في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة61)

لمن كان في طبقته ، ولا يشاركهم الولد الذي أخذ نصيب والده1 .
مسألة : لو وقف على العلماء انصرف إلى علماء الشريعة ، فلا يشمل غيرهم ، كعلماء الطبّ والنجوم والحكمة2 .

مسألة : لو وقف على أهل مشهد كالنجف مثلاً اختصّ بالمتوطّنين والمجاورين ، ولا يشمل الزوّار والمتردّدين3 .


1 ـ لو قال : «وقفت على أولادي طبقة بعد طبقة» فغاية مفاده أنّه مع اجتماع الأب والولد لا تصل النوبة إلى الولد ما دام الأب حيّاً ، ومع فرض موته يقوم مقامه ويأخذ نصيبه ، وإذا كان الولد متعدّداً يقسّم بينهم على الرؤوس . نعم ، إذا لم يكن للميّت ولد فنصيبه لمن كان في طبقته ، ولا يشاركهم الولد الذي أخذ نصيب والده بعد موته ، وليس مفاده أنّه مع وجود فرد واحد من الطبقة الاُولى لا تصل النوبة إلى من مات والده ، وهذا بخلاف ما عرفت من أنّه في صورة الوقف على الأولاد نسلاً بعد نسل لا ينتقل إلى الولد ولو كان واحد من الطبقة الاُولى موجوداً ، فتأمّل فإنّ في العبارة تكراراً بلا وجه .

2 ـ لو وقف على عنوان العلماء انصرف إلى الفقهاء وعلماء الشريعة ، أعمّ من المتمحّضين فيها ، أو غيرهم ممّن كان عالماً بغير علم الشريعة أيضاً ، ولا يشمل المعنى اللغوي العامّ الشامل لكلّ عالم ولو في الرياضيّات والطب ، وحتّى الفلسفة والحكمة مع عدم العلم بالشريعة ، بل وحتّى العالم بالتفسير فقط من دون أن يكون فقيهاً ، وإن كان القرآن مشتملاً على كثير من آيات الأحكام ، فتدبّر ، إلاّ أن يقال : إنّ التدبّر فيها حقّ التدبّر لا ينفكّ عن العلم بالفقه والشريعة ، كما لا يخفى .

3 ـ لو وقف على أهل مشهد من المشاهد المشرّفة كالنجف مثلاً يختصّ

(الصفحة62)

مسألة : لو وقف على المشتغلين في النجف مثلاً من أهل بلد كطهران ، أو غيره ، اختصّ بمن هاجر من بلده إليه للاشتغال ، ولا يشمل من جعله وطناً له معرضاً عن بلده1 .


بالمتوطّنين فيه ، أعمّ ممّن كان ذلك المشهد وطنه الأصلي ، أو اتّخذه وطناً وكان وطناً مستجّداً له ، كالمجاورين الذين لا يكون أصلهم من ذلك المشهد ، ولا يشمل عنوان الموقوف عليه الزوّار والمتردّدين .
نعم ، هل يدور الحكم مدار التوطّن الذي تكون الصلاة معه تامّة; وهي الإقامة بقصد التوطّن الدائمي بعنوان وطنه الجديد ، أو بعنوان أحد الوطنين بالإضافة إلى ذي وطنين ، أو الإقامة بمقدار كثير يصدق معه التوطّن كالإقامة ثلاثين سنة ، أو أنّ الحكم لا يدور مدار ذلك ، بل يعمّ من كان قاصداً للإقامة في مدّة التحصيل التي لا تزيد على عشر سنوات نوعاً؟ الظاهر هو الأوّل ، فإنّ بعض المشتغلين في النجف لأجل التحصيل في الحوزة العلمية لا يصدق عليه أهل النجف ولو كانت إقامته أزيد من عشر سنوات ، وليس المقام مثل ما ذكر في الحجّ من أنّ الإقامة سنتين يوجب انقلاب الفريضة من حجّ التمتّع إلى القران والإفراد .

1 ـ لو وقف على خصوص المشتغلين في النجف مثلاً بالعلوم الحوزويّة من أهل محلّ خاصّ وبلد مخصوص كطهران ، أو غيره ، تختصّ منافع العين الموقوفة بمن هاجر من ذلك البلد إلى النجف لخصوص الاشتغال ، ولا تعمّ كلّ من جعل النجف وطناً له معرضاً عن بلده وإن لم يكن ذلك للاشتغال بالعلوم الحوزويّة ، بل لأجل اختيار المجاورة لقبر سيِّد الموحِّدين أمير المؤمنين عليه وعلى أولاده أفضل صلوات المصلّين ; لفرض عدم الاشتغال بتلك العلوم مثلاً .


(الصفحة63)

مسألة : لو وقف على مسجد فمع الإطلاق صرفت منافعه في تعميره وضوئه وفرشه وخادمه ، ولو زاد شيء يعطى لإمامه1 .

مسألة : لو وقف على مشهد يصرف في تعميره وضوئه وخدّامه المواظبين لبعض الأشغال اللازمة المتعلّقة به2 .


1 ـ لو وقف على مسجد ، فمع الإطلاق وعدم ذكر جهة خاصّة يصرف منافعه في تعميره لو احتاج إلى التعمير وضوئه وفرشه وخادمه ، وفي المتن : ولو زاد شيء يعطى لإمامه ; لأنّه أيضاً من شؤون المسجد وإن لم يكن في عرض سائر الشؤون ; لأنّ ارتباطه بها أكثر من غيره . نعم ، في صورة الزيادة يكون الإيتاء إلى الإمام كالصرف في شؤون المسجد .

