعزولة أو جميع النصاب متلف ، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان يكون الضمان على المتلف فقط ، وإن كان مع التأخير المزبور من المالك فكلّ من المالك والأجنبيّ ضامن ، وللفقيه أو العامل الرجوع على أيّهما شاء ، وإن رجع على المالك رجع هو على المتلف ، ويجوز له الدفع من ماله ثمّ الرجوع على المتلف .
[2777] مسألة4: لايجوز تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب على الأصحّ، فلوقدّمها كان المال باقياً على ملكه مع بقاء عينه ، ويضمن تلفه القابض إن علم بالحال ، وللمالك احتسابه جديداً مع بقائه ، أو احتساب عوضه مع ضمانه وبقاء فقر القابض ، وله العدول عنه إلى غيره .
[2778] مسألة 5 : إذا أراد أن يعطي فقيراً شيئاً ولم يجيء وقت وجوب الزكاة عليه يجوز أن يعطيه قرضاً ، فإذا جاء وقت الوجوب حسبه عليه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحقاق، وبقاء الدافع والمال على صفة الوجوب ، ولايجب عليه ذلك ، بل يجوز مع بقائه على الاستحقاق الأخذ منه والدفع إلى غيره ، وإن كان الأحوط الاحتساب عليه وعدم الأخذ منه .
[2779] مسألة 6 : لو أعطاه قرضاً فزاد عنده زيادة متّصلة أو منفصلة فالزيادة له لا للمالك ، كما أنّه لو نقص كان النقص عليه، فإن خرج عن الاستحقاق أو أراد المالك الدفع إلى غيره يستردّ عوضه لا عينه ، كما هو مقتضى حكم القرض ، بل مع عدم الزيادة أيضاً ليس عليه إلاّ ردّ المثل أو القيمة .


(1) أو لدلالة النصّ عليه ، ولكن مع ذلك لا يترك الاحتياط بالضمان مع احتمال وجود المستحقّ وإمكان الفحص عنه.

(الصفحة143)

[2780] مسألة 7 : لو كان ما أقرض الفقير في أثناء الحول بقصد الاحتساب عليه بعد حلوله بعضاً من النصاب وخرج الباقي عن حدّه سقط الوجوب على الأصحّ ; لعدم بقائه في ملكه طول الحول ، سواء كانت العين باقية عند الفقير أو تالفة ، فلا محلّ للاحتساب . نعم ، لو أعطاه بعض النصاب أمانة بالقصد المذكور لم يسقط الوجوب مع بقاء(1) عينه  عند الفقير ، فله الاحتساب حينئذ بعد حلول الحول إذا بقي على الاستحقاق .
[2781] مسألة 8 : لو استغنى الفقير الذي أقرضه بالقصد المذكور بعين هذا المال، ثمّ حال الحول يجوز الاحتساب عليه ; لبقائه على صفة الفقر بسبب هذا الدين ، ويجوز الاحتساب من سهم الغارمين أيضاً ، وأمّا لو استغنى بنماء هذا المال، أو بارتفاع قيمته إذا كان قيميّاً، وقلنا : إنّ المدار قيمته يوم القرض لايوم الأداء لم يجز الاحتساب عليه .

فصل
[في اعتبار نيّة القربة والتعيين في الزكاة]

الزكاة من العبادات، فيعتبر فيها نيّة القربة والتعيين مع تعدّد(2) ما عليه ; بأن يكون عليه خمس وزكاة وهو هاشمي فأعطى هاشمياً ، فإنّه يجب عليه أن يعيّن أنّه من أيّهما ، وكذا لو كان عليه زكاة وكفّارة ، فإنّه يجب التعيين ، بل وكذا إذا كان عليه زكاة المال والفطرة ، فإنّه يجب التعيين على الأحوط(3) ، بخلاف ما إذا اتّحد الحقّ

(1) وإمكان الاسترداد منه.
(2) بل مطلقاً كما مرّ وجهه مراراً.
(3) بل على الأقوى.

(الصفحة144)

الذي عليه ، فإنّه يكفيه الدفع بقصد ما في الذمّة وإن جهل نوعه ، بل مع التعدّد أيضاً يكفيه التعيين الإجمالي ; بأن ينوي ما وجب عليه أوّلاً أو ما وجب ثانياً مثلا . ولايعتبر نيّة الوجوب والندب .
وكذا لا يعتبر أيضاً نيّة الجنس الذي تخرج منه الزكاة أنّه من الأنعام أو الغلاّت أو النقدين ، من غير فرق بين أن يكون محلّ الوجوب متّحداً أو متعدّداً ، بل ومن غير فرق بين أن يكون نوع الحقّ متّحداً أو متعدّداً ، كما لو كان(1) عنده أربعون من الغنم وخمس من الإبل ، فإنّ الحقّ في كلّ منهما شاة ، أو كان عنده من أحد النقدين ومن الأنعام ، فلايجب تعيين شيء من ذلك ، سواء كان المدفوع من جنس واحد(2)ممّا عليه أو لا ، فيكفي مجرّد قصد كونه زكاة ، بل لو كان له مالان متساويان أو مختلفان ; حاضران أو غائبان أو مختلفان ، فأخرج الزكاة عن أحدهما من غير تعيين أجزأه(3) ، وله التعيين بعد ذلك ، ولو نوى الزكاة عنهما وزّعت ، بل يقوى التوزيع مع نيّة مطلق الزكاة .
[2782] مسألة 1 : لا إشكال في أنّه يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة ، كما يجوز(4)له التوكيل في الإيصال إلى الفقير ، وفي الأوّل ينوي الوكيل حين الدفع إلى الفقير عن

