في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة41)

مسألة : لو شرط أكل أضيافه ومن يمرّ عليه من ثمرة الوقف جاز ، وكذا لو شرط إدرار مؤونة أهله وعياله وإن كان ممّن يجب نفقته عليه ـ حتّى الزوجة الدائمة ـ إذا لم يكن بعنوان النفقة الواجبة عليه حتّى تسقط عنه ، وإلاّ رجع إلى الوقف على النفس1 .

مسألة : لو آجر عيناً ثمّ وقفها صحّ الوقف وبقيت الإجارة على حالها ، وكان الوقف مسلوب المنفعة في مدّة الإجارة ، فإن انفسخت بالفسخ أو الإقالة بعد تماميّة الوقف رجعت المنفعة إلى الواقف المؤجر دون


الوقف التي يكون ملكاً للموقوف عليه .
ثمّ إنّه ذكر أنّ في صورة بطلان الشرط يمكن أن يقال في بعض صورها بالصحّة بالنسبة إلى ما يصحّ ، كما لو شرك نفسه مع غيره ، وفي بعضها يصير من قبيل منقطع الأوّل ، فيصحّ على الظاهر بالنسبة إلى ما بعد ، واحتاط استحباباً بإجراء الصيغة في مواردها ، ولا يخفى وجهه .

1 ـ لو شرط أكل أضيافه ومن يمرّ عليه من ثمرة الوقف جاز ; لما حكي من فعل النبيّ (صلى الله عليه وآله) في خبر أحمد ، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام)(1) ، مع أنّه ليس شرطاً منافياً لمقتضى الوقف ، وكذا لو شرط إدرار مؤونة أهله وعياله وإن كان ممّن تجب نفقته عليه ، حتّى الزوجة الدائمة إذا لم يكن بعنوان النفقة الواجبة عليه ، فلا تسقط بالشرط الكذائي عن الواقف الذي هو الزوج ، وإذا كان بعنوان تلك النفقة يرجع إلى الوقف على النفس ، وقد مرّ أنّه غير جائز .

(1) قرب الإسناد : 363 ح1301 ، الكافي : 7 / 47 ح1 ، وعنهما بحار الأنوار : 22 / 296 ، 297 ح2 و6 وج43/236 ح5 وج103 / 183 ح10 .

(الصفحة42)

الموقوف عليهم1 .

مسألة : لا إشكال في جواز انتفاع الواقف بالأوقاف على الجهات العامّة ، كالمساجد والمدارس والقناطر والخانات المعدّة لنزول المسافرين ونحوها . وأمّا الوقف على العناوين العامّة ـ كفقراء المحلّ مثلاً ـ إذا كان الواقف داخلاً في العنوان حين الوقف ، أو صار داخلاً فيه فيما بعد ، فإن كان المراد التوزيع عليهم فلا إشكال في عدم جواز أخذ حصّته من المنافع ، بل يلزم أن يقصد من العنوان المذكور حين الوقف من عدا نفسه ، ويقصد خروجه عنه ، ومن ذلك ما لو وقف شيئاً على ذرّيّة أبيه أو جدّه إن كان المقصود البسط والتوزيع ، كما هو الشائع المتعارف فيه .
وإن كان المراد بيان المصرف ـ كما هو الغالب المتعارف في الوقف على الفقراء والزوّار والحجّاج ونحوهم ـ فلا إشكال في خروجه وعدم جواز الانتفاع به إذا قصد خروجه ، وأمّا لو قصد الإطلاق والعموم بحيث يشمل نفسه فالأقوى جواز الانتفاع ، والأحوط خلافه ، بل يكفي في جوازه عدم قصد الخروج ،


1 ـ لو آجر عيناً ثمّ وقفها صحّ الوقف وبقيت الإجارة على حالها ، وكان الوقف مسلوب المنفعة في مدّة الإجارة; لعدم منافاتها للوقف ; لأنّ الغرض منها تمليك المنافع في مدّة معيّنة ، والغرض من الوقف تمليك العين أو تحبيسها ، ولا يكون بينهما منافاة ، كما لو آجر العين من واحد ثمّ باعها من شخص آخر . نعم ، بعد تماميّة الوقف لو انفسخت الإجارة بالفسخ كما لو فرض جعل خيار الشرط لنفسه ، أو بالإقالة ، واللازم في كلتا الصورتين رجوع المنفعة إلى آخر مدّة الإجارة إلى الموجب وهو الواقف المؤجر ، دون الموقوف عليهم .


(الصفحة43)

وهو أولى به ممّن قصد الدخول1 .


