جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج10 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>




مجمع البيان ج : 10 ص : 473


و أن التي بالجزع من بطن نخلة
و من دانها فل عن الخير معزل فقالت زدني فأنشدت :
و فينا رسول الله نتلو كتابه
كما لاح معروف مع الصبح ساطع
أتى بالهدى بعد العمى فنفوسنا
به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه
إذا رقدت بالكافرين المضاجع فقالت زدني فأنشدت :
شهدت بأن وعد الله حق
و أن النار مثوى الكافرينا
و أن محمدا يدعو بحق
و أن الله مولى المؤمنينا فقالت أما إذا قرأت القرآن فقد صدقتك فأخبرت به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال بعد أن تبسم خيركم خيركم لنسائه و اختلف العلماء فيمن قال لامرأته أنت علي حرام فقال مالك هو ثلاث تطليقات و قال أبو حنيفة إن نوى به الظهار فهو ظهار و إن نوى الإيلاء فهو إيلاء و إن نوى الطلاق فهو طلاق بائن و إن نوى ثلاثا كان ثلاثا و إن نوى اثنتين فواحدة بائنة و إن لم يكن له نية فهو يمين قال الشافعي إن نوى الطلاق كان طلاقا و الظهار كان ظهارا و إن لم يكن له نية فهو يمين و روي عن ابن مسعود و ابن عباس و عطاء أنه يمين و قال أصحابنا أنه لا يلزم به شيء و وجوده كعدمه و هو قول مسروق و إنما أوجب الله فيه الكفارة لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان حلف أن لا يقرب جاريته و لا يشرب الشراب المذكور فأوجب الله عليه أن يكفر عن يمينه و يعود إلى استباحة ما كان حرمه و بين أن التحريم لا يحصل إلا بأمر الله و نهيه و لا يصير الشيء حراما بتحريم من يحرمه على نفسه إلا إذا حلف على تركه « و الله غفور » لعباده « رحيم » بهم إذا رجعوا إلى ما هو الأولى و الأليق بالتقوى يرجع لهم إلى التولي « قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم » أي قد قدر الله تعالى لكم ما تحللون به أيمانكم إذا فعلتموها و شرع لكم الحنث فيها لأن اليمين ينحل بالحنث فسمي ذلك تحلة و قيل معناه قد بين الله لكم كفارة أيمانكم في سورة المائدة عن مقاتل قال أمر الله نبيه أن يكفر يمينه و يراجع وليدته فأعتق رقبة و عاد إلى
مجمع البيان ج : 10 ص : 474

مارية و قيل معناه فرض الله عليكم كفارة أيمانكم كما قال و إن أسأتم فلها أي فعليها فسمى الكفارة تحلة لأنها تجب عند انحلال اليمين و في هذا دلالة على أنه قد حلف و لم يقتصر على قوله هي علي حرام لأن هذا القول ليس بيمين « و الله » هو « موليكم » أي وليكم يحفظكم و ينصركم و هو أولى بكم و أولى بأن تبتغوا رضاه « و هو العليم » بمصالحكم « الحكيم » في أوامره و نواهيه لكم و قيل هو العليم بما قالت حفصة لعائشة الحكيم في تدبيره « و إذ أسر النبي إلى بعض أزواجه » و هي حفصة « حديثا » أي كلاما أمرها بإخفائه فالإسرار نقيض الإعلان « فلما نبأت » أي أخبرت غيرها بما خبرها « به » فأفشت سره « و أظهره الله عليه » أي و أطلع الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) على ما جرى من إفشاء سره « عرف بعضه و أعرض عن بعض » أي عرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) حفصة بعض ما ذكرت و أخبرها ببعض ما ذكرت و أعرض عن بعض ما ذكرت و عن بعض ما جرى من الأمر فلم يخبرها و كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد علم جميع ذلك لأن الإعراض إنما يكون بعد المعرفة لكنه أخذ بمكارم الأخلاق و التغافل من خلق الكرام قال الحسن ما استقصى كريم قط و أما عرف بالتخفيف فمعناه غضب عليها و جازاها بأن طلقها تطليقة ثم راجعها بأمر الله و قيل جازاها بأن هم بطلاقها « فلما نبأها به » أي فلما أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حفصة بما أظهره الله عليه « قالت » حفصة « من أنبأك هذا » أي من أخبرك بهذا « قال » رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) « نبأني العليم » بجميع الأمور « الخبير » بسرائر الصدور ثم خاطب سبحانه عائشة و حفصة فقال « إن تتوبا إلى الله » من التعاون على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالإيذاء و التظاهر عليه فقد حق عليكما التوبة و وجب عليكم الرجوع إلى الحق « فقد صغت » أي مالت « قلوبكما » إلى الإثم عن ابن عباس و مجاهد و قيل معناه ضاقت قلوبكما عن سبيل الاستقامة و عدلت عن الثواب إلى ما يوجب الإثم و قيل تقديره إن تتوبا إلى الله يقبل توبتكما و قيل إنه شرط في معنى الأمر أي توبا إلى الله فقد صغت قلوبكما « و إن تظاهرا عليه » أي و إن تتعاونا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالإيذاء عن ابن عباس قال قلت لعمر بن الخطاب من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال عائشة و حفصة أورده البخاري في الصحيح « فإن الله هو مولاه » الذي يتولى حفظه و حياطته و نصرته « و جبريل » أيضا معين له و ناصر يحفظه « و صالح المؤمنين » يعني خيار المؤمنين عن الضحاك و قيل يعني الأنبياء عن قتادة و قال الزجاج صالح هنا ينوب عن الجميع كما تقول يفعل هذا الخير من الناس تريد كل خير قال أبو مسلم هو صالحوا المؤمنين على الجمع و سقطت الواو في المصحف لسقوطها في اللفظ و وردت الرواية من طريق الخاص و العام أن المراد بصالح المؤمنين أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و هو قول مجاهد و في كتاب شواهد التنزيل بالإسناد عن
مجمع البيان ج : 10 ص : 475
سدير الصيرفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لقد عرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عليا (عليه السلام) أصحابه مرتين أما مرة فحيث قال من كنت مولاه فعلي مولاه و أما الثانية فحيث نزلت هذه الآية « فإن الله هو مولاه و جبريل و صالح المؤمنين » الآية أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بيد علي (عليه السلام) فقال أيها الناس هذا صالح المؤمنين و قالت أسماء بنت عميس سمعت أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول « و صالح المؤمنين » علي بن أبي طالب (عليه السلام) « و الملائكة بعد ذلك » أي بعد الله و جبريل و صالح المؤمنين عن مقاتل « ظهير » أي أعوان للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و هذا من الواحد الذي يؤدي معنى الجمع كقوله « و حسن أولئك رفيقا » « عسى ربه » أي واجب من الله ربه « إن طلقكن » يا معشر أزواج النبي « أن يبدله أزواجا خيرا منكن » أي أصلح له منكن ثم نعت تلك الأزواج اللائي كان يبدله بهن لو طلق نساءه فقال « مسلمات » أي مستسلمات لما أمر الله به « مؤمنات » أي مصدقات لله و رسوله مستحقات للثواب و التعظيم و قيل مصدقات في أفعالهن و أقوالهن « قانتات » أي مطيعات لله تعالى و لأزواجهن و قيل خاضعات متذللات لأمر الله تعالى و قيل ساكتات عن الخنا و الفضول عن قتادة « تائبات » عن الذنوب و قيل راجعات إلى أمر الرسول تاركات لمحاب أنفسهن و قيل نادمات على تقصير وقع منهن « عابدات » لله تعالى بما تعبدهن به من الفرائض و السنن على الإخلاص و قيل متذللات للرسول بالطاعة « سائحات » أي ماضيات في طاعة الله تعالى و قيل صائمات عن ابن عباس و قتادة و الضحاك و قيل مهاجرات عن ابن زيد و أبيه زيد بن أسلم و الجبائي و إنما قيل للصائم سائح لأنه يستمر في الإمساك عن الطعام كما يستمر السائح في الأرض « ثيبات » و هن الراجعات من عند الأزواج بعد افتضاضهن « و أبكارا » أي عذارى لم يكن لهن أزواج .

