جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 219)

إحدى الجهات ـ بعد حملها على الصورة المذكورة ـ سقوط شرطية القبلة في تلك الصورة ، وانّ الصلاة الواحدة هو التكليف الواقعي لذلك الشخص ، ولو لم يصادف القبلة ، أو أنه لم يسقط شرطيتها وأنّ المكلف به ، الصلاة إلى القبلة الواقعية؟ غاية الأمر أنّه يكتفي بالواحدة ، لعدم تمكّنه من الصلاة إلى باقي الجهات ، فإذا تمكّن وزال المانع في الوقت أو خارجه يجب عليه الصلاة إلى بقية الجهات ; ولعلّ الظاهر من الرواية هو المعنى الأوّل فتدبّر .
وأمّا إذا تمكّن من الصلاة إلى جهتين أو ثلاث جهات ، ففي وجوب صلاة واحدة إلى جهة واحدة فقط ، أو وجوب مقدار تمكّن منه ، خلاف ، فالمحكيّ عن بعض هو الإكتفاء بالواحدة ، وعدم وجوب الزائدة عليها(1) ، واستدل له بأنّ وجوب الصلاة إلى الجوانب الأربعة إنّما هو مقدّمة للعلم بتحقّق الواجب الواقعي الذي هو الصلاة إلى القبلة الواقعية ، ومن المعلوم أنّ المقدّمة العلمية إنّما تجب مع تحقق العلم بعدها ، وأمّا مع عدم إمكان تحققه فغير واجبة عند العقل ، والمفروض في المقام أنّ المكلف غير قادر على الإتيان بجميع المحتملات التي توجب العلم ويتحقق بعدها .
وفيه : أنّ العلم بتحقّق الواجب الواقعي ليس واجباً مستقلاًّ في مقابل نفس الواجب الواقعي حتى تجب مقدّماته الوجودية ، واستحق المكلّف بإتيانه المثوبة ، وبمخالفته العقوبة ، اللّتين يستحقّهما المكلّف بسبب اطاعة الواجب الواقعي ومخالفته ; بل المكلّف لمّا توجّه إليه التكليف الصادر من المولى وعلم به ، يحكم العقل عليه بأنّه يجب عليك إمتثاله ، فإذا كان المكلّف قادراً على الإمتثال اليقيني يحكم عليه بوجوبه . وأمّا إذا لم يتمكّن منه فالعقل يحكم عليه بوجوب السعي ،
  • (1) الفقيه 1 : 179 ; وحكاه عن العمّاني في مختلف الشيعة 2 : 67 ; مجمع الفائدة والبرهان 2 : 67 ; مدارك الاحكام 3 : 136 ; الحدائق 6 : 400 ; مفاتيح الشرائع 1 : 114  ; الذخيرة 1 : 21 .


(الصفحة 220)

وتحصيل الجهد في حصول مراد المولى ومقصوده ، فإذا تمكّن من الإمتثال الظني يحكم بوجوبه عليه ، فإذا جهد وسعى غاية السعي ولم يصادف ما أتى به للواجب الواقعي فهو معذور عنده .
وفيما نحن فيه تكون غاية السعي ، إتيان مقدار يتمكّن منه من المحتملات ، لأنّ بإتيان الواحدة يحتمل أنّه لم يدرك الصلاة إلى القبلة الواقعية مع احتمال إدراكها في باقي الصلوات ، فإنّه وإن لم يتمكن من الموافقة القطعية ، وتشترك الصلاة الواحدة مع الأكثر في حصول الموافقة الإحتمالية إلاّ أنّ الموافقة الإحتمالية إذا كانت من وجوه متعددة بعضها أقرب إلى الإمتثال اليقيني من بعض آخر ، يحكم العقل بوجوب إتيان ما هو الأقرب ، نظير ما إذا علم بوجوب أحد الشيئين المتبائنين ، ولم يتمكّن من الإتيان بهما معاً .
ولكن يرجّح في نظره وجوب أحدهما على الآخر ، فإنّ العقل يستقل بترجيح الجانب المظنون ، ويحكم بأنّه لو كان الواجب الواقعي هو الطرف الموهوم لم يستحق المكلّف عقاباً بل هو معذور ; بخلاف ما إذا رجّح الجانب الموهوم ، لأنّ في الصورة الاُولى قد بذل المكلّف جهده في تحصيل مراد المولى بخلاف الثانية ، فالأقوى فيما نحن فيه هو القول بوجوب مقدار يتمكّن منه .