1 ـ قد فرض في هذه المسألة صورتين :
الاُولى : الوقف على الجهات العامّة كالأمثلة المذكورة في المتن ، وفي هذه الصورة نفى الإشكال عن جواز انتفاع شخص الواقف من تلك الجهات ; لأنّ هذا الانتفاع لا يعدّ من الوقف بنحو التشريك ، بل من البعيد جدّاً أن لا يجوز لواقف المسجد أن يصلّي في ذلك المسجد ويجوز لغيره ذلك ، كما لا يخفى .
وألحق بذلك في ذيل كلامه ما إذا وقف شيئاً على ذرّية أبيه أو جدّه ، فيما إذا كان المراد بيان المصرف ولم يقصد خروجه ، بل قصد العموم والإطلاق ، فقد قوّى جواز الانتفاع به لنفسه ، بل اكتفى في جوازه بعدم قصد خروج نفسه وأنّه أولى ممّن قصد الدخول ; لأنّه أبعد من الوقف لنفسه ولو بنحو الشركة ، وإن جعل الاحتياط في خلافه .
الثانية : ما إذا كان وقفاً على العناوين وكان مشمولاً لها من حين الوقف ، أو داخلاً فيه فيما بعد ، وفصّل في هذه الصورة بين ما إذا كان المراد التوزيع عليهم ، فلا إشكال في عدم جواز أخذ حصّته من المنافع ، بل اللازم أن يقصد من العنوان المذكور حين الوقف من عدا نفسه ويقصد خروجه ، وإن كان المراد بيان المصرف دون التوزيع والتقسيم ، فإنّه يجوز له الاستفادة منه إذا لم يكن قاصداً لخروج نفسه .
والفرق بين هذا الفرض وفرض الوقف على ذرّية أبيه أو جدّه مثلاً أنّ الغالب المتعارف هناك قصد التوزيع والتقسيم ، وأنّ الغالب المتعارف هنا بيان المصرف وعدم قصد خروج نفسه ، والضابطة في الصورتين ما أشرنا إليه من عدم الدخول في دائرة الوقف ، بحيث ينطبق عليه الوقف لنفسه ولو بنحو الشركة ، وأولى ما كان بُعدُه عن هذه الدائرة أزيد وعدم ارتباطه بها أكثر ، كما لا يخفى .


(الصفحة44)

مسألة : يعتبر في الواقف البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر لفلس أو سفه ، فلا يصحّ وقف الصبيّ وإن بلغ عشراً على الأقوى . نعم ، حيث إنّ الأقوى صحّة وصيّة من بلغه كما يأتي ، فإن أوصى به صحّ وقف الوصيّ عنه1 .

مسألة : لا يعتبر في الواقف أن يكون مسلماً ، فيصحّ وقف الكافر فيما يصحّ من المسلم على الأقوى ، وفيما يصحّ منه على مذهبه إقراراً له على مذهبه2 .


1 ـ أمّا اعتبار ما عدا البلوغ من الاُمور الاُخر في العقود المشتملة على الحقوق الماليّة مطابقةً أو التزاماً ـ كما في باب النكاح الدائم ـ فلا إشكال فيه ، إنّما الإشكال في الوصيّة للصبيّ بناءً على صحّتها إذا بلغ عشراً كما سيأتي ، من جهة دلالة دليل صحّته على الصبي البالغ عشراً إذا وقف ، وعدم دلالته .
وقد فصّل في المتن بين ما إذا صدر الوقف عن الصبي كذلك ، فلا دلالة لدليل الصحّة على صحّة وقفه في هذا السنّ أيضاً ; لعدم الملازمة بين الأمرين ، وبين ما إذا كان الصادر عنه الوصيّة بالوقف في ذلك السنّ ، فمقتضى إطلاق أدلّة صحّة الوصيّة الشمول للوصيّة بالوقف ، ولا دليل على تقييدها ، ولا ملازمة بين صحّة الوصيّة بالوقف ، وبين نفس الوقف كما هو ظاهر ، ولذا فرّع عليه في المتن أنّه إن أوصى بالوقف صحّ وقف الوصيّ عنه .

2 ـ أمّا عدم اعتبار الإسلام في الواقف فيما يصحّ من المسلم ، فلعدم اعتبار قصد القربة في الوقف غير المتمشّي من الكافر على ما مرّ(1) ، وأمّا عدم اعتباره فيه فيما

(1) في ص17 .

(الصفحة45)

مسألة : يعتبر في الموقوف أن يكون عيناً مملوكة يصحّ الانتفاع به منفعة محلّلة مع بقاء عينه بقاءً معتدّاً به ، غير متعلّق لحقّ الغير المانع من التصرّف ، ويمكن قبضه ، فلا يصحّ وقف المنافع ، ولا الديون ، ولا ما لا يملك مطلقاً كالحرّ ، أو لا يملكه المسلم كالخنزير ، ولا ما لا انتفاع به إلاّ بإتلافه كالأطعمة والفواكه ، ولا ما انحصر انتفاعه المقصود في المحرّم كآلات اللهو والقمار ، ويلحق به ما كانت المنفعة المقصودة من الوقف محرّمة ، كما إذا وقف الدابّة لحمل الخمر ، أو الدكّان لحرزها أو بيعها ، وكذا لا يصحّ وقف ريحانة للشمّ على الأصحّ ; لعدم الاعتداد ببقائها ، ولا العين المرهونة ، ولا ما لا يمكن قبضه كالدابّة الشاردة . ويصحّ وقف كلّ ما صحّ الانتفاع به مع بقاء عينه بالشرائط ، كالأراضي ، والدور ، والعقار ، والثياب ، والسلاح ، والآلات المباحة ، والأشجار ، والمصاحف ، والكتب ، والحليّ ، وصنوف الحيوان; حتّى الكلب المملوك والسنّور ونحوها1 .


يصحّ على مذهبه ، فلقاعدة الإلزام المبحوث عنها في الكتب المعدّة لبيان القواعد الفقهية ، ومستندها الروايات الكثيرة الدالّة على إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم ، بناءً على الشمول للكافر أيضاً ، وعدم الاختصاص بالعامّة(1) .

1 ـ يعتبر في الموقوف أعني ما يصلح للوقف اُمور :
الأوّل : أن يكون عيناً ، فلا يصحّ وقف المنافع ولا الديون ; لعدم صدق حبس العين وتسبيل المنفعة فيهما كما لا يخفى ، ونظير ذلك ما تقدّم في كتاب المضاربة(2) من

(1) القواعد الفقهيّة للمؤلّف دام ظلّه : 1 / 167 ـ 174 .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب المضاربة مسألة 1.

