جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 41)

عَلَى النَّاسِ} .
يقول (عليه السلام): «فالرسول شهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى» . أي أنه (صلى الله عليه وآله) شاهدٌ عليهم على المستوى التبليغي وعلى المستوى العملي لما بلغهم ، ثمّ يقول (عليه السلام): «ونحن الشّهداء على النّاس» ثمّ يفرع على ذلك فيقول: «فمن صدق يوم القيامة صدقناه وإن كذب كذبناه»(1) .
وهذا يعني أن أعمال النّاس كافّة عند الأئمّة (عليهم السلام) ، وهم مطّلعون عليها لكونهم شهداء . وميزة الشهيد هو إمّا التصديق أو التكذيب ، كلاهما يتفرّعان عن العلم والإطلاع ، وفي فرض عدم الإطلاع لايبقي للتصديق أو التكذيب أيّ معنى . ويبدو أنّنا قد خرجنا عن إطار البحث ، لكن لايخلو خروجنا هذا عن فائدة ، وسنبحث فيما بعد عن وجه العلاقة بين هذه المواضيع التي أشرنا إليها وبين أصل البحث .
وعلى أي حال ، فقد اتضح من التدقيق في هذه الآيات أن لدينا مسألتان:
أحداهما: إمامة الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) لكونهم من بني هاشم وذرّية إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام).
والاُخرى: كونهم شهداء على الناس ، وهذا يعني أنّهم مطلعون على أعمال الاُمّة كافّة ، وأنهم يعلمون الغيب وهذا مقتضى الآية بغضّ النظر عن الروايات والتي بدورها تؤيّد هذا المعنى .

نتيجة البحث

في بداية البحث ذكرنا الآية: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} للاستدلال بها في موضوع الحرج ، فهي من جهة تصلح لأن تكون خير دليل على
  • 1  . الكافي 1: 189 ، في أ نّ الأئمّة شهداء الله عزّوجلّ على خلقه ، الحديث 4 .

(الصفحة 42)

هذا الموضوع ، ومن جهة اُخرى فإنّ الخطاب في هذه الآية غير موجّه لكافّة الناس . وبناءً على هاتين المقدّمتين توصلنا بعد البحث والمناقشة إلى أن المخاطبين في الآية: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} هم الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) خاصّة . والآن هل يحقّ لنا أن نقول: إن الآية {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} لاتفيد الحصر؟ أيّ إننا بعد أن أثبتنا بالشواهد والقرائن أ نّ المخاطبين هم خصوص الأئمّة (عليهم السلام) . هل نستطيع الاستدلال على أن هذا الحكم هو حكم كلّي وعام ، ولايتنافى مع قولنا: إن الله لم يجعل على الأئمّة من حرج ، ولم يجعل على سائر النّاس أيضاً في الدين من حرج؟
والصحيح أن توجيه الخطاب إلى المعصومين (عليهم السلام) لايعني أن الحكم يختصّ بالأئمّة (عليهم السلام) ، بل يكون نفي الحرج حكماً عامّاً ، ولكنّه ورد في خصوص الأئمّة لوجود مناسبة إقتضت ذلك .
وبعبارة أوضح: إن مسألة رفع الحرج في الدين الإسلامي مسألة عامّة ، وكما سيتضح هذا المعنى فيما بعد من الروايات والآيات ، فإنّ الآية هذه في مقام الامتنان على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهي بالإضافة إلى الجوانب الاُخرى التي يمكن الكشف عنها من خلال الرّوايات تبيّن لنا العناية الربانية التي إختصها الله تبارك وتعالى باُمّة الرسول (صلى الله عليه وآله) دون سائر الاُمم والأديان السالفة ، وبالطبع فإنّ الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) بما أنّهم اُمّة النّبي (صلى الله عليه وآله) بالمعنى الأعمّ مشمولين بهذه المنّة والعناية الرّبانية .

عود إلى قاعدة الحرج

نعود إلى أصل الموضوع ، فنقول: أن موضوع نفي الحرج الذي تحدثت عنه الآية الشّريفة {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} موجّه بالدّرجة الاُولى إلى الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) إلاّ أن كون الخطاب القرآني موجّهة إلى الأئمّة ، لايعني أن
(الصفحة 43)

