جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 243)

وأدلّ من ذلك وجوب قراءة سورة كاملة في كلّ ركعة من الصلوات المفروضة ، وجواز تقسيمها في صلاة الآيات ; فإنّه من الواضح أنّ هذا الحكم كان ثابتاً في أصل الشريعة بتشريع الصلاة ، وأ نّ الصلاة التي كان المسلمون في الصدر الأوّل يصلّونها مشتملة على حكاية سورة من القرآن زائدة على فاتحة الكتاب ، التي لا صلاة إلاّ بها ، كما في الرواية (1) .

وحينئذ لا يبقى خفاء في أنّ المراد بها هي السورة الكاملة من الكتاب الواقعي الذي كان بأيدي المسلمين في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله)  ، ولم يقع فيه تحريف ولا تغيير على فرض وقوعه بعده .

وحينئذ فالقائل بالتحريف يلزم عليه ـ في قبال هذا الحكم الذي موضوعه هو الكتاب الواقعي ـ الالتزام بأحد اُمور لا ينبغي الالتزام بشيء منها ، ولا يصحّ ادّعاؤه أصلاً :

الأوّل : عدم جوب قراءة السورة بعد عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ; لعدم التمكّن من إحرازها ، فلا وجه لوجوبها ; لأنّ الأحكام إنّما تتوجّه في خصوص صورة التمكّن ، والمفروض عدمه بعد ذلك العصر الشريف .

ويردّه ـ مضافاً إلى عدم التزامه به لا قولاً ولا عملاً ; لعدم خلوّ صلاته عن قراءة السورة ، وإلى وضوح ظهور تشريعها ، وإيجابها في الدوام والاستمرار ، وعدم الاختصاص بزمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ولو من جهة عدم التمكّن بعده ـ ورود الروايات الكثيرة من الأ ئـمّة الطاهرين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ الدالّة على وجوب

  • (1) وسائل الشيعة: 6 / 37 ، كتاب الصلاة ، أبواب القراءة في الصلاة ب1 ، مستدرك الوسائل: 4/ 158 ب1 ح4367ـ 4369 . ورواه أبو عوانة في مسنده: 1 / 450 ـ 451 ب48، والدارقطني في سننه: 1 / 316ـ 319 ح1200ـ 1203 ، 1205 و 1208ـ 1213 ، حلية الأولياء: 7 / 124 .

(الصفحة 244)

السورة في كلّ صلاة فريضة إلاّ في بعض الموارد المستثناة(1) .

ومن الواضح: أ نّه على هذا التقدير تلزم اللّغوية ; لأنّه بعدما كان المفروض عدم التمكّن من إحراز السورة الكاملة بوجه ، لا وجه لبيان هذا الحكم ، وصدوره منهم (عليهم السلام) في زمن كان القرآن الواقعي غير موجود عند الناس ولا تصل إليه أيديهم ، كما هو غير خفيّ .

سلّمنا عدم وجوب السورة بعد ذلك العصر ، بل سلّمنا عدم وجوب السورة أصلاً في الصلوات المفروضة ، وقلنا بأنّ السورة ليست من الأجزاء الواجبة للصلاة ، لكن نقول : دلالة الأخبار المرويّة عن العترة الطاهرة على مجرّد الاستحباب(2) تكفي في إثبات عدم التحريف ; لأنّه لو فرض عدم التمكّن من إحراز السورة الكاملة في عصرهم (عليهم السلام) لا يبقى معه مجال لورود تلك الروايات الكثيرة على الاستحباب .

وهل يسوغ التعرّض ـ سيّما مع كثرته ـ لحكم استحبابيّ لا يكون له موضوع أصلاً ، ولا يتمكّن الناس من إيجاده بوجه ، وهل لا يكون لغواً ؟

إن قلت : التعرّض لذلك لعلّه إنّما كان لأجل استحباب قراءة القرآن في الصلاة من دون تقيّد بكونها سورة كاملة .

