جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 14)

الشرعية، وسطع نجمه أكثر من ذي قبل، واتجهت الأنظار إليه وكثر الإقبال عليه، ورجعت إليه الناس في التقليد، فطبع رسالة عملية وأدار شؤون الحوزة العلمية(1)...
كما يتحدّث عنه السيد الجلالي فيقول:
قد اشتهر فضل السيد وفقاهته على اثر الهجرة الطويلة تلك وشاع اسمه وطار صيّته بين الأعلام، وفي سنة 1355 هـ . ق التي توفي فيها الشيخ الحائري بقم ، حيث اتجهت إليه أنظار أفاضل الحوزة العلمية وأعلامها ، كما كان قد أرجع إليه المرجع العام للشيعة في ذلك العصر السيد أبو الحسن الاصفهاني احتياطاته، فنشرت لأوّل مرّة حاشيته على العروة الوثقى سنة 1355هـ . ق، تلك التي كشفت عن أبعاده العلمية المتميّزة، ممّا زاد في سعة شهرة فقاهة السيد وعظمته العلمية.
وهناك أسس ودعم وركّز مبانيه الاُصولية من خلال دورات الدروس التي ألقاها على تلامذته وناقشها معهم(2).
وكان كثيراً ما ينأى بعلم الاُصول ـ الذي يراه مقدمةً من المقدّمات الاُخرى للورود إلى الفقه ـ عن الفلسفة ومصطلحاتها المعقدة ، وعن العبارات الغامضة وعمّا لا ثمرة عملية له.. ويؤكد على وجوب فهم الأحاديث وظروفها، وعلى عدم الاتكال على ما توصل إليه علماء الرجال ، والاكتفاء به فقط دون النظر والتحقيق والتأمّل.

المرحلة الخامسة: قم المقدّسة

بعد زيارته لمشهد الإمام الرضا (عليه السلام)، ونزولاً عند رغبة فضلائها أمضى فيها
  • (1) نقباء البشر 2 : 606 .
  • (2) المنهج الرجالي : 24 .


(الصفحة 15)

ثمانية أشهر ـ وقيل ثلاثة عشر شهراً ـ استاذاً وإماماً للجماعة الوحيدة، بعد أن اقتدى به كلّ أئمّة الجماعات هناك. وفي طريق عودته إلى مدينته الاُم، بروجرد، زار مدينة قم المقدّسة، فكان في استقباله جمع كبير من علمائها وفضلائها، ولم يكتف الشيخ عبد الكريم الحائري بأن يكون على رأس المستقبلين، بل طلب من السيد البقاء في قم، فما كان من السيد إلاّ أن يلبّي هذه الدعوة، فبقي فيها خمسة أشهر، وكان هذا في سنة 1347هـ .
يقول السيد الجلالي: فأقام السيد هناك، وبدأ بالتدريس والبحث مدّة خمسة أشهر، كان نجمه فيها يتألّق، لكن الحكومة لم يرُق لها ذلك، فكانت تدبّر المؤامرات وتحيكها; لانتقال السيد إلى بروجرد، تاركاً قم أمله ومأمنه.
وفي عام 1364هـ وبعد سبعة عشر عاماً من عودته إلى مدينته من قم المقدّسة، عاد إلى هذه المدينة المقدسة مرجعاً كبيراً وعَلماً من أعلام الطائفة، تلبيةً لطلب أكثر الأعلام ـ وفي طليعتهم السيّد الإمام الخميني (قدس سره)ـ واستجابةً لرغبة فضلائها بعد التشتّت والاختلاف الذي دبّ بين صفوفها على اثر وفاة مؤسّسها الشيخ الحائري.
يقول الشيخ آغا بزرك : ... فسافر إلى طهران في (1364) للعلاج، وبقي في (مستشفى الفيروزآبادي) سبعين يوماً حتى تحسّنت حاله وبرئ، فطلب منه جمع من طلاّب قم وبعض علمائها أن يحلّ بينهم، فينظم الحوزة العلمية هناك، فأجابهم ووردها في (14 محرّم 1364) أو في (26 صفر 1364 على قول، وقيل في 24 محرّم) وعزم على سكناها; لايجاد روح العلم وتشجيع الطلاّب، حيث تبدّد نظام الهيأة العلمية بعد وفاة المؤسس الشيخ عبد الكريم اليزدي الحائري (رحمه الله)، وتمهدت له الاُمور، واتفق أن فجع العالَم الإسلامي بوفاة السيد أبي الحسن الأصفهاني في  (1365) ومضت برهة يسيرة وإذا بأنظار المسلمين في شتى البلاد والأصقاع متجّهةً إليه شاخصةً نحوه... وهو اليوم ـ في عهد الشيخ آغا بزرك ـ أكبر زعماء
(الصفحة 16)

