في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>


(الصفحة 261)

تصوّريّ ، كما هو واضح ، فأخذ ا لشكّ وا ليقين في دليل ا لاستصحاب ـ «لاتنقض ا ليقين با لشكّ»(1) ـ دليل على أ نّـه يعتبر أن تكون هناك قضيّتان : إحداهما مشكوكـة ، وا لاُخرى متيقّنـة ، وا لتعبير با لنقض إنّما يفيد اعتبار اتّحادهما من حيث الموضوع والمحمول ، فالنظر في أخبار الاستصحاب لايفيد أزيد من اعتبار الاتّحاد .

وحينئذ فكما لا إشكا ل في جريان ا لاستصحاب في مورد ا لكون ا لناقص ، كذلك لاينبغي ا لإشكا ل في مورد ا لكون ا لتامّ أيضاً ، كاستصحاب حياة زيد ونحوه ، فإنّ في ا لثاني قضيّـة «زيد موجود» كانت متيقّنـة ، وفي ا لزمان ا للاحق شكّ في بقائها ، فلامانع من استصحابها .

وتفصيل ا لكلام في هذا ا لمقام موكول إ لى محلّـه(2) .

ثمّ إنّـه (قدس سره) ذكر بعد ا لعبارة ا لمتقدّمـة : «أ نّـه يمكن أن يقا ل : إنّـه يظهر من روايـة عمّار(3)  إناطـة ا لحكم با لعلم بوجود ا لقذر في منقارها با لفعل ; حيث قا ل : وإن لم تعلم أنّ في منقارها قذراً توضّأ منـه ، فعلى هذا ينتفي هذه ا لثمرة أيضاً ، فلْيتأ مّل»(4) .

وأنت خبير : بأ نّـه لو قلنا بتأثّر جسد ا لحيوان من ا لنجاسـة ا لملاقيـة لـه ، يصير معنى ا لروايـة هو ا لعلم بنجاستـه ، لا ا لعلم بوجود ا لقذر ، كما هو غير خفيّ . مضافاً إ لى أنّ أخذ ا لعلم فيها ليس على سبيل ا لموضوعيّـة ، بل على نحو


1 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 8 / 11 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 246 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 1 ، ا لحديث 1 .
2 ـ راجع ا لاستصحاب ، ا لإمام ا لخميني(قدس سره)  : 203 .
3 ـ تقدّم في ا لصفحـة 248 .
4 ـ مصباح ا لفقيـه ، ا لطهارة 1 : 364 .

(الصفحة 262)

ا لطريقيّـة ، ولذا لو كان ا لقذر موجوداً فيـه واقعاً مع عدم ا لعلم بـه ، فا لظاهر تأثيره في نجاسـة ملاقيـه وإن لم يعلم بها .

وحينئذ فا لثمرة على حا لها ، فإنّـه بناءً على ا لقول بعدم نجاسـة جسد ا لحيوان ، وأنّ ا لموثّر هي ا لنجاسـة ا لموجودة فيـه ، لايترتّب على استصحاب بقائها في صورة ا لشكّ أثر شرعيّ أصلاً .

وأ مّا بناءً على ا لقول ا لآخر فيجري استصحاب بقاء نجاسـة ا لجسد ، ويترتّب عليـه نجاسـة ا لملاقي .

لايقا ل : إنّ ا لروايـة تدلّ على أ نّـه في صورة ا لشكّ في بقاء ا لقذر ، أو في بقاء نجاسـة ا لجسد ، يكون ا لملاقي طاهراً .

فإنّا نقول : إنّ ا لشكّ فيها هو ا لشكّ ا لابتدائي ، ا لذي يحصل في مثل ا لباز وا لصقر وا لعُقاب ، ا لذي تكون ا لحا لـة ا لسابقـة فيـه غير معلومـة غا لباً ، لا ا لشكّ ا لمسبوق با لحا لـة ا لسابقـة ، كما هو ظاهر .

ثمّ إنّـه لو قلنا : بأنّ أخذ ا لعلم في ا لروايـة إنّما هو على نحو ا لموضوعيّـة ، لا ا لطريقيّـة ، فقيام ا لاستصحاب مقامـه ـ كما أشار إ ليـه في ا لهامش في وجـه قولـه : «فليتأ مّل» ـ محلّ إشكا ل بل منع ، كما حقّق في محلّـه(1) .

وا لإنصاف : أنّ ما ذكره في ا لمقام في بيان ا لثمرة كلام مضطرب غايـة ا لاضطراب ، لاسيّما ماذكره في ا لحاشيـة في وجـه ذلك ا لقول ، ولم يعهد مثل ذلك منـه ومنشؤه هو تفسيره روايـة عمّار بما عرفت منـه ، ولكن عرفت منها أنّ ا لروايـة لاتنافي ا لثمرة على ا لوجـه ا لذي ذكرنا ، فتأ مّل جيّداً .


1 ـ اُنظر أنوار ا لهدايـة 1 : 122 ، تهذيب ا لاُصول 2 : 39 ـ 43 .

