جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 19)

أجرى الله تعالى هذا الأمر بيده لإبطال دعواه ، وإثبات كذبه ، وهداية الناس إلى ذلك .

بقي الكلام في حقيقة المعجزة في أمر ; وهو: أ نّ الإعجاز هل هو تصرّف في قانون الأسباب والمسبّبات العاديّة ، وراجع إلى تخصيص مثل: «أبى الله أن يجري الأشياء إلاّ بالأسباب»(1)، أو أ نّه لا يرجع إلى التصرّف في ذلك القانون ، ولا يستلزم التخصيص في مثل تلك العبارة الآبية بظاهرها عن التخصيص ، بل التصرّف إنّما هو من جهة الزمان ، وإلغاء التدريج والتدرّج بحسبه ؟ فمرجع الإعجاز في مثل جعل الشجر اليابس خضراً ـ في الفصل الذي لا يقع فيه هذا التبدّل والتغيّر عادة من الفصول الأربعة السنويّة ـ إلى تحصيل ما يحتاج إليه الشجر في الاخضرار من حرارة الشمس والهواء والماء ، وما يستفيده من الأرض في آن واحد ، لا إلى استغنائه عن ذلك رأساً؟

الظاهر هو الوجه الثاني ، وإن كان لا يترتّب على هذا البحث ثمرة كثيرة مهمّة .

إنكار المعجزة

نعم ، يظهر ممّا استظهرناه الجواب عمّا استند إليه المادّيون في دعواهم إنكار المعجزة ; من أنّ المعجزة الراجعة إلى الإتيان بما يخرق العادة يوجب انخرام أصل «العليّة والمعلوليّة» والخدشة في هذه القاعدة المسلّمة في العلوم الطبيعيّة ، وفي العلم الأعلى والفلسفة ; فإنّ ابتناءَهما على قانون العلّية ممّا لا يكاد يخفى ، ولا يمكن للعقل أيضاً إنكاره ; فإنّ افتقار الممكن ـ في مقابل الواجب والممتنع ـ إلى العلّة بديهيّ ; لأنّه حيث لا يكون في ذاته اقتضاء الوجود والعدم ، بل يكون متساوي النسبة

  • (1) بصائر الدرجات: 6، الجزء الأوّل ب2 ح1و2 عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، وعنه بحار الأنوار: 2 / 90 ح14 و15 ، ورواه في الكافي: 1/183 ، كتاب الحجّة ، باب معرفة الإمام(عليه السلام) والردّ إليه ح 7 ، وفيه: إلاّ بأسباب .

(الصفحة 20)

إليهما ، كما هو معنى الإمكان ، فترجيح أحد الأمرين لا يمكن إلاّ بعد وجود مرجّح في البين ، يكون ذلك المرجّح خارجاً عن ذات الممكن وماهيّته ، وذلك المرجّح إنّما هي العلّة التي تؤثّر في أحد الطرفين ، وتخرج الممكن عن حدّ التساوي .

وحينئذ يقال في المقام: إنّ المعجزة كما أنّها خارقة للعادة الطبيعيّة ، كذلك خارمة لهذه القاعدة العقليّة المشتهرة بقانون العلّية والمعلوليّة ، وموجبة لوقوع التخصيص فيها ، وحيث إنّها غير قابلة للتخصيص ، فلا محيص عن إنكارها كلاًّ ونفيها رأساً .

والجواب أوّلاً: أنّ ما تقتضيه القاعدة المسلّمة إنّما هو مجرّد افتقار الممكن إلى العلّة المرجّحة ، وأ مّا أ نّ تلك العلّة لابدّ وأن تكون طبيعيّة مادّية فهو أمر خارج عن مقتضى تلك القاعدة ، والقائلون بثبوت الإعجاز لا ينكرون القاعدة أصلاً ، بل غرضهم أ نّ العلّة المرجّحة أمر خارج عن إدراك البشر وقدرته ، فالمعجزة لا تنافي القاعدة أصلاً ، وبعبارة اُخرى : تكون العلّة أمراً غير طبيعيّ مرتبطاً بالقدرة الكاملة الإلهيّة غير المحدودة .

