جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 30)

أمّا بالنسبة إلى التربية والتزكية العامّة فيلاحظ فيها مقتضى حال النّاس واستعدادهم ، إذن فتكرار قوله تعالى: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} في الآية التي تتحدّث عن البعثة العامّة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) لايعني أ نّ المقصود من قوله تعالى: {أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} هنا هم «المؤمنين» الذين تحدّثت عنهم الآية بقولها: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ . . .} بحيث يكون أفراد {أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} هم المسلمين العاديين ، كلاّ . . إنّما المقصود من الأمّة المسلمة هم جماعة خاصّة لها صلاحيّة الإمامة ، وإبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) دعوا الله سبحانه وتعالى لهذه الاُمّة بالإمامة ، كما أ نّهما طلبا من الله تعالى أن يرسل فيهم واحداً منهم يكون معلماً ومربياً حتّى على مستوى هذه الاُمّة المسلمة والتلاميذ المرموقين .

موقعية العترة من الرّسالة

ومن هنا نستنتج أن أساس الإمامة بالنّسبة لأئمتنا (عليهم السلام) الذين هم من ذرية إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) يقع في عرض رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورسالة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) صلوات الله وسلامه عليه ، فكلاهما في دعاء واحد وفي زمن واحد دعا به كل من إبراهيم وإسماعيل ، وأمّا غيرهم من ذرية إبراهيم وإسماعيل فلم يستحقوا مقام الإمامة .
ثمّ إنّ الآية الكريمة: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} حيث كلمة «المؤمنين» المحلاّة بالألف واللام تفيد العموم . فلا فرق في آية: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ} بين ذريّة إبراهيم (عليه السلام) وغير ذريّة إبراهيم ، تجعلنا نميز الخطّ العامّ لكلّ آية ونفهم الهدف الذي تتوخّاه كلّ آية ونفرق بينهما . فبالنسبة للآية: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} يلاحظ فيها جميع المؤمنين ، وأمّا بالنسبة للآية التي تتناول دعاء إبراهيم وإسماعيل بحقِّ ذريّتهما فنلاحظ فيها كلمة: {من ذرّيتنا} . وكما قلنا سابقاً فإنّ ظاهر الآية بقطع
(الصفحة 31)

النظر عن الروايات أو الرواية التي نحن بصدد عرضها هنا يحمل في نفسه هذا المعنى بالشكل الذي بّيناه .

هل المراد بالذّرية هم العرب بالخصوص؟

بعض المحققين والعلماء والمفسّرين من أهل السّنة من أمثال صاحب المنار الذي استوقفته هذه المسألة أراد أن يحمل عنوان {الاُمّة المسلمة} على المعنى الظاهري الذي يتبادر للذهن في الوهلة الاولى ، أي بمعنى المسلمين ، في هذه الحالة كيف سيتعامل مع {من ذريتنا}؟ ذلك أن المسلمين لايختصّون بذريّة إبراهيم ، بل لايختصّون بالعرب ، حيث يتواجد المسلمون في شرق العالم وغربه ، ويتوزّعون على شعوب وقوميّات مختلفة ، ويتكلّمون بلغات شتّى ، وإذا أراد أن يأخذ بما نقوله نحن ويفهم الآية بالشكل الّذي فهمناه ، فسوف يتزلزل أساسهم الفكري والعقيدي ، فإذا كان المقصود من ذريتنا في هذه الآية الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام) وإمامتهم . فهذا يعني التراجع عن متبنّياتهم العقائدية . إذن ماذا يريد أن يقول في مثل هذه الحالة؟
يستفاد من آخر كلام له ، أنه فسَّر {من ذرّيتنا} بالعرب ، أيّ كلّ العرب ، ويستدلّ صاحب المنار على ذلك بآخر الآية والتي جاء فيها: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، حيث يقول: إن هذه العبارة تشير إلى مسألة ، وهي أن العرب ـ عرب الصحراء ـ بعيدون عن الحضارة ، فالعربي الذي يأبى الرضوخ لأيّ لون من ألوان النظم الإجتماعية كيف يمكنه تلقّي التعليم والتزكية والتربية؟ فجميع الضمائر من قبيل: {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} { ويتلو عليهم } تعود على العرب ولكن أين العرب من تلاوة آيات الكتاب؟ وأين العرب من التربية والتزكية؟ فالعربيّ الذي أنس الحرب والقتال والغارة كيف يتسنى له الآن أن يتعلّم ويترّبى
(الصفحة 32)