(1) يشكل فيما لو كان بنحو الترديد والإبهام.
(2) لكنّه في هذه الصورة ينصرف المدفوع إلى ما كان من جنسه، إلاّ مع نية كونه بدلاً أو قيمة.
(3) مرّ الإشكال فيما لو كان بنحو الترديد والإبهام.
(4) يظهر من قوله: والأحوط... اشتراك الصورتين في دفع المالك مقدار الزكاة إلى الوكيل، وعليه يشكل الفرق بينهما; لأنّ مرجع الدفع المذكور إلى تعيين المالك وعزله ووقوع الدفع بهذا العنوان، فكيف يمكن حينئذ تصوير الصورتين. نعم، يمكن تصوير التوكيل في الأداء; بأن يوكله في الأخذ من الصبرة مثلاً بمقدارها وتحقّق العزل بيد الوكيل، ولا مجال حينئذ للاحتياط المذكور.

(الصفحة145)

المالك ، والأحوط تولّي المالك للنيّة أيضاً حين الدفع إلى الوكيل ، وفي الثاني لابدّ من تولّي المالك للنيّة حين الدفع إلى الوكيل ، والأحوط استمرارها(1) إلى حين دفع الوكيل إلى الفقير .
[2783] مسألة 2 : إذا دفع المالك أو وكيله بلا نيّة القربة، له أن ينوي بعد وصول المال إلى الفقير، وإن تأخّرت عن الدفع بزمان ، بشرط بقاء العين فى يده، أو تلفها مع ضمانه كغيرها من الديون ، وأمّا مع تلفها بلا ضمان فلا محلّ للنيّة .
[2784] مسألة 3 : يجوز دفع الزكاة إلى الحاكم الشرعي بعنوان الوكالة عن المالك في الأداء ، كما يجوز بعنوان الوكالة في الإيصال ، ويجوز بعنوان أنّه وليّ عامّ على الفقراء ، ففي الأوّل يتولّى الحاكم النيّة وكالة حين الدفع إلى الفقير ، والأحوط (2)تولّي المالك أيضاً حين الدفع إلى الحاكم ، وفي الثاني يكفي نيّة المالك حين الدفع إليه وإبقاؤها مستمرّة إلى حين الوصول إلى الفقير ، وفي الثالث أيضاً ينوي المالك حين الدفع إليه ; لأنّ يده حينئذ يد الفقير المولّى عليه .
[2785] مسألة 4 : إذا أدّى وليّ اليتيم أو المجنون زكاة مالهما يكون هو المتولّي للنيّة .
[2786] مسألة 5 : إذا أدّى الحاكم الزكاة عن الممتنع يتولّى(3) هو النيّة عنه ، وإذا أخذها من الكافر يتولاّها أيضاً عند أخذه منه ، أو عند الدفع إلى الفقير عن نفسه لا عن الكافر .
[2787] مسألة 6 : لو كان له مال غائب مثلا، فنوى أنّه إن كان باقياً فهذا زكاته ،

(1) ولو ارتكازاً.
(2) مرّ ما في مثل هذا الاحتياط.
(3) إذا أخذها بعنوان الزكاة، وإذا أخذها مقدّمة لأدائها فيتولاّها عند الدفع، والظاهر كون الدفع عن الكافر، كما في اليتيم والمجنون.

(الصفحة146)

وإن كان تالفاً فهو صدقة مستحبّة صحّ ، بخلاف ما لو ردّد في نيّته ولم يعيّن هذا المقدار أيضاً ، فنوى أنّ هذا زكاة واجبة أو صدقة مندوبة فإنّه لايجزئ .
[2788] مسألة 7 : لو أخرج عن ماله الغائب زكاة ثمّ بان كونه تالفاً ، فإن كان ما أعطاه باقياً له أن يستردّه ، وإن كان تالفاً استردّ عوضه إذا كان القابض عالماً بالحال وإلاّ فلا .

ختام فيه مسائل متفرّقة

[2789] الاُولى : استحباب استخراج زكاة مال التجارة ونحوه للصبيّ والمجنون تكليف للوليّ ، وليس من باب النيابة عن الصبي والمجنون ، فالمناط فيه اجتهاد الوليّ أو تقليده ، فلو كان من مذهبه اجتهاداً أو تقليداً وجوب إخراجها أو استحبابه ليس للصبيّ بعد بلوغه معارضته ، وإن قلّد من يقول بعدم الجواز ، كما أنّ الحال كذلك في سائر تصرّفات الولي في مال الصبي أو نفسه من تزويج ونحوه ، فلو باع ماله بالعقد الفارسيّ، أو عقد له النكاح بالعقد الفارسيّ، أو نحو ذلك من المسائل الخلافيّة ، وكان مذهبه الجواز ليس(1) للصبيّ بعد بلوغه إفساده  بتقليد من لايرى الصحّة .
نعم ، لو شكّ الوليّ بحسب الاجتهاد أو التقليد في وجوب الإخراج أو استحبابه أو عدمهما، وأراد الاحتياط بالإخراج ففي جوازه إشكال(2) ; لأنّ الاحتياط فيه معارض بالاحتياط في تصرّف مال الصبي . نعم ، لايبعد  ذلك إذا كان

(1) محلّ إشكال، بل الظاهر لزوم رعاية معتقده بعد بلوغه اجتهاداً أو تقليداً.
(2) لا إشكال في عدم الجواز مع كون الاحتياط استحبابياً، والاحتياط الوجوبي لا يجتمع مع احتمال الحرمة.