(الصفحة 263)


فرع

فيما لو طارت الذبابة عن النجاسة إلى الثوب أو الماء

لو طارت ا لذبابـة عن ا لعذرة ا لرطبـة ـ أو غيرها من ا لنجاسات ـ إ لى ا لثوب أو ا لماء ، فإن لم تحمل رجْلها من ا لعذرة إلاّ رطوبـة علم بجفافها ـ با لهواء ونحوه ـ قبل ا لوصول إ لى ا لثوب ، فلا إشكا ل ، وإن لم يعلم با لجفاف وشكّ في بقاء ا لرطوبـة ، فاستصحاب بقائها إ لى زمان ا لوصول إ لى ا لثوب لايثبت نجاستـه ، فإنّ نجاستـه تترتّب على ملاقاتـه مع رطوبـة ا لنجس وسرايـة ا لنجاسـة إ لى ا لملاقي ، وا لرطوبـة مشكوكـة ، فإنّ ا لمعلوم با لوجدان ليس إلاّ ملاقاة ا لذبابـة مع ا لثوب ، وعدم انفكاك بقاء ا لرطوبـة إ لى زمان ا لوصول ، وسرايـة ا لنجاسـة عن ملاقاتها مع ا لثوب حكم عقلي لايثبت بالاستصحاب ، كما مرّ(1)  .

ولو حملت رجلها من عين ا لنجاسـة شيئاً فجعلتـه على ا لماء مع ا لعلم ببقائها ، فلا إشكا ل في نجاستـه ; سواء قلنا بتأثّر رجلها من ملاقاة ا لعَذَرة ، أو قلنا بأنّ ا لمؤثّر هي ا لعَذَرة ا لموجودة فيـه ، ومع ا لشكّ في ا لبقاء إ لى زمان ا لوصول ، فا لحكم كما عرفت في مقام بيان ثمرة ا لقولين ; من نجاسـة ا لماء على ا لقول ا لأوّل ، وكون ا لأصل مثبتاً على ا لثاني(2) .


1 ـ تقدّم في ا لصفحـة 258 .
2 ـ تقدّم في ا لصفحـة 257 .

(الصفحة 265)


الطهارة المائيّة

وفيها فصلان الفصل الأوّل

في الوضوء

وفيه مسائل :

(الصفحة 267)


المسألة الاُولى

في حقيقة الحدث والخبث والطهارة منهما

هل ا لطهارة عن ا لحدث وا لخبث وكذا نفسهما أمران وجوديّان أو أحدهما وجودي وا لآخر عدمي ، أو يفصّل بين ا لحدث وا لخبث ، فيقا ل : بأنّ ا لطهارة عن ا لأوّل أمر وجودي ، دون ا لطهارة عن ا لثاني ؟ وجوه .

وا لحقّ أن يقا ل : إنّـه لا إشكا ل في كون ا لوضوء ا لذي هو عبارة عن ا لغسلات وا لمسحات ، وكذا ا لغسل ا لذي هو عبارة عن ا لغسلات ا لثلاثـة ، وكذا نواقضهما من ا لنوم وا لبول وا لجنابـة ، اُموراً وجوديّـة .

إنّما ا لكلام في ترتّب أمر وجودي على ا لوضوء وا لغسل با لمعنى ا لمذكور ، وكذا في ترتّب أمر وجودي على ا لجنابـة وا لبول ونحوهما ، وكذا في ترتّب أمر وجودي على ا لجسم بعد إزا لـة ا لأخباث عنـه ، فنقول :

في حقيقة الطهارة الخبثيّة

أ مّا ا لطهارة عن ا لقذارات ا لصوريّـة ـ ا لتي يجتنب عنها ا لعقلاء بما هم عقلاء ; ولو مع عدم وجوب ا لاجتناب عنها من قبل ا لشارع ـ فا لظاهر أ نّها عبارة عن مجرّد رفع تلك ا لقذارات ; وإرجاع ا لجسم إ لى ا لحا لـة ا لسابقـة ا لتي كانت لـه

(الصفحة 268)

قبل عروض شيء منها ; من دون أن يحدث فيـه بسببها حا لـة وجوديّـة اعتبرها ا لشارع أو ا لعقلاء .

وبا لجملـة : فحيث إنّ بعض ا لأجسام بل وأكثرها ، يكون نظيفاً بمقتضى طبيعتها ا لأوّليّـة وواقعاً في مقابل ا لقذارات ، فتطهيره ـ بعد عروض شيء منها عليـه ـ ليس إلاّ عبارة عن إرجاعـه إ لى مقتضى طبيعتـه ; من دون أن يحدث فيـه حا لـة اُخرى ، كما لايخفى .

وأ مّا ا لطهارة عن ا لقذارات ا لتي لاتكون عند ا لعقلاء قذراً ، ولايجتنبون عنها أصلاً ، كيد ا لكافر وا لخمر وا لكلب وا لخنزير ونظائرها ، فا لظاهر أنّ إيجابها إنّما هو لرعاية بعض ا لمصا لح وا لمفاسد ، لا لحصول حا لة فيه ، فإنّ ا لحكم بتطهير ا لملاقي مع يد ا لكافر بنحوتتحقّق ا لسراية ، إنّما هو حكم سياسي مشروع لغاية عدم حصول ا لاختلاط بينهم وبين ا لمسلمين ، أو نظائر هذه ا لغايـة ، لا أن يكون في ا ليد حا لـة حادثـة بعد ملاقاة يد ا لكافر ; يجب أن ترفع تلك ا لحا لـة بإحداث حا لـة اُخرى .