فرع :

إذا كان المكلّف المتحيّر متمكّناً من الصلاة إلى الجوانب الأربعة ولم يأت بشيء منها حتى زال تمكّنه ، وبقي متمكّناً من الصلاة إلى أحدها فلا ريب في وجوبها ; وهل يجب عليه بعد الوقت أن يصلّي إلى باقي الجهات أو لا؟ وجهان مبنيّان على سقوط شرطية القبلة في هذه الصورة وعدمه .
والأقوى هوالسقوط وعدموجوب القضاء بعد الوقت، لأنّه لا يزاحم شرطية

(الصفحة 221)

القبلة مع الوقت كما يعلم بالاستقراء والتتبّع في مواردمزاحمة الوقت مع سائر الشروط بل بعض الأجزاء ، كما في صورة فقدان الماء التي تجب الصلاة مع التيمّم ، فإنّه لولا أهمية الوقت لوجب أن يصلّي المكلّف مع الطهارة المائية ولو بعد الوقت ، وكذا لو تنجّس بدنه أو ثوبه ، فإنّه في الأول يجب عليه أن يصلّي في الوقت مع نجاسة البدن ، بمعنى أنّه تسقط شرطية الطهارة من الخبث ، وفي الثاني يجب عليه أن يصلّي عارياً على قول ، أو مع ثوبه المتنجس على قول آخر ، فعلى الأول تسقط شرطية الستر ، وعلى الثاني تسقط شرطية الطهارة من الخبث ; وكما في صورة سقوط السورة لضيق الوقت ونحوه وتبدّل بعض أجزائها بشيء آخر كذلك في صلاة الخوف .
وغير ذلك من الموارد ، فإنّه يعلم منها أنّ الشارع قد اهتمّ بالوقت ، ولم يسقط شرطيته في صورة المزاحمة مع الشروط الاُخر ، ففي المقام إذا قيل : بأنّ المكلّف مأمور بالصلاة إلى القبلة الواقعية ، لزم أن تسقط شرطية الوقت ، لأنّ الجمع بين التكليف الأدائي وحفظ شرطية القبلة أمر ممتنع ، فبملاحظة رعاية الوقت يجب الحكم بسقوط شرطية القبلة ، فالصلاة إلى الجهة الواحدة هي المأمور بها الواقعية لهذا المكلّف ، ومقتضى الإتيان بها سقوط الأمر ، فلا وجه لوجوب الصلاة إلى باقي الجهات بعد الوقت .
إن قيل : مقتضى ما ذكر عدم عصيان المكلّف لأجل تأخيره حتّى زال تمكّنه من الجوانب الأربعة ، لأنّه على الفرض قد أتى بما هو المأمور به واقعاً ، ولم يتحقّق منه مخالفة أصلا ، وليس هنا أمر آخر حتّى يستحقّ المكلّف بمخالفته العقوبة ، لأنّ الأمر الذي يتوهّم مخالفة المكلّف له هو الأمر بالصلاة إلى القبلة الواقعية ، ولكن يدفعه أنّ الأمر قد تعلّق بطبيعة الصلاة والتخيير بين أفرادها في أجزاء الوقت عقليّ .
ومن المعلوم أنّ الشرائط تختلف باختلاف حالات المكلف في أجزاء الوقت ، ففي حالة وجدان الماء تكون الصلاة مع الطهارة الواقعية مصداقاً لطبيعة الصلاة
(الصفحة 222)

التي هي المأمور بها ، وفي حالة فقدانها تكون الصلاة مع الطهارة الترابية مصداقاً لها ، وفي حالة تمكّن المكلف من الصلاة إلى القبلة الواقعية تكون الصلاة إليها مصداقاً لطبيعة الصلاة ، وفي حالة عدم التمكّن تكون الصلاة مطلقاً ولو مع عدم التوجه إلى القبلة مصداقاً لها .
فباختلاف حالات المكلّف من واجديته للشرائط أو فاقديته يختلف المأمور به الواقعي ، ففيما نحن فيه تكون الصلاة إلى جهة واحدة هي المأمور بها الواقعية وقد امتثلها ، فلا وجه للحكم بعصيان المكلّف في مفروض المسألة .
قلت : نعم مقتضى ما ذكرنا هو ما قيل ، ولكن أكثر الفقهاء بل جميعهم(1) قد تسالموا على ثبوت العصيان ، بل يمكن أن يقال بأنّ العقل أيضاً يحكم بثبوته فتدبّر .


