جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه226)

التنبيه السادس

في استصحاب عدم النسخ

والمعروف صحّة جريان الاستصحاب عند الشكّ فيه، بل عدّه المحدّثالإسترآبادي من الضروريّات، ولكنّه قد استشكل فيه بإشكالين: الأوّلمشترك بين الاستصحاب في أحكام هذه الشريعة المقدّسة وبين الاستصحابفي أحكام الشرائع السابقة، فلو تمّ لكان مانعاً عن جريان الاستصحاب فيالمقامين.

الثاني مختصّ باستصحاب أحكام الشرائع السابقة.

أمّا الإشكال الأوّل فهو: أنّه يعتبر في الاستصحاب وحدة القضيّة المتيّقّنهوالمشكوكة، كمامرّ مراراً، والمقام ليس كذلك؛ لتعدّد الموضوع في القضيّتين فإنّمن ثبت في حقّه الحكم يقيناً قد انعدم، والمكلّف الموجود الشاكّ في النسخ لميعلم ثبوت الحكم في حقّه من الأوّل، فالشكّ بالنسبة إليه شكّ في ثبوتالتكليف لافي بقائه بعد العلم بثبوته ليكون مورداً للاستصحاب، فيكون إثباتالحكم له إسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر.

وهذا الإشكال يجري في أحكام هذه الشريعة أيضا، فإنّ من علم بوجوبصلاة الجمعة عليه هو الذي كان موجوداً في زمان الحضور، وأمّا المعدوم فيزمان الحضور فهو شاكّ في ثبوت وجوب صلاة الجمعة عليه من الأوّل.

(صفحه 227)

وقد أجاب الشيخ الأنصاري رحمه‏الله عن هذا الإشكال بجوابين:

الأوّل: أنّا نفرض الشخص الواحد مدركاً للشريعتين، فإذا حرم في حقّهشيء سابقاً وشكّ في بقاء الحرمة في الشريعة اللاحقة فلا مانع منالاستصحاب أصلاً وفرض انقراض جميع أهل الشريعة السابقة عند تجدّداللاحقة نادر، بل غير واقع.

الثاني: أنّ اختلاف الأشخاص لايمنع من الاستصحاب، وإلاّ لم يجرِاستصحاب عدم النسخ.

وحلّه: أنّ المستصحب هو الحكم الكلّي الثابت للجماعة على وجه لا مدخللأشخاصهم فيه، فإنّ الشريعة اللاحقة لا تحدث عند انقراض أهل الشريعةالاُولى؛ إذ لو فرض وجود اللاحقين في السابق عمّهم الحكم قطعا، غاية الأمراحتمال مدخليّة بعض أوصافهم المعتبرة في موضوع الحكم، ومثل هذا لو أثّرفي الاستصحاب لقدح في أكثر الاستصحابات، بل في جميع موارد الشكّ منغير جهة الرافع(1).

وقال صاحب الكفاية رحمه‏الله في مقام الجواب عن الإشكال: «بأنّ الحكم الثابتفي الشريعة السابقة حيث كان ثابتاً لأفراد المكلّف كانت محقّقة وجوداً أومقدّرة كما هو قضيّة القضايا المتعارفة المتداولة، وهي قضايا حقيقيّة،لاخصوص الأفراد الخارجيّة كما هو قضيّة القضايا الخارجيّة».

ثمّ قال: «يمكن إرجاع ما أفاده شيخنا العلاّمة ـ أعلى اللّه‏ في الجنان مقامه في الذبّ عن إشكال تغاير الموضوع في هذا الاستصحاب من الوجه الثاني إلىما ذكرنا، لامايوهمه ظاهر كلامه من أنّ الحكم ثابت للكلّي كما أنّ الملكيّة لهفي مثل باب الزكاة والوقف العامّ حيث لامدخل للأشخاص فيها؛ ضرورة أنّ


  • (1) فوائد الاُصول 2: 771 ـ 772.
(صفحه228)

التكليف والبعث والزجر لايكاد يتعلّق به من حيث أنّه كلّي، بل لابدّ من تعلّقهبالأشخاص، وكذلك الثواب والعقاب المترتّب على الطاعة والمعصية، وكانغرضه من عدم دخل الأشخاص عدم أشخاص خاصّة، فافهم»(1).

وقال اُستاذنا السيّد الإمام رحمه‏الله «ههنا شبهة اُخرى، وهى: أنّه من الممكن أنيكون المأخوذ في موضوع الحكم الثابت في الشرائع السابقة عنوان على نحوالقضيّة الحقيقيّة، لاينطبق ذلك العنوان على الموجودين في عصرنا كما لو اُخذعنوان اليهود والنصارى، فإنّ القضيّة وإن كانت حقيقيّة لكن لاينطبق عنوانموضوعها على غير مصاديقه، ففي قوله تعالى: «وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّذِى ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ»(2)، إلى آخره كانتالقضيّة حقيقيّة، لكن إذا شكّ المسلمون في بقاء حكمها لهم لايجريالاستصحاب، كما لو ثبت حكم للفقراء وشكّ الأغنياء في ثبوته لهم لايمكنإثباته لهم بالاستصحاب، وهذا واضح جدّا»(3).

وكان لبعض الأعلام رحمه‏الله أيضا نظير هذا الإشكال فإنّه قال: «إنّ النسخ فيالأحكام الشرعيّة إنّما هو بمعنى الدفع وبيان أمد الحكم؛ لأنّ النسخ بمعنى رفعالحكم الثابت مستلزم للبداء المستحيل في حقّه سبحانه وتعالى.