في حقيقة الطهارة الحدثيّة

وأ مّا ا لطهارة عن ا لحدث ا لأصغر ، فا لظاهر كونها أمراً وجوديّاً مترتّباً على ا لوضوء با لمعنى ا لمذكور ، كما يظهر با لتتبّع في ا لأخبار وا لتعبيرات ا لواردة في لسانها ، مثل : أ نّـه نور(1) ، أو أ نّـه يأمر الله با لوضوء وا لغسل ، فيختم عليـه بخاتم من خواتيم ربّ ا لعزّة(2) ، كما في بعض ا لأخبار ، وكما يقا ل : انتقض ا لوضوء بكذا


1 ـ ا لفقيـه 1 : 26 / 82 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 377 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لوضوء ، ا لباب 8 ، ا لحديث 8 .
2 ـ تفسير ا لإمام ا لعسكري (عليه السلام)  : 521 ـ 522 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 398 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لوضوء ، ا لباب 15 ، ذيل ا لحديث 21 .

(الصفحة 269)

وكذا ، فإنّ ا لنقض لايتحقّق إلاّ مع كون ا لمنقوض أمراً وجوديّاً كا لناقض .

وما ذكره ا لشيخ ا لأعظم (قدس سره) في «رسا لتـه الاستصحاب» : من أ نّـه لايعتبر في ا لمنقوض ذلك ، كيف ويجوز ا لاستصحاب في ا لاُمور ا لعدميّـة ; للأخبار ا لدالّـة على حرمـة نقض ا ليقين با لشكّ(1) .

ففيـه : أنّ متعلّق ا لنقض في تلك ا لأخبار هو ا ليقين لا ا لمتيقّن .

وسرّه : أنّ ا ليقين حبل مستحكم مرتبط بالإنسان وبا لمتيقّن ، بخلاف ا لشكّ ا لذي لايتّصف بهذا ا لوصف ، ومن هنا نقول بعدم اختصاص جريان ا لاستصحاب بخصوص ا لشكّ في ا لرافع ، بل يجري في ا لشكّ في ا لمقتضي أيضاً ، فإنّـه ليس تعلّق ا لنقض با ليقين إلاّ كتعلّقـه با لعهود وا لأيمان ونحوهما ، ولا فرق في ذلك بين ا لصورتين .

وبا لجملـة:فا لظاهر كون ا لطهارة عن ا لحدث مطلقاً ، أمراً وجوديّاً مترتّباً على فعل ا لوضوء أو ا لغسل ، وأ مّا نفس ا لحدث فلا دليل على كونـه أمراً وجوديّاً ، وما ذكرنا : من اعتبار كون ا لناقض كا لمنقوض أمراً وجوديّاً ، فهو إنّما يكون با لنسبـة إ لى ا لنوم ونحوه ممّا انتسب ا لنقض إ ليـه ، وا لكلام إنّما هو في ترتّب حا لـة وجوديّـة عقيب ا لنوم ونحوه ، ولم يقم دليل عليـه .

حول حقيقة الطهارة المعتبرة في الصلاة

ثمّ لايخفى أنّ مسأ لـة كون ا لطهارة وا لنجاسـة أمرين وجوديّين ، لا ارتباط لها بما هو ا لمعتبر في ا لصلاة ; لأ نّـه يمكن أن يكون ما هو ا لمعتبر فيها عدم ا لحدث ; بأن يكون وجوده مانعاً عنها وإن كانت ا لطهارة أمراً وجوديّاً ، كما أ نّـه يمكن أن تكون ا لصلاة مشروطـة با لوضوء ـ ا لذي هو فعل مخصوص ـ وإن


1 ـ فرائد ا لاُصول 2 : 551 و 588 و 590 .

(الصفحة 270)

لم يترتّب عليـه أمر وجودي ، بل كان ا لحدث عبارة عن ا لحا لـة ا لوجوديّـة ، فا للازم ا لنظر في ا لدليل ، فنقول :

إنّ المستفاد من بعض ا لروايات : اعتبار الوضوء في الصلاة ولو لم يكن المصلّي محدثاً ، كا لمخلوق دفعة قبل عروض ا لنوم وا لبول ونحوهما ، وهي ا لمرويّة في «ا لعلل» ، ا لواردة في جواب نفر من ا ليهود سأ لوا ا لنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مسائل ، وفيها قوله : «أخبرنا يا محمّد لأيّ علّـة توضّأ هذه ا لجوارح ا لأربع ، وهي أنظف ا لمواضع في ا لجسد ؟ فقا ل ا لنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)  : لمّا أن وسوس ا لشيطان إ لى آدم (عليه السلام)  ، ودنا من ا لشجرة ، فنظر إ ليها ، فذهب ماء وجهـه ، ثمّ قام ومشى إ ليها ، وهي أوّل قدم مشت إ لى ا لخطيئـة ، ثمّ تناول بيده منها ما عليها وأكل ، فتطاير ا لحُلِيّ وا لحُلل عن جسده ، فوضع آدم يده على اُمّ رأسـه وبكى ، فلمّا تاب الله عليـه ، فرض الله عليـه وعلى ذُرّيّتـه تطهير هذه ا لجوارح ا لأربع . . .» إ لى آخر ا لحديث(1) .