2 ـ لو وقف على مشهد ، فمع الإطلاق كذلك وعدم ذكر جهة خاصّة يصرف في تعميره و   ضوئه والخدمة المواظبين لبعض الأشغال اللازمة المتعلّقة به ، كتنظيفه وإخراج النفايات منه .
نعم ، في هذه الأزمنة في مسألة النذر على المشاهد لو كان المنذور أصحاب تلك المشاهد ، كأمير المؤمنين والحسين (عليهما السلام) يجوز له دفع المنذور إلى الفقراء من الطلبة وغيرهم بنيّة التصدّق عنهم ووصول الثواب إليهم (عليهم السلام) ولو كان المنذور نفس تلك المشاهد ، فالظاهر بملاحظة أنّه لا يصرف في تعمير المشهد وغيره من قبل المتصدّين لحفظ تلك البقاع المقدّسة ، بل يستفاد منها للاُمور غير المرتبطة بالمشاهد ممّا يرون مصلحة لأنفسهم ، فالظاهر أيضاً جواز الدفع إلى الفقراء المذكورين بنيّة الإمام الذي صاحب المشهد ، أو ابنه (عليه السلام) كأبي الفضل العبّاس ، وعدم جواز صرفه في مشهد آخر كما لا يخفى ، بل يتعيّن ذلك ; لعدم إمكان طريق للوصول إليه غير ذلك .


(الصفحة64)

مسألة : لو وقف على سيّد الشهداء (عليه السلام) يصرف في إقامة تعزيته; من اُجرة القارئ وما يتعارف صرفه في المجلس للمستمعين وغيرهم1 .

مسألة : لا إشكال في أنّه بعد تماميّة الوقف ليس للواقف التغيير في الموقوف عليه بإخراج بعض من كان داخلاً ، أو إدخال من كان خارجاً إذا لم يشترط ذلك في ضمن عقد الوقف ، وهل يصحّ ذلك إذا شرطه؟ لا يبعد عدم الجواز مطلقاً ، لا إدخالاً ولا إخراجاً ، فلو شرط ذلك بطل شرطه ، بل الوقف على إشكال ، ومثل ذلك لو شرط نقل الوقف من الموقوف عليهم إلى من سيوجد . نعم ، لو وقف على جماعة إلى أن يوجد من سيوجد ، وبعد ذلك كان الوقف على من سيوجد صحّ بلا إشكال2 .


1 ـ لو وقف على سيّد الشهداء (عليه السلام) يصرف في إقامة تعزيته من اُجرة المبلِّغ والمدّاح وما يتعارف صرفه في المجلس للمستمعين وغيرهم ، ومن هذا القبيل ما هو الشائع من الإطعام بعد تماميّة مجلس العزاء ، وهذا بخلاف النذر على الإمام (عليه السلام) ، حيث إنّك عرفت أنّه يجوز أن يتصدّق به عنه لفقراء الشيعة ، ولا يتعيّن عليه صرفه فيما يتعلّق بمشهده (عليه السلام) .

2 ـ في هذه المسألة صورتان :
الاُولى : ما إذا كان الوقف مطلقاً لم يشترط في ضمنه إدخال بعض الأفراد في الموقوف عليهم ، أو إخراج بعض عنه ، وأراد بعد تماميّة الوقف الإدخال أو الإخراج ، والحكم في هذه الصورة أنّه لا يجوز ذلك ; لأنّه يخرج الموقوف بتماميّة الوقف عن اختيار الواقف ولو جعل نفسه متولّياً ، فإنّ شأن المتولّي إجراء الوقف كما هو والنظارة في مصالحه ومفاسده والتقسيم بين الموقوف عليهم ، لا التغيير في

(الصفحة65)

مسألة : لو علم وقفيّة شيء ولم يعلم مصرفه ولو من جهة نسيانه ، فإن كانت المحتملات متصادقة غير متباينة يصرف في المتيقّن ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على الفقراء أو الفقهاء ، فيقتصر على مورد تصادق العنوانين . وإن كانت


عنوان الوقف ، والظاهر أنّه لا إشكال في ذلك .
الثانية : ما إذا اشترط الإدخال أو الإخراج في ضمن عقد الوقف ، وفي هذه الصورة يقع الكلام أوّلاً : في فساد هذا الشرط وعدمه ، واُخرى : في كونه موجباً لبطلان عقد الوقف وعدمه ، أمّا من الجهة الاُولى : فقد نفى البُعد عن عدم الجواز مطلقاً، لا إدخالاً ولا إخراجاً ، ولعلّه لأجل كونه منافياً لمقتضى عقد الوقف الذي هو مشاركة الجميع وعدم مشاركة غيرهم . نعم ، لا مانع من إدخال البعض أو إخراجه في نفس عقد الوقف ; لأنّ مرجعه إلى تضييق دائرة الموقوف عليه أو توسعتهم ، وأمّا الإدخال أو الإخراج بعد التماميّة كما هو المفروض فلا ، وأمّا من الجهة الثانية : فقد حكم ببطلان أصل الوقف على إشكال ، ولعلّه لأجل ما ذكر من المنافاة ، وإن كان فساد الشرط لا يستلزم فساد العقد مطلقاً .
وقد أفاد في ذيل هذه الصورة أنّه يكون مثل ذلك في بطلان الشرط وبطلان أصل العقد على إشكال ما لو شرط نقل الوقف من الموقوف عليهم إلى من سيوجد ، وفي الحقيقة مرجع ذلك إلى شرط الإدخال والإخراج ، فتأمّل .
وأمّا لو وقف على جماعة إلى أن يوجد من سيوجد ، وبعد ذلك كان الوقف على من سيوجد فقد حكم بصحّته ونفى الإشكال فيه ، والظاهر أنّ مراده من هذا الفرض كون الجماعة الموجودين موقوفاً عليهم إلى زمان وجود من سيوجد ، وبعد ذلك كان الوقف على من سيوجد ، وإن كانت الجماعة الموجودون حال الوقف باقية بأجمعهم أو ببعض ، وإلاّ فلا فرق بينه ، وبين مسألة البطون المتقدّمة ، كما لا يخفى .


