جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 213)

ويستفاد من بعض الاستدلالات الاُخر، أنّ النزاع إنّما هو في تأثير العدول في فساد الصلاة وعدمه، كاستدلال العلاّمة في بعض كتبه على الجواز ، بأنّ المصلّي لم يكتسب بالجماعة صحة الصلاة ، وإنّما اكتسب مجرّد الفضيلة ، فالعدول لا يؤثِّر في الفساد بل يؤثّر في ترك الفضيلة وعدم تحقّقها(1)  ، واستدلال النراقي القائل بالمنع في المستند بأنّه ليس في الشريعة صلاة مركّبة من الجماعة والفرادى ، ومعه يشكّ في حصول براءة الذمّة عمّا اشتغلت به يقيناً ، وهو التكليف المتعلّق بالصلاة(2) .
هذا، ويظهر من صاحبي المدارك والمفاتيح وبعض آخر(3) ، أنّ ترتّب أحكام الجماعة من سقوط القراءة عن المأموم وعدم مانعية زيادة الركن لأجل المتابعة والرجوع في الشكّ إلى حفظ الإمام وغيرها من أحكام الجماعة ، إنّما هو فيما إذا وقعت الصلاة بتمامها جماعة .
وأمّا لو وقع بعض أجزائها جماعة، وبعضها فرادى ، فلا دليل على سقوط القراءة ولا على غيره من أحكام الجماعه ، ومرجع ذلك إلى أنّ قصد الانفراد وإن كان موجباً لصيرورة الصلاة فرادى ، وأنّ الصلاة لا تبطل من هذه الجهة ، إلاّ أنّ وجه بطلانها هو كونها خالية عن القراءة أو مشتملة على الركن الزائد مثلا .
ولا يخفى أنّ النزاع في الحكم التكليفي الوجوبي أو التحريمي لا يغني عن النزاع في الحكم الوضعي ، وأنّ الصلاة مع العدول عن الجماعة إلى الانفراد هل تكون صحيحة أم لا؟ والنزاع في الحكم الوضعي يبتني على ما ذكرنا من كون الجماعة وصفاً للمجموع أو الأبعاض ، ضرورة أنّه لو كانت وصفاً للمجموع لا يبقى شكّ في
  • (1) تذكرة الفقهاء 4 : 271  .
  • (2) مستند الشيعة 8: 163 .
  • (3) مدارك الأحكام 4: 378; مفاتيح الشرائع 1 : 124 ; الحدائق 11 : 240; ذخيرة المعاد: 402 .

(الصفحة 214)

البطلان ، ولو كانت وصفاً للأبعاض لا مجال للإرتياب في الصحّة .
ومنه يظهر تفرّع الوجه الثالث الذي يظهر من صاحبي المدارك والمفاتيح على ما ذكرنا أيضاً ، بداهة أنّه لو كانت الجماعة وصفاً للأبعاض، يترتّب على البعض الواقع جماعة أحكام الجماعة، وعلى البعض الآخر الواقع إنفراداً أحكام الصلاة كذلك ، ولو كانت وصفاً للمجموع يتوقّف ترتّب أحكام الجماعة على اتّصاف مجموع الصلاة بها .
فانقدح ممّا ذكرنا رجوع جميع الوجوه الثلاثة إلى ما بنينا المسألة عليه .
نعم، هنا وجه رابع ، وهو أنّ قصد الانفراد لا يؤثّر في صيرورة الصلاة المنعقدة جماعة فرادى ، ولا يوجب سقوط أحكام الجماعة المترتّبة عليها قبل هذا القصد ، بل الصلاة التي انعقدت جماعة باقية على هذه الصفة ، ووجود قصد الانفراد والعدول كعدمه لا يؤثّر شيئاً .
وقد ذكر صاحب الجواهر(قدس سره) أنّ هذا الوجه يبتني على كون الجماعة من الأوصاف المقوّمة المنوعة ، وأنّ الجماعة والفرادى ماهيتان مختلفتان كعنواني الظهرية والعصرية ، فكما لا يجوز العدول عن حقيقة إلى اُخرى في مثل الظهر والعصر إلاّ بدليل خاصّ ، كالعدول من العصر إلى الظهر لو نسيها وذكر في أثناء العصر ، كذلك لا يجوز العدول من الجماعة إلى الانفراد وكذا العكس ، ولا يوجب قصد العدول صيرورة الصلاة وتبدّلها إلى المعدول إليها(1) .
ويرد على هذا الوجه ـ مضافاً إلى ما أوردنا عليه في السابق من منع كون الجماعة والفرادى حقيقتين مختلفتين ، بل الجماعة فقط من العناوين القصدية المتقوّمة بالقصد ، وأمّا الانفراد فلا يحتاج إلى القصد أصلا ـ أنّ العدول هنا يغاير
  • (1) جواهر الكلام 14: 25  .

(الصفحة 215)

