جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 10)

نعتبرها حكماً ولائيّاً ضمن دائرة ولاية رسول الله بعنوان المتصدّي للأمر كما هو الحال في قاعدة لا ضرر ، فقاعدة لا حرج غير منظور فيها هذا اللحاظ ، وهذه من أكبر الامتيازات التي تمتاز بها قاعدة لا حرج على قاعدة لا ضرر . حيث إنّ قاعدة لا ضرر يحتمل أن لا تكون لها أيّة علاقة بالفقه ، وأمّا قاعدة لا حرج فإنّ مثل هذا الاحتمال غير متصوّر فيها ، ومن هنا فإنّ قاعدة لا حرج تكون ذات أولويّة بالنسبة لقاعدة لا ضرر . ومع الأخذ بنظر الأعتبار لهذه الخصوصيات نقول :
إنّ أوّل من بحث قاعدة لا حرج هو المحقّق ملاّ أحمد النراقي رضوان الله تعالى عليه في كتابه «عوائد الأيّام» وهو من الكتب القيَّمة والمفيدة ، وقد بحثت هذه القاعدة هناك ولكن ليس بالتفصيل ، وفي زماننا الحاضر فإنّ المرحوم آية الله البجنوردي (قدس سره) قد بحثها في كتابه «القواعد الفقهية» الذي يقع في سبعة مجلّدات تقريباً ، وهو من الكتب القيِّمة والنّفيسة جدّاً ، خاصّة إذا أخذنا بنظر الأعتبار شخصية المؤلّف العلميّة حيث يعدّ من أكابر الفضلاء والمحقّقين ، وقد كتب هذا الكتاب بقلم شيّق وأسلوب بليغ .
وكلّ من كتب بعد المرحوم النراقي (قدس سره) في هذا المجال ، تحتم عليه أن يتطرق إلى هذه القاعدة .
وفي بحثنا لهذه القاعدة ، هناك عدّة جوانب يجب أنْ نتعرّض لها ، منها سند هذه القاعدة ، حيث رأينا أ نّ من المناسب أنْ نلاحظ السند أوّلاً قبل كلّ شيء ، ومن ثمّ وبعد ذلك بيان معنى كلمة الحرج ، وحدود هذه الكلمة ، وهذا بحث لاحق يأتي تباعاً ، ويتعيّن علينا في أطار بحثنا هذا أن نتدارس معاني ودلالات المفردات والعبارات ضمن سياق الآيات والروايات . وعلى ضوء ما تحمله هذه العبارات من دلالات ومعاني نكون على أتمِّ الإستعداد في الدّخول في البحث ، إذن أوّل محطّة لابدّ أن نتوقّف عندها في قاعدة لا حرج هي مسألة مدرك هذه القاعدة .

(الصفحة 11)

المسألة الأوّلى: مدرك القاعدة ومستندها:

لقد تمسّك العلماء بالأدلّة الأربعة لإثبات هذه القاعدة ، ولكي نرى مدى صحّة هذا الإدّعاء ومدى سقمه ينبغي لنا مناقشة الأدلّة واحداً بعد واحد ، فلنبدأ من كتاب الله تبارك وتعالى .
لقد طرحت هناك عدّة آيات من القرآن الكريم كسند لقاعدة لا حرج:
الآية الأوّلى: الواردة في سورة الحج حيث يقول الله عزّوجلّ: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (1) .
قد يتصوّر الإنسان لأوّل وهلة من قراءة الآية الكريمة «وما جعل عليكم في الدين من حرج» إنّ الخطاب لجميع المكلّفين ولجميع المسلمين ، وهذا ما قد يستدلّ عليه من خلال مفردات الآية الشّريفة .
لذلك ذهب المفسّرون من أهل السّنة مثل صاحب « المنار » إلى هذا المعنى ، وأ نّ المراد من قوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً}(2) هم العرب ، بالخصوص ، واستدلّ بذيل الآية حيث يقول: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }(3) حيث إنّ العرب كانوا على بُعد من التذكية والتعليم وتلاوة الكتاب ، فبملاحظة هذه النكتة ذكر إبراهيم وإسماعيل في ذيل دعائهما: «إنّ الله هو العزيز الحكيم» أي قادر على أن يجعل العرب البعيد من التعليم والتربية تحت تعليم الرسول وتزكيته إيّاهم بالقدرة التوأم
  • 1  . الحج: 78 .
  • 2  . البقرة: 128 .
  • 3  . البقرة: 129 .

(الصفحة 12)

مع الحكمة .
فالمستفاد من هذا الكلام ـ بملاحظة إرجاع الضمائر إلى العرب ـ أ نّ المراد من «ذريتنا» عموم العرب ، وفيه أ نّه لا ينتهي نسب جميع طوائف العرب إلى ذريّة إبراهيم وإسماعيل ، ويزيد الإشكال بملاحظة ورود لفظة «من» الدالّة على التبعيض .
أمّا قوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} فالأب هنا إمّا إنّ يكون على الحقيقة ، حيث أن العرب من ذريّة إبراهيم ، أو بحملها على المجاز إذا قصد جميع المسلمين ، فيكون بمعنى المربّي والمعلّم كما يقول المعلّم لتلميذه : يابنيّ .