قلت : مع هذا الاحتمال لا وجه لذكر عنوان «السورة الكاملة» ، بل و«السورة» أصلاً ، فالظاهر أ نّه حكم استحبابيّ خاصّ لا يرتبط بالحكم العامّ ، وهو استحباب قراءة القرآن في الصلاة ، لو كان قراءته فيها مستحبّاً خاصّاً ، غير مرتبط بأصل

  • (1) وسائل الشيعة: 6 / 40ـ 41 ، كتاب الصلاة ، أبواب القراءة في الصلاة ب2 ح2 ، 4 و 6، وص43 ب4 ح1و2 وص130 ب55 ح1 ، وج8 : 388 ، كتاب الصلاة ، أبواب صلاة الجماعة ب47 ح4 .
    (2) وسائل الشيعة: 6 / 78 ـ 80 ، كتاب الصلاة ، أبواب القراءة في الصلاة ب23 و 24، وص112ـ 154 ب45و47ـ 50 و 53 ـ 56 و 61ـ 66 و 70 .

(الصفحة 245)

استحباب قراءة القرآن مطلقاً في الصلاة وغيرها .

فانقدح أنّ دلالة تلك الروايات الواردة في السورة ، ولو على استحبابها ، وكونها من الأجزاء غير الواجبة للصلاة تصدق القول بعدم التحريف ، وتؤيّد بقاء الكتاب على واقعه الذي نزل عليه ، مشروطاً ببقاء البصيرة الكاملة ، والخلوّ عن التعصّب غير الصحيح .

الثاني : الاقتصار على خصوص سورة لا يحتمل فيها التحريف ; نظراً إلى عدم جريان هذا الاحتمال في جميع السور ، بل هناك بعض السور لا يجري فيه هذا الاحتمال ، كسورة التوحيد ، وعليه: فلابدّ في الصلاة من الاقتصار عليه ، نظراً إلى اقتضاء الاشتغال اليقيني للبراءة اليقينيّة .

ويدفعه : مضافاً إلى ما عرفت من عدم التزامه به لا قولاً ولا عملاً ، إطلاق ما ورد من الأ ئـمّة (عليهم السلام) في هذا الباب ، وعدم تقييد شيء منها بمثل ذلك ، كان عليهم البيان في مثل هذا الحكم الذي تعمّ به البلوى ، وهو مورد لاحتياج العموم في كلّ يوم وليلة عشر مرّات ، وليس في شيء منها الإشعار بالاختصاص ، فضلاً عن الدلالة والظهور .

وتؤيّده الروايات الواردة في باب العدول من سورة إلى اُخرى ، الدالّة على جواز الانتقال ما لم يتجاوز النصف ، وعدم جواز الانتقال من بعض السّور إلى اُخرى ، إلاّ إلى خصوص بعضها(1) ; فإنّها متعرّضة لحكم العدول مطلقاً ، وعلى تقدير التحريف لا يبقى مجال لبيان هذا الحكم على النحو الوسيع المذكور في الروايات ، كما هو ظاهر .

الثالث : دعوى كون الثابت في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) هو وجوب قراءة سورة كاملة من

  • (1) وسائل الشيعة: 6 / 99 ـ 101 ، كتاب الصلاة ، أبواب القراءة في الصلاة ب36 و 37 .

(الصفحة 246)

القرآن الواقعي ، والثابت في زمن الأ ئـمّة (عليهم السلام) بمقتضى الروايات الصادرة عنهم ، هو وجوب قراءة سورة من القرآن الموجود الذي كان بأيدي الناس ، وإن لم تكن سورة كاملة من القرآن الواقعي، وبهذاالوجه يصحّ للمكلّف اختيارماشاءمن السور، ففي الحقيقة يكون ذلك ترخيصاً من الأ ئـمّة (عليهم السلام) وتسهيلاً من ناحيتهم المقدّسة .

ويردّه : أ نّ هذه الدعوى ترجع إلى النسخ ; ضرورة أنّه ليس إلاّ رفع الحكم الثابت الظاهر في الدوام والاستمرار ، فإذا كان الحكم الثابت في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) عبارة عن وجوب قراءة سورة كاملة من القرآن الواقعي ، وفرض ارتفاعه وتبدّله إلى الحكم بوجوب قراءة سورة من الكتاب الموجود ، فليس هذا إلاّ النسخ ، وهو وإن  فرض إمكانه بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله)  ، إلاّ أنّه قد وقع الإجماع والاتّفاق على عدم وقوعه ، فهذه الدعوى مخالفة للإجماع .

