جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 34)

الرّوايات الشّريفة

والآن نستعرض رواية تتناول تفسير الآية: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ}والآيات التي تليها ، ويمكن من خلالها التأكّد من المعنى الذي ذكرناه قبل قليل ، هذه الرواية نقلها العيّاشي في تفسيره ـ وتفسير العيّاشي من التفاسير القديمة جداً ، لكنّه بحسب الظاهر لم يصل إلينا بكامله ـ ينقل العيّاشي عن أبي عمرو الزّبيدي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت: أخبرني عن أمَّة محمّد (صلى الله عليه وآله) من هم؟ قال (عليه السلام): «اُمَّة محمّد بنوّ هاشم خاصّة» . [ والظاهر هنا أن المراد من كلمة «بنو هاشم» ليس كلّ بني هاشم وإنّما خصوص الأئمّة المعصومين والعترة الطاهرة (عليهم السلام) وهذا ما سيتّضح بقرينة السؤال التالي الذي يسأله الراوي من الإمام (عليه السلام)] .
قلت: «فما الحجّة في اُمَّة محمّد إنّهم أهل بيته الذين ذكرت دون غيرهم؟» .
فقال (عليه السلام): «قول الله عزّوجلّ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ . . .} فلمّا أجاب الله إبراهيم وإسماعيل . . .الخ»(1)؟ .
هنا يستدلّ الإمام المعصوم (عليه السلام) بدليل من القرآن ، وكما هو واضح لديكم فإنّ تعامل الأئمّة (عليهم السلام) مع القرآن على نمطين:
أحدهما هو تفسيرهم للقرآن ، ولعلّ تفسير الإمام للقرآن من وجهة نظرنا غير منسجم مع ظاهر الآيات ، ولكن على ضوء مبادئ واُصول التفسير يبقى رأي الإمام (عليه السلام) كقرينة على اتجاه معيّن في التفسير ، وذلك استناداً إلى حديث الثّقلين وسائر الأدلّة المطروحة في هذا الباب .
والنمط الآخر في تعامل الإمام (عليه السلام) مع القرآن ، هو استشهاده بالقرآن ، وفي هذه الحالة يكون الإمام (عليه السلام) متمسكاً بظاهر الآية ، فالإمام المعصوم إذا استدلّ بالقرآن ،
  • 1  . تفسير العيّاشي: ج 1 ص 60 .

(الصفحة 35)

فمعناه أن القرآن يجب أن يدلّ على ذلك المعنى بغض النظر عن كلام الإمام (عليه السلام) وحديثه ، وإلاّ فمن غير المعقول أن يستدلّ (عليه السلام) بالقرآن ومن ثمّ يقول: بأ نّ المراد من قوله تعالى معنى غير المعنى الظاهر للآية ، فهذا لايعتبر استدلالاً ، إنّما هو تعبّد ، ولابدّ من قبوله ، وأمّا في مقام الاحتجاج فيكون الباب مفتوحاً للاستدلال ، ومعنى الاستدلال هو أنَّ القرآن في نفسه يظهر من خلاله هذا المعنى ، وإلاّ فلا يبقى هناك أيّ معنىً للاستدلال بالقرآن .
وهنا يطلب السّائل من الإمام (عليه السلام) الدّليل ، مع العلم أن قول الإمام (عليه السلام) حجّة حتّى لو لم يأت بالدليل ، ولكن أحياناً بل مكرّراً يقدّم الإمام (عليه السلام) الدليل حتّى في المسائل الفقهيّة . حيث نرى في باب الوضوء أن زرارة يطالب الإمام (عليه السلام) بالدليل في أن مسح الرأس غير منظور فيه استيعاب الرأس كلّه ، فيجيبه الإمام (عليه السلام) معلّلاً: «لمكان الباء»(1) في قوله تعالى في آية الوضوء: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}(2) حيث جاء بالباء ، بخلاف ما إذا تتحدث عن الغسل {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} حيث لا يوجد هناك (باء) ، وهذا يعني أن الإمام يريد أن يبين لزرارة: إنك إن أمعنت النظر بالآية وتحريت الدّقة فيها حينذاك يكون بإمكانك أن تفرّق بين المسح والغسل ، ففي الغسل تطرح مسألة الاستيعاب وأمّا في باب المسح فإن الباء تفيد التبعيض ، وبناءاً على هذا فإنّ المسح يكون على بعض الرأس دون البعض الآخر .
نعود إلى بحثنا ، فالراوي يسأل الإمام (عليه السلام) عن دليله في أ نّ المقصود باُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) هم أهل البيت النّبي خاصّة؟ فقال (عليه السلام): قول الله عزّوجلّ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} ، فهذه الآيات دليل على أن الاُمّة المسلمة
  • 1  . وسائل الشيعة ج 3 الصفحة: 364 ، الحديث 3878 .
  • 2 المائدة: 6 .

(الصفحة 36)

هم عترة الرسول (صلى الله عليه وآله)  . ثمّ يصل الإمام (عليه السلام) إلى هذه النتيجة فيقول: فلمّا أجاب الله إبراهيم وإسماعيل وجعل من ذريتهما اُمّة مسلمة [أي من تلك الاُمّة] من الجماعة الخاصّة ، من بني هاشم {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} . . . إلى آخر الحديث .
وكما ترون فإنّ الإمام (عليه السلام) قد استدلّ بهذه الآية ، ومعنى استدلاله هو أ نّ ظاهر الآية يتضمّن هذا المعنى ، وبناءاً على ذلك يتّضح أ نّ قول الإمام من أ نّ المقصود من الاُمّة هم الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) ليس من باب التعبّد أو التفسير أو التأويل .