ويتلى عليه آيات الكتاب ؟
فبحسب الظاهر هناك منافاة بين الإثنين ، بين العرب وبين كلّ من التربية والتزكية والتعليم وتلاوة آيات الكتاب . إذن كيف دعا إبراهيم (عليه السلام) بمثل هذا الدعاء؟ وكيف طلب من الله أن يبعث بين العرب رسولاً بكونه معلّماً ومربّياً ؟ فلا يوجد أيّ نوع وفاق أو تقارب بين سلوكهم وتفكيرهم وبين هذه القضايا ، فهم بعيدون كلّ البعد عنها .
يقول صاحب المنار : إنّ إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) كانا ملتفتين إلى هذه النقطة ، ومع ذلك قالا في آخر دعائهما: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، وبالطبع هناك معاني عديدة للعزّة ، وأحدها هي القدرة ، والعزيز هو القادر ، فقول: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ}بمعنى إنّك أنت القادر ، أي تستطيع بقدرتك أن تعلِّم وتربِّي هؤلاء العرب الذين هم بعيدون عن الحضارة ، وبعيدون عن التربية والتعليم . صحيح أن الأمر بذاته يعدُّ أمراً صعباً ولا يتناسب مع هؤلاء ، ولكن ليست هناك أيّة صعوبة إزاء عزّتك وقدرتك ، فبقدرتك يمكن حلّ هذه المسألة ، خاصّة إذا كانت القدرة مصحوبة بالحكمة والتدبّر والتعقّل ، لا بالخشونة والغلظة والإجبار والإكراه ، فإذا كانت هناك قدرة تصحبها الحكمة يمكن حلّ هذه المشكلة .
إذن فصاحب المنار أراد أن يخصّص قوله: {من ذريّتنا} بالعرب ، ومن ثمّ حلَّه بذيل الآية: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
وهنا يطرح هذا السؤال نفسه وهو : هل أن كلّ العرب هم ذريّة إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)؟ وهل تنتهي كافّة القبائل العربيّة بإبراهيم وإسماعيل؟
الآية تقول: { ومن ذرّيتنا } أي ليس كل الذّرية ، وإنّما بعض ذريّة إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)؟ ما علاقة «ذريّتنا» بالعرب حتّى تكون شاملة لكلّ العرب؟ وبوجود «من» التي تفيد التبعيض تبدوا المسألة أصعب من السابق . فما هو المبرّر
(الصفحة 33)