(الصفحة66)

متباينة ، فإن كان الاحتمال بين اُمور محصورة ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على المسجد الفلاني أو المشهد الفلاني ، أو فقراء هذا البلد أو ذاك ، يقرع ويعمل بها . وإن كان بين اُمور غير محصورة ، فإن كان بين عناوين وأشخاص غير محصورة ; كما علم أنّه وقف على ذرّيّة أحد أفراد المملكة الفلانية ، ولا طريق إلى معرفته ، كانت منافعه بحكم مجهول المالك ، فيتصدّق بها بإذن الحاكم على الأحوط ، والأولى أن لا يخرج التصدّق عن المحتملات مع كونها مورداً له . وإن كان مردّداً بين الجهات غير المحصورة ، كما علم أنّه وقف على جهة من الجهات ولم يعلم أنّها مسجد ، أو مشهد ، أو قنطرة ، أو تعزية سيِّد الشهداء (عليه السلام) ، أو إعانة الزوّار ، وهكذا ، تصرف المنافع في وجوه البرّ بشرط عدم الخروج عن مورد المحتملات1 .


1 ـ لو علم وقفيّة شيء إجمالاً ولم يعلم مصرفه ولو من جهة نسيانه ففيها فروض :
الأوّل : ما إذا كانت المحتملات قابلة للتصادق لأجل عدم تباينها وإمكان اجتماعها ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على الفقراء أو الفقهاء ، وفي هذا الفرض يقتصر على مورد تصادق العنوانين ، كالفقيه الفقير على ما في المثال ; لكونه الموقوف عليه متيقّناً ، وهذا واضح .
الثاني : ما إذا كانت متباينة وكان الاحتمال بين الاُمور المحصورة ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على المسجد الفلاني ، أو المشهد الفلاني ، أو فقراء هذا البلد أو ذاك البلد ، ففي المتن يقرع ويعمل بها ، والوجه فيه أنّه مثل تردّد مال بين زيد وعمرو في لزوم الرجوع إلى القرعة ، خصوصاً في الحقوق الماليّة ; لئلاّ يضيع حقّ واحد ، ولا مجال لقاعدة العدل والإنصاف .


(الصفحة67)

مسألة : لو كان للعين الموقوفة منافع متجددّة وثمرات متنوّعة ، يملك الموقوف عليهم جميعها مع إطلاق الوقف ، ففي الشاة الموقوفة يملكون صوفها المتجدّدة ولبنها ونتاجها وغيرها ، وفي الشجر والنخل ثمرهما ومنفعة الاستظلال بهما ، والسعف والأغصان والأوراق اليابسة ، بل وغيرها ممّا قطعت للإصلاح ، وكذا فروخهما وغير ذلك ، وهل يجوز في الوقف التخصيص ببعض المنافع حتّى يكون للموقوف عليهم بعض المنافع دون بعض؟ الأقوى ذلك1 .


الثالث : ما إذا كانت المحتملات متباينة وكان الاحتمال بين اُمور غير محصورة ، فإن كان بين عناوين غير محصورة ، أو أشخاص كذلك ، كما إذا علم أنّه وقف على ذرّية أحد أفراد المملكة الفلانيّة ، ولا طريق إلى معرفته كما هو المفروض ، فإنّه لا مجال حينئذ للقرعة بعد كون العناوين أو الأشخاص غير محصورة وتكون المنافع حينئذ بحكم مجهول المالك ، فيتصدّق بها عنه بإذن الحاكم على الأحوط الجاري في التصدّق في جميع موارد مجهول المالك ، لكنّ الأولى أن لا يخرج التصدّق عن المحتملات مع كونها مورداً له ، كذرّية أحد أفراد تلك المملكة بشرط كونه فقيراً واجداً لشرائط التصدّق به .
وإن كان مردّداً بين جهات غير محصورة ، كالمثال المذكور في المتن ، فاللازم صرف المنافع في أحد وجوه البرّ مع اعتبار عدم الخروج عن مورد جميع المحتملات ; لأنّه لا يكون طريق لتأمين نظر الواقف أقرب من هذا الطريق ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ لو كان الوقف مطلقاً وكان للعين الموقوفة منافع متجدّدة وثمرات متنوّعة عرضاً أو طولاً يملك الموقوف عليهم جميعها ; لعدم التخصيص ببعض دون بعض ،

(الصفحة68)

مسألة : لو وقف على مصلحة فبطل رسمها ، كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو قنطرة فخربت ولم يمكن تعميرها ، أو لم تحتج إلى مصرف ; لانقطاع من يصلّي في المسجد ، والطلبة ، والمارّة ، ولم يرج العود ، صرف الوقف في وجوه البرّ ، والأحوط صرفه في مصلحة اُخرى من جنس تلك المصلحة ، ومع التعذّر يراعى الأقرب فالأقرب منها1 .

مسألة : إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن المسجديّة ، فتجري عليه أحكامها إلاّ في بعض الفروض . وكذا لو خربت القرية التي هو فيها بقي المسجد على صفة المسجديّة2 .


كالأمثلة المذكورة في المتن ، وهل يجوز في الوقف التخصيص ببعض المنافع مع تعدّدها وتكثّرها حتّى يكون للموقوف عليهم خصوص ذلك البعض دون الآخر؟ قد قوّى في المتن ذلك ، نظراً إلى ما مرّ مراراً من أنّ الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ، ولم يدلّ دليل على عدم إمكان التفكيك ، كما أنّه يجوز وقف دار باستثناء بعض بيوتها كما لا يخفى . نعم ، لو استثنى المنفعة العقلائيّة المقصودة ـ نوعاًـ الوحيدة ، كاستثناء ثمرة الشجرة في وقفها ، لا يبعد أن يقال بعدم الجواز ; لأنّ الجمع بين وقفها وبين استثناء ثمرتها لعلّه غير ممكن .

1 ـ لو وقف على مصلحة فبطل رسمها كالأمثلة المذكورة في المتن ، فمع الخراب وعدم إمكان التعمير ، أو عدم الاحتياج إلى مصرف ، صرف الوقف في وجوه البرّ ، ومقتضى الاحتياط الصرف في مصلحة اُخرى من جنس تلك المصلحة ، ومع التعذّر أو التعدّد يراعى الأقرب منها فالأقرب ، والوجه فيه واضح .

2 ـ إذا خرب المسجد لأجل الزلزلة ونحوها لم تخرج عرصته من المسجديّة ،

(الصفحة69)

مسألة : لو وقف داراً على أولاده أو على المحتاجين منهم ، فإن أطلق فهو وقف منفعة ، كما إذا وقف عليهم قرية أو مزرعة أو خاناً ونحوها يملكون منافعها ، فلهم استنماؤها ، فيقسّمون بينهم ما حصل منها ـ بإجارة وغيرها ـ على حسب ما قرّره الواقف من الكمّية والكيفيّة ، وإن لم يقرّر كيفيّة في القسمة يقسّمونه بينهم بالسّوية . وإن وقفها عليهم لسكناهم فهو وقف انتفاع ، ويتعيّن لهم ذلك ، وليس لهم إجارتها ، وحينئذ إن كفت لسكنى الجميع فلهم أن يسكنوها ، وليس لبعضهم أن يستقلّ به ويمنع غيره . وإن وقع بينهم تشاح في اختيار الحجر ، فإن جعل الواقف متولّياً يكون له النظر في تعيين المسكن للساكن ، كان نظره وتعيينه هو المتّبع ، ومع عدمه كانت القرعة هي المرجع ، ولو سكن بعضهم ولم يسكنها بعض فليس له مطالبة الساكن باُجرة حصّته إن لم يكن مانعاً عنه ، بل هو لم يسكن باختياره أو لمانع خارجي . وإن لم تكف لسكنى الجميع ، فإن تسالموا على المهاياة أو غيرها فهو ، وإلاّ كان المتّبع نظر المتولّي من قبل الواقف لتعيين


فتجري عليه أحكامها إلاّ في بعض الفروض ; وهو ما إذا وقع في وسط الشارع مثلاً فخرب لأجل الضرورة ، أو من قبل الحكومة الجائرة ، فإنّه في هذا الفرض يخرج عن عنوان المسجديّة بنظر العرف ، ولا تجري على عرصته أحكام المسجديّة من حرمة لبث الجنب فيها ، وكذا غيرها ، ففي الحقيقة لا يكون في مثل هذا الفرض عنوان المسجديّة باقياً حتّى تجري عليه أحكامها ويصرف الوقف فيه .
نعم ، إذا خرب المسجد لأجل الزلزلة ونحوها ، أو خربت القرية التي هو فيها ، فالعرصة وإن كانت باقية على عنوان المسجديّة ، إلاّ أنّه مع عدم إمكان التعمير ، أو عدم الاحتياج إلى المصرف ، يصرف الوقف في وجوه البرّ  كما عرفته ، وقد ذكرنا مقتضى الاحتياط في المسألة السابقة، فراجع .


(الصفحة70)

الساكن ، ومع فقده فالمرجع القرعة ، فمن خرج اسمه يسكن ، وليس لمن لم يسكن مطالبته باُجرة حصّته1 .


1 ـ لو وقف داراً على مطلق أولاده أو خصوص المحتاجين منهم ، فتارة: يطلق الوقف ، واُخرى : يوقفها لسكناهم ، فالفرض الأوّل : وقف منفعة ، كما إذا وقف عليهم قرية أو مزرعة أو خاناً أو نحوها ، ولازمه أن يصير الموقوف عليه مالكاً للمنفعة ، ولهم استنماؤها ، فيقسّمون بينهم ما حصل منها بإجارة وغيرها على حسب ما قرّره الواقف من الكيفيّة والكمّية ، ومع عدم التقرير يقسّمونها بينهم بالسّوية ، وهذا نظير ما إذا ملك المنفعة جماعة بإجارة ولم يشترط عليهم الاستفادة بالمباشرة ، فإنّه يجوز لهم الإجارة وتقسيم مال الإجارة بنسبة الملكيّة للمنفعة .
والفرض الثاني : وقف انتفاع لا يجوز للموقوف عليه الإجارة ; لعدم الملكية للمنفعة ، بل غاية الأمر جواز الاستفادة منها ، فالفرق بين الفرضين هو الفرق بين الإجارة والعارية ، وحينئذ إن كانت الدار كافية لسكنى الجميع فلهم أن يسكنوها ، وليس لبعضهم أن يستقلّ به ويمنع غيره ، وإن وقع بينهم تنازع في اختيار بيوت الدار ، كما إذا أراد أحد السكونة في البيت الشرقي دون الغربي ، وأراد الآخر أيضاً ذلك ، فإن كانت للدار الموقوفة متولّياً من قبل الواقف فنظره هو المتّبع في التعيين ، وإن لم تكن كذلك فالمتّبع هي القرعة الواردة في تزاحم الحقوق .
ولو سكن بعضهم في هذا الفرض في الدار ، ولم يسكنها بعض آخر مع صلاحيتها لسكنى الجميع كما هو المفروض ، فإن كانت العلّة لعدم سكونة البعض غير الساكن هو منع الساكن عنه ، فعليه اُجرة حصّة غير الساكن ، وإن كانت العلّة أمراً آخر لا ارتباط له بالساكن فليس عليه اُجرة حصّته .
وإن لم تكف الدار لسكنى الجميع ، والمفروض عدم جواز الإجارة ; لعدم ملكية

(الصفحة71)

مسألة : الثمر الموجود حال الوقف على النخل والشجر لا يكون للموقوف عليهم ، بل هو باق على ملك الواقف ، وكذلك الحمل الموجود حال وقف الحامل . نعم ، في الصوف على الشاة واللبن في ضرعها إشكال ، فلا يترك الاحتياط1 .


