جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 134)

وتضعيف عقائدهم ، ونهب أموالهم ، والتسلّط عليهم ، كما هو ظاهر .

ولعمري ، أ نّ مثل ذلك ممّا يوجب الطمأنينة للنفس بأنّ البشر مع ادّعائه السير الكمالي والرقى العلمي ، لا يكون إلاّ في القوس النزولي ، والسير الانحطاطي ، فإنّ العرب في الجاهليّة ـ مع شدّة تعصّبهم ، وبعدهم عن الحقائق والمدنيّة ـ قد عرفوا حقيقة المعارضة ، واعترفوا بعجزهم عن الإتيان بما يماثل القرآن ، مع كون امتيازهم في ذلك العصر من حيث البلاغة والفصاحة فقط ; فلذا آمن به بعض ، وقال غيره : ( إِنْ هَـذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ) (1) .

وأ مّا في هذا العصر ، فلا معرفة لمثل الكاتب بهذه الحقيقة ، فتراه يأتي بمثل ما ذكر بعنوان المعارضة ، ويفتخر بهذا المبلغ العلمي ، وهذه الدرجة من الإدراك .

وبالجملة : فمعنى المعارضة الراجعة إلى الإتيان بما في عرض الكلام الأوّل ، وفي رتبته ودرجته عبارة عن الإتيان بكلام مستقلّ في جهاته الراجعة إلى ألفاظه وتركيبه واُسلوبه ، ومع ذلك كان متّحداً مع الكلام الأوّل في جهة من الجهات ، أو غرض من الأغراض ، وهذا المعنى لا يكون موجوداً في الجمل المذكورة .

مع أنّه سرق قوله في معارضة سورة الكوثر من مسيلمة الكذّاب الذي يقول : «إنّا أعطيناك الجواهر ، فصلِّ لربّك وهاجر ، إنّ شانئك هو الكافر»(2) وكم من المماثلة والسنخية بين السارق والمسروق منه ، من جهة اعتقاد كليهما ببطلان مدّعاهما ، ووقوعهما مغلوبين لهوى النفس وحبّ الجاه ، والطمع في مطامع الدنيا الزائلة غير الباقية ، والغفلة عن عالم الآخرة ، والعقوبات المعدّة لمضلّي النّاس .

وأ مّا المقايسة بين ما ذكره ، وبين الكتاب الذي لا يقايس عليه شيء ، وليس كمثله كتاب .

  • (1) سورة المدّثر 74 : 24 .
    (2) البرهان في علوم القرآن: 2 / 93 .

(الصفحة 135)

فنقول : إنّ تبديل كلمة ( الكوثر) بلفظ «الجواهر» ممّا لا مسوّغ له ; فإنّ إعطاء الجواهر التي هي من شؤون هذه الدنيا الدنيّة وزخرفها ، ومن الاُمور المادّية المحضة لا يتناسب مع التأكيد والإتيان بكلمة «إنّ» ثمّ الإسناد إلى ضمير الجمع ; فإنّ العطيّة الإلهيّة والعناية الربّانيّة لا تلائم هذا النحو من الذكر ، والتعبير الكاشف عن العظمة والأهمّية إذا كانت من الاُمور المادّية الفانية غير الباقية ، وهذا بخلاف لفظ «الكوثر» الذي معناه هو الخير الكثير العامّ الشامل للجهات الدنيويّة والأخرويّة معاً ، أ مّا في الدنيا ، فشرف الرسالة والهداية والزعامة وكثرة الذرّيّة من البضعة الطاهرة (عليها السلام) إلى يوم القيامة ، الموجبة لبقاء الاسم ، وعدم النسيان ما دامت الدنيا باقية . وأ مّا في الآخرة ، فلا تعدّ ولا تحصى من الشفاعة والجنان وحوض الكوثر ، وغيرها من نعم الله تعالى .

ثمّ ما المناسبة بين إعطاء الجواهر وبين إيجاب الصلاة المتفرّع عليه ؟ فإنّ الصلاة ـ التي هي معراج المؤمن ، وعمود الدين إن قبلت قبل ما سواها وإن ردّت ردَّ ما سواها ، وهي التي أثرها النهي عن الفحشاء والمنكر ، وهي التي تناسب مقام التقوى ، وتكون قربان كلّ تقيّ ، وهي التي خير موضوع من شاء استقلّ ، ومن شاء استكثر(1) ـ لا ملاءمة بينها وبين إعطاء الجواهر التي هي من النعم الدنيّة الفانية ، وهذا بخلاف ترتّب الصلاة على الكوثر بالمعنى الذي عرفت ; فإنّ شدّة الملاءمة بين الأمرين ، وكمال المناسبة بين المعنيين غير خفيّ ، كما أنّ ترتّب النحر بناءً على أن يكون المراد به هو النحر بمنى ، أو نحر الأضحية في الأضحى واضحة .

