جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 90)

لقصور معرفة بخصائصها ، فإذا ثبت لنا بالنقل القطعي تحقّق الانشقاق للقمر بيد النبيّ (صلى الله عليه وآله) (1) تتمّ الحجّة علينا عقلاً ، وإن لم نكن حاضرين عند تحقّقه ، مشاهدين ذلك بأبصارنا ، وكذا إذا ثبت إخضرار الشجر بأمره ، أو تكلّم الحجر بإشارته(2) .

وفي المقام نقول: بعدما لاحظنا أنّ القرآن نزل في محيط بلغت البلاغة فيه الغاية القصوى ، والعناية بالفصاحة وشؤونها الدرجة العليا ، بحيث لم يروا لغيرها قدراً ، ولا رتّبوا عليه فضيلةً وأجراً ، ولعلّ السرّ في ذلك واقعاً هو: أنّه عند نزول القرآن لايكاد يبقى مجال للارتياب في تفوّقه واتّصافه بأنّه السلطان والحاكم في الدولة الأدبيّة ، والحكومة العلميّة ، وبعد ملاحظة أنّ القرآن تحدّاهم إلى الإتيان بمثله(3) ، أو بعشر سور مثله(4) ، أو بسورة مثله(5) ، ولم يقع في جواب ذلك النداء إلاّ إظهار العجز ، والاعتراف بالقصور .

ولذا اختاروا المبارزة بالسنان على المعارضة بالبيان ، ورجّحوا المقابلة بالسيوف على المقاومة بالحروف ، وآثروا بذل الأبدان على القلم واللسان ، مع أنّه كان من الجدير للعرب إذا كان ذلك في مقدرتهم أن يجيبوه ، ويقطعوا حجّته ، ويأتوا ولو بسورة واحدة مثل القرآن في البلاغة ، فيستريحوا بذلك عن تحمّل مشاقّ كثيرة ، وإقامة حروب مهلكة ، وبذل أموال خطيرة ، وتفدية نفوس محرّمة .

  • (1) تفسير القمّي: 2 / 341 ، إعلام الورى: 1 / 84 ، مناقب ابن شهرآشوب: 1 / 122 ، مجمع البيان: 9/277 ـ 278 ، وعنها بحار الأنوار: 17 / 347 ـ 358 ح1 ، 11 و 13 ، ورواه البخاري في صحيحه: 6 / 62 ب1 ح4864ـ 4868 ، والترمذي في سننه: 5 / 397 ـ 398 ب54 ح3296 ـ 3300 ، ويراجع ص62 .
    (2) الخرائج والجرائح: 1 / 98 ح 159، مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام) : 1 / 37 ـ 38، العدد القويّة: 122 ، الرقم 24 ، التفسير المنسوب إلى الإمام أبي محمّد العسكري(عليه السلام) : 599 ، وعنها بحار الأنوار: 15/336 قطعة من ح5 وص340 ح12، و ج16 / 226 ح32، وج17 / 379 ح47 وص383 ح51 .
    (3) سورة البقرة 2: 23 ، وسورة الإسراء 17: 88  .
    (4) سورة هود 11: 13 .
    (5) سورة يونس 10: 38 .

(الصفحة 91)

ولكنّهم ـ مع أنّه كان فيهم الفصحاء النابغون والبلغاء المتبحِّرون ـ خضعوا عند بلاغة القرآن ، وأذعنوا بقصورهم ، بل قصور من لم يكن له ارتباط إلى مبدإ الوحي ، ومنبع الكمال من جميع أفراد البشر ، فعند ملاحظتنا ذلك تتمّ الحجّة علينا عقلاً وإن لم نكن من تلك الطبقة النابغة في الفصاحة ، والجماعة الممتازة في الفصاحة ، بل وإن لم نكن عارفين باللغة العربيّة أصلاً ، كما هو واضح من أن يخفى .