الموقوف عليهم للمنفعة، بل الغاية ملك الانتفاع وهوغيرممكن بالإضافة إلى الجميع في عرض واحد ، فالمتّبع مع عدم التسالم هو نظر المتولّي أو الرجوع إلى القرعة ، كما عرفت ، فمن خرج اسمه يسكن ، وليس للآخر مطالبة اُجرة حصّته ، لما مرّ .

1 ـ الغرض من هذه المسألة بيان الفرق بين الثمر الموجود حال الوقف على النخل والشجر والحمل الموجود حال وقف الحامل ، وبين الثمرة والحمل المتجدّدين بعد الوقف ، وأنّ الثاني للموقوف عليهم دون الأوّل .
أمّا الثاني : فواضح ; لأنّه الغرض من الوقف والمقصود من الإيقاف .
وأمّا الأوّل : فالظاهر أنّ الوجه فيه الانصراف وكونه تبعاً للعين الموقوفة في البقاء على ملك الواقف ، ولا يبعد أن يقال بالفرق بين الثمرة والحمل في أوائل تحقّقهما وبينهما في غيرها ، بالبقاء على ملك الواقف في الثاني دون الأوّل ; لأنّ التبعيّة محفوظة في الأوّل دون الثاني .
نعم ، في المتن استشكل في الصوف على الشاة واللبن في الضرع ، ثمّ نهى عن ترك الاحتياط ، والوجه في الاستشكال أنّ الصوف واللبن ليسا كالثمرة والحمل ، بل هما تابعان ، خصوصاً الأوّل ، كما أنّ الوجه في النهي عن ترك الاحتياط الذي يتحقّق لا محالة بالتصالح هو الدوران بين الواقف والموقوف عليه ، ولا مجال في مثله للقرعة بعد كون الشبهة بالإضافة إلى الحكم الشرعي لا الموضوع الخارجي .


(الصفحة72)

مسألة : لو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي» شمل جميع البطون كما مرّ ، فمع اشتراط الترتيب أو التشريك أو المساواة أو التفضيل أو الذكورة أو الاُنوثة أو غير ذلك يكون هو المتّبع ، ولو أطلق فمقتضاه التشريك والشمول للذكور والإناث والمساواة وعدم التفضيل ، ولو قال : «وقفت على أولادي ، ثمّ على أولاد أولادي» أفاد الترتيب بين الأولاد وأولاد الأولاد قطعاً ، وأمّا بالنسبة إلى البطون اللاحقة فالظاهر عدم الدلالة على الترتيب ، فيشترك أولاد الأولاد مع أولادهم ، إلاّ إذا قامت القرينة على أنّ حكمهم كحكمهم مع الأولاد، وأنّ ذكر الترتيب بين الأولاد وأولاد الأولاد ، من باب المثال ، والمقصود الترتيب في سلسلة الأولاد ، وأنّ الوقف للأقرب فالأقرب إلى الواقف1 .


1 ـ لو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي» ـ أي مع العطف بالواو ـ شمل جميع البطون كما مرّ(1) ، فلو أطلق فمقتضاه التشريك والشمول للذكور والإناث والمساواة وعدم التفضيل ، ولو لم يطلق بل اشترط الترتيب أو التشريك أو التفضيل ، أو الذكورة أو الاُنوثة أو غير ذلك ، يكون هو المتّبع ; لأنّ الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها .
ولو قال : «وقفت على أولادي ، ثمّ على أولاد أولادي» أي مع العطف بثمّ الظاهر في الترتيب ، فإن كان مجرّد هذا التعبير ولم تقم قرينة على عدم الترتيب يشترك أولاد الأولاد مع أولادهم ; لأنّ غاية ما يدلّ عليه العطف بثمّ هو الترتيب بين الأولاد وأولاد الأولاد ، وأمّا بالنسبة إلى البطون اللاحقة فالظاهر عدم الدلالة

(1) في ص57 ـ 58 .

(الصفحة73)

مسألة : لا ينبغي الإشكال في أنّ الوقف بعد تماميّته يوجب زوال ملك الواقف عن العين الموقوفة ، إلاّ في منقطع الآخر الذي مرّ التأمّل في بعض أقسامه ، كما لا ينبغي الريب في أنّ الوقف على الجهات العامّة، كالمساجد والمشاهد والقناطر والخانات والمقابر والمدارس ، وكذا أوقاف المساجد والمشاهد وأشباه ذلك لا يملكها أحد ، بل هو فكّ الملك وتسبيل المنافع على جهات معيّنة .
وأمّا الوقف الخاصّ ، كالوقف على الأولاد ، والوقف العامّ على العناوين العامّة ، كالفقراء والعلماء ونحوهما ، فهل يكون كالوقف على الجهات العامّة لا يملك الرقبة أحد ، سواء كان وقف منفعة; بأن وقف ليكون منافع الوقف لهم ، فيستوفونها بأنفسهم أو بالإجارة أو ببيع الثمرة وغير ذلك ، أو وقف انتفاع ، كما إذا وقف الدار لسكنى ذرّيّته ، أو الخان لسكنى الفقراء ، أو يملك الموقوف عليهم رقبته ملكاً غير طلق مطلقاً ، أو تفصيل بين وقف المنفعة ووقف الانتفاع ،


