جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 211)

جماعة ، مع عدم نفاد صلاة الإمام بعد ـ كما هو ظاهر بعض الروايات الواردة في صلاة الخوف ـ نقول: إنّ تجويز ذلك في مورد الضرورة والعذر لا يستلزم التجويز مطلقاً .
ومنها: ما ورد في بعض الروايات من جواز التسليم قبل الإمام فيما لو أطال التشهّد(1) وقد قدّمنا جوابه فيما سبق ، ومحصّله: إنّ مجرّد جواز التسليم قبل الإمام لا يتوقّف على صيرورة الصلاة فرادى ، بل صلاته باقية على الجماعة ما دام لم يفرغ منها ، غاية الأمر أنه بالفراغ لا يبقى موضوع لوصف الجماعة ، ومرجع ذلك إلى أنّ ما يكون واجباً على المأموم عند صيرورة صلاته جماعة ـ وهو وجوب متابعة الإمام في الأفعال ـ يرتفع عند عروض عذر للمأموم ، وقد عرفت أنّ متابعة الإمام لا يكون لها دخل في قوام الجماعة أصلا .
ومنها: ما رواه العامّة بطرقهم عن جابر أنّه قال: «كان معاذ يصلّي مع رسول الله(صلى الله عليه وآله)العشاء ثمّ يرجع إلى قومه فيؤمّهم ، فأخّر النبيّ(صلى الله عليه وآله) صلاة العشاء فصلّى معه، ثمّ رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة ، فتأخّر رجل فصلّى معه وحده ، فقيل له: نافقت يا فلان ، فقال: ما نافقت ولكن لآتينّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأخبره ، فأتى النبيّ(صلى الله عليه وآله)فذكر ذلك له ، فقال له: افتان أنت يا معاذ مرّتين ولم ينكره النبيّ(صلى الله عليه وآله)»(2) .
وقد استدلّ بهذه الرواية الشافعي في كتاب الأمّ، ورواها بطرق أربعة ينتهي كلّها إلى جابر(3) ، وكذا استدلّ بها الشهيد(قدس سره)(4) هذا ، والظاهر أنّه لا دلالة للرواية على مرام المستدلّ بوجه ، لأنّها متعرّضة لحال معاذ من جهة كونه من الأنصار ،
  • (1) التهذيب 2 : 317 ح1299  . الوسائل 6 : 416  . أبواب التسليم ب1 ح6  .
  • (2) سنن البيهقي 2: 392 ـ 393 .
  • (3) الامّ 1: 172 ـ 173 .
  • (4) الذكرى 4 : 426  .

(الصفحة 212)

كجابر الراوي للحديث ، وليس فيها تعرّض لحال الأعرأبي الذي صلّى وحده ، وأنّه هل أوجب الرسول(صلى الله عليه وآله) عليه الإعادة أم لا؟
ومن المعلوم أنّ هذا النحو من عدم التعرّض لا دلالة له على الجواز ، مضافاً إلى أنّ تأخّر الرجل وصلاته منفرداً، لا ظهور له في عدوله عن الجماعة إلى الانفراد وإتمامه باقي الصلاة ، فلعلّه تأخّر واستأنف الصلاة من رأس كما لا يخفى .
ومنها: الاستدلال بأصالة الإباحة أو البراءة ، كما استدلّ به الشيخ في الخلاف ، والعلاّمة في بعض كتبه ، حيث ذكر أنّ الجماعة فضيلة للصلاة ، وبالعدول عنها لا يحصل إلاّ ترك الفضيلة في بعض أجزاء الصلاة(1) ، وهذا الاستدلال يعطي كون النزاع في ثبوت تكليف وجوبيّ أو تحريميّ وعدمه .
توضيح ذلك ، إنّك عرفت فيما تقدّم أنّ كلمات الأصحاب في هذه المسألة مختلفة من حيث الدلالة على مورد البحث ومحلّ النزاع ، لأنّ استدلال بعض المجوّزين كالشيخ(قدس سره) بأصالة الاباحة وعدم الدليل على كون العدول منهيّاً عنه ، يعطي أنّ النزاع في ثبوت تكليف وجوبيّ متعلّق بإدامة الصلاة جماعة وإبقائها على حالها ، أو تكليف تحريميّ متعلّق بالعدول الذي مرجعه إلى جعل الصلاة المنعقدة جماعة فرادى بحسب الاستدامة .
وإليه ينظر ما عرفت من استدلال العلاّمة على الجواز  ، لأنّ مرجعه إلى أنّ الجماعة كما لا تكون واجبة عند الشروع في الصلاة كذلك لا تجب إدامتها وإبقاؤها ، وإلى ذلك يرجع أيضاً استدلال بعض المانعين بقوله تعالى: {ولا تُبْطِلُوا أعمالكم}(2) .