(الصفحة46)



اعتبار أن يكون رأس المال المرتبط بالمالك عيناً في مقابل المنفعة والدين وإن تقدّم بعض المناقشات هناك ، لكن الظاهر أنّه لا مناقشة في المقام لما ذكر .
الثاني : أن يكون مملوكة ، فلا يصحّ وقف ما لا يملك مطلقاً كالخمر ، أو لا يملكه المسلم كالخنزير إذا كان الواقف مسلماً ، وإلاّ فقد تقدّم في المسألة السابقة صحّة وقف الكافر فيما يصحّ منه إقراراً له على مذهبه ، كما هو مقتضى قاعدة الإلزام .
الثالث : أن يصحّ الانتفاع به مع بقاء عينه بقاءً معتدّاً به ، فلا يصحّ وقف ما لا انتفاع به إلاّ بإتلافه ، كالأطعمة والفواكه .
الرابع : أن يكون ذلك الانتفاع محلّلاً ، فلا يصحّ وقف ما يكون منفعته العقلائيّة منحصرة بالمحرّم ، كآلات القمار مثلاً ، وذكر في المتن أنّه يلحق به ما كانت المنفعة المقصودة من الوقف محرّمة وإن لم يكن منافعه مطلقاً كذلك ، كوقف الدابّة لحمل الخمر، أو الدكّان لحرزها أو بيعها ، وتوصيف بقاء العين بكونه بقاءً معتدّاً به إنّما هو لإخراج وقف ريحانة للشمّ ; لعدم الاعتداد ببقائها .
الخامس : أن لا تكون العين متعلّقة لحقّ الغير ، ولأجله يكون التصرّف فيها ممنوعاً ، كما لو فرض أن تكون مرهونة ; لأنّ الرهن مانع من التصرّف فيها ، ولذا يتوقّف صحّة بيع الراهن لها على إجازة المرتهن ، كما قد قرّر في محلّه(1) .
السادس : أن يكون ممّا يمكن قبضه، فلايصحّ وقف ما لا يمكن ، كالدابّة الشاردة.
ومع اجتماع هذه الشرائط يصحّ الوقف في جميع الاُمور ; سواء كانت مثل الكتب والمصاحف ، أو مثل الدور والعقار ، أو مثل الثياب والسلاح والآلات المباحة ، أو مثل الأشجار، أو مثل الحليّ، أو مثل صنوف الحيوانات حتّى الكلب المعلَّم وغيرها.

(1) تحرير الوسيلة : 2 / 9 ، كتاب الرهن مسألة 19 ، مسالك الأفهام : 4 / 47 .

(الصفحة47)

مسألة : لا يعتبر في العين الموقوفة كونها ممّا ينتفع بها فعلاً ، بل يكفي كونها معرضاً للانتفاع ولو بعد مدّة ، فيصحّ وقف الدابّة الصغيرة والاُصول المغروسة التي لا تثمر إلاّ بعد سنين1 .

مسألة : المنفعة المقصودة في الوقف أعمّ من المنفعة المقصودة في العارية والإجارة ، فتشمل النماءات والثمرات ، فيصحّ وقف الأشجار لثمرها ، والشاة لصوفها ولبنها ونتاجها2 .

مسألة : ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه على قسمين : الوقف الخاصّ; وهو ما كان وقفاً على شخص أو أشخاص، كالوقف على أولاده وذرّيّته، أو على زيد وذرّيّته . والوقف العامّ ; وهو ما كان على جهة ومصلحة عامّة ،


1 ـ لا يعتبر في العين الموقوفة كونها ممّا ينتفع بها بالفعل وبعد الوقف بلا فصل ، ضرورة أنّه يكفي وقف الأشجار المثمرة في الفصول التي لا ثمرة لها أصلاً ، نظراً إلى أنّ الثمرة لها وقت مخصوص ، كالصيف في مقابل الشتاء ، ومن هذه الجهة يكفي كون العين الموقوفة معرضاً للانتفاع ولو بعد مدّة ، فيصحّ وقف الدابّة الصغيرة والاُصول المغروسة التي لا تثمر إلاّ بعد سنين ; لعدم الفرق كما لا يخفى .

2 ـ المنفعة المقصودة في الوقف أعمّ من المنفعة المقصودة في العارية والإجارة ، فتشمل النماءات والثمرات ، وعليه فيصحّ وقف الأشجار لثمرها ولو في فصل الشتاء الذي لا يكون للأشجار ثمرة ، مع أنّه لا تصحّ إجارتها في ذلك الفصل ، كما أنّه يصحّ وقف الشاة لصوفها ولبنها ونتاجها ، مع أنّه لا تصحّ إعارتها لذلك .


(الصفحة48)

كالمساجد والقناطر والخانات ، أو على عنوان عامّ ، كالفقراء والأيتام ونحوهما1 .

