جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 151)

قبل إنشاء السّببيّة له، من كونه واجدا لخصوصيّة مقتضية لوجوبها أو فاقدلها، وأنّ الصلاة لاتكاد تكون واجبة عند الدلوك ما لم يكن هناك ما يدعو إلىوجوبها، ومعه تكون واجبة لامحالة وإن لم ينشأ السببيّة للدلوك أصلاً.

ومنه انقدح أيضا عدم صحّة انتزاع السببيّة له حقيقة من إيجاب الصلاةعنده؛ لعدم اتّصافه بها بذلك ضرورة.

نعم، لابأس باتّصافه بها عناية، وإطلاق السبب عليه مجازا، كما لابأس بأنيعبّر عن إنشاء وجوب الصلاة عند الدلوك ـ مثلاً ـ بأنّه سبب لوجوبها، فكنّىبه عن الوجوب عنده.

فظهر بذلك أنّه لامنشأ لانتزاع السببيّة وسائر ما لأجزاء العلّة للتكليف،إلاّ ما هي عليها من الخصوصيّة الموجبة لدخل كلّ فيه على نحو غير دخلالآخر، فتدبّر جيّدا.

وأمّا النحو الثاني: فهو كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة والقاطعيّة، لما هو جزءالمكلّف به وشرطه ومانعه وقاطعه، حيث إنّ اتّصاف شيء بجزئيّة المأمور بهأو شرطيّته أو غيرهما لايكاد يكون إلاّ بالأمر بجملة اُمور مقيّدة بأمروجودي أو عدمي، ولا يكاد يتّصف شيء بذلك ـ أي كونه جزءً أو شرطللمأمور به ـ إلاّ بتبع ملاحظة الأمر بما يشتمل عليه مقيّدا بأمر آخر، وملم‏يتعلّق به الأمر كذلك لما كاد اتّصف بالجزئيّة أو الشرطيّة، وإن أنشأ الشارعله الجزئيّة أو الشرطيّة، وجعل الماهيّة واختراعها ليس إلاّ تصوير ما فيهالمصلحة المهمّة الموجبة للأمر بها، فتصوّرها بأجزائها وقيودها لايوجباتّصاف شيء منها بجزئيّة المأمور به أو شرطه قبل الأمر بها، فالجزئيّةللمأمور به أو الشرطيّة له إنّما ينتزع لجزئه أو شرطه بملاحظة الأمر به،بلاحاجة إلى جعلها له، وبدون الأمر به لا اتّصاف بها أصلاً وإن اتّصف

(صفحه152)

بالجزئيّة أو الشرطيّة للمتصوّر أو لذي المصلحة، كما لا يخفى.

وأمّا النحو الثالث: فهو كالحجّيّة والقضاوة والولاية والنيابة والحرّيّةوالرّقيّة والزّوجيّة والملكيّة إلى غيرذلك، حيث إنّها وإن كان من الممكنانتزاعها من الأحكام التكليفيّة التي تكون في مواردها ـ كما قيل ـ ومن جعلهبإنشاء أنفسها، إلاّ أنّه لايكاد يشكّ في صحّة انتزاعها من مجرّد جعله تعالى،أو من بيده الأمر من قبله ـ جلّ وعلا ـ لها بإنشائها، بحيث يترتّب عليهآثارها، كما يشهد به ضرورة صحّة انتزاع الملكيّة والزوجيّة والطلاق والعتاقبمجرّد العقد أو الإيقاع ممّن بيده الاختيار بلا ملاحظة التكاليف والآثار، ولوكانت منتزعة عنها لما كاد يصحّ اعتبارها إلاّ بملاحظتها، وللزوم أن لايقع مقصد، ووقع ما لم‏يقصد.

كما لاينبغي أن يشكّ في عدم صحّة انتزاعها عن مجرّد التكليف في موردها،فلا ينترع الملكيّة عن إباحة التصرّفات، ولا الزّوجيّة من جواز الوطئ،وهكذا سائر الاعتبارات في أبواب العقود والإيقاعات.

