جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 146)

ولأجل أن يسلم هذا الأصل قال السيوطي في الإتقان : «ومن المشكل على هذا الأصل ما ذكره الإمام فخر الدين ، قال : نُقل في بعض الكتب القديمة: أ نّ ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوّذتين من القرآن . وهو في غاية الصعوبة ; لأنّا إن قلنا : إنّ النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بكون سورة الفاتحة من القرآن ، فإنكاره يوجب الكفر ، وإن قلنا : لم يكن حاصلاً في ذلك الزمان ، فيلزم أنّ القرآن ليس بمتواتر في الأصل . قال : وإلاّ غلب على الظنّ أنّ نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل ، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة»(1) .

ثمّ نقل السيوطي أقوالاً مختلفة في هذه الحكاية راجعة إلى تكذيبها ، وأ نّه موضوع على ابن مسعود ، أو إلى بطلان ما ذكره وعدم صحّته بوجه ، أو إلى تأويله بحيث لا ينافي كونها من القرآن بنحو التواتر (2) .

وبالجملة : ثبوت هذا الأصل بينهم ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، وهو يكفي في مقام الجواب عن ذلك التوهّم ، والفرق بين القرآن وغيره ، مضافاً إلى أنّه لا محيص عن انحصار ثبوت القرآن بالتواتر ; وذلك لتوفّر الدواعي على نقله ; ضرورة أنّه من أوّل نزوله لم ينزل بعنوان بيان الأحكام فقط ، بل بعنوان المعجزة الخالدة ، الذي يعجز الإنس والجنّ إلى يوم القيامة عن الإتيان بمثل سورة منه ، وقد مرّ(3) في بحث الإعجاز دلالة القرآن بنفسه على كونه معجزة خالدة ، وفي مثل ذلك تتوفّر الدواعي على نقله وضبطه ; ليحفظ ويبقى ببقائه الدين الحنيف الذي هو أكمل الأديان ، وأتمّ الشرائع .

وعليه: فما نقل بطريق الآحاد لا يكون قرآناً قطعاً ، وإلاّ لكانت الدواعي على

  • (1) التفسير الكبير للفخر الرازي: 1 / 190 .
    (2) الإتقان في علوم القرآن: 1 / 270 ـ 272 .
    (3) في ص 38 ـ 40 .

(الصفحة 147)

نقله متوفّرة ، وبذلك يخرج عن الآحاد ، فالمشكوك كونه قرآناً يقطع بعدم كونه منه ، وخروجه عن هذا الوصف الشريف ، نظير ما ذكروه في الاُصول من أنّ الشكّ في حجّية أمارة مساوق للقطع بعدم الحجّية ، وعدم ترتّب شيء من آثار الحجّة عليه (1) .

والمقام نظير ما إذا أخبر واحد بدخول ملك عظيم في البلد ، مع كون دخوله فيه ممّا لا يخفى على أكثر أهله ; لاستلزامه عادة اطّلاعهم وتهيّئهم للاستقبال ونحوه من سائر الاُمور الملازمة لدخوله كذلك ، ففي مثل ذلك يكون إخبار واحد فقط موجباً للقطع بكذبه أو اشتباهه ; لاستحالة اطّلاعه فقط عادةً ، فكيف يكون الكتاب الذي هو الأساس للدين الإسلامي ، ولابدّ من أن يرجع إليه إلى يوم القيامة كلّ من يريد الأخذ بالعقائد الصحيحة ، والملكات الفاضلة ، والأعمال الصالحة ، والدساتير العالية ، والاطّلاع على القصص الماضية ، وحالات الاُمم السالفة ، وغير ذلك من الشؤون والجهات التي يشتمل عليها الكتاب العزيز ، ممّا لايكفي في ثبوته النقل بخبر الواحد ؟

وليس ذلك لأجل مجرّد كونه كلام الله تبارك وتعالى ، بل لأجل كونه كلام الله المتضمّن للتحدّي والإعجاز ، والهداية والإرشاد ، وإخراج جميع الناس من الظلمات إلى النور إلى يوم القيامة ، وإلاّ فمجرّد كلام الله تعالى إذا لم يكن متضمّناً لما ذكر ، كالحديث القدسي لا يلزم أن يكون متواتراً .