(الصفحة147)

الاحتياط وجوبيّاً ، وكذا الحال في غير الزكاة، كمسألة وجوب إخراج الخمس من أرباح التجارة للصبيّ ، حيث إنّه محلّ للخلاف ، وكذا في سائر التصرّفات في ماله ، والمسألة محلّ إشكال مع أنّها سيّالة .
[2790] الثانية : إذا علم بتعلّق الزكاة بماله وشكّ في أنّه أخرجها أم لا وجب عليه الإخراج للاستصحاب ، إلاّ إذا كان الشكّ بالنسبة إلى السنين الماضية ، فإنّ الظاهر جريان(1) قاعدة  الشكّ بعد الوقت أو بعد تجاوز المحلّ . هذا ، ولو شكّ في أنّه أخرج الزكاة عن مال الصبي في مورد يستحبّ إخراجها ـ كمال التجارة له ـ بعد العلم بتعلّقها به فالظاهر جواز العمل بالاستصحاب ; لأنّه دليل شرعيّ ، والمفروض أنّ المناط فيه شكّه ويقينه ; لأنّه المكلّف ، لا شكّ الصبي ويقينه ، وبعبارة اُخرى ليس نائباً عنه .
[2791] الثالثة : إذا باع الزرع أو الثمر وشكّ في كون البيع بعد زمان تعلّق الوجوب حتّى يكون الزكاة عليه ، أو قبله حتّى يكون على المشتري ليس عليه شيء إلاّ إذا كان زمان التعلّق معلوماً وزمان البيع مجهولاً ، فإنّ الأحوط(2) حينئذ إخراجه على إشكال في وجوبه ، وكذا الحال بالنسبة إلى المشتري إذا شكّ في ذلك ، فإنّه لايجب(3) عليه شيء إلاّ إذا علم زمان البيع وشكّ في تقدّم التعلّق وتأخّره ، فإنّ

(1) بل الظاهر عدم جريان شيء من القاعدتين في المقام. نعم، لو كانت عادته مستمرّة على عدم التأخير عن السنة لا يبعد الحكم بالمضيّ على تأمّل فيه أيضاً.
(2) بل الأقوى.
(3) مع احتمال أداء البائع على تقدير كون بيعه بعد التعلّق، هذا أي عدم الوجوب إنّما هو بالإضافة إلى البائع والمشتري، وأمّا بالنسبة إلى الساعي فيجوز له أخذ الزكاة المعلوم تعلّقه بها من المشتري، وليس له الرجوع على البائع بعد عدم العلم بثبوت التكليف بالنسبة إليه.

(الصفحة148)

الأحوط حينئذ إخراجه على إشكال في وجوبه .
[2792] الرابعة : إذا مات المالك بعد تعلّق الزكاة وجب الإخراج من تركته ، وإن مات قبله وجب على من بلغ  سهمه النصاب من الورثة ، وإذا لم يعلم أنّ الموت كان قبل التعلّق أو بعده لم يجب الإخراج من تركته ، ولا على الورثة إذا لم يبلغ نصيب واحد منهم النصاب، إلاّ مع العلم بزمان التعلّق والشكّ في زمان الموت ، فإنّ الأحوط(1) حينئذ الإخراج على الإشكال المتقدّم ، وأمّا إذا بلغ نصيب كلّ منهم النصاب أو نصيب بعضهم فيجب على من بلغ نصيبه منهم ; للعلم الإجمالي(2) بالتعلّق به ، إمّا بتكليف الميّت في حياته ، أو بتكليفه هو بعد موت مورّثه، بشرط أن يكون بالغاً عاقلاً وإلاّ فلايجب عليه ; لعدم العلم الإجمالي بالتعلّق حينئذ .
[2793] الخامسة : إذا علم أنّ مورّثه كان مكلّفاً بإخراج الزكاة وشكّ في أنّه أدّاها أم لا ، ففي وجوب إخراجه من تركته لاستصحاب بقاء تكليفه ، أو عدم وجوبه للشكّ في ثبوت التكليف بالنسبة إلى الوارث، واستصحاب بقاء تكليف الميّت لاينفع في تكليف الوارث، وجهان ، أوجههما الثاني(3) ; لأنّ تكليف الوارث بالإخراج فرع تكليف الميّت حتّى يتعلّق الحقّ بتركته ، وثبوته فرع شكّ الميّت وإجرائه الاستصحاب لا شكّ الوارث ، وحال الميّت غير معلوم أنّه متيقّن بأحد الطرفين أو شاكّ ، وفرق بين ما نحن فيه، وما إذا علم نجاسة يد شخص أو ثوبه سابقاً وهو نائم ، ونشكّ في أنّه طهّرهما أم لا ; حيث إنّ مقتضى الاستصحاب بقاء

(1) بل الأقوى كما مرّ.
(2) الذي يتولّد منه علم تفصيلي.
(3) مع عدم العلم باشتغال ذمّة الميّت بالبدل حين تلف النصاب، ومع العلم الأوجه هو الأوّل.

