جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 289)

ومن الواضح: أ نّ الإتيان بالمعجزة المثبتة لهذه الدعوى لابدّ وأن يكون صالحاً لإثبات كلا الأمرين ، وقابلاً للاستناد إليه في كلتا الدعويين ، فالمعجزة في هذا الدين تمتاز عن معجزات الأنبياء السالفين ، وتختصّ بخصوصيّة لا توجد في معجزات السفراء الماضين ، ولأجله تختلف ـ سنخاً ونوعاً ـ مع تلك المعجزات غير الباقية ، والاُمور الخارقة للعادة التي كان الغرض منها إثبات أصل النبوّة .

ومن المعلوم أيضاً: أنّ هذا الوصف إنّما يختصّ به القرآن المجيد ، ولا يوجد في معجزات النبيّ (صلى الله عليه وآله) الأُخرى ; فإنّه هي المعجزة الوحيدة الخالدة، والدليل الفذّ الباقي إلى يوم القيامة ، فالقرآن من حين نزوله كان ملحوظاً بهذا الوصف ، ومنظوراً من هذه الجهة ، التي ليس فوقها جهة ولا يرى شأن أعظم منها ، كما لا يخفى .

ومع وجود هذه الخصوصيّة ، وثبوت هذه العظمة ، كيف يمكن توهّم أ نّه لم يجمع في عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ولم يعتنِ بشأنه ـ من جهة الجمع ـ الرسولُ الأعظم ، ولا أحد من المسلمين ، مع شدّة اهتمامهم به وبحفظه وقراءته وتعلّمه وتعليمه ، وتدريسه وتدرّسه ، وأخذ فنون المعارف والأحكام والقصص والحِكم وسائر الحقائق منه؟!

وهل يتوهّم من له عقل سليم وطبع مستقيم أن يوكِلَ النبيُّ (صلى الله عليه وآله) أمرَ جمع القرآن إلى من بعده ، ولا سيّما مع علمه بأنّ الذي يتصدّى للجمع بعده هو الذي لايكون متّصفاً بوصف العصمة ، بل وأعظم من ذلك من لاحظَّ له من العلم والمعرفة بوجه ; إذ لا محالة يكون جمعه ناقصاً من جهة التحريف، ومن جهة عدم تحقّق التناسب الكامل بين الآيات .

ومن الواضح: مدخليّته في ترتّب الغرض المقصود منه ; ضرورة أنّ ارتباط أجزاء الكتاب ووقوع كلّ جزء في موضعه ، له كمال المدخليّة في ترتّب غرض الكتاب ، خصوصاً في القرآن الذي كان غرضه أهمّ الأغراض من ناحية ، وعدم

(الصفحة 290)

كونه منحصراً بعلم خاصّ وفنّ مخصوص من ناحية اُخرى ; فإنّ التناسب في مثله لو لم يراع لا يتحقّق الغرض أصلاً .

فلا محيص عن الالتزام بتحقّق الجمع والتأليف في عصره(صلى الله عليه وآله)  ، وكون سوره وآياته متميّزة بعضها عن بعض ، خصوصاً مع أنّه في القرآن جهات عديدة يكفي كلّ واحدة منها لأن تكون موضعاً لعناية المسلمين ، وسبباً لاشتهاره بين الناس ، حتّى عند الكافرين والمنافقين ، وذلك:

مثل بلاغته وفصاحته التي هي الغرض المهمّ للعرب في ذلك العصر ، ووضوح كون بلاغته واقعة في الدرجة العليا ، وفصاحته حائزة للمرتبة القصوى ، ومن هذه الجهة كان موضع توجّه لعموم الناس ـ المؤمن وغيره ـ المؤمن يحفظه ويقرؤه لإيمانه ، وللتلذّذ بألفاظه المقدّسة ، ومعانيها العالية ، والكافر والمنافق يمارسه رجاء معارضته ، والإتيان بمثله ، وإبطال حجّته .

ومثل الجهات الاُخر ; كالأجر والثواب المترتّب على حفظه وقراءته وتعليمه ، بل وعلى مجرّد النظر إلى آياته وسوره ، وكون النبيّ (صلى الله عليه وآله) مرغّباً في حفظه ومحرّكاً للمؤمنين إلى الرجوع إليه ، وكون الحافظ له شأن عظيم ، ومرتبة خاصّة بين المسلمين ، وغير ذلك من الجهات .