على الترتيب ، بل يشترك أولاد الأولاد مع أولادهم ، فبالنسبة إلى الأولاد وأولاد الأولاد يكون العطف المذكور دالاًّ على الترتيب ، وأمّا بالنسبة إلى البطون فثبوت الترتيب تابع للظهور الناشئ عن قيام القرينة ، فتدبّر .
وإن قامت قرينة على أنّ حكمهم كحكمهم مع الأولاد ، وأنّ ذكر الترتيب بين الأولاد وأولاد الأولاد إنّما هو من باب المثال ، والمقصود الترتيب في سلسلة الأولاد ، وأنّ الوقف للأقرب فالأقرب إلى الواقف ، فاللازم الأخذ به ، والضابط ما أشرنا إليه مراراً من أنّ أصالة الظهور المعتمد عليها عند العقلاء أعمّ من أصالة الحقيقة ، واللازم الأخذ بها وإن كان على خلاف الحقيقة ، بل على سبيل

(الصفحة74)

فالثاني كالوقف على الجهات العامّة دون الأوّل ، أو بين الوقف الخاصّ ، فيملك الموقوف عليه ملكاً غير طلق ، والوقف العامّ فكالوقف على الجهات؟ وجوه ، لا يبعد أن يكون اعتبار الوقف في جميع أقسامه إيقاف العين لدرّ المنفعة على الموقوف عليه ، فلا تصير العين ملكاً لهم ، وتخرج عن ملك الواقف إلاّ في بعض صور المنقطع الآخر كما مرّ1 .


المجاز والمسامحة .

1 ـ لا ينبغي الارتياب في أنّ الوقف بعد صحّته وتماميّته يوجب بالإضافة إلى المالك الواقف زوال ملكه عن العين الموقوفة ، إلاّ في منقطع الآخر الذي مرّ الإشكال في بعض أقسامه(1) .
وأمّا الوقف على الجهات العامّة كالأمثلة المذكورة في المتن ، وكذا أوقافها كأوقاف المساجد والمشاهد وأشباه ذلك فلا يملكها أحد ، بل هو فكّ الملك وتسبيل المنافع على جهات خاصّة معيّنة .
وأمّا الوقف الخاصّ ، كالوقف على الأولاد ، والوقف على العناوين العامّة ، كالفقراء والعلماء ، فهل يكون كالوقف على الجهات العامّة لا يملك الرقبة أحد؟ فيه وجوه واحتمالات :
الأوّل : عدم ملك أحد من مصاديق ذلك العنوان للرقبة ، من دون فرق بين ما إذا كان وقف منفعة; بأن كان الغرض من الوقف كون المنافع ملكاً للموقوف عليه ، فيجوز لهم الاستيفاء بأنفسهم ، أو بالإجارة ، أو ببيع الثمرة ، أو وقف انتفاع ، كما إذا وقف الدار لسكنى ذرّيته ، أو الخان لسكنى الفقراء ، وقد عرفت أنّ الفرق بين

(1) في ص27 ـ 31 .

(الصفحة75)

مسألة : لا يجوز تغيير الوقف وإبطال رسمه وإزالة عنوانه ولو إلى عنوان آخر ، كجعل الدار خاناً أو دكّاناً أو بالعكس . نعم ، لو كان الوقف وقف منفعة وصار بعنوانه الفعلي مسلوب المنفعة أو قليلها في الغاية ، لا يبعد جواز تبديله إلى عنوان آخر ذي منفعة ، كما إذا صار البستان من جهة انقطاع الماء عنه


وقف المنفعة ووقف الانتفاع هو الفرق بين الإجارة والعارية(1) .
الثاني : ملكيّة الموقوف عليهم للرقبة ملكاً غير طلق لا يجوز لهم البيع والصلح والهبة وأمثال ذلك ، من دون فرق بين وقف المنفعة ووقف الانتفاع .
الثالث : التفصيل بين وقف المنفعة ووقف الانتفاع ، فالثاني كالوقف على الجهات العامّة كالمساجد والقناطر ومثلهما ، دون الأوّل ، فإنّه يصير ملكاً للموقوف عليهم ملكاً غير طلق في الأوّل دون الثاني ، بل هو كالوقف على الجهات العامّة .
الرابع : التفصيل بين الوقف الخاص كالوقف على الأولاد ، فيصير الموقوف عليهم مالكاً للرقبة ملكاً غير طلق ، وبين الوقف العامّ ، فهو كالوقف على الجهات العامّة لا يملكها أحد .
وقد نفى البعد في المتن من أن يكون اعتبار الوقف في جميع فروضه وأقسامه جعل العين راكدة محبّسة لدرّ المنافع على الموقوف عليهم ، فلا تصير العين ملكاً لهم ، وتخرج عن ملك الواقف إلاّ في بعض صور المنقطع الآخر ، وقد مرّ . وهو الأنسب بحقيقة الوقف وتعريفه على ما تقدّم في أوّل الكتاب .

(1) في ص70 .

(الصفحة76)

أو لعارض آخر لم ينتفع به ، بخلاف ما إذا جعل داراً أو خاناً1 .

مسألة : لو خرب الوقف وانهدم وزال عنوانه ، كالبستان انقلعت أو يبست أشجاره ، والدار تهدّمت حيطانها وعفت آثارها ، فإن أمكن تعميره وإعادة عنوانه ولو بصرف حاصله الحاصل بالإجارة ونحوها لزم وتعيّن على الأحوط ، وإلاّ ففي خروج العرصة عن الوقفيّة وعدمه ، فيُستنمى منها بوجه آخر ـ ولو بزرع ونحوه ـ وجهان بل قولان ، أقواهما الثاني ، والأحوط أن تجعل وقفاً ويجعل مصرفه وكيفيّاته على حسب الوقف الأوّل2 .


