( الصفحه 375 )
وهم عراة قال : يتقدّمهم الإمام بركبتيه ويصلّي بهم جلوساً وهو جالس .
وصحيحة زرارة قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : رجل خرج من سفينة عرياناً أو سلب ثيابه ولم يجد شيئاً يصلّي فيه فقال : يصلّي ايماء وإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلا وضع يده على سوأته ثم يجلسان فيؤميان إيماء ولا يسجدان ولا يركعان فيبدو ما خلفهما تكون صلاتهما إيماء برؤوسهما الحديث .
ورواية محمد بن علي الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل أصابته جنابة وهو بالفلاة وليس عليه إلاّ ثوب واحد وأصاب ثوبه مني قال : يتيمّم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعاً فيصلّي ويؤمى إيماء .
ورواية سماعة ـ الموثقة ـ قال : سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض وليس عليه إلاّ ثوب واحد وأجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال : يتيمّم ويصلّي عرياناً قاعداً يؤمى إيماءاً . هذا على ما رواه في الكافي ورواه الشيخ عن الكليني مثله ولكن الشيخ رواه بنفسه وذكر بدل «قاعداً» قائماً . وغير ذلك من الروايات الظاهرة في تعين الجلوس كرواية أبي البختري الآتية في كيفية صلاتهم من حيث الركوع والسجود .
وطائفة ثانية ظاهرة في تعين القيام مثل :
صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهما السلام) قال : سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقى عرياناً وحضرت الصلاة كيف يصلّي؟ قال : إن أصاب حشيشاً يستر به عورته أتمّ صلاته بالركوع والسجود ، وإن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم .
ورواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) انّه قال في حديث : وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلّد السيف ويصلّي قائماً .
( الصفحه 376 )
وموثقة سماعة المتقدّمة بناء على نقل الشيخ (قدس سره) كما عرفت .
وطائفة ثالثة ظاهرة في التفصيل مثل مرسلة ابن مسكان عن بعض أصحابه التي رواها عنه ابن أبي عمير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يخرج عرياناً فتدركه الصلاة قال : يصلّي عرياناً قائماً إن لم يره أحد فإن رآه أحد صلّى جالساً .
ومرسلة الصدوق قال : وروى في الرجل يخرج عرياناً فتدركه الصلاة انّه يصلّي عرياناً قائماً إن لم يره أحد فإن رآه أحد صلّى جالساً . ولكن الظاهر انّها لا تكون رواية مستقلّة بل هي رواية ابن مسكان المتقدّمة ولكن الصدوق رواها بنحو الإرسال المحض .
ورواية عبدالله بن مسكان عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل عريان ليس معه ثوب قال : إذا كان حيث لا يراه أحد فليصل قائماً . ولكن صاحب الوسائل روى هذه الرواية بعينها عن ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) في أبواب النجاسات .
والظاهر انّ ابن مسكان لا يمكن له النقل عن أبي جعفر (عليه السلام) بدون الواسطة ، وامّا النقل عن أبي عبدالله (عليه السلام) فقد ذكر في ترجمته انّه قليل الرواية عنه وانّه من أصحاب الكاظم (عليه السلام) بل عن يونس انّه لم يسمع عن أبي عبدالله (عليه السلام) إلاّ حديث : من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ وعليه فيقوى في النظر انّه لا يكون هنا إلاّ رواية واحدة مرسلة رواها ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) كذلك ولكن حيث انّ الراوي عنه هو ابن أبي عمير الذي اشتهر اعتبار مراسيله مضافاً إلى كون مضمون الرواية مفتى به للمشهور فالظاهر ـ حينئذ ـ اعتبارها وصيرورتها شاهدة للجمع بين الطائفتين بحمل الاُولى على صورة وجود الناظر وعدم الأمن من المطلع وحمل الثانية على صورة الأمن منه ولعلّ انحصار هذه الطائفة الثالثة بخصوص المرسلة صار منشأ للأقوال الاُخر فتدبّر .
( الصفحه 377 )
وامّا من الجهة الثانية وهي الركوع والسجود أو الايماء بدلا عنهما فالمشهور فيها هو الايماء مطلقاً سواء صلّى جالساً أو قائماً واختاره أكثر من اختار تعيّن القيام أو الجلوس في الجهة الاُولى وحكى عن بعض القول بوجوب الركوع والسجود مطلقاً ولكن ابن زهرة ذكر انّ العريان إذا كان بحيث لا يراه أحد صلّى قائماً وركع وسجد وإلاّ صلّى جالساً مؤمياً مدّعياً عليه الإجماع واحتاط في العروة في الصورة الاُولى بتكرار الصلاة والجمع بين صلاة المختار تارة ومؤمياً للركوع والسجود اُخرى وقوى صاحب الجواهر ما اختاره ابن زهرة نظراً إلى الأصل وخبر الحفيرة وموثق إسحاق قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : قوم قُطع عليه الطريق وأخذت ثيابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة كيف يصنعون؟ قال (عليه السلام) : يتقدّمهم إمامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيؤمى إيماء للركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم ، وللإجماع المنقول ولأنّ الذي يسوغ له القيام المقتضى لانكشاف قبله الامن من المطلع فليقتض أيضاً وجوب الركوع والسجود وإن استلزم أيضاً انكشاف العورة ولا سيما وظاهر نصوص التفصيل بين الامن من المطلع وغيره جواز كشف العورة من جهة الصلاة وبذلك يظهر وهن الصحيح والموثق لاسيما وكان الثاني مروياً في الكافي «قاعداً» بدل «قائماً» كما عرفت والأوّل موهون بعدم العمل بإطلاقه من حيث الأمن من المطلع وغيره وباحتمال إرادة أوّل مراتب الركوع من الايماء فيه وبظهوره في لزوم التشهّد والتسليم قائماً ولم يعرف دليل عليه ولا مصرّح به وفي المنع من الايماء جالساً بدل السجود ولو مع عدم بدو العورة مع أنّه أقرب إلى هيئة الساجد ولذا حكى في الذكرى عن السيّد العميدي وجوب الايماء جالساً .