مجمع البيان ج : 10 ص : 476
يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنفُسكمْ وَ أَهْلِيكمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاس وَ الحِْجَارَةُ عَلَيهَا مَلَئكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(6) يَأَيهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(7) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا تُوبُوا إِلى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سيِّئَاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكمْ جَنَّت تجْرِى مِن تحْتِهَا الأَنْهَرُ يَوْمَ لا يخْزِى اللَّهُ النَّبىَّ وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسعَى بَينَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَنهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَ اغْفِرْ لَنَا إِنَّك عَلى كلِّ شىْء قَدِيرٌ(8) يَأَيهَا النَّبىُّ جَهِدِ الْكفَّارَ وَ الْمُنَفِقِينَ وَ اغْلُظ عَلَيهِمْ وَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْس الْمَصِيرُ(9) ضرَب اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَاَت نُوح وَ امْرَأَت لُوط كانَتَا تحْت عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صلِحَينِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنهُمَا مِنَ اللَّهِ شيْئاً وَ يلَ َ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّخِلِينَ(10) وَ ضرَب اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا امْرَأَت فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَت رَب ابْنِ لى عِندَك بَيْتاً فى الْجَنَّةِ وَ نجِّنى مِن فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نجِّنى مِنَ الْقَوْمِ الظلِمِينَ(11) وَ مَرْيمَ ابْنَت عِمْرَنَ الَّتى أَحْصنَت فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَ صدَّقَت بِكلِمَتِ رَبهَا وَ كُتُبِهِ وَ كانَت مِنَ الْقَنِتِينَ(12)

القراءة

قرأ حماد و يحيى عن أبي بكر نصوحا بضم النون و الباقون بفتح النون و قرأ أهل البصرة و حفص « و كتبه » بضم الكاف و التاء على الجمع و الباقون و كتابه على الواحد .

الحجة

قال أبو علي يشبه أن يكون النصوح بالضم مصدرا و ذلك إن ذا الرمة قال :
أحبك حبا خالطته نصاحة فالنصاحة على فعالة و ما كان على فعال من المصادر فقد يكون منه الفعول نحو الذهاب و الذهوب و يكون قد وصف بالمصدر نحو عدل و رضا قال أبو الحسن نصحته في معنى صدقته و توبة نصوح أي صادقة و الفتح كلام العرب و لا أعرف الضم
مجمع البيان ج : 10 ص : 477

و حجة من قال « و كتبه » أنه في موضع جمع أ لا ترى أنها قد صدقت بجميع كتب الله تعالى و من قال و كتابه أراد الكثرة و الشياع و قد يجيء ذلك في الأسماء المضافة كما يجيء في الأسماء المفردة كما قال « و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها » .

الإعراب


« و الذين آمنوا معه » مبتدأ نورهم مبتدأ ثاني « و يسعى بين أيديهم » في موضع الخبر و الجملة خبر المبتدأ الأول و قوله « امرأة فرعون » تقديره مثل امرأة فرعون فحذف المضاف و هو بدل من قوله مثلا .

المعنى

لما أدب سبحانه نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أمر عقبيه المؤمنين بتأديب نسائهم فقال مخاطبا لهم « يا أيها الذين آمنوا قوا » أي احفظوا و احرسوا و امنعوا « أنفسكم و أهليكم نارا » و المعنى قوا أنفسكم و أهليكم النار بالصبر على طاعة الله و عن معصيته و عن اتباع الشهوات و قوا أهليكم النار بدعائهم إلى الطاعة و تعليمهم الفرائض و نهيهم عن القبائح و حثهم على أفعال الخير و قال مقاتل بن حيان و هو أن يؤدب الرجل المسلم نفسه و أهله و يعلمهم الخير و ينهاهم عن الشر فذلك حق على المسلم أن يفعل بنفسه و أهله و عبيده و إمائه في تأديبهم و تعليمهم ثم وصف سبحانه النار التي حذرهم منها فقال « وقودها الناس و الحجارة » أي حطب تلك النار الناس و حجارة الكبريت و هي تزيد في قوة النار و قد مر تفسيره « عليها ملائكة غلاظ شداد » أي غلاظ القلوب لا يرحمون أهل النار أقوياء يعني الزبانية التسعة عشر و أعوانهم « لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون » و في هذا دلالة على أن الملائكة الموكلين بالنار معصومون عن القبائح لا يخالفون الله في أوامره و نواهيه و قال الجبائي إنما عنى أنهم لا يعصونه و يفعلون ما يأمرهم به في دار الدنيا لأن الآخرة ليست بدار تكليف و إنما هي دار جزاء و إنما أمرهم الله تعالى بتعذيب أهل النار على وجه الثواب لهم بأن جعل سرورهم و لذاتهم في تعذيب أهل النار كما جعل سرور المؤمنين و لذاتهم في الجنة ثم حكى سبحانه ما يقال للكفار يوم القيامة فقال « يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم » و ذلك أنهم إذا عذبوا يأخذون في الاعتذار فلا يلتفت إلى معاذيرهم و يقال لهم لا تعتذروا اليوم فهذا جزاء فعلكم و ذلك قوله « إنما تجزون ما كنتم تعملون » ثم عاد سبحانه إلى خطاب المؤمنين في دار التكليف فقال « يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله » من معاصيه و ارجعوا إلى طاعته « توبة نصوحا » أي خالصة لوجه الله و روى عكرمة عن ابن عباس قال قال معاذ بن جبل يا رسول الله ما التوبة النصوح قال أن يتوب التائب ثم لا يرجع في ذنب كما لا يعود اللبن إلى الضرع و قال ابن مسعود التوبة النصوح هي التي تكفر كل
مجمع البيان ج : 10 ص : 478

سيئة و هو في القرآن ثم تلا هذه الآية و قيل أن التوبة النصوح هي التي يناصح الإنسان فيها نفسه بإخلاص الندم مع العزم على أن لا يعود إلى مثله في القبح و قيل هي أن يكون العبد نادما على ما مضى مجمعا على أن لا يعود فيه عن الحسن و قيل هي الصادقة الناصحة عن قتادة و قيل هي أن يستغفر باللسان و يندم بالقلب و يمسك بالبدن عن الكلبي و قيل هي التوبة المقبولة و لا تقبل ما لم يكن فيها ثلاث خوف أن لا تقبل و رجاء أن تقبل و إدمان الطاعة عن سعيد بن جبير و قيل هي أن يكون الذنب نصب عينيه و لا يزال كأنه ينظر إليه و قيل هي من النصح و هو الخياطة لأن العصيان يخرق الدين و التوبة ترقعه و قيل لأنها جمعت بينه و بين أولياء الله كما جمع الخياط الثوب و ألصق بعضه ببعض و قيل لأنها أحكمت طاعته و أوثقتها كما أحكم الخياط الثوب و أوثقه « عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم و يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار » أي يحطها عنكم و يدخلكم الجنة و عسى من الله واجب ثم قال « يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه » أي لا يعذبهم الله بدخول النار و لا يذلهم بذلك بل يعزهم بإدخالهم الجنة و قيل لا يخزي الله النبي أي لا يشوره فيما يريده من الشفاعة بل يشفعه في ذلك « نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم » مفسر في سورة الحديد و قال أبو عبد الله (عليه السلام) يسعى أئمة المؤمنين يوم القيامة بين أيديهم و بأيمانهم حتى ينزلوهم منازلهم في الجنة « يقولون ربنا » و هو في موضع نصب على الحال تقديره قائلين ربنا « أتمم لنا نورنا » و قيل أن قوله « و الذين آمنوا معه » مبتدأ و « نورهم يسعى » خبره و « يقولون أتمم لنا نورنا » خبر آخر من « الذين آمنوا » و حال منهم و فيه وجه آخر ذكرناه في الإعراب و قيل « أتمم لنا نورنا » معناه وفقنا للطاعة التي هي سبب النور « و اغفر لنا » أي استر علينا معاصينا و لا تهلكنا بها « إنك على كل شيء قدير » من إطفاء نور المنافقين و إثبات نور المؤمنين ثم خاطب سبحانه النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال « يا أيها النبي جاهد الكفار » بالقتال و الحرب « و المنافقين » بالقول الرادع عن القبيح لا بالحرب إلا أن فيه بذل المجهود فلذلك سماه جهادا و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قرأ جاهد الكفار بالمنافقين و قال أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لم يقاتل منافقا قط إنما كان يتألفهم « و أغلظ عليهم » أي اشدد عليهم من غير محاباة و قيل اشدد عليهم في إقامة الحد عليهم قال الحسن أكثر من يصيب الحدود في ذلك الزمان المنافقون فأمر الله تعالى أن يغلظ عليهم في إقامة الحد « و مأواهم » أي م آل الكفار و المنافقين « جهنم و بئس المصير » أي المال و المستقر ثم ضرب الله المثل لأزواج النبي حثا لهن على الطاعة و بيانا لهن أن مصاحبة الرسول مع مخالفته لا تنفعهن فقال « ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح و امرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا » أي نبيين من أنبيائنا « صالحين فخانتاهما » قال ابن عباس
مجمع البيان ج : 10 ص : 479

كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس أنه مجنون و إذا آمن بنوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به و كانت امرأة لوط تدل على أضيافه فكان ذلك خيانتهما و ما بغت امرأة نبي قط و إنما كانت خيانتهما في الدين و قال السدي كانت خيانتهما أنهما كانتا كافرتين و قيل كانتا منافقتين و قال الضحاك خيانتهما النميمة إذا أوحى الله إليهما أفشتاه إلى المشركين « فلم يغنيا عنهما من الله شيئا » أي و لم يغن نوح و لوط مع نبوتهما عن امرأتيهما من عذاب الله شيئا « و قيل » أي و يقال لهما يوم القيامة « ادخلا النار مع الداخلين » و قيل أن اسم امرأة نوح واغلة و اسم امرأة لوط واهلة و قال مقاتل والغة و والهة « و ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون » و هي آسية بنت مزاحم قيل إنها لما عاينت المعجز من عصا موسى و غلبته السحرة أسلمت فلما ظهر لفرعون إيمانها نهاها فأبت فأوتد يديها و رجليها بأربعة أوتاد و ألقاها في الشمس ثم أمر أن يلقى عليها صخرة عظيمة فلما قرب أجلها « قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة » فرفعها الله تعالى إلى الجنة فهي فيها تأكل و تشرب عن الحسن و ابن كيسان و قيل أنها أبصرت بيتا في الجنة من درة و انتزع الله روحها فألقيت الصخرة على جسدها و ليس فيه روح فلم تجد ألما من عذاب فرعون و قيل أنها كانت تعذب بالشمس و إذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة و جعلت ترى بيتها في الجنة عن سلمان « و نجني من فرعون و عمله » أي دينه و قيل و جماعة عن ابن عباس « و نجني من القوم الظالمين » من أهل مصر قالوا قطع الله بهذه الآية طمع من ركب المعصية رجاء أن يقطعه صلاح غيره و أخبر أن معصية الغير لا تضر من كان مطيعا قال مقاتل يقول الله سبحانه لعائشة و حفصة لا تكونا بمنزلة امرأة نوح و امرأة لوط في المعصية و كونا بمنزلة امرأة فرعون و مريم و هو قوله « و مريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها » أي منعت فرجها من دنس المعصية و عفت عن الحرام و قيل معناه منعت فرجها من الأزواج لم تبتغ زوجا و لا غيره « فنفخنا فيه من روحنا » أي فنفخ جبرائيل بأمرنا في جيبها من روحنا عن قتادة و قال الفراء كل شق فهو فرج و « أحصنت فرجها » منعت جيب درعها من جبرائيل و قيل نفخ جبرائيل في فرجها و خلق الله منه المسيح و هو الظاهر و لذلك ذكره و قال في سورة الأنبياء فيها و عاد الضمير إلى التي أحصنت فرجها و قيل معناه خلقنا المسيح في بطنها و نفخنا فيه الروح حتى صار حيا فالضمير في فيه يعود إلى المسيح « و صدقت بكلمات ربها » أي بما تكلم الله تعالى و أوحاه إلى أنبيائه و ملائكته و قيل صدقت بوعد الله و وعيده و أمره و نهيه « و كتبه » أي و صدقت بكتب الله المنزلة على أنبيائه مثل التوراة و الإنجيل و من وحد فالمراد به الإنجيل « و كانت من القانتين » أي المطيعين لله سبحانه و الدائمين على طاعته و يجوز أن يكون من القنوت في الصلاة و يجوز أن يريد بالقانتين رهطها و عشيرتها الذين كانت مريم
مجمع البيان ج : 10 ص : 480

منهم و كانوا أهل بيت صلاح و طاعة و لم يقل من القانتات لتغليب المذكر على المؤنث و جاءت الرواية عن معاذ بن جبل قال دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على خديجة و هي تجود بنفسها فقال أكره ما نزل بك يا خديجة و قد جعل الله في الكره خيرا كثيرا فإذا قدمت على ضراتك فاقرئيهن مني السلام قالت يا رسول الله و من هن قال مريم بنت عمران و آسية بنت مزاحم و حليمة أو كليمة أخت موسى شك الراوي فقالت بالرفاء و البنين و عن أبي موسى عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال كمل من الرجال كثير و لم يكمل من النساء إلا أربع آسية بنت مزاحم امرأة فرعون و مريم بنت عمران و خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) .

مجمع البيان ج : 10 ص : 481
( 67 ) سورة الملك مكية و آياتها ثلاثون ( 30 )
و تسمى سورة المنجية لأنها تنجي صاحبها من عذاب القبر و قد ورد به الخبر و تسمى الواقية لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنها الواقية من عذاب القبر و هي مكية .

عدد آيها

إحدى و ثلاثون آية مكي و المدني الأخير و ثلاثون آية في الباقين .

اختلافها

آية واحدة « قد جاءنا نذير » مكي و المدني الأخير .

فضلها

أبي بن كعب عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال و من قرأ سورة تبارك فكأنما أحيا ليلة القدر و عن ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وددت أن تبارك الملك في قلب كل مؤمن و عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال أن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل فأخرجته يوم القيامة من النار و أدخلته الجنة و هي سورة تبارك و عن ابن مسعود قال إذا وضعت الميت في قبره يؤتى من قبل رجليه فيقال له ليس لكم عليه سبيل لأنه قد كان يقوم بسورة الملك ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول لسانه ليس لكم عليه سبيل لأنه كان يقرأ بي سورة الملك ثم قال هي الممانعة من عذاب القبر و هي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة فقد أكثر و أطيب و روى الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن سدير الصيرفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر و هي مكتوبة في التوراة سورة الملك و من قرأها في ليلة فقد أكثر و أطاب و لم يكتب من الغافلين و إني لأركع بها بعد العشاء الآخرة و أنا جالس و إن الذي كان يقرأها في حياته في يومه و ليلته إذا دخل عليه في قبره ناكر و نكير من قبل رجليه قالت رجلاه لهما ليس لكما إلى ما قبلي سبيل قد كان هذا العبد يقوم علي فيقرأ سورة الملك في كل يوم و ليلة فإذا أتياه من قبل جوفه قال لهما ليس لكما إلى ما
مجمع البيان ج : 10 ص : 482
قبلي سبيل كان هذا العبد و قد وعى سورة الملك و إذا أتياه من قبل لسانه قال لهما ليس لكما إلى ما قبلي سبيل قد كان هذا العبد يقرأ في كل يوم و ليلة سورة الملك .
أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من قرأ سورة تبارك الذي بيده الملك في المكتوبة قبل أن ينام لم يزل في أمان الله حتى يصبح و في أمانه يوم القيامة حتى يدخل الجنة إن شاء الله .

تفسيرها

لما ختم الله سبحانه تلك السورة بأن الوصلة لا تنفع إلا بالطاعة و أصل الطاعة المعرفة و التصديق بالكلمات الإلهية افتتح هذه السورة بدلائل المعرفة و آيات الربوبية فقال : .
سورة الملك
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَبَرَك الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْك وَ هُوَ عَلى كلِّ شىْء قَدِيرٌ(1) الَّذِى خَلَقَ الْمَوْت وَ الحَْيَوةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكمْ أَحْسنُ عَمَلاً وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ(2) الَّذِى خَلَقَ سبْعَ سمَوَت طِبَاقاً مَّا تَرَى فى خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَوُت فَارْجِع الْبَصرَ هَلْ تَرَى مِن فُطور(3) ثمَّ ارْجِع الْبَصرَ كَرَّتَينِ يَنقَلِب إِلَيْك الْبَصرُ خَاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ(4) وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصبِيحَ وَ جَعَلْنَهَا رُجُوماً لِّلشيَطِينِ وَ أَعْتَدْنَا لهَُمْ عَذَاب السعِيرِ(5)

القراءة

قرأ حمزة و الكسائي من تفوت بتشديد الواو من غير ألف و هي قراءة الأعمش و الباقون « تفاوت » بالألف .

