جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 133)

التوفيق بين هذه الموارد والقاعدة

وهنا نسأل: مع وجود هذه الموارد ، كيف يمكننا أن نوفّق بينها وبين قاعدة لا حرج؟ هل يمكننا أن نقول بأ نّ هذه الموارد تخرج عن قاعدة لا حرج بالتخصيص . أو أ نّ هناك علل اُخرى بموجبها تكون هذه الموارد خارجة بالتحقيق .
ومن جملة علمائنا الأعلام (رحمهم الله) الذين بحثوا هذا الموضوع هو المرحوم صاحب الفصول (قدس سره) . فقد أفرد ـ بحثاً خاصّاً في آخر كتاب الفصول تحت عنوان «إستحالة التكليف بما لايطاق» ، بحث فيه: هل أن التكليف بمالا يطاق محال ، أو ليس بمحال؟ والبعض فصّل بين موارد مالا يطاق ، وبعد أن يتمّ المرحوم صاحب الفصول بحثه هذا ، يفرد تتمّة لبحث قاعدة لا حرج(1) . وهناك يرى رضوان الله عليه أ نّ الموارد التي ذكرت في باب تخصيص قاعدة لا حرج ، ليست من موارد التخصيص ، بل إنّها خارجة عن قاعدة لا حرج بلحاظ موضوعاتها . ويشير إلى عدّة موارد منها: مسألة الجهاد . ومنها أيضاً قضيّة هؤلاء الذين شقّ عليهم الإيمان بالإسلام حتّى أن القرآن حكى عنهم ما قالوه: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ}(2) أي أنّهم لايطيقون الإسلام أبداً .
يقول صاحب الفصول (قدس سره): إنّ هؤلاء يخالفون الحقّ إلى هذه الدرجة ، ثمّ يتساءل: ألم يكن واجبهم هو قبول الحقّ والإسلام؟ نعم ، لكن هذا التكليف بالنسبة لهم فيه حرج شديد . ثمّ يضرب مثالاً آخر ، وهو تهيئة النفس لتقبّل القصاص والحدود .
ثمّ يأتي بعدّة تخريجات لكلّ من مسألة الجهاد ، وتوطين النفس لتقبل الحدود
  • 1  . الفصول : 333 .
  • 2  . الأنفال: 32 .

(الصفحة 134)

والقصاص يريد بذلك أن يخرج هذه الموارد من قاعدة لا حرج على أ نّها لاتعدّ من مستثنيات القاعدة . وفي الحقيقة إنّ الإستثناء في هذه الموارد هو من قبيل الإستثناء المنقطع ، ولا علاقة له بقاعدة لا حرج أبداً .
والسؤال هنا كيف نرفع إشكال التنافي بين القاعدة وهذه الموارد الحرجيّة .
توجد هناك عدّة ردود على هذا السؤال .
منها: ما قيل من أنّه لا مانع لأن تكون هناك تكاليف حرجيّة ، وفي نفس الوقت لاتتنافى مع ثبوت القاعدة المذكورة . والسؤال الذي يطرح هنا هو: كيف نتعامل مع أدلّة النفي؟ وقد أجاب أصحاب هذا القول بجوابين:
أحدها: إننّا نعتبر هذه الأدلّة مخصّصة لقاعدة نفي الحرج . وبعبارة اُخرى: إنّ قاعدة نفي الحرج هي قاعدة فقهيّة عامّة . وعليه فكما تكون الإطلاقات الفقهيّة الاُخرى قابلة للتخصيص ، فكذلك من الممكن أن نلتزم بهذا المعنى أيضاً في خصوص قاعدة (لا حرج) ، وقد قلنا : إنّ مجرّد كون قاعدة لا حرج في مقام الإمتنان ، لا يعني أنّ احتمال التخصيص فيها ممتنع ، وأنّ الموارد التي ذكرناها وغيرها تخرج من القاعدة بحجّة التخصيص .
الثاني: إنّ قاعدة لا حرج بالأساس لم يلحظ فيها جهة العموم بالشكل الذي يتصوّر ، وإنّما هي بالأصل محدودة وفي نطاق خاصّ وفي موارد خاصّة ، وبناءً على ذلك يقال في معنى الآية الشريفة: {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} إنّ الإصر الذي كان على الاُمم السابقة غير موجود في هذه الاُمّة ، والشاهد على ذلك آية اُخرى هي قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَْغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}(1) أي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) مهمّته أن يضع عن الناس ما كانت
  • 1  . الأعراف : 157 .

(الصفحة 135)

تقتضيه الأديان السابقة من أغلال ، ويبدو من قوله تعالى: {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}(1) أ نّ الإصر الذي يطلب عدم حمله على هذه الاُمّة هو الإصر الذي كان على الاُمم السابقة خاصّة ، وليس مطلق الإصر ، ولذا لو اُريد تحميل إصر آخر ، فهذا لاينافي الآية الكريمة ، هذا ما أفاده البعض في حلّ المشكلة .

