جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 139)

وخدمته ، ولنفرض ثانية هذا الشخص يحبّ المريض حبّاً شديداً ، هنا نراه يبقى ساهراً من دون أن يشعر بشيء من التعب أو الإعياء ، فعمله هذا ليس بحرجيّ . وفي المقابل إذا قيل لسجين من السجناء: يجب عليك أن لا تنام الليل حتّى يسفر الصباح . فإنّه يشعر بالحرج في كلّ دقيقة تمرّ ، في حين أ نّ العمل واحد في كلا الحالتين .
من هنا نقول: إنّ إعتبار الحرج وعدم إعتباره بالنسبة لفعل مّا ، إنّما يتمّ بلحاظ المصالح المترتّبة على الفعل . وامّا لماذا أخذت المصلحة بعين الإعتبار في حرجية الفعل؟ هذا السؤال لم يجب عنه صاحب الفصول عليه الرحمة ، لكنّنا نقول: إنّ السبب في إعتبار المصلحة هو أنّنا عندما عرّفنا الحرج قلنا: إنّه أقلّ مرتبة من عدم القدرة لدى العرف ، إذن ما هو الملاك في الحرج؟ الملاك في ذلك هو ما كان في العرف قادراً عليه ، إلاّ أنّه يأبى أن يقوم به ، فلابدّ أن نذهب إلى العرف لنرى متى يتقبّل العرف القيام بعمل معيّن ، ومتى يأبى ذلك! وهنا بالذات ينفسخ المجال للأهداف والمصالح ، فعندما تكون المصلحة شديدة وكبيرة نجد العرف يقدم على العمل بدون سأم وبلا تردّد ، بل برغبة وشوق كبيرين ، أمّا عندما تكون المصلحة جزئية ، وليست بذات أهمية ، فإنّ العرف يأبى من أن لا ينام الليل كلّه مقابل منفعة جزئية قليلة ، وهذا هو ما يقال عنه بأنّه لا يتحمّل . ونحن مضطرّون إلى أن نحكّم العرف ، لأنّ الحرج في الآية الكريمة يراد به نفس هذا المعنى العرفي ، ومن هنا يتبيّن لنا أنّ الجهاد في نظر العرف ليس فوق طاقة الإنسان المسلم ، فالجهاد من أجل حفظ بيضة الإسلام ، والحفاظ على استقلال الدولة ، سواءً كان جهاداً دفاعياً كما هو المفترض في زماننا ، أو كان الجهاد جهاداً ابتدائياً لأجل نشر الأحكام الإسلامية ليس هو ممّا لا يطاق في نظر العرف .
إذن ، خلاصة الردّ الثاني الذي قال به صاحب الفصول والذي أرى أنّه في
(الصفحة 140)

مسألة الجهاد خاصّة يعدّ أفضل الردود ، أي أنّنا لا نستطيع أن نقول: إنّ هذا العمل حرجي وهذا غير حرجي جزافاً ومن دون أيّ اعتبار ، بل لابدّ من ملاحظة الغايات والمصالح المترتّبة عليه .

الحرج بالقياس إلى الحالة النفسيّة للمكلّف:

والردّ الثالث الذي أجاب به صاحب الفصول هو: أنّه لابدّ أن نعرف أوّلاً: هل أنّ الحرج الملحوظ في الجهاد بما في الجهاد من الأعمال الشاقّة ، أو هو بإعتبار الحالة النفسيّة التي تتولّد عند بعض والتي تسمّى بالخوف ، أي هل أنّ الإشتراك في الحرب واستخدام الأسلحة والمشي على الأقدام لمسافات طويلة هي التي تشكّل جانب الحرج ، أو أ نّ الحالة النفسيّة التي نسمّيها الخوف والتي قد ترافق الإنسان في الجهاد ، فيخاف أن يتعرّض لقصف جوي ، أو أن تصيبه طلقة هي التي تجعل من الجهاد أمراً حرجيّاً؟
يقول المرحوم في الإجابة على هذا التساؤل: بأنّ حالة الخوف منشؤها في نفس الإنسان ، أي أنّ هذا الشخص بحدّ ذاته يفتقد للشجاعة والجرأة ، وهذا لا علاقة له بالتكليف الإلهي ، فلو كنت إنساناً يملأ الخوف وجودك ، فلا يحقّ لك أن تصوّر الجهاد بأنّه أمر حرجي ، ثمّ تستدلّ بقاعدة نفي الحرج على إرتفاع التكليف الحرجي ، إذن الحرج لابدّ وأن يتحقّق في التكليف بحدّ ذاته . وإلاّ فخوف المكلّف لا علاقة له بالتكليف . والخوف هو رذيلة من الرذائل لدى هذا الإنسان .

