جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 230)

وخصوصيّاته ، والسعادة والشقاوة ، والجنّة والنار ، وأوصافهما ، وأوصاف الداخلين فيهما وخصوصيّاتهم ، ولما يتعلّق بالأنبياء ، وعلوّ مقامهم ، ونزاهة ساحتهم ، وشموخ مقامهم ، وما وقع بينهم وبين اُممهم ، ولما يرجع إلى الفضائل الخلقيّة ، والمَلَكات النفسانيّة ، ولما يعود إلى بيان الأحكام العمليّة ، والشرائع الفطريّة ، ولغير ذلك من الجهات والشؤون .

والغرض الأقصى الذي بيّنه الكتاب هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وإيصالهم إلى المرتبة الكاملة من الإنسانيّة ، والدرجة العالية : المادّية والمعنويّة .

وعليه: فمعنى التمسّك بمثل هذا الكتاب ـ الذي ليس كمثله كتاب ـ هو الاستفادة من جميع الشؤون التي وقع التعرّض فيه لها ، والاستضاءة بنوره الذي لاتبقى معه ظلمة ، والاهتداء بهدايته التي لا موقع معها للضلالة ، ولا يخاف عندها الجهالة ، فلو لم يكن ما بأيدينا من الكتاب عين ما نزل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ونفس ما خلّفه في اُمّته ، وحرّضهم على التمسّك به ، والخروج بسببه عن الضلالة .

فكيف يمكن التمسّك به إلى يوم القيامة ؟ وكيف يمكن أ نّ الضلالة منفيّة مؤبّدة ؟ فإنّ الكتاب الضائع على الاُمّة بسبب التحريف ، ودسّ المعاندين ـ ولا محالة كان الغرض من التحريف إخفاء بعض حقائقه وإطفاء بعض أنواره ـ لا يصلح أن يكون نوراً في جميع الاُمور ، وسراجاً مضيئاً في الظلمات كلّها ، ضرورة أنّه يلزم أن يكون التحريف حينئذ لغواً ، مع أنّه كان لغرض راجع إلى إخفاء مقام الولاية أو غيره من الاُمور المهمّة ، التي كان تعرّض الكتاب لها منافياً لغرض المحرّفين ، ومخالفاً لنظر المعاندين ، فلا يبقى حينئذ مجال لبقاء إمكان التمسّك بالكتاب مع وجود التحريف .

الدعوى الثانية : دلالة الحديث الشريف على إمكان التمسّك بالكتاب العزيز ، ولا يخفى وضوح هذه الدلالة لو كان الحديث دالاًّ على الأمر بالتمسّك ، وإيجاب الرجوع إليه ; ضرورة اعتبار القدرة في متعلّق التكليف مطلقاً ، أمراً كان أو نهياً ،

(الصفحة 231)

فمع عدم إمكان التمسّك لا يبقى مجال لإيجابه والحكم بلزومه .

وأمّا لو لم يكن الحديث بصدد الإلزام وجعل الحكم الإنشائي التكليفي ، ولم تكن الجملة الخبريّة مسوقة لإفادة التكليف والإيجاب ، بل كانت في مقام مجرّد الإخبار والحكاية عن الواقع ، وأ نّ الأثر المترتّب على التمسّك بالثقلين هو رفع خوف الضلالة وارتفاع خطر الجهالة ، وعدم الابتلاء بها إلى يوم القيامة ، فدلالته حينئذ على إمكان التمسّك به لأجل الانفهام العرفي ، والانسباق العقلائي ; فإنّ المتفاهم من مثل هذا التعبير في المحاورات العرفيّة ثبوت الإمكان في الشرط في القضيّة الشرطيّة الخبريّة .

مثال ذلك : أ نّك إذا قلت مخاطباً لصديقك : «إذا اشتريت الدار الفلاني يترتّب عليه كذا وكذا» لا يفهم منه إلاّ إمكان الاشتراء ، ولا يعبّر بمثل هذه العبارة إلاّ في مورد ثبوت الإمكان ، ومع عدمه يكون التعبير هكذا : «إن أمكن لك الاشتراء» .