وثانياً: قد عرفت أنّه لا مانع من الالتزام بثبوت العلّة الطبيعيّة في باب المعجزة ، وخرق العادة إنّما هو بلحاظ إلغاء التدريج والتدرّج ، وفي الحقيقة خروجها عن حدود القدرة البشريّة إنّما هو بلحاظ هذا الإلغاء بحسب الزمان ، لا بلحاظ قطعها عن الارتباط بالعلّة الطبيعيّة ، كما عرفت في مثال جعل الشجر اليابس خضراً ، فتدبّر جيّداً .

عدم لزوم المعجزة

ثمّ إنّه ربما يستدلّ ببعض الآيات القرآنيّة على أنّه لا يلزم على النبيّ الإتيان بالمعجزة وترتيب الأثر على قول من يطلبها ، وهي قوله ـ تعالى ـ : (وَ قَالُوا

(الصفحة 21)

لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الاَْرْضِ يَنـبُوعًا . . . قُلْ سُبْحَانَ رَبِّى هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً) (1) .

فإنّها ظاهرة في أنّه بعد تعليقهم الإيمان على الإتيان بالمعجز لم يأتِ النبيّ بما هو مطلوبهم ، بل أظهر العجز بلسان كونه بشراً رسولاً ، فمنها يستفاد عدم لزوم اقتران دعوى النبوّة بما هو معجزة .

والجواب أمّا أوّلاً: فإنّ افتقـار النبيّ في دعـوى النبـوّة وصـدقـها إلى  الإتيـان بالمعجز من المسلّمات العقليّة التي لا يشوبها ريب ; ضرورة أنّه مع عدم الافتقار لا يبقى افتراق بين النبيّ الصادق والنبيّ الكاذب ، ولا يكون للأوّل مزيّة وفضيلة أصلاً ، وحينئذ فإنّ فرض دلالة الآية على خلافه ، وأ نّه لا حاجة إلى الإعجاز مع فرض صدق المدّعي ، فاللاّزم تأويلها كما هو الشأن في غيرها من الآيات الظاهرة في خلاف ما هو المسلّم عند العقل ، كقوله ـ تعالى ـ : (وَ جَآءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (2) .

وأمّا ثانياً: فإنّ الإتيان بالمعجز لا معنى لأن يكون تابعاً لطلب الناس وهوى أنفسهم ، بحيث تكون خصوصيّاته راجعة إلى تعيين الشاكّ واختياره ; ضرورة أنّ المعجزة أمر إلهيّ لا يكون للنبيّ فيه إرادة واختيار ، بل كان بإرادة الله تعالى . على أ نّه لا معنى لطلب معجزة مخصوصة بعد الإتيان بما هو معجزة حقيقة ، وظاهر الآيات المذكورة أنّ طلبهم من النبيّ تلك الاُمور المذكورة فيها كان بعد الإتيان بالقرآن الذي هو أعظم المعجزات . وسيأتي(3) ـ إن شاء الله تعالى ـ أنّه لا يختصّ

  • (1) سورة الإسراء 17 : 90 ـ 93 .
    (2) سورة الفجر 89 : 22 .
    (3) في ص 38 .

(الصفحة 22)

وصف الإعجاز بمجموع القرآن ، بل يكون كلّ سورة من سوره الطويلة والقصيرة واجدة لهذا الوصف ، وحينئذ فالطلب منهم دليل على عدم كونهم بصدد الاهتداء ، بل على لجاجهم وعنادهم ، وتعصّبهم القبيح ; فإنّه لا وجه بعد الإتيان بالمعجزة لطلب معجزة اُخرى ، مع فرض كون الشخص بصدد الاهتداء وتبعيّة النبيّ الصادق .

وأمّا ثالثاً : فغير خفيّ على الناظر في الآيات أ نّ ما كانوا يطلبونه لم يكن معجزةً بوجه ، إمّا لكونه من الاُمور الموافقة للعادة الطبيعيّة ، كفجر الينبوع من الأرض ، وثبوت بيت من الزخرف له ومثلهما ، وإمّا لكونه منافياً لغرض الإعجاز ، كسقوط السماء الموجب لهلاك طالب المعجزة .