فانقدح بذلك أنّ مثل هذه الاعتبارات إنّما تكون مجعولة بنفسها، يصحّانتزاعها بمجرّد إنشائها كالتكليف، لامجعولة بتبعه ومنتزعة عنه»(1).

والحاصل: أنّ القسم الأوّل من الأحكام الوضعيّة خارج عن دائرة الجعلالتشريعي استقلالاً وتبعا، والقسم الثاني منها قابل للجعل التبعي، والقسمالثالث قابل للجعل الاستقلالي والتبعي، والأظهر تعلّق الجعل الاستقلالي به.

ويرد عليه: أوّلاً: أنّ لازم عدم تعلّق الجعل الشرعي لا أصالة ولا تبعبالقسم الأوّل ـ أي السببيّة والشرطيّة والمانعيّة والرافعيّة للتكليف ـ خروجهذا القسم من أقسام الأحكام الوضعيّة، فكيف يمكن أن ينطبق في مورد


  • (1) كفاية الاُصول 2: 303.
(صفحه 153)

عنوان الحكم الوضعي، ولا تكاد تناله يد الجعل تشريعا لا أصالة ولا تبعا،وما يكون خارجا عن المقسم كيف يمكن أن يكون داخلاً في أحد الأقسام؟

وثانياً: أنّه وقع الخلط في كلامه في المراد بالتكليف وتخيّل أنّه هنا بمعنىإيجاب المولى وجعله، لابمعنى كون الشيء واجبا.

توضيح ذلك: أنّه قد يقول: شيء كذا سبب لوجوب الصلاة ـ مثلاً ـ وقديقول: شيء كذا كان سببا لإيجاب المولى وجعله الصلاة واجبة ـ مثلاً ـ نقول:إنّ تحقّق المصلحة الملزمة في الصلاة صار سببا لإيجابها، وتحقّق المفسدة الملزمةفي شرب الخمر صار سببا لتحريمه، وهكذا سائر الاُمور الدخيلة في جعلالمولى، وهذا خارج عن بحث السببيّة للتكليف هنا؛ إذ لا يقول أحد أنّالمصلحة الملزمة شرط التكليف.

والمراد من السببيّة والشرطيّة للتكليفيّة هنا كما يستفاد من قوله تعالى:«لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»(1) هو شرط كون الشيءواجبا أو كونه فريضة، إلهيّة، ومعلوم أنّ شرطيّة الاستطاعة وسائر الشرائطلاترتبط بالجعل التكويني، بل تستفاد هذه الشرطيّة من القرآن الكريم،ويستفاد من كلام الشارع في حديث الرفع أنّ الاضطرار رافع التكليف،ويستفاد من قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «دَعِي الصلاةَ أيّامَ أقرائِك»(2) أنّ الحيض مانع عنوجوب الصلاة، وكلّ ذلك يرتبط بالجعل الشرعي وهذا ممّا يستفاد من كلامصاحب الكفاية في الواجب المشروط أيضا.

نكتة


  • (1) آل عمران: 97.
  • (2) وسائل الشيعة 2: 287، الباب 7 من من أبواب الحيض، الحديث 2.
(صفحه154)

أنّه لانجد في الفقه موردا يعبّر عنه في الأحكام التكليفيّة بالسبب، بل يعبّرعنه بالشرط، وأمّا في الأحكام الوضعيّة فيرى كثيرا مّا التعبير بالسبب، مثل:النكاح سبب للزوجيّة، البيع سبب للملكيّة.

وأمّا سببيّة ـ دلوك الشمس ـ لوجوب الصلاة فالظاهر أنّه لايتحقّق هذالتعبير في الروايات، بل الرواية هكذا «إذا زالت الشمس فقد وجبتالصلاتان»، ومعناها شرطيّة زوال الشمس للوجوب، أو شرطيّته للواجبكالطهارة والاستقبال.

