جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 22)

فنحن نعبرّ عن هذه المصاديق بالظلم .
أمّا القرآن فإنّه يعدّ أيّ عملية تمّرد ، أو أيّ عصيان أو مخالفة تجاه الله تبارك وتعالى ظلماً . بدءاً بالشرك وحتّى المعاصي والمخالفات المتعارف عليها . يقول القرآن الكريم في الشرك: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(1) في حين نحن لانعتبر الشرك ظلماً ، ولكنّ القرآن لايعدّ الشرّك ظلماً فحسب ، بل إنّه ظلم عظيم .
وإلى جانب ذلك نلاحظ أنّ القرآن الكريم في حديثه عن المعاصي والذنوب يعبر بقوله: {الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ}(2) ، ومن هنا فإنّ ظلم النفس يدخل في إطار معصية الله تبارك وتعالى ومخالفة أوامره ونواهيه ولايمكن تصور أيّ معنى آخر للمفهوم الذي طرحه القرآن الكريم ، ألا وهو مفهوم الظالم لنفسه . فالظلم من وجهة نظر القرآن الكريم والأنبياء (عليهم السلام) له معنى أوسع وأشمل من المعنى الذي نتصوّره نحن ، وفهم الأنبياء للظلم يختلف عما نعبّر عنه بالظلم .

شرط العصمة في الإمام

هنا تكوَّن لدى إبراهيم الملاك والمعيار في مسألة الإمامة ، وعرف أنّ الذي يتولّى منه الإمامة والذي تجعل له الإمامة وتختص به لابدّ وأن يكون طوال عمره نزيهاً عن الظلم ، ولا يمت للظلم بأيّ صلة ، وبالطبع فإن من تتوفّر فيه هذه الشخصيّة ويتجسّد هذه المعنى في شخصيّته لابدّ وأن يكون أحد مصاديق قوله تعالى: {مسلمة لك} .
إذن الشخصيّة التي هي دائماً وأبداً في مقام التسليم إلى الله تعالى ، ولاتخرج عن دائرة التسليم في أيّ وقت من الأوقات هذه الشّخصية هي التي بمقدورها الأرتباط
  • 1  . لقمان: 13 .
  • 2  . النساء: 64 .

(الصفحة 23)

بالإمامة وأن تكون من سنخ الإمامة  ، ومن هنا يتّضح لنا السبب الذي دفع بإبراهيم أن يدعو بهذا الدعاء {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} ، لأ نّ الله قد قال بأنّه {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} ، واقصى الظالم ـ ولو ارتكب الظلم لحظة واحدة ، أو في جانب ، أو بُعد واحد ـ عن مسار الإمامة ، بناءاً على الملاك والضابطة راح إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) يدعوان الله سبحانه وتعالى أن يجعل من ذرّيتهما اُمّة مسلمة له ، أي أن تكون ذرّيتهما بمستوى الإمامة ولها صلاحيّة الإمامة .
وهنا نقطة لابدَّ من الإشارة إليها ، وهي أنّ قوله تعالى: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} تقابل تماماً ما جاء على لسان إبراهيم (عليه السلام) في دعائه {أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} ، إذن في الحقيقة دعاء إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) وما طلباه من الله عزّوجلّ كان بناءاً على تلك الضابطة ، وذلك الملاك الذي حدّده الله سبحانه وتعالى لإبراهيم في الإمامة . فلم يسأل إبراهيم (عليه السلام) الله تعالى: هل سيحصل أحد من ذرّيتي على منصب الإمامة؟ وإنّما عرض المسألة هذه بصيغة الدعاء . فدعا الله أن يجعل من ذرّيته من يتوفّر فيه شرط الإمامة والملاك المعتبر فيها .
سؤالٌ وهنا قد يتبادر هذا السّؤال إلى الأذهان ، وهو أ نّ إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) في دعائهما {واجعلنا مسلمين لك} وفي قولهما {وتقبل منّا} و {أرنا مناسكنا} في جميع هذه الموارد الدعاء يختصّ بهما ، ويعود عليهما بالذات ، ولكن في دعائهما {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} هنا الطلب لايخصّهما ، فما علاقة فحوى الدعاء بإبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) ؟
الجواب الإجابة عن هذا السّؤال لها علاقة بموضوع الإمامة ، فعندما وجد إبراهيم (عليه السلام) نفسه تتوفّر فيه شروط الإمامة ، أحبَّ بوازع من رغبته في هداية المجتمع وإرشاد البشريّة عبر مراحلها التاريخية حتّى قيام الساعة ، أن يحتفظ بمنصب الإمامة السامي في ذرّيته ، أيّ أن يتصدّى جماعة من ذريّة إبراهيم
(الصفحة 24)