1 ـ لا يجوز تغيير الوقف وإبطال رسمه وإزالة عنوانه ولو بالتبديل إلى عنوان آخر وإن كان أكثر منفعة وأزيد استفادة ، كجعل الدار خاناً أو دكّاناً أو بالعكس . نعم ، لو كان الوقف وقف منفعة وصار بعنوانه الفعلي مسلوب المنفعة أو قليلها في الغاية ، فقد نفى البُعد عن جواز تبديله إلى عنوان آخر له منفعة معتدّ بها ، كالمثال المذكور في المتن الواقع نظيره في بلدة قم بالنسبة إلى كثير من الأراضي الزراعية ، أو البساتين الموقوفة لكريمة أهل البيت بنت موسى بن جعفر (عليهم السلام) ، حيث إنّها لصيرورتها قليلة المنفعة أو لانقطاع الماء عنها لوقوعها في أواسط البلد قد غيّر عنوانها بجعلها دوراً ودكاكين مثلاً .

2 ـ لو خرب الوقف بسبب الزلزلة مثلاً وانهدم وزال عنوانه ، كالبستان انقلعت أو يبست أشجاره،والدارتهدّمت حيطانهاوعفت آثارها، فتارةً يمكن تعميره وإعادة عنوانه ولو بصرف حاصله الذي حصل بالإجارة ونحوها ، واُخرى لا يمكن ذلك .
ففي الصورة الاُولى : لزم وتعيّن على الأحوط ; لأنّ اللازم حفظها مع الإمكان ، وإلاّ يلزم الخروج عن الوقف مع التخريب ولو عمداً وإن كان مخالفة للحكم

(الصفحة77)

مسألة : إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى تعمير وترميم وإصلاح لبقائها والاستنماء منها ، فإن عيّن الواقف لها ما يصرف فيها فهو ، وإلاّ يصرف فيها من نمائها على الأحوط مقدّماً على حقّ الموقوف عليهم ، والأحوط لهم الرضا بذلك ، ولو توقّف بقاؤها على بيع بعضها جاز1 .


التكليفي ، ومستلزمة لمنع شرعي ، مع أنّ الواضح خلافه .
وفي الصورة الثانية : ففي خروج العرصة عن الوقفية وعدمه فيُستنمى منها بوجه آخر ولو بزرع ونحوها ، فيه وجهان بل قولان ، وقد قوّى في المتن الثاني ، ولعلّه لأجل عدم تحقّق ما يوجب خروج العرصة عن الوقفية ; لأنّ دخولها لم يكن تابعاً لسائر الاُمور المعتبرة في الموقوفة ، فإذا وقف داراً فكأنّه وقف العرصة والحيطان والبيوت ، فمع انهدام ما عدا العنوان الأوّل لا يستلزمه خروجه عن الوقفيّة إلاّ في مثل ما إذا صار جزءاً لشارع أو زقاق بحيث لا يكون عند العرف شيئاً مستقلاًّ ، كما في ما عرفت من خراب المسجد(1) ، لكن مقتضى الاحتياط في غير مورد الاستثناء أن تجعل العرصة وقفاً ثانياً ، وتجعل مصرفه وكيفيّاته على حسب الوقف الأوّل .

1 ـ إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى تعمير وترميم وإصلاح لبقائها والاستنماء منها ، بحيث لو لم تعمّر ينتفى الاستنماء أو تقلّ ، فمع عدم تعيين الواقف ما يصرف في هذا المجال يصرف فيه من نمائها على الأحوط ، كما في المتن ، والسرّ فيه مدخليّة ذلك في بقاء العين وتسبيل المنفعة المقصودة العقلائية ، لكن الاحتياط في رضا الورثة بذلك ، ووجه الحكم الأخير واضح .

(1) في ص68 ـ 69 .

(الصفحة78)

مسألة : الأوقاف على الجهات العامّة التي مرّ(1) أنّها لا يملكها أحد كالمساجد والمشاهد والمدارس والمقابر والقناطر ونحوها ، لا يجوز بيعها بلا إشكال في مثل الأوّلين ، وعلى الأحوط في غيره وإن آل إلى ما آل ، حتّى عند خرابها واندراسها بحيث لا يرجى الانتفاع بها في الجهة المقصودة أصلاً ، بل تبقى على حالها ، هذا بالنسبة إلى أعيانها ، وأمّا ما يتعلّق بها من الآلات والفرش وثياب الضرائح وأشباه ذلك ، فما دام يمكن الانتفاع بها باقية على حالها لا يجوز بيعها ، وإن أمكن الانتفاع بها في المحلّ الذي اُعدّت له بغير ذلك الانتفاع الذي أعدّت له بقيت على حالها أيضاً ، فالفرش المتعلّقة بمسجد أو مشهد إذا أمكن الافتراش بها في ذلك المحلّ بقيت على حالها فيه ، ولو فرض استغناؤه عن الافتراش بالمرّة ، لكن يحتاج إلى ستر يقي أهله من الحرّ أو البرد مثلاً تجعل ستراً لذلك المحلّ ، ولو فرض استغناء المحلّ عنها بالمرّة ، بحيث لا يترتّب على إمساكها وإبقائها فيه إلاّ الضياع والضرر والتلف ، تجعل في محلّ آخر مماثل له; بأن تجعل ما للمسجد لمسجد آخر ، وما للمشهد لمشهد آخر ، فإن لم يكن المماثل أو استغنى عنها بالمرّة جعلت في المصالح العامّة .
هذاإذا أمكن الانتفاع بها باقيةً على حالها، وأمّالوفرض أنّه لا يمكن الانتفاع بهاإلاّ ببيعها ـ وكانت بحيث لوبقيت على حالهاضاعتوتلفت ـ بيعتوصرف ثمنها في ذلك المحلّ إن احتاج إليه، وإلاّ ففي المماثل، ثمّ المصالح حسب ما مرّ(2)1 .