وإمّا لكونه مستحيلاً عقلاً ، كالإتيان بالله من السماء بعنوان الشهادة ولأجلها . وقد مرّ(1) أنّ المعجزة لا تبلغ حدّ التصرّف في المستحيلات العقليّة ; لعدم قابليّتها للانخرام بوجه .

وأمّا رابعاً: فهذا القرآن الكريم يصرّح في غير موضع بثبوت المعجزة للأنبياء السالفين ، كموسى(2) وعيسى (عليهما السلام) (3) وغيرهما (4) ، وأ نّ تصديقهم كان لأجل الإتيان بها . وعليه: فهل يمكن أن يقال بدلالته على عدم الافتقار إلى المعجزة ، أو  بدلالته على كذب المعجزات السالفة . نعوذ بالله من الضلالة والخروج عن دائرة الهداية .

  • (1) في ص 15 ـ 16 .
    (2) سورة طه 20 : 17 ـ 22 و 65 ـ 69 .
    (3) سورة آل عمران 3 : 46  ، 49 وسورة المائدة 5: 110 .
    (4) مثل إبراهيم(عليه السلام)  ، كقوله ـ تعالى ـ : (قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) سورة الأنبياء 21: 69 . وداود وسليمان(عليهما السلام)  ، كتليين الحديد ، وتسخير الريح والجنّ والطيور وجميع دوابّ الأرض في البرّ والبحر . سورة سبأ 34: 10  ، 12، وسورة النمل 27: 17 . وغيرها .

(الصفحة 23)

وجه دلالة الإعجاز على الصدق

الظاهر: أنّ الوجه في دلالة الإعجاز على صدق مدّعي النبوّة ليس إلاّ قبح الإغراء بالجهل على الحكيم على الإطلاق ; فإنّه حيث لا يمكن التصديق بنبيّ من غير جهة الإعجاز ; ضرورة انحصار الطريق العقلائي بذلك ، مع أنّ النبوّة والسفارة من المناصب الإلهيّة التي ليس فوقها منصب ، ومن هذه الجهة يكثر المدّعي لها ، والطالب للوصول إليها ، فإذا صدر منه أمر خارق للعادة الطبيعيّة ، العاجزة عنه الطبيعة البشريّة ، فإن كان كاذباً في نفس الأمر ، ومع ذلك لم يبطله الله تعالى ، والمفروض أ نّه ليس للناس طريق إلى إبطاله من التمسّك بالمعارضة ، فهو لا ينطبق عليه عنوان من ناحية الله إلاّ عنوان الإغراء بالجهل القبيح في حقّه ، ولكن ذلك إنّما يتوقّف على القول بالتحسين والتقبيح العقليّين ، كما عليه من عدا الأشاعرة (1) . وأمّا بناءً على مسلكهم الفاسد من إنكار الحسن والقبح رأساً ، فلا طريق إلى تصديق النبيّ من ناحية المعجزة أصلاً .

وما يقال: من أنّ فرض المعجزة ملازم لكونها من الله سبحانه ، ولا حاجة فيه إلى القول بالحسن والقبح العقليّين ; لأنّ المعجزة مفروض أ نّها خارجة عن حدود القدرة البشريّة ، فلا مناص عن كونها من الله سبحانه .

مدفوع: فإنّه ليس البحث في الاتّصاف بالإعجاز ، حتّى يقال : إنّ فرضه ملازم لكونه من الله سبحانه ، بل البحث ـ بعد الفراغ عن كونه معجزةً ـ في دلالة الإعجاز على صدق مدّعي النبوّة في دعواها ، فمن الممكن أ نّ الإقدار من الله لم يكن لأجل كونه نبيّاً ، بل لغرض آخر ، فمجرّد كون المعجزة من الله لا يستلزم الصدق ، إلاّ مع

  • (1) شرح تجريد العقائد للقوشجي: 337 ، اُصول الفقه للمظفّر: 1 / 232 ، اُصول الفقه للشيخ محمّد الخضري: 26 .