جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 443)

وذكر هنا المحقّق الرشتي رحمه‏الله شواهدا لاختصاص التنازع في الشبهاتالحكميّة والرجوع إلى الحاكم بعنوان المفتي لا بعنوان القاضي بأنّ اختيارالحاكمين من طرف المتنازعين قد يكون المقصود صدور حكم واحد منهممعا، وقولهما: حكمنا كذا، وقد يكون المقصود حكم واحد منهما ومعاونة الآخرله في مقدّمات الحكم تحرّزا عن الاشتباه في الحكم، وقوله: حكمت كذا، وقديكون المقصود صدور أصل الحكم من أحدهما وإنفاذه من الآخر، والأخيرانخلاف ظاهر الرواية، والأوّل خلاف صريحها، فلابدّ من حمل الحكم فيهبالمعنى اللغوي ـ أي الفتوى ـ وكان الفتوى في زمان صدور المقبولة بمعنى نقلالرواية، فالاختلاف بين الرجلين كان في الشبهة الحكميّة واختار كلّ منهمرجلاً(1).

ولكن بعد ملاحظة صدر الرواية لايبقى مجال لهذه التأويلات؛ إذ لايعقلمنازعة رجلين من أصحابنا في حكم من الأحكام الإلهيّة ومراجعتهما لحلّالنزاع في الشبهة الحكميّة إلى السلطان أو القاضي المنصوب من قبل السلطان،ولعلّه لم‏يلاحظ صدر الرواية بلحاظ تقطيعها في كتاب الوسائل كما ترى.

مضافا إلى أنّه لا وجه للتنازع في الشبهات الحكميّة؛ إذ لو فرض كونهممجتهدين لامعنى لرجوعهما إلى مجتهد آخر، فإنّ المجتهد يخطّئ من يقول بخلافهوإن كان المخالف أعلم منه، وإن فرض كونهما مقلّدين ـ والمقلد تابع لنظرمرجعه ومقلّده ـ فلا مجال لتنازعهما، فالتحاكم إلى السلطان يكون في الشبهاتالموضوعيّة، والمراجعة إليه في الشبهات الحكميّة مضحك للثكلى.

وهذا المعنى يؤيّد بظاهر رواية داود بن الحصين عن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام فيرجلين اتّفقا على عدلين، وجعلا هما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف،


  • (1) الفروع الكافي 7: 412.
(صفحه444)

فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما، عن قول أيّهما يمضي الحكم؟ قال:«ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما، فينفذ حكمه، ولا يلتفت إلىالآخر»(1).

وهكذا يؤيّد بما يظهر من رواية موسى بن أكيل، عن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام قال:سئل عن رجل يكون بينه وبين أخ منازعة في حقّ، فيتّفقان على رجلينيكونان بينهما، فحكما فاختلفا فيما حكما، قال: «وكيف يختلفان؟» قلت: حكمكلّ واحد منهما للذي اختاره الخصمان، فقال: «ينظر إلى أعدلهما وأفقههما فيدين اللّه‏ فيُمضي حكمه»(2).

فكلاهما ظاهران في مسألة القضاء، وهكذا في المقبولة، فإنّ الإمام عليه‏السلام بعدمذكرنا، قال: «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث،وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر»، الحديث.

والحاصل: أنّ الأوصاف المذكورة في كلام بعنوان المرجّح لاترتبطبالخبرين المتعارضين، فإنّ الأعدليّة والأورعيّة ونحو ذلك تكون منمرجّحات الحاكم، لا من مرجّحات الخبر ولا ملازمة بينهما، مضافا إلى أنّالتخيير في الخبرين المتعارضين أمر شائع، مع أنّه لايعقل التخيير في بابالقضاء وفصل الخصومة وتعارض الحكمين، فلا ترتبط هذه المرجّحات بباباختلاف الروايتين وترجيح إحداهما على الاُخرى.

ثمّ ذكر في المقبولة ـ بعد تساوي الحاكمين في الأوصاف المذكورة ـ ملاحظةمستند حكمهما، فإنّه قال: فقلت: فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا،لايفضل واحد منهما على صاحبه؟ قال، فقال: «ينظر إلى ما كان من روياتهم


  • (1) الوسائل 18: 80 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 20.
  • (2) المصدر السابق، الحديث 45.
(صفحه 445)

عنّا في ذلك الذي حكما به، المجمع عليه عند أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا،ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه»،الحديث.

والمحقّق الرشتي رحمه‏الله جعل هذا السؤال والجواب شاهدا لمدّعاه بأنّه لصلاحية للمتخاصمين في الرجوع إلى مستند حكم الحاكم، وعلى فرضالصلاحية لايستحقّ السؤال عن مستند الحكم حتّى تصل النوبة إلى الملاحظةوتشخيص المشهور منهما عن غير المشهور، هذا أوّلاً.

وثانياً: أنّ القاعدة في باب القضاء أنّ الحاكمين إذا حكما بحكمين مختلفين فيآنٍ واحد فيتساقطان، وإذا كان التقدّم والتأخّر في البين فالحكم النافذ هوالحكم المتقدّم.

