جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 67)

المقام الثاني: هو مقام الحكومة، والدليل عليه قوله تعالى: «أَطِيعُواْ اللَّهَوَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَ...»(1) ومعلوم أنّ الأمر في «أَطِيعُواْ اللَّهَ» إرشادي إلىحكم العقل، بخلاف الأمر في «أَطِيعُواْ اللَّهَ» فإنّه من الأحكام المولويّة الإلهيّةالثابتة في الشريعة، كأنّه يقول: أيّها المسلمون، يجب عليكم إطاعته في أوامرهونواهيه الصادرة منه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بما أنّه رسول، ويستفاد منه أنّ اللّه‏ جعل له مقامالحكومة والسلطنة بالنسبة إلى المسائل الاجتماعيّة، مضافا إلى مقام النبوّة.والشاهد عليه تكرار كلمة «أطيعوا» في الآية، وجعله في مقابل إطاعة اللّه‏ يعنيإطاعة الرسول في الشؤون المربوطة بنفسه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، لا في الأوامر والنواهي الإلهيّة؛لعدم ارتباطها برسول اللّه‏، بل ترتبط مستقيما باللّه‏ تعالى، فهو يدلّ بصورةالأمر المولوي على وجوب إطاعة الرسول، فتارك حفر الخندق ـ مثلاً ـ بلعذر يعاقب لا بما أنّه خالف اللّه‏ تعالى مستقيما، بل بما خالف الرسول، مع أنّهكان واجب الإطاعة بمقتضى قوله: «أَطِيعُواْ الرَّسُولَ» فالمأمور به هو نفسإطاعة الرسول.

وهكذا قوله تعالى: «النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ...»(2) ومعنى الأولويّة المجعولةمن ناحية اللّه‏ تعالى له: وجوب إطاعة أوامره في المسائل الاجتماعيّةوالشخصيّة فإذا أمر زيدا أن يطلّق زوجته أو يبيع داره يجب عليه إطاعة أمرهبمقتضى الآية وكونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأشار إليه في حديث الغديربقوله: «ألست أولى بكم من أنفسكم»(3).

المقام الثالث: هو مقام القضاوة وفصل الخصومة، وهذا واضح، فإنّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان ينصب القاضي ويرسله إلى البلاد، إذا كان النصب من وظائفه فيستفاد
  • (1) النساء: 59.
  • (2) الأحزاب: 6.
  • (3) كمال الدِّين: 337.
(صفحه68)

ثبوته له بطريق أولى.

الأمر الثاني: أنّ تعبيرات الروايات المنقولة عن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مختلفة؛ إذيعبّر في بعضها بكلمة «قال»، وفي بعضها بكلمة «أمر»، وفي بعضها بكلمة«قضى أو حكم»: فإذا كان التعبير بكلمة «قال» فلا ظهور له بارتباط مقولةالقول بمقام النبوّة أو الحكومة والسلطنة، بل محتمل الوجهين، وإذا كان التعبيربكلمة «أمر بكذا» أو «نهى عن كذا» أو «قضى وحكم بكذا» في غير موردفصل الخصومة، والظاهر أنّه يرتبط بمقام الحكومة وبما أنّه حاكم بينالمسلمين.

إذا عرفت ذلك فنقول: أنّه قد مرّ ما ذكره شيخ الشريعة في المقام من وحدةالروايات المنقولة من طرق الإمامّية في باب أقضية رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لكونالراوي في أكثرها عبارة عن عقبة بن خالد، مثل: ما نقله أهل التسنّن عنعبادة بن صامت، ولكن لم‏نلتزم بذلك لبعض الشواهد، إلاّ أنّ التعبيراتالموجودة في رواية عقبة بن خالد يتحقّق أكثرها في رواية عبادة بن صامتالجامع لأقضية الرسول، وهذايوجب الوثوق والاطمئنان لأن تكون روايةعبادة بن صامت مطابقة للواقع وإن لم تكن منقولة من طرق الإماميّة، فإنّتطابق مفادها وأكثر ألفاظها وتعبيراتها مع ما نقل عن عقبة بن خالد لبرواية واحدة، ومع كون عبادة بن صامت إماميّا موثّقا يوجب الوثوق بذلكبيننا وبين وجداننا، ونرى في رواية عبادة بن صامت استعمال كلمة «قضى» فيمورد «لاضرر»، وقد عرفت ظهورها في مقام الحكومة والولاية إن لم تكنقرينة على الخلاف، فالظاهر أنّه مع قطع النظر عن قضيّة سمرة بن جندبيرتبط بمقام الحكومة لا بمقام النبوّة.