الحجة

قال أبو الحسن تفاوت أجود لأنهم يقولون تفاوت الأمر و لا يكادون يقولون تفوت الأمر قال و هي أظن لغة قال سيبويه قد يكون فاعل و فعل بمعنى نحو ضاعف و ضعف و تفاعل مطاوع فاعل كما أن تفعل مطاوع فعل فعلى هذا القياس يكون تفاعل و تفعل بمعنى و تفاوت و تفوت بمعنى .

مجمع البيان ج : 10 ص : 483

اللغة

تبارك أصله من البرك و هو ثبوت الطائر على الماء و البركة ثبوت الخير بنمائه و قوله « طباقا » مصدر طوبقت طباقا فهي مطبق بعضها على بعض عن الزجاج و قيل هو جمع طبق مثل جمل و جمال و التفاوت الاختلاف و الاضطراب و الفطور الشقوق و الصدوع من الفطر و هو الشق الخاسىء الذليل الصاغر و قيل هو البعيد مما يريده منه و قيل للكلب اخسأ و الحسير من الإبل المعيي الذي لا فضل فيه للسير قال :
بها جيف الحسرى فأما عظامها
فبيض و أما جلدها فصليب و السعير النار المسعرة و أعتدنا أصله أعددنا أي هيأنا فأبدلت الدال تاء .

الإعراب

« الذي خلق » بدل من « الذي بيده الملك » و يجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف فعلى هذا الوجه يجوز الوقف على ما قبله و على الوجه الأول لا يجوز و قوله « أيكم أحسن عملا » تعليق لأن التقدير ليبلوكم فيعلم أيكم أحسن عملا و ارتفع أي بالابتداء و إنما لم يعمل فيه ما قبله لأنه على أصل الاستفهام و طباقا نصب على الحال إذا أردنا في سماوات معنى الألف و اللام و إن جعلناها نكرة كان طباقا صفتها و قوله « كرتين » منصوب على المصدر أي رجعتين .

المعنى

أخبر سبحانه عن عظمته و علو شأنه و كمال قدرته فقال « تبارك » أي تعالى و جل عما لا يجوز عليه في ذاته و أفعاله عن أبي مسلم و قيل معناه تعالى بأنه الثابت الذي لم يزل و لا يزال و قيل معناه تعاظم بالحق من ثبوت الأشياء به إذ لولاه لبطل كل شيء لأنه لا يصح سواه شيء إلا و هو مقدوره أو مقدور مقدوره الذي هو القدرة و قيل معناه تعالى من جميع البركات منه إلا أن هذا المعنى مضمر في الصفة غير مصرح به و إنما المصرح به أنه تعالى باستحقاق التعظيم « الذي بيده الملك » و الملك هو اتساع المقدور لمن له السياسة و التدبير و معناه الذي هو المالك و له الملك يؤتيه من يشاء و يتصرف فيه كما يشاء و إنما ذكر اليد تأكيدا و لأن أكثر التصرفات و العطايا باليد « و هو على كل شيء قدير » من إنعام و انتقام و قيل معناه أنه قادر على كل شيء يصح أن يكون مقدورا له و هو أخص من قولنا و هو بكل شيء عليم لأنه لا شيء إلا و يجب أن يعلمه إذ لا شيء إلا و يصح أن يكون معلوما في نفسه و لا يوصف سبحانه بكونه قادرا على ما لا يصح أن يكون مقدورا في نفسه مثل ما تقضي وقته مما لا يبقى ثم وصف سبحانه نفسه فقال « الذي خلق الموت و الحياة » أي خلق الموت
مجمع البيان ج : 10 ص : 484
للتعبد بالصبر عليه و الحياة للتعبد بالشكر عليها و قيل خلق الموت للاعتبار و الحياة للتزود و قيل إنما قدم ذكر الموت على الحياة لأنه إلى القهر أقرب كما قدم البنات على البنين في قوله « يهب لمن يشاء إناثا » الآية و قيل إنما قدمه لأنه أقدم فإن الأشياء في الابتداء كانت في حكم الأموات كالنطفة و التراب ثم اعترضت الحياة « ليبلوكم أيكم أحسن عملا » أي ليعاملكم معاملة المختبر بالأمر و النهي فيجازي كل عامل بقدر عمله و قيل ليبلوكم أيكم أكثر للموت ذكرا و أحسن له استعدادا و أحسن صبرا على موته و موت غيره و أيكم أكثر امتثالا للأوامر و اجتنابا عن النواهي في حال حياته قال أبو قتادة سألت النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) عن قوله تعالى « أيكم أحسن عملا » ما عنى به فقال يقول أيكم أحسن عقلا ثم قال أتمكم عقلا و أشدكم لله خوفا و أحسنكم فيما أمر الله به و نهى عنه نظرا و إن كان أقلكم تطوعا و عن ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه تلا قوله تعالى « تبارك الذي بيده الملك » إلى قوله « أيكم أحسن عملا » ثم قال أيكم أحسن عقلا و أورع عن محارم الله و أسرع في طاعة الله و عن الحسن أيكم أزهد في الدنيا و أترك لها « و هو العزيز » في انتقاله ممن عصاه « الغفور » لمن تاب إليه أو لمن أراد التفضل عليه بإسقاط عقابه و التكليف إنما يصح بالترغيب و الترهيب لأن معناه تحمل المشقة في الأمر و النهي ثم عاد سبحانه إلى وصف نفسه فقال « الذي خلق سبع سماوات » أي أنشأهن و اخترعهن « طباقا » واحدة فوق الأخرى و قيل أراد بالمطابقة المشابهة أي يشبه بعضها بعضا في الإتقان و الأحكام و الاتساق و الانتظام « ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت » أي اختلاف و تناقض من طريق الحكمة بل ترى أفعاله كلها سواء في الحكمة و إن كانت متفاوتة في الصور و الهيئات يعني في خلق الأشياء على العموم و في هذا دلالة على أن الكفر و المعاصي لا يكون من خلق الله تعالى لكثرة التفاوت في ذلك و قيل معناه ما ترى يا ابن آدم في خلق السماوات من عيب و اعوجاج بل هي مستقيمة مستوية كلها مع عظمها « فارجع البصر » أي فرد البصر و أدره في خلق الله و استقص في النظر مرة بعد أخرى و التقدير أنظر ثم ارجع النظر في السماء « هل ترى من فطور » أي شقوق و فتوق عن سفيان و قيل من وهن و خلل عن ابن عباس و قتادة « ثم ارجع البصر كرتين » أي ثم كرر النظر مرتين لأن من نظر في الشيء كرة بعد أخرى بأن له ما لم يكن بائنا و قيل معناه أدم النظر و التقدير ارجع البصر مرة بعد أخرى و لا يريد حقيقة التثنية لقوله « و هو حسير » و لا يصير حسيرا بمرتين و نظيره قولهم لبيك و سعديك أي إلبابا بعد إلباب و إسعادا بعد إسعاد يعني كلما دعوتني فأنا ذو إجابة بعد إجابة و ذو ثبات بمكاني بعد ثبات من قولهم لب بالمكان و ألب إذا ثبت و أقام و هو نصب على المصدر أي أجيبك إجابة بعد إجابة « ينقلب إليك البصر
مجمع البيان ج : 10 ص : 485

خاسئا » أي يرجع إليك بصرك بعيدا عن نيل المراد ذليلا صاغرا عن ابن عباس كأنه ذل كذلة من طلب شيئا فلم يجده و أبعد عنه « و هو حسير » أي كال معي عن قتادة و التحقيق أن بصر هذا الناظر بعد الإعياء يرجع إليه بعيدا عن طلبته خائبا في بغيته ثم أقسم سبحانه فقال « و لقد زينا السماء الدنيا » لأن هذه اللام هي التي يتلقى بها القسم أي حسنا السماء الدنيا يعني التي هي أدنى إلى الأرض و هي التي يراها الناس « بمصابيح » واحدها مصباح يعني الكواكب سماها المصابيح لإضاءتها و هي السرج « و جعلناها رجوما للشياطين » الذين يسترقون السمع و قيل ينفصل من الكواكب شهب تكون رجوما للشياطين فأما الكواكب أنفسها فليست تزول إلى أن يريد الله تعالى إفناءها عن الجبائي « و أعتدنا لهم عذاب السعير » يعني أنا جعلنا مع الكواكب رجوما للشياطين هيأنا لهم و ادخرنا لأجلهم عذاب النار المسعرة المشعلة و في هذا دلالة على أن الشياطين مكلفة .
وَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبهِمْ عَذَاب جَهَنَّمَ وَ بِئْس الْمَصِيرُ(6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سمِعُوا لهََا شهِيقاً وَ هِىَ تَفُورُ(7) تَكادُ تَمَيزُ مِنَ الْغَيْظِ كلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سأَلهَُمْ خَزَنَتهَا أَ لَمْ يَأْتِكمْ نَذِيرٌ(8) قَالُوا بَلى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَ قُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شىْء إِنْ أَنتُمْ إِلا فى ضلَل كَبِير(9) وَ قَالُوا لَوْ كُنَّا نَسمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فى أَصحَبِ السعِيرِ(10) فَاعْترَفُوا بِذَنبهِمْ فَسحْقاً لأَصحَبِ السعِيرِ(11)

القراءة

قرأ أبو جعفر و الكسائي فسحقا بضمتين و الباقون بالتخفيف .