مسألة : يعتبر في الوقف الخاصّ وجود الموقوف عليه حين الوقف ، فلا يصحّ الوقف ابتداءً على المعدوم ومن سيوجد بعد ، وكذا الحمل قبل أن يولد ، والمراد بكونه ابتداءً أن يكون هو الطبقة الاُولى من دون مشاركة موجود في تلك الطبقة ، فلو وقف على المعدوم أو الحمل تبعاً للموجود ; بأن يجعل طبقة ثانية ، أو مساوياً للموجود في الطبقة بحيث شاركه عند وجوده ، صحّ بلا إشكال ، كما إذا وقف على أولاده الموجودين ومن سيولد له على التشريك أو الترتيب ، بل لا يلزم أن يكون في كلّ زمان وجود الموقوف عليه وولادته ، فلو وقف على ولده الموجود وعلى ولد ولده بعده ، ومات الولد قبل ولادة ولده ،


1 ـ ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه على قسمين :
أحدهما : الوقف الخاصّ; وهو ما كان وقفاً على شخص أو أشخاص ، كالوقف على أولاده وذرّيته ، أو على زيد وذرّيته .
ثانيهما : الوقف العام ، وهو على صورتين :
الاُولى : ما كان على جهة ومصلحة عامّة ، كالمساجد والقناطر والخانات .
الثانية : ما كان على عنوان عامّ ، كالفقراء والأيتام ونحوهما ، من دون فرق بين أن يكون الموقوف عليه مطلق عنوان الفقراء ، أو فقراء بلده ، أو قبيلة مخصوصة ، كما أنّ الظاهر أنّه في الصورة الاُولى يمكن التعميم مطلقاً ، ويمكن التخصيص ببعض الخصوصيّات ، كما إذا وقف الخانات لزوّار بعض المشاهد المشرّفة ، إلاّ أن يقال برجوعه في هذه الصورة إلى الصورة الثانية ، فتدبّر .


(الصفحة49)

فالظاهر صحّته ، ويكون الموقوف عليه بعد موته الحمل ، فما لا يصحّ الوقف عليه هو المعدوم أو الحمل ابتداءً بنحو الاستقلال لا التبعيّة1 .


1 ـ لا إشكال في عدم صحّة الوقف على المعدوم الذي لا يمكن وجوده بعد ذلك أيضاً ، كما لو وقف داراً لزيد لسكناه باعتقاد أنّه موجود فتبيّن موته قبل ذلك ، وأمّا إذا وقف على من سيوجد من أولاده فظاهرهم الإجماع على عدم جوازه أيضاً(1) ، وأمّا الوقف على الحمل فربما يستدلّ على عدم جوازه بأنّ الوقف تمليك ولا يعقل تمليك المعدوم ، فانّ الملكية صفة وجوديّة تستدعي محلاًّ موجوداً ، ولذا لا تصحّ الوصيّة للمعدوم .
واُورد على هذا الدليل أوّلاً : بعدم تماميّته في الحمل ، فإنّه موجود ، ودعوى عدم قابليّته للملكيّة كما ترى ، واشتراط صلاحيّته للإرث بتولّده حيّاً ـ ولذا لا يرث في غير هذه الصورة ـ إنّما هو للدليل الخاصّ ، لا لعدم القابلية للملكيّة .
وثانياً : بورود النقض عليهم بما إذا كان تبعاً لموجود ، فإنّهم يحكمون بجوازه ، مع أنّ تمليك المعدوم لو كان غير معقول لا يكون فرق بين الاستقلال والتبعيّة .
وثالثاً : بأنّه لا فرق في المعقولية وعدمها بين كون المالك معدوماً أو المملوك ، مع أنّهم يجوّزون تمليك الكلّي في الذمّة ، مع أنّه ليس شيئاً موجوداً في الخارج ، ويجوّزون تمليك المنافع وليست موجودة ، بل تستوفى شيئاً فشيئاً .
ورابعاً : أنّ الملكيّة من الاُمور الاعتبارية ، وليست كالسواد والبياض المحتاجين إلى محلّ خارجيّ ، بل يكفيه المحلّ الاعتباري ، بل جميع الأحكام كذلك ، من دون فرق بين الأحكام التكليفيّة والوضعيّة .

(1) غنية النزوع : 297 ، السرائر : 3 / 156 ، رياض المسائل : 9 / 309 ، ملحقات العروة الوثقى : 2/208 .

(الصفحة50)

مسألة : لا يعتبر في الوقف على العنوان العامّ وجود مصداقه في كلّ زمان ، بل يكفي إمكان وجوده مع وجوده فعلاً في بعض الأزمان ، فلو وقف بستاناً مثلاً على فقراء البلد ولم يكن في زمان الوقف فقير فيه لكن سيوجد صحّ الوقف ، ولم يكن من منقطع الأوّل ، كما أنّه مع فقده بعد وجوده لم يكن منقطع الوسط ، بل هو باق على وقفيّته ، فيحفظ غلّته إلى أن يوجد1 .

مسألة : يشترط في الموقوف عليه التعيين ، فلو وقف على أحد


وخامساً : أنّ الوقف ليس تمليكاً ، بل هو إيقاف ، والظاهر أنّه لا إشكال في جواز الوقف على الحجّاج والزوّار مع عدم وجود زائر أو حاجّ حين الوقف ، كما سيأتي في المسألة اللاّحقة ، فإن تمّ الإجماع على عدم صحّة الوقف على المعدوم الذي سيوجد ، وإلاّ فالأقوى صحّته ، والإجماع على تقديره لا يكون كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السلام) ; لأنّهم يعلّلون بهذا التعليل العليل ، وتوجيه عدم الصحّة من طريق اعتبار القبض في الصحّة ممنوع بعدم اشتراط الفوريّة في القبض ، وبإمكان قبض الحاكم أو المتولّي .