ولا بأس هنا بذكر كلام السيِّد المرتضى ـ قدّس سرّه الشريف ـ في هذا الشأن ، وكلام البلخي المفسِّر من علماء العامّة ، والجواب عمّا أورد عليهما المحدِّث المعاصر في كتابه الموضوع في التحريف .

قال السيّد المرتضى: إنّ القرآن كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مجموعاً مؤلّفاً على ما هو عليه الآن ، واستدلّ على ذلك بأ نّ القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان ، حتّى عيّن على جماعة من الصحابة ، في حفظهم له ، وأ نّه كان يعرض على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ويُتلى عليه ، وأ نّ جماعة من الصحابة; مثل عبدالله بن مسعود ، وأُبيّ بن

(الصفحة 291)

كعب ، وغيرهما ختموا القرآن على النبيّ (صلى الله عليه وآله) عدّة ختمات ، وكلّ ذلك يدلّ بأدنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتور ولا مبثوث(1) .

وقال البلخي في تفسيره المسمّى بـ «جامع علم القرآن» ـ على ما نقله عنه السيّد ابن طاووس في محكيّ «سعدالسعود» ـ مالفظه:

وإنّي لأعجب من أن يقبل المؤمنون قول من زعم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ترك القرآن الذي هو حجّة على اُمّته ، والذي تقوم به دعوته، والفرائض التي جاءبها من عند ربّه، وبه يصحّ دينه الذي بعثه الله داعياً إليه، مفرّقاً في قطع الخرق ، ولم يجمعه ولم  يصنه ، ولم يحفظه ، ولم يحكم الأمر في قراءته ، وما يجوز من الاختلاف فيها وما  لا يجوز ، وفي إعرابه ومقداره ، وتأليف سوره وآيه; هذا لايتوهّم على رجل من عامّة المسلمين، فكيف برسول ربّ العالمين (صلى الله عليه وآله)  ؟!(2)

وأورد المحدِّث المعاصر على السيّد المرتضى:

أوّلاً : أنّ القرآن نزل نجوماً ، وتمّ بتمام عمره (صلى الله عليه وآله)  ، فإن صحّ ما نقله ، فالمراد درس ما كان عنده من السور والآيات .

وثانياً: أنّ قعود أمير المؤمنين (عليه السلام) في بيته بعده (صلى الله عليه وآله) لجمع القرآن وتأليفه خوفاً من ضياعه ، ممّا لا يقبل الإنكار بعد استفاضة الأخبار بذلك ، وكيف يجتمع هذا مع كونه مجموعاً مؤلَّفاً مرتّباً متداولاً بين الصحابة في حياته .

وثالثاً: بما ملخّصه: أنّ ما نقله ابن مسعود ، وأُبيّ وغيرهما ، فإنّما هو من خبر ضعيف ، رواه المخالفون ، ثمّ ذكر طائفة من الروايات المتقدّمة الدالّة على أنّ الجمع وقع في عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله)  (3) .

  • (1) حكى عنه في مجمع البيان: 1 / 15 ـ 16 مقدّمة الكتاب ، الفنّ الخامس . وذكره المحدث النوري في فصل الخطاب: 14 مع تغيير لا يضرّ .
    (2) سعد السعود: 315 . وذكره المحدّث النوري في فصل الخطاب: 14 مع تغيير يسير .
    (3) فصل الخطاب: 16 ـ 17 .

(الصفحة 292)

وأورد على البلخي:

أوّلاً: بالنقض على مذهبه ، فإنّه (صلى الله عليه وآله) مع علمه بأنّه يموت في مرضه ، وتختلف اُمّته بعده ثلاثاً وسبعين فرقة(1) ، وأنّه ترجع بعده كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض(2) ، كيف لم يعيّن لهم من يقوم مقامه ، ولا قال لهم: اختاروا أنتم حتّى تركهم في ضلال مبين إلى يوم الدين . . .؟! فإذا جاز توكيل هذا الأمر العظيم إليهم مع اختلاف الآراء وتشتّت الأهواء ، جاز توكيل أمر جمع القرآن وتأليفه إليهم .

