جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 212)

وإن كان هو السنّة المتواترة ، فمع عدم ثبوت التواتر ـ كما هو واضح ـ نقول : إنّه حكي عن الشافعي ، وأكثر أصحابه ، وأكثر أهل الظاهر : القطع بعدم جواز نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة ، وحكي عن أحمد أيضاً في إحدى الروايتين عنه ، بل أنكر جماعة من القائلين بالجواز وقوعه وتحقّقه (1) .

وإن كان الثاني : فهو عين القول بالتحريف ، وكأنّ الآلوسي ومن يحذو حذوه توهّموا أ نّ النزاع في باب التحريف نزاع لفظي ، وإلاّ فأيّ فرق بينه وبين نسخ التلاوة بهذا المعنى ؟ وعلى ذلك يصحّ أن يقال : إنّ جمهور علماء السنّة قائلون بالتحريف ; لتصريحهم بنسخ التلاوة ، الذي يرجع إليه ، بل هو عينه ، كما أنّه ينكشف أ نّ من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور .

وأمّا رابعاً : فلأنّه كيف يصحّ الالتزام بأنّ سورتي الخلع والحفد ـ اللّتين سمّـاهما الراغب في المحاضرات سورتي القنوت (2) ، ونسبوهما إلى مصحف ابن عبّاس ، ومصحف زيد وقراءة اُبيّ وأبي موسى(3) ـ أن يكونا من القرآن ؟ فإنّه كيف يصحّ قوله : «يفجرك» في السورة الاُولى ؟ وكيف تتعدّى كلمة «يفجر» ؟ وأيضاً أ نّ الخلع يناسب الأوثان ، فماذا يكون المعنى ؟ وبماذا يرتفع الغلط؟ أو ما هي النكتة في التعبير بقوله : «ملحق» ؟ وما هو وجه المناسبة وصحّة التعليل لخوف المؤمن من عذاب الله بأنّ عذاب الله بالكافرين ملحق ؟ فإنّ هذه العبارة إنّما تناسب التعليل ; لأن لا يخاف المؤمن من عذاب الله ; لأنّ عذابه بالكافرين ملحق .

وكذا آية الرجم ـ التي ادّعى عمر أ نّها من القرآن ـ يسأل من القائل بنسخ

  • (1) الإحكام في اُصول الأحكام: 3 / 165 ، المسألة العاشرة .
    (2) محاضرات الأُدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء: 4 / 168 .
    (3) الإتقان في علوم القرآن: 1 / 226ـ 227 .

(الصفحة 213)

تلاوته على تقدير صحّة روايته ، وأ نّه ما وجه دخول «الفاء» في قوله : «الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة بما قضيا من اللّذة» ، وليس هناك ما يصحّح دخولها من شرط أو نحوه ، لا ظاهراً ، ولا على وجه يصحّ تقديره ، وإنّما دخلت «الفاء» على الخبر في قوله ـ تعالى ـ : ( الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِى فَاجْلِدُوا . . .) (1); لأنّ كلمة اجلدوا بمنزلة الجزاء لصفة الزنا في المبتدأ ، والزنا بمنزلة الشرط ، وليس الرجم جزاءً للشيخوخة ، ولا هي سبباً .

فالظاهر أنّ الوجه في دخول «الفاء» هي الدلالة على كذب الرواية ، كما هو غير خفيّ على اُولي الدّراية .

ثمّ إنّ قضاء اللّذة أعمّ من الجماع ، والجماع أعمّ من الزنا ، والزنا أعمّ من سبب الرجم الذي هو الزنا مع الإحصان ، فكيف يصحّ إطلاق القول بوجوب رجمهما مع قضاء اللّذة والشهوة ؟ كما هو واضح .

وإن قيل بكونه كناية عن الزنا نقول : على تقدير تسليمه بأنّ السبب كما عرفت ليس هو الزنا المطلق ، وليست الشيخوخة ملازمة للإحصان ، كما لا يخفى .