ضرورة أنّ ذلك إنّما هو لأجل كون الكمال النفساني كما يتوقّف على الخضوع في مقابل الرب ، والخشوع دونه ، كذلك يتوقّف على صرف المال الذي هو الغاية

  • (1) اُنظر وسائل الشيعة: 4 / 33 ، كتاب الصلاة ، أبواب أعداد الفرائض ، ب 8  ح 6 و ص 43 ـ 44 ب 12 ح  1 و 2 ، و ج 5 / 247 ، أبواب أحكام المساجد ب 42 ح 1 وغيرها .

(الصفحة 136)

المهمّة ، والغرض المقصود ، ورفع اليد عنه ، والبذل للناس ، كما أنّه على تقدير كون المراد به هو رفع اليدين إلى النحر في تكبير الصلاة ، أو استقبال القبلة بالنحر تكون المناسبة وصحّة التفرّع واضحة أيضاً .

وأ مّا قوله : «لا تعتمد قول ساحر» فيرد عليه ـ مضافاً إلى عدم ارتباط معناه بالجملتين الاُوليين ، بخلاف قوله ـ تعالى ـ في الكتاب العزيز : ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الاَْبْتَرُ) (1); فإنّ ارتباطه مع الخير الكثير الذي من أعظم مصاديقه الصدِّيقة الكبرى سلام الله عليها ، التي منها تكثّر ذرّيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وتبقى ما بقي الدهر . وأ مّا هذا القول السخيف ، فعدم ارتباطه واضح: أ نّ المراد من «قول ساحر» ومن لفظ «ساحر» هل هو قول مخصوص من أقواله ، أو ساحر معيّن من السّحرة ، أو جميع أقوال كلّ ساحر مع تقييده بما يرجع إلى جهة سحره لا كلّ أقواله حتّى في الاُمور العادية غير المرتبطة بوصفه العنواني الذي هو السّحر ؟

فلا سبيل إلى الأوّل; لعدم قرينة على التعيين ، لا في ناحية القول ، ولا من جهة القائل .

وأمّا الثاني الذي يساعده وقوع النكرة في سياق النهي ـ وهو يدلّ على العموم كوقوعها في سياق النفي(2) ـ فلا مجال له أيضاً ; لأ نّ الساحر من حيث هو ساحر لا قول له ولا كلام ، وإنّما يسحر بأعماله وأفعاله ، فلا معنى للنهي عن الاعتماد على قوله ، كما هو غير خفيّ .

وأمّا معارضة سورة الفاتحة بمثل ما ذكر ، فيرد عليها ـ مضافاً إلى ما عرفت من بعدها عن حقيقة المعارضة ومعناها بمراحل غير عديدة ـ : أ نّه لابدّ من ملاحظة كلّ جملة منها مع آيات الفاتحة وجملها الشريفة .

  • (1) سورة الكوثر 108 : 3 .
    (2) اُنظر كتب علم الاُصول ، منها كفاية الاُصول : 217 .

(الصفحة 137)

فنقول : أ مّا تبديل قوله ـ تعالى ـ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ) بقوله : «الحمد للرحمن» فمن الواضح أ نّه يوجب تفويت المعنى المقصود ; فإنّ لفظ الجلالة علم للذات المقدّسة الجامعة لجميع الصفات الكماليّة ; من دون فرق بين القول بكونه موضوعاً لمعنى عامّ ينحصر مصداقه في فرد خاصّ ، وبين القول بكونه علماً لشخص البارئ جلّ جلاله; ضرورة أ نّه على القول الأوّل يكون ذلك المعنى العامّ عبارة عن الذات المستجمعة لجميع تلك الصفات ، كما أ نّه على القول الثاني تكون تسميته بهذه اللفظة الجميلة إنّما هي باعتبار وصف الاستجماع ، وأين هذا من «الرحمن» الذي هي صفة واحدة من الصفات الكماليّة غير العديدة؟ فالغرض من هذه الجملة الكريمة من القرآن اختصاص الحمد بمن كان جامعاً لجميع الصفات الكماليّة ، فكيف يصحّ التبديل بكلمة «الرحمن» مدّعياً كونه وافياً بذلك الغرض ، ومفيداً فائدته كما هو غير خفيّ ؟

وأ مّا تبديل قوله ـ تعالى ـ : ( رَبِّ الْعَــلَمِينَ* الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ) بقوله : «ربّ الأكوان» فيرد عليه ـ مضافاً إلى عدم صحّة إضافة كلمة «الربّ» إلى الأكوان التي هي جمع الكون بالمعنى المصدري; من دون فرق بين أن يكون معناه الحدوث ، أو الوقوع ، أو الصيرورة ، أو الكفالة ، كما حكي عن بعض كتب اللغة المفصّلة(1); فإنّ معنى الربّ هو المالك المربّي ، ولا معنى لإضافته إلى المعنى المصدري ـ : أنّ هذا التبديل صار موجباً لتفويت الغرض ; فإنّ توصيف الله ـ تعالى ـ بكونه ربّ العالمين الرحمن الرحيم يدلّ على أنّه المالك المربّي لجميع العوالم ، وأ نّ رحمته الواسعة شاملة لها بأجمعها ، رحمة مستمرّة غير منقطعة ، وأين هذا من توصيفه بأنّه ربّ الأكوان ؟!

وكذلك تبديل قوله ـ تعالى ـ : ( مَــلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بقول هذا القائل الذي

  • (1) لسان العرب: 5 / 455 ، الصحاح: 2 / 1601 .

(الصفحة 138)

أغواه الشيطان : «الملك الديّان» .

فالجواب عنه : أ نّ قوله ـ تعالى ـ يكون المعنى المقصود منه أ نّ هنا يوماً يسمّى يوم الجزاء ، وعالماً استعدّ لمكافأة الأعمال ، إن خيراً فخير ، وإن شرّاً فشرّ ، وأ نّ مالك ذلك اليوم والمتصرّف النافذ فيه هو الله ـ تبارك وتعالى ـ وأين هذا من قول هذا القائل ; لعدم دلالته على وجود ذلك اليوم المعدّ للجزاء والمكافأة ؟!

وكذلك تغيير قوله ـ تعالى ـ : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) بقوله : «لك العبادة وبك المستعان» يوجب فوات المعنى المقصود منه الراجع إلى إظهار المؤمن التوحيد في العبادة ، والافتقار إلى الاستعانة بالله فقط ، وأ نّه لا يخضع لغير الله ، ولا يعبد إلاّ إيّاه ، ولا يستعين إلاّ به ، ففي الحقيقة مرجعه إلى بيان وصف المؤمن ، وأ نّه في مقام العبادة والاستعانة لا يرى ما سوى الله مستأهلاً لذلك ، صالحاً لأن يعبد أو يستعان به ، وأين هذا المعنى اللطيف الراجع إلى التوحيد في مقام العبادة والاستعانة ـ سيّما مع ملاحظة ابتلاء عرب الجاهليّة في ذلك العصر بالشرك في مقام العبادة والاستعانة ، وخضوعهم في مقابل الأوثان وطلب الإعانة منهم ، واعتقادهم أ نّهم يقرّبونهم إلى الله زلفى ، وأ نّهم الشفعاء عند الله ـ من قول هذا القائل الراجع إلى انحصار العبادة والاستعانة به تعالى ; من دون نظر إلى حال المؤمن ، وإظهاره التوحيد ، وامتيازه عن العرب في ذلك العصر ، كما لا يخفى .

وكذلك إبدال قوله ـ تعالى ـ : ( اهْدِنَا الصِّرَ طَ الْمُسْتَقِيمَ) بقول هذا القائل الجاهل «اهدنا صراط الإيمان» ـ مضافاً إلى عدم كونه موجباً للاختصار إلاّ من ناحية الألف واللام فقط ، ومن المعلوم عدم دخالتهما في معنى الكلمة ـ يستلزم تضييق معنى وسيع ; فإنّ الصراط المستقيم الذي هو أقرب الطرق المتصوّرة إلى المعنى المقصود لا ينحصر بوجه خاصّ ، ولا يختصّ بجانب مخصوص ، بل يعمّ جميع الوجوه والجوانب من العقائد الصحيحة ، والملكات الفاضلة ، والأعمال الحسنة