جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 87)

الرواية ، إذ لو كان الغرض بيان الترتيب ، لكان اللاّزم فيمن لم يأت بشيء من الصلاتين إلى أن بقي من مجموع الوقت مقدار أربع ركعات ، أن يأتي بالظهر فقط مراعياً للترتيب ، فلا وجه لتقديم العصر حينئذ إلاّ أن يكون الوقت مختصّاً بها ، وبالجملة سقوط التكليف بالظهر في ذلك الفرض ووجوب الإتيان بالعصر فقط ممّا يدلّ قطعاً على اختصاص الوقت بها ، فالرواية حيث تكون متعرّضة للحكم المذكور فلابدّ من أن يكون المقصود بها هو بيان الوقت الاختصاصي وغيره .
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ وقت الظهر مبائن لوقت العصر عند العامّة ، وكذا وقت المغرب والعشاء ، فعند بعضهم يكون أوّل الزوال إلى المثل وقتاً للظهر ، ثمّ يخرج وقتها ويدخل وقت العصر ، وعند بعضهم الآخر ، يكون أوّل الزوال إلى المثلين وقتاً للظهر ، ثمّ يخرج وقتها ويدخل وقت العصر(1) . نعم حكي عن ربيعة ، القول بدخول الوقتين بمجرّد الزوال(2) ، ولكن هذا القول شاذّ عندهم .
وكيف كان فالسيرة المستمرّة فيهم إلى زماننا هذا ، هو إتيان العصر بعد مدة طويلة من إتيان الظهر ، فكانوا يصلّون الظهر ثمّ يتفرّقون إلى مشاغلهم ، إلى أن يصير ظل الشاخص مثله أو مثليه ، ثمّ يعودون للإتيان بالعصر ، وكان الجمع بين الصلاتين والإتيان بهما معاً متّصلا بلا انقطاع أمراً منكراً عندهم ، ولذلك تعجّب أبو أمامة من فعل أنس فيما رواه البخاري عنه حيث روى عنه أنّه قال : صلّينا مع عمر بن عبدالعزيز الظهر ثمّ خرجنا حتّى دخلنا على أنس بن مالك ، فوجدناه يصلّي العصر ، فقلت : ما هذه الصلاة؟ فقال : العصر وهذه صلاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)التي
  • (1) المغني لابن قدامة 1 : 416 ; المجموع 3 : 21 ; الشرح الكبير 1 : 465 ; الخلاف 1 : 257 مسألة 4 ; تذكرة الفقهاء 2 : 302 مسألة 26 و ص306 مسألة 28 .
  • (2) المغني 1 : 418 ; الشرح الكبير 1 : 469 ; تذكرة الفقهاء 2 : 308  .


(الصفحة 88)

كنّا نصلّي معه(1) .
وبالجملة : فالتباين في الوقت في الظهرين وكذا العشائين كان أمراً مرتكزاً في أذهانهم ، بحيث التزموا بعدم اشتراك الوقت أيضاً في موارد الجمع كما في السفر وعند المطر ، وأنّ وقت الصلاة الاُولى يصير مضيقاً بسبب الآخر ; والدليل لهم في ذلك ما روي من أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) كان يفرّق بين الصلاتين(2) . مضافاً إلى ذلك رواية جبرئيل المتقدّمة(3) . ولكن لا يخفى أنّ ذلك لا يدلّ على مرامهم وهو وجوب التفريق ، فإنّ التزامه(صلى الله عليه وآله) بوقت خاصّ للمجيء إلى المسجد لعقد الجماعة ، إنّما كان لاطّلاع الناس على وقت مجيئه(صلى الله عليه وآله) كما هو شأن أئمّة الجماعة أيضاً ، وهذا لا ينافي عدم التزامه(صلى الله عليه وآله)بوقت خاصّ ولو في حال كونه مريداً للصلاة منفرداً ; ويدلّ على ذلك قول أنس في رواية البخاري المتقدّمة ، مع أنّه كان حاجباً له ومطّلعاً على خفايا أمره ; وروى نظير هذه الرواية مالك وأحمد بن حنبل ، من أن النبيّ(صلى الله عليه وآله) جمع بين الصلاتين(4) ، وكذلك روى ابن عبّاس أنّه(صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء من غير مطر ولا سفر(5) ، وفي رواية : من غير خوف ولا سفر(6) . وقد أجابوا عن هذه الرواية بأنّ روايات ابن عباس معمول بها إلاّ روايته في مسألة الجمع ، فإنّها لا تكون حجّة للاعراض عنها(7) .
  • (1) صحيح البخاري 1 : 156 ح549 .
  • (2) سنن ابن ماجة 1 : 219 ح667 ; سنن النسائي 1 : 283 ح498 ; سنن الترمذي 1 : 203 ح152 .
  • (3) سنن الترمذي 1 : 200 ح149 ; سنن أبي داود 1 : 107 ح393 .
  • (4) الموطأ : 90 باب الجمع بين الصلاتين ح1 ـ 7; مسائل أحمد بن حنبل : 75 .
  • (5) علل الشرائع : 322 ، ب11 ، ح6; الوسائل 4 : 221 . أبواب المواقيت ب32 ح5 . صحيح مسلم 5 : 176 ب6 ح49 ـ 50 ; الموطّأ  : 91 ح4 .
  • (6) علل الشرائع : 327 ، ح4 و 5; الوسائل 4 : 221 . الموطأ : 91 ، ح4; أبواب المواقيت ، ب32 ، ح4 .
  • (7) راجع شرح النووي على صحيح مسلم 5 : 178 ح706 .