ويمكن أن يقال: إنّ الشرطيّة كما يصحّ انتزاعها من قوله: «إن استطعتم يجبعليكم الحجّ» وجعلها بالتبع، كذلك يصحّ جعلها استقلالاً، كما إذا قال الشارعبعد الأمر بالحجّ مطلقا: «جعلت الاستطاعة شرطا لوجوب الحجّ»، ونتيجةالدليلين شرطيّة الاستطاعة للحجّ، وكون الشرطيّة مجعولة بجعل مستقلّ. هذكلّه بالنسبة إلى القسم الأوّل.

أمّا بالنسبة إلى القسم الثاني ـ أي الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة والقاطعيّة فالظاهر من كلام صاحب الكفاية قدس‏سره انحصار الجعل الشرعي فيه بالجعلالتبعي والانتزاع عن تعلّق الأمر بالمركّب.

والتحقيق: أنّ ادّعاء الانحصار ليس بصحيح؛ إذ يمكن جعل الجزئيّةوالشرطيّة مستقلاًّ بدون الأمر بالمركّب، كما إذا قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بعد قولهتعالى: «أَقِيمُواْ الصَّلَوةَ»: «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب»، و«لا صلاة إلاّ بطهور»،ومعناه أنّ فاتحة الكتاب جزء من الصلاة، وأنّ الطهور شرط لها، ولا شبهة أنّهذا الجعل استقلاليّ.

كما أنّه يدلّ قوله تعالى: «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ»(1) على أنّه


  • (1) البقره: 144.
(صفحه 155)

تعالى جعل استقبال المسجد الحرام شرطا للصلاة بالجعل الاستقلالي، وليكون من قبيل نسخ حكم الصلاة رأسا وإبداء حكم آخر وجعل شرطيّةالاستقبال تبعا له، بل كان الجعل متعلّقا به بالاستقلال، وهكذا في باب المانعيّةوالقاطعيّة لا مانع من قول الشارع بدليل مستقلّ ـ بعد الأمر بالصلاة ـ إنّيجعلت الحدث قاطعا للصلاة مثلاً.

وأمّا بالنسبة إلى القسم الثالث فكان لنا كلامان: الكلام الأوّل: ما هوالجواب عمّا ذكره الشيخ الأنصاري ـ بعد قوله بانتزاعيّة جميع الأحكامالوضعيّة من الأحكام التكليفيّة، وأنّ الملكيّة تنتزع من جواز التصرّفالمترتّب على عقد البيع، وهكذا في باب الزوجيّة والحريّة والرقّيّة وأشباهذلك ـ(1) وأنّ مراده إن كان امتناع اعتبار الملكيّة والزوجيّة مستقلاًّ عندالشارع والعقلاء، فنقول: أيّ دليل دلّ على امتناع اعتبارها كذلك؟

وإن كان مراده مخالفة ظاهر الأدلّة لهذا المعنى فنقول: إنّ ظاهر الأدلّةموافق له، كقوله: «من حاز ملك»(2)، وقوله: «من أحيا أرضا ميتةً فهي له»(3)،والظاهر منهما جعل الملكيّة مستقلّة، وهكذا في سائر العقود والإيقاعات إذقلنا: «يجوز للزوج النظر إلى زوجته» فلازم تأخّر الحكم عن موضوعهاعتبار الزوجيّة قبله، وهكذا في قاعدة «الناس مسلّطون على أموالهم» لابدّمن اعتبار الملكيّة وفرض الأموال التي هي ملك لهم، ثمّ الحكم بتسلّطهمعليها، فالإنصاف بيننا وبين وجداننا ـ بعد ملاحظة الأدلّة ـ يقتضي أنّ الجعلالاستقلالي لها غير قابل للإنكار.


  • (1) فرائد الاُصول 3: 125 ـ 127.
  • (2) لم نعثر على هذه الجملة في روايات الخاصّة والعامّة.
  • (3) الوسائل 25: 412، الباب 1 من أبواب إحياء الموات، الحديث 4.