شبهة التناقض والاختلاف

إنّ القرآن مع أنّه قد وصف نفسه بعدم وجود الاختلاف فيه(1) ، وعدم اشتماله على المناقضة بوجه ـ ولابدّ من أن يكون كذلك ـ فإنّ الاختلاف لا يتناسب مع كونه من عند الله الذي لا يغيب عنه شيء ، والمناقضة لا تتلاءم مع كونه من عند من هو عالم بكلّ شيء ، قد وقعت فيه المناقضة في موردين:

أحدهما: قوله ـ تعالى ـ : (قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَـثَةَ أَيَّام إِلاَّ رَمْزًا) (2) ; فإنّه يتناقض مع قوله ـ تعالى ـ : (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّى ءَايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَـثَ لَيَال سَوِيًّا ) (3) .

والجواب عن هذه الشبهة واضح ; فإنّ لفظ «اليوم» قد يستعمل ويراد منه النهار ، وهو ما يقابل الليل ، وقد يطلق ويراد به المجموع منهما ، وكذلك لفظ «الليل»; فإنّه أيضاً قد يطلق ويراد به ما يقابل النهار ، وقد يستعمل ويراد منه المجموع من النهار والليل ، ولا يختصّ هذا الإطلاق والاستعمال بالكتاب العزيز ،

  • (1) سورة النساء 4: 82  .
    (2) سورة آل عمران 3 : 41 .
    (3) سورة مريم 19 : 10 .

(الصفحة 92)

بل هو استعمال شائع في لغة العرب (1) ، بل لا ينحصر بتلك اللغة ; فإنّ ما يرادف اليوم في الفارسيّة مثلاً قد يطلق ويراد به بياض النهار ، وقد يطلق ويراد به المجموع منه ومن مدّة مغيب الشمس وإشراقها على القارّة الاُخرى ، وكذلك ما يرادف الليل .

ومن الموارد التي استعمل فيها لفظ «اليوم» . وكذا «الليل» واُريد بكلّ واحد ما يقابل الآخر ما جمع فيه بين اللّفظين ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَال وَ ثَمَـنِيَةَ أَيَّام حُسُومًا) (2) .

وممّا استعمل فيه لفظ اليوم واُريد به المجموع قوله ـ تعالى ـ : (تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَـثَةَ أَيَّام) (3) .

وكذا الآية المبحوث عنها في المقام ، المشتملة على لفظ «اليوم» .

وممّا استعمل فيه لفظ الليل واُريد به المجموع قوله ـ تعالى ـ : (وَ إِذْ وَ عَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (4)، وكذا الآية المبحوث عنها في المقام المشتملة على كلمة «الليل» .

فانقدح أنّه لا منافاة بين الآيتين ، ولا مناقضة بين الكريمتين ، فلا موقع للشبهة في البين .

ثانيهما: أنّ الكتاب كثيراً ما يسند الفعل إلى العبد واختياره ، فيدلّ ذلك على عدم كونه مجبوراً في أفعاله ، وقد يسنده إلى الله تبارك وتعالى ، وهذا ظاهر في أنّ العبد مجبور في أفعاله ، وأنّه ليس له اختيار إلاّ اختياره تعالى .

  • (1) لسان العرب : 6 / 525 .
    (2) سورة الحاقة 69 : 7 .
    (3) سورة هود 11 : 65 .
    (4) سورة البقرة 2 : 51 .

(الصفحة 93)

فمن الأوّل: قوله ـ تعالى ـ : (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَ مَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ) (1) . وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا هَدَيْنَـهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَ إِمَّا كَفُورًا ) (2) .

ومن الثاني: قوله ـ تعالى ـ : (وَ مَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ) (3) قالوا: وهذا تناقض صريح وتهافت محض .