  • (1) الخلاف 1: 559 مسألة 309; تذكرة الفقهاء 4: 271; مختلف الشيعة 3 : 74 ـ 75 .
  • (2) محمد ص: 33; والمستدلّ هو الشيخ في المبسوط 1: 157 .

(الصفحة 213)

ويستفاد من بعض الاستدلالات الاُخر، أنّ النزاع إنّما هو في تأثير العدول في فساد الصلاة وعدمه، كاستدلال العلاّمة في بعض كتبه على الجواز ، بأنّ المصلّي لم يكتسب بالجماعة صحة الصلاة ، وإنّما اكتسب مجرّد الفضيلة ، فالعدول لا يؤثِّر في الفساد بل يؤثّر في ترك الفضيلة وعدم تحقّقها(1)  ، واستدلال النراقي القائل بالمنع في المستند بأنّه ليس في الشريعة صلاة مركّبة من الجماعة والفرادى ، ومعه يشكّ في حصول براءة الذمّة عمّا اشتغلت به يقيناً ، وهو التكليف المتعلّق بالصلاة(2) .
هذا، ويظهر من صاحبي المدارك والمفاتيح وبعض آخر(3) ، أنّ ترتّب أحكام الجماعة من سقوط القراءة عن المأموم وعدم مانعية زيادة الركن لأجل المتابعة والرجوع في الشكّ إلى حفظ الإمام وغيرها من أحكام الجماعة ، إنّما هو فيما إذا وقعت الصلاة بتمامها جماعة .
وأمّا لو وقع بعض أجزائها جماعة، وبعضها فرادى ، فلا دليل على سقوط القراءة ولا على غيره من أحكام الجماعه ، ومرجع ذلك إلى أنّ قصد الانفراد وإن كان موجباً لصيرورة الصلاة فرادى ، وأنّ الصلاة لا تبطل من هذه الجهة ، إلاّ أنّ وجه بطلانها هو كونها خالية عن القراءة أو مشتملة على الركن الزائد مثلا .
ولا يخفى أنّ النزاع في الحكم التكليفي الوجوبي أو التحريمي لا يغني عن النزاع في الحكم الوضعي ، وأنّ الصلاة مع العدول عن الجماعة إلى الانفراد هل تكون صحيحة أم لا؟ والنزاع في الحكم الوضعي يبتني على ما ذكرنا من كون الجماعة وصفاً للمجموع أو الأبعاض ، ضرورة أنّه لو كانت وصفاً للمجموع لا يبقى شكّ في
  • (1) تذكرة الفقهاء 4 : 271  .
  • (2) مستند الشيعة 8: 163 .
  • (3) مدارك الأحكام 4: 378; مفاتيح الشرائع 1 : 124 ; الحدائق 11 : 240; ذخيرة المعاد: 402 .

(الصفحة 214)

