جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 169)

فهل هذا داخل في الإمتنان؟
ربّما يقال: إنّ هذا مخالف الإمتنان ، فنحن نستفيد من نفس كون قاعدة (لا حرج) واردة في مقام الإمتنان أنّ الإمتنان يرفع اللزوم فقط واللاّبديّة ، ولا ترفع المصلحة عن الفعل ، ولذا فنحن من خلال ضمِّ قاعدة (لا حرج) إلى دليل: (كُتب عليكم الصيام) نفهم وجود الملاك والمصلحة في الصوم الحرجي ، رغم عدم وجوب التكليف .

تحقيق المسألة:

ولكنّ هل يحصل من هذا الكلام إطمئنان لدى الإنسان؟ علينا أن نرى هل إذا ضممنا هذين الدليلين ، فهل يدلّ أحد الدليلين على وجوب الصوم ، وهو (كتب عليكم الصيام) من دون أن تطرح مسألة الحرج وعيّن الحرج فيها ، ويكون مقتضى إطلاقه ثبوت وجوب الصوم حتّى إن كان حرجيّاً؟ إذا لم تكن هناك قاعدة (لا حرج) لكنّا قد استفدنا هذا المعنى من (كتب عليكم الصيام) ولكن عندما جعلنا إلى جانب آية الصوم هذه القاعدة ، وإنّ (ما جعل عليكم في الدين من حرج) في مقام الإخبار ، تخبر عن ماذا وعن أي شيء؟ المخبريّة هي أنّ وجوب الصوم الحرجي لم يشرّع أصلاً ومن أوّل الأمر ، ولو أنّكم تصورتم من خلال الإرادة الإستعماليّة ومقتضى الإطلاق في (كتب عليكم الصيام كما . . .) أ نّ وجوب الصوم جعل بشكل مطلق ، إلاّ إنّني أنا الشارع ومقتضى قانون الصوم الذي جئت بـ(كتب عليكم الصيام) أقول لكم : إنّه من البداية لم يجعل وجوب الصوم الحرجي ، وإنّما كان في الحقيقة فقط تصوّر للجعل .
فلو قال ذلك من الأوّل ، وأورد مثل هذا التعبير ، فمن أين لنا أن نعرف أنّ الصوم الحرجي مشتمل على مصلحة ، فلو قيل (أكرم العلماء إلاّ زيداً) على نحو
(الصفحة 170)

الإستثناء والتخصيص المتّصل ، فما هو مقدار الإستثناء الذي يستفاد من ذلك؟ هل تقولون : إنّ زيداً لا وجوب في إكرامه مع وجود ملاك وجوب الإكرام فيه؟ أو تقولون لا حكم فيه ، وربّما لم يكن فيه ملاك أيضاً ، والقاعدة إنّه لا ملاك له ، فهل أنّ ضمّ قاعدة نفي الحرج إلى الأدلّة الأوّليّة تفيد غير هذا المعنى؟
وبعبارة أوضح: إنّه وإن كان لسان قاعدة (لا حرج) لسان الحكومة ، أي حكومة هذه القاعدة على الأدلّة الأوّليّة ، ولكن هل أ نّ الحكومة مختلفة عن التخصيص من هذه الناحية؟ فلو قال المولى في موضع: (أكرم العلماء) وفي موضع آخر: (لا يجب إكرام زيد العالم) ، فهناك أثبت الوجوب ، وفي الدليل المخصّص نفى الوجوب ، فإذن هنا أيضاً توجد مسألة الحكومة ، ولسانها أقوى من لسان التخصيص ، فهو أيضاً في موضع التشريع يقول بعدم الوجود من أوّل الأمر ، فإذا لم يكن تكليف حرجي من أوّل الأمر في موضع التشريع فمن أين لي أن أعلم أنّ هذا الصوم الحرجي واجد للملاك؟

إشكال وجواب:

أمّا الاشكال: قد يقال: إنّ لدليل وجوب الصوم في الحقيقة دلالتان: دلالة مطابقيّة ، ودلالة إلتزاميّة ، امّا الدلالة المطابقية فهي عبارة عن وجوب الصوم هذا ، وأ مّا الدلالة الإلتزاميّة ، أو بتعبير آخر: لازمه ، فهو أنّ الصوم بشكل كلّي فيه مصلحة تامّة ، فلنقل بوجود دلالتين لدليل وجوب الصوم ، ومن ثمّ نقول: إنّ المقدار الذي ترفعه قاعدة الحرج من دليل وجوب الصوم يختص بدلالته على الوجوب ، وامّا فيما يختص بإشتمال الصوم على المصلحة التامّة فإنّ قاعدة (لا حرج) لا تنافيه ولا تغايره .
ثمّ نأتي بعد ذلك ونطبّق المسألة على بحث موجود في باب التعادل
(الصفحة 171)

والتراجيح ، وهو: هل أنّ الروايتين المتعارضتين (بغضّ النظر عن الأخبار العلاجيّة) التي تقتضي القاعدة تساقطهما ، فهل يحصل التساقط بالنسبة إلى مدلولهما المطابقي فقط ، أو يعمّ حتّى المدلول الإلتزامي؟ بعبارة أوضح: لو أ نّ رواية تقول: (صلاة الجمعة واجبة) ، ورواية اُخرى تقول: (صلاة الجمعة حرام) فالقاعدة تقتضي سقوط هاتين الروايتين ، فإنّ التعارض يؤدّي إلى التساقط ، ولكن ما هي حدود التساقط؟ فهل يكون بمقدار رفع الحرمة والوجوب مع احتمال بقاء الإستحباب وهو حكم ثالث ، أو أ نّ تساقط هاتين الروايتين في نفي الوجوب والحرمة ، وأ مّا فيما يختصّ بنفي الإستحباب فهما مشتركان ولا يتحقّق التساقط ، وفي الحقيقة فإنّ الروايتين المتعارضتين حجّة في نفي الثالث وإن كانا ساقطتين عن الحجيّة بالنسبة إلى مفادهما .
فنأتيونقول: إنّ مانحن فيه من هذا القبيل، فإنّ دليلوجوب الصوم له دلالتان: دلالة على الوجوب ودلالة على المصلحة ، والمقدار الذي ترفعه قاعدة (لا حرج) من هذا الدليل هو دلالته على الوجوب فقط ، أمّا فيما يختص بالدلالة على المصلحة فإنّها لا ينافي قاعدة (لا حرج) حتّى تقوم هذه القاعدة برفع المصلحة أيضاً .
الجواب: ولكن هذا الكلام محلّ مناقشة؟ لأنّ دلالة دليل وجوب الصوم على المصلحة دلالة فرعيّة وطوليّة ، أي انّها تدلّ أوّلاً على الوجوب ، وعن طريق الدلالة على الوجوب يدلّ على المصلحة ، لا أ نّ الوجوب والمصلحة يكونان في عرض واحد ، فيدلّ على الوجوب ويدلّ على المصلحة ، حتّى يقال: إنّ قاعدة (لا حرج) تعارض الدلالة على الوجوب ، ولا تعارض الدلالة على المصلحة أبداً ، كلاّ ، إنّ الدلالة على المصلحة في طول الدلالة على الوجوب ، وإلاّ فأيّ موضع من (كُتب عليكم الصيام) يدلّ على مسألة المصلحة؟
قد تأتي وتقول بأنّ هذه الآية تقول: إنّ الصوم واجب ، ونحن من الخارج نعلم
(الصفحة 172)