والجواب: أمّا كون الإنسان مختاراً في أفعاله الاختياريّة ، غير مجبور بالإضافة إليها ، قادراً على الفعل والترك ، فممّا يدركه الإنسان بالفطرة السليمة ، ولا يشكّ فيه عند استقامتها ، وعدم الانحراف عنها ، وهذا الأمر ـ أي كون العبد مختاراً غير مجبور ـ ممّا أطبق عليه العقلاء كافّة ، وبنوا عليه اُموراً كثيرة ; فإنّ القوانين الوضعيّة عندهم لغرض التنفيذ والموافقة لا يكاد يمكن فرض صحّتها ، وواجديّتها للشرائط المعتبرة في التقنين إلاّ مع مفروغيّة اختيار الإنسان في أفعاله وأعماله; ضرورة أنّه لا معنى لسنّ القانون بالإضافة إلى غير المختار ; فإنّ القانون إنّما يكون الغرض منه الانبعاث والموافقة ، وهو لا يعقل تحقّقه بدون الإرادة والاختيار .

وكذا الأوامر والنواهي الصادرة من الموالي العرفيّة بالنسبة إلى عبيدهم ، إنّما تتفرّع على كون اتّصاف العبيد بالقدرة والاختيار أمراً ضروريّاً عند العقلاء ، ولا ارتياب فيه عندهم أصلاً .

وكذا التحسين والتقبيح العقلائيّان اللّذان هما من الموضوعات المسلّمة عند العقلاء ، والأحكام الضروريّة لديهم ، إنّما يتفرّعان على هذا الأمر الذي ذكرناه ، بداهة أنّه لا وجه لاتّصاف العمل غير الاختياري بالحسن أو القبح ، ومن عدم الاتّصاف لا يبقى موقع للمدح أو الذمّ .

  • (1) سورة الكهف 18 : 29 .
    (2) سورة الإنسان 76 : 3 .
    (3) سورة الإنسان 76 : 30 .

(الصفحة 94)

وبالجملة: لا ينبغي الارتياب في أنّ اتّصاف الإنسان بالاختيار في أفعاله الإراديّة وصحّة إسنادها إليه ـ لأنّه فاعل مختار ـ من الاُمور البديهيّة عند العقلاء الذين هم الحكّام في باب التقنين ، وجعل الأحكام ، وما يتفرّع عليه من الإطاعة والعصيان ، واستحقاق المدح أو الذمّ ، والجنان أو النيران ، وما هو بمنزلتهما من المثوبات والعقوبات الدنيويّة .

ومع قطع النظر عن جميع ما ذكرنا أنّ العاقل يرى الفرق الواضح بين حركة يد المرتعش ، والحركة الاختياريّة الصادرة من غيره ، ولا يرتاب في المغايرة البيّنة بين سقوط الإنسان من شاهق إلى الأرض قهراً ، وبين إسقاطه نفسه منه إليها اختياراً ، فيرى أنّه مختار في الثانية دون الاُولى ، ويستحقّ الذمّ فيها دونها .

فانقدح أنّ اتّصاف الإنسان بالاختيار ـ الذي هو المصحّح لإسناد الأفعال الاختياريّة الصادرة منه إليه ـ ممّا لا ريب فيه عند العقل والعقلاء ، ولا شكّ فيه عند الوجدان أصلاً .

وأمّا صحّة إسناد هذه الأفعال ـ التي تسند إلى الإنسان حقيقة ـ إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ بالإسناد الخالي عن العناية والمسامحة ، فلأنّ واجب الوجود لم ينعزل عن خلقه بعد الإيجاد ، لما ثبت في محلّه ـ من العلم الأعلى ـ من أنّ الممكن كما يفتقر في حدوث وجوده وتلبّسه بلباس الوجود إلى العلّة ، كذلك يحتاج في البقاء والاستمرار إليها ; لأنّ الافتقار والحاجة من لوازم ذات الممكن وماهيّته ، قال الله تبارك وتعالى :

(يَـأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ ) (1) .

وقال الشاعر الفارسي:

  • (1) سورة فاطر 35 : 15 .