1 ـ الحكم في هذه المسألة إجمالاً ظاهر ، ولكن ينبغي التنبيه على بعض الاُمور :

(1) في مسألة 67 .
(2) في مسألة 62 .

(الصفحة79)



الأوّل: إنّ نفي الإشكال عن عدم جواز البيع في مثل المساجد والمشاهد ـ وظاهره عدم جواز البيع حتّى في مثل ما إذا خرجتا عن هذين العنوانين بالمرّة ، كما إذا وقع المسجد في وسط الشارع وخرب لأجل ذلك ـ فلأجل عدم الاختصاص بشخص خاصّ حتّى يكون هو المالك وغيره المشتري ، فإنّ نسبتهما إلى جميع الناس على حدٍّ سواء ، ولو كان المسجد مبنيّاً في محلّ خاصّ من قرية خاصّة أو محلّة كذلك ، وأمّا في غيرهما من الأوقاف على الجهات العامّة كالمدارس والقناطر فالحكم وإن كان كذلك ، لكن ليس بذلك الوضوح ، بل مقتضى الاحتياط اللزومي ذلك .
الثاني : إنّ ما ذكر إنّما هو بالنسبة إلى الأعيان ، وأمّا ما يتعلّق بهذه العناوين من الآلات والفرش وثياب الضرائح وأشباه ذلك ، فما دام يمكن الانتفاع بها ، فإن أمكن ذلك مع بقائها على حالها لا يجوز بيعها ; لأنّ المفروض إمكان الصرف في الموقوفة مع البقاء على الحال ، كما أنّه إن أمكن الانتفاع بها في المحلّ الذي اُعدّت له بقيت على حالها أيضاً ، كما لو فرض إمكان الإفتراش بها في ذلك المحلّ بقيت على حالها فيه ، ولو فرض الاستغناء عن الفرش بالمرّة ، لكن يمكن الاستفادة منه في الوقاية من الحرّ أو البرد يستفاد منه ذلك ، ولو فرض الاستغناء عنه بالمرّة حتّى في الوقاية المذكورة ، ولم يترتّب على إمساكها وإبقائها في المحلّ الأصلي إلاّ الضياع والضرر والتلف ، تجعل في محلّ آخر مماثل له كالمسجد أو المشهد ، فإن لم يكن مماثل في البين أو استغنى عنها بالمرّة جعلت في المصالح العامّة .
الثالث : أنّه لو فرض عدم الإمكان بها إلاّ ببيعها ; لأنّها لو بقيت على حالها ضاعت أو تلفت ، ففي هذه الصورة يجوز بيعها وصرف ثمنها في ذلك المحلّ مع الاحتياج ، وإلاّ ففي المصالح العامّة ، ولا تصل النوبة إلى الصرف في خصوص محلّ مماثل ; لأنّ المفروض عدم بقاء العين الموقوفة للضياع أو التلف .


(الصفحة80)

مسألة : كما لا يجوز بيع تلك الأوقاف ، الظاهر أنّه لا يجوز إجارتها ، ولو غصبها غاصب واستوفى منها غير تلك المنافع المقصودة منها ـ كما إذا جعل المسجد أو المدرسة بيت المسكن ـ فلا يبعد أن تكون عليه اُجرة المثل في مثل المدارس والخانات والحمّامات ، دون المساجد والمشاهد والمقابر والقناطر ونحوها ، ولو أتلف أعيانها متلف فالظاهر ضمانه ، فيؤخذ منه القيمة وتصرف في بدل التالف ومثله1 .


1 ـ كما لا يجوز بيع تلك الأوقاف على الجهات العامّة ، فالظاهر أنّه لا تجوز إجارتها ; لعدم ملكيّة المنفعة بوجه . ولو غصبها غاصب واستوفى منها غير تلك المنافع المقصودة منها ، كما إذا جعل المسجد أو المدرسة بيت المسكن ، ففي المتن نفى البعد عن ثبوت اُجرة المثل عليه في مثل المدارس والخانات ، دون مثل المساجد والمشاهد ، فهنا أمران :
أحدهما : أصل ثبوت اُجرة المثل في الجملة ، ولعلّ الوجه أنّ جواز استيفاء المنفعة في الأوقاف المذكورة إنّما هو منحصر بالمقصودة منها ، وأمّا غيره فلا ، فلابدّ مع الاستيفاء من ثبوت اُجرة المثل ; لعدم ثبوت الضمان في المنافع بغيرها .
ثانيهما : التفصيل بين الاُمور المذكورة في المتن ، والظاهر أنّ الوجه فيه هو عدم اعتبار الاُجرة في مثل المسجد والمشهد دون مثل الخانات والحمّامات ، فإنّه تصحّ إجارتهما في صورة عدم الوقف، فيكشف ذلك عن اعتبار الاُجرة بالنسبة إلى مثلهما، وممّا ذكرنا يظهر ثبوت ضمان العين مع إتلاف أعيانها ; لاقتضاء قاعدة على اليد(1)

(1) مسند أحمد بن حنبل : 7 / 248 ح20107 ، سنن ابن ماجة : 3 / 147 ح2400 ، سنن الترمذي : 3/566 ح1269 ، السنن الكبرى للبيهقي : 8 / 495 ح11713 ، الخلاف : 3 / 409 مسألة 22 ، عوالي اللئالي : 2/345 ح10 ، وعنه مستدرك الوسائل : 17 / 88 ، كتاب الغصب ب1 ح4 .

<<التالي الفهرس السابق>>