(الصفحة149)

النجاسة، مع أنّ حال النائم غير معلوم أنّه شاكّ أو متيقّن ; إذ في هذا المثال لا حاجة إلى إثبات التكليف بالاجتناب بالنسبة إلى ذلك الشخص النائم ، بل يقال : إنّ يده كانت نجسة والأصل بقاء نجاستها فيجب الاجتناب عنها ، بخلاف المقام ; حيث إنّ وجوب الإخراج من التركة فرع ثبوت تكليف الميّت واشتغال ذمّته بالنسبة إليه من حيث هو .
نعم ، لو كان المال الذي تعلّق به الزكاة موجوداً أمكن أن يقال : الأصل بقاء الزكاة فيه ، ففرق بين صورة الشكّ في تعلّق الزكاة بذمّته وعدمه ، والشكّ في أنّ هذا المال الذي كان فيه الزكاة اُخرجت زكاته أم لا . هذا كلّه إذا كان الشكّ في مورد لو كان حيّاً وكان شاكّاً وجب عليه الإخراج .
وأمّا إذا كان الشكّ بالنسبة إلى الاشتغال بزكاة السنة السابقة، أو نحوها ممّا يجري فيه(1) قاعدة التجاوز والمضيّ، وحمل فعله على الصحّة فلا إشكال ، وكذا الحال  إذا علم اشتغاله بدين أو كفّارة أو نذر أو خمس أو نحو ذلك .
[2794] السادسة : إذا علم اشتغال ذمّته إمّا بالخمس أو الزكاة وجب عليه إخراجهما(2) إلاّ إذا كان هاشميّاً ، فإنّه يجوز أن يعطي للهاشمي بقصد ما في الذمّة ، وإن اختلف مقدارهما قلّة وكثرة أخذ بالأقلّ(3) ، والأحوط الأكثر .
[2795] السابعة : إذا علم إجمالاً أنّ حنطته بلغت النصاب أو شعيره ولم يتمكّن من التعيين ، فالظاهر وجوب الاحتياط بإخراجهما إلاّ إذا أخرج بالقيمة ، فإنّه يكفيه إخراج قيمة(4) أقلّهما قيمة على إشكال ; لأنّ الواجب أوّلاً هو العين ومردّد

(1) مرّ عدم جريان هذه القواعد إلاّ في بعض الصور على تأمّل فيه أيضاً.
(2) ويمكن الأداء إلى الحاكم الشرعي بمقدار واحد عيناً أو قيمة بقصد ما في الذمّة.
(3) بل بالأكثر.
(4) مرّ أنّه يجب إخراج الأكثر.

(الصفحة150)

بينهما إذا كانا موجودين ، بل في صورة التلف أيضاً ; لأنّهما مثليّان ، وإذا علم أنّ عليه إمّا زكاة خمس من الإبل ، أو زكاة أربعين شاة يكفيه إخراج شاة ، وإذا علم أنّ عليه إمّا زكاة ثلاثين بقرة أو أربعين شاة وجب الاحتياط إلاّ مع التلف ، فإنّه يكفيه(1) قيمة شاة ، وكذا الكلام في نظائر المذكورات .
[2796] الثامنة : إذا كان عليه الزكاة فمات قبل أدائها ، هل يجوز إعطاؤها من تركته لواجب النفقة عليه حال حياته أم لا ؟ إشكال(2) .
[2797] التاسعة : إذا باع النصاب بعد وجوب الزكاة وشرط على المشتري زكاته لايبعد الجواز(3) ، إلاّ إذا قصد كون الزكاة عليه لا أن يكون نائباً عنه فإنّه مشكل .
[2798] العاشرة : إذا طلب من غيره أن يؤدّي زكاته تبرّعاً من ماله جاز وأجزأ عنه ، ولايجوز للمتبرّع الرجوع عليه ، وأمّا إن طلب ولم يذكر التبرّع فأدّاها عنه من ماله فالظاهر جواز رجوعه عليه بعوضه ; لقاعدة احترام المال ، إلاّ إذا علم(4)كونه متبرّعاً .
[2799] الحادية عشرة : إذا وكّل غيره في أداء زكاته أو في الإيصال إلى الفقير هل تبرأ ذمّته بمجرّد ذلك ، أو يجب العلم بأنّه أدّاها ، أو يكفي إخبار الوكيل بالأداء؟ لايبعد جواز الاكتفاء إذا كان الوكيل عدلاً(5) بمجرّد

(1) محلّ إشكال، فلا يترك الاحتياط.
(2) أقربه الجواز.
(3) بناءً على الإشاعة ـ كما رجّحناها ـ يكون البيع بالإضافة إلى مقدار الزكاة فضولياً يترتّب عليه آثاره، ولا فائدة للاشتراط إلاّ مجرّد إعلام المشتري بذلك الموجب; لعدم ثبوت خيار التبعّض له بعد ردّ الولي البيع بمقدار الزكاة.
(4) أو كان متبرّعاً واقعاً، فإنّه لا يجوز له الرجوع حينئذ واقعاً، وإن كان اللازم على الآخر الدفع مع ادّعاء عدم التبرّع.
(5) بل يكفي مجرّد الوثاقة.

(الصفحة151)

