جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 220)

فيه; لعدم كون آية الحفظ من تلك الموارد على اعترافه ; ضرورة أ نّه لم ترد رواية تدلّ على وقوع التحريف في آية الحفظ أصلاً .

وإن كان في مقابل من يدّعي التحريف في القرآن إجمالاً ; بمعنى أنّ كلّ آية عنده محتملة لوقوع التحريف فيها ، وسقوط القرينة الدالّة على خلاف ظاهرها عنها .

فتارةً: يقول القائل بهذا النحو من التحريف بحجّية ظواهر الكتاب ، مع وصف التحريف .

واُخرى: لا يقول بذلك ، بل يرى أنّ التحريف مانع عن بقاء ظواهر الكتاب على الحجّية ، وجواز الأخذ والتمسّك بها ، ويعتقد أنّ الدليل على عدم الحجّية هو نفس وقوع التحريف .

فعلى الأوّل : لا مجال للمناقشة في الاستدلال بآية الحفظ على عدم التحريف ; لأنّه بعدما كانت الظواهر باقية على الحجّية ، ووقوع التحريف غير مانع عن اتّصاف الظواهر بهذا الوصف ، كما هو المفروض ، نأخذ بظاهر آية الحفظ ، ونستدلّ به على العدم كما هو واضح .

وعلى الثاني : الذي هو عبارة عن مانعيّة التحريف عن العمل بالظواهر والأخذ بها ، فإن كان القائل بالتحريف مدّعياً للعلم به ، والقطع بوقوع التحريف في القرآن إجمالاً ، وكون كلّ آية محتملة لوقوع التحريف فيها ، فالاستدلال بآية الحفظ لا يضرّه ، ولو كان ظاهرها باقياً على وصف الحجّية ; لأنّ ظاهر الكتاب إنّما هو حجّة بالإضافة إلى من لا يكون عالماً بخلافه ; ضرورة أنّه من جملة الأمارات الظنّية المعتبرة ، وشأن الأمارة اختصاص حجّيتها بخصوص الجاهل بمقتضاها .

وأ مّا العالم بالخلاف المتيقّن له ، فلا معنى لحجّية الأمارة بالإضافة إليه ، فخبر الواحد مثلاً الدالّ على وجوب صلاة الجمعة إنّما يعتبر بالنسبة إلى من لا يكون عالماً بعدم الوجوب . وأمّا بالإضافة إلى العالم ، فلا مجال لاعتباره بوجه ، فظاهر

(الصفحة 221)

آية الحفظ ـ على تقدير حجّيته أيضاً ـ إنّما يجدي لمن لا يكون عالماً بالتحريف ، والبحث في المقام إنّما هو مع غير العالم .

وإن كان القائل به لا يتجاوز عن مجرّد الاحتمال ، ولا يكون عالماً بوقوع التحريف في الكتاب ، بل شاكّاً ، فنقول :

مجرّد احتمال وقوع التحريف ـ ولو في آية الحفظ أيضاً ـ لا يمنع عن الاستدلال بها لعدم التحريف ، كيف ، وكان الدليل على عدم حجّية الظواهر والمانع عنها هو التحريف ، فمع عدم ثبوته واحتمال وجوده ، وعدمه كيف يرفع اليد عن الظاهر ، ويحكم بسقوطه عن الحجّية ؟ بل اللاّزم الأخذ به والحكم على طبق مقتضاه ، الذي عرفت أنّ مرجعه إلى عدم تحقّق التحريف بوجه ، ولا يستلزم ذلك تحقّق الدور الباطل ; ضرورة أنّ سقوط الظاهر عن الحجّية فرع تحقّق التحريف وثبوته ، وقد  فرضنا أنّ الاستدلال إنّما هو في مورد الشكّ وعدم العلم .

ومن الواضح: أنّ الشكّ فيه لا يوجب سقوط الظاهر عن الحجّية ما دام لم يثبت وقوعه ، فتدبّر جيّداً .

