جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه العروة الوثقي
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 220)

من المشي إلى بيته الحرام على القدمين ، وأنّ الحجّة الواحدة تعدل سبعين حجّة» . و«ما عُبد الله بشيء مثل الصمت والمشي إلى بيته» .
ومنها : أن تكون نفقة الحجّ والعمرة حلالاً طيّباً ، فعنهم  (عليهم السلام) : «إنّا أهل بيت حجّ صرورتنا ومهور نسائنا وأكفاننا من طهور أموالنا» . وعنهم  (عليهم السلام) : «من حجّ بمال حرام نودي عند التلبية : لا لبّيك عبدي ولا سعديك» . وعن الباقر (عليه السلام) : «من أصاب مالاً من أربع لم يقبل منه في أربع : من أصاب مالاً من غلول أو ربا أو خيانة أو سرقة لم يقبل منه في زكاة ولا صدقة ولا حجّ ولا عمرة» .
ومنها : استحباب نيّة العود إلى الحجّ عند الخروج من مكّة ، وكراهة نيّة عدم العود ، فعن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : «من رجع من مكّة وهو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره ، ومن خرج من مكّة ولايريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه» . وعن الصادق (عليه السلام) مثله مستفيضاً ، وقال (عليه السلام) لعيسى بن أبي منصور : «يا عيسى إنّي اُحبّ أن يراك الله فيما بين الحجّ إلى الحجّ، وأنت تتهيّأ للحجّ» .
ومنها : أن لايخرج من الحرمين الشريفين بعد ارتفاع النهار إلاّ بعد أداء الفرضين بهما .
ومنها : البدأة بزيارة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لمن حجّ على طريق العراق .
ومنها : أن لايحجّ ولايعتمر على الإبل الجلاّلة ، ولكن لايبعد اختصاص الكراهة بأداء المناسك عليها ، ولايسري إلى ما يسار عليها من البلاد البعيدة في الطريق ، ومن أهمّ ما ينبغي رعايته في هذا السفر احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة على تصحيح النيّة ، وإخلاص السريرة ، وأداء حقيقة القربة ، والتجنّب عن الرياء ، والتجرّد عن حبّ المدح والثناء ، وأن لايجعل سفره هذا على ما عليه كثير من مترفي عصرنا من جعله وسيلة للرفعة والافتخار ، بل وصلة إلى التجارة والانتشار ومشاهدة البلدان وتصفّح الأمصار ، وأن يراعي أسراره الخفيّة ودقائقه
(الصفحة 221)

الجليّة ، كما يفصح عن ذلك ما أشار إليه بعض الأعلام : إنّ الله تعالى سنّ الحجّ ووضعه على عباده إظهاراً لجلاله وكبريائه ، وعلوّ شأنه وعظم سلطانه ، وإعلاناً لرقّ الناس وعبوديّتهم وذلّهم واستكانتهم ، وقد عاملهم في ذلك معاملة السلاطين لرعاياهم ، والملاّك لمماليكهم ، يستذلّونهم بالوقوف على باب بعد باب، واللبث في حجاب بعد حجاب .
وأنّ الله تعالى قد شرّف البيت الحرام وأضافه إلى نفسه ، واصطفاه لقدسه ، وجعله قياماً للعباد ، ومقصداً يؤمّ من جميع البلاد ، وجعل ما حوله حرماً ، وجعل الحرم آمناً ، وجعل فيه ميداناً ومجالاً، وجعل له في الحلّ شبيهاً ومثالاً ، فوضعه على مثال حضرة الملوك والسلاطين ، ثمّ أذّن في الناس بالحجّ ليأتوه رجالاً وركباناً من كلّ فجّ ، وأمرهم بالإحرام وتغيير الهيئة واللباس شُعثاً غُبراً، متواضعين مستكينين ، رافعين أصواتهم بالتلبية وإجابة الدعوة ، حتّى إذا أتوه كذلك حجبهم عن الدخول ، وأوقفهم في حجبه يدعونه ويتضرّعون إليه ، حتّى إذا طال تضرّعهم واستكانتهم ورجموا شياطينهم بجمارهم ، وخلعوا طاعة الشيطان من رقابهم، أذن لهم بتقريب قربانهم وقضاء تفثهم ، ليطهروا من الذنوب التي كانت هي الحجاب بينهم وبينه ، وليزوروا البيت على طهارة منهم ، ثمّ يعيدهم فيه بما يظهر معه كمال الرقّ وكنه العبوديّة ، فجعلهم تارة يطوفون فيه ، ويتعلّقون بأستاره ، ويلوذون بأركانه ، واُخرى يسعون بين يديه مشياً وعدواً ; ليتبيّن لهم عزّ الربوبيّة ، وذلّ العبوديّة ، وليعرفوا أنفسهم ، ويضع الكبر من رؤوسهم ، ويجعل نير الخضوع في أعناقهم ، ويستشعروا شعار المذلّة ، وينزعوا ملابس الفخر والعزّة وهذا من أعظم فوائد الحجّ .
مضافاً إلى ما فيه من التذكّر بالإحرام والوقوف في المشاعر العظام لأحوال المحشر ، وأهوال يوم القيامة ، إذ الحجّ هو الحشر الأصغر ، وإحرام الناس وتلبيتهم
(الصفحة 222)