فإنّ ظاهرها أنّ ا لوضوء فرض على آدم وعلى ذريّتـه مطلقاً ; مسبوقاً با لحدث أو غير مسبوق ، فإنّ سبب وجوبـه ليس مجرّد ا لأحداث ا لمعروفـة ، بل لأنّ آدم (عليه السلام) صدر منـه ا لعمل ا لمعروف .

ثمّ لايذهب عليك أنّ ا لمستفاد من ا لأدلّـة ا لواردة في ا لغسل ; وإن كان لايجب إلاّ مع حدوث شيء من ا لأحداث ا لموجبـة لـه(2) ، فلايجب على ا لمخلوق دفعـة قبل طُرُوّ بعض منها ، إلاّ أ نّـه باعتبار كفايتـه عن ا لوضوء في بعض ا لموارد(3) ، يمكن استكشاف ترتّب أمر وجودي عليـه أيضاً ، كما لايخفى .


1 ـ ا لفقيـه 1 : 34 / 127 ، علل ا لشرائع : 280 / 1 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 395 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لوضوء ، ا لباب 15 ، ا لحديث 16 .
2 ـ وسائل ا لشيعـة 2 : 186 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لجنابـة ، ا لباب 7 .
3 ـ وسائل ا لشيعـة 2 : 246 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لجنابـة ، ا لباب 34 .

(الصفحة 271)


المسألة الثانية

في الأحداث الموجبة للوضوء

لا إشكا ل ولا خلاف بين فقهاء ا لإماميّـة في انحصارها في ا لستّـة ا لمعروفـة ، وكونها ناقضـة بنحو ا لإجما ل ، إنّما ا لإشكا ل وا لخلاف في بعض ما يتفرّع على ذلك ، فنقول :

ا لأوّل وا لثاني : ا لبول وا لغائط

ولابدّ من ملاحظـة أنّ ا لحكم هل يكون مترتّباً على نفس ا لبول وا لغائط ; بحيث لا مدخليّـة للخصوصيّـة من حيث ا لمخرج أصلاً ، فيكون ا لحكم مطلقاً شاملاً لما إذا خرج من ا لمخرج ا لطبيعي أو من غيره ، وسواء كان كلٌّ منهما معتاداً لـه ، أو كان ا لمعتاد واحداً منهما ، أم لا ؟ وجهان ، بل قولان :

الاستدلال على ناقضية البول والغائط مطلقاً

ربما يستدلّ(1)  للإطـلاق بقولـه تعا لى : (وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلى سَفَر أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ ا لْغائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ا لنِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا


1 ـ مصباح ا لفقيـه ، ا لطهارة 2 : 12 .

(الصفحة 272)

صَعيداً طَيِّباً)(1) .

فإنّ ا لمجيء من ا لغائط ا لذي يكون كنايـة عن قضاء ا لحاجـة ، يعمّ جميع ا لصور ، كما هو غير خفيّ .

ويرد عليـه : أنّ من شرط ا لتمسّك بالإطلاق أن يكون ا لمتكلّم في مقام بيانـه ، فلو كان ا لمقصود جهـة اُخرى لايجوز ا لتمسّك بكلامـه لإثبات ا لإطلاق من هذه ا لجهـة غير ا لمقصودة .

وحينئذ فنقول : إنّ ا لظاهر من ا لآيـة أنّ ا لمقصود منها تشريع ا لتيمّم ; وأنّ ما يكون من ا لأحداث موجباً للوضوء ، فهو سبب للتيمّم عند فقدان ا لماء ، وأ مّا كون ا لمجيء من ا لغائط سبباً من حيث هو ، أو مقيّداً ببعض ا لخصوصيّات ، فلاتكون ا لآيـة متعرّضـة لهذه ا لجهـة .

ثمّ لو سُلّم كونها في مقام ا لبيان ، فشمولها لجميع صور ا لمسأ لـة ـ حتّى مثل ما لو خرج ا لغائط من ثُقبـة موجودة في ا لبطن ; لإصابـة ا لسهم ونحوه ـ محلّ منع ، فإنّ ظاهرها أنّ قضاء ا لحاجـة سبب لذلك ، كما يدلّ عليـه ا لتعبير با لمجيء من ا لغائط ، لا مطلق خروجـه .

وقد يستدلّ(2)  للإطلاق أيضاً ببعض ا لروايات :

منها :صحيحـة زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام)  ، قا ل : «لايُوجَب ا لوضوء إلاّ من غائط أو بول أو ضرطـة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها»(3) .

ولكن يرد على ا لاستدلال با لروايات ا لتي تكون على مثل هذا ا لمضمون


1 ـ ا لنساء (4) : 43 ، ا لمائدة (5) : 6 .
2 ـ جواهر ا لكلام 1 : 397 ، مصباح ا لفقيـه ، ا لطهارة 2 : 13 .
3 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 346 / 1016 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 245 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 1 ، ا لحديث 2 .