وأمّا قضيّة سمرة بن جندب فلابدّ من ملاحظة خصوصيّاتها، ومن المعلوم

(صفحه 69)

أنّ مراجعة الأنصاري إلى رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بعد النزاع والمكالمة مع سمرة بنجندب يكون بعنوان الاستمداد وإحقاق الحقّ عند الحاكم بما أنّه حاكم علىالمسلمين، لا بعنوان الاستفهام والسؤال عن الحكم الشرعي.

وأمّا قوله: «إذا أردت الدخول فاستأذن» ومكالمته معه في مقام المساومةوامتناعه من الاستيذان والمعاملة الدنيويّة والاُخرويّة ثمّ الأمر بالقلع، فهولكونه نبيّ الرحمة ومظهر رحمة اللّه‏ تعالى وعطفه، ولكنّ إباء سمرة صار مانععن شمولها له، فالمراجعة مربوطة بمقام الحكومة، ولا محالة يكون قوله: «لضرر ولا ضرار» مربوطا بهذا المقام؛ فإنّ الأمر بالقلع لا شكّ في كونه حكمحكومتيّا وقوله: «لا ضرر» يكون بمنزلة التعليل له، ومقتضى قاعدة السنخيّةأن يكون التعليل أيضا حكما حكومتيّا.

والإشكال على علّيّة قوله: «لاضرر» لقوله: «اقلعها وارم بها إليه» أنّ القلعوالرمي يدفع الضرر عن الأنصاري، ولكن يتوجّه إلى سمرة بن جندب، وهولا يتناسب مع نفي جنس الضرر.

وقال الشيخ الأنصاري رحمه‏الله في رسالة لا ضرر في آخر المكاسب: إنّالاستدلال بقوله: «لا ضرر ولا ضرار» والاستفادة منه في المقام باقٍ بحاله وإن لميمكن لنا حلّ الإشكال فرضا.

ولكنّه ليس بصحيح، فإنّ خروج مورد التعليل عن الحكم العامّ المعلّل أمرمستهجن.

وهذا يهدينا إلى الالتزام بالمعنى الذي كان قابلاً للانطباق على مورد العلّة،فإن كان «لا ضرر» حكما إلهيّا لا مجال لدفع الإشكال؛ لعدم الفرق في الأحكامالإلهيّة بين رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وغيره وإن كان حكما حكومتيّا صادراً عنه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ـ كمهو التحقيق ـ فلا معنى لشموله للحاكم بما أنّه حاكم، فكما أنّ الأحكام الإلهيّة

(صفحه70)

لايتصوّر شمولها للّه‏ تعالى، كذلك الأحكام الحكومتيّة لايتصوّر شمولها للحكمالصادر عن الحاكم بهذا العنوان، فالأمر بالقلع والرمي وإن كان ضررا علىسمرة بن جندب ولكن لايشمله عموم التعليل.

وأجاب المحقّق النائيني رحمه‏الله عن الإشكال: أوّلاً: بأنّ قوله: «لا ضرر ولا ضرار»لايكون علّة لقوله: «اقلعها وارم بها إليه»، بل يكون علّة لقوله: «إذا أردتالدخول فاستأذن»، وعلّة أمره صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بالقلع والرمي أنّه بمقتضى الولاية العامّةعلى المسلمين ألغى قاعدة: «النّاس مسلّطون على أموالهم»، وكأنّه قال: لسلطنة له على ماله(1).

