جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 103)

والخصوص المطلق ، وكلّ ضيق يمكن أن نقول عنه أنّه عسر ، ولكنّ كلّ عسر لاينطبق عليه أنه ضيق . وهناك مصاديق في العسر ، لاينطبق عليها الضيق ، ثمّ يوردّ عدّة أمثلة في هذا المجال(1) ، فيقول: لو أ نّ مولى من الموالي كان له عبد ، وأجبر هذا المولى عبده على تناول دواء كريه . ولنفرض أن هذا الدواء كريه بدرجة أنه لايوجد هناك انسان يرغب في تناوله . هنا يتحقّق عنوان العسر ، فيقال : إنّ المولى أجبر العبد على القيام بعمل شاقّ . ولكن في نفس الوقت ، لايعبرّ عنه بأنه ضيّق عليه ، فلا يقال: إنّ المولى ضيق عليه بسبب شرب هذا الدواء .
ومثال آخر: لو فرضنا أن هناك شخصاً يقوى على حمل مائة كيلو غرام من الثقل ، وليس بمقدوره أن يحمل أكثر من هذا الثقل ، فلو اُعطي لهذا الشخص حمولة بوزن تسعين كيلو على أن يحملها مسافة فرسخ واحد . هذا العمل على حدّ تعبير المرحوم النّراقي (قدس سره) هو عملٌ شاقّ . ولكن لو تكرّر هذا العمل منه ، بأن يقال له: عليك أن تحمل هذا القدر من الثقل إلى المكان الفلاني يوميّاً . هذا التكرار للعمل يبدّل حالة العسر الذي كان عليها إلى ضيق . هنا يقال عنه: إنّ الأمر قد ضيّق عليه .
من هنا يتضح لدينا أ نّ هناك فرق بين العسر والضيق . ماهو الملاك الذي استند عليه في هذا المثال؟ هل هو اللغة أم العرف؟ فإذا كان الملاك في الإختلاف المفروض هو اللغة ، فهذا ما أجبنا عنه في خلال نقلنا لآراء كبار اللغويين . حيث لاحظنا أ نّ الراغب في مفرداته يصرّح بأ نّ قوله : أعسر فلان ، نحو أضاق ، أي مثل أضاق فلان . وهنا لايقصد أ نّ هناك مماثلة أدبيّة ولغوية . إنّما هذه المماثلة هي مماثلة معنويّة . فقوله : أعسر فلان نحو أضاق ، أي مثل أضاق في المعنى ، يعني أ نّ معنى أعسر هو نفس معنى أضاق ، فلو كان الملاك هو اللغة ، فإنّ تتبّع أقوال
  • 1  . عوائد الأيّام : 62 .

(الصفحة 104)

اللغويين والتدقيق في تعبيراتهم يؤكّد لنا أ نّه لايوجد هناك فرق بين العسر والضيق ، والعسر لايكون أعمّ من الضيق .

معنى العسر في العرف العامّ

إذا قلتم أ نّ الملاك في ذلك هو العرف العامّ ، ففي حال مخالفة العرف العامّ للّغة ، ينبغي أن نحمل ألفاظ الكتاب والسنّة على العرف العامّ ، بدليل أن النّاس هم المخاطبون ، وأن الحديث إنّما يدور مع الناس . بناءً على ذلك ، إذا حصل هناك أختلاف بين اللغة وبين العرف ، أي بين الفهم اللغوي والفهم العرفي ، فالملاك هو العرف . والعرف العامّ في خصوص هذا المورد يرى أن العسّر أعمّ من الضيق .
وفي معرض الرّد على هذا الإستدلال نشير إلى نقطتين هامتين:
النقطة الأوّلى إن التعبير باليسر والعسر في الآية الشّريفة جاء في سياق الحديث عن الصوم . حين ابتدأت الآية بالكلام عن الصوم وهو قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ، وورد في تتمة الآية: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ} {يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}(1) وقلنا سابقاً في تفسير هذه الآية ، أ نّ قوله {يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ} إنّما هو لبيان الحكم الإثباتي ، أي الجانب الإثباتي في الآية ، وأمّا قوله {وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} فهو بيان لجانب النفي الذي يتضمّنه الحكم الشرعي .
بعبارة أوضح: إنّه إشارة إلى المريض والمسافر ، وأ نّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يعلّل عدم إيجابه للصوم في شهر رمضان على المريض والمسافر بأن قال: {وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} ، وأمّا قوله: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ} فهل المقصود منه أن
  • 1  . البقرة : 185 .

(الصفحة 105)

يكون علّة لتعيّن وجوب الصوم في شهر رمضان على غير المريض والمسافر . أو أنّه علّة في وجوب الصوم في عدّة أيّام اُخر على المريض والمسافر ، أو أنّه يمكن أن يكون تعليلاً للموردين معاً ، أو أ نّ الصحيح هو أن نقول بأ نّ هذا القسم من الآية: {وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} لا علاقة له بأصل الصوم ، وإنّما سيقت العبارة للتأكيد على {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ} .
ونلاحظ أ نّ الآية بعد أن صرّحت بأ نّ المريض والمسافر عليهما أن يصوما في وقت آخر ، قالت: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ} . فالآية الكريمة ربطت بين اليسر وبين وجوب الصوم في الأ يّام الاُخر .
وسواء قلنا بأ نّ قوله تعالى: {وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} ناظرة إلى وجوب الصوم مطلقاً في رمضان لغير المريض والمسافر ، وفي غير رمضان للمريض والمسافر ، أو أ نّ العبارة جاءت في خصوص وجوب الصوم على المريض والمسافر في عدّة من أ يّام اُخر ، فإنّ هذا القسم في الآية: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ} إنما جيء به للتعبير عن وجوب الصوم في شهر ما ، فهذا يسر في قبال العسر . فالعسر هنا هل يمكن أن يكون بمعنى غير معنى الضيق؟ وإذا قلنا ، ا نّ أقلّ صعوبة وشدّة تسمّى عسر ، فأين يتحقّق اليسر الذي تشير إليه الآية؟
بناءً على ذلك ، إذا أردنا أن نطرح مسألة العرف ونقول بأ نّ الآية ناظرة إلى العرف ، فلابدّ أن ندقّق لنرى في أيّ مورد صرف الله سبحانه وتعالى كلمة اليسر ، وجعل العسر في قبال اليسر؟ نقول:
أوّلاً إنّ نفس الآية تشير إلى ذلك المعنى ، حتّى لو لم يكن للّغة في هذا المجال أيّ رأي ، ولم تتعرّض إلى هذا المعنى ، بل إنّ نفس قوله تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} كفيل بحلّ المسألة . فقد عبرّ عن وجوب الصوم في شهر رمضان باليسر، مع أ نّه أشكل وأعسر من حمل تسعين كيلو مع القدرة على حمل مائة كيلو.