في المستقبل منصب الإمامة وقيادة المجتمع من بعده . وإلاّ لو أردنا تجاوز هذه النقطة إلى مسألة إمامة هذه الاُمّة المسلمة ، تبقى هناك علامة استفهام كبيرة ، فما معنى أن يدعو إبراهيم وإسماعيل بهذا الدعاء ، ويطلبان من الله عزّوجلّ هذا الطلب؟
وماذا يعني أ نّنا ندعو الله تعالى أن يجعل في أبنائنا وأحفادنا أفراداً صالحين ومتديّنين؟ ولماذا لاندعو بالخير لجميع أبناءنا؟ ولماذا لم يدعُ إبراهيم لجميع ذريّته؟
إذن ، من هنا نتوصّل إلى هذه الحقيقة وفي قوله {ومن ذرّيتنا} ، يعني أ نّ الأمر ليس أمراً عامّاً ، ولايمكن أن يشمل جميع أفراد الذريّة ، ولايمكن لجميع الذريّة أن تشترك في هذا الأمر ، إذ أنّ الذرية بأجمعها لايمكن أن تتوفّر فيها مواصفات وشروط الإمامة ، فالإمامة أمر خاصّ ومحدود بعدّة قليلة ممّن يمكنهم أن يتصدّوا لهذا الأمر ، ولذلك جاءت {من} الذي مفاده التبعيض .
وكذلك في الآية الاُخرى التي أجاب فيها الله سبحانه وتعالى على سؤالِ إبراهيم بقوله: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} ، فهناك أيضاً طرحت المسألة مشتملة على «من» {ومن ذريتي} . وهذا يدلّ على أ نّ المسألة مسألة خاصّة ، وليست عامّة ، وإلاّ لكان الدعاء عامّاً ، وهذا ما يوافق مقتضى طبع الإنسان الذي إذا أراد أن يدعو ، فإنّه يدعو للجميع .
وبناءاً على ذلك ، كان المفروض أن يكون الدعاء بهذه الصورة «الهي اصلح جميع ابنائنا القريبين والبعيدين واجعلهم من المتّقين والمتديّنين» ، وأمّا قوله: {ومن ذريّتنا} ، فالظاهر أ نّه يستتبع هدفاً خاصّاً ، وهذا الهدف الخاصّ هو مسألة الإمامة ليس إلاّ ، والتي تتناسب مع قوله {مسلمة لك} ، ولها علاقة أيضاً بقوله تعالى: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} .
مضافاً إلى وجود شواهد اُخرى في الآية التالية تؤيّد هذا المعنى ، وهو أ نَّ إبراهيم (عليه السلام) كان ينظر في هذه الآية إلى جماعة خاصّة من ذريّته ، وليس المقصود من
(الصفحة 25)