أقول : يظهر ما في هذا المقال من الإشكال من التعرّض لذكر أدلّة المشهور وهي
( الصفحه 378 )
عبارة عن :
صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) المتقدّمة الدالّة على أنّه إن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم وصحيحة زرارة المتقدّمة أيضاً ورواية أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام) انّه قال : من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلّي حتّى يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثياباً فإن لم يجد صلّى عرياناً جالساً يؤمى إيماء يجعل سجوده أخفض من ركوعه فإن كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ثمّ صلّوا كذلك فرادى . وموثقة سماعة المتقدّمة التي اختلف نقلها من جهة القيام والقعود .
وبمثلها يرد على صاحب الجواهر بأنّه لا مجال للأصل مع وجود الرواية المصرّحة بالايماء مع القيام لأنّ إطلاقات أدلّة الركوع والسجود بالكيفية المتعارفة تقيد بها وعدم العمل بإطلاقها من جهة الأمن من المطلع وغيره لا يوجب الوهن فيها بعد كون مقتضى الجمع على ما عرفت هو الحمل على خصوص الصورة المذكورة واحتمال كون المراد من الايماء هو أوّل مراتب الركوع بعد ظهور الرواية في مقابلة الايماء في الشرطية الثانية لإتمام الصلاة بالركوع والسجود الواقع في الشرطية الاُولى بعيد جدّاً خصوصاً مع كون الايماء بدلا عن السجود أيضاً ولا مجال لأن يراد به أوّل مراتب الركوع فقط كما هو ظاهر عبارة الجواهر وظهورها في لزوم كون التشهّد والتسليم قائماً ممنوع أيضاً لظهور كون المراد من لزوم القيام هو عدم تبدّل وظيفته من هذه الجهة بسبب كونه عارياً لا تبدّل وظيفته في الحالتين إلى القيام كما لا يخفى . وعلى تقديره لا مانع من الالتزام به بعد دلالة رواية معتبرة عليه وكون المسوغ للقيام هو المقتضى لوجوب الركوع والسجود ممنوع أوّلا بمنع كون القيام مستلزماً لانكشاف القبل بعد احتمال لزوم ستره في هذا الحال باليدين كما ربّما يقال ويأتي البحث عنه ـ إن شاء الله تعالى ـ وبمنع المقايسة بين القبل الظاهر في حال
( الصفحه 379 )
القيام على فرضه والدبر الظاهر في حال الركوع والسجود إذ لا ملازمة بين الأمرين .
والحقّ في المقام أن يقال : إنّه لابدّ من ملاحظة الستر الواجب من جهة الحكم التكليفي والمعتبر من جهة الحكم الوضعي مستقلاًّ وكذا لابدّ من ملاحظة ستر الدبر وستر القبل كذلك فنقول : مقتضى التفصيل الذي ذكره المشهور في الجهة الاُولى وهي القيام والقعود انّه مع وجود الناظر المحترم الذي تكون وظيفته الجلوس تقع المزاحمة بين القيام المعتبر في الصلاة والستر الواجب النفسي ويتقدّم الثاني على الأوّل من جهة ستر القبل لأنّ الدبر مستور في حال القيام أيضاً بأجزاء البدن فالمزاحمة بين ستر القبل والقيام والشارع حكم بتقدّم الأوّل على الثاني ومع عدم وجود الناظر المحترم يتقدّم القيام على ستر القبل الذي هو حكم وضعي لعدم ثبوت الحكم التكليفي في هذه الصورة .
وامّا ستر الدبر فالمستفاد من صحيحة علي بن جعفر المتقدّمة الدالّة على وجوب الايماء وكذا غيرها من أدلّة الايماء هو المزاحمة بينه وبين الركوع والسجود وتقدّم الأوّل على الثاني من دون فرق بين صورة ثبوت التكليف النفسي وعدمه لأنّه مع وجوب الإيماء مطلقاً يكون طرف المزاحمة هو الستر الصلوتي في خصوص الدبر لأنّه يظهر بسبب الركوع والسجود .
ولا يعارضها في ذلك إلاّ خبر حفيرة وهي مرسلة أيّوب بن نوح عن بعض أصحابه عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفيرة دخلها ويسجد فيها ويركع . وهو مع وجود الإرسال في سندها وعدم الجابر مخصوص بصورة وجود الحفيرة ورواية إسحاق بن عمّار المتقدّمة الظاهرة في وجوب الركوع والسجود على المأمومين دون الإمام ولكنّها موهونة من حيث السند أيضاً لغرابة