الدفع  إليه .
[2800] الثانية عشرة : إذا شكّ في اشتغال ذمّته بالزكاة فأعطى شيئاً للفقير ونوى أنّه إن كان عليه الزكاة كان زكاة ، وإلاّ فإن كان عليه مظالم كان منها ، وإلاّ فإن كان على أبيه زكاة كان زكاة له، وإلاّ فمظالم له ، وإن لم يكن على أبيه شيء فلجدّه إن كان عليه وهكذا ، فالظاهر الصحّة .
[2801] الثالثة عشرة : لايجب الترتيب في أداء الزكاة بتقديم ما وجب عليه أوّلاً فأوّلاً ، فلو كان عليه زكاة السنة السابقة وزكاة الحاضرة جاز تقديم الحاضرة بالنيّة ، ولو أعطى من غير نيّة التعيين فالظاهر التوزيع(1) .
[2802] الرابعة عشرة : في المزارعة الفاسدة الزكاة ـ مع بلوغ النصاب ـ على صاحب البذر ، وفي الصحيحة منها عليهما إذا بلغ نصيب كلّ منهما ، وإن بلغ نصيب أحدهما دون الآخر فعليه فقط ، وإن لم يبلغ نصيب واحد منهما فلايجب على واحد منهما، وإن بلغ المجموع النصاب .
[2803] الخامسة عشرة : يجوز للحاكم الشرعي أن يقترض على الزكاة  ويصرفه في بعض مصارفها ، كما إذا كان هناك مفسدة لايمكن دفعها إلاّ بصرف مال ولم يكن عنده ما يصرفه فيه ، أو كان فقير مضطرّ لايمكنه إعانته ورفع اضطراره إلاّ بذلك ، أو ابن سبيل كذلك ، أو تعمير قنطرة أو مسجد أو نحو ذلك وكان لايمكن تأخيره ، فحينئذ يستدين على الزكاة ويصرف ، وبعد حصولها يؤدّي الدين منها ، وإذا أعطى فقيراً من هذا الوجه وصار عند حصول الزكاة غنيّاً لايسترجع منه ; إذ المفروض أنّه أعطاه بعنوان الزكاة ، وليس هذا من باب إقراض الفقير والاحتساب عليه بعد ذلك ; إذ في تلك الصورة تشتغل ذمّة الفقير بخلاف المقام ، فإنّ الدين على

(1) مع عدم الأداء من عين ما تعلّق به أحدهما، وإلاّ فالظاهر الانطباق عليه.

(الصفحة152)

الزكاة(1) ولايضرّ عدم كون الزكاة ذات ذمّة تشتغل ; لأنّ هذه الاُمور اعتباريّة والعقلاء يصحّحون هذا الاعتبار ، ونظيره استدانة متولّي الوقف لتعميره ثمّ الأداء بعد ذلك من نمائه ، مع أنّه في الحقيقة راجع إلى اشتغال ذمّة أرباب الزكاة ـ من الفقراء والغارمين وأبناء السبيل ـ من حيث هم من مصارفها لا من حيث هم هم ، وذلك مثل ملكيّتهم للزكاة ، فإنّها ملك لنوع المستحقّين ، فالدين أيضاً على نوعهم من حيث إنّهم من مصارفه لا من حيث أنفسهم ، ويجوز(2) أن يستدين على نفسه من حيث ولايته على الزكاة ، وعلى المستحقّين(3) بقصد الأداء من مالهم ، ولكن في الحقيقة هذا أيضاً يرجع إلى الوجه الأوّل ، وهل يجوز لآحاد المالكين إقراض الزكاة قبل أوان وجوبها، أو الاستدانة لها على حذو ما ذكرنا في الحاكم ؟ وجهان(4) ، ويجري جميع ما ذكرنا في الخمس والمظالم ونحوهما .
[2804] السادسة عشرة : لايجوز للفقير(5) ولا للحاكم الشرعي أخذ الزكاة من المالك ثمّ الردّ عليه، المسمّى بالفارسيّة بـ «دست گردان» أو المصالحة معه بشيء يسير ، أو قبول شيء منه بأزيد من قيمته أو نحو ذلك ، فإنّ كلّ هذه حيل في تفويت

(1) لا معنى لكون الدين على الزكاة، ومجرّد كونه من الاُمور الاعتبارية لا يسوّغ الاعتبار بأيّ نحو يراد، والقياس على العين الموقوفة في غير محلّه; لأنّها تصلح لاعتبار اشتغال الذمّة لها بخلاف الزكاة التي ليست إلاّ ملكاً أو حقّاً للمستحقّين، مع أنّ اللازم على تقدير الصحّة لزوم صرفه فيما يحتاج إليه الزكاة كما في المقيس عليه لا في مصارفها.
(2) هذا أيضاً محلّ إشكال، لأنّه ليس من مصارف الزكاة. نعم، لا يبعد جواز الاحتساب من سهم الغارمين مع اجتماع شرائطه، لكنّه غير ما في المتن.
(3) هذا الطريق أيضاً مشكل.
(4) أقربهما العدم.
(5) إلاّ إذا كان بعنوان القرض والاقتراض والدفع بعده، فإنّه يجوز حينئذ مع اقتضاء المصلحة له.

(الصفحة153)

حقّ الفقراء ، وكذا بالنسبة إلى الخمس والمظالم ونحوهما . نعم ، لو كان شخص عليه من الزكاة أو المظالم أو نحوهما مبلغ كثير، وصار فقيراً لايمكنه أداؤها وأراد أن يتوب إلى الله تعالى لابأس(1) بتفريغ ذمّته بأحد الوجوه المذكورة، ومع ذلك إذا كان مرجوّ التمكّن بعد ذلك الأولى أن يشترط عليه أداءها بتمامها عنده .
[2805] السابعة عشرة : اشتراط التمكّن من التصرّف فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام والنقدين معلوم ، وأمّا فيما لايعتبر فيه كالغلاّت ففيه خلاف وإشكال(2) .
[2806] الثامنة عشرة : إذا كان له مال مدفون في مكان ونسي موضعه بحيث لايمكنه العثور عليه لايجب فيه الزكاة إلاّ بعد العثور ومضيّ الحول من حينه ، وأمّا إذا كان في صندوقه مثلا لكنّه غافل عنه بالمرّة فلايتمكّن من التصرّف فيه من جهة غفلته ، وإلاّ فلو التفت إليه أمكنه التصرّف فيه يجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ، ويجب التكرار إذا حال عليه أحوال ، فليس هذا من عدم التمكّن الذي هو قادح في وجوب الزكاة .
[2807] التاسعة عشرة : إذا نذر أن لايتصرّف في ماله الحاضر شهراً أو شهرين ، أو أكرهه مكره على عدم التصرّف أو كان مشروطاً عليه في ضمن عقد لازم ، ففي منعه من وجوب الزكاة وكونه من عدم التمكّن من التصرّف الذي هو موضوع الحكم إشكال(3) ; لأنّ القدر المتيقّن ما إذا لم يكن المال حاضراً عنده، أو كان حاضراً وكان بحكم الغائب عرفاً .