وقد انقدح ممّا ذكرنا تماميّة الاستدلال بآية الحفظ ، والجواب عن جميع الإشكالات ، لا سيّما الأخير الذي كان هو العمدة في الباب .

الدليل الثاني : قوله ـ تعالى  ـ : ( وَ إِنَّهُ لَكِتَـبٌ عَزِيزٌ* لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـطِـلُ مِنبَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيم حَمِيد) (1) ، ولا خفاء في ظهوره في أنّه لا يأتي الكتاب العزيز الباطل بجميع أقسامه ، ومن شيء من الطرق والجوانب ; ضرورة أنّ النفي إذا ورد على الطبيعة المعرفة بلام الجنس ، أفاد العموم بالإضافة إلى جميع أنواعها وأصنافها وأفرادها ، فالباطل في ضمن أيّ نوع تحقّق ، وأيّ صنف

  • (1) سورة فصّلت 41 : 41 ـ 42 .

(الصفحة 222)

حصل ، وأيّ فرد وجد ، بعيد عن الكتاب بمراحل لا يمكن له إتيانه والاتّصال إليه .

ومن الواضح: أنّ «التحريف» من أوضح مصاديق الباطل ، وأظهر أصنافه ، فالآية تنفيه وتخبر عن عدم وقوعه، وبُعده عن الكتاب .

مضافاً إلى أنّ توصيف الكتاب بالعزّة يلائم مع حفظه عن التغيير والتنقيص ، كما أنّ قوله ـ تعالى ـ في ذيل الآية : (تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيم حَمِيد) الذي هو بمنزلة التعليل للحكم بعدم إتيان الباطل الكتاب يناسب مع بقائه ، وعدم تطرّق التحريف إليه ; فإنّ ما نزل من الحكيم لا يناسبه عروض التغيير ، ويكون مصوناً من أن  تتلاعب به الأيدي الجائرة ، ومحفوظاً من أن تمسّه الأفراد غير المطهّرة .

وقد اُورد على الاستدلال بوجوه من الإشكال (1):

الإشكال الأوّل : أنّه قد ورد في تفسير الآية روايات دالّة على أنّ المراد منها غير ما ذكرنا ، مثل :

رواية علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال : «لا يأتيه الباطل من قبل التوراة ، ولا من قبل الإنجيل والزبور ، ولا من خلفه ، أي لا يأتيه من بعده كتاب يبطله» (2) .

ورواية مجمع البيان عن الصادقين (عليهما السلام)  : «أنّه ليس في أخباره عمّا مضى باطل ، ولا في أخباره عمّا يكون في المستقبل باطل» (3) .

والجواب : أنّ اختلاف الروايتين في تفسير الآية ، وبيان المراد منها ـ ضرورة

  • (1) ذكر هذه الاشكالات صاحب فصل الخطاب في الباب الثاني في ذكر أدلّة القائلين بعدم تطرّق التغيير مطلقاً ، الثاني : 338 .
    (2) تفسير القمي: 2 / 266 ، وعنه تفسير كنز الدقائق: 9 / 212 ، والبرهان في تفسير القرآن: 4 / 792 ح9450 ، وبحار الأنوار: 17 / 209 ح12 و ج92 / 13 ح4 .
    (3) مجمع البيان: 9 / 24 ، وعنه تفسير كنز الدقائق: 9 / 212، والبرهان في تفسير القرآن: 4 / 792 ح9449 .

(الصفحة 223)

أنّه لا يكاد يمكن الجمع بينهما ; فإنّ الإخبار عمّا مضى لا يرتبط بالتوراة والإنجيل والزبور ، والإخبار عمّا يكون في المستقبل لا يلائم الكتاب الذي يأتي من بعده ـ دليل على عدم حصر الباطل في شيء من مفادهما ، وأ نّهما بصدد بيان المصداق ، ولا دلالة لهما على الحصر أصلاً . وعليه: فظهور الآية في العموم ، وعدم تطرّق شيء من أقسام الباطل وأفراده إليه واضح لا معارض له بوجه .