الحجة


سحق و سحق مثل عنق و عنق و طنب و طنب و نحو ذلك و كلاهما حسن .

اللغة

الشهيق صوت تقطيع النفس كالنزع و إذا اشتد لهيب النار سمع منها ذلك الصوت كأنها تطلب الوقود قال رؤبة :
مجمع البيان ج : 10 ص : 486


حشرج في الجوف سحيلا أو شهق
حتى يقال ناهق و ما نهق و قيل إن الشهيق في الصدر و الزفير في الحلق و الفور ارتفاع الشيء بالغليان يقال فارت القدر تفور و منه الفوارة لارتفاعها بالماء ارتفاع الغليان و منه فار الدم من الجرح و فار الماء من الأرض و السحق البعد يقال أسحقهم الله إسحاقا و سحقا أي ألزمهم الله سحقا عن الخير فجاء المصدر على غير لفظه كما قال و الله أنبتكم من الأرض نباتا و تقديره فأسحقهم إسحاقا و أما سحقته سحقا فمعناه باعدته بالتفريق عن حال اجتماعه حتى صار كالغبار .

المعنى

لما تقدم وعيد الشياطين الذين دعوا إلى الكفر و الضلال أتبعه سبحانه بذكر الكفار الضلال فقال « و للذين كفروا بربهم عذاب جهنم و بئس المصير » أي بئس المال و المرجع و إنما وصف ببئس و هو من صفات الذم و العقاب حسن لما في ذلك من الضرر الذي يجب على كل عاقل أن يتقيه بغاية الجهد و لا يجوز قياسا على ذلك أن يوصف به فاعل العقاب لأنه لا يقال بئس الرجل إلا على وجه الذم و وجه الحكمة في فعل العقاب ما فيه من الزجر المتقدم للمكلف و لا يمكن أن يكون مزجورا إلا به و لولاه لكان مغرى بالقبيح « إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا » أي إذا طرح الكفار في النار سمعوا للنار صوتا فظيعا مثل صوت القدر عند فورانها و غليانها فيعظم بسماع ذلك عذابهم لما يرد على قلوبهم من قوله « و هي تفور » أي تغلي بهم كغلي المرجل « تكاد تميز » أي تتقطع و تتفرق « من الغيظ » أي شدة الغضب سمى سبحانه شدة التهاب النار غيظا على الكفار لأن المغتاظ هو المتقطع مما يجد من الألم الباعث على الإيقاع بغيره فحال جهنم كحال المتغيظ « كلما ألقي فيها » أي كلما طرح في النار « فوج » من الكفار « سألهم خزنتها أ لم يأتكم نذير » أي تقول لهم الملائكة الموكلون بالنار على وجه التبكيت لهم في صيغة الاستفهام أ لم يجئكم مخوف من جهة الله سبحانه يخوفكم عذاب هذه النار « قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا و قلنا ما نزل الله من شيء » أي فيقولون في جوابهم بلى قد جاءنا مخوف فلم نصدقه و كذبناه و لم نقبل منه بل قلنا له ما نزل الله شيئا مما تدعونا إليه و تحذرنا منه فتقول لهم الملائكة « إن أنتم إلا في ضلال كبير » أي لستم اليوم إلا في عذاب عظيم و قيل معناه قلنا للرسل ما أنتم إلا في ضلال أي ذهاب عن الصواب كبير في قولكم أنزل الله علينا كتابا « و قالوا لو كنا نسمع أو نعقل » من النذر ما جاءونا به و دعونا إليه و عملنا بذلك « ما كنا في
مجمع البيان ج : 10 ص : 487
أصحاب السعير » و قال الزجاج لو كنا نسمع سمع من يعي و يفكر و نعقل عقل من يميز و ينظر ما كنا من أهل النار و في الحديث عن ابن عمر أن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال إن الرجل ليكون من أهل الجهاد و من أهل الصلاة و الصيام و ممن يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و ما يجزي يوم القيامة إلا على قدر عقله و عن أنس بن مالك قال أثنى قوم على رجل عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كيف عقل الرجل قالوا يا رسول الله نخبرك عن اجتهاده في العبادة و أصناف الخير و تسألنا عن عقله فقال إن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر و إنما يرتفع العباد غدا في الدرجات و ينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم ثم قال سبحانه « فاعترفوا بذنبهم » في ذلك الوقت الذي لا ينفعهم فيه الإقرار و الاعتراف و الإقرار مشتق من قر الشيء يقر قرارا إذا ثبت و الاعتراف مأخوذ من المعرفة و الذنب مصدر لا يثنى و لا يجمع و متى جمع فلاختلاف جنسه « فسحقا لأصحاب السعير » هذا دعاء عليهم أي أسحقهم الله و أبعدهم من النجاة سحقا و إذا قيل ما وجه اعترافهم بالذنب مع ما عليهم من الفضيحة به فالجواب أنهم قد علموا حصولهم على الفضيحة اعترفوا أم لم يعترفوا فليس يدعوهم إلى أحد الأمرين إلا مثل ما يدعوهم إلى الآخر في أنه لا فرج فيه فاستوى الأمران عليهم الاعتراف و ترك الاعتراف و الجزع و ترك الجزع .

مجمع البيان ج : 10 ص : 488
إِنَّ الَّذِينَ يخْشوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ(12) وَ أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصدُورِ(13) أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيف الخَْبِيرُ(14) هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأَرْض ذَلُولاً فَامْشوا فى مَنَاكِبهَا وَ كلُوا مِن رِّزْقِهِ وَ إِلَيْهِ النُّشورُ(15) ءَ أَمِنتُم مَّن فى السمَاءِ أَن يخْسِف بِكُمُ الأَرْض فَإِذَا هِىَ تَمُورُ(16) أَمْ أَمِنتُم مَّن فى السمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَستَعْلَمُونَ كَيْف نَذِيرِ(17) وَ لَقَدْ كَذَّب الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْف كانَ نَكِيرِ(18) أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلى الطيرِ فَوْقَهُمْ صفَّت وَ يَقْبِضنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكلِّ شىْءِ بَصِيرٌ(19) أَمَّنْ هَذَا الَّذِى هُوَ جُندٌ لَّكمْ يَنصرُكم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَفِرُونَ إِلا فى غُرُور(20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِى يَرْزُقُكمْ إِنْ أَمْسك رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فى عُتُوّ وَ نُفُور(21)

القراءة

قرأ ابن كثير النشور و أمنتم و قرأ أبو جعفر و نافع و أبو عمرو و يعقوب بهمزة واحدة ممدودة و هو تحقيق الهمزة الأولى و تخفيف الثانية بأن تجعل بين بين و قرأ الباقون « أ أمنتم » بهمزتين .

الحجة

أما الأول فهو تخفيف الهمزة الأولى بأن جعلت واوا و هذا في المنفصل نظير قولهم في المتصل التؤدة و جون في جمع جؤنة فأما الهمزة التي هي فاء من قولهم « أ أمنتم » بعد تخفيف الأولى بقلبها واوا فإنه يجوز فيه التحقيق و التخفيف فإن حقق كان لفظه النشور و أمنتم و إن خفف كان القياس أن تجعل بين بين أعني بين الألف و الهمزة لتحركها بالفتحة و من قال
لا هناك المرتع و قلبها ألفا كان القياس أن يقول هنا النشور و أمنتم بقلبها ألفا محضة و سيبويه يجيز هذا القلب في الشعر و غير حال السعة و كان قياس قول أبي عمرو على ما حكاه عنه سيبويه من أنه إذا اجتمع همزتان خفف الأولى منهما دون الثانية أن يقلب الأولى منهما هنا واوا كما فعله ابن كثير فأما الثانية فإن شاء حققها و إن شاء خففها و تخفيفها أن تجعل بين الهمزة و الألف و لعل أبا عمرو ترك هذا القول في هذا الموضع فأخذ فيه بالوجه الآخر و هو تخفيف الثانية منهما إذا التقتا دون الأولى .