(1) إطلاق الحكم بالإضافة إلى الفقير والحاكم ثمّ التعميم لجميع الوجوه الثلاثة محلّ نظر، بل منع، فإنّ الحاكم لا يجوز له شيء منها إلاّ مع اقتضاء المصلحة له، والفقير لا يجوز له الثاني والثالث.
(2) أقربه الاشتراط عند تعلّق الوجوب.
(3) في الأوّل، وأمّا في الثاني والثالث فالظاهر المنع.

(الصفحة154)

[2808] العشرون : يجوز أن يشتري من زكاته من سهم سبيل الله كتاباً أو قرآناً أو دعاء ويوقفه ويجعل التولية بيده أو يد أولاده ، ولو أوقفه على أولاده وغيرهم ممّن يجب نفقته عليه فلا بأس به أيضاً . نعم ، لو اشترى خاناً أو بستاناً ووقفه على من تجب نفقته عليه لصرف نمائه في نفقتهم فيه إشكال(1) .
[2809] الحادية والعشرون : إذا كان ممتنعاً من أداء الزكاة لايجوز للفقير المقاصّة من ماله إلاّ بإذن الحاكم الشرعي في كلّ مورد .
[2810] الثانية والعشرون : لايجوز (2) إعطاء الزكاة للفقير من سهم الفقراء للزيارة أو الحجّ أو نحوهما من القرب ، ويجوز من سهم سبيل الله .
[2811] الثالثة والعشرون : يجوز صرف الزكاة من سهم سبيل الله في كلّ قربة(3)حتّى إعطاؤها للظالم لتخليص المؤمنين من شرّه ; إذا لم يمكن دفع شرّه إلاّ بهذا .
[2812] الرابعة والعشرون : لو نذر أن يكون نصف ثمر نخله أو كرمه أو نصف حبّ زرعه لشخص بعنوان نذر النتيجة(4) وبلغ ذلك النصاب وجبت الزكاة على ذلك الشخص أيضاً ; لأنّه مالك له حين تعلّق الوجوب ، وأمّا لو كان بعنوان نذر الفعل(5) فلاتجب على ذلك الشخص ، وفي وجوبها على المالك بالنسبة إلى المقدار المنذور إشكال .
[2813] الخامسة والعشرون : يجوز للفقير أن يوكّل شخصاً يقبض له الزكاة

(1) والظاهر عدم الجواز.
(2) لا يبعد الجواز بعد فرض فقره وجواز إعطائه الزائد عن مؤنة السنة. نعم، بعد أخذه مقدار الكفاية لا يجوز.
(3) مرّ الكلام في المراد من سبيل الله.
(4) بناءً على صحّة نذر النتيجة، وهي محلّ تأمّل وإشكال.
(5) أي نذر التمليك، ولكن لو تحقّق الفعل المنذور قبل تعلّق الوجوب تجب الزكاة على المنذور له حينئذ.

(الصفحة155)

من أيّ شخص وفي أيّ مكان كان ، ويجوز للمالك إقباضه إيّاه مع علمه بالحال ، وتبرأ ذمّته وإن تلفت في يد الوكيل قبل الوصول إلى الفقير ، ولا مانع من أن يجعل الفقير للوكيل جعلاً على ذلك .
[2814] السادسة والعشرون : لا تجري الفضوليّة في دفع الزكاة ، فلو أعطى فضوليّ زكاة شخص من ماله من غير إذنه فأجاز بعد ذلك لم يصحّ . نعم ، لو كان المال باقياً في يد الفقير أو تالفاً مع ضمانه ـ بأن يكون عالماً بالحال ـ يجوز له الاحتساب إذا كان باقياً على فقره .
[2815] السابعة والعشرون : إذا وكلّ المالك شخصاً في إخراج زكاته من ماله، أو أعطاه له وقال : ادفعه إلى الفقراء يجوز له الأخذ منه لنفسه إن كان فقيراً مع علمه بأنّ غرضه الإيصال إلى الفقراء، وأمّا إذا احتمل كون غرضه الدفع إلى غيره فلايجوز.
[2816] الثامنة والعشرون : لو قبض الفقير بعنوان الزكاة أربعين شاة دفعة أو تدريجاً وبقيت عنده سنة وجب عليه إخراج زكاتها ، وهكذا في سائر الأنعام والنقدين .
[2817] التاسعة والعشرون : لو كان مال زكويّ مشتركاً بين اثنين مثلا، وكان نصيب كلّ منهما بقدر النصاب، فأعطى أحدهما زكاة حصّته من مال آخر ، أو منه بإذن الآخر قبل القسمة ثمّ اقتسماه ، فإن احتمل المزكّي أنّ شريكه يؤدّي زكاته فلا إشكال ، وإن علم أنّه لايؤدّي ففيه إشكال ; من حيث تعلّق الزكاة بالعين ، فيكون مقدار منها في حصّته .
[2818] الثلاثون : قد مرّ أنّ الكافر مكلّف بالزكاة ولا تصحّ منه ، وإن كان لو أسلم سقطت عنه(1) وعلى هذا فيجوز للحاكم إجباره على الإعطاء له، أو أخذها

(1) مرّ ما يتعلّق بذلك.