دعاء إبراهيم وإسماعيل (عليه السلام) بحق هؤلاء أن يكونوا اُناساً مؤمنين ومتديّنين ، إذن الهدف أكبر وأهمّ ، وهو مسألة الإمامة ، فمسألة الإمامة ليست مسألة عامّة يمكن لأيّ شخص أن يتّصف بها ، وبرأيي أ نّ الآية الكريمة رائعة في تعبيرها فما الذي أراد إبراهيم وإسماعيل أن يقولا في هذا الدعاء؟
ويبدو جليّاً من خلال الشواهد والقرائن أ نّ إبراهيم (عليه السلام) كان يقصد في دعائه جماعة من بني هاشم ، نسمّيهم بعترة الرسول (صلى الله عليه وآله)  ، فإبراهيم في حال بنائه الكعبة وإحداث عمارة الايمان وتأسيس مركز التوحيد ، يدعو لإمامة هؤلاء ، ولعلّ السّنخية بين الأثنين [بين الكعبة والإمامة] أنّ إمامة هؤلاء لها علاقة ببقاء وديمومة مركز ورمز التوحيد ، ولها الدور الأساسي في حفظ الكعبة وبيت الله . . . إنّ إمامة هؤلاء تعطي للناس المعنى الصحيح للحجّ والمناسك ، كما أ نّ إمامة هؤلاء لها علاقة وثيقة بالكعبة .
إذن يجب أن نلاحظ ظرف الدعاء ، لماذا صدر هذا الدعاء عن إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) عند بنائها للكعبة؟ فقد كان بامكانهما أن يدعوا بهذا الدعاء في وقت آخر ، أمّا في ذلك الوقت بالخصوص وفي تلك الظروف الخاصّة ، فإنّ مثل هذا الدعاء يشعرنا أ نّ هناك إرتباطاً تامّاً وصلةً وثيقة بين إمامة هذه الامّة المسلمة له {اُمّة مسلمة لك} ، وبين الكعبة مركز التوحيد ورمزه ، وأ نّ الإمامة هي التي بمقدورها أن تحقّق هدف التوحيد بكلّ ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وتنجّز الهدف من بناء الكعبة ، وقد شاهدنا عن كثب فداحة الخطب ، الخطب في المسارات البعيدة عن مسار الإمامة والأئمّة (عليهم السلام) .

المراد من الأب والذّرية

وبعد أن تقول الآية: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ
(الصفحة 26)

الرَّحِيمُ}(1) نلاحظ أن الدعاء يستمر: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(2) هنا وبعد أن دعوا الله {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} طلبا من ربّ العزّة أن يبعث في هذه الاُمّة المسلمة ، رسولاً يكون منهم ، وهناك تأكيد من قبل إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)على كلمتي: {من ذريتي} ، والآية التي قرأناها سابقاً والتي سنعود إليها فيما بعد بلحاظ حديثنا عن قاعدة {لا حرج} يقول فيها تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} .
إذن ، فهل من الصحيح أن نغضّ الطرف عن كلّ هذه الشواهد ، ونقول بأنّ الأب هنا يعني الأب الروحي ، وأ نّ الذريّة هم الأتباع؟ كما في قول المعلّم لتلميذه : يابنيّ ، هذا الكلام لايتناسب مع القرآن الكريم ، وهذا الكلام قد نجد له ما يبرّره إذا كنّا غير محتفظين على المعنى الحقيقي للقرآن ، أمّا عندما يرد في الآية السابقة قوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ} وفي هذه الآية قوله: {من ذريّتنا} والآية التي تتحدّث عن الإمامة والتي وردت فيها عبارة: {ومن ذريّتي} ، فهل يصحّ الإعراض عن كلّ هذه الدلائل؟
إنّنا إذا استطعنا أن نحتفظ بالمعنى الحقيقي لهذه المفردات وأن نهتدي إلى مغزاها خلال المعنى الحقيقي لها سنتوصّل بالتالي إلى الهدف الأساسي الذي يرده القرآن الكريم ، بقطع النظر عن الروايات الواردة في تفسير هذه الآيات ، وإلاّ فمع الإستعانة بالروايات في هذا الباب ـ والتي سأذكر بعضها فيما بعد إن شاء الله ـ مضافاً إلى الروايات في المسألة الاُخرى لايبقى هناك أدنى شكّ أو ترديد في المراد من الآيات .
ولكن ما اُريد قوله أنّه حتى لو لم تكن هناك هذه الروايات ، ولو كنّا نحن وظاهر القرآن ، نحن والنصّ ، نحن والقرآن الذي يقول عنه العلاّمة الطباطبائي (قدس سره):
  • 1  . البقرة: 127 ـ 128 .
  • 2  . البقرة: 127 ـ 128 .