الاستفادة من ظهور الآية:

وهذا ـ أي الردّ الثاني ـ في الحقيقة خلاف ظاهر الآية الكريمة: {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} ، فالنكرة أي «إصراً» جاءت في سياق النفي ، أمّا في قوله: «كما حملته» فيتّخذ صيغة إثباتية ، والنفي الموجود في الآية هو نفي عامّ .
بعبارة اُخرى: لو حذفنا عبارة «كما حملته» من الآية فتكون الآية: (ربّنا لا تحمل علينا إصر الذي حملته على الذين من قبلنا) ، فهل هذا يعني أنّ الآية تأخذ عنوان الوصف وتتضمّن قيداً إحترازياً ، وهل هذا هو المعنى الذي تفيده الآية ، أم أنّ النكرة إذا وردت في سياق النهي ، أو النفي فإنّها تفيد العموم؟ وقوله «لا تحمل علينا إصراً» أي لا تحمل علينا أيّ لون من ألوان الإصر أو أنواعه ، ولمّا كان التشبيه في الجانب الإثباتي من الآية وهو: {كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} فهذا يعني أنّ الإصر كان موجوداً لدى الاُمم السّابقة ، إلاّ أنّه لايمكن أن نستفيد من ذلك جهة العموم بأن نقول: إنّ كافّة المصاديق فيها جنبة إثباتية ، ولكن في قوله: {لاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً} يمكن أن نستفيد منه جانب التعميم ، ولا نستطيع أن نقول
  • 1  . البقرة : 286 .

(الصفحة 136)

بأنّ الآية: {كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} معناها: (إصر الذي حملته على الذين من قبلنا) .
وأمّا الآية الاُخرى ، وهي قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَْغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} فلا يعلم أنّها متعلّقة بالآية: {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً} والظاهر أنّها تحكي عن إصر وأغلال كانت على قوم من الأقوام . بالإضافة إلى جهلهم ، بدليل أنّ الآية لم تقل: ويضع عنهم إصراً كان ثابتاً عليهم دينيّاً ، أو يضع عنهم الأغلال التي كان الدين قد حملها عليهم ، فالإصر والأغلال التي ذكرتها هذه الآية يقصد منها الأغلال والأثقال الناتجة عن جهلهم وتعصبهم وحميّتهم ، والتي كانت تثقل على عاتقهم ، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وألغى كلّ هذه المسائل ، ولا يوجد هناك أيّ دليل في أنّ آية: (ويضع عنهم أصراً) هي من سنخ هذه الآية ، أي آية: {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} ، بل من الواضح أنّ الإصر المنظور في آية: (ويضع عنهم إصرهم) ليس الإصر الثابت عليهم من جهة الدين ، والأغلال أيضاً لم يقصد بها تلك التي كانت ثابتة عليهم من قبل الدين ، ومن هنا يجب علينا أن لا نخلط بين الآيتين ، والآن ما هو ردّنا على الإشكال المطروح؟
هناك عدّة ردود اُخرى ذكرت في هذا المجال ، منها: ردّ المرحوم بحر العلوم (قدس سره)والذي يعود أساساً إلى الردّ الأوّل لصاحب الفصول (قدس سره) الذي استعرضنا وسنتطرّق إليه لاحقاً إن شاء الله .

جواب صاحب الفصول (قدس سره):

أفضل الردود في هذا المجال هو ما أفاده صاحب الفصول عليه الرحمة . حيث ذكر في إجابته ثلاثة موارد وأجاب على كلّ مورد منها بإجابة خاصّة .
أحد هذه الموارد هو مسألة الجهاد .

(الصفحة 137)

والمورد الآخر هو مسألة الإيمان بأصل المذهب بالنسبة لمن يشقّ عليه قبول الإسلام بدرجة يتمنّى معه أن يمطره الله تبارك وتعالى بحجارة من السماء ، أو ينزل عليه العذاب دون أن يستسلم لقول الحقّ . والمورد الثالث هو مسألة حضور القاتل أمام المحكمة ، وتمكين وليّ الدم من نفسه في القصاص ، وكذا الحال بالنّسبة لمن حكم عليه بالرجم حيث يمكّن من نفسه في سبيل أن يجري الحاكم الشرعي الحدّ الإلهي عليه ، وهناك ثلاثة ردود لصاحب الفصول (قدس سره) في مسألة الجهاد(1) .
الردّ الأوّل هو نفس ما ذكره السيّد بحر العلوم (قدس سره) ، حيث يشترك الإثنان صاحب الفصول والسيّد بحر العلوم (قدس سره) بردّ واحد: وهو كالتالي: إنّنا لا نقبل كونه أمراً حرجيّاً ، لأنّ كون الجهاد أمراً حرجيّاً لابدّ وأن يقرّه عامّة النّاس ، والحال أنّه ليس المسلمين فحسب ، بل عموم الناس من أيّ مذهب كانوا وأيّاً كان دينهم ، وأكثر من ذلك حتّى الذين لايدينون بدين كالشيوعيين وأمثالهم نرى أنّ مسألة الحرب مسألة مطروحة ومتعارف فيما بينهم ، وبالطبع فإنّ دواعي الحرب تختلف من شخص لآخر . ومن مجموعة إلى مجموعة ، فالبعض يحارب من أجل الدفاع عن نفسه وأحواله وعرضه ، والآخر يحارب من أجل مذهبه وعقيدته وإن كانت عقيدته فاسدة ، إذن ، الحرب أمر طبيعي جدّاً ، فقد يخاطر الإنسان بحياته من أجل هدف يعتقد به ، وهذه المسألة ليست بالمسألة الحرجيّة ، بل هي طبيعيّة ومتعارف عليها لدى المسلمين وغير المسلمين . من هنا أمكننا القول أنّ مفهوم الجهاد الذي جاء به الإسلام موجود لدى الشعوب والاُمم الاُخرى ، ويفوق الإسلام غيره من المذاهب والاتجاهات بما يولي الجهاد من أهمية خاصّة ، وبما يحتسب له من ثواب وأجر اُخروي . إذن وجود مثل هذه المعطيات من أجر وثواب لدى الإسلام
  • 1  . الفصول: 334 .