جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 267)

يَغْفِرُ الذُّنوبَ إلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون}(1) حيث إنّه يشعر بأنّ الإصرار يتحقّق بمجرّد عدم الاستغفار .
ويدلّ عليه أيضاً رواية جابر عن أبي جعفر(عليه السلام) في قول الله عزّوجلّ: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون} قال: الإصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدّث نفسه بالتوبة ، فذلك الإصرار(2) .
ورواية محمد بن أبي عمير قال: سمعت موسى بن جعفر(عليهما السلام) يقول: «من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسئل عن الصغائر قال الله تعالى: {إن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنهَونَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُم وَنُدخِلكُم مُّدْخَلا كَرِيماً}(3) قال: قلت: فالشفاعة لمن تجب؟ فقال: حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن عليّ(عليهم السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من اُمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل . قال ابن أبي عمير: فقلت له: يابن رسول الله فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول: {وَلاَ يَشفَعُونَ إلاَّ لِمَنِ ارتَضَى}(4) ومن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى؟ فقال: يا أبا أحمد ما من مؤمن يذنب ذنباً إلاّ ساءَه ذلك وندم عليه ، وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : كفى بالندم توبة ، وقال: من سرّته حسنته وساءَته سيّئته فهو مؤمن ، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ـ إلى أن قال: ـ قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار . . .»(5) .
وحينئذ فلا يبعد الالتزام بذلك وأنّ الإصرار على الذنب إنّما يتحقّق بمجرّد
  • (1) آل عمران: 135  .
  • (2) الكافي 2 : 219 ح2 ; الوسائل 15: 338 . أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب48 ح4 .
  • (3) النساء: 31  .
  • (4) الأنبياء: 28  .
  • (5) التوحيد 407 ح6; الوسائل 15: 335 . أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب47 ح11 .

(الصفحة 268)

الإتيان بالمعصية وعدم التوبة والاستغفار .
نعم، حكى في مفتاح الكرامة عن الفاضل السبزواري أنّه استضعف هذا القول(1) ، ولكنّه ذكر نفسه بعد الاستدلال برواية جابر ثمّ الحكم بضعف سندها: أنّه يمكن أن يقال: إنّه لمّا عصى ولم يتب فهو مخاطب بالتوبة ، ولمّا لم يتب في الحال فقد عصى ، فهو في كلّ آن مخاطب بالتوبة ، ولمّا لم يتب فقد أقام واستمرّ على عدم التوبة التي هي معصية(2) . انتهى  .
وحكي عن الشهيدين والمقدّس الأردبيلي تقسيم الإصرار إلى فعليّ وحكميّ ، وأنّ الفعليّ هو الدوام على نوع واحد من الصغائر بلا توبة أو الإكثار من جنسها بلا توبة ، والحكميّ هو العزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها(3) ، ولكنّك عرفت إشعار الآية ودلالة الرواية على تحقق الإصرار عند عدم التوبة ، ولو لم يكن عازماً على فعل تلك الصغيرة، فلا ينبغي الإشكال حينئذ فيما ذكرنا .
نعم، يبقى الإشكال في أنّ فعل الصغيرة من دون توبة يكفّر باجتناب الكبائر ، وإلاّ فمع فرض توقّف التكفير على التوبة لا يبقى مورد للآية الشريفة: {إن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَونَ عَنهُ نُكَفِّر عَنْكُم سَيِّئاتِكُم}(4) ، فلا مجال حينئذ لتحقّق الإصرار عند عدم التوبة ، بل لا يحتاج إلى التوبة أصلا .
ويدفعه أنّ الذنب الصغير المكفّر باجتناب الكبائر هو الذنب الذي كان غافلا عنه بعد الإتيان به ، أو غافلا عن وجوب التوبة ، وبهذا يتحقّق الفرق بينه وبين
  • (1) كفاية الأحكام : 29 ; ذخيرة المعاد : 303  .
  • (2) مفتاح الكرامة 3: 88  .
  • (3) القواعد والفوائد 1 : 227 قاعدة 68 ، تنبيه ; الروضة البهيّة 3 : 130 ; مسالك الأفهام 14: 168; مجمع الفائدة والبرهان 12: 320; مفتاح الكرامة 3 : 87  .
  • (4) النساء: 31  .

(الصفحة 269)

الكبيرة ، حيث إنّه ما لم تتحقّق التوبة عنها لا تكون مكفّرة أصلا كما لا يخفى .

اعتبار الاجتناب عن خصوص الكبائر في تحقّق العدالة



إنّ المعتبر في العدالة هل هو مجرّد الاجتناب عن خصوص الكبائر أو الأعم منه ومن اجتناب الصغائر أيضاً؟ والمستند للقول الأول هي صحيحة عبدالله بن أبي يعفور المتقدّمة(1) بناءً على ما استظهرناه منها ، من أنّ قوله(عليه السلام): «ويُعرف باجتناب الكبائر  . . .» ، عطف على قوله(عليه السلام) : «أن تعرفوه بالستر والعفاف» ، وعليه فيكون من تتمّة المعرف للعدالة .
وحاصل المراد أنّ العدالة هي ملكة الستر والعفاف الرادعة عن ارتكاب شيء من القبائح العرفيّة ، وملكة الاجتناب عن خصوص المعاصي الكبيرة التي أوعد الله عليها النار، ولازمه حينئذ أنّ ارتكاب شيء من المعاصي الصغيرة عند عدم الإصرار عليه المتحقّق بالإتيان مع عدم التوبة والارتداد عند الإلتفات إلى صدور الذنب لا يكون قادحاً في العدالة .
ودعوى إنّه كيف لا يكون ارتكاب المعصية قادحاً في تحقق العدالة؟
مدفوعة بأنّها مجرّد استبعاد لا يقاوم الظهور اللفظي ، خصوصاً بعدما عرفت من أنّ الإصرار على الصغيرة أيضاً من جملة الكبائر ، وأنّ الإصرار يتحقّق بمجرّد الارتكاب مع عدم الاستغفار ، إذ حينئذ يكون ارتكاب الصغيرة مع عدم الإصرار غير قادح في العدالة ، كما هو الشأن في ارتكاب الكبيرة أيضاً .
لأنّ ارتكابها مع التوبة عنها لا يقدح أصلا ، واشتراك الصغيرة والكبيرة من
  • (1) الوسائل 27: 391 كتاب الشهادات ب41 ح 1  .

