جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 51)

وفي تتمّة الآية يقول تعالى: {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ} فهنا إشارة إلى مسألة التيمّم ، فالإتمام لايمكن أن يتصوّر إلاّ إذا كان أصل النعمة موجوداً . فما هو أصل النعمة؟
أصل النعمة الطهارة ، سواء بالوضوء أو الغسل ، فإذا لم تتحقّق الطهارة بالوضوء ولا بالغسل بالمعنى الذي تصوّره الآية الكريمة ، وبالتالي إذا لم تتحقّق أصل النعمة فإنّ التيمم كفيل بإتمام النعمة .
محصلّة القول إنّ هذه المؤيّدات التي ذكرناها بالإضافة إلى القرائن الاُخرى من قبيل أ نّ مسألة التيمّم جاءت في آخر الآية وتبعها قوله تعالى: {ومَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج} تشكّل ظهوراً في الآية الشريفة على أ نّ قوله: {ومَا يُرِيدُ اللهُ} تتعلّق بالتيمّم ، وحينئذ تكون الآية صالحة للاستدلال بها على قاعدة نفي الحرج .
ولكن قد يدّعي البعض أ نّ الآية في ظهورها تشمل الطهارات الثلاث ، أو أ نّها مجملة من هذه الناحية . وفي هذه الحالة تخرج الآية من كونها دليلاً على قاعدة الحرج .

الآية الثالثة:

من الآيات التي استدلّ بها على هذه القاعدة هي الآية الشريفة في سورة البقرة الواردة في سياق الحديث عن مسألة الصوم ، حيث يقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}(1) .
فقوله: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} ، وردت في مقام
  • 1  . البقرة: 180 .

(الصفحة 52)

التعليل . والآية الشّريفة في البداية تذكر التكليف الشرعي ، وهو صوم شهر رمضان ، مدّته وطبيعته ، ثمّ بعد ذلك تستثني الآية طائفتين من الناس: أحدهما المريض ، والآخر المسافر ، حيث يقول تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ} ، أي على المريض أن يصوم هذه المّدة المقرّرة في غير شهر رمضان ، وكذا المسافر .
وما نلاحظه هنا هو وجود نوع من التناسب . أو إن شئت فقل نوع من السنخيّة بين الحكم والتعليل ، ففي هذه الآية هناك حكمان ثبوتيّان ، يخصّ أحدهما غير المريض وغير المسافر في شهر رمضان ، والحكم الآخر هو للمريض والمسافر في غير شهر رمضان ، إذن هذان حكمان ثبوتيان ذكرتها الآية ، ويعلّل الله سبحانه وتعالى ذلك بقوله: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} هذا التعليل يخصّ جانب النفي ، والذي يستفاد من الحكم الثبوتي الثاني .
وكما قلنا في باب التيمّم من وجود حكمين:
أحدهما عدم وجوب الوضوء والغسل .
والآخر وجوب التيمّم .
هنا أيضاً يوجد حكمين في خصوص المريض والمسافر ، أحدهما: أ نّ المريض والمسافر لايجب عليهما الصيام في شهر رمضان . والآخر: تعيّن الصيام عليهما في غير شهر رمضان .
إذن ، الآية كأ نّها تدلّ على أنّ المريض والمسافر لا يجب عليهما الصوم في شهر رمضان ، لأنّ الله تعالى قال: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} فمن البديهي أ نّ صوم شهر رمضان بالنسبة للمريض فيه عسر ومشقّة ، وكذا الحال بالنسبة للمسافر خصوصاً في الأزمنة السابقة ، ما نريد أن نؤكّد عليه هو أ نّ قوله تعالى: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} يخصّ جانب النفي لا الجانب الإثباتي ، لأ نّ الجانب الإثباتي لايتناسب
(الصفحة 53)

مع قوله: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} ، وبذلك تكون النتيجة: أ نّ الله عزّوجلّ أسقط حكم الصيام في شهر رمضان على المريض والمسافر ، فالعسر سبب في إسقاط وجوب الصوم ، مع ما في الصوم من أهميّة وخطورة التي تعلم من خلال وجوب الكفّارة التي تترتّب على المكلّف إذا أفطر في شهر رمضان .
وما نحن بصدد إثباته الآن هو أصل قاعدة نفي الحرج . وبيان المعنى الإجمالي لهذه القاعدة من خلال الاستدلال بهذه الآيات الشريفة ، في قبال من أنكر قاعدة نفي الحرج من الأساس ، وأنكر وجودها كأصل فقهي وإسلامي .