الإشكال الثاني : التأمّل في صدق الباطل على ورود التحريف عليه ، خصوصاً بعد ملاحظة وحدة المراد منه فيما سبق القرآن أو لحقه ; إذ لا يتوهّم في الباطل الذي بين يديه ذلك ، فيكون ما في خلفه كذلك .

والجواب : من الواضح أنّ كون التحريف من أظهر مصاديق الباطل ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، وتعلّق النفي بالطبيعة المعرفة يفيد العموم على ما ذكرنا ، ولا مجال لملاحظة وحدة المراد ; فإنّ الحكم لم يتعلّق بالأفراد حتّى تلاحظ وحدة المراد ، بل بنفس الطبيعة في السابق واللاّحق ، كما هو غير خفيّ .

الإشكال الثالث : أنّه لا يظهر في شيء من الكتب الموضوعة في تفسير القرآن ، تفسير الآية بما ذكر ، ولا احتمله أحد من المفسِّرين ، وإليك نقل بعض كلمات أعلامهم :

قال الشيخ الطوسي(قدس سره) في محكي التبيان : قوله ـ تعالى ـ : ( لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـطِـلُ . . .) قيل في معناه أقوال خمسة :

أحدها : أ نّه لا تعلّق به الشبهة من طريق المشاكلة ، ولا الحقيقة من جهة المناقضة ; وهو الحقّ المخلص الذي لا يليق به الدنس .

ثانيها : قال قتادة والسدِّي : معناه لا يقدر الشيطان أن ينقص منه حقّاً ولايزيد فيه باطلاً .

ثالثها : أ نّ معناه لا يأتي بشيء يوجب بطلانه ممّا وجد قبله ولا معه ، ولا ممّا

(الصفحة 224)

يوجد بعده . وقال الضحّاك : لا يأتيه كتاب من بين يديه يبطله ، ولا من خلفه ; أي ولا حديث من بعده يكذبه .

رابعها : قال ابن عباس : معناه لا يأتيه الباطل من أوّل تنزيله ، ولا من آخره .

خامسها : أ نّ معناه لا يأتيه الباطل في إخباره عمّا تقدّم ، ولا من خلفه ولا عمّا تأخّر (1) .

وقال السيِّد الرضي في محكيّ الجزء الخامس من تفسيره المسمّى بـ «حقائق التأويل» في تفسير قوله ـ تعالى ـ : (  . . .بِكَلِمَة مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ . . .) (2) ـ بعد ذكر سرّ تذكير الضمير فيه ، وتأنيثه في قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَـئـهَآ إِلَى مَرْيَمَ) (3) ـ ما لفظه :

«وإذا نظرت بعين عقلك بانَ لك ما بين الموضعين من التمييز البيّن والفرق النيّر ، وعجبت من عمائق قعر هذا الكتاب الشريف الذي لا يدرك غورها ، ولاينضب بحرها ; فإنّه كما وصفه سبحانه بقوله : (لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـطِـلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاَ مِنْ خَلْفِهِ) (4) .

ومن أحسن ما قيل في تفسير ذلك : «إنّه لا يشبه كلاماً تقدّمه ، ولا يشبهه كلام تأخّر عنه ، ولا يتّصل بما قبله ، ولا يتّصل به ما بعده ، فهو الكلام القائم بنفسه ، البائن من جنسه ، العالي على كلّ كلام قُرن إليه وقيس به»(5) .

وبالجملة: فتفسير الآية بما ذكر في الاستدلال مخالف لما يظهر من الفحول

  • (1) التبيان في تفسير القرآن: 9 / 129 ـ 130 .
    (2) سورة آل عمران 3 : 45 .
    (3) سورة النساء 4 : 171 .  (4) سورة فصّلت 41: 42 .
    (5) حقائق التأويل في متشابه التنزيل: 102 ، المسألة 10 .