والأساس في قولنا: إنّ بعض الذريّة هم العرب ، وكلّ الذريّة هم أيضاً عرب؟ فالعرب كانوا عبارة عن طوائف وقبائل متعدّدة ، وأحد هذه الطوائف هم بني هاشم ، وينتهي نسبهم إلى إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) ، أمّا كلّ العرب من حيث النسب والأصل فليسوا من إبراهيم (عليه السلام) وإن كانوا يعودون إلى زمن إبراهيم ، ومن هنا فإنّ هذا النوع من التفسير مردود .
وهناك تفسير ثالث أرى أنه أفضل ممّا ذهب إليه صاحب المنار ، وهو أن نغضّ الطرف عن عبارة: {من ذرّيتنا} ونفسّر قوله {أمَّة مسلمة} بالمجتمع الإسلامي ، والاُمّة المسلمة ، لأن هذا التفسير على الأقلّ يعطي تصوّراً صحيحاً للمجتمع الإسلامي حيث يجمع بين العرب وغير العرب ، وفي الحقيقة هناك ثمّة سنخية بين هذا التفسير وآية: { لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } ، أمّا حصرنا للآية في العرب فلا يمكن الأخذ به ، لأنه لا يتطابق لا مع ظاهر الآية ولا يوافق الآية الاُخرى آية: { لَقَدْ مَنَّ اللهُ . . . . } لأ نّ في آية ، { لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } ليس المسألة مسألة العرب ، وإنّما المقصود هم المسلمين وأتباع الرسول (صلى الله عليه وآله)  ، سواء كانوا عرباً ، أو لم يكونوا ، كسلمان الفارسي (رحمه الله) الذي يمثّل أوضح مصاديق المؤمنين في ذلك الوقت ، وكان فارسيّاً وبعيداً عنه العروبة تماماً .
إذن محصّل القول : إنّ الأساس الذي يجعلنا نتعامل مع هذه الآية [الآية 127 من سورة البقرة] بخلاف تعاملنا في فهم آية { لَقَدْ مَنَّ اللهُ علينا . . . } يكمن في عبارة {ومن ذريّتنا} ، وبرأيي أ نّ المعنى الذي طرحناه كان على مستوى من الوضوح . وقد أشار بعض الإخوة إلى أنّ أحد كتب التفسير تعرض إلى نفس هذا المعنى مستعيناً في ذلك بالرّوايات ، لكن لا على نحو التفصيل الذي أوردناه ، وقد راجعت التفسير بنفسي فوجدته قد ذهب إلى ما ذهبنا إليه بمنهجية تختلف عن منهجيتنا بالإفادة من الروايات .

(الصفحة 34)

الرّوايات الشّريفة

والآن نستعرض رواية تتناول تفسير الآية: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ}والآيات التي تليها ، ويمكن من خلالها التأكّد من المعنى الذي ذكرناه قبل قليل ، هذه الرواية نقلها العيّاشي في تفسيره ـ وتفسير العيّاشي من التفاسير القديمة جداً ، لكنّه بحسب الظاهر لم يصل إلينا بكامله ـ ينقل العيّاشي عن أبي عمرو الزّبيدي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت: أخبرني عن أمَّة محمّد (صلى الله عليه وآله) من هم؟ قال (عليه السلام): «اُمَّة محمّد بنوّ هاشم خاصّة» . [ والظاهر هنا أن المراد من كلمة «بنو هاشم» ليس كلّ بني هاشم وإنّما خصوص الأئمّة المعصومين والعترة الطاهرة (عليهم السلام) وهذا ما سيتّضح بقرينة السؤال التالي الذي يسأله الراوي من الإمام (عليه السلام)] .
قلت: «فما الحجّة في اُمَّة محمّد إنّهم أهل بيته الذين ذكرت دون غيرهم؟» .
فقال (عليه السلام): «قول الله عزّوجلّ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ . . .} فلمّا أجاب الله إبراهيم وإسماعيل . . .الخ»(1)؟ .
هنا يستدلّ الإمام المعصوم (عليه السلام) بدليل من القرآن ، وكما هو واضح لديكم فإنّ تعامل الأئمّة (عليهم السلام) مع القرآن على نمطين:
أحدهما هو تفسيرهم للقرآن ، ولعلّ تفسير الإمام للقرآن من وجهة نظرنا غير منسجم مع ظاهر الآيات ، ولكن على ضوء مبادئ واُصول التفسير يبقى رأي الإمام (عليه السلام) كقرينة على اتجاه معيّن في التفسير ، وذلك استناداً إلى حديث الثّقلين وسائر الأدلّة المطروحة في هذا الباب .
والنمط الآخر في تعامل الإمام (عليه السلام) مع القرآن ، هو استشهاده بالقرآن ، وفي هذه الحالة يكون الإمام (عليه السلام) متمسكاً بظاهر الآية ، فالإمام المعصوم إذا استدلّ بالقرآن ،
  • 1  . تفسير العيّاشي: ج 1 ص 60 .