1 ـ قد عرفت أنّه لا يعتبر في الوقف على العنوان العامّ تحقّق المصداق له في كلّ زمان الشامل لزمان الوقف ، بل كما مرّ في مسألة الوقف على الحجّاج والزوّار لا يعتبر وجود زائر أو حاجّ حين الوقف ، بل يكفي إمكان وجوده فعلاً في بعض الأزمان ، فلو وقف بستاناً مثلاً على فقراء البلد ولم يكن في زمن الوقف فقير في البلد ، لكن سيوجد بعداً فالوقف صحيح ولم يكن من منقطع الأوّل الذي قلنا بعدم صحّته ، كما أنّه لو كان موجوداً حال الوقف وفقد بعده لا يكون من منقطع الوسط ، بل هو باق على وقفيّته ، فاللازم حفظ غلّته إلى أن يوجد ، والمفروض تحقّقه .


(الصفحة51)

الشخصين أو أحد المسجدين لم يصحّ1 .

مسألة : الظاهر صحّة الوقف على الذمّي والمرتدّ لا عن فطرة ، سيّما إذا كان رحماً ، وأمّا الكافر الحربي والمرتدّ عن فطرة فمحلّ تأمّل2 .


1 ـ بلا خلاف (1) ، بل ربما يدّعى فيه الإجماع (2) ، فإن تمّ ، وإلاّ فلا دليل عليه سوى دعوى انصراف أدلّة الوقف ، مع أنّها ممنوعة ، وربما يعلّل بعدم معقوليّة تمليك أحد الشخصين بنحو الإبهام والترديد ; لأنّ الملكيّة تحتاج إلى محلّ معيّن ، كالسواد والبياض ، ويرد عليه منع عدم المعقوليّة ، وقد صرّحوا بجواز الوصيّة بأحد الشيئين ، وكون المراد مفهوم أحدهما الصادق على كليهما فلا وجه له ، إذ هو عنوان كلّي انتزاعيّ لا يتعلّق به الأغراض ، ولعلّه لما ذكر استظهر السيّد في الملحقات أنّه لا إشكال في صحّة الوقف كذلك ، ويصرف منافعه في أحد الشخصين أو أحد المسجدين ، ويكون المتولّي مخيّراً بينهما حينئذ(3) ، وعليه فلا وجه لما في المتن من الحكم بعدم الصحّة ، كما لا يخفى .

2 ـ في جواز وقف المسلم على الكافر وعدمه مع قطع النظر عن الجهات الاُخر ، كالإعانة على المعاصي التي ستجيء أقوال : ثالثها : الجواز في الرحم دون غيره ، رابعها : الجواز في الأبوين دون غيرهما ، خامسها : الجواز في الذمّي دون الحربي ، وإليه يرجع ما في المتن .
أمّا أصل الجواز في الجملة فيدلّ عليه عمومات الوقف وإطلاقاته ، خصوصاً

(1) جواهر الكلام : 28 / 50 ـ 51 ، غنية النزوع : 297 ، مسالك الأفهام : 5 / 350 ـ 351 .
(2) السرائر : 3 / 156 ـ 157 .
(3) ملحقات العروة الوثقى : 2 / 213 ، الشرط الثالث .

(الصفحة52)

مسألة : لا يصحّ الوقف على الجهات المحرّمة وما فيه إعانة على المعصية ، كمعونة الزنا وقطع الطريق وكتابة كتب الضلال ، وكالوقف على البيع والكنائس وبيوت النيران لجهة عمارتها وخدمتها وفرشها ومعلّقاتها وغيرها . نعم ، يصحّ وقف الكافر عليها1 .


مع عدم اعتبار قصد القربة وإمكان مراعاته مع فرض الاعتبار .
ولكن في مقابلها قوله تعالى : {لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ}(1)  والظاهر أنّه لا دلالة له على المنع إلاّ من جهة كون الموادّة للمحادّة ، والمفروض في المقام خلافه ، ولذا لا يحرم مجالستهم والإحسان إليهم لا من هذه الجهة .
وأمّا التأمّل في الكافر الحربي والمرتدّ عن فطرة فلأجل وجوب قتله ولو مع إذن الحاكم ، وهو لا يجتمع عرفاً مع الوقف عليه . ولا وجه لما قيل من عدم صلاحيّته للملكيّة ، لكون ماله فيئاً للمسلمين أو منتقلاً إلى الورثة(2) ; لأنّه إنّما هو بالإضافة إلى الأموال التي اكتسبها قبل ذلك ، وأمّا الأموال التي حصّلها بعد الإرتداد مثلاً فلا ، مع أنّ الوقف لا يكون مستلزماً للتمليك ، كما مرّ .

1 ـ لا يصحّ الوقف من المسلم على الجهات المحرّمة وما فيه إعانة على المعصية ، كمعونة الزنا وسائر الأمثلة المذكورة في المتن ; لحرمته واستلزام الحرمة الفساد ، وهذا بخلاف الوقف على من يعلم أنّه يصرف منافع الموقوفة في الزنا أو شرب الخمر مثلاً ; لأنّه كالبيع ممّن يعلم أنّه يصنع المبيع خمراً ; فإنّ الظاهر أنّه لا دليل على

(1) سورة المجادلة : 58 / 22 .
(2) مسالك الأفهام : 5 / 332 ، الحدائق الناضرة : 22 / 194 .

(الصفحة53)

مسألة : لو وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد انصرف إلى فقراء المسلمين ، بل الظاهر أنّه لو كان الواقف شيعيّاً انصرف إلى فقراء الشيعة ، ولو وقف كافر على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته ، فاليهود إلى اليهود ، والنصارى إلى النصارى ، وهكذا ، بل الظاهر أنّه لو كان الواقف مخالفاً انصرف إلى فقراء أهل السنّة . نعم ، الظاهر أنّه لا يختصّ بمن يوافقه في المذهب ، فلا انصراف لو وقف الحنفي إلى الحنفي ، والشافعي إلى الشافعي ، وهكذا1 .