الحكم يقتصر على الأئمّة فقط ، بل هم كسائر المسلمين قد شملتهم العناية الإلهيّة ، ولكننا إذا أردنا أن نثبت أن دليل نفي الحرج هو دليل عام يشمل الأئمّة (عليهم السلام) وكذلك سائر النّاس ، لابدّ لنا أن نستمد العون من الخارج ، أي من الأحاديث والرّوايات .
والسّؤال هو: هل يمكننا أن نستفيد من نفس الآية الشّريفة شمول الحكم لسائر النّاس وعدم اختصاصه بالمعصومين (عليهم السلام) ، أو لايمكننا ذلك؟
وللإجابة على هذا التساؤل نقول: إن عبارة {في الدين} في قوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} تشعر بأن نفي الحرج أنما يتعلّق في أحكام الدين الإسلامي ، فتكون قرينة على أن هذه الميزة متأصّلة في هذا الدين ، فلا تختص بأفراد معينين .
وكيف كان ، فالأمر سهل بعد الرّجوع إلى الرّوايات الشّريفة الناظرة إلى هذه الآية الكريمة ، والتي سنذكرها بالتفصيل فيما بعد ، وفي أحدها ، أن أحد الرواة عثرت قدمه فأنقطع أظفر القدم ، فغطاها بشيء ، فسأل الإمام (عليه السلام) ، إذا توضّأ كيف يمسح؟ فأجابه (عليه السلام) بقوله: يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} أي إنّك لو لم تكن تسألني فاجيبك ، لكان من الممكن لك أن تستفيد هذا المعنى من نفس الآية .
إذن هناك ثمّة اختلاف بين عمومية الخطاب وعمومية الحكم . نحن بامكاننا أن نستفيد من ظهور الآية فقط ـ وبغض النظر عن الروايات ـ عمومية هذا الحكم ، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن هذا الحكم العامّ في هذه الآية قد تمّ تطبيقه في خصوص الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) يظهر من سياق الآية ، فالله عزّوجلّ يخاطب الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) بأن يجاهدوا فيه [ أي في الله] حق جهاده ، وهذا أعلى مراتب الجهاد ، ومع ذلك فأنّ للجهاد هذا مهما بلغت درجته حدوداً ، وحدوده هي قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} أن عليكم أن
(الصفحة 44)

تجاهدوا ، ولكن لا بالشكل الذي يسبب حكم الحرج والمشقة المجهدة الخارجة عن حدود المتعارف .

الآية الثّانية:

وهناك آية اُخرى ذكرت فيها كلمة «الحرج» وهي في سورة المائدة التي تتضمّن أحكام الوضوء ، والغسل ، والتيمم ، وتبدأ الآية بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}(1) .
وفي قوله تعالى: {جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ} أشارة إلى الوضوء ، وفي قوله: {لاَمَسْتُمْ النِّسَاءَ} يشير إلى الغسل ، وتختم الآية لحديثها بالكلام عن التيمم .
وهنا توجد نقطة هامة والتي تشكل بحثاً تفسيرياً بالإضافة إلى كونها بحثاً فقهياً في الطهارة ، وهي أنّ الآية قرنت بين المريض الذي يضر الماء به ، وبين المسافر والمحدث ، مع العلم أن المريض لايحتاج إلى التيمم إلاّ إذا كان محدثاً .
وقد بحثنا هذه النقطة بشكل موسع في كتاب الطهارة وفي غيره ، ولا نريد أن نخوض في هذا الموضوع . ولكن نقول بإجمال: إن الآية تشير إلى ثلاث موارد يجب فيها التيمم ، أحد هذه الموارد هو المريض ، والآخر هو المسافر الذي لايجد ماءً ، والثالث هو المحدث الذي لايجد ماءً . وبعد أن تذكر الآية الموارد الثّلاثة تقول:
  • 1  . المائدة: 6 .

(الصفحة 45)

{فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} وإذا تتبعنا سياق الآية نجد أن الآية تشير إلى موضوع التيمم .
بعد ذلك كلّه تتابع الآية سياقها القرآني بقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} ، وهنا بامكاننا أن نعتبر هذه العبارة تعليلاً لما سبق ، حينئذ يواجهنا هذا السّؤال وهو: هل أنّ هذا التعليل شامل لكلّ الأحكام التي ذكرتها الآية ، أي لهذه الطّهارات الثلاث ، أم أ نّ التعليل هو في خصوص التيمّم فقط ، وذلك لأ نّ التيمّم فيه جانبان: جانب عدم ، ونفي حيث ينتفي مع التيمّم كلّ من الوضوء والغسل ، وهناك جانب إثبات ووجوب ، وهو وجوب التيمّم . فمعنى أن يتيمّم المكلّف بدل الوضوء ، أ نّ المكلف إذا سقط عنه الوضوء لايبقى بدون تكليف ، ولايسقط عنه الواجب الذي وجب الوضوء كمقدّمة له .
وبناءً على ذلك ، فإنّ ما جاء في مقام التعليل إذا قصرناه على التيمم ، أي قلنا : إنّ السّبب في أ نّ المريض لا وضوء عليه والمسافر يسقط عنه الوضوء ، والغسل ، وكذا الحال بالنّسبة لمن لايجد ماءً وهو قوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج} إنّما يريد أن ينفي سقوط التكليف لتفادي المشقّة والكلفة في نفس الوقت ، لأ نّ استعمال الماء إذا كان مضرّاً بالمريض ، فإنّه سيوقعه في حرج شديد عند الوضوء .
سؤال وهنا قد يسأل البعض: ماهي مدخليّة قوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج} بالنسبة لمن لايجد ماءً ؟ أي لا معنى للحرج بأعتبار أ نّ المكلف لا ماء لديه ، ولايمكنه أن يتوضأ بالتراب ، أو يغسل بغير الماء؟
الجواب كما ورد في الفقه هو أ نّ قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} يدلّ على أ نّ الملاك ليس افتقاد الماء بالمرّة ، وإنّما عدم الوجدان ، وهذا يقع في حدود معيّنة . ولذلك يقال: إنّ على المكلف أن يقطع كذا مسافة بحثاً عن الماء في المناطق الرخوة ،