اللغة

اللطف من الله الرأفة و الرحمة و الرفق و اللطيف الرفيق بعبادة يقال لطف به يلطف لطفا إذا رفق به و الذلول من المراكب ما لا صعوبة فيه و مناكب الأرض ظهورها و منكب كل شيء أعلاه و أصله الجانب و منه منكب الرجل و الريح النكباء و النشور الحياة بعد الموت يقال نشر الميت ينشر نشورا إذا عاش و أنشره الله أحياه قال الأعشى :
مجمع البيان ج : 10 ص : 489


حتى يقول الناس مما رأوا
يا عجبا للميت الناشر و أصله من النشر ضد الطي و الحاصب الحجارة التي ترمي بها كالحصاء و حصبه بالحصاة يحصبه حصبا إذا رماه بها و يقال للذي يرمي به حاصب أي ذو حصب .

الإعراب


« بالغيب » في موضع نصب على الحال « أ لا يعلم من خلق » فيه وجوه ( أحدها ) أن يكون « من خلق » في موضع رفع بأنه فاعل يعلم و التقدير أ لا يعلم من خلق الخلق ضمائر صدورهم ( الثاني ) أن يكون « من خلق » في موضع نصب بأنه مفعول به و تقديره أ لا يعلم الله من خلقه ( و الثالث ) أن يكون استفهاما في موضع نصب بأنه مفعول و فاعل خلق الضمير المستكن فيه العائد إلى الله تعالى و الأول أصح الوجوه و قوله « أن يخسف بكم الأرض » في موضع نصب بأنه بدل من في قوله « من في السماء » و هو بدل الاشتمال « فإذا هي تمور » إذا ظرف المفاجاة و هو معمول .
قوله « و هي تمور » جملة في موضع نصب على الحال من « يخسف بكم الأرض » و ذو الحال الأرض « و أن يرسل » بدل أيضا مثل قوله « أن يخسف » و قوله « كيف نذير » مبتدأ و خبر و الخبر مقدم و الجملة متعلقة بقوله « فستعلمون » و التقدير فستعلمون محذور إنذاري أم لا و قوله « فكيف كان نكير » كيف هنا خبر كان و قوله « و يقبضن » معطوف على « صافات » و إنما عطف الفعل على الاسم و من الأصل المقرر أن الفعل لا يعطف إلا على الفعل كما أن الاسم لا يعطف إلا على الاسم لأنه و إن كان فعلا فهو في موضع الحال فتقديره تقدير اسم فاعل و صافات حال فجاز أن يعطف عليه فكأنه قال صافات و قابضات و قد جاء مثل هذا في الشعر قال :
بات يعشيها بعضب باتر
يعدل في أسوقها و جائر « أمن هذا الذي هو جند لكم » من هنا استفهام في موضع رفع بالابتداء دخل عليه أم المنقطعة و هذا مبتدأ ثان و الذي خبره و قد وصل بالمبتدإ و الخبر و هو قوله « هو جند لكم » و « ينصركم » صفة الجند .

مجمع البيان ج : 10 ص : 490

المعنى

لما تقدم الوعيد عقبه سبحانه بالوعد فقال « إن الذين يخشون ربهم بالغيب » أي يخافون عذاب ربهم باتقاء معاصيه و فعل طاعاته على وجه الاستسرار بذلك لأن الخشية متى كانت بالغيب على ما ذكرنا كانت بعيدة من الرياء خالصة لوجه الله و خشية الله بالغيب تنفع بأن يستحق عليها الثواب و خشيته في الظاهر بترك المعاصي لا يستحق بها الثواب فإذا الخشية بالغيب أفضل لا محالة و قيل بالغيب معناه أنه يخشونه و لم يروه فيؤمنون به خوفا من عذابه و قيل يخافونه حيث لا يراهم مخلوق لأن أكثر ما ترتكب المعاصي إنما ترتكب في حال الخلوة فهم يتركون المعصية لئلا يجعلوا الله سبحانه أهون الناظرين إليهم و لأن من تركها في هذه الحال تركها في حال العلانية أيضا « لهم مغفرة » لذنوبهم « و أجر كبير » أي عظيم في الآخرة لا فناء له ثم قال سبحانه مهددا للعصاة « و أسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور » يعني أنه عالم بإخلاص المخلص و نفاق المنافق فإن شئتم فأظهروا القول و إن شئتم فأبطنوه فإنه عليم بضمائر القلوب و من علم إضمار القلب علم أسرار القول قال ابن عباس كانوا ينالون من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيخبره به جبرئيل فقال بعضهم لبعض أسروا قولكم لكيلا يسمع آل محمد فنزلت الآية « أ لا يعلم من خلق » قيل في معناه وجوه ( أحدها ) أ لا يعلم ما في الصدور من خلق الصدور ( و ثانيها ) أ لا يعلم سر العبد من خلقه أي من خلق العبد فعلى الوجهين يكون « من خلق » بمعنى الخالق ( و ثالثها ) أن يكون من خلق بمعنى المخلوق و المعنى أ لا يعلم الله مخلوقة « و هو اللطيف » أي العالم بما لطف و دق و قيل اللطيف بعباده من حيث يدبرهم بألطف التدبير و اللطيف التدبير من يدبر تدبيرا نافذا لا يجفو عن شيء يدبره به و قيل اللطيف من كان فعله في اللطف بحيث لا يهتدي إليه غيره و هو فعيل بمعنى فاعل كالقدير و العليم و قيل هو بمعنى الملطف كالبديع بمعنى المبدع و قيل اللطيف الذي يكلف اليسير و يعطي الكثير « الخبير » العالم بالعباد و أعمالهم ثم عدد سبحانه أنواع نعمه ممتنا على عباده بذلك فقال « هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا » أي سهلة ساكنة مسخرة تعملون فيها ما تشتهون و قيل ذلولا لم يجعلها بحيث يمتنع المشي فيها بالحزونة و الغلظ و قيل ذلولا موطأة للتصرف فيها و المسير عليها و يمكنكم زراعتها « فامشوا في مناكبها » أي في طرقها و فجاجها عن مجاهد و قيل في جبالها لأن منكب كل شيء أعلاه عن ابن عباس و قتادة ثم إن كان هذا أمر ترغيب فالمراد فامشوا في طاعة الله و إن كان للإباحة فقد أباح المشي فيها لطلب المنافع في التجارات « و كلوا من رزقه » أي كلوا مما أنبت الله في الأرض و الجبال من الزروع و الأشجار حلالا « و إليه النشور » أي و إلى حكمه المرجع في القيامة و قيل معناه و إليه الإحياء للمحاسبة فهو مالك النشور و القادر عليه عن الجبائي ثم
مجمع البيان ج : 10 ص : 491