المسألة الثالثة : التفريق بين الصلاتين إلى الجهات



يجوز لمن عليه صلاتان كالظهرين مع اشتباه القبلة أن يأتي بمحتملات الثانية مبتدأ من غير الجهة التي ابتدأ بها في محتملات الاُولى ، كأن ابتدأ بالظهر متوجّهاً إلى المشرق وابتدأ بالعصر متوجّهاً إلى المغرب ، لإطلاق مرسلتي الصدوق والكليني المتقدمتين الدالتين على أنّ المتحيّر يصلي إلى أربعة جوانب(2) .
وهل يجوز أن يدخل في محتملات الواجب اللاحق قبل الإتيان بجميع محتملات الواجب السابق ، كأن صلّى الظهر إلى جهة واحدة والعصر إليها ، ثم صلّى الظهر إلى جهة اُخرى والعصر إليها ، وهكذا إلى أن يأتي بجميع محتملاتهما ، أو لايجوز الدخول في الثاني ، بل يعتبر في صحّة الدخول فيه الفراغ اليقيني من
  • (1) كشف اللثام 3 : 175  .
  • (2) تقدّمتا في ص217 .


(الصفحة 223)

الواجب السابق بإتيان جميع محتملاته؟ وجهان ، بل قولان مبنيّان على أنّه هل يجب مراعاة العلم التفصيلي من جهة الخصوصيّة المعتبرة في الصلاة اللاحقة ، وهي تأخّرها عن الصلاة السابقة ، لأنّ مراعاة العلم التفصيلي لازمة مهما أمكنت ، فإذا امتنعت من جهة القبلة فلا وجه للحكم بعدم لزومها من جهة اُخرى وهي التأخر والترتب ، أو أنّه إذا كانت الخصوصية المذكورة لا توجب تردّداً في الواجب زائداً على التردّد الحاصل من جهة اشتباه القبلة كما في المقام؟ ، لأنّ ما يأتي به من أوّل محتملات العصر إن كانت هي الصلاة إلى القبلة الواقعية فواجديتها للشرط معلومة ، وإن لم يكن هي المأمور بها الواقعية ، فلا ينفع ترتبها على الظهر الواقعي ، فكلّ محتمل يأتي به من العصر إمّا واجد للشرط على تقدير كونه هو المأمور به الواقعي ، وإمّا لا ينفع ترتّبه على الظهر على تقدير عدم كونه كذلك ، فلا تجب مراعاة العلم التفصيلي من جهة هذه الخصوصية أيضاً .
وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا يجوز التمسّك باستصحاب عدم الإتيان بالظهر الواقعي ، لأنّ ما يترتّب عليه إنّما هو عدم جواز الدخول في العصر الواقعي ، ونحن أيضاً نقول به ، ولذا لا نجوّز الإتيان بجميع محتملات العصر قبل الفراغ اليقيني من الظهر ، ولكن ندّعي أنّ ما يأتي به هو العصر الواقعي لو كانت الصلاة السابقة عليه هي المأمور بها الواقعية ; وعلى هذا فترتبه على الظهر ثابت في جميع محتملاته .
ثمّ إنّه لا يجوز أن يبتدأ في هذا الفرض بمحتملات العصر إلى غير الجهة التي ابتدأ في الظهر بها ، لأنّ مقتضى ما ذكرنا أنّ كلّ محتمل يأتي به من العصر مترتّب على الظهر على تقدير أن يكون هو المأمور به الواقعي ، وفي صورة تخالف الجهتين لا يعلم بثبوت الترتّب على التقدير المذكور ; لأنّ العصر الذي يأتي به على غير جهة الظهر يحتمل أن يكون هو المأمور به الواقعي ; وحينئذ لا يكون واجداً لشرطه وهو الترتّب على الظهر كما هو واضح .