وقد ذكرنا غير مرّة أنّ الاهمال بحسب الواقع ومقام الثبوت غير معقول،فإمّا أن يجعل المولى حكمه بلا تقييد بزمان ويعتبره إلى الأبد، وإمّا أن يجعلهممتدّاً إلى وقت معيّن، وعليه فالشكّ في النسخ شكّ في سعة المجعول وضيقه منجهة احتمال اختصاصه بالموجودين في زمان الحضور.

وكذا الكلام في أحكام الشرائع السابقة، فإنّ الشكّ في نسخها شكّ في


  • (1) كفاية الاُصول 2: 323 ـ 325.
  • (2) الأنعام: 146.
  • (3) الاستصحاب: 148.
(صفحه 229)

ثبوت التكليف بالنسبة إلى المعدومين، لاشكّ في بقائه بعد العلم بثبوته، فإنّاحتمال البداء مستحيل في حقّه تعالى، فلا مجال حينئذ لجريان الاستصحاب».

ثمّ قال: «وتوهّم أنّ جعل الأحكام على نحو القضايا الحقيقيّة ينافياختصاصها بالموجودين مدفوع بأنّ جعل الأحكام على نحو القضايا الحقيقيّةمعناه عدم دخل خصوصيّة الأفراد في ثبوت الحكم، لاعدم اختصاص الحكمبحصّة دون حصّة، فإذا شككنا في أنّ المحرّم هو الخمر مطلقاً أو خصوصالخمر المأخوذ من العنب كان الشكّ في حرمة الخمر المأخوذ من غير العنبشكّاً في ثبوت التكليف، ولا مجال لجريان الاستصحاب معه.

والمقام من هذا القبيل، فإنّا نشكّ في أنّ التكليف مجعول لجميع المكلّفين أوهو مختصّ بمدركي زمان الحضور، فيكون احتمال التكليف بالنسبة إلى غيرالمدركين شكّاً في ثبوت التكليف لا في بقائه».

ثمّ قال: «فالتحقيق: أنّ هذا الإشكال لا دافع له، وأنّ استصحاب عدمالنسخ ممّا لا أساس له، فإن كان لدليل الحكم عموم أو إطلاق يستفاد منهاستمرار الحكم فهو المتّبع وإلاّ فإن دلّ دليل من الخارج على استمرار الحكمـ كقوله عليه‏السلام : «حلال محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يومالقيامة» ـ فيؤخذ به، وإلاّ فلا يمكن إثبات الاستمرار باستصحاب عدمالنسخ(1).

وجوابه: سلّمنا أنّ النسخ في الحقيقة دفع، وهو عبارة عن انتهاء أمدالحكم، لا أنّه رفع استمرار الحكم، وسلّمنا أنّه لامجال لاستصحاب أحكامالشرائع السابقة في زماننا هذا، ولكن يمكن جريان استصحاب عدم النسخ فيالشريعة المقدّسة ويتصوّر هذا على قسمين:


  • (1) مصباح الاُصول 3: 148 ـ 149.
(صفحه230)

الأوّل: لو فرضنا أنّ شخصاً أدرك رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وعاش في زمانه ـ مثلاً وعمل بالأحكام الشرعيّة، ثمّ سافر إلى بلاد بعيدة، وحصل له الشكّ بعد مدّةفي أنّ حكم كذا الذي كان مورد عمله إلى الآن هل إنتهى أمده أم لا؟ ومعلومأنّه لاملجأ له سوى استصحاب عدم النسخ.

الثاني: أنّ حكم كذا ومفاد آية كذا التي يكون عنوانها «الذين آمنوا» ولميصرّح من حيث الدليل بتوقيته، إن شككنا في زماننا هذا في انتهاء أمدهونسخه في زمان رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فأيّ مانع يمنع من استصحاب عدم نسخه؟فالظاهر أنّه لامانع من جريان استصحاب عدم النسخ في شريعتنا، كما أنّهعند الشيخ والمحقّق الخراسانيوسائر المحقّقين مفروغ عنه.

وأمّا الإشكال الثاني على استصحاب عدم النسخ المختصّ باستصحابأحكام الشرائع السابقة، فهو ما يستفاد من كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله من أنّ تبدّلالشريعة السابقة بالشريعة اللاحقة إن كانٍ بمعنى نسخ جميع أحكام الشريعةالسابقة ـ بحيث لو كان حكم في الشريعة اللاحقة موافقاً لما في الشريعة السابقةلكان الحكم المجعول في الشريعة اللاحقة مماثلاً للحكم المجعول في الشريعةالسابقة لا بقاء له ـ فيكون مثل إباحة شرب الماء الذي هو ثابت في جميعالشرائع مجعولاً في كلّ شريعة مستقلاًّ، غاية الأمر أنّها أحكام متماثلة، فعدمجريان الاستصحاب عند الشكّ في النسخ واضح؛ للقطع بارتفاع جميع أحكامالشريعة السابقة، فلا يبقى مجال للاستصحاب. وإن كان تبدّل الشريعة بمعنىنسخ بعض أحكامها لا جميعها فبقاء الحكم الذي كان في الشريعة السابقة وإنكان محتملاً إلاّ أنّه يحتاج إلى الإمضاء في الشريعة اللاحقة، ولا يمكن إثباتالإمضاء باستصحاب عدم النسخ إلاّ على القول بالأصل المثبت(1).


  • (1) فوائد الاُصول 4: 480.