مسألة : لو كان أفراد عنوان الموقوف عليه منحصرة في أفراد محصورة معدودة ـ كما لو وقف على فقراء محلّة أو قرية صغيرة ـ توزّع منافع الوقف على الجميع ، وإن كانوا غير محصورين لم يجب الاستيعاب ، لكن لا يترك الاحتياط بمراعاة الاستيعاب العرفي مع كثرة المنفعة ، فتوزّع على جماعة


حرمته وفساده . نعم ، هذا كلّه بالإضافة إلى وقف المسلم ، وأمّا وقف الكافر فقد عرفت أنّه يصحّ منه ما لا منع فيه على مذهبه .

1 ـ لو كان الواقف مسلماً والموقوف عليه الفقراء ، أو فقراء البلد ، ينصرف إلى خصوص فقراء المسلمين عموماً ، أو بلده . ولو كان الواقف شيعيّاً انصرف إلى خصوص فقراء الشيعة المتّحدين مع الواقف في المذهب ، ولأجله لو كان الواقف كافراً انصرف إلى فقراء نحلته ، فاليهود إلى اليهود ، والنصارى إلى النصارى وهكذا ، كما أنّه لو كان الواقف مسلماً غير شيعيّ انصرف إلى فقراء السنّة ، ولكن الظاهر أنّه لا يختصّ بمن يوافقه في المذهب من المذاهب الأربعة ; لجواز الأخذ بكلّ واحد منها عندهم ، ولذا لا يختصّ فيما إذا كان الواقف شيعيّاً بمن يكون متّحداً معه في مرجع التقليد ، وهذا ظاهر .


(الصفحة54)

معتدّ بها بحسب مقدار المنفعة1 .

مسألة : لو وقف على فقراء قبيلة ـ كبني فلان ـ وكانوا متفرّقين لم يقتصر على الحاضرين ، بل يجب تتبّع الغائبين وحفظ حصّتهم للإيصال إليهم ، ولو صعب إحصاؤهم يجب الاستقصاء بمقدار الإمكان وعدم الحرج على الأحوط . نعم ، لو كان عدد فقراء القبيلة غير محصور ، كبني هاشم جاز الاقتصار على الحاضرين ، كما أنّ الوقف لو كان على الجهة جاز اختصاص الحاضرين به ، ولا يجب الاستقصاء2 .


1 ـ لو كان أفراد عنوان الموقوف عليه منحصرة في أفراد محصورة معدودة  ـ كفقراء محلّة أو قرية صغيرة ـ توزّع منافع الوقف على الجميع ; اقتضاءً لكون الجميع موقوفاً عليه من ناحية ، وإمكان التوزيع من ناحية اُخرى . وإن لم تكن منحصرة في أفراد محصورة معدودة ، كفقراء الشيعة أو المسلمين لا يجب الاستيعاب ; لعدم إمكانه أوّلاً ، وظهور كون المراد في مثل ذلك بيان المصرف لا التوزيع ، ولكن نهى عن ترك الاحتياط بمراعاة الاستيعاب العرفي بالمقدار الممكن مع كثرة المنفعة ، فتوزّع مع ملاحظة الجهتين .

2 ـ لو وقف على فقراء قبيلة كبني فلان ، فتارةً يكون عددهم محصوراً ، واُخرى غير محصور .
ففي الصورة الاُولى : يجب الاستقصاء ; سواء كانوا جميعاً حاضرين أو متفرّقين ، غاية الأمر أنّه في الفرض الثاني يجب تتبّع الغائبين وحفظ حصّتهم للإيصال إليهم ، ولو صعب إحصاؤهم يجب الاستقصاء بمقدار الإمكان وعدم الحرج على الأحوط اللزومي ، لكن يحتمل أن يكون تفرّقهم مع علم الواقف به

(الصفحة55)

مسألة : لو وقف على المسلمين كان لمن أقرّ بالشهادتين إذا كان الواقف ممّن يرى أنّ غير أهل مذهبه أيضاً من المسلمين ، ولو وقف الإماميّ على المؤمنين اختصّ بالإثني عشرية ، وكذا لو وقف على الشيعة1 .

مسألة : لو وقف في سبيل الله يصرف في كلّ ما يكون وصلة إلى


قرينة على الاختصاص بالحاضرين أو بيان المصرف .
وفي الصورة الثانية : كبني هاشم جاز الاقتصار على الحاضرين ، كما أنّه لو كان الوقف على الجهة جاز اختصاص الحاضرين به ، ولا يجب الاستقصاء بوجه ; لما ذكر من وجود القرينة على بيان المصرف وعدم لزوم الاستقصاء مع عدم إمكانه نوعاً .

