جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه18)

البين لايكون مجرّد ترك الفحص من مصاديق ذلك العنوان، فترك الفحصوارتكاب محتمل التحريم إنّما يكون ظلما لأجل احتمال تحقّق المخالفة التي هيقبيحة موجبة لاستحقاق العقوبة.

وحينئذ نقول: بعد جريان حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ولو قبل تركالفحص ـ كما هو المفروض ـ لايبقى مجال لاحتمال تحقّق المخالفة القبيحة أصلاً،ومع انتفاء هذا الاحتمال يخرج المقام عن تحت عنوان ظلم المولى، كما هوالواضح.

ومن هنا يظهر الفرق بين المقام وبين مسألة التجرّي، فإنّ الموضوع للحكمبالقبح والحرمة هناك على تقدير ثبوته هو نفس عنوان التجرّي، الراجع إلىالطغيان على المولى والخروج عن رسم العبوديّة، وهذا لايتوقّف تحقّقه علىثبوت التكليف، بل يصدق على كلا التقديرين، بخلاف المقام، فإنّ تحقّق عنوانالظلم يتوقّف على عدم حكم العقل بقبح العقاب ولو قبل الفحص، والمفروضحكمه بذلك مطلقا، فتأمّل.

هذا، وقد يقرّر حكم العقل بوجوب الفحص بوجه ثالث، وهو: أنّ كلّ منالتفت إلى المبدء والشريعة يعلم إجمالاً بثبوت أحكام فيها، ومقتضى العلمالإجمالي هو الفحص عن تلك الأحكام.

ولا يخفى ضعف هذا الوجه؛ لأنّ الكلام إنّما هو في شرائط جريان أصلالبراءة بعد كون المورد المفروض مجرى لها، وقد عرفت أنّ مجراها هو الشكّفي أصل التكليف وعدم العلم به، لا إجمالاً ولا تفصيلاً. فلو فرض ثبوت العلمالإجمالي فإنّه يخرج المورد عن مجراها، فلا يبقى مجال للتمسّك بالعلم الإجماليلاعتبار وجوب الفحص في جريانها، كما لا يخفى، ولكن حيث إنّه وقع موردللنقض والإبرام بين الأعلام فلا مانع من التعرّض لحاله بما يسعه المقام،

(صفحه 19)

فنقول:

قد نوقش في الاستدلال بالعلم الإجمالي لوجوب الفحص، تارة بأنّه أخصّمن المدّعى؛ لأنّ المدّعى هو وجوب الفحص والاستعلام في كلّ مسألة تعمّ بهالبلوى، وكل مورد يرجع إلى البراءة، وهذا الاستدلال إنّما يوجب الفحصقبل استعلام جملة من الأحكام بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيه؛لانحلال العلم الإجمالي بذلك، لا زائدا من هذا المقدار.

واُخرى بأنّه أعمّ من المدّعى؛ لأنّ المدّعى هو الفحص عن الأحكام فيخصوص ما بأيدينا من الكتب، والمعلوم بالإجمال معنى أعمّ من ذلك؛ لأنّمتعلّق العلم هي الأحكام الثابتة في الشريعة واقعا، لا خصوص ما بأيدينا،والفحص فيما بأيدينا من الكتب لايرفع أثر العلم الإجمالي، بل العلم باق علىحاله، ولو بعد الفحص التامّ عمّا بأيدينا.

هذا، وأجاب المحقّق النائيني رحمه‏الله عن المناقشة الاُولى بأنّ استعلام مقدار منالأحكام يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيها لايوجب انحلال العلم الإجمالي؛لأنّ متعلّق العلم تارة يتردّد من أوّل الأمر بين الأقل والأكثر، كما لو علم بأنّفي هذا القطيع من الغنم موطوء، وتردّد بين كونه عشرة أو عشرين، واُخرى:يكون المتعلّق عنوانا ليس بنفسه مردّدا بين الأقلّ والأكثر من أوّل الأمر، بلالمعلوم بالإجمال هو العنوان بماله في الواقع من الأفراد، كما لو علم بموطوئيّةالبيض من هذا القطيع، وتردّدت البيض بين كونها عشرا أو عشرين، ففيالأوّل ينحلّ العلم الإجمالي، وفي الثاني لاينحلّ، بل لابدّ من الفحص التامّ عنكلّ ما يحتمل انطباق العنوان المعلوم بالإجمال عليه؛ لأنّ العلم الإجمالييوجب تنجيز متعلّقه بما له من العنوان.

ففي المثال: العلم الإجمالي تعلّق بعنوان البيض بما له من الأفراد في الواقع،

(صفحه20)

فكلّ ما كان من أفراد البيض واقعا قد تنجّز التكليف به، ولازم ذلك هوالاجتناب عن كلّ ما يحتمل كونه من أفراد البيض، والمقام من هذا القبيل؛ لأنّالمعلوم بالإجمال في المقام هي الأحكام الموجودة فيما بأيدينا من الكتب، فقدتنجّزت بسبب هذا العلم الإجمالي جميع الأحكام المثبتة في الكتب، ولازم ذلكهو الفحص التامّ عن جميع الكتب التي بأيدينا، ولا ينحلّ العلم الإجماليباستعلام جملة من الأحكام يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيها.

ألاترى أنّه ليس للمكلّف الأخذ بالأقلّ لو علم باشتغال ذمّته لزيد بما فيالطومار، وتردّد ما في الطومار بين الأقلّ والأكثر، بل لابدّ له من الفحص التامّفي جميع صفحات الطومار، كما عليه بناء العرف والعقلاء، وما نحن فيه يكونبعينه من هذا القبيل.

وعن المناقشة الثانية بأنّه وإن علم إجمالاً بوجود أحكام في الشريعة أعمّممّا بأيدينا من الكتب، إلاّ أنّه يعلم إجمالاً أيضا بأنّ فيما بأيدينا من الكتب أدلّةمثبتة للأحكام مصادفة للواقع بمقدار يحتمل انطباق ما في الشريعة عليها،فينحلّ العلم الإجمالي العامّ بالعلم الإجمالي الخاصّ، ويرتفع الإشكال بحذافيرهويتمّ الاستدلال لوجوب الفحص، فتدبّر جيّدا(1). إنتهى.

وأورد اُستاذنا السيّد الإمام رحمه‏الله عليه: ـ أوّلاً: أنّ ما ذكره من الفرق فيالانحلال وعدمه بين ما لو كان متعلّق العلم الإجمالي بنفسه مردّدا بين الأقلّوالأكثر، وبين ما كان عنوانا ليس مرددا بينهما من أوّل الأمر، إنّما يتمّ لو كانمتعلّق العلم الإجمالي في القسم الثاني نسبته إلى المعنون كنسبة المحصِّل إلىالمحصَّل، وأمّا لو لم يكن من هذا القبيل كما في المثال الذي ذكره فلا وجه لعدمالانحلال؛ لانحلال التكليف إلى التكاليف المتعدّدة المستقلّة حسب تعدّد


  • (1) فوائد الاُصول 4: 279 ـ 280.
(صفحه 21)

المعنونات وتكثّرها، وحينئذ فلا يبقى فرق بين القسمين.

وثانياً: لو قطع النظر عن ذلك نقول: إنّ تعلّق العلم الإجمالي بعنوان يوجبتنجيز متعلّقه إذا كان متعلّقه موضوعا للحكم الشرعي، وأمّا إذا لم يكن ممّيترتّب عليه الحكم في الشريعة فلا أثر له بالنسبة إليه، كما في المثال الذيذكره، فإنّ الموضوع للحكم بالحرمة ووجوب نفي البلد ـ مثلاً ـ إنّما هو الحيوانالموطوء بما أنّه موطوء، وأمّا كونه أبيض أو أسود فلا دخل له في ترتّبالحكم، وحينئذ فالعلم الإجمالي بموطوئيّة البيض من هذا القطيع لايؤثّر إلبالنسبة إلى ما علم كونه موطوءا؛ لكونه الموضوع للأثر الشرعي.

وكذا المقام، فإنّا إنّما نكون مأخوذين بالأحكام الواقعيّة الثابتة في الشريعة،وأمّا عنوان كونها مضبوطة في الكتب التي بأيدينا فهو ممّا لاارتباط له بذلكأصلاً، كما هو واضح.

ومن المعلوم أنّ العلم الإجمالي بتلك الأحكام الثابتة في الشريعة يكون منأوّل الأمر مردّدا بين الأقلّ والأكثر، كما أنّ في مثال البيض يكون العلمالإجمالي بالعنوان الموضوع للحكم الشرعي مردّدا بين الأقلّ والأكثر بنفسهومن أوّل الأمر.

وحينئذ نقول: لو صحّ ما ادّعاه من أنّ تعلّق العلم الإجمالي بعنوان يوجبالتّنجز بالنسبة إلى جميع الأفراد الواقعيّة لذلك العنوان يصير القسم الأوّل أيضكالقسم الثاني في عدم الانحلال، بل أولى منه؛ لأنّ العنوان فيه يكون متعلّقللحكم الشرعى بخلاف القسم الثاني.

وثالثاً: أنّ ما أجاب به عن المناقشة الثانية لايتمّ بناءً على مذهبه من أنّالمقام من قبيل القسم الثاني من العلم الإجمالي؛ لأنّ العلم الإجمالي العامّ تعلّقبعنوان «ما في الكتب» أعمّ من الكتب التي بأيدينا، أو بعنوان «ما في الشريعة»

(صفحه22)

وقد فرض أنّ تعلّقه به يوجب تنجّزه بجميع أفراده الواقعيّة، ولا يعرض لهالانحلال وإن تردّد بين الأقلّ والأكثر، كما هو غير خفي.

ثمّ إنّ مثال الطومار الذي ذكره لايكون مرتبطا بالمقام؛ لأنّ وجوبالفحص التامّ في جميع صفحات الطومار ليس من آثار العلم الإجمالي باشتغالذمّته لزيد، بل يجب الفحص فيها ولو بدون العلم الإجمالي وكون الشبهةبدوية، كما سيأتي أنّ هذا المحقّق يلتزم بوجوب الفحص في مثل المثال ولو مععدم العلم الإجمالي، فتدبّر جيّدا(1). إنتهى كلامه رفع مقامه.

ولكن الجواب عن هذا الوجه ما ذكرناه من عدم ارتباطه بالمقام، وبحثشرائط جريان البراءة خارج عن دائرة العلم الإجمالي.

والحاصل: أنّ قاعدة قبح العقاب بلابيان قاعدة عقليّة لاتجري مع عدمالفحص، فالصحيح الاستدلال لذلك بحكم العقل بوجوب الفحص وعدمحكمه بقبح العقاب قبل المراجعة إلى مظانّ ثبوت التكليف وبيانه، ومع ذلك لمجال لدعوى الإجماع القطعي على وجوبه؛ ضرورة أنّه على تقدير ثبوتهلايكون حجّة بعد قوّة احتمال أن يكون مستند المجمعين هو هذا الحكم العقليالضروري، كما أنّ التمسّك بالكتاب والسنّة لذلك نظرا إلى اشتمالها على الأمربالتفقّه والتعلّم ونظائرهما ممّا لايخلو من مناقشة؛ لأنّه من البعيد أن يكونالمقصود منهما هو بيان حكم تأسيسي تعبّدي، بل الظاهر أنّها إرشاد إلى حكمالعقل بذلك.

فالدليل في المقام ينحصر في حكم العقل بعدم جواز القعود عن تكاليفالمولى؛ اعتمادا على البراءة قبل الرجوع إلى مظانّ ثبوته، هذا كلّه بالنسبة إلىأصل وجوب الفحص في جريان البراءة العقليّة في الشبهات الحكميّة.


  • (1) معتمد الاُصول 2: 311 ـ 312.