هدد سبحانه الكفار زاجرا لهم عن ارتكاب معصيته و الجحود لربوبيته فقال « أ أمنتم من في السماء » أي أمنتم عذاب من في السماء سلطانه و أمره و نهيه و تدبيره لا بد أن يكون هذا معناه لاستحالة أن يكون الله جل جلاله في مكان أو في جهة و قيل يعني بقوله « من في السماء » الملك الموكل بعذاب العصاة « أن يخسف بكم الأرض » يعني أن يشق الأرض فيغيبكم فيها إذا عصيتموه « فإذا هي تمور » أي تضطرب و تتحرك و المعنى أن الله يحرك الأرض عند الخسف بهم حتى تضطرب فوقهم و هم يخسفون فيها حتى تلقيهم إلى أسفل و المور التردد في الذهاب و المجيء مثل الموج « أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا » أي ريحا ذات حجر كما أرسل على قوم لوط حجارة من السماء و قيل سحابا يحصب عليكم الحجارة « فستعلمون » حينئذ « كيف نذير » أي كيف إنذاري إذا عاينتم العذاب « و لقد كذب الذين من قبلهم » رسلي و جحدوا وحدانيتي « فكيف كان نكير » أي عقوبتي و تغييري ما بهم من النعم و قيل كيف رأيتم إنكاري عليهم بإهلاكهم و استئصالهم ثم نبه سبحانه على قدرته على الخسف و إرسال الحجارة فقال « أ و لم يروا إلى الطير فوقهم صافات » تصف أجنحتها في الهواء فوق رءوسهم « و يقبضن » أجنحتهن بعد البسط و هذا معنى الطيران و هو بسط الجناح و قبضه بعد البسط أي يضربن بأرجلهن و يبسطن أجنحتهن تارة و يقبضن أخرى فالجو للطائر كالماء للسابح و قيل معناه أن من الطير ما يضرب بجناحه فيصف و منه ما يمسكه فيدف و منه الصفيف و الدفيف « ما يمسكهن إلا الرحمن » بتوطئة الهواء لهن و لو لا ذلك لسقطن و في ذلك أعظم دلالة و أوضح برهان و حجة بأن من سخر الهواء هذا التسخير على كل شيء قدير و الصف وضع الأشياء المتوالية على خط مستقيم و القبض جمع الأشياء عن حال البسط و الإمساك اللزوم المانع من السقوط عن علي بن عيسى « إنه بكل شيء بصير » أي بجميع الأشياء عليم « أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن » هذا استفهام إنكار أي لا جند لكم ينصركم مني و يمنعكم من عذابي إن أردت عذابكم عن ابن عباس و لفظ الجند موحد و لذلك قال « هذا الذي » و كأنه سبحانه يقول للكفار بأي قوة تعصونني أ لكم جند يدفع عنكم عذابي بين بذلك أن الأصنام لا يقدرون على نصرتهم « إن الكافرون إلا في غرور » أي ما الكافرون إلا في غرور من الشيطان يغرهم بأن العذاب لا ينزل بهم و قيل معناه ما هم إلا في أمر لا حقيقة له من عبادة الأوثان يتوهمون أن ذلك ينفعهم و الأمر بخلافه « أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه » أي الذي يرزقكم إن أمسك الله الذي هو رازقكم أسباب رزقه عنكم و هو المطر هاهنا « بل لجوا في عتو و نفور » أي ليسوا يعتبرون فينظرون بل تمادوا و استمروا في اللجاج و جاوزوا الحد في
مجمع البيان ج : 10 ص : 492
تماديهم و نفورهم عن الحق و تباعدهم عن الإيمان لما كان للمشركين صوارف كثيرة عن عبادة الأوثان و هم كانوا يتقحمون بذلك على العصيان فقد لجوا في عتوهم قال الفراء قوله « من هذا الذي يرزقكم » الآية تعريف حجة ألزمها الله العباد فعرفوا فأقروا بها و لم يردوا لها جوابا فقال سبحانه « بل لجوا في عتو و نفور » .
أَ فَمَن يَمْشى مُكِباًّ عَلى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشى سوِياًّ عَلى صِرَط مُّستَقِيم(22) قُلْ هُوَ الَّذِى أَنشأَكمْ وَ جَعَلَ لَكمُ السمْعَ وَ الأَبْصرَ وَ الأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشكُرُونَ(23) قُلْ هُوَ الَّذِى ذَرَأَكُمْ فى الأَرْضِ وَ إِلَيْهِ تحْشرُونَ(24) وَ يَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صدِقِينَ(25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَ إِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ(26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَت وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هَذَا الَّذِى كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ(27) قُلْ أَ رَءَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنىَ اللَّهُ وَ مَن مَّعِىَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يجِيرُ الْكَفِرِينَ مِنْ عَذَاب أَلِيم(28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ ءَامَنَّا بِهِ وَ عَلَيْهِ تَوَكلْنَا فَستَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فى ضلَل مُّبِين(29) قُلْ أَ رَءَيْتُمْ إِنْ أَصبَحَ مَاؤُكمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكم بِمَاء مَّعِينِ(30)

القراءة

قرأ يعقوب تدعون ساكنة الدال خفيفة و هو قراءة الحسن و الضحاك و قتادة و الباقون « تدعون » بالتشديد و قرأ الكسائي فسيعلمون بالياء و الباقون بالتاء .

الحجة

أما قوله تدعون فالمعنى هذا الذي كنتم به تدعون الله كقوله تعالى « سأل سائل بعذاب واقع » و أما « تدعون » بالتشديد فمعناه تتداعون بوقوعه قال ابن جني
مجمع البيان ج : 10 ص : 493
يعني كان الدعوة بوقوعه فاشية بينكم كقوله تعالى في معنى العموم « و لا تنابزوا بالألقاب » أي لا يفش هذا فيكم و ليس معنى تدعون هنا من ادعاء الحقوق و إنما بمعنى تتداعون من الدعاء لا من الدعوى كما في قول الشاعر
فما برحت خيل تثوب و تدعي يعني تتداعى بينهما يا لفلان .

اللغة

يقال كببته فأكب و هو نادر مثل قشعت الريح السحاب فاقشعت و نزفت البئر فأنزفت أي ذهب ماؤها و نسلت ريش الطائر فأنسل و الزلفة القربة و هو مصدر يستوي فيه الواحد و الجمع و منه المزدلفة لقربه من مكة و قد تجمع الزلفة زلفا قال العجاج :
ناج طواه الأين مما وجفا
طي الليالي زلفا فزلفا و ساءه الأمر يسوؤه سوءا أي غمه و حزنه و منه أساء يسيء إذا فعل ما يؤدي إلى الغم و ماء غور أي غائر وصف بالمصدر مبالغة كما يقال هؤلاء زور فلان و ضيفه و المعين قيل أنه مفعول مأخوذ من العين فعلى هذا يكون مثل مبيع من البيع و قيل أنه من الإمعان في الجري فعلى هذا يكون على وزن فعيل فكأنه قيل ممعن في الإسراع و الظهور .

الإعراب

قليلا صفة مصدر محذوف أي تشكرون شكرا قليلا و ما مزيدة « فستعلمون من هو في ضلال مبين » يحتمل أن يكون من استفهاما فيكون اسما موصولا قال أبو علي دخلت الفاء في قوله « فمن يجير » و قوله « فمن يأتيكم » لأن أ رأيتم بمعنى انتبهوا أي انتبهوا فمن يجير و انتبهوا فمن يأتيكم كما تقول قم فزيد قائم قال و لا يكون الفاء جواب الشرط و إنما يكون جواب الشرط مدلول « أ رأيتم » قال و إن شئت كان الفاء زائدة مثلها في قوله « فلا تحسبنهم » و يكون الاستفهام سادا مسدة مفعولي أ رأيتم كقولهم أ رأيت زيدا ما فعل و هذا من دقائقه .