فقد ظهر الفرق بين مثل الكتاب الذي ليس كمثله كتاب ، وبين كلام المعصوم (عليه السلام)  ـ نبيّاً كان أو إماماً ـ الذي لا ينحصر طريق ثبوته بالتواتر ; فإنّ دليل حجّية خبر الواحد الحاكي لكلام المعصوم (عليه السلام) إنّما هو ناظر إلى لزوم ترتيب الآثار

  • (1) كفاية الاُصول: 279 ـ 280 ، مجمع الأفكار: 2 / 169 وج4 / 443 ، محاضرات في اُصول الفقه: 3/266 ، 276 ، مباحث الاُصول: 1 / 568 و ج2 / 71 ، 78 ، سيرى كامل در اصول فقه: 10 / 187 ـ 192 .

(الصفحة 148)

عليه ، والأخذ به في مقام العمل ، ولا يلزم فيه الاعتقاد بصدوره عنه ، وأ نّه كلامه ; لأنّ الغرض مجرّد تطبيق العمل في الخارج عليه ، لا صدوره وإسناده إليه ، وهذا بخلاف كلام الله المنزل المقرون بالتحدّي والإعجاز ، ويكون هو الأساس للدين والأصل للهداية ، والميزان للخروج من ظلمات الجهل والانحراف إلى عالم نور العلم والمعرفة ; فإنّه لابدّ في مثل ذلك من وضوح كونه كلام الله ، وظهور صدوره عنه تبارك وتعالى .

أضف إلى ذلك أنّ القرآن ـ كما مرّ(1) في بحث الإعجاز مفصّلاً ـ نزل في محيط البلاغة والفصاحة ، وكان واقعاً في المرتبة التي عجز البلغاء عن النيل إليها ، والفصحاء عن الوصول إلى مثلها ، ولأجله خضع دونه البعض ، ونسب البعض الآخر إليه السحر ، ومن هذه الجهة كان موضعاً لعناية المتخصّصين في هذا الفنّ ، الذي كان هو السبب الوحيد عندهم للفضيلة والشرف ، وبه يقع التفاخر بينهم .

ومن الواضح أنّه مع هذه الموقعيّة يكون كلّ جزء من أجزائه ملحوظاً لهم ، منظوراً عندهم ، من دون فرق في ذلك بين من آمن به ، ومن لم يؤمن ، فكيف يمكن أن ينحصر نقل مثل ذلك بخبر الواحد ، كما هو غير خفيّ على من كان بعيداً عن التعصّب والعناد ، متّبعاً لحكم العقل والنظر السَّداد ؟!

ثمّ إنّه ظهر ممّا ذكرنا : أنّ اتّصاف نقل القرآن بالتواتر ، وانحصاره به إنّما هو على سبيل الوجوب واللزوم ، بمعنى أنّ تواتره لا يكون مجرّد أمر واقع في الخارج ، من دون أن يكون وقوعه لازماً ، والاتّصاف بذلك واجباً ، بل الظاهر لزوم اتّصافه به ، وكون وقوعه في الخارج إنّما هو لأجل لزوم وقوعه فيه كذلك ; لعين ما تقدّم من أصل الدليل على تواتره .

  • (1) في ص 90 .

(الصفحة 149)

ومناقشة المحقّق القمّي(قدس سره) في هذه الجهة ، حيث قال : «إنّه ـ يعني وجوب التواتر ـ إنّما يتمّ لو انحصر طريق المعجزة وإثبات النبوّة لمن سلف وغبر فيه ، ألا ترى أنّ بعض المعجزات ممّا لم يثبت تواتره ؟ وأيضاً يتمّ لو لم يمنع المكلّفون على أنفسهم اللطف ، كما صنعوه في شهود الإمام (عليه السلام) »(1) ليس في محلّها ، فإنّك عرفت(2)أنّ الكتاب هي المعجزة الخالدة الوحيدة ، وأنّ نفسه يدلّ على اتّصافه بهذا الوصف ، وأ نّه الذي لو اجتمع الإنس والجنّ إلى يوم القيامة على الإتيان بمثله لا  يأتون به ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً(3) ، وهو الذي يخرج به جميع الناس إلى ذلك اليوم من الظلمات إلى النور(4) ، وأ نّه الذي يكون نذيراً للعالمين(5) .