الدين وأشهر مراجع تقليد الإمامية في سائر البلاد ، سواء في ذلك الإسلامية أو غيرها، كما أنّ بيده زمام الهيأة العلمية وهو مديرها ومدبرها...(1).
من هنا بدأت المرحلة الأخيرة، مرحلة المرجعية والزعامة الدينية التي ما سعى إليها قط كما سعت إليه. حيث كان يقول: «إني لم أقم بخطوة في طلب هذا المقام، لكنني أحسست فجأةً أنّ المرجعية تطاردني، وشعرت في نفسي انه لابدّ من تقبّلها» وله أيضاً: «كلّ من يطلب العلم بغرض الوصول إلى المقام الذي أنا فيه، إنّه لسفيه سفيه».
وكانت أقواله هذه مرآةً صادقةً تعكس أفعاله، فقد عرف نفسه، وعرف دوره، وعرف ما حوله، وأدرك مسؤوليته ، فكان أن تولد موقفه منها ومسؤوليته في تحمل أمانتها ، وهي ـ بلا شك ـ أمانة عظيمة ومسؤولية خطيرة. وهذا ما حدث فعلاً، كانت مرجعيته حافلةً بالأحداث، فقد جاءت عقيب وفاة زعيم الحوزة العلمية في قم، وقد انبرى لها عدد غير قليل، فتشتّتت المواقف واختلفت الآراء، واضطربت الاُمور.
كما جاءت تلو وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني الذي جمعت المرجعية فيه، ودانت له جميع الحوزات العلمية وانقادت لتقليده; وهي مرجعية واسعة موحّدة في شخصه.
يقول الشيخ آغا بزرك: فإنّ المرجعية التقليدية انقسمت ـ بعد أن كانت مجموعة في السيد الأصفهاني ـ إلى عدّة أشخاص تقرب العشرة أكثرهم في النجف الأشرف.
وجاءت مرجعية السيد البروجردي في وقت كانت رحى الحرب العالمية الثانية قائمة ، وما رافقها من اضطراب وقلق عمّ جميع البلدان ، ومنها بلادنا
  • (1) نقباء البشر 2 : 606 ـ 607 .


(الصفحة 17)