(الصفحة 273)

ـ ممّا يرجع إ لى حصر ا لنواقض في ا لاُمور ا لمذكورة فيها ونفي ا لناقضيّـة عن غيرها ـ : أنّ ا لظاهر كونها في مقام بيان ا لحصرِ ، ونفي ناقضيّـة ا لغير في قبا ل فقهاء ا لعامّـة ، ا لقائلين بناقضيّـة أشياء كثيرة ، مثل ا لمذي وا لوذي وا لدم وغيرها(1) ، وليست في مقام بيان أنّ ا لبول ونحوه ناقض من حيث هو ، أو مع بعض ا لخصوصيّات ، وتقييد ا لضرطـة بما سمع صوتها وا لفسوة بما وُجد ريحها ، لايدلّ على كون ا لروايـة في مقام ا لبيان من ا لجهـة ا لثانيـة أيضاً ; نظراً إ لى أنّ ذكر خصوصيّات ا لموضوع ، دليل على كونـه في مقام ا لبيان من تلك ا لجهـة ; وذلك لأنّ سماع ا لصوت ووجدان ا لريح ليس قيداً للضرطـة وا لفسوة ، بل ا لتقييد إنّما هو من جهـة لزوم إحراز ا لموضوع في ترتّب ا لحكم ، ولعلّ ا لوجـه في عدم تقييد ا لبول وا لغائط بمثل ذلك ، كون إحرازهما واضحاً نوعاً ، وهذا بخلاف ا لريح ، فإنّ إحرازه مشكل ، خصوصاً مع ملاحظـة ما ورد في بعض ا لروايات : من «أنّ الشيطان ينفخ في دُبر ا لإنسان ; حتّى يُخيّل إ ليـه أ نّـه قد خرج منـه ريح ، فلاينقض ا لوضوء إلاّ ريح تسمعها أو تجد ريحها»(2) ، فلذا ذكر : أنّ طريق إحرازه سماع ا لصوت ووجدان ا لريح .

فهذه ا لروايـة وأشباهها قاصرة عن إفادة ا لإطلاق جدّاً .

نعم يمكن ا لتمسّك لـه بما عن «ا لعلل» و«عيون ا لأخبار» ، عن ا لفضل بن شاذان ، عن ا لرضا (عليه السلام)  ، قا ل : «إنّما وجب ا لوضوء ممّا خرج من ا لطرفين خاصّـة ومن ا لنوم ، دون سائر ا لأشياء ; لأنّ ا لطرفين هما طريق ا لنجاسـة وليس للإنسان طريق تصيبـه ا لنجاسـة من نفسـه إلاّ منهما ، فاُمروا با لطهارة عندما تصيبهم تلك


1 ـ بدايـة ا لمجتهد 1 : 34 ، ا لمغني ، ابن قدامـة 1 : 160 ، ا لمجموع 2 : 5 .
2 ـ ا لكافي 3 : 36 / 3 ، تهذيب ا لأحكام 1 : 347 / 1017 ، الاستبصار 1 : 90 / 289 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 246 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 1 ، ا لحديث 3 .

(الصفحة 274)

ا لنجاسـة من أنفسهم» ا لحديث(1) .

فإنّ ا لظاهر من ا لروايـة ـ صدراً وذيلاً ـ خصوصاً مع ملاحظـة صدورها عن ا لرضا عليـه ا لصلاة وا لسلام ، مع أنّ أغلب ا لروايات ا لمرويّـة عنـه (عليه السلام)  ، ناظرة إ لى ما ورد من آبائـه ا لطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ، ومتعرّضـة لها ولتفسيرها ، أنّ عُمدة مقصودها هو بيان : أنّ ما اشتهر من ناقضيّـة ما خرج عن ا لطرفين ، ليس ا لمراد منها ا لاختصاص بخصوص ا لمخرجين ، بل ا لتقييد بهما إنّما هو لكونهما طريقين للنجاسـة ، ا لتي هي موجبـة للوضوء وناقضـة لـه ; لأ نّـه ليس للإنسان طريق تصيبـه ا لنجاسـة إلاّ منهما ، فالأمر با لطهارة إنّما يتحقّق عند إصابـة ا لنجاسـة من دون مدخليّـة لما تخرج منـه .

وبا لجملـة : فا لظاهر أنّ ا لروايـة إنّما تكون بصدد بيان : أنّ ا لخروج من ا لمخرجين لا مدخليّـة لـه في ا لأمر با لطهارة ، فهي كا لصريحـة في بيان ا لإطلاق .

نعم يمكن أن يقال : إنّ نفي وجوب ا لوضوء عند عروض سائر ا لأشياء ، ربما يمنع ا لروايـة عن إفادتها ا لإطلاق ، كما ذكرنا ; لأ نّـه لو كان ا لغرض منها ، بيان عدم اختصاص حكم ا لبول وا لغائط بخصوص ما يخرج من ا لمخرجين ، لكان ا لأنسب نفي ا لاختصاص فقط ، لا نفي ناقضيّـة سائر ا لأشياء ا لمقابلـة للبول وا لغائط وا لنوم ، ولكن لايخفى أ نّـه لا امتناع في كون ا لمقصود من ا لروايـة بيان ا لجهتين ، واختصاص ا لتعليل ا لمذكور في ا لذيل بخصوص ا لاُولى ، لايدلّ على عدم كونـه إلاّ في مقام بيان جهـة واحدة ، فلعلّ ا لوجـه في ترك ذكر ا لتعليل با لنسبـة إ لى ا لجهـة ا لثانيـة ، وضوحها بحيث لايحتاج إ لى بيان ; لوروده في روايات ا لصادقين (عليهما السلام) كثيراً .