(الصفحة 106)

ثانياً عرفنا في خلال الروايات واللغة أ نّ الحرج بمعنى الضيق ، وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} ، إنّما هو بصدد بيان مسألة الضيق . وبناءً على ما قيل من أ نّ العُسر أعمّ من الضيّق ، ، فإنّ الآية الكريمة {وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} ناظرة إلى معنىً أوسع وأعمّ ، فيشمل الضيق ، كما أنه يشمل غيره من الموارد من مصاديق العسر . أي أ نّ عنوان نفي العسر ـ إن صحّ التعبير ـ أعمّ من عنوان نفي الحرج . وبناءً على ذلك قد يرى البعض وجاهة الرأي الذي أشار إليه المرحوم الميرزا الأشتياني (قدس سره) من أ نّ الآيتين لاتنافي بينهما . فكلا الآيتين جاءتا بصيغة النفي من دون أن تكن هناك منافاة بين الآيتين ، وكأ نّ الآيتين قد جاءتا بصيغة الإثبات .
كما أنّه لايمكن حمل أحدهما على الاُخرى ، لأنّه لاتوجّه هناك آية مقيّدة واُخرى مطلقة .
ولمّا لم يكن هناك تناف بين الآيتين ، أمكن أن نقول : إن آية: {وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} أعمّ من الآية الاُخرى . وبعبارة اُخرى : إنّ قاعدة نفي العسر أعمّ من قاعدة نفي الحرج .
ولنا أن نقول: إنّه ليس ممكناً أن نتوصّل إلى هذه النتيجة . لأ نّ في بحث المطلق والمقيد ، عندما يكون هناك توافق من حيث الإثبات والنفي ، قال الأصحاب إنّه حتّى لو استفدنا وحدة الحكم من طريق وحدة السبب فهذا من قبيل حمل المطلق على المقيد . فمثلاً إذا كان هناك دليل مفاده: إن ظاهرت فأعتق رقبة ، ووجد دليل آخر فحواه: إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة . فهنا وحدة السبب ـ وهو الظهار ـ تكشف عن أنّ الحكم هنا واحد لا أكثر ، والحكم الواحد لايكون مقيّداً ومطلقاً في آن واحد .
إذن لابدّ لنا أن نحمل المطلق على المقيّد . وحتّى لو استفدنا وحدة الحكم من
(الصفحة 107)

الخارج ، فهذا لايغيّر حكم المسألة .
وبناءً على ما تقدّم في باب المطلق والمقيّد نقول: إنّ القرآن الكريم يستعمل تعبيرات شتّى في بيان مقصوده ، وهذا ما نجده في الآيات التي استعرضناها سابقاً والتي تشكّل محور بحثنا هذا . وهي قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} و {وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} و {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} فجميع هذه الآيات تستهدف معنى واحد ، وبناءاً على ذلك وحتّى لو سلّمنا بأ نّ العسر أعمّ من الضيق ، لابدّ وأن نأخذ بالمقيّد ، لأ نّنا نعلم أ نّه لاتوجد لدينا مسألتان ، مسألة نفي العسر ومسألة نفي الحرج ، وإنّما هناك مسألة واحدة عبرّ عنها بتعبيرات مختلفة . ومن هنا يتعيّن علينا أن نأخذ بالقدر المتيقّن ، وهو الحرج والضيق . فالقاعدة سواء عبّرت عنها بقاعدة الحرج ، أو نفي العسر ، أو قاعدة نفي الإصر ـ عبرّ عنها بما شئت ـ إنّما مدار البحث فيها هو الضيق .

نسبة قاعدة لا حرج إلى (قاعدة لا ضرر):

بعدما تبيّن ثبوت قاعدة «لا حرج» في الجملة والمراد من العناوين المذكورة في خطاباتها لابدّ لنا من البحث في مفاد القاعدة وأ نّه هل يجري فيها الاختلاف الواقع في مفاد قاعدة لا ضرر أو لا يجري ونقايس بين قاعدة لا حرج وقاعدة لا ضرر . خاصّة إذا عرفنا أ نّ هناك احتمالات متعدّدة تطرح في قاعدة لا ضرر ، لنرى هل أ نّ قاعدة لا حرج هي مثل قاعدة لا ضرر . أي أ نّها غير محدّدة المعنى . أو أ نّ قاعدة لا حرج لها معنىً محدّد ، ولا تحتمل وجوه وإحتمالات متعدّدة كما هو الحال بالنسبة لقاعدة لا ضرر؟!
ولكي تتّضح عمليّة المقايسة بين القاعدتين لابدّ من إشارة سريعة للمعاني المختلفة في قاعدة لا ضرر .