(الصفحة 270)

هذه الجهة ـ وهي عدم قادحيّة ارتكاب شيء منهما مع الندم وقادحيته مع عدمه ـ لا يوجب اشتراكهما من جميع الجهات ، مضافاً إلى أنّه يكفي في الفرق بينهما أنّ ارتكاب الكبيرة قادح في العدالة مع عدم التوجّه والالتفات إلى صدورها أيضاً حتّى يندم ويتوب ، وهذا بخلاف الصغيرة فإنّه مع ارتكابها لا تزول العدالة عند عدم التوجّه والالتفات فتدبّر .
وبالجملة: فلا ينبغي الارتياب فيما ذكر بناءً على ما فسّرنا به الصحيحة المتقدّمة .
نعم، لو قيل: بأنّ قوله(عليه السلام) : «ويُعرف اجتناب الكبائر» ليس من أجزاء المعرّف للعدالة ، بل أمارة شرعية عليها ، كما استظهره بعض الأعاظم من المعاصرين على ما عرفت من كلامه(1) ، فلا دليل حينئذ على كون العدالة هي الملكة الرادعة عن ارتكاب خصوص الكبائر .
بل مقتضى قوله(عليه السلام) : «أن تعرفوه بالستر والعفاف . . .» أنّ العدالة هي ملكة الستر والعفاف الباعثة على كفّ البطن والفرج واليد واللسان عن كلّ ذنب ، سواء كان من الكبائر أو من الصغائر .
غاية الأمر أنّ الأمارة على ذلك هي الاجتناب العمليّ عن خصوص الكبائر ، ومن المعلوم أنّ الرجوع إلى الأمارة إنّما هو مع عدم العلم بخلافها الذي يتحقّق بارتكاب صغيرة من الصغائر .
هذا ، وقد عرفت أنّ هذا المعنى بعيد عن سياق الرواية وأنّ الظاهر منها هو ما ذكرنا .
ثمّ إنّ المحقّق الهمداني ذكر في هذا المقام كلاماً، ملخّصه: إنّ الذي يقوى في النظر أنّ صدور الصغيرة أيضاً ـ إذا كان عن عمد والتفات إلى حرمتها كالكبيرة ـ مناف
  • (1) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري: 517 ـ 518  .

(الصفحة 271)

للعدالة ، ولكنّ الذنوب التي ليست في أنظار أهل الشرع كبيرة قد يتسامحون في أمرها ، فكثيراً ما لا يلتفتون إلى حرمتها حال الارتكاب أو يلتفتون إليها، ولكن يكتفون في ارتكابها بأعذار عرفيّة مسامحة ، كترك الأمر بالمعروف ، أو النهي عن المنكر ، أو الخروج عن مجلس الغيبة ونحوها حياءً ، مع كونهم كارهين لذلك في نفوسهم .
فالظاهر عدم كون مثل ذلك منافياً لاتّصافه بالفعل عرفاً بكونه من أهل الستر والعفاف والخير والصلاح ، وهذا بخلاف مثل الزنا واللواط ونظائرهما ممّا يرونها كبيرة ، فإنّها غير قابلة عندهم للمسامحة ، وهذا هو الفارق بين ما يراه العرف صغيرة وكبيرة .
فإن ثبت بدليل شرعيّ أنّ بعض الأشياء التي يتسامح فيها أهل العرف ولا يرونها كبيرة كالغيبة مثلا ، حاله حال الزنا والسرقة لدى الشارع ، في كونها كبيرة كشف ذلك عن خطأ العرف في مسامحتهم ، وأنّ هذا أيضاً كالزنا مناف للعدالة مطلقاً ، فالذي يعتبر في تحقق وصف العدالة أن يكون الشخص من حيث هو لو خلّي ونفسه كافّاً نفسه عن مطلق ما يراه معصية ، ومجتنباً بالفعل عن كلّ ما هو كبيرة شرعاً أو في أنظار أهل العرف(1) ، انتهى  .
ويرد عليه أنّ صدور الصغيرة إن كان عن توجّه إلى حرمتها حال الارتكاب ، والالتفات إلى كونها منهيّاً عنها ، فالظاهر بمقتضى ما ذكره قدح إرتكابها في العدالة وأنّه لا فرق بينها وبين الكبيرة ، وإن كان صدورها عن الجهل بكونها معصية ومحرّمة ، فلا تكون قادحة في العدالة  ، كما أنّ الكبيرة أيضاً إذا صدرت كذلك لا تضرّ بها ، فلم يظهر ممّا أفاده الفرق بينهما ، بل اللاّزم الاستناد في ذلك إلى الصحيحة المتقدّمة بناءً على ما استظهرناه منها كما عرفت .

  • (1) مصباح الفقيه كتاب الصلاة: 675  .