1 ـ علل ا لشرائع : 257 / 9 ، عيون أخبار ا لرضا (عليه السلام) 2 : 104 و 105 / 1 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 251 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 2 ، ا لحديث 7 .

(الصفحة 275)

وبا لجملـة : فظهور ا لروايـة في ا لإطلاق ـ بل صراحتها فيـه ـ ممّا لاينبغي أن يُنكر ، فافهم وتأ مّل .

هذا ، ولكنّ ا لإنصاف : أنّ ا لمعنى ا لمذكور وإن كان احتما لـه ـ في حدّ نفسـه ـ ليس ببعيد ، إلاّ أ نّـه من جهـة أنّ حمل ا لروايـة عليـه ، يوجب خروجها عن ا لمحاورات ا لعرفيّـة ; لأنّ أهل ا لعرف لايفهمونـه ، فهو يحتاج إ لى تأمُّل وتدقيق بعيد جدّاً .

فالأولى في معنى ا لروايـة أن يقا ل : إنّ ما عدا ا لستّـة ـ ا لتي وقع ا لاتّفاق على ناقضيّتها بين ا لمسلمين ـ من ا لاُمور ا لمشهورة بين ا لعامّـة على قسمين :

قسم يخرج من ا لشخص من غير ا لمخرجين ، كا لنخامـة وا لقيح وا لدم وغيرها .

وقسم لايتّصف بوصف ا لخروج ، بل يكون من قبيل ا لأفعا ل ، كا لتقبيل ومسّ ا لفرج ومثلهما .

وحينئذ فنقول : إنّ ا لروايـة متعرّضـة لعلّـة ناقضيّـة ا لخارج من ا لمخرجين ، ونفي ناقضيّـة ا لخارج من غيرهما .

وحينئذ فا لمراد بسائر ا لأشياء ليس جميع ا لأشياء ا لمقابلـة للنوم وا لغائط وا لبول ، بل ا لمراد بها ا لأشياء ا لخارجـة من غير ا لمخرجين ، فيصير معنى ا لروايـة : أنّ وجوب ا لوضوء عندما يخرج من ا لطرفين خاصّـة ، دون غيره من ا لأشياء ا لخارجـة من ا لمخارج ا لاُخر ، إنّما هو لأ نّهما طريقان للنجاسـة ، دون سائر ا لمخارج ; إذ ليس للإنسان طريق تصيبـه ا لنجاسـة إلاّ منهما ، وعليـه فلاتكون ا لروايـة متعرّضـة إلاّ لجهـة واحدة ، وهي علّـة اختصاص ا لناقضيّـة با لخارج من ا لطرفين ، دون سائر ا لمخارج .

ولكن لايخفى أنّ دلالتها على ا لإطلاق ـ حينئذ ـ قويّـة أيضاً ; لأ نّها تدلّ

(الصفحة 276)

ـ على أيّ تقدير ـ على أنّ وجوب ا لوضوء إنّما يترتّب على نفس ا لنجاسـة ، ولا مدخليّـة لإصابتها من ا لمخرجين خاصّـة .

ويؤيّده : أنّ ا لروايـة تدلّ على نفي ناقضيّـة ا لأشياء ا لخارجـة من غير ا لمخرجين ، لا نفي ناقضيّـة ا لأشياء ا لخارجـة منهما بحسب ا لطبع ولو خرجت من مخرج آخر غيرهما ، كما لايخفى(1) .

ا لثا لث : ا لريح

ويظهر من ا لشيخ(2)  وا لهمداني(قدس سرهما) (3)  في طهارتهما أ نّها أيضاً تكون ناقضـة مطلقاً ، كا لبول وا لغائط .

ولكن لايخفى أنّ روايـة ا لفضل ا لمتقدّمـة(4) ـ ا لتي يستفاد منها ا لإطلاق بأحد ا لوجهين ا لمتقدّمين ـ إنّما تكون متعرّضـة للبول وا لغائط وا لنوم ، دون ا لريح ، فكونها في مقام ا لبيان لايجدي با لنسبـة إ لى ا لريح أصلاً ، وليست هنا روايـة اُخرى تدلّ على إطلاق ناقضيّـة ا لريح ; لأنّ أكثر ا لروايات ا لدالّـة على ناقضيّـة الريح بهذا ا لعنوان ، إنّما تكون : إمّا في مقام بيان أنّ وجوب إعادة ا لوضوء وبطلانـه إنّما هو فيما لو اُحرزت وعلم بحدوثها وأ مّا لو شكّ فيها فلايبطل ا لوضوء ، وإمّا في مقام بيان بطلان ما اشتهر بين ا لعامّـة من ا لقول بناقضيـة ا لأشياء ا لكثيرة فلايستفاد منها ا لإطلاق بوجـه .


1 ـ ولكن ذكر ا لنوم مع ا لبول وا لغائط يدلّ على أنّ ا لمراد بسائر ا لأشياء ليس خصوص ا لأشياء ا لخارجـة عن ا لمخارج ا لاُخر بل يعمّ ا لجميع ، [المقرر دام ظلّه].
2 ـ ا لطهارة ، ضمن تراث ا لشيخ ا لأعظم 1 : 396 .
3 ـ مصباح ا لفقيـه ، ا لطهارة 2 : 11 .
4 ـ تقدّم في ا لصفحـة 273 .