إذا عرفت هذين الأمرين يقع الكلام بعدهما في أدلّة الطرفين وتحقيق ما هو الحقّ في البين، فنقول :

أدلّة عدم التحريف ومناقشة القائلين به

الدليل الأوّل : قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَـفِظُونَ) (2); فإنّ دلالته على أنّ القرآن مصون من التحريف والتغيير ، وأ نّه لا يتمكّن أحد من أن يتلاعب فيه ، ظاهرة ، ولكنّ الاستدلال به يتوقّف على

  • (1) سورة النور 24 : 2 .
    (2) سورة الحجر 15 : 9 .

(الصفحة 214)

إثبات كون المراد من «الذكر» فيه هو القرآن ; لاحتمال أن يكون المراد به هو الرسول ، لاستعمال الذكر فيه أيضاً في مثل قوله ـ تعالى ـ : (قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا* رَّسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ ءَايَـتِ اللَّهِ)  (1) .

ولكن يدفع هذا الاحتمال :

أوّلاً : منع كون المراد بالذكر في الآية الثانية أيضاً هو الرسول ، وذلك بقرينة التعبير بالإنزال ; ضرورة أ نّه لا يناسب الرسول ; لكونه ساكناً في الأرض مخلوقاً كسائر الخلق ، محشوراً معهم ، والتنزيل والإنزال وما يشابهما إنّما يناسب الاُمور السماويّة ، كالكتّاب، والملائكة، وأمثالهما ، وذكر كلمة «الرسول» بعد ذلك لا يؤيّد كونه المراد بالذكر ; لأنّه ابتداء آية مستقلّة ، وليس جزءاً لما قبله ، واحتمل في مجمع البيان أن يكون انتصابه لأجل كونه مفعول فعل محذوف ، تقديره : «أرسل رسولاً» لا بدلاً من «ذكراً» ، كما أنّه احتمل أن يكون مفعول قوله: «ذكراً» ، ويكون تقديره «أنزل الله إليكم أن ذكر رسولاً» (2) .

وبالجملة : فلم يثبت كون المراد من «الذكر» في هذه الآية هو الرسول ، لو لم نقل بظهورها ـ بقرينة ذكر الإنزال ـ في كونه هو الكتاب .

وثانياً : أ نّه على تقدير كون المراد بالذكر في تلك الآية هو الرسول ، لكنّه لايتمّ احتماله في المقام; وهي آية الحفظ; لكونها مسبوقة بما يدلّ على أنّ المراد به هو الكتاب ; وهو قوله ـ تعالى ـ : (وَ قَالُوا يَـأَيُّهَا الَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ* لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَـئـِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّـدِقِينَ* مَا نُنَزِّلُ الْمَلَـئـِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَ مَا كَانُوا إِذًا مُّنظَرِينَ) (3) .

  • (1) سورة الطلاق 65 : 10 ـ 11 .
    (2) مجمع البيان في تفسير القرآن: 10 / 44 .
    (3) سورة الحجر  15 : 6 ـ 8 .

(الصفحة 215)

فكأ نّ هذه الآية وقعت جواباً عن قولهم السخيف وافترائهم العنيف ; وهو: أ نّ المجنون لا يمكن له حفظ الذكر ، ولا يليق بأن ينزل عليه ، فأجابهم الله ـ تبارك وتعالى ـ بأ نّ التنزيل إنّما هو فعل الله وهو الحافظ له عن التحريف والتغيير : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَـفِظُونَ) (1) .

فانقدح ممّا ذكرنا وضوح كون المراد بالذكر في آية الحفظ هو الكتاب ، ولامجال للاحتمال المذكور بوجه أصلاً .