(الصفحة 89)

وبالجملة : فالجمع بين الصلاتين كان من المنكرات عندهم وحينئذ فلا يبقى الارتياب في كون أخبار الاشتراك مسوقة لبيان الحكم الواقعي ، وأنّ الحقّ في خلافهم ، فمرادهم(عليهم السلام) أنّه لا يجب الانتظار للإتيان بصلاة العصر بعد الإتيان بالظهر كما عليه الجمهور ، بل يجوز الإتيان بهما معاً بعد الزوال بلا فصل ; وليست هذه الروايات بصدد بيان اشتراكهما في كل جزء منه حتّى تنافي ما يدلّ على اختصاص أوّل الوقت بالظهر ، وقد عرفت أنّ اعتبار لترتيب بين الصلاتين كان أمراً بديهيّاً عند المسلمين ، حتّى أنّ العامّة القائلين بتباين الوقتين المستلزم لوقوع الثانية عقيب الاُولى قهراً ، ذهبوا إلى اعتباره في موارد جواز الجمع(1) ، وحينئذ فلا يبقى مجال بعد وضوح اعتباره ، لتوهّم أن يكون قوله(عليه السلام)  : «إذا زالت الشمس دخل الوقتان»(2) . دالاًّ على دخول الوقتين بمجرّد الزوال المستلزم لنفي اعتبار الترتيب ، فحيث لا يكون ذلك القول موهماً لخلاف المقصود ، لأجل ارتكاز اعتبار الترتيب في أذهانهم ، وكان الغرض من مثل ذلك القول ، الردّ على المخالفين القائلين بوجوب تأخير العصر بعد الفراغ من الظهر إلى أن يدخل وقتها ، كان التعبير بهذا النحو من العبارة أحسن تعبير في بيان المرام .
فحاصل معنى الروايات أنّه لا يجب بعد الفراغ من الظهر الانتظار مدّة مديدة ، والصبر إلى أن يصير الظلّ مثلي الشاخص مثلا ، بل يجوز الجمع بينهما مطلقاً لدخول وقت العصر بعد الفراغ من الظهر فوراً ، والمصحّح لذلك الكلام هو ملاحظة مجموع العملين باعتبار ترتّب أحدهما على الآخر أمراً واحداً ، يدخل أوّل وقته بالزوال ألا ترى أنّه لو قيل : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر ، لا يتوهّم أحد دخول وقت الركعة الأخيرة منها أيضاً بالزوال ، ولا يتبادر منه إلاّ
  • (1) سنن النسائي 1 : 321 ـ 330  .
  • (2) الفقيه 1 : 140 ح648 ; الوسائل 4 : 125 . أبواب المواقيت ب4 ح1 .