والتحقيق: أنّ هذا الإشكال مشترك الورود، فإنّه على حمل الرواية بمقامالفتوى لا صلاحية للمقلّدين في الرجوع إلى مستند مرجعهما وسؤالهما عنمستندهما ثمّ ملاحظتهما وتشخيص المجمع عليه عند الأصحاب عن الشاذّالنادر، فلا يمكن رفع اليد عن ظاهر صدرها بهذا الإشكال المشترك.

ثمّ جعل الإمام عليه‏السلام الاُمور الثلاثة وقال: «وإنّما الاُمور ثلاثة: أمر بيّن رشدهفيتّبع، وأمر بيّن غيّه فيجتنب، وأمر مشكل يردّ علمه إلى اللّه‏ ورسوله، قال رسولاللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا منالمحرّمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لايعلم».

قلت: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم.

قال: «ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به،ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامّة».

قلت: جعلت فداك، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة

(صفحه446)

ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم، بأيّ الخبرين يؤخذ؟

قال: «ما خالف العامّة ففيه الرشاد».

فقلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا.

قال: «ينظر إلى ماهم إليه أميل حكّامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر».

قلت: فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا؟

قال: «إذا كان ذلك فأرجه حتّى تلقى إمامك، فإنّ الوقوف عند الشبهات خيرمن الاقتحام في الهلكات»(1).

ولا بدّ من ملاحظة خصوصيّات الرواية بأنّ المراد من المجمع عليه أوالمشهور فيها هي الشهرة من حيث الفتوى أو الشهرة من حيث الرواية؟وعلى كلا التقديرين هل الشهرة مرجّحة لإحدى الحجّتين على الاُخرى، أوالموافق للشهرة حجّة ومخالفها فاقد للحجّيّة رأسا؟ بعد ملاحظة تعبيرالإمام عليه‏السلام في الابتداء بـ «المجمع عليه عند أصحابك» ثمّ قوله عليه‏السلام في مقامالتعليل: «فإنّ المجمع عليه لاريب فيه، ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور».

وتعبير السائل أيضا بقوله: (فإن كان الخبران عنكم مشهورين)، هل المرادمن الشهرة في كلام السائل ما هو المراد في كلام الإمام عليه‏السلام أم لا؟ وما معنىكون المجمع عليه لا ريب فيه في تعليل الإمام عليه‏السلام ؟

وملاحظة جعل الإمام عليه‏السلام الاُمور ثلاثة، ثمّ تأييده بتثليث رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وأنّ الخبر الشاذّ الذي ليس بمشهور من مصاديق بيّن الغيّ وحرام بيّن، أو منمصاديق أمر مشكل، وشبهات بين ذلك يردّ حكمها إلى اللّه‏ وإلى الرسول؟

وملاحظة ما فرض في كلام السائل بقوله: (فإن كان الخبران عنكممشهورين قد رواهما الثقات عنكم) وأنّ المراد من الشهرة التي اتّصف الخبران


  • (1) الكافي 1: 67، كتاب فضل العلم، باب اختلاف الحديث، الحديث 10.
(صفحه 447)

بها ما هو؟ بعد تقرير الإمام أصل فرض إمكان أن يكون الخبران المختلفانكلاهما مشهور والجواب بالنظر إلى موافق الكتاب.

ويستفاد من كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله وبعض الأعلام رحمه‏الله : أنّ المراد من المجمععليه في كلام الإمام عليه‏السلام في موردين هو المتّفق عليه عند الأصحاب من حيثالرواية، يعني أجمع الأصحاب على نقله وروايته وحكايته عن الإمام عليه‏السلام ،والشهرة في قباله ليست بالمعنى الاصطلاحي ـ أي المرتبة النازلة من الإجماع بل تكون بالمعنى اللغوي ـ أي الواضح ـ كما يقول: فلا ن شهر سيفه، والشهرةبهذا المعنى مساوقة مع العلم والقطع والاتّفاق(1).

وهذا يناسب بحسب الظاهر جميع تعبيرات الرواية، مثل: قوله عليه‏السلام : «لاريبفيه»؛ إذ الخبر المنقول باتّفاق جميع الرواة لاريب في صدوره عن الإمام عليه‏السلام ومثل قوله: (فإن كان الخبران عنكم مشهورين) بمعنى كلاهما معلوم الصدور،ولا مانع منه، لإمكان صدور أحدهما لبيان حكم اللّه‏ الواقعي والآخر لتقيّة أوالخوف، وهكذا يناسب مع تثليث الاُمور وأنّ الخبر المجمع عليه من مصاديقبيّن الرشد، والخبر الشاذّ الذي ليس بمشهور من مصاديق أمر مشكل يردّحكمه إلى اللّه‏ والرسول.

والتحقيق: أنّ حمل «المجمع عليه» على الشهرة الروائيّة أو الإجماع الروائيأجنبي عن المقبولة بمراحل؛ إذ التعليل هنا لوجوب الأخذ والعمل والفتوىعلى طبقها، وأمّا الشهرة أو الإجماع من حيث الرواية أو القطع بالصدور، فليرتبط بمقام الأخذ والعمل والفتوى، لإمكان صدورها لغير بيان حكم اللّه‏الواقعي، هذا أوّلاً.

وثانياً: أنّ المجمع عليه لايمكن أن يكون بمعنى اتّفاق الكلّ في الفتوى بقرينة


  • (1) فوائد الاُصول 4: 775.