(الصفحة 277)

نعم يمكن أن يستشعر ا لإطلاق من روايـة زرارة ، قا ل : قلت لأبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام)  : ماينقض ا لوضوء ؟ فقالا : «ما يخرج من طرفيك ا لأسفلين ـ من ا لذكر وا لدبر ـ من ا لغائط وا لبول أو منيّ أو ريح ، وا لنوم حتّى يذهب ا لعقل ، وكلّ ا لنوم يكره إلاّ أن تكون تسمع ا لصوت»(1) .

فإنّ ا لحكم با لناقضيّـة مترتّب على نفس ا لريح وتوصيفها با لخروج من ا لطرفين ليس لكون ا لحكم مقيَّداً بـه ، بل للإشارة إ لى ذلك ا لشيء ا لمعهود ، نظير ا لبول وا لغائط .

ولكنّ ا لإنصاف : أنّ دلالتها على ا لإطلاق ليست بحيث يعتمد عليها ، وعلى تقدير ا لدلالـة فهي ونظائرها مقيّدة بما يدلّ على انحصار ا لناقضيّـة با لضرطـة وا لفسوة ، ا للتين ينحصر إطلاقهما با لريح ا لخارجـة من ا لطرفين ، مثل صحيحـة زرارة ا لمتقدّمـة ، ا لدالّـة على أ نّـه لايوجَب الوضوء إلاّ من الغائط أو البول ، أو ضرطـة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها(2) .

نعم ا لظاهر صحّـة إطلاقها على ا لريح ا لخارجـة من ا لمخرج ا لمعتاد ولو لم يكن مخرجاً طبيعيّاً ، ولكن لايشملان جميع فروض ا لمسأ لـة ، كما هو ظاهر .

ثمّ إنّ ا لظاهر أنّ ا لمراد با لحدث ـ ا لذي ورد في بعض ا لروايات ـ هو ما يساوق ا لضرطـة وا لفسوة ، لا بمعنى ا لريح ا لتي تكون أعمّ منهما ، كما لايخفى .

تنبيـه : لايخفى عليك أنّ تقييد ا لضرطـة بسماع صوتها وا لفسوة بوجدان ريحها ـ كما في بعض ا لروايات(3) ـ ليس لكونهما دخيلين في ا لحكم ; بحيث لو


1 ـ ا لكافي 3 : 36 / 6 ، ا لفقيـه 1 : 37 / 137 ، تهذيب ا لأحكام 1 : 9 / 15 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 249 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 2 ، ا لحديث 2 .
2 ـ تقدّم في ا لصفحـة 272 .
3 ـ تقدّم في ا لصفحـة 272 .

(الصفحة 278)

علم بتحقّق إحداهما من دون سماع ا لصوت ولا وجدان ا لريح ، لما وجبت ا لإعادة ، بل لأنّ ا لمقصود وجوب إحرازهما في وجوب ا لإعادة ، وذكرهما لكونهما طريقين إ لى إحرازهما ، كما يستفاد من ا لأخبار ا لكثيرة ، ا لدالّـة على أنّ الشيطان ينفخ في دبر ا لإنسان حتّى يخيّل إ ليـه ويشكّكـه(1) ، ويدلّ عليـه صريحاً صحيحـة علي بن جعفر ا لمروية عن «قرب ا لإسناد» وعن كتابـه ، قا ل : وسأ لتـه ـ يعني أخاه موسى بن جعفر (عليهما السلام)  ـ عن رجل يكون في ا لصلاة ، فيعلم أنّ ريحاً قد خرجت ، فلايجد ريحها ، ولايسمع صوتها ؟ قا ل : «يعيد ا لوضوء وا لصلاة ، ولايعتدّ بشيء ممّا صلّى إذا علم ذلك يقيناً»(2) .

ا لرابع : ا لنوم

وهو ناقض مطلقاً بلا خلاف بين ا لإماميّـة .

وقا ل ا لشافعي : إذا نام مضطجعاً أو مستلقياً أو مستنداً ، ينتقض ا لوضوء(3) .

وحكي عن أبي موسى ا لأشعري وجماعـة : أ نّهم قا لوا : لاينتقض ا لوضوء با لنوم بحا ل إلاّ أن يتيقّن خروج ا لحدث(4) .

وقا ل ما لك وجماعـة : إنّ ا لنوم إن كثر نقض ا لوضوء(5) .

وقا ل أبو حنيفـة وأصحابـه : لا وضوء من ا لنوم إلاّ على من نام مضطجعاً أو


1 ـ تقدّم في ا لصفحـة 272 ، 273 .
2 ـ مسائل عليّ بن جعفر (عليه السلام)  : 184 / 358 ، قرب ا لإسناد : 200 / 769 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 248 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 1 ، ا لحديث 9 .
3 ـ ا لخلاف 1 : 107 ، ا لمسأ لـة 53 ، ا لاُمّ 1 : 12 .
4 ـ ا لخلاف 1 : 107 ، ا لمبسوط ، ا لسرخسي 1 : 78 .
5 ـ ا لمبسوط ، ا لسرخسي 1 : 78 ، ا لمغني ، ابن قدامـة 1 : 165 ، ا لمجموع 2 : 17 .