القاعدة وإيقاع الإنسان نفسه في الحرج:

وهنا نورد أجوبة المرحوم صاحب الفصول في الموردين المتبقّيين ، والمورد الأوّل: هو المثال الذي ساقه عن اُولئك الذين لا يطيقون الإسلام ، حيث يحكي
(الصفحة 141)

القرآن الكريم قولهم: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ} هنا لابدّ وأن نرى هل إنّ الإسلام بحدّ ذاته يستدعي الحرج ، أو إنّ خبث هؤلاء وسوء سريرتهم هو الذي جعل قبولهم الإسلام أمراً حرجياً؟
والصحيح إنّ خباثتهم وسوء سريرتهم هو الذي جعلهم يستشعرون الحرج في الإسلام ، بدليل انّنا نرى إنّ النّاس قاطبة عشقوا الدين الإسلامي واستهوته قلوبهم ، والواقع هو إنّه لايوجد هناك حرج في التكليف بحدّ ذاته . فأدلّة نفي الحرج تنصّ على إسقاط التكليف الذي يستوجب الحرج .
والمورد الثاني: هو خصوص تمكين النفس لأجل القصاص وإجراء الحدود . فيقول المرحوم صاحب الفصول: إنّ التمكين واجب شرعاً وهو أمر حرجي للغاية ، ولكن الشخص بنفسه هو الذي أوجد هذا التكليف الحرجي ، أي أنّ الذنب ذنبه ، فلو أراد أن لا يقع في مثل هذا الحرج لكان عليه أن لا يرتكب الزنا ، ولو شاء الإحتراز من الوقوع في الحرج لما قتل النفس المحترمة عن عمد . ويضيف إنّ هذه تهلكة . والبعض بإرادته ألقى بنفسه في هذه التهلكة . وفي مثل هذه الحالة لايمكن أن نطلق على هذا التكليف المتعيّن على المجرم ـ وهو تكليف التمكين ـ اسم الحرج ، فلماذا أوجب على نفسه التمكين للقصاص في حين كان بوسعه أن يحترز من أيّ تكليف من هذا النوع ، ويستفاد من كلام صاحب الفصول إنّ قاعدة لا حرج لم يشملها التخصيص مطلقاً ، أيّ لايوجد هناك أي مورد حرج خرج عن القاعدة بالتخصيص .

حكومة حديث الرفع وقاعدة نفي الحرج:

وهناك نقطة مهمّة أشار إليها كلّ من الشّيخ الأنصاري (قدس سره) في كتاب الرسائل ، والمرحوم الآخوند (قدس سره) في كتاب الكفاية ، وهي أنّ حديث الرفع يرفع الخطأ
(الصفحة 142)