مضافاً إلى ثبوت خصوصيّة في المقام ; وهو كون الكتاب ميراثاً للنبيّ الذي يكون خاتم النبيّين ، ويكون حلاله وحرامه باقيين إلى يوم القيامة ، فهل يمكن أن   يكون مع ذلك غير ممكن للتمسّك ؟ وهل يتّصف حينئذ بأ نّه خلّفه النبيّ (صلى الله عليه وآله)  ، وكان غرضه من ذلك إرشاد الاُمّة وهداية الناس إلى طريق الهداية ، والخروج من الضلالة ؟ فعلى تقدير عدم دلالة مثل هذا التعبير على ثبوت وصف الإمكان في غير المقام ، لا محيص عن الالتزام بدلالته عليه في خصوص المقام; للقرائن والخصوصيّات الموجودة فيه .

فانقدح من جميع ذلك تماميّة الاستدلال بالحديث الشريف من الوجه الأوّل ، الذي عرفت ابتناءه على الدعويين الثابتتين .

نعم ، يمكن أن يورد على الاستدلال به من هذا الوجه شبهات (1) لا بأس

  • (1) أشار إلى بعضها في فصل الخطاب ، الباب الثاني، الأمر الخامس: 340ـ 341 .

(الصفحة 232)

بإيرادها والجواب عنها ، فنقول :
الشبهة الاُولى :
أنّه لا يعتبر في التمسّك بشيء أن يكون المتمسّك به موجوداً حاضراً ، وكان تحت اختيار المكلّف ، وهذا كما في التمسّك بالعترة التي هي إحدى الحجّتين ، وواحد من الثقلين; فإنّه لا يعتبر في تحقّقه حياتهم ، فضلاً عن حضورهم ، وعدم غيابهم ; ضرورة ثبوت هذا الوصف لنا بالإضافة إلى أئمّتنا المعصومين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ مع عدم إمكان تشرّفنا إلى محضرهم في أعصارنا هذه ، وعدم الحضور أيضاً لخاتمهم عجّل الله تعالى فرجه ، فلا يعتبر في تحقّق التمسّك وجودهم ، فضلاً عن حضورهم ، ومثل ذلك يجري في التمسّك بالكتاب من دون فرق ، فالتحريف الموجب لضياعه على الاُمّة لا يستلزم عدم إمكان التمسّك به .

والجواب : وضوح الفرق بين التمسّك بالعترة ، والتمسّك بالكتاب ; فإنّ التمسّك بالشخص ـ ولو مع حياته وحضوره ـ معناه اتّباعه والموالاة له ، والإطاعة لأوامره ونواهيه ، والأخذ بقوله ، والسير على وفقه وعلى سيرته ، ولا حاجة في ذلك إلى الاتّصال به ، والتشرّف بمحضره ، والمخاطبة معه ، بل يمكن ذلك مع موته ، فضلاً عن غيبته ، ومن هذه الجهة نحن متمسِّكون بهم جميعاً في زمن الغيبة ، وأيّ تمسّك أعظم من تعظيم الفقهاء الراوين للحديث ، والأخذ بقولهم ، اتّباعاً لما ورد في التوقيع الوارد في جواب مسائل إسحاق بن يعقوب ، الدالّ على وجوب الرجوع في الحوادث الواقعة إلى رواة الحديث ، معلّلاً بكونهم حجّته وهو حجّة الله على الناس (1) .

  • (1) نصّ الحديث هكذا : وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، كمال الدين: 484 قطعة من ح4، الغيبة للطوسي: 291 قطعة من ح247 ، الاحتجاج: 2 / 543 قطعة من الرقم 344 ، وعنها وسائل الشيعة: 27/140 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب11 ح9، وبحار الأنوار: 53/181 قطعة من ح10. وفي منتخب الأنوار المضيئة: 228 ، والخرائج والجرائح: 3 / 1114 قطعة من ح30 عن ابن بابويه . وفي كشف الغمّة: 2 / 531 عن إعلام الورى: 2 / 271 . وفي بحار الأنوار: 2 / 90 ح13 وعوالم العلوم: 3 / 410 ح10 عن الاحتجاج . وفي ج78 / 380 ح1 عن الدرّة الباهرة: 47 .

(الصفحة 233)

وأمّا التمسّك بالكتاب; فهو لا يمكن تحقّقه مع عدم وجوده بين الاُمّة ، وكونه ضائعاً عليهم ، فكيف يعقل التمسّك به مع عدم العلم بما تضمّنه لأجل تحقّق النقيصة فيه على هذا الفرض ، فبين التمسّكين فرق واضح .