العدول في مثل صلاتي الظهر والعصر ، لأنّ العدول هناك يؤثّر في صيرورة الصلاة من أوّل أجزائها إلى آخرها متّصفة بعنوان المعدول إليها من الظهر والمغرب وغيرهما ، ولذا ذكرنا في محلّه أنّه على خلاف القاعدة .
لأنّ تأثير الأمر الحادث فيما وقع قبله خلاف مقتضى العقل ، ولذا لا يصار إليه إلاّ فيما ورد فيه النصّ ولا يتعدّى عن مورده أصلا ، كما مرّ في بحث العدول الذي تعرّضنا له في مبحث النية من الكتاب(1) ، وأمّا العدول هنا فلا يراد منه التأثير في الأجزاء السابقة ، بل الغرض منه قطع الأجزاء اللاحقة وإخراجها عن وصف الأجزاء السابقة ، ضرورة أنه لا يراد بالعدول عن الائتمام إلى الانفراد إلاّ مجرّد وقوع الأجزاء اللاحقة فرادى ، لا خروج الأجزاء السابقة عن وصف الجماعة ، فافترق العدولان، ولا ينبغي أن يقاس أحدهما بالآخر أصلا .
وبالجملة: فإن كان مستند هذا الوجه ومبناه هو تغاير الجماعة والانفراد حقيقة، فقد عرفت ما فيه ، وإن كان مبناه كون الجماعة وصفاً لمجموع الصلاة دون أبعاضها ، فاللاّزم ملاحظة هذا الأمر والنظر فيه ، فنقول:
لا ينبغي الارتياب في أنّ الموارد التي كان بعض الصلاة متّصفاً بوصف الجماعة وبعضها بعنوان الفرد في الشرع كثيرة جدّاً ، كالمأموم المسبوق بركعة أو أزيد ، بل المأموم الذي لم يدرك من الجماعة إلاّ السجود وما يلحقه ، أو التشهّد فقط ، والدليل عليه أنّه وإن كان السجود أو التشهّد الذي أدركه جماعة لا يحسب جزء من صلاته إلاّ انّه لا يحتاج إلى إعادة تكبيرة الإحرام ، بل تكبيره هو التكبير الأول الذي نوى به الاقتداء والائتمام ، وكصلاة ذات الرقاع بالنسبة إلى الركعة الثانية من صلاة كلّ من الطائفتين .

  • (1) راجع 2 : 9 ، مبحث النيّة .

(الصفحة 216)

لما عرفت من ظهور بعض الروايات الواردة فيها ، في أن كلاًّ من الطائفتين يصلّون الركعة الثانية لأنفسهم ، وكصلاة الإمام فيما لو اقتدى به في أثناء صلاته ، حيث إنّك عرفت أنّه لا يحتاج إلى قصد الإمامة، بل اتّصافها بوصف الجماعة يتحقّق بمجرّد قصد الائتمام به ، وكصلاة المأموم عند عروض حادثة للإمام ، مانعة عن إتمامه للصلاة ولم يمكن الاستخلاف ، وكصلاة المأموم المتمّ المقتدي بالإمام المقصر .
وبالجملة: لا ينبغي الإشكال في أصل التبعّض وإنّما الإشكال وقع في موردين منه:
1 ـ العدول من الانفراد إلى الجماعة ، ويظهر من الشيخ في موضع من الخلاف التصريح بالجواز ، ومن صاحب الجواهر من المتأخّرين الميل إليه(1) .
ثانيهما: العكس ، والعدول من الائتمام إلى الانفراد ، وقد وقع الخلاف فيه من الأصحاب رضوان الله عليهم أجمعين ، لكنّه لم ينصّ أحد من القائلين بالمنع ببطلان الصلاة بذلك ، بل غاية دليلهم هو الإحتياط .
وأنت خبير بأنّ القائل بالمنع إن كان نظره إلى أنّ الجماعة التي هي في الأصل وعند الشروع سنّة وفضيلة ، تجب بالشروع في الصلاة بنية الائتمام ، فيرد عليه أنّه لا دليل على وجوبها بالشروع ، فتخصيص العمومات الواردة في الجماعة بهذا المورد تخصيص بلا دليل ، وإليه يرجع استدلال العلاّمة بأنّ الأصل عدم الوجوب بعد عدم الدليل عليه(2) .
وإن كان نظره إلى بطلان الصلاة بذلك ، فيرد عليه أنّه لا دليل على مبطلية قصد العدول . وبالجملة، بعدما نرى كثرة الموارد التي كانت الصلاة فيها متبعّضة
  • (1) الخلاف 1: 552 مسألة 293; جواهر الكلام 14: 30 .
  • (2) تذكرة الفقهاء 4: 271 .

(الصفحة 217)

من حيث الجماعة والانفراد ، يمكن لنا أن نستكشف جواز العدول من الائتمام إلى الانفراد بالمعنى الذي عرفت أنّه المراد من العدول هنا ، لا كمثل العدول من العصر إلى الظهر في مورد نسيانها ، أو العدول من الإتمام إلى القصر أو العكس في موارد التخيير بينهما .
ونحكم بالجواز مطلقاً سواء كان إختياريّاً أو اضطراريّاً ، خصوصاً مع أنّ الصلاة عبارة عن الأمر الذي يوجد بالشروع في أجزائها ويدوم إلى آخر الإتيان بها ، ولا تكون عبارة عن مجموع الأفعال والأقوال الذي لا يتحقّق إلاّ بعد تحقق أجزائها بأجمعها حتّى يستبعد حينئذ التبعيض كما لا يخفى .
ودعوى أنّ الاشتغال بأصل التكليف بالصلاة يقتضي عدم العدول بعد الشكّ في جوازه .
مدفوعة: بأنّه لا مجال لجريان قاعدة الاشتغال بعد كون الشكّ في حصول البراءة ناشئاً إمّا عن احتمال كون الجماعة ممّا تجب بالشروع ، أو عن احتمال كون العدول موجباً لفسادها .
والأول مجرى أصل البراءة ، لكون الشكّ في حدوث تكليف وجوبيّ ، وكذا الثاني ، لأنّ مرجعه إلى الشكّ في شرطية البقاء والإدامة على هذه الحالة ، وهو مجرى البراءة على ما حققناه من جريان أصل البراءة عقلا ونقلا في موارد الشكّ في الأقلّ والأكثر الارتباطيّين .
فانقدح ممّا ذكرنا أنّه لم ينهض شيء من أدلّة المنع على إثباته ، لكنّ الإحتياط خصوصاً في مثل الصلاة ممّا لا يحسن تركه .