جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 236)

ومكاتبة محمد بن الحصين قال : كتبت إلى عبد صالح : الرجل يصلّي في يوم غيم في فلاة من الأرض ولا يعرف القبلة ، فيصلّي حتّى إذا فرغ من صلاته بدت له الشمس فإذاً هو قد صلّى لغير القبلة ، أيعتدّ بصلاته أم يعيدها؟ فكتب(عليه السلام) : «يعيدها ما لم يفته الوقت أو لم يعلم أنّ الله يقول وقوله الحقّ : {فأينما تولوا فثمّ وجه الله}(1)»(2) .
ورواية سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام)  : الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلّي لغير القبلة ، ثمّ يصحى فيعلم أنّه صلّى لغير القبلة كيف يصنع؟ قال(عليه السلام)  : إن كان في وقت فليعد صلاته ، وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده»(3) .
والمستفاد من هذه الأخبار عدم الفرق في عدم وجوب الإعادة في خارج الوقت بين ما كان مستدبراً للقبلة ، وبين ما كان مستقبلا للمشرق أو المغرب أو ما بينهما إلى جهة الشمال . ولكن الشيخ(قدس سره) قال في محكيّ النهاية : وقد رويت رواية أنّه إذا كان أنّ من صلّى إلى استدبار القبلة ، ثمّ علم بعد خروج الوقت وجب عليه إعادة الصلاة وهذا هو الأحوط ، وعليه العمل(4) . انتهى .
ونظيره حكى السيّد في الناصريّات وابن إدريس في السرائر(5) ، إلاّ أنهما لم يعتمدا عليه ; ولا يخفى أنّ هذه الرواية وإن لم تكن مذكورة مسندة في الجوامع التي بأيدينا بل حكاها الشيخ(قدس سره) في محكي النهاية بنحو الإرسال ، إلاّ أنّه باعتبار إحاطة
  • (1) البقرة : 115 .
  • (2) التهذيب 2 : 49 ح160 ; الإستبصار 1 : 297 ح1097 ; الوسائل 4 : 316 . أبواب القبلة ب11 ح4 .
  • (3) الكافي 3 : 285 ح9 ; التهذيب 2 : 47 و142 ح152 و 153 و553 ; الإستبصار 1 : 269 ح1091 ; الوسائل 4 : 317 . أبواب القبلة ب11 ح6 .
  • (4) النهاية : 64  .
  • (5) المسائل الناصريات : 202 المسألة الثمانون; السرائر 1 : 205 .


(الصفحة 237)

الشيخ بالأخبار المرويّة عن النبيّ والأئمّة(عليهم السلام) نعلم بوجودها في الجوامع الأولية .
ولا يمكن أن يكون مراد الشيخ بهذه الرواية هي رواية عمّار الساباطي المتقدّمة ، لأنّها ظاهرة في حكم ما لو كان مستدبراً للقبلة ، ثمّ علم بعد الفراغ قبل خروج الوقت ، فالمورد فيهما مختلف ، وأيضاً لا يكون المقصود بها رواية عمرو بن يحيى قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل صلّى على غير القبلة ، ثمّ تبينت القبلة وقد دخلت وقت صلاة اُخرى؟ قال(عليه السلام)  : «يعيدها قبل أن يصلّي هذه التي قد دخل وقتها»(1) . لأنّها ظاهرة في تعيين وقت قضاء الصلاة التي وقعت على غير القبلة ، بعد الفراغ عن أصل وجوب الإعادة ، فهي غير مرتبطة بما تدلّ على أصل وجوب الإعادة أو القضاء ، وعلى تقديره فهي لا تتعرّض لحكم الإستدبار بالخصوص ، بل تدلّ على حكم الصلاة التي وقعت على غير القبلة أعمّ ممّا كان مستدبراً .
فظهر أنّ الروايات الواردة في حكم المسألة التي نحن فيها لا تنحصر بالطائفتين المذكورتين ، بل فيها ما يدلّ على التفصيل بين الإستدبار وغيره ، وهو ما رواه الشيخ في النهاية مرسلا ، وقد استشكل فيها  :
أوّلا : بأنّها غير معلومة الحجية ، إذ لو كانت مذكورة مسندة ونعلم برواتها لاطّلعنا على قدح في رواتها وإن لم يطّلع عليه الشيخ .
وثانياً : بأنّها على فرض حجيتها معارضة مع الأخبار المتقدمة الدالة على عدم وجوب الإعادة في خارج الوقت مطلقاً ولو كان مستدبراً .
وثالثاً : بفتوى جماعة من قدماء الأصحاب على خلافها كالسيّد المرتضى وابن إدريس وابن جنيد(2) . ولكن لا يخفى أنّ ضعفها على تقديره منجبر بفتوى كثير من
  • (1) التهذيب 2 : 46 ح149 ; ا لاستبصار 1 : 297 ح1098 ; الوسائل 4 : 313  . أبواب القبلة ب9 ح5 .
  • (2) المسائل الناصريات : 202 المسألة الثمانون ; السرائر 1 : 205 . وحكاه عن ابن الجنيد في مختلف الشيعة 2 : 69 .