وحشرهم إلى المواقف ووقوفهم بها، والهين متضرّعين راجعين إلى الفَلاح أو الخَيبة والشقاء ، أشبه شيء بخروج الناس من أجداثهم ، وتوشّحهم بأكفانهم ، واستغاثتهم من ذنوبهم ، وحشرهم إلى صعيد واحد إلى نعيم أو عذاب أليم ، بل حركات الحاجّ في طوافهم وسعيهم ورجوعهم وعودهم يشبه أطوار الخائف الوَجِل، المضطرب المدهوش الطالب مَلجأً ومَفزعاً ، نحو أهل المحشر في أحوالهم وأطوارهم ، فبحلول هذه المشاعر والجبال والشِعب والطَلال ولدى وقوفه بمواقفه العظام يهون ما بأمامه من أهوال يوم القيامة من عظائم يوم الحشر ، وشدائد النشر ، عصمنا الله وجميع المؤمنين ، ورزقنا فوزه يوم الدين ، آمين ربّ العالمين(1) . وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين .
  • (1) من أوّل كتاب الحجّ إلى هنا لنجله الأمجد الأوحد حضرة السيّد محمد، بأمر والده (قدس سرهما).

(الصفحة 223)


بسم الله الرحمن الرحيم

فصل

[في وجوب الحجّ]



من أركان الدين الحجّ ، وهو واجب على كلّ من استجمع الشرائط الآتية من الرجال والنساء والخناثى بالكتاب والسنّة والإجماع من جميع المسلمين ، بل بالضرورة ، ومنكره في سلك الكافرين ، وتاركه عمداً مستخفّاً به بمنزلتهم ، وتركه من غير استخفاف من الكبائر ، ولايجب في أصل الشرع إلاّ مرّة واحدة في تمام العمر ، وهو المسمّى بحجّة الإسلام ; أي الحجّ الذي بني عليه الإسلام ، مثل الصلاة والصوم والخمس والزكاة ، وما نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على أهل الجدة كلّ عام ـ على فرض ثبوته ـ شاذّ مخالف للإجماع والأخبار ، ولابدّ من حمله على بعض المحامل ، كالأخبار الواردة بهذا المضمون من إرادة الاستحباب المؤكّد ، أو الوجوب على البدل ; بمعنى أنّه يجب عليه في عامه ، وإذا تركه ففي العام الثاني وهكذا ، ويمكن حملها على الوجوب الكفائي ، فإنّه لايبعد وجوب الحجّ كفاية
(الصفحة 224)

على كلّ أحد في كلّ عام إذا كان متمكّناً بحيث لا تبقى مكّة خالية عن الحجّاج ، لجملة من الأخبار الدالّة على أنّه لايجوز تعطيل الكعبة عن الحجّ ، والأخبار الدالّة على أنّ على الإمام ـ كما في بعضها ـ وعلى الوالي ـ كما في آخر ـ أن يجبر الناس على الحجّ والمقام في مكّة وزيارة الرسول (صلى الله عليه وآله) ، والمقام عنده ، وأنّه إن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال .
[2980] مسألة 1 : لا خلاف في أنّ وجوب الحجّ بعد تحقّق الشرائط فوري ; بمعنى أنّه يجب المبادرة إليه في العام الأوّل من الاستطاعة ، فلا يجوز تأخيره عنه ، وإن تركه فيه ففي العام الثاني وهكذا ، ويدلّ عليه جملة من الأخبار ، فلو خالف وأخّر مع وجود الشرائط بلا عذر يكون عاصياً ، بل لا يبعد  كونه كبيرة ، كما صرّح به جماعة ، ويمكن استفادته من جملة من الأخبار .
[2981] مسألة2 : لو توقّف إدراك الحجّ بعد حصول الاستطاعة على مقدّمات من السفر وتهيئة أسبابه وجبت المبادرة إلى إتيانها على وجه يدرك الحجّ في تلك السنة ، ولو تعدّدت الرفقة وتمكّن من المسير مع كلّ منهم اختار  أوثقهم سلامةً وإدراكاً ، ولو وجدت واحدة  ولم يعلم حصول اُخرى أو لم يعلم التمكّن من المسير والإدراك للحجّ بالتأخير ، فهل يجب الخروج مع الاُولى ، أو يجوز التأخير إلى الاُخرى بمجرّد احتمال الادراك ، أو لايجوز إلاّ مع الوثوق؟ أقوال ، أقواها الأخير ، وعلى أيّ تقدير إذا لم يخرج مع الاُولى واتّفق عدم التمكّن من المسير ، أو عدم إدراك الحجّ بسبب التأخير ، استقرّ عليه الحجّ وإن لم يكن آثماً بالتأخير ; لأنّه كان متمكّناً من الخروج مع الاُولى ، إلاّ إذا تبيّن عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً .