جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 321)

وأمّا لو كان الاتّحاد بنظر العرف فجريانه ممّا لامانع منه؛ لأنّ هذا الماء كانمعلوم النجاسة، وزوال تغيّره من قبل نفسه ليس مغيّرا له إلاّ في حالهوعرضه، فيصير محكوما بالنجاسة بالاستصحاب؛ لعدم الاختلاف بين القضيّةالمشكوكة والمتيقّنة عرفا.

والمستفاد من كلام صاحب الكفاية رحمه‏الله أنّ موضوع الدليل قد يكون بحسبالمتفاهم العرفي عنوانا، ولكّن أهل العرف يتخيّلون بحسب ارتكازهمومناسبات الحكم والموضوع أنّ الموضوع أعمّ من ذلك، لكن لابحيث يصيرذلك الارتكاز وتلك المناسبة موجبين لصرف الدليل عمّا هو ظاهره المفهومعرفا، كما إذا دلّ الدليل على أنّ العنب إذا غلى يحرم، وفهم العرف منه أنّالموضوع هو العنب بحسب الدليل، لكن يتخيّل بحسب ارتكازه تخيّلاً غيرصارف للدليل أنّ الموضوع أعمّ من الزبيب وأنّ العنبيّة والزبيبيّة من حالاتهالمتبادلة، بحيث لولم يكن الزبيب محكوما بما حكم به العنب يكون عنده منارتفاع الحكم عن موضوعه.

فالفرق بين أخذ الموضوع من العرف وبين أخذه من الدليل بحسب ماذكرأنّ موضوع الدليل هو العنوان حقيقة، لكن العرف تخيّل موضوعاً آخر غيرموضوع الدليل بل أعمّ منه، ويكون الموضوع الحقيقي غير باقٍ والموضوعالتخيّلي باقٍ، فيستصحب ـ مثلاً ـ ما ثبت بالدليل للعنب إذا صار زبيبا؛ لبقاءالموضوع واتّحاد القضيّتين عرفا(1).

ويرد عليه: أنّ بعد عدم شمول الدليل للزبيب عرفا إن كان التخيّل العرفيوالارتكاز بحدّ صار بمنزلة القرينة الصارفة لظهور الدليل فيشمله نفس الدليلولا مجال للاستصحاب، وإن لم يكن بهذا الحدّ فلا يكون مؤثّرا في بقاء


  • (1) كفاية الاُصول 2: 347 ـ 349.
(صفحه322)

الموضوع في باب الاستصحاب.

و لكنّ المحقّق النائيني رحمه‏الله التزم بأنّ موضوع الدليل عين الموضوع العرفي،وأنّه لا وجه للمقابلة بينهما، فإنّ مفاد الدليل يرجع بالأخرة إلى مايقتضيه نظرالعرف؛ لأنّ المرتكز العرفي يكون قرينة صارفة عمّا يكون الدليل ظاهرا فيهابتداء، فلو كان الدليل ظاهرا بدواً في قيديّة العنوان وكانت مناسبة الحكموالموضوع تقتضى عدمه، فاللازم هو العمل على ما تقتضيه مناسبة الحكموالموضوع، لأنّها بمنزلة القرينة المتّصلة فلم يستقرّ للدليل ظهور على الخلاف،فالمقابلة بين العرف والدليل إنّما هي باعتبار مايكون الدليل ظاهرا فيه ابتداءً،مع قطع النظر عن المرتكز العرفي، وإلاّ فبالأخرة يتّحد مايقتضيه مفاد الدليلمع مايقتضيه المرتكز العرفيّ(1). إنتهى.

والتحقيق: أنّ بين أخذ الموضوع من العرف وأخذه من لسان الدليل يتحقّقكمال الفرق ولكن لابالطريق المذكور في كلام صاحب الكفاية رحمه‏الله بل بطريقآخر، وهو أنّه لاشكّ في مغايرة العنب والزبيب من حيث المفهوم عند العرف،وأنّ قوله: «العنب إذا غلى يحرم» لايشمل الزبيب قطعا ولا يكون متعرّضلحكمه، لانفياً ولا إثباتاً، والحكم الثابت لمفهوم لايسري منه إلى مفهوم آخر،ولكن بعد تحقّق مصداق العنب في الخارج وشموله الدليل المذكور نشكّ في أنّبعد مضى الأيّام عليه وتبدّل حالة رطوبته باليبوسة، وصدق عنوان الزبيبعليه، فنقول: هذا الموجود كان إذا غلى يحرم، هل يكون في هذه الحالةالعارضة أيضا كذلك أم لا؟ والعرف يحكم ببقاء الموضوع واتّحاد القضيّةالمتيقّنة والمشكوكة إن قلنا بأخذ الموضوع من العرف، بخلاف ما إذا قلنبأخذه من لسان الدليل.


  • (1) فوائد الاُصول 4: 585 ـ 586.
(صفحه 323)

كما في قوله: «الماء المتغيّر نجس»؛ إذ الحكم لايتعدّى من العنوان المأخوذ فيلسان الدليل قطعا عند العرف، وهو «الماء المتغيّر»، ولكن إذ زال تغيّره منقبل نفسه فلا يشمله الدليل عرفا، إلاّ أنّ العرف بعد الشكّ في بقاء نجاسة هذالماء يحكم بتحقّق الاتّحاد بين القضيّتين، ويجري استصحاب النجاسة، فالمتّبعفي اتّحاد القضيّتين وعدمه هو نظر العرف دون العقل ولسان الدليل، ولا يخفىأنّ العرف قد يحكم بتوسعة الموضوع كما في الأمثلة المذكورة، وقد يحكمبتضييقه كما في مسألة الوجوب والاستحباب؛ إذ العقل يقول بأنّ الاستحبابمرتبة ضعيفة من مراتب البعث والطلب، والوجوب مرتبة شديدة منها،والعرف يقول بتباينهما كمال المباينة، فلا يتحقّق الاتّحاد بينهما.

المقام الثاني: أنّه لاإشكال ولا خلاف في عدم جريان الاستصحاب معقيام الأمارة على طبق الحالة السابقة أو على خلافها، بل يجب العمل بها، وإنّمالكلام في وجه تقديم الأمارة على الاستصحاب، وأنّه من باب التخصيصأو الورود أو الحكومة؟ وقال صاحب الكفاية رحمه‏الله : «وإنّما الكلام في أنّه للورودأو الحكومة أو التوفيق بين دليل اعتبارها وخطابه؟»

والتحقيق: أنّه للورود، فإن رفع اليد عن اليقين السابق بسبب أمارةمعتبرة على خلافه ليس من نقض اليقين بالشكّ بل باليقين، وعدم رفع اليدعنه مع الأمارة على وفقه ليس لأجل أن لايلزم نقضه به بل من جهة العملبالحجّة.

لايقال: نعم، هذا لو اُخذ بدليل الأمارة في مورد ولكنّه لِمَ لا يؤخذ بدليلهويلزم الأخذ بدليلها؟

فإنّه يقال: ذلك إنّما هو لأجل أنّه لامحذور في الأخذ بدليلها، بخلاف الأخذبدليله فإنّه يستلزم تخصيص دليلها بلا مخصّص إلاّ على وجه دائر؛ إذ

(صفحه324)

التخصيص به يتوقّف على اعتباره معها، واعتباره كذلك يتوقّف علىالتخصيص به؛ إذ لولاه لامورد له معها كما عرفت آنفاً.

وأمّا حديث الحكومة فلا أصل له أصلاً؛ فإنّه لانظر لدليلها إلى مدلولدليله إثباتا وبما هو مدلول الدليل وإن كان دالاًّ عل إلغائه معها ثبوتاً وواقعاً؛لمنافاة لزوم العمل بها مع العمل به لو كان على خلافها، كما أنّ قضيّة دليلهإلغاؤها كذلك، فإنّ كلاًّ من الدليلين بصدد بيان ما هو الوظيفة للجاهل، فيطردكلّ منهما الآخر مع المخالفة.

هذا، مع لزوم اعتباره معها في صورة الموافقة، ولا أظنّ أن يلتزم به القائلبالحكومة، فافهم فإنّ المقام لايخلو من دقّة.

وأمّا التوفيق فان كان بما ذكرنا فنعم التوفيق، وإن كان بتخصيص دليلهبدليلها فلا وجه له؛ لما عرفت من أنّه لايكون مع الأخذ به نقض يقين بشكّ،لا أنّه غير منهي عنه مع كونه من نقض اليقين بالشكّ(1).

ولا بدّ لنا قبل الورود في البحث من بيان مقدّمة يتّضح في ضمنها ما هوالتحقيق في المقام، وهي:

أنّه إذا لاحظنا الدليلين الصادرين عن المولى، فقد لايتحقّق الارتباط بينهممن حيث الموضوع والمحمول، ولا يتحقّق التعارض بينهما، ولا يتحقّق التقدّموالتأخّر بينهما، مثل: قوله: «يجب إكرام العلماء» وقوله: «يحرم إكرام الجهّال».

وقد يتحقّق بينهما التعارض بدون أن يكون أحدهما متقدّما على الآخر،كلّ يتعرّض لما ينفيه الآخر، مثل: قوله: «يجب إكرام العلماء» وقوله: «يحرمإكرام العلماء».

وقد يتحقّق الترجيح والتقدّم لأحد الدليلين على الآخر بعد التعارض، وإنّم


  • (1) كفاية الاُصول 2: 350 ـ 351.
(صفحه 325)

الكلام في مناط الرجحان وملاك الترجيح والتقدّم، والمعروف والمتعارف منهعبارة عن الأقوائيّة في الظهور من تقدّم النصّ على الأظهر، والأظهر علىالظاهر، مثل: قوله: «رأيت أسداً» وقوله في كلام منفصل: «رأيت أسديرمي»؛ إذ يتحقّق لكلّ من الكلامين ظهور إلاّ أنّ أحدهما يكون متقدّما علىالآخر؛ لرجحان ظهوره عليه، ولعلّه كان تقديم الدليل المخصّص على الدليلالعامّ بهذا الملاك كما سيأتي تفصيله في باب التعادل والتراجيح.

و قد يكون ملاك التقديم والترجيح تعرّض أحد الدليلين لما لم يتعرّضهالآخر، مثل: قوله: «أكرم العلماء» وقوله: «الفسّاق ليسوا من العلماء»، بمعنى أنّالحكم الثابت للعلماء لايشمل الفسّاق منهم، كما هو المتداول في المحاوراتالعرفيّة، مع أنّ الدليل الأوّل لايكون متعرّضاً لبيان المصداق، ولا شكّ فيتقديم الدليل الثاني على الأوّل بمناط يعبّر عنه اصطلاحاً بالحكومة، فإنّالدليل الحاكم متعرّض لما يكون الدليل المحكوم فاقداً لتعرّضه لفظاً ودلالة.

وهكذا في مثل قوله: «أكرم العلماء» وقوله: «التحيّة إكرام» أو قوله:«النحوي ليس بعالم» فلا يتحقّق التعارض والتنافي بين الدليلين؛ إذ التعارضفرع التعرّض، ولا منافاة بين التعرّض وعدم التعرّض، بخلاف العامّ والخاصّ،مثل: قوله: «أكرم العلماء» وقوله: «لا تكرم الفسّاق»؛ إذ يتحقّق التعارض بينهمفي مادّة الاجتماع، وتكون دائرة الحكومة وسيعة قد تستفاد منها فائدةالتخصيص، وقد تستفاد منها فائدة التقييد.

مثلاً: إذا لاحظنا آية الوضوء مع آية الحرج، كقوله تعالى: «يَـآأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوآاْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ»(1)،وقوله تعالى: «وَ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»(2)، ومعناه: عدم تعلّق


  • (1) المائدة: 6.
  • (2) الحج: 78.