(الصفحة156)

من ماله قهراً عليه ويكون هو المتولّي للنيّة ، وإن لم يؤخذ منه حتّى مات كافراً جاز الأخذ من تركته ، وإن كان وارثه مسلماً وجب عليه ، كما أنّه لو اشترى مسلم تمام النصاب منه كان شراؤه بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضوليّاً ، وحكمه حكم ما إذا اشترى من المسلم قبل إخراج الزكاة ، وقد مرّ سابقاً .
[2819] الحادية والثلاثون : إذا بقي من المال الذي تعلّق به الزكاة والخمس مقدار لايفي بهما ولم يكن عنده غيره فالظاهر وجوب التوزيع بالنسبة ، بخلاف ما إذا كانا في ذمّته ولم يكن عنده ما يفي بهما ، فإنّه مخيّر بين التوزيع وتقديم أحدهما . وإذا كان عليه خمس أو زكاة ومع ذلك عليه من دين الناس والكفّارة والنذر والمظالم وضاق ماله عن أداء الجميع ، فإن كانت العين التي فيها الخمس أو الزكاة موجودة وجب تقديمهما على البقيّة ، وإن لم تكن موجودة فهو مخيّر بين تقديم أيّها شاء، ولايجب التوزيع وإن كان أولى . نعم ، إذا مات وكان عليه هذه الاُمور وضاقت التركة وجب التوزيع بالنسبة ، كما في غرماء المفلّس ، وإذا كان عليه حجّ واجب أيضاً كان في عرضها .
[2820] الثانية والثلاثون : الظاهر أنّه لا مانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفّه ، وكذا في الفطرة ، ومن منع من ذلك كالمجلسي في «زاد المعاد» في باب زكاة الفطرة لعلّ نظره إلى(1) حرمة السؤال واشتراط العدالة في الفقير ، وإلاّ فلا دليل عليه بالخصوص ، بل قال المحقّق القمي : لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوى المجلسي في «زاد المعاد» ، قال : ولعلّه سهو منه ، وكأنّه كان يريد الاحتياط فسها وذكره بعنوان الفتوى .
[2821] الثالثة والثلاثون : الظاهر بناءً على اعتبار العدالة في الفقير عدم جواز

(1) أو إلى أنّ مجرّد السؤال لا يكون أمارة على فقره، بل اللاّزم إحرازه، أو إلى أنّ من جعل السؤال حرفة له كما هو الظاهر من العنوان لا يكون فقيراً، لأنّه حرفة كافية للمؤنة.

(الصفحة157)

أخذه أيضاً ، لكن ذكر المحقّق القمي : أنّه مختصّ بالإعطاء ; بمعنى أنّه لايجوز للمعطي أن يدفع إلى غير العادل ، وأمّا الآخذ فليس مكلّفاً بعدم الأخذ .
[2822] الرابعة والثلاثون : لاإشكال في وجوب قصد القربة في الزكاة ، وظاهر كلمات العلماء أنّها شرط في الإجزاء ، فلو لم يقصد القربة لم يكن زكاة ولم يجزئ ، ولولا الإجماع أمكن الخدشة فيه ، ومحلّ الإشكال غير ما إذا كان قاصداً للقربة في العزل وبعد ذلك نوى الرياء مثلا حين دفع ذلك المعزول إلى الفقير ، فإنّ الظاهر(1)إجزاؤه وإن قلنا باعتبار القربة ; إذ المفروض تحقّقها حين الإخراج والعزل .
[2823] الخامسة والثلاثون : إذا وكّل شخصاً في إخراج زكاته وكان الموكّل قاصداً للقربة وقصد الوكيل الرياء ففي الإجزاء إشكال(2) ، وعلى عدم الإجزاء يكون الوكيل ضامناً .
[2824] السادسة والثلاثون : إذا دفع المالك الزكاة إلى الحاكم الشرعي ليدفعها للفقراء فدفعها لابقصد القربة ، فإن كان أخذ الحاكم ودفعه بعنوان الوكالة عن المالك اُشكل الإجزاء كما مرّ(3) ; وإن كان المالك قاصداً للقربة حين دفعها للحاكم ـ وإن كان بعنوان الولاية على الفقراء ـ فلا إشكال في الإجزاء إذا كان المالك قاصداً للقربة بالدفع إلى الحاكم ، لكن بشرط أن يكون إعطاء الحاكم بعنوان الزكاة . وأمّا إذا كان لتحصيل الرئاسة فهو مشكل (4)، بل الظاهر ضمانه حينئذ وإن كان الآخذ فقيراً .


(1) والأحوط بل الظاهر عدم الإجزاء.
(2) إذا كان وكيلاً في الأداء والإخراج فالظاهر عدم الإجزاء، وإذا كان وكيلاً في مجرّد الإيصال فالظاهر الإجزاء; لأنّ المتصدّي للنية هو الموكّل المالك دونه.
(3) وقد مرّ التفصيل في المسألة السابقة.
(4) إذا كانت الرئاسة غير محرّمة فالظاهر أنّه لا إشكال فيه.