وبالحلّ ثانياً: وهو; أ نّا نسلّم أنّ القرآن بتمامه كان عنده (صلى الله عليه وآله) متفرّقاً ، وإنّما فوّض أمر الجمع والتأليف الذي هو سبب لبقائه وحفظه إلى من فوّض إليه جميع اُموره واُمور اُمّته بعده ، واحتياج الناس إليه; بحيث يختلّ عليهم أمرهم لولاه إنّما هو بعده ، وليس في ذلك تنقيص في نبوّته أصلاً ، بل في ذلك إعلاء لشأن من فوّض إليه الأمر ، وتثبيت لإمامته ، وإعلام برفعته ، وقد امتثل ما أمره به فجمعه بعده ، وحينئذ ، فإن  أراد أنّ ما كان بأيديهم إنّما نسخوه من هذا المجموع المعيّن ، لا من الأماكن المتفرّقة من الصدور والألواح ، ففيه:

أوّلاً: أنّه لم يكن مرتّباً ، وإنّما ألّفه ورتّبه أمير المؤمنين (عليه السلام)  ، وقد هجروا مصحفه.

وثانياً: أنّ ما تقدّم بطرقهم المستفيضة صريح في أنّهم جمعوه من الأفواه والألواح المتفرّقة (3) .

والجواب: أمّا عن إيراده على السيّد المرتضى(قدس سره)  : أ نّ نزول القرآن نجوماً وتماميّته بتمام عمره الشريف ، لا ينافي ما أفاده السيّد المرتضى بوجه ، خصوصاً بعد

  • (1) بحار الأنوار 28: 2 ـ 36 ب1 .
    (2) بحار الأنوار 9: 150 ، وج18: 122 ، وج22: 465 ، 487 ـ 488 ، وج32: 193 ، 290 ، 291 ، 293 و294 ، وج36: 23 و 33 ، و ج37: 183 و . . .
    (3) فصل الخطاب 14 ـ 15 .

(الصفحة 293)

ملاحظة ما قدّمناه(1) من أنّ القرآن كان من حين نزوله متّصفاً بأنّه هي المعجزة الوحيدة الخالدة ، التي يتوقّف أساس الدين وأصل الشريعة على بقائها ووجودها بين الناس كما نزلت إلى يوم القيامة .

وسيأتي البحث(2) عن مصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) وامتيازه عن المصحف المعروف ، وأ نّه لا يتفاوت معه في شيء يرجع إلى أصل القرآن وآياته أصلاً . ومانقله من أنّ ابن مسعود وأُبيّاً وغيرهما لا يكون الاعتماد فيه على ضعاف الأخبار العامّية ، بل على الأمر المعروف بين المسلمين من وجود مصحف لكلّ واحد منهم ، وظهور كون جمعهم في عهد النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعصره .

وأ مّا عن إيراده على البلخي: فإنّ النقض بمسألة الخلافة على طبق عقيدته فاسد ، خصوصاً لو كان مستنده ما ينسبونه إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) : لا تجتمع اُمّتي على خطإ(3) ، كما هو واضح ، واختلاف المسألتين وتفاوتهما ، وانحصار الإعجاز في الكتاب ممّا لا ريب فيه ، وأ نّ المراد من الجمع والتأليف ـ الذي فوّض النبيّ (صلى الله عليه وآله) أمره إلى من فوّض إليه جميع اُموره ـ إن كان الجمع بنحو يرجع إلى ترتيب الآيات والسور بحيث لم يكن في عهده (صلى الله عليه وآله) مواقع الآيات مبيّنة ، ولا مواضعها مشخّصة ، فنحن نمنع ذلك حتّى يحتاج النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى التفويض إلى عليّ (عليه السلام)  ، وإن كان المراد الجمع في محلّ واحد كقرطاس ومصحف ، فهذا لا ينافي ما ذكره البلخي بوجه ، ولا يرجع إلى عدم كون القرآن مرتّباً في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله)  .

  • (1) في ص 289.
    (2) في ص 301 ـ 309.
    (3) شرح نهج البلاغة  لابن أبي الحديد 8 : 123 . وجاء بألفاظ متعدّدة: سألتُ الله ألاّ تجتمع أُمّتي على خطإ ، لم يكن الله ليجمع أُمّتي على ضلال ولا خطإ ، لا تجتمع اُمّتي على ضلالة . وقد جاء في بحار الأنوار 2: 225 ، وج5: 20 و 68 ، وج28: 104 ، وج34: 366 هكذا: لاتجتمع اُمّتي على ضلالة، أو الضلال ، أو الضلالة .