البطلان ، ولو كانت وصفاً للأبعاض لا مجال للإرتياب في الصحّة .
ومنه يظهر تفرّع الوجه الثالث الذي يظهر من صاحبي المدارك والمفاتيح على ما ذكرنا أيضاً ، بداهة أنّه لو كانت الجماعة وصفاً للأبعاض، يترتّب على البعض الواقع جماعة أحكام الجماعة، وعلى البعض الآخر الواقع إنفراداً أحكام الصلاة كذلك ، ولو كانت وصفاً للمجموع يتوقّف ترتّب أحكام الجماعة على اتّصاف مجموع الصلاة بها .
فانقدح ممّا ذكرنا رجوع جميع الوجوه الثلاثة إلى ما بنينا المسألة عليه .
نعم، هنا وجه رابع ، وهو أنّ قصد الانفراد لا يؤثّر في صيرورة الصلاة المنعقدة جماعة فرادى ، ولا يوجب سقوط أحكام الجماعة المترتّبة عليها قبل هذا القصد ، بل الصلاة التي انعقدت جماعة باقية على هذه الصفة ، ووجود قصد الانفراد والعدول كعدمه لا يؤثّر شيئاً .
وقد ذكر صاحب الجواهر(قدس سره) أنّ هذا الوجه يبتني على كون الجماعة من الأوصاف المقوّمة المنوعة ، وأنّ الجماعة والفرادى ماهيتان مختلفتان كعنواني الظهرية والعصرية ، فكما لا يجوز العدول عن حقيقة إلى اُخرى في مثل الظهر والعصر إلاّ بدليل خاصّ ، كالعدول من العصر إلى الظهر لو نسيها وذكر في أثناء العصر ، كذلك لا يجوز العدول من الجماعة إلى الانفراد وكذا العكس ، ولا يوجب قصد العدول صيرورة الصلاة وتبدّلها إلى المعدول إليها(1) .
ويرد على هذا الوجه ـ مضافاً إلى ما أوردنا عليه في السابق من منع كون الجماعة والفرادى حقيقتين مختلفتين ، بل الجماعة فقط من العناوين القصدية المتقوّمة بالقصد ، وأمّا الانفراد فلا يحتاج إلى القصد أصلا ـ أنّ العدول هنا يغاير
  • (1) جواهر الكلام 14: 25  .

(الصفحة 215)

العدول في مثل صلاتي الظهر والعصر ، لأنّ العدول هناك يؤثّر في صيرورة الصلاة من أوّل أجزائها إلى آخرها متّصفة بعنوان المعدول إليها من الظهر والمغرب وغيرهما ، ولذا ذكرنا في محلّه أنّه على خلاف القاعدة .
لأنّ تأثير الأمر الحادث فيما وقع قبله خلاف مقتضى العقل ، ولذا لا يصار إليه إلاّ فيما ورد فيه النصّ ولا يتعدّى عن مورده أصلا ، كما مرّ في بحث العدول الذي تعرّضنا له في مبحث النية من الكتاب(1) ، وأمّا العدول هنا فلا يراد منه التأثير في الأجزاء السابقة ، بل الغرض منه قطع الأجزاء اللاحقة وإخراجها عن وصف الأجزاء السابقة ، ضرورة أنه لا يراد بالعدول عن الائتمام إلى الانفراد إلاّ مجرّد وقوع الأجزاء اللاحقة فرادى ، لا خروج الأجزاء السابقة عن وصف الجماعة ، فافترق العدولان، ولا ينبغي أن يقاس أحدهما بالآخر أصلا .
وبالجملة: فإن كان مستند هذا الوجه ومبناه هو تغاير الجماعة والانفراد حقيقة، فقد عرفت ما فيه ، وإن كان مبناه كون الجماعة وصفاً لمجموع الصلاة دون أبعاضها ، فاللاّزم ملاحظة هذا الأمر والنظر فيه ، فنقول:
لا ينبغي الارتياب في أنّ الموارد التي كان بعض الصلاة متّصفاً بوصف الجماعة وبعضها بعنوان الفرد في الشرع كثيرة جدّاً ، كالمأموم المسبوق بركعة أو أزيد ، بل المأموم الذي لم يدرك من الجماعة إلاّ السجود وما يلحقه ، أو التشهّد فقط ، والدليل عليه أنّه وإن كان السجود أو التشهّد الذي أدركه جماعة لا يحسب جزء من صلاته إلاّ انّه لا يحتاج إلى إعادة تكبيرة الإحرام ، بل تكبيره هو التكبير الأول الذي نوى به الاقتداء والائتمام ، وكصلاة ذات الرقاع بالنسبة إلى الركعة الثانية من صلاة كلّ من الطائفتين .

  • (1) راجع 2 : 9 ، مبحث النيّة .