ثمّ إنّه أجاب المحدّث المعاصر عن أصل الدليل الذي ذكره الصدوق (رحمه الله) بما حاصله : أ نّ ما جاء من ذلك عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهو أقلّ قليل في كتب الأحاديث المعتبرة ، فلا منافاة بينه وبين ورود التحريف عليه بعده (صلى الله عليه وآله)  ، وعدم التمكّن من امتثال ما ذكره وأمره ، كما لا منافاة بين حثّه (صلى الله عليه وآله) على التمسّك باتّباع الإمام (عليه السلام)  ، وأمره بأخذ الأحكام عنه ، ومتابعة أقواله وأفعاله وسيره ، والكون معه حيثما كان ، وعدم القدرة على ذلك ; لعدم تمكّنه (عليه السلام) لإظهار ما أودع عنده لخوف وتقيّة ، أو عدم تمكّن الناس من الوصول إليه (عليه السلام) والانتفاع به (عليه السلام) لذلك أو لغيره من الأعذار .

وما ورد عن الأ ئـمّة (عليهم السلام) من بعده ، فالمراد منه الداير بين الناس ; للانصراف ، ولكون بنائهم على إمضاء الموجود ، وتبعيّة غيرهم فيه . . . ثمّ إنّ الثواب المذكور إمّا للموجود خاصّة ، كما هو الظاهر من الروايات ، ويكون للمشتمل على المحذوف أزيد منه ، لم يذكروه لعدم القدرة على تحصيله ، أو هو للثاني ، وإنّما يجزئ قارئ الناقص به تفضّلاً من الله تعالى ; لعدم كونهم سبباً للنقص ، وللتسامح في النقيصة ،

(الصفحة 247)

وصدق قراءة ما علّق عليه في الخبر عليه(1) .

ويدفعه : ما عرفت(2) من عدم كون ما ورد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) مقصوراً على زمانه ، ومحدوداً بحياته ، بل هو كسائر الأحكام المشرّعة في زمانه ، الظاهرة في الدوام والاستمرار ، فيشمله مثل قوله : «حلال محمّد (صلى الله عليه وآله) حلال أبداً إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة»(3) ، فلا ينفع عدم وقوع التحريف في زمنه ، ووقوعه بعده ـ على تقديره ـ في قصر الحكم على مدّة حياته .

ومن أنّ كون المراد ممّا ورد عن الأ ئـمّة (عليهم السلام) هو القرآن الموجود ; لبنائهم على التبعيّة يرجع إلى النسخ لا محالة ، وقد عرفت الاتّفاق على عدم تحقّقه بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله)  . وإذن فلا محيص عن القول بأنّ ما ورد في ذلك من النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام) ظاهر في بقاء الكتاب على ما هو عليه ، وعدم وقوع تحريف فيه ، وأ نّ ما بأيدي الناس نفس ما نزل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) من دون اختلاف ، وقد عرفت أيضاً(4) في بعض الاُمور السابقة الفرق بين الرجوع إلى الكتاب ، وبين التمسّك بالعترة (عليهم السلام)  ، وأ نّه لا مجال لمقايسة أحدهما على الآخر أصلاً ، فراجع .

الدليل السابع : من الاُمور الدالّة على عدم التحريف : الدليل العقلي الذي ذكره بعض الأعلام ، وملخّصه مع تقريب منّا : «أ نّ القائل بالتحريف إمّا أن يدّعي وقوعه وصدوره من الشيخين بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله)  ، وإمّا أن يدّعي وقوعه وتحقّقه من

  • (1) فصل الخطاب ، الباب الثاني ، الأمر الثالث : 339 ـ 340 .
    (2) في ص239 ـ 240 .
    (3) بصائر الدرجات: 148 ، الجزء 3 ب 13 ح 7 ، الكافي: 1 / 58 ، كتاب فضل العلم ب 19 ح 19  عن أبي عبدالله (عليه السلام) . وأخرجه في بحار الأنوار: 11 / 56 قطعة من ح55 و ج68 / 326 قطعة من ح2 عن المحاسن: 1 / 420 قطعة من ح963 ، وفي ج16 / 353 قطعة من ح38 عن الكافي 2 / 18 قطعة من 2 .
    (4) فى ص 232 ـ 233 .