الشبهة الثانية : أنّه وإن كان يعتبر في التمسّك بالكتاب وجوده وثبوته ، إلاّ أنّ هذا الوصف ثابت للقرآن الواقعي ; لوجوده عند الإمام الغائب ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ وإن لم يمكن الوصول إليه عادة .

والجواب : ظهر ممّا تقدّم أنّ الوجود الواقعي للكتاب لا يكفي في إمكان التمسّك به ، بل اللاّزم أن يكون باختيار الاُمّة وقابلاً للرجوع إليه ، والأخذ به ، والسير على هداه ، والاستضاءة بنوره ، والاهتداء بهدايته ، كما هو أوضح من أن يخفى .

الشبهة الثالثة : أنّ المقدار الذي تكون الاُمّة مأمورة بالتمسّك به ، هو خصوص آيات الأحكام ; لأنّها المتضمّنة للتشريع ، وبيان للقوانين العمليّة ، والأحكام الفرعيّة ، ولا بأس بأن يكون الحديث دالاًّ على إمكان التمسّك بالكتاب بهذا المقدار ، فيدلّ على عدم التحريف بالإضافة إليه ، ولا ينفي وقوعه في الآيات الاُخرى غير المتضمِّنة للأحكام .

والجواب : أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه (صلى الله عليه وآله) ليس الغرض منه مجرّد بيان الأحكام والقوانين العمليّة ، بل الغرض منه الهداية وإخراج الناس من الظلمات

(الصفحة 234)

إلى النور من جميع الجهات . ومن المعلوم أنّ العمدة في تحصيل هذا الغرض المهمّ هي ما يرجع إلى الاُصول الاعتقاديّة ، ومسائل التوحيد والنبوّة والإمامة وأشباهها ، وحينئذ فكيف يسوغ القول بأنّ الغرض من الأمر بالتمسّك به هو التمسّك بخصوص آيات الأحكام العمليّة منها ؟ إذ ليس هو كتاباً فقهيّاً فقط .

وعليه: فالتمسّك المأمور به هو التمسّك به من جميع الجهات التي لها مدخليّة في السير إلى الكمال ، وحصول الخروج من الظلمات إلى النور ، وتحقّق الهداية ، ومحو الضلالة والجهالة ، فالاستدلال بالحديث على عدم وقوع التحريف في شيء من آياته تامّ لا شبهة فيه ولا ارتياب ، كما لا يخفى على اُولي الألباب .

الوجه الثاني : أنّ الظاهر من الحديث أ نّ كلاًّ من الثقلين حجّة مستقلّة ، ودليل تامّ في عرض الآخر وفي رتبته ; بمعنى عدم توقّف حجّية كلّ منهما على الآخر ، وعدم الافتقار إلى تصويبه وإمضائه ، لا بمعنى كون كلّ واحد منهما كافياً في الوصول إلى الكمال الممكن ، والخروج من الضلالة ، وارتفاع خوف الجهالة ; فإنّ هذا الأثر قد رتّب في الحديث على الأخذ بمجموع الثقلين ، والتمسّك بكلا الميراثين ، بل بمعنى كون الأثر وإن كان كذلك إلاّ أ نّه لا ينافي الاستقلال ، وتماميّة كلّ منهما في الحجّية والدليليّة .

والغرض أ نّ الحجّة ليست هي المجموع ، بل كلّ واحد منهما من دون توقّف على الآخر ، ومن دون منافاة ومضادّة لترتّب الأثر ، والغرض على الأخذ بالمجموع والتمسّك به ، وهذا كما أنّ كلّ واحد من الأدلّة الأربعة المعروفة ـ الكتاب والسنّة والعقل والإجماع ـ دليل وحجّة مستقلّة في الفقه ، مع أنّ الاستنباط ، واستكشاف الحكم يتوقّف على لحاظ المجموع ورعاية الكلّ .

وبالجملة : الحديث ظاهر في كون كلّ واحد من الثقلين دليلاً وحجّة مستقلّة ، وحينئذ نقول : بناءً على عدم التحريف ، وعدم كون القرآن الموجود فاقداً