ومن الغريب ـ بعد ذلك ـ ما ذكره المحدّث المعاصر(2) في مقام المناقشة على الاستدلال بالآية من أ نّه : قد أجمع الاُمّة على عدم جواز التمسّك بمتشابهات القرآن إلاّ بعد ورود النصّ الصريح في بيان المراد منها ، ولا شكّ أنّ المشترك اللفظي إذا لم يكن معه قرينة تعيّن بعض أفراده ، والمعنوي إذا علم عدم إرادة القدر المشترك منها ، بل اُريد منه أحد أفراده ، ولم يقترن بما يعيّنه من أقسام المتشابهات ، و«الذكر» قد اُطلق في القرآن كثيراً على رسول الله (صلى الله عليه وآله)  ، ومن الجائز أن يكون هو المراد منه هنا أيضاً ، ويكون سبيل تلك الآية سبيل قوله ـ تعالى ـ : (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (3)، وليس ذكر الإنزال قرينة على كون المراد منه القرآن; لقوله تعالى ـ : «إنَّا أنزلنا إليكم ذكْرًا رسولاً» (4) .

  • (1) سورة الحجر 15 : 9 .
    (2) وهو المحدّث حسين بن محمد تقي النوري (1254 ـ 1320 هـ ق) . وكتابه «فصل الخطاب في تحريف كتاب ربِّ الأرباب» طبعة حجريّة ، يقع في 398 صفحة ، النسخة التي عثرت عليها أكثر صفحاتها غير مرقّمة . انتهى من تأليف كتابه هذا سنة 1298 هـ ق . سجّلت على هذا الكتاب من قبل جمع من علماء الإماميّة وغيرهم عدّة ردود واعتراضات ومناقشات ، اتّسم بعضها بالسخريّة ممّا كتبه ، والاستخفاف بما توصّل إليه واعتمد عليه .
    (3) سورة المائدة 5 : 67 .
    (4) فصل الخطاب : 336 الباب الثاني في ذكر أدلّة القائلين بعدم تطرّق التغيير مطلقاً ، وهي اُمور عديدة: الأوّل قوله ـ تعالى ـ :«إنَّا أنزلْنا الذّكْر وإنَّا لَهُ لَحَـفظُون».

(الصفحة 216)

وقد عرفت قيام القرينة الواضحة على كون المراد به في المقام هو الكتاب ، وأ نّه ليست آية الحفظ من المتشابهات بوجه ، والعجب منه (رحمه الله) مع كونه محدّثاً مشهوراً وذا عناية بالروايات المأثورة عن العترة الطاهرة عليهم آلاف الثناء والتحيّة ولو كانت رواتها كذّابين وضّاعين ، كما سيأتي(1) في البحث عن الروايات الدالّة على التحريف ـ كيف نقل آية الحفظ هكذا : «إنّا أنزلنا الذكر...»(2) .

وكيف حكى الآية التي استشهد بها على كون المراد بالذكر هو الرسول بالنحو الذي نقلنا عنه ، مع أنّ الآية هكذا : ( قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا* رَّسُولاً)  (3) .

وحينئذ فيُسأل عن الوجه في عدم الاعتناء بالكتاب ، و التسامح في نقل ألفاظه المقدّسة وآياته الكريمة ، ولعمري أنّ هذا وأشباهه هو السبب في طعن المخالفين على الفرقة الناجية المحقّة ، وإفترائهم عليهم بأنّهم لا يعتنون بالكتاب العزيز ، ولايراعون شأنه العظيم ، وقولهم : إنّهم مشتركون معنا في ترك العمل بحديث الثقلين المتواتر بين الفريقين ; فإنّ الطعن علينا والإيراد بنا بترك العترة الطاهرة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ وعدم التمسّك بهم ، منقوض بعدم تمسّكهم بالكتاب الذي هو أيضاً أحد الثقلين ، بل هو الثقل الأكبر، والمعجزة الخالدة الوحيدة للنبوّة والرسالة .

وكيف كان ، فلا إشكال في المقام في أنّ المراد بالذكر في آية الحفظ هو الكتاب الذي نزّله الله .

ولكنّه اُورد على الاستدلال بها على عدم التحريف ، بوجوه اُخر من الإشكال :

الإيراد الأوّل : أ نّه لا دليل على كون المراد من الحفظ فيها هو الحفظ عن

  • (1) فى ص 269 ـ 295.
    (2) المصدر السابق.
    (3) سورة الطلاق 65: 10 ـ 11 .