أ نّ كلّ واجب فيه مصلحة تامّة ، فإذن هناك أمر خارجي نضمّه إلى هذا الدليل ، فإنّ دلالة الدليل على وجوب الصوم تطرح بعنوان أنّها دلالة أصليّة ، ودلالته على المصلحة تطرح بعنوان أنّها دلالة تبعيّة وفرعيّة .
ولكنّ الصحيح أنّه إذا جاءت قاعدة (لا حرج) وحذفت مقداراً من الدلالة الأصليّة وقالت: لا تحقّق للوجوب في حالة الحرج ، فمن أين لنا حينئذ أن نحصل على مسألة المصلحة في العبادة الحرجيّة؟ فنحن عن طريق الوجوب نفهم على أنّ كلّ واجب يشتمل على المصلحة ، ولكن قد قامت قاعدة (لا حرج) وقالت إنّه لا وجوب في الأمر الحرجي من الأساس ، فإذا لم يكن هناك وجوب فمن أين نحصل على وجود المصلحة؟
وهكذا في المقارنة بين الخبرين المتعارضين ، فالمسألة أيضاً محلّ خلاف ، فإنّ المحقّق النائيني لايرتضي ذلك أيضاً ، فإنّه لا يقول: إذا تساقطت الروايتان بالتعارض تبقى الحجيّة محفوظة بالنسبة إلى نفي الثالث ، بل يقول بسقوط كلا الدليلين المطابقي والإلتزامي .
وثانياً: لو فرضنا أ نّنا سلّمنا بقاء الحجيّة بالنسبة إلى نفي الثالث في الخبرين المتعارضين ، إلاّ إنّ الفرق بين المسألتين; أ نّ المسألة هناك مسألة عقليّة ونريد فيها أن نرى كيف يتعامل العقل مع الخبرين المتعارضين؟ وطبعاً يقوم العقل بالتجزئة والتحليل ، فالعقل محلّل ، فيأتي هناك ويقول: إنّ نزاع هذين الخبرين قائم في المدلول المطابقي ، فلابدّ أن يتساقطا ، وأ مّا في المدلول الإلتزامي فلا نزاع بينهما ، فلا داعي إلى تساقطهما ، لأنّ المسألة مسألة عقلية .
أمّا فيما نحن فيه فليست المسألة مسألة العقل ، وإنّما المسألة هي لسان قاعدة نفي الحرج في قبال دليل وجوب الصوم ، ولا مجال للعقل هنا حتّى نقول: لو أدرك العقل من الأوّل أنّ الصوم الحرجي فيه مصلحة فلا حاجة لنا بهذه البحوث . إلاّ
(الصفحة 173)

أنّنا نفترض أ نّ عقلنا لم يتوصّل إلى إدراك شيء ، فعلينا أن نستفيد حكم المسألة من هذه الأدلّة ، فإنّ (ما جعل عليكم في الدين من حرج) يقول : إنّ الصوم الحرجي لم يُجعل من البداية ، فكيف علمنا بأنّ الحرجي يشتمل على المصلحة؟ خاصّة مع وجود المؤيّد الذي ذكرته ، وهو أنّ في آية الصوم نفسها تجري (لا يريد بكم العسر) الذي هو عبارة عن قاعدة نفي الحرج عن المسافر ، في حين أ نّه لا توجد مصلحة في صوم المسافر حتّى بمقدار رأس الإبرة ، وإنّما صومه محكوم بالبطلان .

نتيجة البحث

فعليه رغم إنّني فكّرت طويلاً في المسألة من أجل العثور على طريق مطمئنّ لاكتشاف الملاك ووجود المصلحة في العبادات الحرجيّة ، إلاّ أنّني لم أجد مثل هذا الطريق ، بل علاوة على ذلك توجد مؤيّدات اُخرى أيضاً ، فمن جملة المؤيّدات أ نّنا إلى الآن لم يطرق أسماعنا ممّا سمعناه أو شاهدنا وقرأناه من أن الإنسان حينما يريد أن يصلّي فعليه إمّا أن يتوضّأ أو يتيمّم ولا وجود لشيء ثالث ، فقد يستفيد الإنسان هذا المعنى من آية الوضوء ، في حين أ نّنا لو قلنا بصحّة الوضوء الحرجي ، فلازم ذلك من الناحية العلميّة أن يكون مخيّراً ، فإذا شاء توضّأ وصلّى ، وإذا لم يشأ يتيمّم ويصلّي عن تيمّم ، وقلنا في الواجبات التخييرية: إذا كان أحد أطراف الواجب التخييري حرجيّاً فلا يوجد إشكال ، ويكون كالمستحبّ الحرجي ، ويكون مخيّراً بين الوضوء والتيمّم .
وإذا قلت: لدينا دليل على عدم وجود الوجوب التخييري ، فنقول: ضع آية (لا حرج) إلى جانب (آية الوضوء) يتولّد عندنا الوجوب التخييري ، وما هو الإشكال في أن يكون الوجوب تخييريّاً؟ فإنّ الحرجيّة تنفي التعيين إلاّ أنّها لا تنفي التخيير ، فحينئذ لابدّ أن نلتزم في مورد العبادات الحرجيّة (طبعاً ليس في كلّ