هل أ نّ العسر مختصّ بالصوم؟

في هذه الآية طرحت مسألة العسر ، ومن هنا لقائل أن يقول: لعلّ هذا المعنى يختصّ بالصوم فقط لخصوصيّات موجودة في الصوم ، ولذا فإنّ قاعدة نفي الحرج لاتكون عامّة ، ولا يمكن الاستفادة منها في إثبات المدّعى .
وللردّ على هذه الشّبهة هناك نقول: بأ نّ هذا التعبير جاء في مقام التعليل ، والألف واللام في قوله تعالى: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} تدلّ على العسر المترتّب إثر وجوب الصوم على المريض والمسافر ، أي أ نّ (ال) هنا العهدية ، كما أ نّه قد يفهم من ظاهر الآية أ نّ الألف واللام هي لبيان الجنس والماهيّة ، فقوله تعالى: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} يعني طبيعة العسر ، جنس العسر ، وبذلك لايوجد أي مبرّر للقول بأ نّ الحكم يختص بالصوم لوحده ، فإذا استلزم الصوم العسر يسقط . صحيح أ نّ موضوع الآية هو الصوم ، لكن لو كنّا نحن والآية لأمكن استنباط شموليّة القاعدة المذكورة لجميع موارد العسر والحرج .
إذن مسألة العسر هي من العناوين المذكورة في الآيات والتي يرتفع بها التكليف عن عهدة المكلّف .

(الصفحة 54)

الآية الرّابعة

والآية الاُخرى هي قوله تعالى في آخر سورة البقرة: {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}(1) واستناداً إلى المتون الروائية فإنّ الله سبحانه وتعالى يحكي في هذه الآية جملة من الأدعية التي دعا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ربّه ليلة المعراج وتوجد هناك رواية في هذا الباب قد نتطرّق إليها في بحثنا الروائي ، ومجمل القول إنّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) دعا الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء: {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} ويفهم من قوله هذا أ نّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) طلب من الله سبحانه وتعالى أن يمنَّ على اُمّته بمزيّة ، وهي أن يرفع عن اُمّته الأصر الذي حمله على الاُمم الماضية . هنا لابدّ وأن نحدّد معنى «الإصر» بدّقة .
المعنى الإجمالي للإصر هو العبء الثقيل جدّاً والشّاق . إذن ، الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يدعو الله عزّوجلّ بأن يرفع هذه العبّ الثقيل عنه وعن اُمّته ، وورد في الرّوايات نماذج وصور متعدّدة عن طبيعة التكاليف الشاقّة التي كانت على الاُمم السالفة والتي دفعها الله سبحانه وتعالى عن هذه الاُمّة رحمة منه وامتناناً . ومنها الرواية المأثورة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) حيث يقول: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»(2) .
ولقائل أن يقول: ماهي المزيّة التي منّ الله بها على رسوله وعلى اُمّته في هذا الحديث الشريف؟
والجواب: إنّ قول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) : «جعلت لي الأرض مسجداً» يعني أ نّ كلّ الأرض جعلت محلاًّ للعبادة ، وإن كانت هناك أفضليّة في بعض الأماكن على
  • 1  . البقرة: 286 .
  • 2  . صحيح البخاري ج 1 ، الصفحة 91 ، باب التيمّم .

(الصفحة 55)

غيرها ، فالمساجد أفضل من غيرها من الأمكنة ، والمساجد نفسها تتفاوت من حيث الأفضلية ، والمشاهد المشرفة أيضاً لها أفضليتها ، إلاّ أنّه لا يشترط في صحّة الصلاة أن تؤدّى في المسجد ، مع أ نّ الوارد في الرّوايات أ نّ الاُمم السالفة كانت لها أماكن مخصّصة للعبادة بحيث لو أ نّهم أرادوا أن يعبدوا الله عزّوجلّ خارج هذه الأماكن لما صحّت عبادتهم . لذا كان البعض منهم يضطر أن يقطع المسافات الشاسعة للوصول إلى هذه البقاع المخصّصة للعبادة بغية أن يحرز جانب الصحّة في عبادته .
وفي المقابل نجد أ نّ الأرض جعلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجداً . لذلك جاز للمسلم أن يقيم الصلاة في أيّ مكان شاء ، فكلّ مكان يصدق عليه إسم الأرض ، يصلح لأن يكون مسجداً وكذا الحال بالنسبة لطهوريّة الأرض ، حيث أ نّ التيمّم هو من المزايا التي أمتازت بها هذه الاُمّة المرحومة . وكان العنوان العامّ الذي يفيد التيمم هو أ نّ «التراب أحد الطهورين» . أمّا في الاُمم السالفة فلا يوجد شيء من هذا القبيل .
فمن التكاليف الشاقّة التي كانت مفروضة على الاُمم السابقة هو أنّهم إذا أصابت أجسامهم نجاسة ، وخاصّة إذا كانت النجاسة بولاً فلا يطهرون إلاّ إذا اقتطعوا تلك القطعة المتنجسة من الجسم بالمقاريض(1) . وظاهر عبارة الرواية يتعيّن من خلالها قصّ الجلد بالمقراض بالقدر المتنجّس حتّى يطهر . أمّا بالنسبة للاُمّة الإسلامية فقد جعل الله الماء مطهراً ، بحيث إذا تنجّس المكلّف من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه فبإمكانه أن يتطهّر بالماء .
وتذكر الرواية بعض الواجبات والتكاليف التي قد تبدو بعضها شديدة
  • 1  . الوسائل 1: 133 ، الباب الأوّل من أبواب الماء المطلق ، الحديث 4 ، والرواية وإن كانت صحيحة إلاّ أنّ العقل لا يساعد مضمونها ، ولابدّ من التأويل فيها . ومن البعيد أن يكون المراد ظاهرها .