هذا، ولكنّه خلاف الظاهر بعد فصل الجملات المتعدّدة بين القولين، وكونالمخاطب في الأوّل سمرة بن جندب، وفي الثاني الأنصاري، وذكر قوله: «لضرر» عقيب قوله: «اقلعها وارم بها إليه» ومتن الحديث: أنّه «فلمّا تأبّى جاءالأنصاري إلى رسول اللّه‏ فشكى إليه، فخبّره الخبر، فأرسل إليه رسول‏اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وخبّره بقول الأنصاري وما شكا، وقال: إذا أردت الدخول فاستأذن، فلمّا أبىساومه حتّى بلغ به من الثمن ما شاءاللّه‏، فأبى أن يبيع، فقال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : لك بهعذق يمدّ لك في الجنّة فأبى أن يقبل، فقال رسول‏اللّه‏ للأنصاري: اذهب واقلعهوارمِ بها إليه، فإنّه لا ضرر ولا ضرار».

مضافا إلى أنّ بعد قبول كون قوله: «اقلعها وارم بها إليه» حكما حكومتيّلا دليل لعدم قوله: «لا ضرر ولا ضرار» كذلك، بل هو أيضا حكم حكومتي،فلا وجه للفرار عن هذا المعنى، والالتزام بكونه حكما إلهيّا ثانويّا.

ومضافا إلى أنّ إلغاء ماليّة النخلة كان بمعنى جواز أنواع التصرّفات فيهمن الأنصاري وسائر المسلمين كأنّه صارت النخلة بلامالك، مع أنّه ليس


  • (1) قاعدة لا ضرر دروس الفقيه العظيم النائيني: 142.
(صفحه 71)

بصحيح، فإنّ جواز التصرّف محدود بالقلع والرمي بها إليه من ناحيةالأنصاري فقط، كما لا يخفى.

وثانياً: أنّه على فرض كونه علّة للقلع والرمي، ولكنّه من الأحكام الإلهيّةالثانويّة الحاكمة على الأحكام الأوّليّة، فكما أنّه حاكم على أدلّة وجوبالوضوء والغسل في مورد الضرر كذلك حاكم على قاعدة السلطنة، ومقتضىحكومته عليها أنّه لا حقّ للمالك أن يمنع من التصرّف في المال في موردالضرر، فلا احترام لماله.

ثمّ قال: إن قلت: سلّمنا أنّ احترام مال المسلم من فروع قاعدة السلطنةولكنّ القاعدة مركّبة من الأمرين: الإيجابي والسلبي، الأمر الإيجابي: أنّه للمالكأن يتصرّف في ماله بما يشاء، والأمر السلبي: أنّ له أن يمنع من تصرّف الغيرفيه، ومعلوم أنّ الضرر مربوط بالأمر الإيجابي، فإنّ إطلاقه يشمل الدخولبدون الاستئذان ويستلزم الضرر، ولا يرتبط بالأمر السلبي أصلاً؛ لعدم ارادةالأنصاري التصرّف في النخلة، بل الضرر من ناحية كيفيّة تصرّف المالك،والحال أنّ جواز تصرّف الأنصاري بالقلع والرمي معلّل بقوله: «لا ضرر»، أيالأمر السلبي لا الأمر الإيجابي المستلزم للضرر.

ثمّ أجاب عنه بأنّ انحلال القاعدة إلى الأمرين الإيجابي والسلبي يكونبالتحليل العقلي، ومع قطع النظر عنه لا تركيب فيها، وحينئذ فيصحّ القولبحكومة قاعدة لا ضرر على قاعدة السلطنة وجعلها تعليلاً للقلع والرمي، إلأنّ مقتضى الدقّة والتأمّل أنّ الضرر والدخول بدون الاستئذان ناش من حقّإبقاء النخلة في مكانها ومتفرّع عليه، وسلب هذا الحقّ معلّل بقوله: «لا ضرر»،والضرر مستند إلى علّة العلل، وهو نظير تفرّع وجوب المقدّمة على ذيها، فإذكانت المقدّمة ضرريّة يكون نفي وجوبها بقوله: «لا ضرر» مستلزما لنفي