(الصفحة 90)

مجرّد جواز الشروع فيها بمجرّد تحقّقه ، وهكذا المقام فإنّه لا يتبادر من أخبار الاشتراك إلاّ مجرّد الإتيان بالصلاتين معاً بلا فصل .
إن قلت : ما ذكرت من كون المراد بدخول وقت الصلاتين دخول وقت المجموع من حيث المجموع ، إنّما يجري في مثل التعبير بقوله : «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين»(1) ولا يتمشّى في مثل قوله : دخل الوقتان كما في رواية زرارة(2) .
قلت : من الواضح أنّه ليس المراد بدخول الوقتين دخول زمانين في آن واحد ، فإنّه غير معقول ، بل النظر في ذلك إلى تعدّد العمل ، فلا فرق بين التعبيرين . وبالجملة بعد كون اعتبار الترتيب بين الصلاتين أمراً مركوزاً في ذهنهم ، فلا يتبادر عندهم من قوله(عليه السلام)  : «دخل وقت الصلاتين» ، إلاّ مجرّد جواز الشروع فيهما متعاقباً ، من غير دلالة على اختصاص أوّل الزوال بالظهر ، أو اشتراكهما في جميع أجزاء الوقت ، بحيث لو وقعت العصر في أوّل الزوال نسياناً أو غفلة ، لوقعت صحيحة فالروايات لا تعرّض لها إلى حيثية الاشتراك ، أو الاختصاص حتّى تنافي ما يدلّ على أحدهما ، بل مفادها ليس إلاّ مجرّد بيان عدم وجوب تأخير العصر ، كما هو المتداول بين العامّة في مقام العمل .
إن قلت : إن ما ذكرت من أنّ معنى الروايات ليس إلاّ مجرّد جواز الإتيان بالصلاتين متعاقباً ، وهذا لا ينافي أن يكون للظهر وقت مختص به ، يوجب الاستهجان بنظر العرف ، ألا ترى أنّه لو قيل : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر وكان الجزء الأوّل الذي يمكن ايقاع ركعة منها فيه مختصّاً بالركعة الاُولى ، والثاني بالثانية ، وهكذا يكون مستهجناً عرفاً فكذا المقام .
  • (1) الوسائل 4 : 127 ، 128 ، 130 . أبواب المواقيت ب4 ح8 ـ 11 و 21 .
  • (2) الوسائل 4 : 125 أبواب المواقيت ب 4 ح1  .


(الصفحة 91)

قلت : الاستهجان العرفي إنّما هو فيما إذا كانت الركعات متّصلة وأمّا في مثل المقام فلا نسلّم الاستهجان .
هذا وإن أبيت إلاّ عن ظهور أخبار الاشتراك في دخول وقت العصر أيضاً بمجرّد الزوال ، فنقول : لابدّ من رفع اليد عن هذا الظهور بملاحظة رواية ابن فرقد(1) الصريحة في الاختصاص ، خصوصاً بملاحظة ذيلها كما عرفت .
إن قلت : كيف يمكن الذهاب إلى الاختصاص مع أنّه لا يكون للوقت المختص حدّ محدود ، لاختلافه بحسب اختلاف المكلّفين من حيث الخفّة والبطء وحالاتهم من حيث السفر والحضر .
قلت : لم يدلّ دليل على أنّه يجب أن يكون الوقت بحيث لا يقبل الزيادة والنقصان ، ألا ترى أنّ مقدار القدم والقدمين والمثل والمثلين يختلف باختلاف الفصول والأيّام من حيث الطول والقصر ، ومع ذلك فقد جعلت حدّاً كما عرفت ويأتي .
ثمّ إنّ صاحب المصباح(قدس سره) ذكر في المقام كلاماً ، ملخّصه أن المتبادر من قول القائل : إذا زالت الشمس دخل وقت العمل الكذائي ، إرادة دخول وقته الفعلي الذي يجوز فيه ذلك الفعل ، لا الوقت الشأني الذي لا يصحّ إيقاعه فيه إلاّ على بعض الفروض النادرة الخارجة عن اختيار المكلّف ، كما هو الشأن في المقام بالنسبة إلى صلاة العصر ، بناء على مشاركتها مع الظهر من أوّل الوقت ، إلاّ أنّه يجب رفع اليد عن هذا الظهور هنا ، فيدور الأمر بين أن يكون المراد دخول الوقتين معاً ، غاية الأمر كون المراد بالنسبة إلى العصر الوقت الشأنيّ ; ويكون قوله(عليه السلام) : «إلاّ أنّ هذه قبل هذه» ، قرينة عليه ; وبين أن يكون المراد دخول الوقتين متعاقبين ، ولكنّك
  • (1) التهذيب 2 : 25 ح70; الاستبصار 1 : 261 ح936; الوسائل 4 : 127 . أبواب المواقيت ب4 ح7 .