الإسلامية وشعوبها.
ومع كلّ هذا يقول السيّد الجلالي عن مرجعية سيدنا البروجردي:
وقد كانت المرجعية في عصره من أبرز أمثلة المرجعيات الصالحة الرشيدة المؤدية لما يُتوقع منها على مستويات الاُمّة والوطن والتقدّم العلمي. فكانت مرجعية مليئة بالمفاخر والمآثر في مجالات دين الناس ودنياهم وتراث الاُمّة، وقد مضى وخلّف آثاراً وذكريات عجز المتأخّرون عن اللحوق بشأوِهِ في مثلها(1).
فمن جملة مواقفه السياسيّة امتناعه من اللقاء مع الملك سعود عاهل المملكة العربية السعودية يومئذ، عندما جاء لزيارة طهران وحكّامه، فأرسل إليه بعض الهدايا والتي منها المصاحف الشريفة وستار الكعبة بيد السفير السعودي في ايران، فتقبّل السيّد المصاحف وشيء من الستار وأرجع الباقي. ثم كتب رسالة إلى الملك ضمّنها رواية شريفة للإمام الصادق (عليه السلام) تحتوي على أحكام الحج، فانعكست بعد ذلك في جرائد المملكة العربية السعودية بشكل واسع(2).
ومنها: ما احتاله النظام الحاكم على ايران في عصر زعامته حيث سعى لمحو رسم الخط الفارسي وإبداله بالخط اللاتيني، لكنّه جُوبه بالردّ العنيف مِن قِبَل السيّد الزعيم ، حيث كان له موقف مشهود في المقام الذي أدّى إلى امتناع السلطات من إجراء مقاصدهم الخبيثة(3).
نعم، إنّ المؤهلات التي كان يتمتّع بها السيد البروجردي ، ومنها قوّة الشخصية التي كان يتصف بها، وقدراته العلمية التي فاقت أقرانه ومعاصريه هيّأته لأن يكون زعيماً للطائفة ، كما يكون قائدها المدبّر وعالمها الفذّ. فراح يسدّد الحركة
  • (1) المنهج الرجالي : 26 .
  • (2) مجلّة الحوزة ، العدد 43 ـ 44 : 82 ـ 83 .
  • (3) مجلّة الحوزة ، العدد 43 ـ 44 : 153 ـ 154 .


(الصفحة 18)

العلمية التي كانت همّه الأوّل، ويقيم أعمدتها على اُسس متينة واُصول ثابتة، فنظم شؤونها ووحَّد كلمتها ودفع عنها السوء.
فكان لوجوده المبارك، ونشاطه الحثيث، وعمله الدؤوب الذي ما عرف التوقّف أو التردّد، وأيضاً التفاف أهل العلم والفضل حوله الذين وجدوه عالماً، وشخصاً صادقاً... أعظم الأثر لا في تطوّر حوزة قم العلمية فحسب، بل تطوّر الحوزات العلمية الاُخرى في مختلف البلاد الإسلامية. فكان فكره الثاقب، ويده المباركة، ونظراته البعيدة ترقب الأحداث في تلك الحوزات وإن بعدت، فتحظى باهتمامه ورعايته الأبوية.
وكيف لا يكون كلّ هذا وغيره من شأنه ، وهو المعروف بأنّه صاحب الأفكار الخلاّقة التي منها فكرة التقريب بين المذاهب، ودارها في القاهرة، والمبادرات العلمية وصاحب المشاريع الكبيرة الرائدة العملاقة التي تتصف بالإبداع والتجديد؟! وما خلّفه من آثار ومؤلّفات ومساجد ومدارس ومؤسسات دينية هنا وهناك في ايران والنجف الأشرف ، وفي بلدان اُخرى إسلامية وغير إسلامية ، منها: المسجد الذي اُسس بأمره في هامبورغ آلمانيا، كما ان المسجد الأعظم في قم عاصمة التشيّع اليوم ، يعدّ من أروع مآثره التاريخية. وأن إرساله المبلِّغين من الأعلام لنشر مذهب أهل البيت (عليهم السلام) في شتّى أقطار العالم ولا سيّما أروبا لخير دليل على وعيه واُفقه الواسع وخبرته وتجاربه.
فكان بحقّ من العمالقة القلّة، الذين عرفتهم الحوزات العلمية في بروجرد ، وفي اصفهان، وفي النجف، وفي مشهد وفي قم. وشهد له بذلك الكثيرون من أعلامها ورجالها. وقد ارتبط بها ارتباطاً وثيقاً طيلة عمره المديد.
ولَكَم وجدنا ونحن نطالع حياته هنا وهناك الشبه الكبير بينه وبين غيره من علمائنا الأفذاذ وإن اختلف في رؤاه وفي منهجه العلمي والتربوي والاجتماعي. وهذا أمر طبيعي ، فلكلّ شيخ طريقة. فقد اختطّ لنفسه هذه المنهجية منذ أوّل خطوة