من الذي سمّاهم بالمسلمين؟

تقول الآية: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} الكلام يدور عن الأب ، فمن هم أؤلئك الذين كان إبراهيم أباهم ، وهم ذرّيته؟
في الآيات التي بحثناها سابقاً عبَّر عنهم القرآن الكريم وعلى لسان إبراهيم بقوله: {ومن ذرّيتنا} ، وأمّا في هذه الآية بما أن ضمير المتكلم يعود على الله سبحانه وتعالى لذلك عبّرت عنهم الآية الكريمة: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} ، هنا الضمير «هو» قد يبدو لأوّل وهلة أ نّه يعود على إبراهيم ، ولكن في الواقع أ نّ «هو» يعود على الله سبحانه وتعالى ، والموضوع له ثمَّة علاقة بإبراهيم ، على اعتبار أ نّ الآية لها علاقة ومدخلية بدعاء إبراهيم ، ولكنّنا لا نستطيع أن نرجع الضمير «هو» على إبراهيم باعتبار تكملة الآية ، حيث جاء فيها: {سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا . . .}أي في الكتب الإلهية السابقة وفي القرآن أيضاً ، ومن هنا لا يحقّ لنا أن نربط الضمير بـ«إبراهيم» لأ نّنا لا نستطيع أن نقول بأن إبراهيم هو الذي أطلق على أئمّتنا (عليهم السلام)تسمية الاُمّة المسلمة . إذن لابدّ وأن نرجع الضمير إلى الله سبحانه وتعالى الذي
(الصفحة 37)

صرّح بهذه الحقيقة على لسان القرآن: {سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا . . .}استجابة لدعاء إبراهيم .

مؤيّدات وقرائن على التفسير المختار

ثمّ إنّ القرآن الكريم ، يذكر الهدف من ذلك بقوله: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، وقلنا فيما سبق أ نّ الآية تطرح ثلاث عناوين: أحدها هو عنوان الرّسول ، والآخر هو النّاس ، والعنوان الثالث هم المخاطبين بقوله: {أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} أيّ ذرية إبراهيم (عليه السلام) ، وقلنا : إنّ هناك قرائن كثيرة يفهم منها أ نّ المخاطبين هم الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) .
أحد هذه القرائن هو ما تطرّقنا إليها في الآيات السابقة من سورة البقرة ، وهو قوله: {ومن ذرّيتنا} وقد عبرّ عنهم في هذه الآية بـ{أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} .
القرينة الاُخرى هي قوله تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} ، فالإجتباء إنّما يتمُّ بشروط ومواصفات خاصّة .
والقرينة الثالثة هي قوله تعالى: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} .
وهناك قرينة أخيرة قد أشرت إليها سابقاً ، ولكنّها بحاجة إلى شرح وتوضيح ، وهي نفس قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ} ، فالأمر بالجهاد هنا ليس موجّهاً إلى عامّة النّاس ، لماذا؟ لأنّ القرآن تحدّث عن الجهاد في موارد كثيرة ، الجهاد في سبيل الله ، ومن أجل الأموال والأنفس ، فالجهاد مع ما فيه من الصعوبة ، إلاّ أنّه يخصّ الجميع ، ولا يقتصر على جماعة دون جماعة . وكلّ واحد منّا يمكنه أن يكون على نحو معيّن من المجاهدة ، ولكن للجهاد درجات ومراتب .

(الصفحة 38)

الجهاد في الله والجهاد في سبيل الله

فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}(1) يشعرنا أ نّ المجاهدة في الله غير المجاهدة في سبيل الله ، حيث أن لها آثاراً ، وآثارها هي قوله تعالى: {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ، فالذي يجاهد على حدّ تعبير القرآن (فينا) ، أي في كافّة الأبعاد الإلهيّة وفي جميع الاُمور التي تمّت إلى الله سبحانه وتعالى بصلة يقول عنه الله سبحانه وتعالى: {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} أي نرشدهم إلى السبيل التي تؤدّي بهم إلى الله ، فالقرآن الكريم أشار في هذه الآية الشريفة إلى المجاهدة في أعلى مراتبها ، حيث يقول تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ} ثمّ يضيف قائلاً: {حقَّ جهاده} .
هل يحقُّ لنا هنا أن نذهب إلى ما ذهب إليه أغلب المفسّرون من أن المراد في هذه الآية هو أن تصلّوا وتصوموا؟
هل لنا أن نحمل قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ} على فعل الطاعات واجتناب المعاصي؟
هل يوجد هناك ثمّة آية اُخرى في القرآن الكريم عبَّر فيه سبحانه وتعالى عن الطاعة والمعصية بمثل هذا التعبير؟
لا شكّ أن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} يعبّر عن مقام شامخ ورفيع . ولذلك نرى أن القرآن الكريم لم يكتفِ بالمجاهدة في الله ، بل أضاف إليه قوله: {حقَّ جهاده} ، والآن كيف يمكن لنا أن نفسّر ذلك كلّه بأن القرآن يريد أن يقول: ألزموا جانب الطاعة ولا ترتكبوا المعاصي؟
أضف إلى ذلك قوله تعالى في تتمة الآية: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} فإنّه لابدَّ وأن يتطابق مع ما تقدّم من الكلام ، وأن يكون من سنخه ، وبناءاً على ذلك فهل يصح أن نفسّر
  • 1  . العنكبوت: 69 .