والنسيان ، وعليه قد يقال: إنّه بموجب هذا الحديث يرفع عن اُمّة الرسول الخطأ ، ولكن القرآن يصرّح بقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة}(1)؟ فكيف لم يستطع حديث الرفع أن يرفع حكم قتل الخطأ؟ فهل معناه أنّ هناك موارد تخصيص في الحديث؟
وفي معرض ردّهما على هذا الإستفهام أجاب هذان العلمان(2): بأنّ حديث الرفع إنّما يرفع الآثار المترتّبة ، سواء كان القتل عن عمد ، أو عن خطأ ، وفي الحقيقة إنّ حكومة حديث الرفع متوجّهة إلى سائر الأدلّة على النحو التالي ، وهو أنّ لدينا مجموعة من الأدلّة تعرض الأحكام بصورة عامّة ومطلقة ، فيأتي حديث الرفع ويخرج مورد الخطأ فيها ، والآية: (ومن قتل نفساً خطأً) الحكم بالأساس مبنيّ على الخطأ . فكيف يمكن أن يكون الخطأ مؤثّراً في إثبات الحكم وفي نفس الوقت يكون مؤثّراً في نفي الحكم ، ومن هنا نصل إلى هذه النتيجة ، وهي أنّ حديث رفع الخطأ لا يرتبط أساساً بالآية (ومن قتل نفساً خطأً) .
ويمكن أن نورد مثل هذا الكلام في خصوص الجهاد فنقول: لنفترض أنّ الجهاد أمر حرجي 100 % ولكن مثل هذا الحرج لا يدخل ضمن دائرة قاعدة نفي الحرج ، لأنّ مفاد قاعدة لا حرج هو أنّ الحرجية مؤثّرة في نفس الحكم ، والحرجيّة مؤثّرة في عدم تشريع الحكم . ولكن بناءً على فرضنا إذا كان الجهاد كلّه أمر حرجي ، فمعنى ذلك أنّ الحرج مؤثّر في ثبوت الحكم ، ولا يمكن أن يكون هناك عنوان واحد مؤثّر في الثبوت ومؤثّر في النفي أيضاً ، وهذا قريب ممّا قاله المرحوم المحقّق الخراساني والشيخ الأنصاري في خصوص رفع الخطأ .
ومن هنا نخلص إلى هذه النتيجة التي يقرّرها صاحب الفصول ، وهي أنّ
  • 1  . النساء : 92 .
  • 2  . فرائد الاُصول  2 : 32 . والكفاية : 341 .

(الصفحة 143)

قاعدة لا حرج بحدّ ذاتها قابلة للتخصيص ، وإمكان التخصيص فيها وارد ، إلاّ أنّه في الواقع الخارجي لايمكننا أن نجد مورداً واحداً كمثال على التخصيص في قاعدة لا حرج .
وحكي عن الشيخ الأنصاري أعلّى الله مقامه الشّريف أنّ قاعدة نفي الحرج ليس فقط يحتمل بشأنها التخصيص ، بل أنّ موارد التخصيص موجودة ومن الكثرة بحيث تُشكِّل وهناً في قاعدة (لا حرج)(1) ، ولازم ذلك أنّنا لو تمسّكنا في مورد بعموم قاعدة (لا حرج) فهذا لايكفي ، لأنّ عمومها موهون ، ولا يصلح للركون إليه ، ولابدّ مثلاً من ضمِّ عمل الأصحاب وفتواهم ، أو أشياء اُخرى من هذا القبيل إلى هذا العموم حتّى ينجبر وهنه ، ويكون صالحاً للإستناد إليه . فإذا كانت هذه القاعدة على هذه الصورة من الضعف فإنّها سوف لاتنفع كثيراً ، فلا يمكننا الاستفادة منها في الفقه كثيراً .
غير أنّه حكي أيضاً عن الشيخ الأنصاري نفسه ما يخالف هذا المعنى ، فقد حكي عنه أنّه قال: إنّ قاعدة (لا حرج) من القوّة والإحكام بشكل لو أردنا معه أن نأتي ولو بدليل واحد كمخصّص لهذه القاعدة ، فإنّ مجرّد كونه أخصّ منها لا يقتضي أن يقدّم عليها ، وهذا عجيب جدّاً ، وقد مرّ عليكم في الاُصول في مسألة العامّ والخاصّ أنّ الدليل الخاصّ يقدّم على العامّ مطلقاً ، إلاّ إنّه أفاد هنا بأنّ الخاصّ لا يقدّم على قاعدة (لا حرج) لمجرد كونه أخصّ ، أي أنّ هذه القاعدة على هذه الدرجة من القوّة والإحكام ، فما ظنّك لو لم يكن هناك أخصيّة وأعمّية في البين . فإنّ قاعدة (لا حرج) نوعاً ما بالقياس إلى الأدلّة الأوّليّة ـ مع غضّ النظر عن الحكومة ـ بينهما نسبة العموم والخصوص من وجه ، فربما نشاهد ذلك 90 % أ نّ
  • 1  . فرائد الاصول 2: 32 .