1 ـ لو وقف شيئاً على المسلمين وعنوانهم يكون المراد من الموقوف عليهم كلّ من أقرّ بالشهادتين : الشهادة بالوحدانية ، والشهادة بالرسالة ، من دون فرق بين فرق المسلمين واختلاف مذاهبهم ، إلاّ إذا كان الواقف ممّن لا يرى غير أهل مذهبه أيضاً من المسلمين ، كما نراه مع الأسف الشديد بالإضافة إلى الفرقة الضالّة المضلّة الوهابيّة بالنسبة إلى الشيعة ، سيّما الإماميّة منهم ، فلم يمض إلاّ سنين متعدّدة من خطبة خطيب الجمعة في الروضة النبوية ، حيث دعا أن يعود الشيعة إلى الإسلام من الكفر والضلالة ، غفلةً منه عن معنى الكفر ، والجمود على ما انتقل إليه من رؤساء الوهابيّة وأركانهم الخبيثة ، والحكم في بقيّة فروع المسألة واضح وإن كانت الشيعة أعمّ من الإماميّة ; لشمولها لكلّ من شايع عليّاً ولو كان كيسانيّاً أو زيديّاً أو فطحيّاً أو واقفيّاً ، إلاّ أنّ الظاهر الانصراف إلى الإمامية الإثنى عشرية .


(الصفحة56)

الثواب ، وكذلك لو وقف في وجوه البرّ1 .

مسألة : لو وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع العرف ، ولو وقف على الأقرب فالأقرب كان ترتيبيّاً على كيفيّة طبقات الإرث2 .

مسألة : لو وقف على أولاده اشترك الذكر والاُنثى والخنثى ، ويقسّم بينهم على السواء ، ولو وقف على أولاد أولاده عمّ أولاد البنين والبنات ، ذكورهم وإناثهم بالسّوية3 .


1 ـ لو وقف في سبيل الله فاللازم صرف منافع العين الموقوفة في كلّ ما يكون مترتّباً عليه الثواب وموجباً لثبوت الأجر في الآخرة ، وكذلك لو وقف في وجوه البرّ ، ولا يختصّ بالجهاد خصوصاً الثاني .

2 ـ لو وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع في تشخيص ذلك هو العرف ، ولا تنحصر الأرحام بالرحم الذي تجب صلته أو يحرم قطعه ، على ما هو المقرّر في محلّ هذا البحث ، ولو وقف على عنوان الأقرب فالأقرب كان ترتيبيّاً على كيفيّة طبقات الإرث ، عملاً بقوله تعالى : {وَأُوْلُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض}(1) ومن الواضح حينئذ اشتراك أولاد الابن مع أولاد البنت في صورة عدمهما .

3 ـ لو وقف على أولاده من غير تخصيص لأحدهم بخصوصيّة زائدة اشترك الجميع فيه بالسويّة ، من غير فرق بين الذكر والاُنثى والخنثى ، ولو وقف على أولاد أولاده عمّ أولاد البنين والبنات ، ولا وجه لما يقال :

(1) سورة الأنفال : 8 / 75 .

(الصفحة57)

مسألة : لو قال : «وقفت على ذرّيّتي» عمّ البنين والبنات وأولادهم بلا واسطة ومعها ، ذكوراً وإناثاً ، وتشارك الطبقات اللاحقة مع السابقة ، ويكون على الرؤوس بالسويّة ، وكذا لو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي» فإنّ الظاهر منهما التعميم لجميع الطبقات أيضاً . نعم ، لو قال : «وقفت على أولادي ثمّ على الفقراء» أو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي ، ثمّ على الفقراء» ، فلا يبعد أن يختصّ بالبطن الأوّل في الأوّل ، وبالبطنين في الثاني ، خصوصاً في الصورة الاُولى1 .


بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد(1)
فإنّ الحسن والحسين (عليهما السلام) إبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفي زيارة جميع الأئمّة (عليهم السلام)مخاطباً لهم بـ «السلام عليك ياابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) » .
وقد ذكرنا في كتاب الخمس أنّه لا إشكال في ذلك وإن كانت سيادة الحسنين (عليهما السلام)إنّما هي لأجل أبيهما المكرّم علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ; لأنّ السيادة تتوقّف على الانتساب بالأب ولا تعمّ الانتساب بالاُمّ ، فإنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السلام)وكذا محمّد بن الحنفيّة كانا سيّدين ولم يكونا إبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكذا العبّاس عمّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ويوجد في زماننا هذا بعض السادات العبّاسيّين ، وكان بعضهم من أعاظم العلماء(2).

1 ـ لو قال : «وقفت على ذرّيتي» أو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي» واقتصر على ذلك ، فإنّ الظاهر التعميم لجميع الطبقات في عرض واحد ،

(1) خزانة الأدب : 1 / 444 ، شرح شواهد المغني : 2 / 848 .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الخمس : 254 ـ 257 .

(الصفحة58)

مسألة : لو قال : «وقفت على أولادي نسلاً بعد نسل وبطناً بعد بطن» ، فالظاهر المتبادر منه عرفاً أنّه وقف ترتيب، فلا يشارك الولد أباه، ولا ابن الأخ عمّه1 .

مسألة : لو علم من الخارج وقفيّة شيء على الذرّية، ولم يعلم أنّه وقف تشريك أو ترتيب ، فالظاهر فيما عدا قسمة الطبقة الاُولى الرجوع إلى القرعة2 .


من دون فرق بين الذكور والإناث ، وكذا من دون فرق بين صورة ثبوت الواسطة أو عدمها ، ويكون على الرؤوس بالسويّة ، وهذا بخلاف ما لو لم يقتصر على ذلك ، بل قال مثلاً : «وقفت على أولادي ، ثمّ على الفقراء» أو قال : «وقفت على أولادي ، وأولاد أولادي ، ثمّ على الفقراء» فقد نفى البُعد في المتن عن الاختصاص بخصوص البطن الأوّل في الأوّل ، وبخصوص البطنين في الثاني ; لأنّه على تقدير كون المراد الأعمّ لم يكن مجال لذكر الفقراء بعد تسلسل البطون نوعاً .