(الصفحة158)

[2825] السابعة والثلاثون : إذا أخذ الحاكم الزكاة من الممتنع كرهاً يكون هو المتولّي للنيّة ، وظاهر كلماتهم الإجزاء ، ولايجب على الممتنع بعد ذلك شيء ، وإنّما يكون عليه الإثم من حيث امتناعه ، لكنّه لايخلو عن إشكال(1) بناءً على اعتبار قصد القربة ; إذ قصد الحاكم لاينفعه فيما هو عبادة واجبة عليه .
[2826] الثامنة والثلاثون : إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادراً على الكسب إذا ترك التحصيل لا مانع من إعطائه من الزكاة إذا كان ذلك العلم ممّا يستحبّ تحصيله ، وإلاّ فمشكل .
[2827] التاسعة والثلاثون : إذا لم يكن الفقير المشتغل بتحصيل العلم الراجح شرعاً قاصداً للقربة لا مانع من إعطائه الزكاة ، وأمّا إذا كان قاصداً للرياء أو للرئاسة المحرّمة ففي جواز إعطائه إشكال من حيث كونه(2) إعانة على الحرام .
[2828] الأربعون : حكي عن جماعة عدم صحّة دفع الزكاة في المكان المغصوب، نظراً إلى أنّه من العبادات فلايجتمع مع الحرام ، ولعلّ نظرهم إلى غير صورة الاحتساب على الفقير من دين له عليه ; إذ فيه لايكون تصرّفاً في ملك الغير ، بل إلى صورة الإعطاء والأخذ ; حيث إنّهما فعلان خارجيّان ، ولكنّه أيضاً مشكل من حيث إنّ الاعطاء الخارجيّ مقدّمة للواجب; وهو الإيصال الذي هو أمر انتزاعيّ معنويّ فلايبعد  الإجزاء(3) .
[2829] الحادية والأربعون : لا إشكال في اعتبار التمكّن من التصرّف في وجوب الزكاة فيما يعتبر فيه الحول، كالأنعام والنقدين كما مرّ سابقاً . وأمّا ما لايعتبر فيه

(1) بل لا إشكال فيه بوجه.
(2) كون مجرّد الإعطاء إعانة محلّ إشكال.
(3) الأقوى هو الإجزاء لا لما أفاده، بل لمنع عدم اجتماع صحّة العبادة مع الوقوع في مكان مغصوب، كما حقّقناه في الاُصول.

(الصفحة159)

الحول كالغلاّت فلايعتبر التمكّن من التصرّف فيها قبل حال تعلّق الوجوب بلا  إشكال ، وكذا لا إشكال في أنّه لايضرّ عدم التمكّن بعده إذا حدث التمكّن بعد ذلك ، وإنّما الإشكال والخلاف في اعتباره حال تعلّق الوجوب ، والأظهر(1) عدم اعتباره ، فلو غصب زرعه غاصب وبقي مغصوباً إلى وقت التعلّق ثمّ رجع إليه بعد ذلك وجبت زكاته .

فصل
في زكاة الفطرة

وهي واجبة إجماعاً من المسلمين ، ومن فوائدها أنّها تدفع الموت في تلك السنة عمّن اُدّيت عنه ، ومنها : أنّها توجب قبول الصوم . فعن الصادق (عليه السلام) أنّه قال لوكيله : «اذهب فأعط عن عيالنا الفطرة أجمعهم ، ولاتدع منهم أحداً، فإنّك إن تركت منهم أحداً تخوّفت عليه الفوت» ، قلت : وما الفوت؟ قال (عليه السلام) : «الموت» . وعنه (عليه السلام) : «إنّ من تمام الصوم إعطاء الزكاة ، كما أنّ الصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله) من تمام الصلاة ; لأنّه من صام ولم يؤدّ الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمّداً ، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، إنّ الله تعالى قد بدأ بها قبل الصلاة . وقال : {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى : 87 / 14 ـ 15] . والمراد بالزكاة في هذا الخبر هو زكاة الفطرة ، كما يستفاد من بعض الأخبار المفسّرة للآية ، والفطرة إمّا بمعنى الخلقة، فزكاة الفطرة أي زكاة البدن من حيث إنّها تحفظه عن الموت ، أو تطهّره عن الأوساخ ، وإمّا بمعنى الدين ; أي زكاة الإسلام والدين ،

(1) مرّ أنّ الظاهر الاعتبار.

(الصفحة160)

وإمّا بمعنى الإفطار لكون وجوبها يوم الفطر .
والكلام في شرائط وجوبها ، ومن تجب عليه ، وفيمن تجب عنه ، وفي جنسها ، وفي قدرها ، وفي وقتها ، وفي مصرفها ، فهنا فصول :

فصل
في شرائط وجوبها

وهي اُمور :
الأوّل : التكليف ، فلاتجب على الصبي والمجنون(1) ولا على وليّهما أن يؤدّي عنهما من مالهما ، بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضاً .
الثاني : عدم الإغماء ، فلاتجب على من أهلّ شوّال عليه وهو مغمى عليه .
الثالث : الحرّيّة ، فلا تجب على المملوك وإن قلنا : إنّه يملك ، سواء كان قنّاً أو مدبّراً أو اُمّ ولد أو مكاتباً ، مشروطاً أو مطلقاً ولم يؤدّ شيئاً ، فتجب فطرتهم على المولى . نعم ، لو تحرّر من المملوك شيء وجبت عليه وعلى المولى بالنسبة مع حصول الشرائط .
الرابع : الغنى ، وهو أن يملك قوت سنة له ولعياله زائداً على ما يقابل الدين(2)ومستثنياته فعلاً أو قوّة ; بأن يكون له كسب يفي بذلك ، فلا تجب على الفقير وهو من لايملك ذلك، وإن كان الأحوط إخراجها إذا كان مالكاً لقوت السنة وإن كان عليه دين ; بمعنى أنّ الدين لايمنع من وجوب الإخراج ، ويكفي ملك قوت السنة ،

(1) حال دخول ليلة العيد ولو كان أدواريّاً.
(2) أي الدين الذي يحلّ عليه في هذه السنة ويكون مطالباً به.
<<التالي الفهرس السابق>>