(الصفحة 238)

الأصحاب على طبق مضمونها كالمفيد في المقنعة ، والشيخ في جميع كتبه ، وسلاّر وغيرهم(1) ، وليست معارضة مع الأخبار المتقدّمة لأنّها أخصّ منها ، إذ التعارض بينهما إنّما هو في خصوص ما بعد الوقت ، فتلك الأخبار تدلّ على عدم وجوب الإعادة مطلقاً ، وهذه تدلّ على وجوبها لو كان مستدبراً  ، فيجب أن يخصّص بها .
وفتوى من ذكر من الأصحاب على خلافها لا يوجب قدحاً فيها ، لأنّ بعضهم لا يعمل بالخبر الواحد أصلا ولو كان مسنداً ، كالسيد المرتضى ، وابن إدريس ; والبعض الآخر لا يعلم من حاله أنّه محيط بالأخبار المرويّة عن النبيّ والأئمّة(عليهم السلام) ، فلعلّه لم يطّلع على هذه الرواية ، فأفتى على طبق تلك الروايات المتقدّمة ، فالحكم بوجوب الإعادة لو كان مستدبراً مطلقاً في الوقت وفي خارجه غير بعيد ; فما ذكره المحقّق في الشرائع من أنّ الأظهر هو القول بعدم وجوب الإعادة في خارج الوقت مطلقاً(2) غير ظاهر ، فضلا عن أن يكون أظهر . والعجب أنّه(قدس سره)ممّن يعتمد في نظائر المسألة على مجرّد نقل الشيخ ، ويطعن على من ردّه بالإرسال أو غيره! .
ثمّ إنّ المراد بالإستدبار في الرواية التي رواها الشيخ(3) ليس هي النقطة المقابلة للكعبة ، بل المراد به هو الربع المقابل للربع من الدائرة التي وقعت الكعبة في جزء منه ، ويجب التوجه في الصّلاة وغيرها إليه ، وأيضاً ليس المراد به ما هو خارج عمّا بين المشرق والمغرب ، كما قد يتوهّم من رواية عمّار الساباطي المتقدّمة ، باعتبار
  • (1) المقنعة : 97 ; الخلاف 1 : 303 مسألة 51 ، المبسوط 1 : 80  ; النهاية : 64  ; المراسم : 61 ; الغنية : 69; المهذّب 1 : 87  ; الكافي في الفقه : 139  .
  • (2) شرائع الاسلام 1 : 58  .
  • (3) النهاية : 64  .


(الصفحة 239)