فمثل ذلك لو لم يلزم تواتره يلزم عدم حصول الغرض المقصود ، وهو السرّ في عدم ثبوت بعض المعجزات بالتواتر ; لأنّ تواتر القرآن ولزومه كذلك يغني عن اتّصاف غيره من المعجزات بالتواتر ، ومقايسة الكتاب الذي يتّصف بما وصف بمثل شهود الإمام (عليه السلام)  ، الذي منع المكلّفون على أنفسهم اللطف فيه غير صحيحة جدّاً ، فهل يمكن أن يصير منع اللطف سبباً لأن تخلو الاُمّة من الإمام رأساً ؟ فكيف يمكن أن يصير سبباً لعدم لزوم اتّصاف القرآن بالتواتر ، مع إيجابه نقض الغرض ، واستلزامه عدم تحقّق المعنى المقصود من إنزاله ؟

وممّا ذكرنا انقدح أ نّه كما لا تثبت القرآنيّة واتّصاف كلام بكونه كلام الله المنزل على الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله) بعنوان الإعجاز إلاّ بالتواتر ، كذلك اتّصافه بكونه آية لسورة فلانية دون السور الاُخرى ، فمثل اتّصاف قوله ـ تعالى ـ : (فَبِأَىِّ ءَالاَءِ

  • (1) قوانين الاُصول : 1 / 403 ، الباب السادس في الكتاب .
    (2) في ص 38 ـ 40 .
    (3) اقتباس من سورة الإسراء 17: 88  .
    (4) اقتباس من سورة إبراهيم 14: 1 ، وسورة الحديد 57: 9 ، وسورة الطلاق 65: 11 .
    (5) اقتباس من سورة الفرقان 25: 1 .

(الصفحة 150)

رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) (1) بكونه جزءاً لسورة «الرحمن» دون غيرها من السور القرآنيّة ، لا طريق له إلاّ التواتر ; لعين ما ذكر في أصل الاتّصاف بالقرآنيّة .

وكذا اتّصاف الآية الفلانيّة بكونها في محلّها ، وفي موضعها من السورة التي هي جزء لها ، لا يثبت إلاّ بالتواتر أيضاً ، فاتّصاف قوله ـ تعالى ـ : (اهْدِنَا الصِّرَ طَ الْمُسْتَقِيمَ) بوقوعه بعد قوله ـ تعالى ـ : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وقبل قوله ـ تعالى ـ : (صِرَ طَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) لا يثبت إلاّ بالتواتر لما ذكر ، وكذا من جهة الإعراب ، فقوله ـ تعالى ـ : ( الاَْرْحَامِ) في آية (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِوَالاَْرْحَامَ) (2) لابدّ وأن تثبت مفتوحيّته أو مجروريّته بالتواتر ; لاختلاف المعنى بمثل ذلك .

نعم ، ربما يقال : إنّ مثل الإمالة والمدّ واللين لا يلزم فيه التواتر ; لأنّ القرآن هو الكلام ، وصفات الألفاظ ليس كلاماً ، ولأنّه لا يوجب ذلك اختلافاً في المعنى ، فلا  تتعلّق فائدة مهمّة بتواتره ، ولكنّه محلّ نظر بل منع ، فتأمّل .

إذا تمهّدت لك هذه المقدّمة الشريفة النافعة ; فإنّه يقع الكلام في دعوى تواتر القراءات السبع ، كما عليه جماعة من علماء أهل السنّة ، بل نسب إلى المشهور بينهم(3) ، بل قيل : إنّه الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن (4) .

ونذكر أوّلاً ترجمة هؤلاء القرّاء بنحو الإجمال(5) ، فنقول :

  • (1) سورة الرحمن 55 : 19 و ... .
    (2) سورة النساء 4 : 1 .
    (3) البرهان في علوم القرآن: 1 / 318 .
    (4) صحيح البخاري: 6 / 122 باب اُنزل القرآن على سبعة أحرف ، سنن الترمذي 5:193 ب 9 ح 2948 .
    (5) اُنظر تراجمهم تفصيلاً ومصادرها في طبقات القرّاء للذهبي ، والبرهان في علوم القرآن للزركشي 1 : 327 ـ 330 ، النوع الثاني والعشرون ، وتحبير التيسير في قراءات الأ ئـمّة العشرة لابن الجزري 13 ـ 17 ، والبيان في تفسير القرآن: 125 ـ 146.