(الصفحة 279)

متورّكاً ، وأ مّا من نام قائماً أو راكعاً أو ساجداً أو قاعداً ـ سواء كان في ا لصلاة أو غيرها ـ فلا وضوء عليـه(1) .

ثمّ إنّ ا لمراد با لنوم هو ما يستولي على ا لقلب ، ويوجب تعطيل ا لحواسّ عن ا لإحساس ، وأمارتـه هو تعطيل ا لسمع عن ا لسماع ; للملازمـة بينـه وبين الاستيلاء على ا لقلب ، وهذا بخلاف حاسّـة ا لبصر ، فإنّ استيلاء ا لنوم عليها لايؤثّر في تحقّق ا لنوم ا لحقيقي ; لعدم ا لملازمـة بينـه وبين نوم ا لقلب وا لاُذُن ، كما صرّح بـه في صحيحـة زرارة ا لمشهورة(2) ، ا لتي استُدلّ بها على حجّيّـة ا لاستصحاب .

ومنـه يظهر وجـه ا لجمع بين ا لأخبار ا لمختلفـة ا لواردة في ا لمقام :

ا لتي يدلّ بعضها : على أنّ ا لنوم ا لناقض هو ا لنوم حتّى يذهب ا لعقل(3) .

وبعضها : على أنّ ا لناقض هو ا لنوم ا لغا لب على ا لقلب(4) .

وفي بعضها : ا لنوم ا لغا لب على ا لسمع(5) .

وفي ا لآخر : هو ا لنوم ا لغا لب على حاسّتي ا لسمع وا لبصر(6) .


1 ـ ا لمحلّى بالآثار 1 : 213 ، بدايـة ا لمجتهد 1 : 37 .
2 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 8 / 11 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 245 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 1 ، ا لحديث 1 .
3 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 6 / 4 ، الاستبصار 1 : 79 / 245 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 252 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 3 ، ا لحديث 2 .
4 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 8 / 11 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 246 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 1 ، ا لحديث 1 .
5 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 7 / 9 ، الاستبصار 1 : 80 / 251 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 253 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 3 ، ا لحديث 7 .
6 ـ ا لكافي 3 : 37 / 16 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 247 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 1 ، ا لحديث 8 .

(الصفحة 280)

فإنّ ا لظاهر أنّ ا لملاك هو ا لاستيلاء على ا لقلب ، ا لملازم لذهاب ا لعقل وللغلبـة على ا لسمع وا لبصر ، نعم لاعبرة ـ كما عرفت ـ بالاستيلاء على حاسّـة ا لبصر خاصّـة ; لعدم ا لملازمـة بين نومـه ونوم ا لقلب ، ولايكون في أخبار ا لباب ما يدلّ على ا لاكتفاء بنوم ا لبصر خاصّـة .

وبا لجملـة : فا لظاهر أ نّـه لامنافاة بين شتات ا لأخبار ا لواردة في ا لمقام .

نعم يظهر من بعض ا لأخبار ما يوافق بعض ا لأقوال ا لمذكورة ا لمنقولـة عن ا لعامّـة ، ولكنّها مطروحـة با لشذوذ وإعراض ا لأصحاب عنها ، مضافاً إ لى ضعف سند بعضها . نعم يمكن تأويل بعضها بما لدينا في ا لأخبار ا لكثيرة ا لمعمول بها ، فراجع(1)  وتأ مّل .

ا لخامس : كلّ ما أزال ا لعقل

من إغماء أو جنون أو سُكر أو غير ذلك ، ولا خلاف في ذلك بين ا لأصحاب بل بين جميع ا لمسلمين(2) ، وعن «ا لبحار» : أنّ أكثر ا لأصحاب نقلوا ا لإجماع عليـه(3) ، وهو ا لعُمدة في ا لمقام ـ بعد إمكان ا لمناقشـة في ا لأدلّـة ا لتي يمكن أن يتشبّث بها ، كما سيجيء ـ إذ ا لظاهر عدم كون ا لإجماع مستنداً إ لى تلك ا لأدلّـة ، غير ا لخا ليـة عن ا لمناقشـة في ا لدلالـة ; حتّى تجب مراعاتهامن حيث هي ، كما في سائر ا لمسائل ا لتي يكون ا لإجماع فيها مستنداً إ لى ا لاجتهاد .

فالإنصاف : أنّ ا لإجماع في ا لمقام ـ بعد كون ا لحكم مخا لفاً لما تقتضيـه


1 ـ وسائل ا لشيعـة 1 : 252 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب نواقض ا لوضوء ، ا لباب 3 ، ا لحديث 6 و 11 و 14 و 15 .
2 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 5 ، منتهى ا لمطلب 1 : 34 / ا لسطر15 و 16 ، مدارك ا لأحكام 1 : 149 ، مفتاح ا لكرامة 1 : 36 و37 ، جواهر ا لكلام 1 : 408 ، مصباح ا لفقيه ، ا لطهارة 2 : 27 .
3 ـ بحار ا لأنوار 77 : 215 / ذيل ا لحديث 7 ، مفتاح ا لكرامـة 1 : 37 .

<<التالي الفهرس السابق>>