المعنى

ثم ضرب سبحانه مثلا للكافر و المؤمن فقال « أ فمن يمشي مكبا على وجهه » أي منكسا رأسه إلى الأرض فهو لا يبصر الطريق و لا من يستقبله ينظر أمامه و لا يمينه و لا شماله و هو الكافر المقلد لا يدري أ محق هو أم مبطل هذا « أهدى أم من يمشي سويا » أي مستويا قائما يبصر الطريق و جميع جهاته كلها فيضع قدمه حيث لا يعثر و هو المؤمن الذي سلك طريق الحق و عرفه و استقام عليه و أمكنه دفع المضار عن نفسه و جلب المنافع إليها « على صراط مستقيم » أي على طريق واضح قيم و هذا معنى قول ابن عباس و مجاهد و قيل
مجمع البيان ج : 10 ص : 494
أن هذا في الآخرة يحشر الله الكافر مكبا على وجهه يوم القيامة كما قال و نحشرهم يوم القيامة على وجوههم عن قتادة « قل » يا محمد لهؤلاء الكفار « هو الذي أنشأكم » بأن أخرجكم من العدم إلى الوجود « و جعل لكم السمع » تسمعون به المسموعات « و الأبصار » تبصرون بها المبصرات « و الأفئدة » يعني القلوب تعقلون بها و تتدبرون فأعطاكم آلات التفكر و التمييز و الوصول إلى العلم « قليلا ما تشكرون » أي تشكرون قليلا و قيل معناه قليلا شكركم فتكون ما مصدرية « قل » لهم يا محمد « هو » الله تعالى « الذي ذرأكم » أي خلقكم « في الأرض و إليه تحشرون » منها أي تبعثون إليه يوم القيامة فيجازيكم على أعمالكم ثم حكى سبحانه ما كان يقوله الكفار مستبطئين عذاب الله مستهزئين بذلك فقال « و يقولون متى هذا الوعد » من الخسف و الحاصب أو البعث و الجزاء « إن كنتم صادقين » في أن ذلك يكون « قل » يا محمد « إنما العلم عند الله » يعني علم الساعة « و إنما أنا نذير » مخوف لكم به « مبين » أي مبين لكم ما أنزل الله إلى من الوعد و الوعيد و الأحكام ثم ذكر سبحانه حالهم عند نزول العذاب و معاينته فقال « فلما رأوه زلفة » أي فلما رأوا العذاب قريبا يعني يوم بدر عن مجاهد و قيل معاينة عن الحسن و قيل أن اللفظ ماض و المراد به المستقبل و المعنى إذا بعثوا و رأوا القيامة قد قامت و رأوا ما أعد لهم من العذاب و هذا قول أكثر المفسرين « سيئت وجوه الذين كفروا » أي اسودت وجوههم و علتها الك آبة يعني قبحت وجوههم بالسواد و قيل معناه ظهرت على وجوههم آثار الغم و الحسرة و نالهم السوء و الخزي « و قيل » لهؤلاء الكفار إذا شاهدوا العذاب « هذا الذي كنتم به تدعون » قال الفراء تدعون و تدعون واحد مثل تدخرون و تدخرون و المعنى كنتم به تستعجلون و تدعون الله بتعجيله و هو قولهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية عن ابن زيد و قيل هو تدعون من الدعوى أي تدعون أن لا جنة و لا نار عن الحسن و روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالأسانيد الصحيحة عن الأعمش قال لما رأوا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) عند الله من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا و عن أبي جعفر (عليه السلام) فلما رأوا مكان علي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) سيئت وجوه الذين كفروا يعني الذين كذبوا بفضله « قل » لهؤلاء الكفار « أ رأيتم إن أهلكني الله و من معي » بأن يميتنا « أو رحمنا » بتأخير آجالنا « فمن يجير الكافرين من عذاب أليم » استحقوه بكفرهم و ما الذي ينفعهم في دفع العذاب عنهم و قيل أن الكفار كانوا يتمنون موت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و موت أصحابه فقيل له قل لهم إن أهلكني الله و من معي ذلك بأن يميتني و يميت أصحابي فمن الذي ينفعكم و يؤمنكم من العذاب فإنه واقع بكم لا محالة و قيل معناه أ رأيتم أن عذبني الله و من معي أو رحمنا أي غفر لنا فمن يجيركم أي نحن مع إيماننا
مجمع البيان ج : 10 ص : 495
بين الخوف و الرجاء فمن يجيركم مع كفركم من العذاب و لا رجاء لكم كما للمؤمنين عن ابن عباس و ابن كيسان ثم قال « قل » لهؤلاء الكفار على وجه التوبيخ لهم « هو الرحمن » أي إن الذي أدعوكم إليه هو الرحمن الذي عمت نعمته جميع الخلائق « آمنا به و عليه توكلنا » أي عليه اعتمدنا و جميع أمورنا إليه فوضنا « فستعلمون » معاشر الكفار يوم القيامة « من هو في ضلال مبين » اليوم أ نحن أم أنتم و من قرأ بالياء فمعناه فسيعلم الكفار ذلك « قل أ رأيتم أن أصبح ماؤكم غورا » أي غائرا ناضبا في الآبار و العيون « فمن يأتيكم بماء معين » أي ظاهر للعيون عن أبي مسلم و الجبائي و قيل بماء جار عن ابن عباس و قتادة أراد سبحانه أنه المنعم بالأرزاق فاشكروه و اعبدوه و لا تشركوا به شيئا و ذكر مقاتل أنه أراد بقوله « ماؤكم » بئر زمزم و بئر ميمون و هي بئر عادية قديمة و كان ماؤهم من هاتين البئرين و المعين الذي تناله الدلاء و تراه العيون .

مجمع البيان ج : 10 ص : 496
( 68 ) سورة القلم مكية و آياتها ثنتان و خمسون ( 52 )
و تسمى أيضا سورة ن و هي مكية عن الحسن و عكرمة و عطاء و قال ابن عباس و قتادة من أولها إلى قوله « سنسمه على الخرطوم » مكي و ما بعده إلى قوله « لو كانوا يعلمون » مدني و ما بعده إلى قوله « يكتبون » مكي و ما بعده مدني و هي اثنتان و خمسون آية بالإجماع .

فضلها

أبي بن كعب قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و من قرأ سورة ن و القلم أعطاه ثواب الذين حسن أخلاقهم علي بن ميمون عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من قرأ سورة ن و القلم في فريضة أو نافلة آمنه الله أن يصيبه في حياته فقر أبدا و أعاذه إذا مات من ضمة القبر إن شاء الله .

تفسيرها


ختم الله سبحانه سورة الملك بذكر تكذيب الكفار و وعيدهم و افتتح هذه السورة بمثل ذلك فقال :
مجمع البيان ج : 10 ص : 497

سورة القلم
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ن وَ الْقَلَمِ وَ مَا يَسطرُونَ(1) مَا أَنت بِنِعْمَةِ رَبِّك بِمَجْنُون(2) وَ إِنَّ لَك لأَجْراً غَيرَ مَمْنُون(3) وَ إِنَّك لَعَلى خُلُق عَظِيم(4) فَستُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ(5) بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ(6) إِنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضلَّ عَن سبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(7) فَلا تُطِع الْمُكَذِّبِينَ(8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ(9) وَ لا تُطِعْ كلَّ حَلاف مَّهِين(10) هَمَّاز مَّشاءِ بِنَمِيم(11) مَّنَّاع لِّلْخَيرِ مُعْتَد أَثِيم(12) عُتُلِّ بَعْدَ ذَلِك زَنِيم(13) أَن كانَ ذَا مَال وَ بَنِينَ(14) إِذَا تُتْلى عَلَيْهِ ءَايَتُنَا قَالَ أَسطِيرُ الأَوَّلِينَ(15) سنَسِمُهُ عَلى الخُْرْطومِ(16)

القراءة

مضى ذكر اختلاف القراء في إظهار النون و إخفائها من نون في سورة ياسين فلا وجه لإعادته و قرأ أبو جعفر و ابن عامر و يعقوب و سهل آن كان بهمزة واحدة ممدودة على الاستفهام و قرأ أبو بكر عن عاصم و حمزة أ إن كان بهمزتين و قرأ الباقون « أن كان » بفتح الهمزة من غير استفهام .

الحجة

قال أبو علي « أن كان ذا مال » لا يخلو من أن يكون العامل فيه تتلى من قوله « إذا تتلى عليه آياتنا » أو قال من قوله « قال أساطير الأولين » أو شيء ثالث فلا يجوز أن يعمل واحد منهما فيه أ لا ترى أن تتلى قد أضيفت إذا إليه و المضاف إليه لا يعمل فيما قبله لا تقول القتال زيدا حين يأتي و لا يجوز أن يعمل فيه قال أيضا لأن قال جواب إذا و حكم الجواب أن يكون بعد ما هو جواب له و لا يتقدم عليه فكما لا يعمل فيه الفعل الأول فكذلك لا يعمل فيه الثاني فإذا لم يعمل فيه واحد من هذين الفعلين و ليس في الكلام غيرهما علمت أنه محمول على شيء آخر مما دل باقي الكلام عليه و الذي يدل عليه هذا الكلام من المعنى هو يجحد أو يكفر أو يستكبر عن قبول الحق و نحو ذلك و إنما جاز أن يعمل فيه المعنى و إن كان متقدما عليه لشبهه بالظرف و الظرف قد تعمل فيه المعاني و إن تقدم عليه و يدلك على مشابهته الظرف تقدير اللام معه و إن من النحويين من يقول أنه في موضع جر كما أنه لو كانت اللام معه ظاهرة كان كذلك و من قرأ بهمزة ممدودة فإنه يزيد همزة بعدها همزة مخففة .

اللغة

السطر الكتابة و هو وضع الحروف على خط مستقيم و استطر اكتتب و المسطر آلة التسطير و الممنون المقطوع يقال منه السير يمنه منا إذا قطعه و المنين الضعيف و الخلق المرور في الفعل على عادة فالخلق الكريم الصبر على الحق و تدبير الأمور على مقتضى العقل و في ذلك الأناة و الرفق و الحلم و المداراة و المفتون المبتلى بتخبيل الرأي كالمجنون يقال فتن فلان بفلانة و أصل الفتنة الابتلاء و الاختبار و المهين الضعيف الذليل و المهانة الذلة
 

Back Index Next