التّحقيق في المراد من الآية الكريمة

هنا نواجّه عدّة عقبات لا تساعد على الأخذ بالتفسير المتقدّم ، فإنّ ذيل الآية الكريمة يرشدنا إلى أنّ المخاطب في الآية الشريفة ليس عامّة النّاس ، ولا عامّة المكلّفين ، لأ نّ الآية تقول: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} فيتّضح أ نّ النّاس ليسوا هم المخاطبين .
هنا توجد ثلاثة عناوين : أحدها : هم المخاطبون في {عَلَيْكُمْ} ، والعنوان الآخر : هو رسول الله ، وهناك عنوان ثالث : وهم النّاس في قوله تعالى : { . . . . شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} .
تقول الآية: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ} هذا هو العنوان الأوّل ـ {شَهِيداً عَلَيْكُمْ} هو العنوان الثّاني وهم المخاطبون ، ومن ثمَّ تقول الآية {وَتَكُونُوا} أي أنتم المخاطبين {شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} . إذن النّاس عنوان آخر غير المخاطبين وهو العنوان الثالث .
وهنا يأتي هذا السّؤال: من هو المخاطب في الآية الكريمة: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} ؟ هل هم عامّة النّاس ، أو أ نّهم المخاطبون خاصّة ،
(الصفحة 13)

لا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا النّاس ـ وعلى كلّ حال من هم هؤلاء ؟ وما هي دلالة الآية ؟ .
ثمّ إ نّ الآية الكريمة: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} هل تعني: ما جعل على المسلمين من حرج ؟ ما جعل على المكلّفين من حرج ؟ أو ما جعل عليكم من حرج ؟ وهناك نقطة اُخرى يمكن بحثها فيما بعد ، وهي أ نّ الآية هل جاءت في سياق التخصيص ، أم لا ؟ .
فمع الأخذ بنظر الاعتبار مفاد الآية ومدلولها الأوّلي بلحاظ {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج} فالسؤال عن الأفراد الذين يشملهم ضمير الآية {كم} ، وهذا بحث جيّد يطرح في هذا المجال ولا بأس من التطرّق إليه .
والبحث الآخر الّذي نودّ التّطرق إليه هنا هو أ نّه بالإمكان تشخيص المخاطبين في هذه الآية بضم آية اُخرى إليها وبحثهما معاً ، ويرتبط هذا البحث بقاعدة لا حرج من جهة ، ومن جهة اُخرى فهو بحث تفسيري دقيق وممتنع .
ومن جهة ثالثة يسلّط الأضواء على موضوع أساسي وأصيل في باب الأمامة ، وبرأيي فإنّ هذا المدلول من كرامات ومعجزات القرآن ، ويتضح هذا المعنى من خلال التدّبر في القرآن الكريم ، حيث يبيّن لنا ماهي مميّزات الإمامة ؟ ومن هي الفرقة التي تترسخ فيها هذه الفكرة ؟ وأيّ من الطّوائف تنادي بها ؟ ومضافاً إلى ذلك تحدّد لنا ميزة خاصّة من ميزات الإمامة ، وهي مسألة علم الإمام بالغيب في خصوص قوله تعالى: {وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} وسنوضح ذلك فيما بعد إن شاء الله .

من هم المخاطبون؟

وقد رأيت من المناسب هنا أن لا نتجاوز بحثنا التّفسيري هذا ، فهو يرتبط بقاعدة لا حرج أيضاً ، حيث إنّ الآية تقول: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج}
(الصفحة 14)

فهل أ نّ الضمير {كم} يعود على كافّة المكلّفين ، كافّة المسلمين ؟ إذن لماذا تقول الآية {وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ؟ فالناس هنا خارج دائرة الخطاب ، فهنا عنوان آخر ومجموعة اُخرى لا ينطبق عليها عنوان الرّسول ولا عنوان النّاس ، ومشخّصات الآية تعكس لنا مشخّصات هذه المجموعة .
والآن نلقي نظرة على هذه المشخّصات ، ومن ثمّ نستعرض آية اُخرى ذات علاقة بهذا الموضوع ، ومن خلال هاتين الآيتين سنتوصّل إلى نتائج باهرة على مختلف الأصعدة .
أحد خصائص الآية الكريمة هي قوله تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} ، فالإجتباء والإصطفاء بمعنى الاختيار والانتخاب ، وما نلاحظه هو أ نّ الله تبارك وتعالى استعمل كلمتي «الإصطفاء والإجتباء» لخواصّه والمقرّبين إليه ، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}(1) هنا وردت مفردة الإصطفاء ، وفي آية اُخرى وردت مفردة الإجتباء وهو قوله تعالى: {يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} (2) .
أي أنّ الرّسول بما أ نّه رسول ليس له صلاحيّة الإجتباء ، فالإجتباء يعني الإختيار على أساس خصائص ومميّزات محدودة تتوفّر لدى بعض الأفراد ، وقوله تعالى {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} إنّكم تتوفّرون على الخصوصيّة أو الميزة التي تجعلكم مجتبون من قبل الله تعالى . والسؤال هو : هل يمكن لنا أن نعمِّم مفهوم {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} على عامّة النّاس أو المسلمين الحقيقيين ، فنقول : إنّ المسلمين مجتبون من قبل الله وأ نّهم مصطفون ؟ ونلاحظ أن هناك ثمّة خصوصيّة وميزة معيّنة ترافق هذا التعبير وهذه العبارة ، فالآية في بدايتها تقول «هو اجتباكم» أي أ نّ
  • 1  . آل عمران: 33 .
  • 2  . آل عمران: 179 .