المقابلة بينه وبين ما بين المشرق والمغرب ، لأنّ هذا التوهّم ممنوع ، ومع فرضه فلايدلّ على أنّ المراد بالإستدبار فيما حكاه الشيخ أيضاً ذلك ، كما لا يخفى .
ثمّ إنّ ما ذكرنا ـ من وجوب الإعادة عليه في الوقت دون خارجه فيما إذا كان الإنحراف كثيراً ـ إنّما هو فيما إذا كان مأموراً بالتحرّي والإجتهاد ، لعدم انكشاف الواقع ، فتحرّى ثمّ تبيّن مخالفته للواقع ، وأمّا إذا كان عالماً بالحكم وبالقبلة ولكن صلّى إلى غير القبلة سهواً أو إشتباهاً ، ففي إلحاقه بالصورة الاُولى خلاف بين الأصحاب .
وممّن ذهب إلى الإلحاق وعدم التفصيل ، المفيد(قدس سره) في المقنعة ، والشيخ في التهذيب والنهاية ، وبعض المتأخّرين كالمحقّق الهمداني في المصباح(1) ، ولكنّ الأقوى عدم الإلحاق وفاقاً للعلاّمة في المختلف(2) . واحتجّ الشيخ ـ على ما حكاه عنه العلاّمة فيه وإن لم نجده في كتبه ـ بحديث الرفع(3) وأجاب عنه بأنّ حديث الرفع لا يدلّ على رفع الحكم ، بل المرفوع هي المؤاخذة ، فلا يدلّ على عدم وجوب الإعادة .
أقول : إن كان المراد من حديث الرفع هو رفع حكم ما فعله الناسي في حال نسيانه ، بمعنى أنّ الفعل الذي يفعله الناسي لو كان له حكم لو خلّى وطبعه ، فذلك الحكم مرفوع في حال صدوره نسياناً ، فلا يتمّ الاستدلال أيضاً ، لأنّ المفروض أنّ الناسي المكلّف بالصلاة إلى القبلة الواقعية لم يأت بها ، ففي الحقيقة يكون كمن لم يصلّ أصلا ، فهو لم يعمل عملا له حكم حتى يرفع ذلك الحكم في حال النسيان ، بخلاف من كان مأموراً بالتحرّي والاجتهاد ، فإنّ الحكم في حقّه هي الصلاة إلى
  • (1) المقنعة : 97 ; التهذيب 2 : 47 ; النهاية : 64  ; مصباح الفقيه كتاب الصلاة : 115 .
  • (2) مختلف الشيعة 2 : 73 .
  • (3) التوحيد : 353 ح24 ; الخصال : 417 ح9 ; الوسائل 15 : 369 . أبواب جهاد النفس ب56 ح1 .


(الصفحة 240)

جهة ظنّ أنّها القبلة ، ولذا لو لم يكن دليل على وجوب الإعادة عليه في الوقت لم نقل بوجوبها عليه ، لأنّ الأمر الظاهري يقتضي الإجزاء ولو انكشف الخلاف في الوقت ، وهذا بخلاف الناسي فإنّ الحكم في حقّه هي الصلاة إلى القبلة الواقعية ، والمفروض عدم مطابقة عمله لها .
ثمّ إنّه على تقدير دلالة حديث الرفع على عدم وجوب الإعادة فهو معارض بحديث رواه زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : «لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود»(1) لأنّ مورده صورة النسيان فقط ، لا ما يشمل العامد والجاهل كما قال به بعض ، لأنّ التعبير بالإعادة لا يناسبها ، فإنّها إنّما تستعمل في مورد يكون الشخص قاصداً لإمتثال التكليف المتوجّه إليه ، ويكون هو الداعي له على إتيان العمل .
غاية الأمر أنّه منعه عن إتيانه تامّاً بأجزائه وشرائطه بعض الطوارئ القهرية ، وإلاّ فالعامد الذي يترك عمداً بعض ماله دخل في تحقّق المأمور به ، أو يفعل بعض ما كان وجوده مضرّاً به لا يكون قاصداً في الحقيقة لإتيان المأمور به ، فلا يقال عليه أنّه يجب عليك الإعادة ، بل يقال : إنّه يجب عليك أصل الصلاة كما هو واضح . نعم لايبعد أن يكون شاملا للجاهل القاصر الذي يعتقد صحّة ما يفعله ، وإن كان في الواقع فاسداً ، وسيأتي في بعض المباحث الآتية مزيد توضيح لذلك فانتظر . فإذا انحصر مورد حديث لا تعاد بصورة النسيان ولم يكن عامّاً له ولغيره ، فيكون حينئذ مخصّصاً لحديث الرفع ، وحاكماً عليه كما لا يخفى .
ثمّ إنّه لا دلالة للأخبار المتقدمة المفصلة بين الوقت وخارجه على عدم الفرق بين الناسي وغيره كما يظهر من بعض ، لأنّك عرفت أنّ موردها ما إذا كانت علائم
  • (1) الفقيه 1 : 181 ح857 ; التهذيب 2 : 152 ح597 ; الوسائل 4 : 312 . أبواب القبلة ب9 ح1 .