1 ـ لو قال : «وقفت على أولادي نسلاً بعد نسل وبطناً بعد بطن» كما هو الشائع في الأوقاف الخاصّة المرتبطة بالأولاد ، فقد استظهر في المتن مستنداً إلى التبادر عند العرف أنّه وقف ترتيب ، أي لا يشارك أولاد الأولاد مع الأولاد بلا واسطة ، بل يختصّ في الدرجة الاُولى بهم ، من دون فرق بين الذكور والإناث ، وما دام يكون واحد منهم موجوداً لا تصل النوبة إلى الطبقة اللاّحقة ، وعليه فلا يشارك الولد أباه ، ولا ابن الأخ عمّه ; لاختلاف الطبقتين كما لا يخفى .

2 ـ لو كان شيء معلوم الوقفيّة على الذرّية إجمالاً ، ولم يعلم أنّه وقف تشريك أو ترتيب ، فلا إشكال في استحقاق الطبقة الاُولى قسمتها الخاصّة به على

(الصفحة59)

مسألة : لو قال : «وقفت على أولادي الذكور نسلاً بعد نسل» يختصّ بالذكور من الذكور في جميع الطبقات ، ولا يشمل الذكور من الإناث1 .

مسألة : لو كان الوقف ترتّبيّاً كانت الكيفيّة تابعة لجعل الواقف ، فتارة جعل الترتيب بين الطبقة السابقة واللاحقة ، ويراعى الأقرب فالأقرب إلى الواقف ، فلا يشارك الولد أباه ، ولا ابن الأخ عمّه وعمّته ، ولا ابن الاُخت خاله وخالته . واُخرى جعل الترتيب بين خصوص الآباء من كلّ طبقة وأبنائهم ، فإذا كانت إخوة ولبعضهم أولاد لم يكن للأولاد شيء ما دام حياة الآباء ، فإذا توفّي الآباء شارك الأولاد أعمامهم ، وله أن يجعل الترتيب على أيّ نحو شاء ويتّبع2 .


كلا التقديرين ، واللازم الرجوع فيما عداها إلى القرعة التي هي لكلّ أمر مشكل(1) ، خصوصاً في الحقوق الماليّة على تقدير عدم اختصاص القرعة بها ، والتحقيق في محلّه الذي هو البحث عن القواعد الفقهية .

1 ـ لو قال : «وقفت على أولادي الذكور نسلاً بعد نسل» ففي المتن يختصّ بالذكور من الذكور في جميع الطبقات ، أمّا الاختصاص بالذكور للتصريح به في صيغة الوقف . وأمّا عدم الشمول للذكور من الإناث ، فلأنّ الظاهر من قوله : «نسلاً بعد نسل» هو أن تكون القرابة بالذكوريّة ، ومع وساطتها فلا يشمل الذكور من الإناث . نعم ، لو لم يكن الموقوف عليه مقيّداً بالذكور لكان اللازم الالتزام بشركة البنات أوّلاً ، وعدم اختصاص الواسطة بخصوص المذكّر ثانياً ، كما لا يخفى .

2 ـ مقتضى كون الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ـ كما في الرواية

(1) روضة المتّقين : 6 / 215 ، الخلاف : 6 / 399 مسألة 24 ، تذكرة الفقهاء : 3 / 271 ، العناوين : 1/351 .

(الصفحة60)

مسألة : لو قال : «وقفت على أولادي طبقة بعد طبقة» فإذا مات أحدهم وكان له ولد فنصيبه لولده ، ولو مات أحدهم وله ولد يكون نصيبه له . ولو تعدّد الولد يقسّم نصيبه بينهم على الرؤوس ، وإذا مات من لا ولد له فنصيبه


المتقدّمة(1) ـ أنّه لو كان الوقف ترتيبيّاً يكون تابعاً لجعل الواقف .
فتارةً : يجعل الترتيب بين الطبقة السابقة والطبقة اللاّحقة ، ويراعى الأقرب فالأقرب ، كالترتيب في باب الإرث . غاية الأمر اختلاف سهم الذكور مع سهم الإناث هناك دون هنا ، ولكنّ الملاك في أصل أخذ السهم الأقربيّة فالأقربيّة ، وعليه فلا يشارك الولد أباه ، ولا ابن الأخ عمّه وعمّته ، ولا ابن الاُخت خاله وخالته .
واُخرى : يجعل الترتيب بين الأبناء من كلّ طبقة وآبائهم ، فإذا كانت هناك إخوة ولهم أولاد لم يكن للأولاد شيء ما دام حياة الأب ، فإذا توفّي بعض الآباء شارك الأولاد أعمامهم .
وثالثة : يجعل الترتيب بصورة ثالثة ، كما إذا قدّم البنين في كلّ طبقة على البنات فيها ، وبعد انقراض البنين يقوم مقامهم البنات ، وبالجملة له أن يجعل الترتيب على أيّ نحو شاء ويتّبع ، ولا يكون تابعاً لمسألة الإرث بوجه ، بل الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ، كما عرفت ، ومنه يظهر أنّه لو أراد التفضيل في بعض الطبقات بالإضافة إلى البعض ، كما إذا كان الولد الذكور روحانيّاً مشتغلاً بالعلوم الحوزويّة له ذلك . وإن كان هذا التفضيل غير مرعيّ في باب الإرث بوجه ، فهو شبيه النذر من هذه الجهة ، فتدبّر .

(1) في ص26 .

<<التالي الفهرس السابق>>